إعلانات المنتدى


الرَّوْح و الريحان في ذوق حلاوة الإيمان

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

وسام الإسافني

مشرف سابق
15 أكتوبر 2005
2,341
1
0
الجنس
ذكر
[align=center]الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد :
فإني كنت قد شرعت في تأليف رسالة موضوعها حلاوة الإيمان و لا زلت مشتغلا بها فرأيت أن أدرج ما كتبت منها في هذا الركن أولا بأول على مراحل بعد تنقيحها حتى يستفيد منها إخواني و أستفيد أنا أيضا من تعليقات طلبة العلم عليها و قد أدرجتها في هذا الركن العلمي لأني أراه الأليق في إنتظار تغييراسمه كما اقترح أخونا الخزاعي .....
إليكم الجزء الأول منها سائلا الله الإخلاص و التوفيق...
.
.
.
.
.
.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد : يقول تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ )( ) وقال أيضـا ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِياً )( ) و قال أيضا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )( ) أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

أما بعد:
فإن الله تعالى قد خلق العباد بالحق و لم يخلقهم عبثا و لم يتركهم هملا قال تعالى : (وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير.) سورة الأنعام آية 73 و قال تعالى: (خلق الله السماوات والأرض بالحق ان في ذلك لآية للمؤمنين.) سورة العنكبوت - آية 44 و قال تعالى: (وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون.) سورة الجاثية - آية 22 . و مثل هذا في القرآن كثير و معنى قوله تعالى بالحق أي للحق و إظهار الحق قال البغوي بالحق : أي لم يخلقهما باطلا و إنما خلقهم لأمر عظيم و قال بن عطية بالحق) أي بما يحق في جوده و من جهة مصالح عباده و إنفاذ سابق قضائه و لتدل عليه و على قدرته ... و حول هذا لمعنى تدور تفاسير العلماء و خلاصتها أن الله سبحانه و تعالى لم يخلق السماوات و الأرض و ما بينهما باطلا أو لا عبثا و إنما خلقها لغرض صحيح و أمر عظيم ألا و هو عبادته و توحيده سبحانه و تعالى و يدل على هذا قوله تعالى ( وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ) فوجب على العباد المسارعة إلا تحقيق هذه العبادة و تحصيل فضلها و نيل ثوابها و استطعام حلاوتها إذ للإيمان حلاوة فثواب الله عز وجل لعبده المؤمن لا يمكن حصره و لا حده فهو تعالى يعطي بغير حساب قال تعالى:( يرزق من يشاء بغير حساب) و من رزق الله للعبد الإيمان و ثمراته و منها حلاوة يجدها المؤمن إذا استوفى شروطها و حصّل موجباتها و هذه الحلاوة هي من أعظم النعيم الذي يكرم الله تعالى به اولياءه في الدنيا قبل الآخرة , فكما يجد الجسد لذة الطعام و الشراب و النكاح و غيرها فكذلك القلب يجد للإيمان حلاوة , و لذة القلب أشرف من لذة الجسد و ذلك لشرف القلب على الجسد و لأن لذات الجسد تمل و إذا زادت ربما أفسدت , بينما لذة القلب لا تمل و لا يَكفّ عن الإستزادة منها من ذاقها و جربها , فحلاوة الإيمان و لذته و نعيم القلب و سروره هي من أعظم اللذات و أهنئها , و أخرج البيهقي في الزهد الكبير عن إبراهيم بن بشار قال : ( خرجت أنا وإبراهيم بن أدهم وأبو يوسف الغسولي وأبو عبد الله السنجاري نريد الاسكندرية فمررنا بنهر يقال له نهر الأردن فقعدنا نستريح وكان مع أبي يوسف كسيرات يابسات فألقاهن بين أيدينا فأكلنا وحمدنا الله فقمت أسعى أتناول ماء لإبراهيم فبادر إبراهيم فدخل النهرحتى بلغ الماء ركبتيه فقال بكفيه في الماء فملأهما ثم قال بسم الله وشرب فقال الحمد لله ثم إنه خرج من النهر فمد رجليه وقال يا أبا يوسف لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسرور لجالدونا بالسيوف أيام الحياة على ما نحن فيه من لذيذ العيش وقلة التعب فقلت له يا أبا إسحاق طلب القوم الراحة والنعيم فأخطأوا الطريق المستقيم فتبسم ثم قال من أين لك هذا الكلام ) إهـ . فحلاوة الإيمان متى وجدت في القلب حلا بها كل مر وهان بها كل صعب و زال بها كل غم .
قال القاري في عمدته : ( قوله حلاوة الإيمان الحلاوة مصدر حلا الشيء يحلو وهو نقيض المر واحلولى مثله وأحليت الشيء جعلته حلوا وأحليته أيضا وجدته حلوا وحاليته أي طايبته والحلوى نقيض المرى يقال خذ الحلوى وأعطه المرى وتحالت المرأة إذا أظهرت حلاوة وعجبا وأما حلوت فلانا على كذا مالا فأنا أحلوه حلوا وحلوانا فمعناه وهبت له شيئا على شيء يفعله لك غير الأجرة وأما حليت المرأة أحليها حليا وحلوتها فمعناها جلعت لها حليا ويقال حلي فلان بعيني بالكسر وفي عيني وبصدري أو في صدري يحلى حلاوة إذا أعجبك قال الراجز:
(إن سراجا لكريم مفخرة
تحلى به العين إذا ما تجهره )

