- 28 نوفمبر 2005
- 2,415
- 11
- 0
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- مصطفى إسماعيل
الحمد لله الذي شرح صدور من شاء من عباده للحق واتباع نهج الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة الحق واليقين، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم البعث والدين .
أما بعد : فإن من أجمل ما قرأت من وصايا الآباء للأبناء الصلحاء !
وصية التابعي الجليل عبد اللّه بن شداد
لابنه :
قال : يا بنيّ، إني أرى داعي الموت لا يقلع، وأرى من مضى لا يرجع، ومن بقى فإليه ينزع؛ وإني موصيك بوصية فاحفظها، عليك بتقوى اللّه العظيم، وليكن أولى الأمور بك شكر اللّه وحسن النية في السر والعلانية، فإن الشّكور يزداد، والتقوى خير زاد؛ وكن كما قال الحطيئة :
ثم قال : أي بني، لا تزهدنّ في معروف، فإن الدهر ذو صروف؛ والأيام ذات توائب، على الشاهد والغائب؛ فكم من راغب قد كان مرغوباً إليه، وطالب أصبح مطلوباً ما لديه؛ واعلم أن الزمان ذو ألوان، ومن يصحب الزمان يرى الهوان؛ وكن أي بني كما قال أبو الأسود الدؤلي :
ثم قال : أي بني، كن جواداً بالمال في موضع الحق بخيلاً بالأسرار عن جميع الخلق؛ فإن أحمد جود المرء الإنفاق في وجه البر، وإن أحمد بخل الحرّ الضن بمكتوم السر، وكن كما قال قيس بن الخطيم الأنصاري :
ثم قال : أي بني، وإن غليت يوماً على المال، فلا تدع الحيلة على حال، فإن الكريم يحتال والدني عيال؛ وكن ما تكون في الظاهر حالاً أقل ما تكون في الباطن مالاً؛ فإن الكريم من كرمت طبيعته، وظهرت عند الإنقاد نعمته؛ وكن كما قال ابن حداق العبدي
ثم قال : أي بني، وإن سمعت كلمة من حاسد، فكن كأنك لست بالشاهد؛ فإنك إن أمضيتها حيالها، رجع العيب على من قالها؛ وكان يقال: الأرنب العاقل، هو الفطن المتغافل؛ وكن كما قال حاتم الطائي :
ثم قال : أي بني، إذا أحببت فلا تفرط، وإذا أبغضت فلا تشطط؛ فإنه قد كان يقال : أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما؛ وكن كما قال هدبة بن الخشرم العذريّ :
وعليك بصحبة الأخيار وصدق الحديث، وإياك وصحبة الأشرار فإنه عار، وكن كما قال الشاعر:
وصية التابعي الجليل عبد اللّه بن شداد

قال : يا بنيّ، إني أرى داعي الموت لا يقلع، وأرى من مضى لا يرجع، ومن بقى فإليه ينزع؛ وإني موصيك بوصية فاحفظها، عليك بتقوى اللّه العظيم، وليكن أولى الأمور بك شكر اللّه وحسن النية في السر والعلانية، فإن الشّكور يزداد، والتقوى خير زاد؛ وكن كما قال الحطيئة :
ولست أرى السعادة جمع مالٍ
ولكنّ التقيّ هو السعيد
وتقوى اللّه خير الزاد ذخراً
وعند اللّه للأتقى مزيد
وما لا بدّ أن يأتي قريبٌ
ولكنّ الذي يمضي بعيد
ولكنّ التقيّ هو السعيد
وتقوى اللّه خير الزاد ذخراً
وعند اللّه للأتقى مزيد
وما لا بدّ أن يأتي قريبٌ
ولكنّ الذي يمضي بعيد
ثم قال : أي بني، لا تزهدنّ في معروف، فإن الدهر ذو صروف؛ والأيام ذات توائب، على الشاهد والغائب؛ فكم من راغب قد كان مرغوباً إليه، وطالب أصبح مطلوباً ما لديه؛ واعلم أن الزمان ذو ألوان، ومن يصحب الزمان يرى الهوان؛ وكن أي بني كما قال أبو الأسود الدؤلي :
وعدّ من الرحمن فضلاً ونعمةً
عليك إذا ما جاء للعرف طالب
وإن امرأً لا يرتجى الخير عنده
يكن هيناً ثقلاً على من يصاحب
فلا تمنعن ذا حاجة جاء طالباً
فإنك لا تدري متى أنت راغب
رأيت التوا هذا الزمان بأهله
وبينهم فيه تكون النوائب
عليك إذا ما جاء للعرف طالب
وإن امرأً لا يرتجى الخير عنده
يكن هيناً ثقلاً على من يصاحب
فلا تمنعن ذا حاجة جاء طالباً
فإنك لا تدري متى أنت راغب
رأيت التوا هذا الزمان بأهله
وبينهم فيه تكون النوائب
ثم قال : أي بني، كن جواداً بالمال في موضع الحق بخيلاً بالأسرار عن جميع الخلق؛ فإن أحمد جود المرء الإنفاق في وجه البر، وإن أحمد بخل الحرّ الضن بمكتوم السر، وكن كما قال قيس بن الخطيم الأنصاري :
أجود بمكنون التلاد وانني
بسرك عمن سألني لضنين
إذا جاوز الإثنين سر
فإنه بنث وتكثير الحديث قمين
وعندي له إذا يوماً ما ائتمنتني
مكانٌ بسوداء الفؤاد مكين
بسرك عمن سألني لضنين
إذا جاوز الإثنين سر
فإنه بنث وتكثير الحديث قمين
وعندي له إذا يوماً ما ائتمنتني
مكانٌ بسوداء الفؤاد مكين
ثم قال : أي بني، وإن غليت يوماً على المال، فلا تدع الحيلة على حال، فإن الكريم يحتال والدني عيال؛ وكن ما تكون في الظاهر حالاً أقل ما تكون في الباطن مالاً؛ فإن الكريم من كرمت طبيعته، وظهرت عند الإنقاد نعمته؛ وكن كما قال ابن حداق العبدي
وجدت أبي قد اورثه أبوه
خلالاً قد تعد من المعالي
فأكرم ما تكون على نفسي
إذا ما قل في الأزمات مالي
فتحسن سيرتي وأصون عرضي
ويجمل عند أهل الرأي حالي
وإن نلت الغنى لم أغل فيه
ولم أخصص بجفوتي الموالي
خلالاً قد تعد من المعالي
فأكرم ما تكون على نفسي
إذا ما قل في الأزمات مالي
فتحسن سيرتي وأصون عرضي
ويجمل عند أهل الرأي حالي
وإن نلت الغنى لم أغل فيه
ولم أخصص بجفوتي الموالي
ثم قال : أي بني، وإن سمعت كلمة من حاسد، فكن كأنك لست بالشاهد؛ فإنك إن أمضيتها حيالها، رجع العيب على من قالها؛ وكان يقال: الأرنب العاقل، هو الفطن المتغافل؛ وكن كما قال حاتم الطائي :
وما من شيمتي شتم ابن عمي
وما أنا مخلفٌ من يرتجيني
وكلمة حاسدٍ في غير جرم
سمعت فقلت مري فانفذيني
فعابوها عليّ ولم تسؤني
ولم يعرق لها يوماً جبيني
وذو اللّونين يلقاني طليقاً
وليس إذا تغيّب يأتيني
قال أبو علي ويروى : سمعت بغيبهثم قال : أي بنيّ، لا تواخ أمرأً حتى تعاشره، وتتفقّد موارده ومصادره؛ فإذا استطعت العشرة، ورضيت الخبرة؛ فواخه على إقالة العثرة، والمواساة في العسرة؛ وكن كما قال المقنع الكندي :وما أنا مخلفٌ من يرتجيني
وكلمة حاسدٍ في غير جرم
سمعت فقلت مري فانفذيني
فعابوها عليّ ولم تسؤني
ولم يعرق لها يوماً جبيني
وذو اللّونين يلقاني طليقاً
وليس إذا تغيّب يأتيني
قال أبو علي: ما ألوت: ما قصرت، وما ألوت: ما استطعت
سمعت بعينه فصفحت عنه محافظةً على حسبي وديني
سمعت بعينه فصفحت عنه محافظةً على حسبي وديني
ابل الرجال إذا أردت إخاءهم
وتوسّمنّ فعالهم وتفقّد
فإذا ظفرت بذي اللّبانة والتّقى
فبه اليدين قرير عينٍ فاشدد
وإذا رأيت ولا محالة زلةً
فعلى أخيك بفضل حلمك فاردد
وتوسّمنّ فعالهم وتفقّد
فإذا ظفرت بذي اللّبانة والتّقى
فبه اليدين قرير عينٍ فاشدد
وإذا رأيت ولا محالة زلةً
فعلى أخيك بفضل حلمك فاردد
ثم قال : أي بني، إذا أحببت فلا تفرط، وإذا أبغضت فلا تشطط؛ فإنه قد كان يقال : أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما؛ وكن كما قال هدبة بن الخشرم العذريّ :
وكن معقلاً للحلم واصفح عن الخنا
فإنك راءٍ ما حييت وسامع
وأحبب إذا أحببت حباً مقارباً
فإنك لا تدري متى أنت نازع
وأبغض إذا أبغضت بغضاً مقارباً
فإنك لا تدري متى أنت راجع
فإنك راءٍ ما حييت وسامع
وأحبب إذا أحببت حباً مقارباً
فإنك لا تدري متى أنت نازع
وأبغض إذا أبغضت بغضاً مقارباً
فإنك لا تدري متى أنت راجع
وعليك بصحبة الأخيار وصدق الحديث، وإياك وصحبة الأشرار فإنه عار، وكن كما قال الشاعر:
اصحب الأخيار وارغب فيهم
ربّ من صاحبته مثل الجرب
ودع الناس فلا تشمتهم
وإذا شاتمت فاشتم ذا حسب
إنّ من شاتم وغداً كالذّي
يشتري الصّفر بأعيان الذّهب
وأصدق الناس إذا حدثتهم
ودع الناس فمن شاء كذب
ربّ من صاحبته مثل الجرب
ودع الناس فلا تشمتهم
وإذا شاتمت فاشتم ذا حسب
إنّ من شاتم وغداً كالذّي
يشتري الصّفر بأعيان الذّهب
وأصدق الناس إذا حدثتهم
ودع الناس فمن شاء كذب
الأمالي لإمام العلم والأدب أبو علي القالي رحمه الله
قلت : ما أروع تراث الأسلاف الصالحين ! وما أمتع كنوز الأدب العامرة بذكرهم !
هي ماتعة لمن تدبر، وأجهد نفسه في القراءة بتأن وأمعن في النظر !
قلت : ما أروع تراث الأسلاف الصالحين ! وما أمتع كنوز الأدب العامرة بذكرهم !
هي ماتعة لمن تدبر، وأجهد نفسه في القراءة بتأن وأمعن في النظر !