- 21 فبراير 2011
- 145
- 25
- 28
- الجنس
- أنثى
- القارئ المفضل
- سعد سعيد الغامدي
- علم البلد
-
بسم الله الرحمن الرحيم
هل نصرة المؤمن ربه لاتكون إلابالسيف ؟
قال تعالى (ياأيُّها الذِينَ آمنُوا كُونُوا أنصاَر اللهِ كَما قَالَ عِيسَى بنِ مَريمَ للِحَوارِيين مَن أَنصَارِي إِلَى اللهِ قَال الحوَارِّيُونَ نَحنُ أَنصَارَ اللهِ فَئآمنت طَائِفَةٌ مِن بَنِي إِسرآئيلَ وَكفَرَت طَائِفة فَأَيَدنَاالَّذِينَ ءَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِهِم فَأصبَحُوا ظَاهِرَين )سورة الصف
قد ظن قوم أن الله لاينصر إلابالسيف وأنه لايتخلف عن هذا النوع من النصرة إلامنافق , وأنّ طالب الظهور والتمكين من غيرهذه السبيل كطالب سراب وهذا الظن بهذا الإطلاق غلط لأن الله أخبر أنه أظهر حواريي عيسى صلى الله عليه وسلم على عدوهم أي نصرهم مع انهم لم ينصروا عيسى صلى الله عليهوسلم بسيف قط وكيف ينصرونه بسيف وهو يومئذ ضعفاء ولايستطيعون أن يدفعوا عنه عدوه الذي كان يطارده لقتله حتى كان الله هو الذي رفعه اليه ولم يمكنه منه كما قال سبحانه بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما مع هذا سماهم الله حواريين ولقبهم بالمؤمنين وجعلهم على عدوهم منتصرين .
فإن قيل بأي شيء استحقوا وصف الإيمان ؟ وبأي شيء استحقوا النصر ؟
قيل لأنهم نصروه بشيئين , هما : الإخلاص لله , والمتابعة لرسوله عيسى عليهالسلام . بينهما الله بجلاء في سورة آل عمران فقال: ( فلما أَحَسَ عِيسَى مِنهُمُ الكُفرَ قَالَ مَن أنصَارِي إِلَىاللهِ قَالَ الحوَارِيوُنَ نَحنُ أنصَارُ اللهِ ءَآمَنّا باللهِ واشهَد بِأ نّا مُسلِمُون رَبَنا ءَآمنّا واتبَعنَا الرّسُولَ فَاكتُبنَا مَعَ الشّاهِدِين ) ذكرالله أن الحواريين استحقوا لقب الأنصار ,لأنهم حققوا الإخلاص والمتابعة ,الإخلاص مستخلص من قولهم (ءَآمَنَّا بِاللهِ )والمتابعةمستخلصة من قولهم )وَاتَّبعنَا الَّرسُول )وأخبر الله هنا أنه نصرهم على أنهم لم يعملوا السيف في عدوهم قط فهل من مدكر ؟ وهذا الحكم باق في هذه الأمةأيضا كلما وجد ظرفه ألاوهو العجز عن الإنتصار بالسيف على الأعداء المعتدين , وأيضادل على أن المؤمنين لن ينصروا الله بأحسن من الإخلاص له عزوجل والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم , ودل هذا الوعد الكريم من الله على ان النصر لن يتحقق للمسلمين حتى يحققوا هذين الشرطين , وهذا يؤكد لاهل اليقين بوعد الله سبب تأخرالنصر عن المسلمين اليوم , وأنّ أيّ سعي لتحقيقه من غير باب الإخلاص الذي هو إصلاحا لعقيدة ,وباب المتابعة الذي هو إصلاح العمل بالسنة سعي ضائع , والله لايخلف وعده.
والدليل الواضح الذي لايقبل فيه الخلاف أن عيسى صلى الله عليه وسلم الذي ينزل في آخرالزمان حاكما بشرعية أخيه محمد صلى الله عليه وسلم يقاتل بعض الأعداء الكفاربالسيف لقدرته على ذلك حتى أنه من كمال قوته لايقبل منهم الجزية بل لايقبل منهمإلا الإسلام ولكنه يترك قتال كفار آخرين بالسيف لعجزه عن ذلك ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال)لاتقوم الساعة حتى ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لايقبله أحد )كما أنه يقتل الدجال ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن عيسى صلى الله عليه وسلم يقتل الدجالك ما يقتل كل كافر لكن إذا خرج يأجوج ومأجوج لم يزد على الدعاء عليهم لكثرتهم وخبثهم وهو حديث طويل رواه النواس بن سمعان رضي الله عنه جاء فيه (مثم يأتي عيسى بن مريم قوم قد عصمهم الله منه (ا) فيمسح عنو جوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة ,فبينما هو كذلك ,إذ أوحى الله إلى عيسى :إني قدأخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم (2) ,فحرز عبادي إلى الطور(3) ,ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهو من كل حدب ينسلون ,فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها,ويمر آخرهم فيقولون :لقد كان بهذه مرة ماء !!ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه ,حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا مائة دينار لأحدكم اليوم, فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه(4),فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم ,(5)فيصبحون فرسى(6) كموت نفس واحدة ...)
الخلاصة:
أن قتال عيسى صلى الله عليه وسلم لمن قاتلهم كان هو النصرة المطلوبة ,لقدرته عليه وأن تركه مع الإكتفاء بالدعاء على الظالم بعد تقوى الله عز وجل هو النصرة المطلوبة عندالضعف وهو الذي فعله صلى الله عليه وسلم مع يأجوج ومأجوج ,فلاتعارض حينئذ والحمدلله ,والله نسأل أن ينصر المسلمين ويعلي كلمته ,إنه سميع مجيب ,كما نسأله أني نصرهم على أنفسهم لقبلوا الحق الذي في الكتاب والسنة ولو كان ظاهره يوهم أنهم يعطون الدنياة في دينهم ,فإن الله معز من انشرح صدره لكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لهما تسليما .
************************************************************************************************************************
(1) أيي من الدجال
(2) قال النووي في شرح مسلم "قال العلماء معناه لاقدرة ولاطاقة يقال :مالي بهذا الأمريد ومالي به يدان لأن المباشرة والدفع إنما يكون باليد , وكأن يديه معدومتان لعجزهعن دفعه
(3) في المصدر السابق أي ضمهم واجعله لهم حرزا
(4) أي بالدعاء
(5) بالمصدرالسابق النغف هو دود أنوف الإبل والغنم أي يرسلها الله في رقاب يأجوج ومأجوج
(6) في ا لمصدر السابق "والفرسى أي قتلى واحدهم فريس "