- 26 أبريل 2008
- 3,836
- 27
- 48
- الجنس
- ذكر
سجع الكهّان ( 4 ) للعلامة الأديب البشير الإبراهيمي - رحمه الله -
أليّة بتربة الكواهن ، ما حازم في أمره كــواهن .
ويلٌ للعرب ، من حَبْلٍ قد اضطرب ، و شرٍّ قدْ حلّ و لا أقولُ قدْ اقترب . قُسم الويْل ، على العميم و الخُويل . فويل للعرب من ملوكهم ، و ويلٌ للعجم من سلوكهم ، و ويل للروم من صعلوكهم ، جنتْ على الأصفر نارُه ، و على الأبيض دينارُه ، و على الأسودِ فدامتُه و اغترارُه ، و على العربي ركْبُه البطيّ ، و لسانه النبَطي.
ما أكثرَ الملوك و أهونَ العنا ، و ما أكثر السُّيوفَ و أقلَّ الغَنا ، سيوفٌ كالدراهم الزيوف ، هذه لا تُقني ، و تلك لا تُغني ، و نعيذ العروبة بالله من ملك لا يدفع ، و سيفٍ لا يقطع ،
أحاجيكم ، و لا أناجيكم ، مَمْلكةٌ في أفحوص ، و عاصِمَة ليس لها ( فحوص) ، و دولةٌ بلا صولة ، و خزينة من أصفار و خزانة بلا أسفار ، و كراسي بلا قوائم و عرشٌ بلا دعائم... عرشٌ كَعُشّ الحمامة ، عود من غرَب (1) و عود من ثُمامة .
قد لصَّه (2) قعيده في هيعه *** و ناله بالبيع لا بالبيعه
و سيوف مجرَّبة ، تخيّرن من يوم " تُرَبَة " ، و جيشٌ درّبه الغير ، و جرّبه إلا في الخير ، و بِطانَة مدّ بها الشيطانُ أشْطاتَه، و حاشيةٌ كالماشية ، و أسماءٌ بلا مسمَّيات ، و مجازات لا حقائقَ لها ، و ( مجازات ) كلها حقائق ، و ملك يَأْتَمِر و لا يحجُّ و لا يعتمر ، يَحسُن فيه التمثيل بملك ( التمثيل ) . بكت الجلالة منه كما بكى الخز من روح (3) ، و ضاق صَدْرُها بسرّه و شرّه و من لها بالبوح ؟ عَشِقَها يافعاً ، و الْتَمَسَ لوصْلِها شافعًا ، فكان الشافعُ عدوّ وطنه و قومه ، و ظالمُ أمسه و يومه ، فأين يقع هذا من أرض الله ؟
فإن عرفتموه فسلوه من ملكه ، بعد ما لاكه و علَكه ، و في خرت الإبرة سلكه ؟ و من صيَّره غرابَ بين ، و جالب حَيْن ؟ و من أعجم تعريبه ، و أحكم على الشر تدريبَه ؟
أنشد ابن خلكان في القرن السادس هذا البيت :
كسِنَّور عبد الله بيع بدرهم *** صغيرًا فلما شبَّ بيع بقيراط
و قال : إنّ عبد الله هذا لم يعرف أحد من هو ؟ فمن لقي ابن خلكان فليخبره أنّ كاهن الحي عرف عبد الله صاحب السنور ...
أيها العربي : الحقُّ سافِر ، و العدو كافِر ، و القوي ظافِر ، فعلام تنافر خصمك إلى خُنافر ؟ (4) وَيْلك إنّ المنافرة لا تكون إلا في المشكوك ، و إن الحق تحميه السُّيوف لا الصكوك ، و ويحك إن منافرة الكهنة إلى الكهنة ، بالخيبة مرتهنة ، مجلس الأمن مخيف ، و الراضي بحكمه و وضعه ذو عقل سخيف ، إنهم ليسوا من شكلِك ، و إنهم متفقون على أكلك !
ـــــــــــــــــــــــــــ
1. الغرب و الثمام: عودان رخوان.
2. لصه: سرقه، و منه اللص.
3. روح بن زنباع المقول فيه: بكى الخز من روح و أنكر جسمه.
4. خنافر بن التوأم الحميري ، كان كاهناً في حمير ، ثم أسلم على يد معاذ بن جبل، و أخباره مع صاحبه شصار مبسوطة في كتب الدب و كتب الرجال .
..
التعديل الأخير: