إعلانات المنتدى


الناقد الإسلامي وتحقيب تاريخ الأدب +1+

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

المساوي

مزمار نشيط
22 مارس 2007
37
0
0
الجنس
ذكر
[align=center](بسم الل) [/align]

:x18:

[align=center]الناقد الإسلامي وتحقيب تاريخ الأدب[/align]
[align=left][align=center]الأستاذ عبد الرزاق المساوي
الدار البيضاء - المغرب[/align][/align]

[align=justify]مدخل:[/align]
[align=justify] لا أحد يماري في أن الأدب الإسلامي بدأ في الآونة الأخيرة يتلمس طريقه إلى المكان الذي يليق به على مستوى العالمية، بعد أن قطع أشواطا لا بأس بها في رسم خريطة هويته، والوقوف على بعض قضاياه وإشكالاته، والانخراط في عالم أجناسه وأنواعه وأشكاله، والخوض في كل تجلياته ومظاهره، ووضع المعالم الأساس لهندسة مواقعه، والعمل على تطوير أدواته ومناهجه.. كل هذا بدت معالمه تتوضح مع مرور الزمان واجتهادات الأدباء والنقاد والدارسين والباحثين كل في تخصصه.. ومع ذلك فهذا لا يمنع من القول بأن هناك قضايا كثيرة وأمورا عديدة ومسالك متنوعة تهم الأدب الإسلامي بشكل عام لم تأخذ ما تستحقه من العناية والبحث والاهتمام، ولم تجد من يشبعها درسا وتمحيصا حتى تكتمل الرؤية المؤسسة لنظرية الأدب الإسلامي التي يصبو إلى تحقيقها كل عامل في هذا الحقل..

ولعله من القضايا التي لم تشغل بالنا – نحن معشر المهتمين بالأدب الإسلامي- ولم نولها ما تستحقه من الاهتمام الذي يجب كما يجب، قضية التأريخ لهذا الأدب والعمل على إبراز معالمه –إبداعا ونقدا وتنظيرا..- انطلاقا من نبتته الأولى إلى رسم أفقه المستقبلية مرورا بمحطات تاريخية عديدة ومتنوعة.. وهذا بطبيعة الحال ناجم عن أسباب قد تكون كثيرة لكن السبب البارز سيكون هو عدم وجود من يسهر على دعم مثل هذا المشروع الضخم ماديا ومعنويا، ولن يتأتى ذلك لجمعية أو رابطة محدود أفقها المادي على الخصوص وإن كانت طموحاتها واسعة وكبيرة..

ولقد أثرنا هذا الموضوع منذ سنوات طويلة في مقال تحت عنوان "الناقد الإسلامي بين تاريخ الأدب ونقده"(1) ونريد أن نضيف أن كل أمة من الأمم– خاصة إذا تعددت شعوبها ولغاتها ولهجاتها، وتوسعت خريطتها، وعاشت ردحا من الزمان طويل جدا تراكمت فيه إنتاجات غزيرة لأدبائها..- لا يمكن لهذه الأمة أن تحقق وحدتها الثقافية والحضارية، أي أن يتحقق لها وجودها الفعلي في الحياة دون الاهتمام برافد أساس من روافد هذه الوحدة وهو الأدب، ولا يمكن لهذا الأدب أن يكون رافدا مدرارا في مساهمته الوحدوية ما لم يتم الوعي به تاريخيا، وما لم يتم التعامل مع تاريخه بالشكل الذي أوضحناه في المقال السابق ذكره، حتى نتمكن من رصد مكوناته ومقوماته وخصائصه وتحولاته ومراحله، ومراحل تشكله وتطوره واختلافاته، والوصل بين كل حلقاته ولمّ شمله وجمع شتاته..

وأخيرا فإن طه حسين طرح في وقته سؤالا لازال مدويا لحد الساعة يقول فيه(2): "متى يوجد تاريخ الآداب العربية؟" وأنا أقول بملء في وبشكل أوسع وأرحب: "متى يوجد تاريخ الآداب الإسلامية؟" على اعتبار أن تاريخ الآداب العربية يمثل جزءا لا يتجزأ من تاريخ الآداب الإسلامية الذي يحتوي على مجموع آداب الشعوب الأخرى غير العربية، ولكنها تنتسب إلى الإسلام..

أهمية تاريخ الأدب:
لتاريخ الأدب – ونعني به التأريخ للأدب ونقده – (3) فوائد جمة وإيجابيات كثيرة، تكون لصالح الأمة التي تهتم به وتعنى بالعمل على تطوير أدواته وازدهار أساليبه وتلميع مقوماته وصقل ركائزه والحفاظ على أحسن مكوناته وأفضل خصائصه والعناية بميزاته ومميزاته، وتتفنن في ترويجه وتعميمه وتسعى إلى تحسين ظروف تعليمه، وتبرز أزهى مراحله وأزكى ما فيه وتصلح أخطاءه وتعيب على المروق إذا وجد فيه كما توضح ثغراته ولا تسكت عن عثرات بعض فترات جموده.. فهو بالنسبة لها وسيلة أساسية للحفاظ على شخصيتها ومقومات وجودها وأمجادها وطريقة رئيسة للكشف عن هويتها ومدى أصالتها وعمق تجاربها، ومرآة خالصة تعكس للأمة الصورة الحقيقية لوجهها مما يسعفها على المضي في تزيينه وتنميقه إن كان وجها حسنا، أو تسعى لتنقيته وتحسينه إن بدا على ما يخالف ذلك.. وأداة طيعة للاحتفاظ بلغتها نقية صافية بيضاء تتمتع بعذوبتها وجزالتها وسلاستها ورصانتها وسهولتها وفصاحتها، وتعيش بعيدة عن أسباب الانحطاط أو الضعف التي تتربص باللغات الطبيعية الدوائر.. ولنستمع لكارلو نالينو الذي يقول، بالنيابة عنا، حاثا ومحفزا أهل العلم وطلابه والمشتغلين بالأدب (العربي) على الاهتمام بتاريخه: ".. إن شدة الاعتناء بأداء لغتكم الشريفة وتاريخها ليست فقط مسألة علمية بل خدمة جليلة لوطنكم يحق عليكم القيام بها.." ويضرب الأمثلة عما وقع لأمم اهتمت بآدابها وتاريخها، فيقول: ".. وإن راجعتم كتب تواريخ الغرب ألفيتم أن بعض الأمم الإفرنجية قد تراكمت عليها الفتن والحروب\...\سلمت من الفناء التام لتمسكها بحفظ آداب لغتها والعناية بتخليد ذكر مآثر قدمائها العلمية والأدبية.." (4)

تاريخ الأدب وسيلة لتوضيح المؤثرات التي توالت وأثرت في عقلية الأمة وثبتت في ذاكرتها، ولتوضيح الآثار التي قد تركتها هي في غيرها من الأمم والشعوب.. كما أنه – أي تاريخ الأدب – أداة للتعريف بشخصياتها وعباقرتها وروادها الأفذاذ الذين صنعوا أمجادها ووشحوا حياتها بزينة العلوم والآداب والفنون المؤدية إلى التقدم.. وأقاموا حضارتها شامخة للعيان، وخلدوا للخلف آثارها، ورفعوا رايتها بين الأمم، ونشروا تحفها وفرائدها وأذاعوا قضاياها.. ثم إن تاريخ الأدب يبصرنا بخوالج النفوس ومكنوناتها وطبائعها كما يرسم بريشة المبدع الأديب عواطف القلوب وهزاتها، وميول الأهواء وشطحاتها، ومستويات العقول ودرجات تفكرها، وعلاقات الأفراد ومشاعرهم وسلوكياتهم، وأحوال المجتمع وما يتعرض له من تطورات، أو ينتابه من تغيرات، أو يلحقه من انقلابات أو انفلاتات.. ويحمل كذلك بين طياته نظرات إنسان الأمة إلى الكون والوجود والطبيعة والحياة والإنسان ذاته، وتصوره لنفسه ولمن حوله من الخلق والمخلوقات، وسبحاته في كل ذلك، مع محاولات التفسير والتوضيح وإضفاء الذات، والتغيير والدفع إلى المزيد من خدمة الإنسان كخليفة في هذه الأرض.. وغير هذا كثير من الأمور التي يمكن أن نلمسها ونستشفها من إبداعات الأدباء وإنتاجاتهم، وهي لا تخفى على دارسي ومؤرخي الأدب..

