- 31 مايو 2011
- 9
- 2
- 0
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- ماهر حمد المعيقلي
قال تعالى : {12}{ يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم } ، أي إذا كان يوم القيامة ، وكورت الشمس ، وخسف القمر ، وصار الناس في الظلمة ، ونصب الصراط على متن جهنم ، فحينئذ ترى المؤمنين والمؤمنات ، يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ، فيمشون بأيمانهم ونورهم ، في ذلك الموقف الهائل الصعب ، كل على قدر إيمانه ، ويبشرون عند ذلك ، بأعظم بشارة ، فيقال: { بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم }
فلـله ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم ، وألذها بنفوسهم ، حيث حصل لهم كل مطلوب محبوب ، ونجوا من كل شر ومرهوب
{13} فإذا رأى المنافقون المؤمنين يمشون بنورهم ، وهم قد طفئ نورهم ، وبقوا في الظلمات حائرين ، قالوا للمؤمنين:
{ انظرونا نقتبس من نوركم } ، أي : أمهلونا ، لننال من نوركم ما نمشي به ، لننجو من العذاب . { قيل } لهم : { ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً } ، أي : إن كان ذلك ممكناً ، والحال أن ذلك غير ممكن ، بل هو من المحالات . { فضرب بينهم } ، أي : بين المؤمنين والمنافقين { بسور} أي : حائط منيع ، وحصن حصين . { له باب باطنه في الرحمة } ، وهو الذي يلي المؤمنين ، { وظاهره من قبله العذاب } وهو الذي يلي المنافقين . {14} فينادي المنافقون المؤمنين ، فيقولون تضرعاً وترحماً : { ألم نكن معكم } في الدنيا بقول ( لا إله إلا الله ) ونصلي ، ونصوم ، ونجاهد ، ونعمل مثل عملكم؟ { قالوا بلى } كنتم معنا في الدنيا ، وعملتم في الظاهر ، مثل عملنا ، ولكن أعمالكم أعمال المنافقين ، من غير إيمان ، ولا نية صادقة صالحة . { ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم } ، أي : شككتم في خير الله الذي لا يقبل شكاً . { وغرتكم الأماني } الباطلة ، حيث تمنيتم أن تنالوا منال المؤمنين ، وأنتم غير موقنين . { حتى جاء أمر الله } ، أي : حتى جاءكم الموت ، وأنتم بتلك الحالة الذميمة . { وغركم بالله الغرور } وهو الشيطان ، الذي زين لكم الكفر والريب ، فاطمأننتم به ، ووثقتم بوعده ، وصدقتم خبره . {15} { فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا } ، ولو افتديتم بملء الأرض ذهباً ، ومثله معه ، لما تقبل منكم . { مأواكم النار } ، أي : هي مستقركم { هي مولاكم } التي تتولاكم ، وتضمكم إليها { وبئس المصير} النار . {16} لما ذكر حال المؤمنين والمؤمنات ، والمنافقين والمنافقات في الدار الآخرة ، كان ذلك مما يدعو القلوب إلى الخشوع لربها ، والاستكانة لعظمته ، فعاتب الله المؤمنين على عدم ذلك ، فقال : { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق } أي : ألم يأت الوقت الذي به تلين قلوبهم ، وتخشع لذكر الله ، الذي هو القرآن ، وتنقاد لأوامره وزواجره ، وما نزل من الحق الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وسلم) ؟
وهذا فيه الحث على الاجتهاد ، على خشوع القلب لله تعالى ، ولما أنزله من الكتاب والحكمة ، وأن يتذكر المؤمنون المواعظ الإلهية ، والأحكام الشرعية ، كل وقت ، ويحاسبوا أنفسهم على ذلك .
المصدر:
كتاب : تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ، تأليف العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي
مؤسسة الرسالة
فلـله ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم ، وألذها بنفوسهم ، حيث حصل لهم كل مطلوب محبوب ، ونجوا من كل شر ومرهوب
{13} فإذا رأى المنافقون المؤمنين يمشون بنورهم ، وهم قد طفئ نورهم ، وبقوا في الظلمات حائرين ، قالوا للمؤمنين:
{ انظرونا نقتبس من نوركم } ، أي : أمهلونا ، لننال من نوركم ما نمشي به ، لننجو من العذاب . { قيل } لهم : { ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً } ، أي : إن كان ذلك ممكناً ، والحال أن ذلك غير ممكن ، بل هو من المحالات . { فضرب بينهم } ، أي : بين المؤمنين والمنافقين { بسور} أي : حائط منيع ، وحصن حصين . { له باب باطنه في الرحمة } ، وهو الذي يلي المؤمنين ، { وظاهره من قبله العذاب } وهو الذي يلي المنافقين . {14} فينادي المنافقون المؤمنين ، فيقولون تضرعاً وترحماً : { ألم نكن معكم } في الدنيا بقول ( لا إله إلا الله ) ونصلي ، ونصوم ، ونجاهد ، ونعمل مثل عملكم؟ { قالوا بلى } كنتم معنا في الدنيا ، وعملتم في الظاهر ، مثل عملنا ، ولكن أعمالكم أعمال المنافقين ، من غير إيمان ، ولا نية صادقة صالحة . { ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم } ، أي : شككتم في خير الله الذي لا يقبل شكاً . { وغرتكم الأماني } الباطلة ، حيث تمنيتم أن تنالوا منال المؤمنين ، وأنتم غير موقنين . { حتى جاء أمر الله } ، أي : حتى جاءكم الموت ، وأنتم بتلك الحالة الذميمة . { وغركم بالله الغرور } وهو الشيطان ، الذي زين لكم الكفر والريب ، فاطمأننتم به ، ووثقتم بوعده ، وصدقتم خبره . {15} { فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا } ، ولو افتديتم بملء الأرض ذهباً ، ومثله معه ، لما تقبل منكم . { مأواكم النار } ، أي : هي مستقركم { هي مولاكم } التي تتولاكم ، وتضمكم إليها { وبئس المصير} النار . {16} لما ذكر حال المؤمنين والمؤمنات ، والمنافقين والمنافقات في الدار الآخرة ، كان ذلك مما يدعو القلوب إلى الخشوع لربها ، والاستكانة لعظمته ، فعاتب الله المؤمنين على عدم ذلك ، فقال : { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق } أي : ألم يأت الوقت الذي به تلين قلوبهم ، وتخشع لذكر الله ، الذي هو القرآن ، وتنقاد لأوامره وزواجره ، وما نزل من الحق الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وسلم) ؟
وهذا فيه الحث على الاجتهاد ، على خشوع القلب لله تعالى ، ولما أنزله من الكتاب والحكمة ، وأن يتذكر المؤمنون المواعظ الإلهية ، والأحكام الشرعية ، كل وقت ، ويحاسبوا أنفسهم على ذلك .
المصدر:
كتاب : تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ، تأليف العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي
مؤسسة الرسالة