رد: من أسرار اللغة العربية وبلاغتها....
الحمد لله الذى أذهب عنا الطاغوت... لقد ذهب فرعون.. الحمد لله على نعمته التي لا تحصى... نشكر فضله وتوفيقه وجوده وكرمه ورحمته واحسانه.. الحمد لله الذى خلصنا من هذه الفئة الظالمة الطاغية الباغية المجرمة . اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه يا كريم..وجنب بلادنا وبلاد المسلمين الفواحش والفتن ما ظهر منها ومابطن..وارضى عنا يا رب العالمين
من أسرار اللغة العربية وبلاغتها( 17 )
نقلا عن كتاب فقه اللغة وسر العربية وكتاب سحر البلاغة وسر البراعة تأليف الإمام اللغوى أبى منصور عبد الملك بن محمد الثعالبى رحمه الله ( 350- 430 هجرية )
وموضوعاتها :
1- يتبع- في تقديم المؤخر وتأخير المقدم
- العرب تقول: أكرَمني وأكرَمته زيد وتقديره: أكرمني زيد وأكرَمته، كما قال تعالى حكاية عن ذي القرنين: "آتوني أفرِغ عليه قِطرا" تقديره: آتوني قِطراً أفرغ عليه، وكما قال حلَّ جلاله: "الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً قيِّماً" وتقديره أنزل على عبده الكتاب قيِّما، ولم يجعل له عوجا، وكما قال امرؤ القيس:
ولو أن ما أسعى لأدنى معيشةٍ * كفاني ولم أطلب قليلٌ من المال
وتقديره: كفاني قليل من المال، ولم أطلبه.
وكما قال أبو الطَّيب المتنبي:
حملت إليه من لساني حديقةً * سقاها الحِجا سَقيَ الرِّياضِ السَّحائبِ
وتقديره: سَقي السّحائب الرِّياض.
2- في ضروب من الألوان والآثار
(في تَرْتِيبِ البَيَاضِ)
أَبْيَضُ
ثُمَ يَقِقٌ
ثمَّ لَهِقٌ
ثُمَّ واضِح
ثُمَّ نَاصِع
ثم هِجَان وخَالِص.
(في تَقْسِيمِ البَيَاضِ واللُّغَاتِ...)
(... وَفِيهِ كَثِيرٌ مِمَّا يُوصَفٌ بِهِ مَعَ اخْتِيَارِ أَشْهَرِ الألْفَاظِ وأسْهَلِهَا)
رَجُل أَزْهَرُ
امرأة رُعْبُوبَةٌ
شَعْر أشْمَطُ
فَرَسٌ أَشْهَبُ
بَعير أَعْيَس
ثَوْر لَهِق
حِمَار أَقْمَرُ
كَبْشٌ أَمْلَحُ
ظَبْيٌ آدَمُ
ثَوْب أبْيَضُ
فِضَّة يَقَقٌ
خُبْز حُوَّارَى
مَاء صَافٍ ، و في كتاب تَهْذِيبِ اللُّغَةِ: مَاء خَالِص ، أي أبْيَضً
وَثَوْبٌ خَالِص كَذَلِكَ.
(في تَفْصِيلِ البَيَاضِ)
إذا كَانَ الرَّجُل أبْيَض لا يُخَالِطُهُ شَيء مِنَ الحُمْرَةِ وَلَيْسَ بنَيِّرٍ ولكنَّهُ كَلَوْنِ الجِصّ فَهُوَ اَمْهَقُ
فإنْ كَانَ أبْيَضَ بَيَاضاً مَحْمُوداً يُخَالِطُهُ أَدْنَى صُفْرَةٍ كَلَوْنِ القَمَرِ والدُرِّ فَهُوَ أزْهَرُ ، وفي حديث أَنس في صِفَةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (كان أزْهَرَ وَلَمْ يَكُنْ أمْهَقَ)
3-واليكم مواضيع كتبها المؤلف فى كتابه الثانى سحر البلاغة وسر البراعة
في وصف البلاد
بلدة كأنها صورة جنة الخلد، منقوشة في عُرضْ الأرض. بلدة كأن محاسن الدنيا مجموعة فيها ومحصورة في نواحيها، بلدة ترابها عَِبير وحصباؤها عقيق، وهواؤها نسيم وماؤها رحيق. بلدة معشوقة السُّكْنى، رحيبة المثوى. كوكبها يقظان، وجوُّها عُريان وحصاها جوهر، ونسيمها معطر، وترابها مسك أذفر، ويومها غَداة وليلها سحر، فطعامها هنيّ، وشرابها مريّ. بلدة واسعة الرقعة، طيبة البقعة. كأن محاسن الدنيا فيها مفروشة، وصورة الجنة بها منقوشة، واسطة البلاد وسُرّتُها، ووجهها وغُرّتها.