إن تاريخ الأدب عملية مثمرة ومستمرة.. لا يمكن أن تستغني عنه أمة من الأمم إلا إذا وقعت تحت براثن الجمود الفكري، وجحدت الحركة الثقافية والفكرية والأدبية – على الخصوص – وأثرها في الحياة والناس.. وقطعت ما بينها وبين ماضيها – القريب أو البعيد – من وشائج وأواصر، وتنكرت لما قد يحويه هذا النوع من الممارسة الإنسانية الحيوية من مفاهيم ورؤى ونظرات ترسم من خلالها آفاقا معينة، مما قد يعرضها للتيه والضلال في حياتها، والقطيعة عن أصولها وعدم غرس أو بناء نبتتها التي يمكن أن تكون أصلا لخلفها ومن يأتي من بعدها.. وأنكرت سلفها ورجالاتها ولم تحفل بحضارتها مما يدفعها إلى البحث في حضارات أخر عن رجال آخرين غير رجالها، تماما كما وقع في فترة من فترات تاريخنا حين كنا نعرف عن حضارة ورجالات الغرب أكثر مما نعلم عن حضارتنا وأسلافنا وأجدادنا الذين مهدوا - فعلا – لرجالات تلك الحضارة الطريق وسددوا لهم الخطا كي يحققوا أخيرا ما هم فيه..

ولهذا فإن الأمة إذا استغنت عن تاريخ آدابها أو غفلت عنه – كما ثبت في تاريخ بعض الأمم - أو تجاهلته أو تركته للأيدي الملوثة تعبث به فقد حكمت على نفسها بأن تكون في عداد الموتى فوق التراب لا تحته، أو بأن تكون أمة بلا شخصية أو مجردة من كل ما يربطها بأمجادها، ومن ثمة فهي خارج التاريخ لأنها لا تنتج وإنما تستهلك فقط.. ولا تبني فروعها على أصولها مما يجعلها في أحسن أحوالها نسخة لغيرها وقد تكون نسخة مشوهة، وقد يأتي عليها حين من الدهر تجتث من تربتها..

والأمة الإسلامية ما فرطت أبدا في تاريخها ولا في آدابها إلا أنها تركت فسحة واسعة جدا استقبلت من خلالها ما هب ودب من الآداب والأفكار ما مزق الأصول الأصيلة فيها، وقزم الفروع التي أتت منها، فأصبحت الأمة في مهب الريح.. مرة تكتسي بكسائها على الرغم من وجود رقع متعددة ومختلفة، ومرة ترتدي ثوب غيرها.. والآن فإن الأمة الإسلامية أحوج ما تكون إلى تاريخ آدابها من أي وقت مضى.. فهي في حاجة إلى أقلام مسلمة مخلصة تعيد كتابة تاريخ الآداب الإسلامية كفرع من فروع التاريخ العام، وذلك عن طريق الهدم والبناء..

هدم كل المحاولات التي أنتجتها مجموعة من الأقلام المسعورة أو المأجورة أو المغفلة.. ونسف كل ذلك الركام الأدبي العالق بتاريخ الإسلام والذي يحسب عليه وهو في الحقيقة لا يمت إليه بصلة.. وبناء نظرية إسلامية تاريخية نقدية يصاغ على أساسها الأدب ويعاد من خلالها تفكيكه وتشكيله، كما يتم نقده ودراسته اعتمادا على رؤيتها وبناء على نظريتها وانطلاقا من زاويتها ليسير على هداها..

هذا الهدم والبناء هو المنهج الذي يخول للناقد الإسلامي أن يبعث في الأدب وتاريخه روحا جديدة، ونفسا طويلا وزكيا، ووظيفة إيجابية تعمل في النفس والمجتمع والحياة.. وبهذا المنهج يتمكن الإسلامي من الربط بين ماضيه العريق وحاضره المتردي، كي يرسم خطوطا عريضة وواسعة وكبيرة لبناء مستقبل مخالف لذلك الماضي الأدبي المنحرف والمدسوس في كثير من جوانبه، ومتجاوزا لهدا الحاضر الأدبي المنحل الذي ينشر ظلماته على الساحة الأدبية الآن..

الأمة الإسلامية في حاجة ماسة إلى تاريخ آدابها برؤية إسلامية تتمتع بنظرة إيمانية ربانية، ومقومات ذات أسس إنسانية قويمة، وخصائص فكرية وفنية متميزة، ومكونات أدبية مستقيمة، وتتغيا إحقاق الحق وإزهاق الباطل.. كما أنها في حاجة ماسة إلى لغتها من منبعها الصافي المعين.. في حاجة ماسة إلى رجالاتها وسلفها وقوادها الثقافيين والأدبيين الصالحين.. إلى معرفتهم والاقتداء بهم واتباع آثارهم وتتميم ما بدؤوه من أعمال شامخة وخالدة في التاريخ، يفخر بها حتى أعداؤهم أنفسهم.. كما أنها في حاجة ماسة إلى معرفة التيارات المنحرفة وأساليبها وملابساتها، أو ما يمكن أن يمس الحياة الإنسانية من انحراف وضلال وتيه وتعثر وسقوط، وذلك عن طريق الكشف عما تراكم في التاريخ من ذلك، والوقوف عنده طويلة وقفة المتأمل الدارس الحصيف.. وهذه المعرفة الأخيرة تخول لنا عدم تكرار التاريخ بأخطائه وانحرافاته وزيغ أدبائه عن الصراط السوي..

إن تاريخ الأدب في حس الإسلامي يجب أن يكون حافزا لتكوين شخصية لغوية أدبية منفردة تسعى إلى إيجاد عالم مغاير جديد يقوم على أنقاض هذا العالم المشوش الملبس بالخطيئة.. كما تسعى إلى توحيد غايات الأمة وأهداف الجماعة، وتبلور كل الوسائل التي توصل إلى هذه الغايات وتلك الأهداف..

ويبقى تاريخ الأدب أخيرا وليس آخرا وسيلة من عدة وسائل أخر تعمل مجتمعة متفاعلة فيما بينها كي تؤسس المدينة التي طالما حلم بها الأدباء وبحث عنها المفكرون إلا أنهم أخطؤوا طريقها.. إذن الاهتمام بهذا الموضوع / القضية يجب أن يكون من بين اهتمامات كثيرة يعمل فيها أهل التخصص، كل في مجاله، مما يساهم في آخر المطاف في تجميع الجهود وتنويرها وتكثيفها وحشدها وإعمالها فتصبح جاهزة تماما لتفجير ما يتوخاه الإسلامي منها والذي هو تحقيق ما بشر به المصطفى r في قوله من حديث سنأتي على ذكرها كاملا إن شاء الله تعالى:" ثم تكون خلافة على منهاج النبوة "..[/align]


[align=left]للبحث بقية بإذن الله تعالى..[/align]
 

الداعي للخير

عضو موقوف
1 يناير 2007
8,231
10
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد رفعت
رد: الناقد الإسلامي وتحقيب تاريخ الأدب +1+

(بسم الل)




:x18:



بارك الله فيك على هدا المجهود المبدل



لا حرمك الله من الفردوس الاعلى
 

أمة ربها الضعيفة

مزمار فعّال
4 فبراير 2007
154
0
0
رد: الناقد الإسلامي وتحقيب تاريخ الأدب +1+

بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وبعد
اسال الله العظيم ان يبارك فيك وفي علمك ....

عند قرءاتي للعنوان "الناقد الاسلامي وتحقيب تاريخ الادب " تسالت للوهلة الاولى ما العلاقة بين موضوع الناقد الاسلامي وموضوع تحقيب تاريخ الادب العربي ولكن لما قرات السطور الاولى من هذا البحث تبين لي ان المقصود هوالادب الاسلامي

استاذ المساوي تفضل علينا بكتابة الهوامش اسفل الصفحة .اظنك نسيتها اليس كذلك ؟

لم اكمل بعدُ قرءاة هذا الجزء من بحثك لكن لي عودة ان شاء الله

 

المساوي

مزمار نشيط
22 مارس 2007
37
0
0
الجنس
ذكر
رد: الناقد الإسلامي وتحقيب تاريخ الأدب +1+

(بسم الل)




:x18:



بارك الله فيك على هدا المجهود المبدل



لا حرمك الله من الفردوس الاعلى

[align=center](بسم الل) [/align]


:x18:


وبارك فيك أخي الكريم على المرور المبرور..

ولا حرمنا الله وإياك من الفردوس الأعلى مع حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم..
 

محمد الجنابي

عضو شرف
عضو شرف
9 فبراير 2007
15,361
18
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: الناقد الإسلامي وتحقيب تاريخ الأدب +1+

ما شاء الله جزاك الله كل الخير أخي الفاضل!
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع