رد: أبحثُ عن المعنى اللغوي في أسلوب الشرط، هل يتلازم و يُحصر جواب الشرط مع فعله -فقط-؟
أختي الفاضلة...
مريم حافظ...
أزودك بالذي أعرف ....ببساطة...
بوجه عام يمكن أن نتفق على أن كل شرط له جواب شرط....مرتبط به ومتلازم معه...
ويمكن لكليهما أن يحذفا ....ويقدّرا...تقديراً
جوازاً....في شروط......ووجوباً في شروط
أمثلة في جواز تقديرهما
حذف فعل الشرط
تجنبِ المزاح وإلا تسقط هيبتك.
تجد أن المعنى- وإلاتتجننب المزاح تسقط هيبتك -،فحذف فعل الشرط وهوتتجنب،وبقى الجواب،
قل خيرا وإلا فاصمت
والتقدير : قل خيرا وإن لا تقل فاصمت
حذف جواب الشرط
ومنه قوله تعالى : { كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم }
.الجواب محذوف ، والتقدير : لارتعدتم . وقد دل عليه قوله تعالى : لترون الجحيم .
أي أن الشرط لابد من جوابه....ولا بد للجواب من شرط
أما عن تفسير الآية....للقرطبي... بتفسير.لغوي....وتحليل موضوعي
{3} وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا " وَإِنْ خِفْتُمْ " شَرْط , وَجَوَابه " فَانْكِحُوا " . أَيْ إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فِي مُهُورِهِنَّ وَفِي النَّفَقَة عَلَيْهِنَّ " فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ " أَيْ غَيْرَهُنَّ . وَرَوَى الْأَئِمَّة وَاللَّفْظ لِمُسْلِمٍ عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر عَنْ عَائِشَة فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : " وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاع " قَالَتْ : يَا اِبْن أُخْتِي هِيَ الْيَتِيمَة تَكُون فِي حِجْرِ وَلِيِّهَا تُشَارِكُهُ فِي مَالِهِ فَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا فَيُرِيد وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجهَا مِنْ غَيْر أَنْ يُقْسِط فِي صَدَاقهَا فَيُعْطِيهَا مِثْل مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ , فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ مِنْ الصَّدَاق وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنْ النِّسَاء سِوَاهُنَّ . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ . وَقَالَ اِبْن خُوَيْزِ مَنْدَادٍ : وَلِهَذَا قُلْنَا إِنَّهُ يَجُوز أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَصِيُّ مِنْ مَال الْيَتِيم لِنَفْسِهِ , وَيَبِيعَ مِنْ نَفْسه مِنْ غَيْر مُحَابَاة . وَلِلْمُوَكِّلِ النَّظَر فِيمَا اِشْتَرَى وَكِيلُهُ لِنَفْسِهِ أَوْ بَاعَ مِنْهَا . وَلِلسُّلْطَانِ النَّظَر فِيمَا يَفْعَلهُ الْوَصِيّ مِنْ ذَلِكَ . فَأَمَّا الْأَب فَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ نَظَرٌ مَا لَمْ تَظْهَر عَلَيْهِ الْمُحَابَاةُ فَيَعْتَرِضُ عَلَيْهِ السُّلْطَان حِينَئِذٍ ; وَقَدْ مَضَى فِي " الْبَقَرَة " الْقَوْل فِي هَذَا . وَقَالَ الضَّحَّاك وَالْحَسَن وَغَيْرهمَا : إِنَّ الْآيَة نَاسِخَةٌ لِمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَفِي أَوَّل الْإِسْلَام ; مِنْ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ الْحَرَائِر مَا شَاءَ , فَقَصَرَتْهُنَّ الْآيَة عَلَى أَرْبَع . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَابْن جُبَيْر وَغَيْرهمَا : الْمَعْنَى وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَكَذَلِكَ خَافُوا فِي النِّسَاء ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ فِي الْيَتَامَى وَلَا يَتَحَرَّجُونَ فِي النِّسَاء و " خِفْتُمْ " مِنْ الْأَضْدَاد ; فَإِنَّهُ يَكُون الْمَخُوف مِنْهُ مَعْلُوم الْوُقُوع , وَقَدْ يَكُون مَظْنُونًا ; فَلِذَلِكَ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي تَفْسِير هَذَا الْخَوْف . فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة : " خِفْتُمْ " بِمَعْنَى أَيْقَنْتُمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : " خِفْتُمْ " ظَنَنْتُمْ . قَالَ اِبْن عَطِيَّةَ : وَهَذَا الَّذِي اِخْتَارَهُ الْحُذَّاقُ , وَأَنَّهُ عَلَى بَابه مِنْ الظَّنّ لَا مِنْ الْيَقِين . التَّقْدِير مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ التَّقْصِير فِي الْقِسْط لِلْيَتِيمَةِ فَلْيَعْدِلْ عَنْهَا . و " تُقْسِطُوا " مَعْنَاهُ تَعْدِلُوا . يُقَال : أَقْسَطَ الرَّجُل إِذَا عَدَلَ . وَقَسَطَ إِذَا جَارَ وَظَلَمَ صَاحِبَهُ . قَالَ اللَّه تَعَالَى : " وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا " [ الْجِنّ : 15 ] يَعْنِي الْجَائِرُونَ . وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام : ( الْمُقْسِطُونَ فِي الدِّين عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُور يَوْم الْقِيَامَة ) يَعْنِي الْعَادِلِينَ . وَقَرَأَ اِبْن وَثَّاب وَالنَّخَعِيّ " تَقْسُطُوا " بِفَتْحِ التَّاء مِنْ قَسَطَ عَلَى تَقْدِير زِيَادَة " لَا " كَأَنَّهُ قَالَ : وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ تَجُورُوا .
قَوْله تَعَالَى : " فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء " إِنْ قِيلَ : كَيْفَ جَاءَتْ " مَا " لِلْآدَمِيِّينَ وَإِنَّمَا أَصْلُهَا لِمَا لَا يَعْقِل ; فَعَنْهُ أَجْوِبَةٌ خَمْسَةٌ :
الْأَوَّل - أَنَّ " مَنْ " وَ " مَا " قَدْ يَتَعَاقَبَانِ ; قَالَ اللَّه تَعَالَى : " وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا " [ الشَّمْس : 5 ] أَيْ وَمَنْ بَنَاهَا . وَقَالَ " فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ " [ النُّور : 45 ] . فَمَا هَاهُنَا لِمَنْ يَعْقِلُ وَهُنَّ النِّسَاء ; لِقَوْلِهِ بَعْد ذَلِكَ " مِنْ النِّسَاء " مُبَيِّنًا لِمُبْهَمٍ . وَقَرَأَ اِبْن أَبِي عَبْلَةَ " مَنْ طَابَ " عَلَى ذِكْر مَنْ يَعْقِل .
الثَّانِي : قَالَ الْبَصْرِيُّونَ : " مَا " تَقَع لِلنُّعُوتِ كَمَا تَقَع لِمَا لَا يَعْقِلُ يُقَال : مَا عِنْدَك ؟ فَيُقَال : ظَرِيفٌ وَكَرِيمٌ . فَالْمَعْنَى فَانْكِحُوا الطَّيِّبَ مِنْ النِّسَاء ; أَيْ الْحَلَال , وَمَا حَرَّمَهُ اللَّه فَلَيْسَ بِطَيِّبٍ . وَفِي التَّنْزِيل " وَمَا رَبّ الْعَالَمِينَ " فَأَجَابَهُ مُوسَى عَلَى وَفْق مَا سَأَلَ ; وَسَيَأْتِي .
الثَّالِث : حَكَى بَعْض النَّاس أَنَّ " مَا " فِي هَذِهِ الْآيَة ظَرْفِيَّة , أَيْ مَا دُمْتُمْ تَسْتَحْسِنُونَ النِّكَاح قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَفِي هَذَا الْمَنْزَع ضَعْفٌ .
جَوَابٌ رَابِعٌ : قَالَ الْفَرَّاء " مَا " هَاهُنَا مَصْدَرٌ . وَقَالَ النَّحَّاس : وَهَذَا بَعِيد جِدًّا ; لَا يَصِحّ فَانْكِحُوا الطَّيِّبَةَ . قَالَ الْجَوْهَرِيّ : طَابَ الشَّيْء يَطِيبُ طِيبَة وَتَطْيَابًا . قَالَ عَلْقَمَة : كَأَنَّ تَطْيَابَهَا فِي الْأَنْفِ مَشْمُومُ
جَوَابٌ خَامِسٌ : وَهُوَ أَنَّ الْمُرَاد بِمَا هُنَا الْعَقْد ; أَيْ فَانْكِحُوا نِكَاحًا طَيِّبًا . وَقِرَاءَة اِبْن أَبِي عَبْلَة تَرُدُّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ . وَحَكَى أَبُو عَمْرو بْن الْعَلَاء أَنَّ أَهْل مَكَّة إِذَا سَمِعُوا الرَّعْدَ قَالُوا : سُبْحَانَ مَا سَبَّحَ لَهُ الرَّعْد . أَيْ سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَ لَهُ الرَّعْد . وَمِثْله قَوْلهمْ : سُبْحَانَ مَا سَخَّرَكُنَّ لَنَا . أَيْ مَنْ سَخَّرَكُنَّ .
وَاتَّفَقَ كُلّ مَنْ يُعَانِي الْعُلُوم عَلَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى : " وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى " لَيْسَ لَهُ مَفْهُوم ; إِذْ قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَخَفْ الْقِسْطَ فِي الْيَتَامَى لَهُ أَنْ يَنْكِح أَكْثَر مَنْ وَاحِدَة : اِثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا كَمِنْ خَافَ . فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْآيَة نَزَلَتْ جَوَابًا لِمَنْ خَافَ ذَلِكَ , وَأَنَّ حُكْمَهَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ .
تَعَلَّقَ أَبُو حَنِيفَة بِهَذِهِ الْآيَة فِي تَجْوِيزِهِ نِكَاحَ الْيَتِيمَة قَبْل الْبُلُوغ . وَقَالَ : إِنَّمَا تَكُون يَتِيمَة قَبْل الْبُلُوغ , وَبَعْد الْبُلُوغ هِيَ اِمْرَأَة مُطَلَّقَة لَا يَتِيمَة ; بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْبَالِغَةَ لَمَا نُهِيَ عَنْ حَطّهَا عَنْ صَدَاق مِثْلهَا ; لِأَنَّهَا تَخْتَار ذَلِكَ فَيَجُوز إِجْمَاعًا . وَذَهَبَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور مِنْ الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوز حَتَّى تَبْلُغَ وَتُسْتَأْمَرَ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء " [ النِّسَاء : 127 ] وَالنِّسَاء اِسْم يَنْطَلِقُ عَلَى الْكِبَار كَالرِّجَالِ فِي الذُّكُور , وَاسْم الرَّجُل لَا يَتَنَاوَل الصَّغِير ; فَكَذَلِكَ اِسْم النِّسَاء , وَالْمَرْأَة لَا يَتَنَاوَل الصَّغِيرَةَ . وَقَدْ قَالَ : " فِي يَتَامَى النِّسَاء " [ النِّسَاء : 127 ] وَالْمُرَاد بِهِ هُنَاكَ الْيَتَامَى هُنَا ; كَمَا قَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا . فَقَدْ دَخَلْت الْيَتِيمَة الْكَبِيرَة فِي الْآيَة فَلَا تُزَوَّج إِلَّا بِإِذْنِهَا , وَلَا تُنْكَح الصَّغِيرَة إِذْ لَا إِذْن لَهَا , فَإِذَا بَلَغَتْ جَازَ نِكَاحهَا لَكِنْ لَا تُزَوَّج إِلَّا بِإِذْنِهَا . كَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : زَوَّجَنِي خَالِي قُدَامَة بْن مَظْعُون بِنْت أَخِيهِ عُثْمَان بْن مَظْعُون , فَدَخَلَ الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة عَلَى أُمّهَا , فَأَرْغَبَهَا فِي الْمَال وَخَطَبَهَا إِلَيْهَا , فَرُفِعَ شَأْنُهَا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قُدَامَة : يَا رَسُول اللَّه اِبْنَةُ أَخِي وَأَنَا وَصِيّ أَبِيهَا وَلَمْ أُقَصِّرْ بِهَا , زَوَّجْتهَا مَنْ قَدْ عَلِمْت فَضْلَهُ وَقَرَابَتَهُ . فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهَا يَتِيمَة وَالْيَتِيمَة أَوْلَى بِأَمْرِهَا ) فَنُزِعَتْ مِنِّي وَزَوَّجَهَا الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة . قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : لَمْ يَسْمَعهُ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق مِنْ نَافِع , وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عُمَر بْن حُسَيْن عَنْهُ . وَرَوَاهُ اِبْن أَبِي ذِئْب عَنْ عُمَر بْن حُسَيْن عَنْ نَافِع عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر : أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِنْت خَالِهِ عُثْمَان بْن مَظْعُون قَالَ : فَذَهَبَتْ أُمّهَا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنَّ اِبْنَتِي تَكْرَه ذَلِكَ . فَأَمَرَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُفَارِقهَا فَفَارَقَهَا . وَقَالَ : ( وَلَا تَنْكِحُوا الْيَتَامَى حَتَّى تَسْتَأْمِرُوهُنَّ فَإِذَا سَكَتْنَ فَهُوَ إِذْنهَا ) . فَتَزَوَّجَهَا بَعْد عَبْد اللَّه الْمُغِيرَةُ بْن شُعْبَة . فَهَذَا يَرُدُّ مَا يَقُولهُ أَبُو حَنِيفَة مِنْ أَنَّهَا إِذَا بَلَغَتْ لَمْ تَحْتَجْ إِلَى وَلِيٍّ , بِنَاءً عَلَى أَصْله فِي عَدَم اِشْتِرَاط الْوَلِيّ فِي صِحَّة النِّكَاح . وَقَدْ مَضَى فِي " الْبَقَرَة " ذِكْرُهُ ; فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِمْ : إِنَّ هَذَا الْحَدِيث مَحْمُول عَلَى غَيْر الْبَالِغَة لِقَوْلِهِ ( إِلَّا بِإِذْنِهَا ) فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَكُون لِذِكْرِ الْيَتِيم مَعْنًى وَاَللَّه أَعْلَم .
وَفِي تَفْسِير عَائِشَة لِلْآيَةِ مِنْ الْفِقْه مَا قَالَ بِهِ مَالِك صَدَاق الْمِثْل , وَالرَّدّ إِلَيْهِ فِيمَا فَسَدَ مِنْ الصَّدَاق وَوَقَعَ الْغَبْن فِي مِقْدَاره ; لِقَوْلِهَا : ( بِأَدْنَى مِنْ سُنَّة صَدَاقهَا ) . فَوَجَبَ أَنْ يَكُون صَدَاق الْمِثْل مَعْرُوفًا لِكُلِّ صِنْف مِنْ النَّاس عَلَى قَدْر أَحْوَالهمْ . وَقَدْ قَالَ مَالِك : لِلنَّاسِ مَنَاكِح عُرِفَتْ لَهُمْ وَعُرِفُوا لَهَا . أَيْ صَدُقَات وَأَكْفَاء . وَسُئِلَ مَالِك عَنْ رَجُل زَوَّجَ اِبْنَته مِنْ اِبْنِ أَخٍ لَهُ فَقِيرٍ فَاعْتَرَضَتْ أُمّهَا فَقَالَ : إِنِّي لَأَرَى لَهَا فِي ذَلِكَ مُتَكَلَّمًا . فَسَوَّغَ لَهَا فِي ذَلِكَ الْكَلَام حَتَّى يَظْهَر هُوَ مِنْ نَظَرِهِ مَا يُسْقِطُ اِعْتِرَاض الْأُمّ عَلَيْهِ . وَرُوِيَ " لَا أَرَى " بِزِيَادَةِ الْأَلِف وَالْأَوَّل أَصَحّ . وَجَائِز لِغَيْرِ الْيَتِيمَة أَنْ تُنْكَح بِأَدْنَى مِنْ صَدَاق مِثْلهَا ; لِأَنَّ الْآيَة إِنَّمَا خَرَجَتْ فِي الْيَتَامَى . هَذَا مَفْهُومهَا وَغَيْر الْيَتِيمَة بِخِلَافِهَا .
فَإِذَا بَلَغَتْ الْيَتِيمَة وَأَقْسَطَ الْوَلِيّ فِي صَدَاقهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا , وَيَكُون هُوَ النَّاكِح وَالْمُنْكِح عَلَى مَا فَسَّرَتْهُ عَائِشَةُ . وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْرِيّ وَأَبُو ثَوْر , وَقَالَهُ مِنْ التَّابِعِينَ الْحَسَن وَرَبِيعَة , وَهُوَ قَوْل اللَّيْث . وَقَالَ زُفَر وَالشَّافِعِيّ : لَا يَجُوز لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَان , أَوْ يُزَوِّجهَا مِنْهُ وَلِيّ لَهَا هُوَ أَقْعَدُ بِهَا مِنْهُ ; أَوْ مِثْله فِي الْقَعْدُد ; وَأَمَّا أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْد بِنَفْسِهِ فَيَكُون نَاكِحًا مُنْكِحًا فَلَا . وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْوِلَايَةَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوط الْعَقْد لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام : ( لَا نِكَاح إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْل ) . فَتَعْدِيد النَّاكِح وَالْمُنْكِح وَالشُّهُود وَاجِب ; فَإِذَا اِتَّحَدَ اِثْنَانِ مِنْهُمْ سَقَطَ وَاحِد مِنْ الْمَذْكُورِينَ . وَفِي الْمَسْأَلَة قَوْل ثَالِث , وَهُوَ أَنْ تَجْعَلَ أَمْرَهَا إِلَى رَجُل يُزَوِّجهَا مِنْهُ . رُوِيَ هَذَا عَنْ الْمُغِيرَة بْن شُعْبَةَ , وَبِهِ قَالَ أَحْمَد , ذَكَرَهُ اِبْن الْمُنْذِر .
قَوْله تَعَالَى : " مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء " مَعْنَاهُ مَا حَلَّ لَكُمْ ; عَنْ الْحَسَن وَابْن جُبَيْر وَغَيْرهمَا . وَاكْتَفَى بِذِكْرِ مَنْ يَجُوز نِكَاحه ; لِأَنَّ الْمُحَرَّمَات مِنْ النِّسَاء كَثِير . وَقَرَأَ اِبْن إِسْحَاق وَالْجَحْدَرِيّ وَحَمْزَة " طَابَ " " بِالْإِمَالَةِ " وَفِي مُصْحَف أُبَيّ " طِيبَ " بِالْيَاءِ ; فَهَذَا دَلِيلُ الْإِمَالَةِ . " مِنْ النِّسَاء " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَال نِسَاء إِلَّا لِمَنْ بَلَغَ الْحُلُمَ . وَوَاحِد النِّسَاء نِسْوَةٌ , وَلَا وَاحِدَ لِنِسْوَةٍ مِنْ لَفْظه , وَلَكِنْ يُقَال اِمْرَأَة .