- 24 مايو 2011
- 2,247
- 301
- 83
- الجنس
- ذكر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :
ذكر العلماء
لإخفاء النون الساكنة والتنوين عند حروفها مراتبا ، ومبناها تفاوت حروف الإخفاء في القرب والبعد ، وهذا ما أشار إليه الداني
حيث قال : " إلا أن إخفاءهما على قدر قربهما منهن وبعدهما عنهن ، فما قربا منه كانا عنده أخفى مما بعدا عنه " النشر 2/24 .
وقال عبد الوهاب القرطبي
:" إن حروف الإخفاء أيضا ترتبت في التوسط ، فكان فيها أقرب وأبعد ، فكان الإخفاء في الأقرب أكثر منه في الأبعد " . الموضح 117 .
وقال علي القاري
: " ثم إن الإخفاء يأتي على مراتب ، فكل ما هو أقرب يكون الإخفاء فيه أزيد ، وما قرب إلى البعد يكون الإخفاء كذلك " المنح الفكرية 161 .
ولما كان لحروف الإخفاء ثلاث مراتب من حيث قربها من النون وبعدها عنها جعلوا الإخفاء على ثلاث مراتب أعلاها عند الطاء والدال والتاء ، وأقلها عند القاف والكاف ، وأوسطها عند بقية الحروف .
فهل لهذه المراتب أثر صوتي ظاهر ؟
أغلب من أشار إلى مراتب الإخفاء من المتقدمين لم يذكر ما الأثر الصوتي المترتب على ذلك سوى ما ذكره الملا علي القاري
حيث قال : " وتظهر فائدته في تفاوت التشديد ، وتفاوت الغنة " المنح الفكرية 161
وعلق المرعشي
على ذلك فقال : " قوله : ( في تفاوت الغنة ) يعني أن كون النون أزيد وغير لأزيد لا يظهر فائدته في نفس النون ؛ لأنها معدومة في جميع المراتب ، ولا تمايز في الإعدام ، ففائدة هذه المراتب إنما في الأثر الباقي من النون وهي الغنة " بيان جهد المقل 160 .
وقال أيضا : " وبالجملة إن مراتب الإخفاء ثلاث ، فإخفاؤهما عند الحروف الثلاثة الأول أزيد ، وغنتهما الباقية قليلة ، بمعنى أن زمان امتداد الغنة قصير ، وإخفاؤهما عند القاف والكاف أقل وغنتهما الباقية كثيرة بمعنى أن زمان امتدادهما طويل ، وإخفاؤهما عند بواقي الأحرف متوسط ، فزمان غنتهما متوسط ، ولم أر في مؤلف تقدير امتداد الغنة في هذه المراتب " جهد المقل 160 .
وقال في حاشيته : " ولو قلنا : إن أعلاها قدر ألف ، وأدناها قدر ثلث ألف ، وأوسطها قدر ثلثي ألف لأصبنا الحق أو قربنا منه ، والله أعلم " بيان جهد المقل 160 .
وهذا ما انفرد به المرعشي
ورده جل من نقل عنه ، قال محمد مكي نصر : " والذي نقلناه عن مشايخنا وعن العلماء والمؤلفين في فن التجويد المتقنين أن الغنة لا تزيد ولا تنقص عن مقدار حركتين كالمد الطبيعي ؛ لن التلفظ بالغنة الظاهرة يحتاج إلى تراخي لما ذكره في التمهيد أن الغنة في النون والتنوين أشبهت المد في الواو والياء لكن ينبغي التحذير من التراخي " نهاية القول المفيد 137 .
وقال الشيخ المرصفي
:" وأما الغنة في الإخفاء في جميع أحواله السابقة فلا تفاوت فيها على التحقيق فهي لا تزيد ولا تنقص عن مقدار حركتين كالمد الطبيعي " هداية القاري173 .
فاتضح لنا مما سبق أن مراتب الإخفاء ليس لها اثر صوتي في طول زمان الغنة وقصره ، فهل تؤثر في كيفية النطق ، بمعنى أن تكون النون مشوبة بصوت الحرف الواقع بعدها حسب القرب والبعد ؟
أشار بعض المصنفين إلى الفائدة المترتبة على ذلك غير أنهم لم يوضحوا ماهية التغير الصوتي .
