رد: لمسات قرآنية للتذكير بكتاب رب البرية......متجدد
6-
{ قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}
أول ما يشكل على طالب العلم هنا عندما يريد أن يتأمل هذه الآية هو: أن الهبوط تكرر مرتين!
تكرر قبل قليل:{ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ }وتكرر بعد آية: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ } , أي أن آية: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ } جاءت فاصلا مابين ذكر الهبوط الأول والهبوط الثاني.
على هذا اختلف العلماء:
هل الهبوط الأول هو عين الهبوط الثاني, وإنما اللفظ تكرر؟
أو أن الهبوط الأول غير الهبوط الثاني؟
توضيح المسألة:
من العلماء من يقول إن الهبوط الأول إنما هو هبوط من الجنة إلى السماء الدنيا, لآدم.
هبوط من الجنة إلى السماء الدنيا, ثم جاءت آية: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ } ثم جاء قول الله جل وعلا: { قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً} فقالوا هذا الهبوط غير الهبوط الأول, وإنما هبوط من السماء الدنيا إلى الأرض.
لكنني أقول: أن هذا بعيد, لأن اللفظ:
جاء على هيئة جمع { اهْبِطُواْ} هذا واحد.
والأمر الثاني: ذكرت الأرض في الأول ولم تذكر في الثاني, لو ذكرت في الثاني لكان لقولهم مسوّغ, لكن القول الأول بعيد؛ لأن الأرض ذكرت في الهبوط الأول ولم تذكر في الهبوط الثاني.
فحسن حمل الثاني على الأول.
لكن صعب حمل الأول على الثاني.
فنعود فنقول: الذي يظهر والعلم عند الله: أن المسألة مسألة بيان لفظي, وبلاغي.
والمعنى:
لما ذكر الله الهبوط, فصل عن ذكر ما حصل لآدم بعد ذلك, وما كلف الله جل وعلا به بنيه بعد ذلك فصله بذكر التوبة على آدم.
فلما ذكر ربنا التوبة على آدم؛ عاد وكرر الهبوط حتى يبدأ السياق من جديد ويؤخذ بخطاب لفظي بعد أن تُرك. {يظهر هـــــذا؟}.
قال الله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى } هنا لم يذكر العداوة, وذكرها في الأول::{ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ }
والمشهور - والعلم عند الله - وقد قلت فيما سلف : أننا نذكر أحيانا شيئا من متين العلم يتعلق به جنة ونار, ويتعلق به حكم شرعي, ونذكر أحيانا نتفا من مليح القول يغلب على الظن أنها مقبولة, لكن لا يُبنى عليها أمر عملي, لكنها تفتق الذهن, وتوسع المدارك, وتجعل مجالات المعرفة واسعة بين يديك, فتقيس أنت بعد ذلك الأشباه والنظائر, وسيتكرر هذا كثيرا.