- 7 مايو 2008
- 3,503
- 46
- 0
- الجنس
- أنثى
بسم الله الرحمن الرحيم
من المسائل المهمة والتي لا يـَحْسُنُ بطالب اللغة العربية ألاّ يدرسَها لاسيما في درس النحو "مسألة التعلقات"، وهي من المسائل التي يستصعب منها، والسبب ظاهر وهو أننا لم نتعلمها منذ الصغر، بل درجنا على أن نعرب شبه الجمل - وهي مدار موضوعنا كما سيأتي- بطريقة ظاهرية سطحية فنقول في إعراب: "بسم الله الرحمن الرحيم"، "بسم": جار ومجرور، ونقول في إعراب: "جلست أمام التلفاز"، "أمام": ظرف مكان، ونقول في إعراب: "جئت يوم الثلاثاء"، "يوم": ظرف زمان، وهكذا...
وهذا إعراب قاصر وناقص؛ فالحق أنّ بعد هذا الإعراب ما هو أعمق من حيث فهم المعنى المراد، ولا تنسَوْا أنّ الإعراب ذو علاقة وثيقة بالمعنى، بل هما صنوان، بل إنّ هذه القضية من القضايا التي يترتب عليها اختلافات في المعنى،
وبغير ذلك يعود النحو تدريباتٍ شكليةً نحفظها ونرددها كما يعاب - جوراً وظلماً - أحياناً على النحاة.
وبغير ذلك يعود النحو تدريباتٍ شكليةً نحفظها ونرددها كما يعاب - جوراً وظلماً - أحياناً على النحاة.
وهنا لا بد من إشارة إلى أنّ ما سأخطه هنا عبارة عن تلخيص واختصار مع زيادة مني في الشرح والتبسيط لهذا المبحث في الكتاب الماتع "التطبيق النحوي" للدكتور عبده الراجحي، فمن يردْ أن يفهمه بتوسع فعليه بهذا الكتاب؛ إذ إني لن أفصل القول فيها وإنما سأبين المعنى العام لـِ "التعلق"، والله الموفق.
أولاً، شبه الجمل، وهي:
1- الظرف بنوعيه:
أ- المكاني.
ب- الزماني.
1- الظرف بنوعيه:
أ- المكاني.
ب- الزماني.
2- الجار والمجرور.
ثانياً، سبب التسمية بذلك:
وهو أنّ أشباه الجمل لا تستقل بذاتها في الكلام بحيث تؤدي معنى مستقلاً، وإنما يؤديان معنى فرعياً تابعاً للجمل، فأنت إذا قلت: "بالقلم"، لم يكن ذلك جملة تامة، وإذا قلت: "كتبت"، كان ذلك جملة تامة؛ لأنّه عبارة عن مسند ومسند إليه، مسند هو الفاعل وهو هنا الضمير المتصل "التاء"، ومسند إليه وهو الفعل وهو هنا الفعل "كتب".
وهو أنّ أشباه الجمل لا تستقل بذاتها في الكلام بحيث تؤدي معنى مستقلاً، وإنما يؤديان معنى فرعياً تابعاً للجمل، فأنت إذا قلت: "بالقلم"، لم يكن ذلك جملة تامة، وإذا قلت: "كتبت"، كان ذلك جملة تامة؛ لأنّه عبارة عن مسند ومسند إليه، مسند هو الفاعل وهو هنا الضمير المتصل "التاء"، ومسند إليه وهو الفعل وهو هنا الفعل "كتب".
وأما إذا قلت: "كتبت بالقلم" فإنك أتيت بكلام مفيد، وفيه قدر زائد على قولك: "كتبت"؛ إذ فيه بيان للآلة المستعملة في الكتابة وهي القلم.
فلاحظوا أنّ شبه الجملة الجار والمجرور "بالقلم" أفاد معنى زائداً لم يكن موجوداً في "كتبت"؛ إذ الآلة لم تكن متعينة، وفي الوقت نفسه لم تستقل بنفسها في الكلام.
ثالثاً، شرح معنى التعلق:
تعلمون أنّ الفعل وما ناب عنه من المشتقات يدل كل ذلك على حدث؛ ولهذا سمي الفعل فعلاً لأنّ الفعل هو الحدث، وهذا الحدث لا يحصل في فراغ، وإنما لا بدّ له من وعاء زماني ومكاني يحدث فيه، وحتى لو جردنا الجملة من شبه الجمل كأن نقول: "سافرت"، فهذا لا يعني أنّ الحدث لم يحصل في زمان وفي مكان، بل قطعاً حصل فيهما، ولكنّ الفرق بين كلا الحالتين أنّ الحدث لا يكون متعينا في حالة عدم ذكر شبه الجمل، ويكون متعيناً في حالة ذكرها.
ففي مثالنا: "سافرت"، دل الفعل على حدث هو السفر، وهذا السفر وقع في الزمن الماضي، ووقع في مكان، ولكنهما غير متعينين، فالماضي يشمل كل ظرف قبل زمن التكلم، أي أمس مثلاً، وأول أمس، وقبل عشرة أيام...، وكذلك المكان محتمل لأن يكون إلى مصر أو إلى سوريا أو من الأردن أو من لبنان...
فتأتي شبه الجملة فتعين الزمان أو المكان، فإذا قلت مثلاً: "سافرت أمس"، حصل تعيين للزمن الماضي، وإذا قلت: "سافرت أمسِ من الأردن" حصل تعيين للزمان الماضي ولمكان ابتداء السفر أيضاً، وإذا قلت: "سافرت أمس من الأردن إلى مصر"، حصل تعيين للزمان الماضي ولمكان ابتداء السفر، ولمكان انتهائه أيضاً، وكل هذه المعاني الزائدة أفادتها شبه الجمل كما تلاحظون، ولولاها لما فهمناها.
خلاصة:
التعلق إذن بحسب ما يفهم مما ذكر كما يعرفه الدكتور عبده الراجحي: "عبارة عن ارتباط شبه الجملة بالحدث الذي يدل عليه الفعل أو ما يشبهه، بالإضافة إلى دلالته على "الحيز" الذي يقع فيه الفعل.
التعلق إذن بحسب ما يفهم مما ذكر كما يعرفه الدكتور عبده الراجحي: "عبارة عن ارتباط شبه الجملة بالحدث الذي يدل عليه الفعل أو ما يشبهه، بالإضافة إلى دلالته على "الحيز" الذي يقع فيه الفعل.
رابعاً، استنتاجات:
نستنتج مما سبق أيضاً أموراً أخر:
1- أنّ شبه الجملة عبارة عن متعلِّقات – بكسر اللام المشددة -، ولا بد لها من متعلَّقات – بفتح اللام المشددة – تتعلق بها.
نستنتج مما سبق أيضاً أموراً أخر:
1- أنّ شبه الجملة عبارة عن متعلِّقات – بكسر اللام المشددة -، ولا بد لها من متعلَّقات – بفتح اللام المشددة – تتعلق بها.
2- أنّ شبه الجملة لا تتعلق إلاّ بما فيه معنى الحدث فقط، وهي الفعل والمشتقات التي فيها معنى الفعل.
فمثلاً إذا قلت: "زيد في البيت"، "في البيت" شبه جملة جار ومجرور، وهو متعلِّق، وله متعلَّق، هذا المتعلق لا يجوز أن يكون هو المبتدأ وهو في الجملة "زيد"؛ لأنّ "زيد" عبارة عن اسم علم ليس فيه دلالة على الحدث، فكان لا بد من متعلَّق محذوف مقدر هو فعل "استقر"، وبهذا نفسر قولهم في الإعراب: وشبه الجملة متعلق بمحذوف خبر، أو بخبر محذوف، تقديره "استقر"؛ لأنّ الاستقرار فيه معنى الحدث، فصح تعلق شبه الجملة فيه.
3- أنّ إعراب شبه الجملة كما في مثالنا خبراً بحد ذاتها أمر خاطىء، وإن كنا نتساهل فيه للمبتدئين ولصغار الطلبة في المدارس، فنقول: وشبه الجملة جار ومجرور خبر، فينبغي أن يعلم ويحترز منه.
رابعاً، بيان متعلقات شبه الجمل:
ذكرنا أنّ شبه الجملة إنما تتعلق بكل ما يدل على الحدث من الفعل أو ما كان فيه معنى الفعل من المشتقات أو ما هو مؤول بالمشتقات، وإن لم يكن ذلك موجوداً في الجملة فيقدر تقديراً كما ذكرت، وأذكر منها:
1- المصدر: فالمصدر فيه معنى الحدث.
2- اسم الفعل: وفيه معنى الحدث أيضاً.
3- اسم الفاعل: فهو يدل على الحدث ويدل على من قام به.
1- المصدر: فالمصدر فيه معنى الحدث.
2- اسم الفعل: وفيه معنى الحدث أيضاً.
3- اسم الفاعل: فهو يدل على الحدث ويدل على من قام به.
خامساً، أمثلة:
1- سافرت يوم الثلاثاء، شبه الجملة ظرف زمان منصوب متعلق بالفعل "سافرت".
2- الكأس على الطاولة، شبه الجملة جار ومجرور متعلق بخبر محذوف تقديره "استقر".
هذا باختصار شديد، وأذكركم بأنّه من يرد منكم التوسع فليعد إلى هذا المبحث في "التطبيق النحوي"، أو في "مغني اللبيب" للإمام ابن هشام الأنصاري وغيرها من كتب النحو، والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين...
م/ن
م/ن