قال محمد مكي نصر :" ثم اعلم أن الإخفاء تارة يكون إلى الإظهار أقرب وتارة إلى الإدغام أقرب، وذلك حسب بعد الحرف منهما وقربه ، ولفظ ذلك قريب بعضه من بعض " نهاية القول المفيد 136.
وقال الإمام الضباع
: " واعلم أن الإخفاء تارة يكون إلى الإظهار أقرب وتارة إلى الإدغام أقرب، وذلك على حسب بعد الحرف منهما وقربه " منحة ذي الجلال 143 .
فأنت ترى أن مع ذكرهم ما ترتب على هذه المراتب غير أنهم لم يوضحوا كيفية النطق الصوتي لها سوى ما ذكره مكي نصر : " ولفظ ذلك قريب بعضه من بعض " .
لكن المتأمل الآن والمستمع لمشاهير القراء يجد لهذا الكلام صدى ؛ حيث أنك تسمع الغنة عند القاف والكاف مقرونة بصوتيهما بمعنى أن المخرج ينغلق فيهما مع الغنة ، وتساوت بقية الأحرف في النطق .
لكن المرعشي
بعد أن ذكر مراتب الإخفاء وبين الفائدة المترتبة عليها حذر من هذا النطق حيث قال :" ثم اعلم أن زمان الغنة لما كان طويلا عند القاف والكاف يخشى إحداث كاف صماء ، والكاف الصماء على ما في النشر كاف ليس فيها شدة ولا همس . قلت : والكاف الصماء إذا قارنت الغنة تكون كا يقال في لسان الترك لألف من العدد: (بك) فليحذر القارئ من لإطباق أقصى اللسان لإلى الحنك عند التلفظ بالغنة قبل القاف والكاف " جهد المقل 160،161 .
والذي حذر منه المرعشي هو المقروء به الآن ، وهو الذي قرأنا به على مشايخنا ، بل كانوا يعدون افتراق أقصى اللسان عن الحنك الأعلى عند إخفاء القاف والكاف على نحو ما أراد المرعشي من اللحن .
وبتدقيق النظر يظهر أن الذي ذهب إليه المرعشي هو الموافق لاصطلاح الإخفاء ؛ لأن انغلاق المخرج حال الإخفاء عند القاف والكاف يجعلهما إلى الإدغام الناقص أقرب ، فصوت الغنة عند الإدغام في الواو والياء في نحو :" من يومهم "و"من ورائهم " عبارة عن غنة ممزوجة بصوتيهما ، وهو كذلك حال انغلاق المخرج عند القاف والكاف على النحو المقروء به الآن فتجد أن صوت الغنة في :" من كان " و"من قبل " عبارة عن غنة ممزوجة بصوتيهما ، ولا يصدق على هذا النطق في الإخفاء قول العلماء إن الإخفاء يكون عند غيره لا في غيره ، لأنه بهذه الكيفية يكون في غيره لا عند غيره أو بعبارة أوضح يكون إدغاما ناقصا . لأن غنة الإخفاء تكون مستقلة في النطق عن الحرف التالي لها بخلاف الإدغام ، فتجد أن صوت الغنة في" الإنسان " عبارة عن غنة مستقلة غير مشربة أو ممزوجة بالحرف التالي لها ، وصوت الغنة عند الياء الواو في نحو " من يومهم " عبارة عن غنة ممزوجة بصوت الواو أو العكس ، وعليه فنطق الإخفاء عند القاف والكاف بانغلاق المخرج عبارة عن إدغام ناقص ، وذلك خلافا لما ذكروه من أن الإخفاء عندهما يكون قريبا من الإظهار .
وأحسب أن مراتب الإخفاء ليس لها أثر صوتي ظاهر كما أشار محمد مكي نصر ، وإن وضعنا في الاعتبار كلام العلماء بأنه يكون تارة قريب من الإدغام وتارة يكون قريبا من الإظهار كان حقيقة النطق أن يقرع طرف اللسان مخرج الطاء والدال والتاء عند الإخفاء ، وهو بذلك يكون شبيها بالإدغام ، وأن يتجافى أقصى اللسان عند إخفاء القاف والكاف ، ويتهيأ اللسان أو يقترب من مخارج الحروف المتبقية ، وهذا مخالف لما قرأنا به ، والله أعلم
ذكر العلماء


وقال عبد الوهاب القرطبي

وقال علي القاري

ولما كان لحروف الإخفاء ثلاث مراتب من حيث قربها من النون وبعدها عنها جعلوا الإخفاء على ثلاث مراتب أعلاها عند الطاء والدال والتاء ، وأقلها عند القاف والكاف ، وأوسطها عند بقية الحروف .
فهل لهذه المراتب أثر صوتي ظاهر ؟
أغلب من أشار إلى مراتب الإخفاء من المتقدمين لم يذكر ما الأثر الصوتي المترتب على ذلك سوى ما ذكره الملا علي القاري

وعلق المرعشي

وقال أيضا : " وبالجملة إن مراتب الإخفاء ثلاث ، فإخفاؤهما عند الحروف الثلاثة الأول أزيد ، وغنتهما الباقية قليلة ، بمعنى أن زمان امتداد الغنة قصير ، وإخفاؤهما عند القاف والكاف أقل وغنتهما الباقية كثيرة بمعنى أن زمان امتدادهما طويل ، وإخفاؤهما عند بواقي الأحرف متوسط ، فزمان غنتهما متوسط ، ولم أر في مؤلف تقدير امتداد الغنة في هذه المراتب " جهد المقل 160 .
وقال في حاشيته : " ولو قلنا : إن أعلاها قدر ألف ، وأدناها قدر ثلث ألف ، وأوسطها قدر ثلثي ألف لأصبنا الحق أو قربنا منه ، والله أعلم " بيان جهد المقل 160 .
وهذا ما انفرد به المرعشي

وقال الشيخ المرصفي

فاتضح لنا مما سبق أن مراتب الإخفاء ليس لها اثر صوتي في طول زمان الغنة وقصره ، فهل تؤثر في كيفية النطق ، بمعنى أن تكون النون مشوبة بصوت الحرف الواقع بعدها حسب القرب والبعد ؟
أشار بعض المصنفين إلى الفائدة المترتبة على ذلك غير أنهم لم يوضحوا ماهية التغير الصوتي .
قال محمد مكي نصر :" ثم اعلم أن الإخفاء تارة يكون إلى الإظهار أقرب وتارة إلى الإدغام أقرب، وذلك حسب بعد الحرف منهما وقربه ، ولفظ ذلك قريب بعضه من بعض " نهاية القول المفيد 136.
وقال الإمام الضباع

فأنت ترى أن مع ذكرهم ما ترتب على هذه المراتب غير أنهم لم يوضحوا كيفية النطق الصوتي لها سوى ما ذكره مكي نصر : " ولفظ ذلك قريب بعضه من بعض " .
لكن المتأمل الآن والمستمع لمشاهير القراء يجد لهذا الكلام صدى ؛ حيث أنك تسمع الغنة عند القاف والكاف مقرونة بصوتيهما بمعنى أن المخرج ينغلق فيهما مع الغنة ، وتساوت بقية الأحرف في النطق .
لكن المرعشي

والذي حذر منه المرعشي هو المقروء به الآن ، وهو الذي قرأنا به على مشايخنا ، بل كانوا يعدون افتراق أقصى اللسان عن الحنك الأعلى عند إخفاء القاف والكاف على نحو ما أراد المرعشي من اللحن .
وبتدقيق النظر يظهر أن الذي ذهب إليه المرعشي هو الموافق لاصطلاح الإخفاء ؛ لأن انغلاق المخرج حال الإخفاء عند القاف والكاف يجعلهما إلى الإدغام الناقص أقرب ، فصوت الغنة عند الإدغام في الواو والياء في نحو :" من يومهم "و"من ورائهم " عبارة عن غنة ممزوجة بصوتيهما ، وهو كذلك حال انغلاق المخرج عند القاف والكاف على النحو المقروء به الآن فتجد أن صوت الغنة في :" من كان " و"من قبل " عبارة عن غنة ممزوجة بصوتيهما ، ولا يصدق على هذا النطق في الإخفاء قول العلماء إن الإخفاء يكون عند غيره لا في غيره ، لأنه بهذه الكيفية يكون في غيره لا عند غيره أو بعبارة أوضح يكون إدغاما ناقصا . لأن غنة الإخفاء تكون مستقلة في النطق عن الحرف التالي لها بخلاف الإدغام ، فتجد أن صوت الغنة في" الإنسان " عبارة عن غنة مستقلة غير مشربة أو ممزوجة بالحرف التالي لها ، وصوت الغنة عند الياء الواو في نحو " من يومهم " عبارة عن غنة ممزوجة بصوت الواو أو العكس ، وعليه فنطق الإخفاء عند القاف والكاف بانغلاق المخرج عبارة عن إدغام ناقص ، وذلك خلافا لما ذكروه من أن الإخفاء عندهما يكون قريبا من الإظهار .
وأحسب أن مراتب الإخفاء ليس لها أثر صوتي ظاهر كما أشار محمد مكي نصر ، وإن وضعنا في الاعتبار كلام العلماء بأنه يكون تارة قريب من الإدغام وتارة يكون قريبا من الإظهار كان حقيقة النطق أن يقرع طرف اللسان مخرج الطاء والدال والتاء عند الإخفاء ، وهو بذلك يكون شبيها بالإدغام ، وأن يتجافى أقصى اللسان عند إخفاء القاف والكاف ، ويتهيأ اللسان أو يقترب من مخارج الحروف المتبقية ، وهذا مخالف لما قرأنا به ، والله أعلم