في ضد ذلك
بلد مُتضايق الحدود والأفنية، متراكب المنازل والأبنية. بلدة حرها مُوذي، وماؤها موبي. بلدة وسخة السماء، وَمِدَة الهواء. جوها غبار، وأرضها خبار، وماؤها طين، وترابها سِرْجين، وحيطانها نزُور، وتشرينها تموز، فكم في شمسها من محترق، وفي ظلها من غَرِق. بلدة ضيقة الديار، سيئة الجوار، حيطانها أَخصاص، وبيوتها أقفاص، وحشوشُها مسابل، وطُرُقها مزابل.
في ذكر الوطن
بلدة هي عُشه، وبها منزله وعيشه. بلد لا يُؤْثر عليه أبداً، ولا يصبر عنه أبداً، عُشّه الذي فيه دَرَج، ومنه خرج. مقطع سُرّته، ومجمع أسرته، بلد أنشأته تربته، وغذاه هواؤه ورباه نسيمه، وحُلّت عنه التمائم فيه.
___________________________________________________
معنى بعض الكلمات:
عبير:أخلاط من الطيب
جوهر: حجر كريم
سرجين: روث الحيوان
أخصاص : جمع خص بيت من شجر أو قصب يرى مافيه من تفاريج ضيقة
حشوش: موضع قضاء الحاجة
والى اللقاء الحلقة القادمة الجمعة بإذن الله
من وحى الثورة
موضوع آخر كتبه المؤلف فى كتابه الثانى سحر البلاغة وسر البراعة
في العمى عن الرشاد والصمم عن المواعظ والإصرار على الضلالة
قد نكب عن وجه الرشَّاد على عين بصيرته بالأَسداد. صمّ عن النذير، وقد أَسمعه ووعظه، وأتى على النَّصيح وقد حذَّره وذكَّره، أبي له ضُعْف العقل والنَّحيزة، ولؤْمُ الطَّبع والغريزة إلا إصراراً على طيشه وسفهه، واستمراراً في غَيه وعمهه حتى كأن الوعظ أغراه، والرشاد أغواه. فلانٌ جامح لا يَرْجع، ومُضِب لا يَنزع، ومُضر لا يُقلع، أخذَت العِزَّةُ بسمعه وبَصَره، واقتطعته الحيرة عن تَدَبّره وتبصّره. يلقى الوَصِّيَة بالاطراح، ويدفع الطاعة بالرَّاح. توقظه العِبَر فلا يستيقظ وتعظه الآيات والنذر فلا يتعظ. هو من لا تكُفُّ الموعظةَ غربَ جهالته، ولا تفلّ النَّصيحة حَدَّ ضلالته. يُصغي إلى الرشاد بمسمع أصم، ويعطُس في العناد بأنف أشم. قد غطى الخِذلان على سمعه وعينه، وحال بين قلبه وصدره، وملك عليه الشيطان مسَارب عزمه، ومسَاري فكره. قد تحوّلته بالموعظة هادياً من حيْرته، ومُسْتَشِلْياً من غمرته، فنادغاه الخِذْلانُ بأن صِمم فأصرّ، قال له الشيطان تمّم فاستمرّ. كأني أغريته، فناداه حين نهيته، وأغويته حين هَديته، وأعميته حين بصّرته، وخذلته حين نصرته. أولئك قوم قد أخذ الله بأسماعهم وأنصارهم وقرن الخِذْلانَ بأعوانهم وأبصارهم. جهالة عَمُوا بها عمياء، وغِشاوة مدت على دهمائهم دَهماء.