- 31 أكتوبر 2010
- 4,028
- 154
- 63
- الجنس
- أنثى
~~السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ~~
سورة الأعراف من أعظم السور التي ضمت بين جوانحها كثيراً من الآيات العظيمة، والعبر الكريمة، والمواعظ الرحيمة، وقد تنوعت آياتها في المواضع التي تطرقت لها وتحدثت عنها، لكنها تشابهت في عظمتها وكريم معانيها.
سورة الأعراف من أعظم السور التي ضمت بين جوانحها كثيراً من الآيات العظيمة، والعبر الكريمة، والمواعظ الرحيمة، وقد تنوعت آياتها في المواضع التي تطرقت لها وتحدثت عنها، لكنها تشابهت في عظمتها وكريم معانيها.
بين يدي سورة الأعراف
الحمد لله الذي ليس كمثله شيء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الحي حين لا حي، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، آخر الأنبياء في الدنيا عصراً، وأرفعهم وأجلهم يوم القيامة شأناً وذكراً. صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره، واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن القرآن العظيم هو أعظم ما أعطيه نبينا صلى الله عليه وسلم، الذي حوى صوراً عظيمة تتضمن عظات بالغة، وآيات محكمة. وفي هذا اللقاء المبارك وقفات مع سورة الأعراف أو مع بعض آياتها، نسأل الله جل وعلا أن يرزقنا فيها وإياكم العلم النافع والعمل الصالح. ......
ذكر الميزان في سورة الأعراف
سورة الأعراف مكية. ومما جاء في آياتها قول ربنا جل وعلا: (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )[الأعراف:8]، هذا الوزن الذي أخبر الله جل وعلا عنه يكون يوم القيامة، يوم يقوم الأشهاد ويحشر العباد، وقد دل الكتاب والسنة إجمالاً على أن للميزان كفتين، كما قال صلى الله عليه وسلم: (فطاشت السجلات ورجحت البطاقة)، لكن اختلف العلماء، في ما الذي يوزن: فقال بعضهم: الذي يوزن صاحب العمل، واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حق عبد الله بن مسعود : (أتعجبون من دقة ساقيه؟ لهما أثقل في الميزان من جبل أحد)، وقال آخرون: إن الذي يوزن هو العمل نفسه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (والحمد لله تملأ الميزان)، وقال آخرون: إنما تجعل الأعمال في صحائف وتوزن الصحائف، واحتج أصحاب هذا القول بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فوضعت السجلات في كفة والبطاقة في كفة فرجحت البطاقة وطاشت السجلات)، والذي يظهر والعلم عند الله أن كل هذا صحيح، فيوزن العمل وصاحبه، وتوزن صحائف العمل، ثم يكون بعد ذلك أو قبله أخْذ الناس لكتبهم بأيمانهم أو بشمائلهم. ......
بيان أن التكذيب بالله ورسوله سبب كل نقمة وبلاء
قال الله جل وعلا في هذه السورة المباركة: (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ )[الأعراف:40]. القلوب أوعية، والتصديق بكلام الرب تبارك وتعالى هو مفتاح الدخول إلى رحمته، كما أن التكذيب بالله جل وعلا وبما جاء عن الله والتكذيب برسول صلى الله عليه وسلم وبما جاء عنه هو سبب كل نقمة وبلاء، قال الله جل وعلا:
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى
[الليل:8-10]، فالتكذيب بكلام الله جل وعلا سبب لكل بلاء وهو عنوان الكفر، والتصديق بما جاء عن الله والعمل به هو عنوان الإيمان، والله هنا يقول: (( إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا ))، فهم لم يصدقوا بها أصلاً، وأعرضوا عنها إعراضاً، قال الله بعدها: (( لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ))، والسماء خلق من خلق الله، وهي طباق يركِّب بعضها بعضاً، خلقها الله جل وعلا وجعلها سقفاً محفوظاً، تمر عليها أعمال بني آدم، فكم من عبد صالح على فراشه يرفع من العمل ما تفتح له أبواب السماء، وكم من عبد لم يعرف الله طرفة عين لا يرفع له عمل ولا تقبل له دعوة حتى إذا مات هذا وهذا بكت السماء والأرض على من فقدت الطريق إلى عمله، فإن العمل الصالح يرفع حتى يصبح له باب معين في السماء يغدو من خلاله عمل ابن آدم، فإذا عرف العبد عند أهل السماء بالعمل الصالح والطاعة فمات وفقد ذلك الموضع من السماء عمله فيبكي عليه، ولهذا قال الله عن أهل الوبال والخسران والكفران: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ )[الدخان:29]، وهنا يقول الله: (( إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ))، ثم علق الله ذلك بالمحال في لفظ تعرفه العرب، إذ أن من صنعتها أساليب الكلام قال الله جل وعلا: (( حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ))، وكل من أعطي عقلاً ولو مسكة منه، أدرك أنه لا يمكن للجمل أن يدخل في سم الخياط. ......


ذكر حوار أهل الجنة وأهل النار وأصحاب الأعراف في السورة
ثم ذكر الله تبارك وتعالى جملة من النداءات تكون يوم القيامة، قصها الله جل وعلا سرداً؛ يتذكر بها المؤمن ويتعظ بها التقي، ويعرف كل من أراد وجه الله مآله، إن طبق ما جاء فيها من عمل، قال الله وهو أصدق القائلين يخبر عن أمر لم يكن بعد: (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ )الأعراف:44 قال العلماء: دخل طاوس بن كيسان على هشام بن عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين! اذكر يوم الأذان، قال: وما يوم الأذان، فتلا عليه هذه الآية: فصعق هشام ، فقال طاوس رحمه الله: هذا ذل الخبر، فكيف إذاً بذل المعاينة؟! وقد أنزل الله على ألسنة رسله أمراً ووعداً على الإيمان بالله ورسله، والوعد على الإيمان هو الجنة، وأنزل نهياً حذر منه، وجعل على من تجاوزه وعيداً هو النار، فإذا آل أهل الجنة إلى الجنة -جعلني الله وإياكم منها- وآل أهل النار إلى النار -أعاذنا الله وإياكم منها- تحقق الوعد والوعيد لكلا الفريقين، فينادي أهل الجنة أصحاب النار كما حكى الله: (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ )الأعراف:44-45 من أعظم ما يمكن أن يتحلى به عبد من السفال والوبال أن يكون ممن يصد عن سبيل الله جل وعلا. ثم ذكر الله نداء آخر، قال الله جل وعلا قبلها: (وَبَيْنَهُمَا )الأعراف:46 أي: بين أهل الجنة والنار: (حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ )الأعراف:46 ظاهر القرآن أنها أماكن مرتفعة؛ لأن العرف في لغة العرب هو: ما علا وارتفع. (وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا )[الأعراف:46] أي: أصحاب الأعراف: (أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ )الأعراف:46، هذا إخبار بحال أهل الأعراف. والمقصود من هذا: أن الإنسان إما إلى خير وإما إلى شر، وإن عجز فعلى الأقل أن ينتسب إلى أهل الخير أو أن يحاول أن يبتعد عن أهل الشر، فالله جل وعلا يبين هنا أن أصحاب الأعراف باختيارهم وإرادتهم ينظرون إلى أصحاب الجنة، فإذا نظروا إليهم وقد استقروا في الجنة نادوهم، قال الله: (وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا )[الأعراف:46] أي: أصحاب الأعراف لم يدخلوا الجنة بعد، (وَهُمْ يَطْمَعُونَ )الأعراف:46 أي: يطمعون في دخولها؛ لأنهم أعطوا نوراً وذلك النور لم يطفأ بعد، فبقاء النور في أيديهم يجعل الطمع في قلوبهم يعظم في أنهم سيدخلون الجنة. ثم قال الله: (وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ )الأعراف:47 أسندها الله -كما يقول النحويون- إلى ما لم يسم فاعله، لم يقل الله: إن أبصارهم تصرف بإرادتهم، وإنما قال: (وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ )، هؤلاء الأخيار الذين على الأعراف لا يريدون أن يروا حتى أهل النار فضلاً على أن ينتسبوا إليهم. (وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )[الأعراف:47] أنخ مطاياك هنا أيها المبارك وتأمل! فهؤلاء قوم النور في أيديهم، والجنة على مرأى من أعينهم ومع ذلك يبقى لديهم خوف أن يدخلوا النار، ولا يمكن لأحد مهما استقام قلبه، وحسن عمله، وصلحت سريرته أن يأمن مكر الله، قال تعالى: (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ )الأعراف:99، فهؤلاء من أصحاب الأعراف هم على تلال مشرفة من الجنة، والله يذكر عنهم خيراً ويثني عليهم، ومع ذلك يعلمون أن النجاة أبداً لا تكون إلا بيد الله وبالالتجاء إلى الله. قال الله: (وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ )الأعراف:47 يصيبهم في قلوبهم الفزع والخوف، ويرون على أصحاب النار الذل والهوان، وليست الآخرة دار عمل، ولا يمكنهم أن يعملوا طاعة حينها، فلا مفر من غير الالتجاء إلى الله: (قَالُوا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )الأعراف:47، فإن رأيت أحداً ممن ابتلاه الله بمعصية فاحذر من شيء وتمسك بشيء؛ احذر من أن تشمت به، فإنك لا تدري لعل الله يهديه ويضلك، فهذا ما تحذر منه، وتمسك بأن تسأل الله العافية من مثل هذا الصنيع، قال الله على لسان أصحاب الأعراف: ( رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ). ذكر قال الله نداء لأهل النار: (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ )الأعراف:50، الماء في الدنيا كما أنه أعز مفقود فإنه أذل موجود، ومع ذلك لا يتمنى أهل النار شيئاً أعظم من تمنيهم للماء، قال الله عنهم: (( وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ )، فيكون الجواب: ( قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا ) أي: الماء والطعام: ( إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ). ثم جاء الوصف لأصحاب النار: (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ )الأعراف:51. ......
ذكر إقامة الحجة على العباد في السورة
ثم بين الله أنه أقام الحجة على عباده، والحجة أقيمت بإرسال الرسل وإنزال الكتب، والأمة المحمدية ما أقيمت عليها حجة أعظم من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن هذا القرآن الذي بين أيدينا، قال الله جل وعلا: (وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ )الأعراف:52-53 وتأويله في الآية ليست بمعنى تفسيره، وإنما تأويله أي: يقع ما أخبر الله عنه من وعد ووعيد، وما كان يوماً ما في طيات الغيب يراه الناس عياناً. قال الله جل وعلا: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ )الأعراف:53، أي: يقع ما أخبر الله عنه، وهذا لا يكون بكماله وتمامه إلا في عرصات يوم القيامة، قال جل وعلا: (يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ )[الأعراف:53]. ......
ذكر عظم الله وكمال قدرته في السورة
فلما أراهم الله عاقبة أعمالهم وكان الله بعباده غفوراً رحيماً، عرفهم الله جل وعلا بنفسه، وبين لهم جل وعلا أن مقاليد كل شيء بيديه، وأن الخلق خلقه والرزق بيده؛ حتى تنكسر قلوبهم وتذرف عيونهم وتقشعر جلودهم، فقال بعدها جل وعلا: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ )الأعراف:54 كلمة رب تشعر الإنسان أنه في حفظ أحد عظيم، ولا أحد يحفظ ويكلأ مثل الله، فكلمة رب في معناها وفيما تضيفه على سامعها غير كلمة إله، فكلمة إله تضفي على السامع أنه يجب أن يعبد، أما كلمة رب فتضيف على السامع أنه في حفظ وكلأ، ولهذا قال الله جل وعلا لموسى: (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ )طه:12 حتى يشعره بالأمن والطمأنينة، ثم بعد أن أعطاه الرسالة قال له: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي )طه:14، فطالبه بالعبودية بعد أن قال له: (( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ ))، وهنا يقول الله: (( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ))، وهو قادر جل شأنه على أن يخلقها في أقل من ذلك لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ولكن قال العلماء: أراد الله جل وعلا أن يبين ويعلم عباده التؤدة والسكينة في الأمر: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ )الأعراف:54 العرش سقف المخلوقات، وهو سرير ذو قوائم تحمله الملائكة، والملائكة الذين يحملونه إما ثمانية صفوف وإما ثمانية أفراد، قال الله: (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ )الحاقة:17، واستواء الله جل وعلا على عرشه نثبته من غير بيان كيفيته، فالاستواء معلوم والكيف مجهول، لكن نقول كما قال الأخيار من قبلنا: استواء يليق بجلاله وعظمته، لكن يجب أن يستصحب ذلك أن تعلم أن ربك غني عن العرش وغني عن حملة العرش، بل إن العرش ومن يحمله من الملائكة ومن يطوف حوله وسائر الخلق كلهم فقراء إليه جل وعلا.
يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ
[الأعراف:54] يقول العلماء: إن الله خلق الليل قبل النهار، قال سبحانه:
وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ
[يس:37]، ومعنى: ( يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ )، أي: يغطيه بظلامه. ثم قال جل وعلا:
وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ )[الأعراف:54] وهذه الأشياء خلق من خلقه، يقول صلى الله عليه وسلم لـأبي ذر وقد نظر إلى الشمس: (أتدري أين تذهب؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها تأتي عند العرش فتسجد، ثم تستأذن ربها فيأذن لها، حتى يأتي يوم فتستأذن فلا يؤذن لها، فتطلع على الناس من المغرب، هنالك تؤمن كل نفس لم تكن آمنت من قبل)، كما قال الله جل وعلا:
يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا
[الأنعام:158]. فربنا هنا يقول:
وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ
الأعراف:54 ففرق الله ما بين الخلق والأمر، وهذه أحد أدلة أهل السنة على أن القرآن منزل غير مخلوق، ففرق الله جل وعلا ما بين خلقه وبين أمره، فبعض الأشياء خلقها الله خلقاً، وبعض الأشياء كانت أمراً، والقرآن من أمره جل وعلا؛ لأنه كلامه تبارك وتعالى وصفة من صفاته، كما أن ذات الله لا يشبهها شيء، فكذلك صفات الله لا يشبهها شيء، قال الله جل وعلا:
أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
الأعراف:54 أي: تقدس وتعاظم وتعالى، واللفظ (تبارك) لا يخاطب به أحد غير الله، لا يقال لغير الله: تبارك، كائناً من كان، فلا تقال لمحمد عليه الصلاة والسلام ولا لجبريل ولا لإخوانه من النبيين، ولا لإخوان جبريل من الملائكة عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام. والقرآن منزل من عند الله لا يمكن أن يرقى أحد إلى أسلوبه وبيانه، فلما عرَّف الله بذاته العلية دعا الله جل وعلا عباده إلى أن يدعوه. قال الله جل وعلا:
تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * ادْعُوا رَبَّكُمْ
[الأعراف:54-55] أي: ربكم الذي عرفكم بنفسه قبل قليل:
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً الأعراف:55، فأما قوله جل وعلا: (( تَضَرُّعًا ))، هذا حال من قلب الداعي؛ أن يدعو الإنسان يدعو وهو منكسر ذو وجل، وهو يرغب من الله جل وعلا أن يجيبه، ويطمع في رحمة ربه، يعرف أن الله لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وأن مقاليد كل شيء بيديه، ويقول جل وعلا: ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً )، وهذا حال الداعي، وكلما كان الداعي يدعو في مكان مستتر كما دعا زكريا عليه الصلاة والسلام في مكان خلي بقلب نقي وصوت خفي:
إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا
مريم:3، كان أجدر في أن يجيبه الله.
إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
الأعراف:55 ومن الاعتداء في الدعاء: أن يسأل العبدُ الله شيئاً أخبر الله أنه لا يكون، فمثلاً الله جل وعلا أخبر أن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، فلا يأتي أحد يطلب من الله النبوة، مع أننا نعلم جميعاً أن الله قادر على أن يجعلنا أنبياء، لكن الله جل وعلا ختم النبوات برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن الاعتداء في الدعاء أن يطلب الإنسان هذا وأمثاله، ( إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ). ......


















ذكر خلق الناس من نفس واحدة وبيان حالة التضرع لله في حال الضراء
قال الله جل وعلا بعدها في آيات أخر من هذا السورة المباركة: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ )الأعراف:189 النفس المذكورة هي: نفس آدم، وآدم عليه السلام نبي مكلم كما أخبر صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في الحديث: (قيل: يا نبي الله! أكان آدم نبياً؟ قال: نعم، نبي مكلم)، فالله يقول: ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ )، والخطاب للناس، ( مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ )هي نفس آدم عليه الصلاة والسلام، (( وَجَعَلَ مِنْهَا )) أي: من نفس آدم: ( زَوْجَهَا )، وكلمة زوج في الآية المقصود بها. أمنا حواء ، خلقها الله جل وعلا من أحد أضلاع آدم، قال الله معللاً: ( لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا )، فالبيوت ينبغي أن تبنى على الطمأنينة والسكينة، ثم ينتهي الخطاب القرآني هنا عن آدم وزوجه، ويأتي الخطاب عن جنس البشر لا عن آدم ولا عن زوجته، قال الله: ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا )، ثم قال: (فَلَمَّا تَغَشَّاهَا )، وهذا انتقال في الخطاب لا يمكن أن يطبق على آدم؛ لأن ما سيأتي بعده داخل في منظومة الشرك، وأنبياء الله منزهون عن الشرك، فقال الله تبارك وتعالى: ( فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ ) أي: الزوجة: ( حَمْلًا خَفِيفًا ) وهذه أولى درجات الحمل. ثم قال ربنا وهو الخالق: ( فَلَمَّا أَثْقَلَتْ ) أي: ازداد الحمل وهناً على وهن، وأصبح الذين كانوا بالأمس يستبشرون بالحمل يخافون اليوم من آلام الولادة، يخافون أن يفقدوا الزوجة، فيصبح في الناس شدة خوف، فيقول الله جل وعلا: ( فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا ) أي: تضرعا إلى الله بسلامة المولود وصلاحه وهما: الأب والأم، ( لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ). قال الله: (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ )الأعراف:190. قوله: (فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) يبينها الحديث القدسي: (يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيء)، فالله يقول:


ذكر لقاء موسى ربه في السورة
قال الله جل وعلا في هذه السورة المباركة: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا )[الأعراف:143]، موسى هو كليم الله وصفيه، وهو ابن عمران، بعثه الله جل وعلا إلى فرعون وإلى الملأ من قومه من بني إسرائيل، وهذا الإخبار الذي قاله الله: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا ) كان في صحراء التيه، وموسى عليه الصلاة والسلام والملأ الذين معه خرجوا إلى صحراء التيه بعد خروجهم من أرض مصر، قال الله: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ )[الأعراف:138] وموسى عليه الصلاة والسلام كان يسكن في مصر؛ لأن بني إسرائيل استوطنوا مصر بعد أن جاء يعقوب بدعوة من ابنه يوسف، ثم تناسلوا، فأمر الله موسى بقوله: (فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ )[الدخان:23]، فسرى بعباد الله المؤمنين ليلاً، وجاوز البحر، فأتبعه فرعون بجنوده بغياً وعدواً فأغرقه الله، فلما مكثوا في أرض التيه، أمرهم نبيهم: أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لهم، فقالوا: (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ )[المائدة:24] وامتنعوا عن الجهاد، قال الله: (قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ )[المائدة:25-26]. في تلك الحقبة الزمنية قبل أن يموت موسى وبعد أن نجا من البحر، أعطاه الله جل وعلا موعداً قال الله: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً )[الأعراف:142] فصامها عليه الصلاة والسلام كما يقول أهل التفسير، وكانت شهر ذي القعدة، ثم إنه استحيا أن يلقى الله وعليه خلوف فم الصائم فطعم، فلما طعم عاقبه ربه وليس عقاباً الذنب، لكن لخلاف الأولى، فزادها الله عشراً، فصام عشراً، فكان الميقات مكانياً وزمانياً، أما الميقات الزماني فلم يذكره القرآن، لكن أهل التفسير يقولون: إن موسى كلم ربه في اليوم العاشر من ذي الحجة، وأما الميقات المكاني فإن الله ذكره في القرآن: (وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ )[طه:80]، فإن الله جل وعلا كلم موسى عند جانب الطور الأيمن التكليم الثاني؛ التكليم الأول كان وقت البعثة، والتكليم الثاني كان بعد النجاة من البحر، قال الله: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ * وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا )[الأعراف:142-143] لميقات زماني ومكاني ضربه الله له. قال الله: (وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ )[الأعراف:143]، فالله جل وعلا كلم موسى تكليماً يليق بجلاله وعظمته وقد سمعه موسى ووعاه. أعطي موسى منزلة أحب أن يرتقي إلى أعلى منها، قال الله: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي )[الأعراف:143]، ثم من باب التعزية والتسلية له قال له ربه: (وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ )[الأعراف:143] إذا بالجبل تسيح هضباته وتدك صخراته، فلما رأى موسى ما حل بالجبل قال كما حكى الله عنه: (قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا )[الأعراف:143]، وصعق بمعنى: أغمي عليه:

قواعد في شكر الله
وللشكر قواعد نجملها فيما يلي: أولها: أن يستقر في القلب أن النعمة من الله. والثاني: أن يلهج اللسان بذكر الله لها وأن يعرَّف العبد بها غيره: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ )[الضحى:11]. وألا تستعمل في معصية الله، وأن تستعمل في طاعة، فهذه من حيث الإجمال قواعد الشكر. قال الله جل وعلا بعد أن من على آل داود: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ )[الأنبياء:81] إلى أن قال جل وعلا: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ )[سبأ:13]، فالله جل وعلا يفيء على عباده النعم ويطالبهم بالشكر، مع علمه تبارك وتعالى ومع علمنا أن الله جل وعلا غني عن شكر الشاكرين كما حررناه سابقاً، لكن شكر العبد يعود عليه، كما قال الله: (وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ )[لقمان:12]. قال الله: (يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ )[الأعراف:144].
وقفة مع قوله تعالى: (واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخفية...)
قال الله جل وعلا في آيات بعدها:








وقفة مع قوله تعالى: (إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته...)
ثم لما بين الله جل وعلا لنبيه وأرشده إلى أن يكثر من ذكر الله ذكر له أنموذجاً من عباده الصالحين الذين يذكرون ربهم، قال الله جل وعلا:




للشيخ صالح المغامسي