وهذا من المقلوب والمعنى يحلى بالعين وكذلك حلا فلان يعني وفي عيني يحلو حلاوة وقال الأصمعي حلى في عيني بالكسر وحلا في فمي بالفتح وحليت الرجل وصفت حليته وحليت الشيء في عين صاحبه وحليت الطعام جعلته حلوا والحلواء التي تؤكل تمد وتقصر وأما معنى الحلاوة في الحديث (يقصد حديث أنس ) فقال التيمي حسنه وقال النووي معنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشاق في الدين وإيثار ذلك على أعراض الدنيا ومحبة العبد الله تعالى بفعل طاعته وترك مخالفته وكذلك محبة رسول الله. قال القاري: تفسير التيمي من الحلاوة التي بابها من حلى فلان بعيني حلاوة إذا حسن وتفسير النووي من حلا الشيء يحلو حلوا وحلاوة وهو نقيض المر ولكل منهما وجه والأظهر الثاني على ما لا يخفى) قلت و الصواب ما قرره القاري من ترجيح تفسير النووي و غيره للحلاوة من أن معناها في الحديث هو من باب حلا يحلو حلاوة فتكون حلاوة الإيمان بمعنى استلذاذه و ليس استحسانه لأن للإيمان طعما يستلذه القلب ففي صحيح مسلم من حديث العباس بن عبد المطلب قال : سمعت رسول الله صلى الله عيه و سلم يقول : (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد صلى الله عليه و سلم رسولا). وطعم الإيمان و حلاوته من أحق ما يجب على العاقل السعي في نيله فهو من أعظم ما خص الله به أولياؤه فلا تعدله لذة من لذات الدنيا و حطامها و فيه السعادة التي ضيع أكثر الناس سبيلها و طلبوها في غير مواطنها.
و حلاوة الإيمان إنما تحصل باستيفاء شروطها و تحقيق موجباتها و المجاهدة عليها فإن لكل نفيس ثمنا . و من شروط حلاوة الإيمان ما أخرجه الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
(ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله و رسوله أحب إليه مما سواهما و أن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار.) فأول ذلك أن يكون الله و رسوله أحب إليه مما سواهما أي أن يتمكن حب الله و رسوله من قلبه حتى لا ينافسه فيه حب شيء فقوله صلى الله عليه و سلم (مما سواهما) عام في العقلاء وغيرهم فالله و رسوله أحب من كل أحد و من كل شيء من كل إنسان مهما كان قريبا و من كل شيء مهما كان ثمينا قال القاري في شرحه على هذا الحديث . (فيه محبة الله ورسوله التي هي أصل الإيمان بل عينه ولا تصح محبة الله ورسوله حقيقة ولا حب الغير لله ولا كراهة الرجوع في الكفر إلا لمن قوي الإيمان في نفسه وانشرح له صدره وخالطه دمه ولحمه وهذا هو الذي وجد حلاوته والحب في الله من ثمرات الحب لله وقال ابن بطال محبة العبد لخالقه التزام طاعته والانتهاء عما نهى عنه ومحبة الرسول كذلك وهي التزام شريعته وقال بعضهم المحبة مواطأة القلب على ما يرضي الرب سبحانه فيحب ما أحب ويكره ما يكره قال القاضي عياض ومعنى حب الله الاستقامة في طاعته والتزام أوامره ونواهيه في كل شيء.)إهـ و تصديق ذلك من كتاب الله قوله تعالى ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله و الذين آمنوا أشد حبا لله ) قيل معنى (الأنداد) في الآية الأصنام وقيل من الرؤساء الذين كانوا يطيعونهم لقوله تعالى:
{ إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } قال البيضاوي : ولعل المراد أعم منهما وهو ما يشغله عن الله { يُحِبُّونَهُمْ } يعظمونهم ويطيعونهم { كَحُبّ ٱللَّهِ } كتعظيمه والميل إلى طاعته، أي يسوون بينه وبينهم في المحبة والطاعة، قلت هو شامل لكل يشغل و يلهي عن الله و يصد عن طاعته و تقدم محبته على محبة الله هذا الأظهر و الله اعلم . و أخبر الله تعالى أن الذين آمنوا هم أشد حبا لله قال البغوي : أي أثبت وأدوم على حبه لأنهم لا يختارون على الله ما سواه
.
[/align]
 
التعديل الأخير:

محمد أبو يوسف

عضو شرف
عضو شرف
28 نوفمبر 2005
2,415
11
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
مصطفى إسماعيل
رد: الرَّوْح و الريحان في ذوق حلاوة الإيمان

[align=center]ما أعظم حلاوة الإيمان و ما أسعد بها من نعمة للمؤمن التقي النقي الخفي

فلا شلت يمينك يا أبا سليم و زدنا زادك الله من فضله و تقواه
[/align]
 

فالح الخزاعي

مدير عام سابق وعضو شرف
عضو شرف
27 أغسطس 2005
11,537
84
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: الرَّوْح و الريحان في ذوق حلاوة الإيمان

بارك الله فيك أخي وسام ووفقك

ننتظر باقي هذه السلسلة المباركة
 

عمر 7

مزمار داوُدي
9 مارس 2007
3,701
6
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: الرَّوْح و الريحان في ذوق حلاوة الإيمان

(بسم الل)

الله يبارك فيك أخي وسام ويجزيك الخير الكثير
بانتظار الباقي


t7
 

وسام الإسافني

مشرف سابق
15 أكتوبر 2005
2,341
1
0
الجنس
ذكر
رد: الرَّوْح و الريحان في ذوق حلاوة الإيمان

بارك الله فيكم أجمعين
 

وسام الإسافني

مشرف سابق
15 أكتوبر 2005
2,341
1
0
الجنس
ذكر
رد: الرَّوْح و الريحان في ذوق حلاوة الإيمان

تمت بحمد الله إضافة فقرة أخرى
 

خديجة أمة الكريم

مزمار جديد
12 أبريل 2007
25
0
0
رد: الرَّوْح و الريحان في ذوق حلاوة الإيمان

بارك الله فيك وسلمت يمينك أخي الكريم وسام
اللهم يا كريم أذقنا حلاوة الايمان وأحسن خواتيمنا
 

فالح الخزاعي

مدير عام سابق وعضو شرف
عضو شرف
27 أغسطس 2005
11,537
84
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: الرَّوْح و الريحان في ذوق حلاوة الإيمان

بارك الله فيك أخي وسام

يا ليت الإضافات تكون في رد مستقل حتى لا يشوش ذلك على القراء ومن أجل تسهيل القراءة كذلك

وفي نهاية البحث ممكن تضعه على صيغة ملف وورد إن رغبت وجزاك الله خيرا
 

محمد الجنابي

عضو شرف
عضو شرف
9 فبراير 2007
15,361
18
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: الرَّوْح و الريحان في ذوق حلاوة الإيمان

بارك الله فيك اخي الكريم
 

*رضا*

إداري قدير سابق وعضو شرف
عضو شرف
4 يونيو 2006
41,911
118
63
الجنس
ذكر
رد: الرَّوْح و الريحان في ذوق حلاوة الإيمان

نعم أخي صدقت الإيمان طعم والقلب يذوقه كما يذوق الفم طعم الطعام والشراب
فحلاوة الإيمان حقيقة معنوية يجعلها الله في قلوب الصالحين من عباده جعلنا الله وإيّاكم منهم وشرح الله صدرك للإيمان وطاعة الرحمان آمين
 

سيّد مُسلِم

مراقب سابق
31 مارس 2006
2,132
5
0
الجنس
ذكر
رد: الرَّوْح و الريحان في ذوق حلاوة الإيمان

[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم








وبعد :







بارك الله فيك أخي وسام

عمل جعله الله في ميزان حسناتك

لا حرمت الأجر والتواب والقبول






أذقنا اللهم حلاوة الإيمان ولا تحرمنا منها يا رب










والله ولي التوفيق [/align]
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع