رد: *** واحة الأدب ؛ واحة مُشرقة في فلاة الوجود ***
مناجاة القمر
أيها الكوكب المطل من علياء سمائه . أأنت عروس حسنا تشرف من نافذه قصره ، وهذا النجوم المبعثره حواليك قلائد من جمان ؟ أم ملك عظيم جالس فوق عرشه ، وهذه النيرات حور وولدان ؟ أم فص من ماس ما يتلألأ ،
وهذا الأفق المحيط بك خاتم من الأنوار أم مرآة صافية ؟ وهذه الهالة الدائرة بك إطار ، أم عين ثرة ثجاجة ؟ وهذه الأشعة جداول تتدفق ؟ أو تنور مسجور ، وهذه الكواكب شرر يتألق
إنك أنرت الأرض: وهادها ونجادها،وسهلها ووعرها ، وعامرها وغامرها ،
فهل لك أن تشرق في نفسي فتنير ظلمتها ، وتبدد ما أظلمها من سحب الهموم والأحزان ؟
أيها القمر المنير :
إن بيني وبينك شبهًا واتصالاً، أنت وحيد في سمائك، وأنا وحيد في أرضي كلانا يقطع شوطه صامتاً هادئاً منكسرًا حزينًا ، لايلوي على أحد
ولايلوي أحد عليه، وكلانا يبرز للآخر في ظلمة الليل فيسايره ويناجيه،
يراني الرائي فيحسبني سعيداً، لأنه يغتر بابتسامة في ثغري، وطلاقة
في وجهي، ولو كشف له عن نفسي ورأى ماتنطوي عليه من الهموم
والأحزان لبكى لي بكاء الحزين إثر الحزين، ويراك الرائي فيحسبك مغتبطًا
مسرورًا ، لأنه يغتر بجمال وجهك ولمعان جبينك ، وصفاء أديمك، ولو
كشف له عن عالمك لرآه خرابًا، وكونًا يبابًا، لاتهب فيه ريح ولايتحرك فيه
شجر ،ولا ينطق فيه إنسان ، ولايبغم فيه حيوان
من كتاب الأعمال الكاملة للمنفلوطي قسم النظرات