إعلانات المنتدى


مشهد الحجيج

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

محب التحبير

مزمار ألماسي
5 نوفمبر 2008
1,243
20
38
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
صلاح محمد البدير
علم البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فلنتأمل هذه الأبيات من ميمية العلامة ابن القيم الجوزية -رحمه الله .

مشهد الحجيج


أمَا وَالذِي حَجَّ الْمُحِبُّونَ بَيْتَهُ = وَلبُّوا لهُ عندَ المَهَلِّ وَأحْرَمُوا
وقدْكَشفُوا تِلكَ الرُّؤوسَ توَاضُعًا = لِعِزَّةِ مَن تعْنو الوُجوهُ وتُسلِمُ

يُهلُّونَ بالبيداءِ لبيك ربَّنا = لكَ المُلكُ والحَمْدُ الذي أنتَ تَعْلمُ

دعاهُمْ فلبَّوْهُ رِضًا ومَحَبَّةً = فلمَّا دَعَوهُ كان أقربَ منهمُ

ترَاهُمْ على الأنضاءِ شُعْثًا رؤوسُهُمْ = وغُبْرًا وهُمْ فيها أسَرُّ وأنْعَمُ

وَقدْ فارَقوا الأوطانَ والأهلَ رغبةً = ولم يُثنِهِمْ لذَّاتُهُمْ والتَّنَعُّمُ

يَسِيرونَ مِن أقطارِها وفِجاجِها = رِجالا ورُكْبانا ولله أسْلمُوا

ولمَّا رأتْ أبصارُهُم بيتَهُ الذي = قلوبُ الوَرَى شوقًا إليهِ تَضَرَّمُ

كأنهمُ لمْ يَنْصَبُوا قطُّ قبْلهُ = لأنَّ شَقاهُمْ قد ترحَّلَ عنْهُمُو

فلِلَّهِ كمْ مِن عَبْرةٍ مُهْرَاقةٍ = وأخرى على آثارِها لا تَقَدَّمُ

وَقدْ شَرِقتْ عينُ المُحِبِّ بدَمْعِها = فينظرُ مِن بينِ الدُّموعِ ويُسْجِم

إذا عَايَنَتْهُ العَيْنُ زالَ ظلامُها = وزالَ عن القلبِ الكئيبِ التألُّمُ


ولا يَعْرِفُ الطرْفُ المُعايِنُ حسْنَهُ = إلى أن يعودَ الطرْفُ والشوقُ أعْظمُ


ولا عجبٌ مِن ذا فحِينَ أضافهُ = إلى نفسِهِ الرحمنُ ؛ فهو المعظَّمُ


كسَاهُ منَ الإجْلالِ أعظمَ حُلةٍ = عليها طِرازٌ بالمَلاحَةِ مُعْلَمُ


فمِنْ أجلِ ذا كلُّ القلوبِ تُحِبُّهُ = وتَخْضَعُ إجْلالا لهُ وتُعَظِّمُ

ورَاحُوا إلى التَّعْريفِ يَرْجُونَ رحمةً = ومغفرة مِمَّن يجودُ ويُكرِمُ

فلِلهِ ذاكَ الموقفُ الأعظمُ الذي = كموقفِ يومِ العَرْضِ بلْ ذاكَ أعظمُ

ويدْنُو بهِ الجبّارُ جَلَّ جلالُهُ = يُباهِي بهمْ أمْلاكَه فهو أكرَمُ

يقولُ عِبادِي قدْ أتونِي مَحَبَّةً = وَإنِّي بهمْ بَرٌّ أجُودُ وأرْحَمُ

فأشْهِدُكُمْ أنِّي غَفَرْتُ ذنُوبَهُمْ = وأعْطيْتُهُمْ ما أمَّلوهُ وأنْعِمُ

فبُشراكُمُ يا أهلَ ذا المَوقفِ الذِي = به يَغفرُ اللهُ الذنوبَ ويَرحمُ

فكمْ مِن عتيقٍ فيه كَمَّلَ عِتقهُ = وآخرَ يَسْتسعَى وربُّكَ أرْحَمُ

ومَا رُؤيَ الشيطانُ أغيظَ في الوَرَى = وأحْقرَ منهُ عندها وهو ألأَمُ

وَذاكَ لأمْرٍ قد رَآه فغاظهُ = فأقبلَ يَحْثُو التُّرْبَ غَيْظا وَيَلطِمُ

وما عاينتْ عيناه مِن رحمةٍ أتتْ = ومغفرةٍ مِن عندِ ذي العرْشِ تُقْسَمُ

بَنَى ما بَنى حتى إذا ظنَّ أنه = تمَكَّنَ مِن بُنيانِهِ فهو مُحْكَمُ

أتَى اللهُ بُنيَانًا له مِن أساسِهِ = فخرَّ عليه ساقطا يتهدَّمُ

وَكمْ قدْرُ ما يعلو البناءُ ويَنْتهي = إذا كان يَبْنِيهِ وذو العرش يهدِمُ

وراحُوا إلى جَمْعٍ فباتُوا بمَشعَرِ الْـ = ـحَرَامِ وصَلَّوْا الفجْرَ ثمَّ تقدَّموا

إلى الجَمْرةِ الكُبرَى يُريدون رَمْيَها = لوقتِ صلاةِ العيدِ ثمَّ تيَمَّمُوا

منازلَهمْ للنحْرِ يَبغونَ فضلَهُ = وإحياءَ نُسْكٍ مِن أبيهمْ يُعَظَّمُ

فلوْ كان يُرضِي اللهَ نَحْرُ نفوسِهمْ = لدانُوا بهِ طوْعًا وللأمرِ سلَّمُوا

كما بَذلُوا عندَ الجِهادِ نُحورَهُمْ = لأعدائِهِ حتَّى جرَى منهمُ الدَّمُ

ولكنَّهمْ دانُوا بوضْعِ رؤوسِهمْ = وذلِكَ ذلٌّ للعبيدِ ومَيْسَمُ

ولمَّا تقضَّوْا ذلكَ التَّفَثَ الذِي = عليهمْ وأوْفَوا نذرَهُمْ ثمَّ تَمَّمُوا

دعاهُم إلى البيتِ العتيقِ زيارةً = فيَا مرحَبًا بالزائِرين وأكرمُ

فلِلهِ ما أبْهَى زيارتَهُمْ لهُ = وقدْ حُصِّلتْ تلكَ الجَوائزِ تُقْسَمُ

وَللهِ أفضالٌ هناكَ ونِعْمَةٌ = وبِرٌّ وإحْسَانٌ وجُودٌ ومَرْحَمُ

وعادُوا إلى تلكَ المنازلِ مِن مِنَى = ونالُوا مناهُمْ عندَها وتَنَعَّمُوا

أقامُوا بها يومًا ويومًا وثالثًا = وأذِّنَ فِيهمْ بالرحيلِ وأعْلِمُوا

وراحُوا إلى رمْيِ الجمارِ عَشِيَّةً = شعارُهُمُ التكْبيرُ واللهُ معْهُمُو

فلو أبْصرَتْ عيناكَ موقفَهمْ بها = وَقدْ بسَطوا تلكَ الأكفَّ لِيُرْحَمُوا

ينادونَهُ يا ربِّ يا ربِّ إننا = عبيدُكَ لا ندْعو سواكَ وتَعْلمُ

وها نحنُ نرجو منكَ ما أنتَ أهلُهُ = فأنتَ الذي تُعْطِي الجزيلَ وتُنْعِمُ

ولمَّا تقضَّوْا مِن مِنًى كلَّ حاجةٍ = وسالتْ بهمْ تلكَ البِطاحُ تقدَّموا

إلى الكعبةِ البيتِ الحَرامِ عشيةً = وطافُوا بها سبْعًا وصَلوْا وسَلَّمُوا

ولمَّا دَنا التوْدِيعُ منهمْ وأيْقنُوا = بأنَّ التدَانِي حبْلُهُ مُتَصَرِّمُ

ولمْ يبقَ إلا وقفةٌ لِمُوَدِّعٍ = فلِلهِ أجفانٌ هناكَ تُسَجَّمُ

وللهِ أكبادٌ هنالِكَ أُودِعَ الْـ = ـغرامُ بها فالنارُ فيها تَضرَّمُ

وللهِ أنفاسٌ يكادُ بِحَرِّها = يذوبُ المُحِبُّ المُسْتهَامُ المُتيَّمُ

فلمْ ترَ إلا باهِتًا مُتَحَيِّرًا = وآخرَ يُبْدِي شجوَهُ يَترَنَّمُ

رَحَلتُ وأشْواقِي إليكمْ مُقِيمَةٌ = ونارُ الأسَى مِنِّي تَشُبُّ وتَضْرمُ

أوَدِّعُكُمْ والشوقُ يُثنِي أعِنَّتِي = وقلبيَ أمْسَى فِي حِماكُمْ مُخَيِّمُ

هنالِكَ لا تَثْريبَ يومًا عَلىَ امرئٍ = إذا ما بَدا منهُ الذي كانَ يَكْتُمُ

فيَا سائِقينَ العِيسَ باللهِ ربِّكمْ = قِفوا لِي على تلكَ الرُّبوعِ وسَلِّمُوا

وقولوا مُحِبٌّ قادهُ الشوقُ نحوكُمْ = قضَى نحبَهُ فيكُمْ تَعِيشُوا وَتسْلمُوا

قضَى اللهُ ربُّ العرشِ فيمَا قضَى بهِ = بأنَّ الهوَى يُعمِي القلوبَ ويُبْكِمُ

وحُبُّكُمُ أصْلُ الهَوَى ومَدَارُهُ = عليهِ وفوزٌ للمُحِبِّ ومَغْنَمُ

وتفنَى عِظامِ الصَّبِّ بعدَ مَماتِهِ = وأشواقُهُ وقْفٌ عليهِ مُحَرَّم

فيَا أيُّها القلبُ الذي مَلكَ الهَوَى = أزِمَّتَهُ حتى مَتى ذا التلوُّمُ

وحَتَّامَ لا تصْحُو وقدْ قرُبَ المَدَى = ودانتْ كُؤوسُ السَّيْرِ والناسُ نوَّمُ

فاللهم اني أسألك من فضلك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 

*رضا*

إداري قدير سابق وعضو شرف
عضو شرف
4 يونيو 2006
41,911
118
63
الجنس
ذكر
رد: مشهد الحجيج

وعليكــــــــــم الســــــــــلام ورحمــة الله وبركـاتـــــــه
أبيات جميلة ، أحسن الله إليك أخي الكريم وجزاك خيرًا وكتب للجميع حج بيته الحرام..
 

¤ أبن حنبل ¤

مزمار فضي
24 أكتوبر 2010
506
0
0
الجنس
ذكر
رد: مشهد الحجيج

رحم الله ابن القيم
مشهد رائع ،
نسأل الله أن يكتب لنا زيارة
بلاد الحرمين .
 

ابنةُ اليمِّ

مدير عام قديرة سابقة و عضو شرف
عضو شرف
26 مايو 2009
25,394
1,156
0
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: مشهد الحجيج

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

فيَا أيُّها القلبُ الذي مَلكَ الهَوَى = أزِمَّتَهُ حتى مَتى ذا التلوُّمُ

وحَتَّامَ لا تصْحُو وقدْ قرُبَ المَدَى = ودانتْ كُؤوسُ السَّيْرِ والناسُ نوَّمُ


أبيات رائعة وتصوير بارع بالكلمات وختام مسك

رحم الله ابن القيّم الجوزية
وجزاك ربى خير الجزاء وأجزل لك العطاء
 

مصطفى راضى

مراقب قدير سابق
7 مارس 2009
9,308
27
0
الجنس
ذكر
رد: مشهد الحجيج

جزاك الله خيرا أخى وبارك الله فيك
وكتب لنا ولكم حج بيته الحرام
 

مادي 15

مشرفة الركن العام
المشرفون
16 مايو 2008
12,244
855
113
الجنس
أنثى
القارئ المفضل
عبد الله المطرود
علم البلد
رد: مشهد الحجيج


أبيات رائعة
جزاكم الله خير وبارك فيكم
ونفع بكم
 

محب التحبير

مزمار ألماسي
5 نوفمبر 2008
1,243
20
38
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
صلاح محمد البدير
علم البلد
رد: مشهد الحجيج

بارك الله فيكم اخواني واخواتي ولكم مثل ما قلتم
اسعدني مروركم
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع