إعلانات المنتدى


آداب الصداقة والعتاب

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

سما

مزمار ألماسي
25 أبريل 2006
1,438
0
0
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
[align=center]إن مما يقرب بين القلوب ويذهب الأحقاد والضغائن: العتاب بين الأحبة بالحسنى وباللفظ اللطيف؛ولذلك فقد مدح قوم العتاب فقالوا: العتاب حدائق المتحابين ، ودليل على بقاء المودة.
وقال بعض أهل الأدب: العتاب خير من الحقد، ولا يكون العتاب إلا على زلة.
فالذي يحمل في قلبه على عشرائه إنما يجمع الأحقاد ويكثرها، فإذا عاتب صاحبه تبين له ما كان ملتبسا بشبهة، واتضح له ما كان يحتمل أكثر من معنى؛ومن أجل ذلك قال القائل:
وفي العتاب حياة بين أقـوام
وهو المحك لذي لبس وإيهام
ويحسن بالمرء إذا أراد أن يعاتب صاحبه أن يجعل له طريقا إلى الرجوع والمعاودة؛ وذلك عن طريق التماس العذر؛ فلا يغلق عليه الأبواب بعتاب غليظ جاف ثم يريد منه أن يعتذر منه.
ألم تر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاءه المتخلفون عن غزوة تبوك يعتذرون عن تخلفهم أخذ بظاهرهم وقبل اعتذارهم ووكل سريرتهم إلى الله تعالى.
فإذا كان هذا في حكم شرعي وكبيرة من الكبائر فكيف بالأمور المستحبة أو المباحات؟
كتب رجل إلى صديقه كتابا أرسله إليه وفيه حط عليه، فرد عليه الصديق: ينبهه إلى تأمُّلِ ما كتبه من عتاب غليظ بعد هدوء النفس؛حتى يرى قوة عباراته فقال:
اقرأ كتابـك واعتبره قريبـــا
فكفى بنفسك لي عليك حسيبـا
أكذا يكون خطاب إخوان الصفا
إن أرسلوا جعلوا الخطاب خطوبا؟
ما كان عذري إن أجبت بمثلـه
أوكنت بالعتـب العنيف مجيبـا
لكنني خفت انتقاص مودتــي
فيعد إحساني إليك ذنــوبـا
كما أن من الواجب على المرء أنْ لا يعاتبَ في كل شيء؛ حتى يكون العتاب له سمة وعلامة يُعرَف بها؛ فيحط قدره عند إخوانه، فيعرف بأنه يعاتب على كل شيء ويغضب لأي شيء، فالمرء كلما استطاع أن يجعل عتابه عزيزا فليفعل، حتى إذا عاتب عُرِف أنه لا يعاتب إلا على ما يُستَحق أن يعاتَب عليه.
وينبغي للعاقل إن عاتب أخاه أو صاحبه أو عشيره أن يتلطف معه؛ ولا يسبه فيما عرفه عنه، فإن من أخلاق اللؤم عند بعض الناس إن غضب على صاحبه بشيء أظهر كل ما يعرفه عنه، فقطع وصله، وأثار ضغينته، ولم يبق للصلح موضعا وسبيلا، وقد أحسن من قال:
وأعرض عن أشياء لو شئت قلتها
ولو قلتها لم أبق للصلح موضـعا
فكل منا يرى في الناس ما لا يرى في نفسه؛ فلو كان في حال عتابه ومخاصمته لصديقه أظهر كل ما في مكنونه، هل يأمل أن ترجع الصحبة إلى موضعها في يوم من الأيام؟ فإن هذا الخلق يعمل به من أراد قطع صلته بصاحبه، وليس من أراد تقريبها بعد انفلاتها..
وليحذر العاقل من العتاب المفضي إلى القطيعة، فالعاقل يميز ؛ فإن رأى أن هذا الشخص مما يجدي معه العتاب عاتبه، وإن رأى أن هذا مما يفسد عليه صحبته أحجم عنه.
قال إياس بن معاوية: خرجت في سفر ومعي رجل من الأعراب فلما كان في بعض المناهل لقيه ابن عم له، فتعانقا وتعاتبا، وإلى جانبهما شيخ من الحي فقال لهما: أنعما عيشا؛ إن المعاتبة تبعث التجني، والتجني يبعث المخاصمة، والمخاصمة تبعث العداوة، ولا خير في شيء ثمرته العداوة.
هذا وإن من الخير للصديق إن رأى من صاحبه شيئا وهو صديق له ويحبه أن يذهب إليه مباشرة ويسأله عما في نفسه، ولا يجعل بينهما وسيطا لا سيما في هذا الوقت الذي كثر فيه مستشارو السوء وناقصو المروءة، فلعلهم يوقعون بينه وبين صديق يحبه ويألفه، وقد قال عمر رضى الله عنه: "إذا رزقك الله مودة امرئ فتشبث به".
هذا وإنَّ تَرْك مصارحة الصاحب لصاحبه فيما يعاتبه به مما يزيد التفرق والشتات ويذهب الألفة، كما أنه من كتم النصيحة والنبي صلى الله عليه وسلم قال: " الدين النصيحة" .
فاعملوا على تنقية القلوب وطهارتها، فالقلب صغير والعمر قصير فلا نذهبهما بالشحناء والضغائن، فإن منتهى السعادة في مراجعة القلب وتزكيته وتطهيره.
إن إخوان الصدق هم خير مكاسب الدنيا ، زينة في الرخاء ، وعدةٌ في الشدة ، والعاقل هو الذي لا يفرط في اكتسابهم ، فمن رزق بأخ صالح ناصح فليتشبث به، وليجعل المودةَ والألفة خير رباط بينهما، ألا ترى أن الله سبحانه امتن على خير القرون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وذكرهم نعمته بأن جمع قلوبهم على الصفاء، وردها بعد الفرقة إلى الألفة والإخاء؛ فقال تعالى: "واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا".
ومن أجل ذلك فقد عرف سلف الأمة وعقلاؤها المتقدمون منزلة الأخوة فحثوا عليها ، واتخذوها وسيلة لإيناس الوحشة وتبديد التفرد والانعزال.
قال علي رضي الله عنه : "الرجل بلا أخ كشمال بلا يمين".
وقال زياد : "خير ما اكتسب المرء الإخوان ، فإنهم معونة على حوادث الزمان، ونوائب الحدثان ، وعونٌ في السراء والضراء".
وقال سليمان بن عبد الملك : " أكلت الطيب ولبست اللين ،وركبت الفارِه ،فلم يبق من لذاتي إلا صديق أطرح معه مؤنة التحفظ".
وعلى المرء إن اتخذ صديقاً أن يتخذ أخا عاقلاً رزينا، تزينه صحبته ولا تشينه، فإن الأصحاب مرآة الأصحاب، والمرء يعرف حاله عند النظر في أقرانه، قال عبد الله بن المبارك : "خير ما أعطي الرجل أخ ناصح يستشيره".
وقيل لابن السماك : "أي الإخوان أحق ببقاء المودة؟ قال: الوافرُ دينه، الوافي عقله، الذي لا يملُّك على القرب، ولا ينساك على البعد، إن دنوت منه داناك، وإن بعدت عنه راعاك، وإن استعنت به عضدك، وإن احتجت إليه أعانك، وتكون مودةُ فعله أكثر من مودةِ قوله ".
وليحذر صديق السوء، فإنه المهلك المردي ، فلا يزال بصاحبه حتى يوقعه في المهالك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ومثل الجليس السوء كنافخ الكير ؛ إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد عنده ريحا خبيثة"؛ فإن لم يوقع صاحبه في المصائب فإنه لن يسلم من أن يأخذَ سمعته السيئة، ويُتَّهمَ في دينه ومروءته.
ومن رزق بإخوانٍ فليكن اتساع صدره لهم طبيعته وسجيته، وليعلم أن من طلب صديقاً لا يزل فقد طلب المحال، ورام الوصول إلى مرتقى بعيد المنال، وقد قيل: "من لا يؤاخي إلا من لا عيب فيه مل صديقه، ومن لم يرضَ من صديقه إلا بإيثاره على نفسه دام سخطه، ومن عاتب على كل ذنب ضاع عتبه وكثر تعبه"؛ ولذا قيل :

إذا كنت في كـل الأمور معاتبـاً
صديقك لم تلق الذي لا تعاتبــه
فعش واحدا أو صل أخاك فإنه
مقارف ذنب مرة ومجانبه
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى
ظمئت وأي الناس تصفـو مشاربه
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها
كفى المرؤ نبلا أن تعد معايبه

وقد قال بعض أهل العلم: " إذا رأيت من أخيك أمراً تكرهه أو خلةً لا تحبها فلا تقطعْ حبله، ولا تصرم وده، ولكن داو جُرحَه، واستر عورتَه، وابقه، وابرأ من عمله".
هذا واعلموا أن من طمع باستكمال الأجر فليحب صاحبه لصلاحه وقربه من ربّه لا لطمع في دنيا، فمن أحبه لذلك فقد استكمل الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: "أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله".
وليعلم المسلم أن أقرب الصاحبين إلى الله أشدهما حباً للآخر في الله؛ قال صلى الله عليه وسلم: "ما تحاب اثنان في الله إلا كان أفضلهما عند الله أشدهما حباً لصاحبه".
نسأل الله أن يوفقنا للعمل بطاعته، وأن يرزقنا جنته ورضوانه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


كتبه الفقير إلى رحمة ربه: الشيخ ســــالم العجمي حفظه الله[/align]
 

*رضا*

إداري قدير سابق وعضو شرف
عضو شرف
4 يونيو 2006
41,911
118
63
الجنس
ذكر
رد: آداب الصداقة والعتاب

نعم الآداب والله ...
نسأل الله أن يوفقنا للعمل بطاعته وبهاته النصائح
جزاكِ ربي خير الجزاء وأثابكِ خير الثواب أختي الكريمة


http://www.denana.com/articles.php?ID=1348
 

الداعية

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
11 نوفمبر 2005
19,977
75
48
الجنس
أنثى
رد: آداب الصداقة والعتاب

جزاك الله خيرا غاليتي سما ووفقنا واياك للخير
واذا اردنا عتاب اخوتنا في الله يجب مراعاة هذه الامور كي لانخسرهم:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العتاب على قدر المحبة ، قول يتداوله الناس ، لكن العتاب لا يكون أسلوب فعالا إلا إذا استخدم في الوقت المناسب ومع الشخص المناسب الذي يتقبل العتاب اللطيف بصدر رحب ، وفي قولة لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول : ( لا تقطع أخاك على ارتياب ، ولا تهجر دون استعتاب )
وحتى لا تخسر أصدقاءك من عتابك لهم ، نقدم لك فيما يلي (6) نصائح في هذا الشان :

1) حدد عتابك:

فلا يجب أن يزيد عتابك على حد معين ، ولا تحول كلامك لنوع من التوبيخ ، ولا تكرر ما تقولة ولا تلح كثيرا ، حتى لا يتحول كلامك لنوع من الهجوم غير المحبب .

2) لا تتهاون:

بينما لا يجب أن يزيد عتابك على حد معين ، يلزم أيضا أن لا ينقص عن الحد الذي يجعله فعالا ، فالتهاون أحيانا يؤدي الى استسهال الأمر من قبل صديقك ، ومن ثم يتمادى في عدم مراعاة ما يضايقك .

3) لا توجه اتهاما مباشرا :

فلا يجب ان تضع صديقك موضع المتهم ، فتضطره للدفاع عن نفسه بطريقة تبدو وكأنه يبرىء شخصه من تهمة مؤكدة ، فذلك يوغر صدره اتجاهك ، وربما تخسره جزئيا أو كليا .

4) ضع النقاط على الحروف:

عندما تعاتب صديقك حدد بدقة الاشياء التى ضايقتك منه ، بمعنى أن تضع النقاط على الحروف ، مع التأكيد عند عتابك انك باق على صداقتة ، وأن عتابك ماهو إلا من باب البقاء على الود القديم .

5) كن مهذبا:

فلا تستخدم أبدا كلمات خارجة عن الأدب ، وانتق الفاظك بعناية ، حتى لا تحرج صديقك فلا يعود ينسى كلماتك .

6) كن هادئا:

لا ترفع صوتك ، وتكلم بهدوء ودون انفعال ، وتذكر انك تعاتب ولا تشاجر .
 

محمد أبو يوسف

عضو شرف
عضو شرف
28 نوفمبر 2005
2,415
11
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
مصطفى إسماعيل
رد: آداب الصداقة والعتاب

[align=center]

و يبقى الود (()) ما بقي العتاب

بوركت أختي الكريمة و زادك الله حرصا و توفيقا
[/align]
 

محبة القرآن

مزمار ألماسي
25 فبراير 2007
1,424
2
0
الجنس
أنثى
رد: آداب الصداقة والعتاب

بارك الله فيك اختي على هذا الموضوع المفيد
وفقك المولى عز وجل
 

الملتقى الجنة

مزمار ألماسي
17 مارس 2006
1,412
0
0
رد: آداب الصداقة والعتاب

موضوع في غاية الروعة يستحق التميز
قد أصاب الكاتب به كبد الحقيقة حفظه الله ورعاه
جزاك الله والكاتب أعلى درجات الجنان
ومرافقة النبي العدنان ، ومجاورة الصحابة الكرام
أبو بكر وعمر وعلي وعثمان
 

شمس

مزمار ذهبي
11 فبراير 2007
1,041
3
0
رد: آداب الصداقة والعتاب

حفظ الله شيخنا وبارك الله فيك أختنا على هذا الموضوع الهادف غفر الله لك أختاه ولنا ولجميع المسلمين وجعل الجنة مثوانا
 

عزيزي

مزمار كرواني
3 أكتوبر 2006
2,321
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عمر أحمد القزابري
رد: آداب الصداقة والعتاب

بارك الله فيك أختي الكريمة
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع