- 27 فبراير 2006
- 4,050
- 12
- 0
- الجنس
- ذكر
يقول بن الجوزي رحمه الله :
قرأت هذه الآية " قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم و أبصاركم و ختم على قلوبكم مَن إلهٌ غير الله يأتيكم به" فلاحت لي فيها إشارة كدت أطيش منها...
و ذلك أنه إن كان عُنيَ بالآية نفس السمع و البصر فإنّ السمع آلة لإدراك المسموعات, و البصر آلة لإدراك المبصَرات, فهما يعرضان ذلك على القلب, فيتدبّر و يعتبر.
فإذا عرضت المخلوقات على السمع و البصر, فأوصلا إلى القلب أخبارها من أنّها تدلّ على الخالق, و تحمل على طاعة الصانع, و تحذّر من بطشه عند مخالفته كان ذلك تحقيقاً لفائدتها, و إلا فقد انعكس المراد منها.
و إن عني به السمع و البصر, فذلك يكون بذهولهما عن الحقائق ما أدركا, شغلا بالهوى, فيعاقب بسلب معاني تلك الآلات, فيرى و كأنّهما سمع, و القلب ذاهل عن ما يتأدّب به, فيبق الإنسان خاطئاً على نفسه, لا يدري ما يُراد به, لا يُؤثَّر عنده أنه يبلى, و لا تنفعه موعظة تُجلى, و لا يدري أين هو, و لا المراد منه, و لا إلى أين يُحمَل, و إنما يلاحظ بالطبع مصالح عاجلته, و لا يتفكّرَ في خسران آجلته, لا يعتبر برفيقه, و لا يتّعظ بصديقه, و لا يتزوّد بطريقه........ كما قال الشاعر:
الناس في غفلة و الموت يوقظهم=وما يفيقون حتى ينفد العمر
يشيّعون أهاليهم بجمعهم=و ينظرون إلى ما فيه قد قبروا
و يرجعون إلى أحلام غفلتهم=كأنهم ما رأوا شيئاً و لا نظروا
و هذه حالة أكثر الناس, فنعوذ بالله من سلب فوائد الآلات, فإنها أقبح الحالات...
أقول: هذا حالنا و الله المستعان, قلوبٌ لا نفقه بها, و آذان لا نسمع بها, و أعين لا نبصر بها
قرأت هذه الآية " قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم و أبصاركم و ختم على قلوبكم مَن إلهٌ غير الله يأتيكم به" فلاحت لي فيها إشارة كدت أطيش منها...
و ذلك أنه إن كان عُنيَ بالآية نفس السمع و البصر فإنّ السمع آلة لإدراك المسموعات, و البصر آلة لإدراك المبصَرات, فهما يعرضان ذلك على القلب, فيتدبّر و يعتبر.
فإذا عرضت المخلوقات على السمع و البصر, فأوصلا إلى القلب أخبارها من أنّها تدلّ على الخالق, و تحمل على طاعة الصانع, و تحذّر من بطشه عند مخالفته كان ذلك تحقيقاً لفائدتها, و إلا فقد انعكس المراد منها.
و إن عني به السمع و البصر, فذلك يكون بذهولهما عن الحقائق ما أدركا, شغلا بالهوى, فيعاقب بسلب معاني تلك الآلات, فيرى و كأنّهما سمع, و القلب ذاهل عن ما يتأدّب به, فيبق الإنسان خاطئاً على نفسه, لا يدري ما يُراد به, لا يُؤثَّر عنده أنه يبلى, و لا تنفعه موعظة تُجلى, و لا يدري أين هو, و لا المراد منه, و لا إلى أين يُحمَل, و إنما يلاحظ بالطبع مصالح عاجلته, و لا يتفكّرَ في خسران آجلته, لا يعتبر برفيقه, و لا يتّعظ بصديقه, و لا يتزوّد بطريقه........ كما قال الشاعر:
الناس في غفلة و الموت يوقظهم=وما يفيقون حتى ينفد العمر
يشيّعون أهاليهم بجمعهم=و ينظرون إلى ما فيه قد قبروا
و يرجعون إلى أحلام غفلتهم=كأنهم ما رأوا شيئاً و لا نظروا
و هذه حالة أكثر الناس, فنعوذ بالله من سلب فوائد الآلات, فإنها أقبح الحالات...
أقول: هذا حالنا و الله المستعان, قلوبٌ لا نفقه بها, و آذان لا نسمع بها, و أعين لا نبصر بها