إعلانات المنتدى


..تدبر القرآن الكريم..

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

فتاة صادقة

مزمار داوُدي
8 أكتوبر 2009
7,553
310
0
الجنس
أنثى
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

تدبر القرآن
لابد لنا أن نسأل أنفسنا: ما الذي استفدناه من القرآن؟ لقد قرأنا القرآن وختمناه مرات عديدة، وفي رمضان قمنا بذلك عشرات المرات،
فما الذي تغير في حياتنا؟ وما هو انعكاس ذلك على نفوسنا؟!!


قال تعالى: {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [الأنبياء:10].
قال القرطبي: "وقيل: {فِيهِ ذِكْرُكُمْ} أي ذكر أمر دينكم; وأحكام شرعكم وما تصيرون إليه من ثواب وعقاب...
وقيل: {فِيهِ ذِكْرُكُمْ} أي حديثكم. وقيل: مكارم أخلاقكم, ومحاسن أعمالكم. وقيل: العمل بما فيه حياتكم. قلت: وهذه الأقوال بمعنى
والأول يعمها; إذ هي شرف كلها, والكتاب شرف لنبينا عليه السلام; لأنه معجزته, وهو شرف لنا إن عملنا بما فيه".

وقال عز من قائل: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف:44].
قال القرطبي: "يعني القرآن شرف لك ولقومك من قريش, إذ نزل بلغتهم وعلى رجل منهم.

فالقرآن نزل بلسان قريش وإياهم خاطب; فاحتاج أهل اللغات كلها إلى لسانهم كل من آمن بك فصاروا عيالا عليهم;
لأن أهل كل لغة احتاجوا إلى أن يأخذوه من لغتهم حتى يقفوا على المعنى الذي عنى به من الأمر والنهي وجميع
ما فيه من الأنباء, فشرفوا بذلك على سائر أهل اللغات ولذلك سمي عربيا ...
والأقوى أن يكون المراد بقوله: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} يعني القرآن; فعليه انبنى الكلام وإليه يرجع المصير, والله أعلم.
قال الماوردي: "(ولقومك) فيهم قولان: أحدهما: من اتبعك من أمتك... قلت: والصحيح أنه شرف لمن عمل به, كان من قريش أو من غيرهم".
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه عنه أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه-: (وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ) [رواه مسلم(223/1)].
قال النووي: "فمعناه ظاهر، أي: تنتفع به إن تلوته وعملت به, وإلا فهو حجة عليك"[صحيح مسلم بشرح النووي2/103].
وقال السندي: "أو عليك: إن قرأته بلا عمل به"[حاشية السندي على سنن النسائي5/10].

وقال القرطبي: "يعني أنك إذا امتثلت أوامره واجتنبت نواهيه كان حجة لك في المواقف التي تُسأل منه عنه،
كمساءلة الملكين في القبر والمساءلة عند الميزان وفي عقاب الصراط. وإن لم يمتثل ذلك، احتج به عليك.

ويحتمل أن يراد به أن القرآن هو الذي يُنتهى إليه عند التنازع في المباحث الشرعية والوقائع الحكمية،
فبه تستدل على صحة دعواك، وبه يستدل عليك خصمك"[شرح السيوطي على سنن النسائي5/10].
لقد أنزل الله القرآن ليكون كتابا لتغيير النفوس بما يؤدي لتغيير الواقع. فما الذي حدث؟ لماذا أصبح القرآن بلا تأثير في حياتنا؟
إن الأسباب التي تقف وراء ذلك كثيرة ومتعددة.
لعل من أهمها: عدم فهم معانيه. ذلك أن ما لا تفهمه لا تتفاعل معه.
والسبب وراء عدم فهمه هو انتشار اللغة العامية على حساب الفصحى. ومن أسباب ذلك أيضا عدم الالتزام بتنفيذ أوامره ونواهيه.
لقد حاول الأعداء أن يلقوا في روعنا أن القرآن مجرد كتاب للتاريخ. وما دام الأمر كذلك، فلا طائل من ورائه.
ولكن هل القرآن مجرد كتاب للتاريخ فعلا؟!! إن القرآن يتكلم بالفعل عن التاريخ، ولكن لأخذ العبرة. فانظر مثلا
إلى قصة نبي الله موسى -عليه السلام- مع فرعون التي تكررت في القرآن كثيرا، وانظر إلى فرعون وهو يحسم
القضية مع قومه قائلا: {مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر:29] .
وبالإضافة إلى القصص التاريخي الذي يحفل به القرآن، فإن القرآن يحفل بحوارات لا نظير لها في أي كتاب آخر،
ولا توجد في أي مكان سواه. تلك الحوارات التي تدور بين الناس -سواء المهتدين أو المجرمين- مع الملائكة منذ لحظة
الموت وحتى ما بعد البعث والنشور والاستقرار في الجنة أو النار. تلك المشاهد التي لا يستطيع أي كتاب آخر أن يخبرنا
عنها أو عن كيفيتها، إلا القرآن، لأنه جاء من عند الخبير بما سيحدث في تلك المواقف. وقد جعل الله تلك الحوارات غيبا،
لا يُطلع عليها أحدًا، إلا من شاء سبحانه. ولو حاول أهل الأرض معرفة ما يحدث في القبر مثلا لفشلوا، ولو استخدموا في
سبيل ذلك آخر ما وصلت إليه علومهم ومعارفهم. ولن يجدوا أمامهم إلا القرآن هو الذي يخبرهم بذلك.
كذلك فمن المواقف التي بالغ القرآن في وصفها تلك المشاهد التي ستحدث بين الناس وبعضهم، أو بينهم وبين الملائكة
في عُرصات يوم القيامة. وانظر إلى هذا الحوار المدهش المعجز المبهر الذي يدور بين الحكام الطواغيت وبين الشعوب
التي كانت مقهورة في الحياة الدنيا. وسوف أقصر الحديث في ذلك على ما جاءت به هذه الصورة في سورة الصافات.
قال تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات:27]. فماذا كان رد المستضعفين؟ {قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنْ الْيَمِينِ} [الصافات:28].
أي قال الضعفاء للطغاة: إنكم كنتم تأتوننا عن الناحية التي كان منها الحق، فتصرفوننا عنها. فرد عليهم الطغاة قائلين:
{قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الصافات:29]. أي: بل لم تكونوا مؤمنين أساسًا بقوانين الله في الكون، وبوعوده لعباده بما سيكون لهم عند الصبر،
وتبشيرهم بالنصر والتمكين حين يتحلوا بالعبادة. واستطرد الطغاة في سرد الحقيقة كاملة:
{وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ} [الصافات:30].
ويعقب الله تعالى على ذلك بالقول: {فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الصافات:33]. أي: الطغاة والمستضعفين.
لا يظنن الضعيف أنه عبدا للمأمور، وأن عليه أن يفعل كل ما يُملى عليه ممن هو فوقه. فيوم القيامة لن يتحمل أحد عن أحد مغبة أي تصرف خاطئ.
وليتدبر المستضعفون قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي اْلأَرْضِ
قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء:97].
وكذلك قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا
يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10].

قال ابن كثير: وقوله {وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ} قال مجاهد: فهاجروا فيها وجاهدوا واعتزلوا الأوثان، وقال شريك عن منصور
عن عطاء في قوله تبارك وتعالى: {وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ}. قال: إذا دعيتم إلى معصيته فاهربوا، ثم قرأ: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا}".

ولكن هل ينفع الطغاة والمستضعفين في ذلك اليوم اشتراكهم في العذاب؟ اسمع قول الله تعالى
في سورة الزخرف: {وَلَنْ يَنفَعَكُمْ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الزخرف:39].
قال القرطبي: "ولن ينفعكم اليوم اشتراككم في العذاب; لأن لكل واحد نصيبه الأوفر منه. أعلم الله تعالى
أنه منع أهل النار التأسي كما يتأسى أهل المصائب في الدنيا, وذلك أن التأسي يستروحه أهل الدنيا، فيقول أحدهم: لي في البلاء
والمصيبة أسوة; فيسكن ذلك من حزنه; كما قالت الخنساء:
فلولا كثرة الباكين حولي *** على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن *** أعزي النفس عنه بالتأسي

فإذا كان في الآخرة لم ينفعهم التأسي شيئا لشغلهم بالعذاب.
وقال مقاتل: لن ينفعكم الاعتذار والندم اليوم; لأن قرناءكم وأنتم في العذاب مشتركون كما اشتركتم في الكفر".
هذا كان أحد المشاهد التي حكى عنها القرآن، والتي تفيد القراءة المتدبرة للوقوف عليه. ولذا فحاول أن تتدبر القرآن وأنت تقرأه، حتى تستشعر معانيه، ومن ثم تستطيع الوصول للعمل به، فيتحقق بذلك الهدف الذي من أجله نزل.
[المصدر: مقال حوارات الدار الآخرة - محمد حسن يوسف]،،موقع تدبر..
 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

حفيدة عمر

مزمار داوُدي
1 سبتمبر 2010
4,580
77
0
الجنس
أنثى
رد: ..تدبر القرآن الكريم..

جزيت كل الخير وبارك الله فيك

لا حرمت الاجر
 

طموحـة

مشرفة سابقة
31 أكتوبر 2010
4,028
154
63
الجنس
أنثى
رد: ..تدبر القرآن الكريم..

رفع الله قدرك اختي فتاة صادقه ..

جعلنا الله ممن يتدبرون كتابه ويعملون به ..
 

عبدآلمجيد

مزمار ذهبي
24 سبتمبر 2009
891
39
28
الجنس
ذكر
رد: ..تدبر القرآن الكريم..

جزاكِ الله خيراً ونفع بكِ أختي الفاضلة ..
موضوع رائع كالعاده..
 

مادي 15

مشرفة الركن العام
المشرفون
16 مايو 2008
12,244
855
113
الجنس
أنثى
القارئ المفضل
عبد الله المطرود
علم البلد
رد: ..تدبر القرآن الكريم..

بارك الله فيكِ غاليتي,
موضوع قيّم وهامّ,, وفقنا الله إلى تدبر كتابه,
وقرآءته على الوجه الذي يرضيه ويوفقنا للعمل بما فيه.
 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

فتاة صادقة

مزمار داوُدي
8 أكتوبر 2009
7,553
310
0
الجنس
أنثى
رد: ..تدبر القرآن الكريم..

جزيت كل الخير وبارك الله فيك

لا حرمت الاجر
اللهم آمين وإياكِ أختي الحبيبة..
أسعدني مروركِ أسعدكِ الله..
رفع الله قدرك اختي فتاة صادقه ..

جعلنا الله ممن يتدبرون كتابه ويعملون به ..
اللهم آمين،،ورفع قدركِ أختي الغالية..
أسعدني تواجدكِ أسعدكِ الباري..
جزاكِ الله خيراً ونفع بكِ أختي الفاضلة ..
موضوع رائع كالعاده..
حيّاك الله أخي الفاضل عبدالمجيد..
وجزاك كل خير وبك نفع،، بارك الله فيك..
الأروع مرورك الذي يسعدني،،لاحرمنا الله هذا المرور والتواجد..
جعلك الله من سعداء الدنيا والآخرة وحقق لك كل ما تتمنى..
بارك الله فيكِ غاليتي,
موضوع قيّم وهامّ,, وفقنا الله إلى تدبر كتابه,
وقرآءته على الوجه الذي يرضيه ويوفقنا للعمل بما فيه.
اللهم آمين،،
حياكِ الله أختي الغالية مادي،،نورتي موضوعي بتواجدكِ..
جزاكِ الله خيرًا وأسعدكِ في الدنيا والآخرة..
 

*ريتاج*

مزمار ألماسي
9 نوفمبر 2009
1,243
25
0
رد: ..تدبر القرآن الكريم..

جزاك الله خيرا أختي الغالية
و جعل ما تقدمين في ميزان حسناتك
 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

فتاة صادقة

مزمار داوُدي
8 أكتوبر 2009
7,553
310
0
الجنس
أنثى
رد: ..تدبر القرآن الكريم..

أهلاً بالغالية رتوج،،
وجزاكِ كل خير وبارك فيكِ..
نورتي موضوعي بمروركِ وتواجدكِ..
حيّاكِ الله..
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع