- 27 أغسطس 2005
- 11,537
- 84
- 0
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- محمد صدّيق المنشاوي
فقه الواقع
بين يدي هذه الرسالة
أقدم هذه الرسالة المختصرة لمشايخي الفضلاء من علماء الأمة، الذين حملوا أمانة العلم والرسالة، اعترافا بفضلهم وجهادهم في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، يبصرون الأجيال، ويصدعون بكلمة الحق، ينطلقون من عقيدة صافية، وعلم غزير، ووعي بالواقع المعاصر.
وهي كذلك لإخواني من طلاب العلم، الذي نهلوا من المنبع الصافي على أيدي علمائنا الأجلاء، وهم الساعد الأيمن، والعين الساهرة، والدرع الواقي، يواصلون المسيرة، ويذبون عن الحمى.
وهذه الرسالة لبنة في هذا البناء الشامخ، ومعلما من معالم الطريق. وآمل من كل قارىء أن يعي هذه الحقائق:
1- أن لحوم العلماء مسمومة، وسنة الله في منتقصهم معلومة، وعلى أولئك الذين يتتبعون المثالب، ويبحثون عن المعايب أن يتقوا الله، وبخاصة ما يتعلق بعلماء الأمة وقادة الأجيال، وأذكرهم بما قاله العلامة سماحة شيخنا الفاضل "عبد العزيز بن عبد الله بن باز"، جوابا على اتهام العلماء بأنهم لا يفقهون الواقع، حيث قال: (الواجب على المسلم أن يحفظ لسانه عما لا ينبغي، وألا يتكلم إلا عن بصيرة) فالقول بأن فلانا لم يفقه الواقع هذا يحتاج إلى علم، ولا يقوله إلا من عنده علم -حتى يستطيع الحكم بأن فلانا لم يفقه الواقع- أما أن يقول هذا جزافا، ويحكم رأيه على غير دليل، فهذا منكر عظيم لا يجوز، والعلم بأن صاحب الفتوى لم يفقه الواقع يحتاج إلى دليل، ولا يتسنى ذلك إلا للعلماء ( ).
2- أن مما هو مقرر في قواعد الشريعة أن (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) و(الحكم على الشيء فرع عن تصوره)، ولذا فعلى من يتصدى للحكم على الواقع، والخوض في غماره، أن يكون ملما بهذا الواقع، مدركا لأسراره، عالما بأصوله وفروعه، وإن لم يتخصص فيه فعليه بالرجوع إلى المتخصصين، انطلاقا من التوجيه الرباني (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)( ) [ سورة الأنبياء، آية: 7 ]
3- إن كان يسع طالب العلم ألا يتعلم كثيرا من العلوم الدنيوية كالطب والاقتصاد والهندسة، فإنه لا يسعه ألا يلم بفقه الواقع إلماما عاما وإن لم يتخصص فيه، والفرق بين هذا العلم وغيره، أن فقه الواقع من علوم الشريعة التي يبنى بعضها على بعض، أما تلك فمن علوم الدنيا، مما لا يلزم الفقيه علمها ودراستها، بخلاف فقه الواقع، الذي لا يستغني عنه طالب العلم؛ للحاجة إليه في الكثير من مسائل الفتوى المعاصرة.
4- هذه الرسالة خلاصة جهد وبحث وعناء، التقيت من أجلها بعدد من طلاب العلم والعلماء، وناقشتهم وناقشوني، وسألتهم ووجهوني، وأفدت من ملحوظاتهم وأفكارهم. ولا أدعي أنها تسلم من ملحظ، أو وجهة نظر، أو خطأ، ولكن حقي على إخوتي الكرام، أن يدلوني على ما يرون من وجهة نظر أو تصويب، لتداركه في طبعة أخرى بإذن الله، وألا يحملوا العبارة أكثر مما تحتمل، بل عليهم أن يحملوها المحمل الحسن، ما داموا يجدون لها في الخير محملا (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ)( ) [ سورة هود آية: 88 ]. مع شكري لهم سلفا، ودعائي لي ولهم بالتوفيق والإخلاص والسداد.
5- قد يقول بعض الأخوة أثناء قرائتها: لو قدم هذا لكان أحسن، ولو أخر هذا لكان يستحسن، ولو حذف هذا لكان أصوب، ولو زيد هذا لكان يستصوب، فأقول لهم: هذه أمور فنية، واصطلاحات اجتهادية، وقديما قال العلماء: لا مشاحة في الاصطلاح.
وأخيرا:
إن تجد عيبا فسد الخللا
جل من لا عيب فيه ولا.....
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)( ) [سورة آل عمران، آية: 102 ]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)( ) [سورة النساء، آية: 1]
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)( ) [ سورة الأحزاب، آية: 70 ]
أما بعد:
فإن المتأمل في واقع الأمة الإسلامية في العصور المتأخرة يتألم لما آلت إليه الحال، وما وصلت إليه من مستوى يندى له الجبين، وقد قلبت النظر في هذا الواقع متلمسا الأسباب، وباحثا عن سبل العلاج، محاولا المساهمة في الخروج من هذا الوضع إلى المكانة التي تليق بنا، نصحا للأمة، وإبراء للذمة.
وتوصلت إلى أن هناك أسبابا عدة يضيق المجال بذكرها وتعدادها، ومن أبرزها بعد الأمة حكاما ومحكومين عن هدي الكتاب والسنة، وما كان عليه سلف الأمة، وعن هذا السبب نشأت أسباب عدة، ساهمت في الوضع الذي نعيشه، وجعلتنا في مؤخرة الركب -إن كنا مع الركب- بعد أن كنا السادة والقادة، وحماة البيضة والدار (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)( ) [ سورة آل عمران، آية: 110 ].
أصبحنا عالة على أعدائنا، وهما على أمتنا، وأدرك أعداؤنا سر تأخرنا، ومكمن مصيبتنا، وأساس بليتنا، فعاثوا فى الأرض فسادا، يتآمرون ويخططون، ونحن في غفلة عما يكاد لنا، انشغلنا بأنفسنا عن عدونا، وبدنيانا عن ديننا، فلا ديننا يبقى ولا ما نعمّر).
ولا أريد أن أحمل أعداءنا كل مصائبنا ومآسينا )أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)( ) [ سورة آل عمران آية 165 ]. فمنا الداء وعندنا الدواء بإذن الله، و " ما أنـزل الله من داء إلا وأنـزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله" ( ).
ومن هذا المنطلق وجدت أن جهلنا بواقعنا سبب رئيسي من أسباب مصيبتنا، وأيقنت أن فقه الواقع علم هجره الكثير من طلاب العلم ورواد الصحوة.
وفقه الواقع علم أصيل، تبنى عليه كثير من العلوم والأحكام، وفي ضوئه تتخذ المواقف المصيرية.
ومن خلال قرءاتي اليسيرة، واهتماماتي الخاصة بهذا العلم لم أجد من أصّل له، أو أفرده في رسالة أو مصنف.
فبدأت أجمع شتات الموضوع من بطون الكتب، وعقول الرجال، وتجارب العلماء والدعاة، فتكونت لدي حصيلة علمية، شعرت أن طلاب العلم في حاجة إليها، فشرعت ألقيها عليهم ضمن الدرس الأسبوعي، ثم ألقيتها في محاضرة عامة، وألح علي كثير من طلاب العلم بأن أصدرها في رسالة تجمع شتاتها، ويبقى دوام نفعها بإذن الله.
وها أنذا قد فعلت، فما كان فيها من خير فمن الله وحده، وما شابها من نقص وضعف فمني والشيطان، وأستغفر الله.
وتشتمل هذه الرسالة الموجزة على الفصول التالية:
1- تعريف فقه الواقع.
2- أساس هذا العلم.
3- مقومات فقه الواقع.
4- الآثار الإيجابية لفقه الواقع.
5- ضوابط ومحاذير.
6- مصادر هذا العلم.
7- خاتمة.
بين يدي هذه الرسالة
أقدم هذه الرسالة المختصرة لمشايخي الفضلاء من علماء الأمة، الذين حملوا أمانة العلم والرسالة، اعترافا بفضلهم وجهادهم في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، يبصرون الأجيال، ويصدعون بكلمة الحق، ينطلقون من عقيدة صافية، وعلم غزير، ووعي بالواقع المعاصر.
وهي كذلك لإخواني من طلاب العلم، الذي نهلوا من المنبع الصافي على أيدي علمائنا الأجلاء، وهم الساعد الأيمن، والعين الساهرة، والدرع الواقي، يواصلون المسيرة، ويذبون عن الحمى.
وهذه الرسالة لبنة في هذا البناء الشامخ، ومعلما من معالم الطريق. وآمل من كل قارىء أن يعي هذه الحقائق:
1- أن لحوم العلماء مسمومة، وسنة الله في منتقصهم معلومة، وعلى أولئك الذين يتتبعون المثالب، ويبحثون عن المعايب أن يتقوا الله، وبخاصة ما يتعلق بعلماء الأمة وقادة الأجيال، وأذكرهم بما قاله العلامة سماحة شيخنا الفاضل "عبد العزيز بن عبد الله بن باز"، جوابا على اتهام العلماء بأنهم لا يفقهون الواقع، حيث قال: (الواجب على المسلم أن يحفظ لسانه عما لا ينبغي، وألا يتكلم إلا عن بصيرة) فالقول بأن فلانا لم يفقه الواقع هذا يحتاج إلى علم، ولا يقوله إلا من عنده علم -حتى يستطيع الحكم بأن فلانا لم يفقه الواقع- أما أن يقول هذا جزافا، ويحكم رأيه على غير دليل، فهذا منكر عظيم لا يجوز، والعلم بأن صاحب الفتوى لم يفقه الواقع يحتاج إلى دليل، ولا يتسنى ذلك إلا للعلماء ( ).
2- أن مما هو مقرر في قواعد الشريعة أن (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) و(الحكم على الشيء فرع عن تصوره)، ولذا فعلى من يتصدى للحكم على الواقع، والخوض في غماره، أن يكون ملما بهذا الواقع، مدركا لأسراره، عالما بأصوله وفروعه، وإن لم يتخصص فيه فعليه بالرجوع إلى المتخصصين، انطلاقا من التوجيه الرباني (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)( ) [ سورة الأنبياء، آية: 7 ]
3- إن كان يسع طالب العلم ألا يتعلم كثيرا من العلوم الدنيوية كالطب والاقتصاد والهندسة، فإنه لا يسعه ألا يلم بفقه الواقع إلماما عاما وإن لم يتخصص فيه، والفرق بين هذا العلم وغيره، أن فقه الواقع من علوم الشريعة التي يبنى بعضها على بعض، أما تلك فمن علوم الدنيا، مما لا يلزم الفقيه علمها ودراستها، بخلاف فقه الواقع، الذي لا يستغني عنه طالب العلم؛ للحاجة إليه في الكثير من مسائل الفتوى المعاصرة.
4- هذه الرسالة خلاصة جهد وبحث وعناء، التقيت من أجلها بعدد من طلاب العلم والعلماء، وناقشتهم وناقشوني، وسألتهم ووجهوني، وأفدت من ملحوظاتهم وأفكارهم. ولا أدعي أنها تسلم من ملحظ، أو وجهة نظر، أو خطأ، ولكن حقي على إخوتي الكرام، أن يدلوني على ما يرون من وجهة نظر أو تصويب، لتداركه في طبعة أخرى بإذن الله، وألا يحملوا العبارة أكثر مما تحتمل، بل عليهم أن يحملوها المحمل الحسن، ما داموا يجدون لها في الخير محملا (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ)( ) [ سورة هود آية: 88 ]. مع شكري لهم سلفا، ودعائي لي ولهم بالتوفيق والإخلاص والسداد.
5- قد يقول بعض الأخوة أثناء قرائتها: لو قدم هذا لكان أحسن، ولو أخر هذا لكان يستحسن، ولو حذف هذا لكان أصوب، ولو زيد هذا لكان يستصوب، فأقول لهم: هذه أمور فنية، واصطلاحات اجتهادية، وقديما قال العلماء: لا مشاحة في الاصطلاح.
وأخيرا:
إن تجد عيبا فسد الخللا
جل من لا عيب فيه ولا.....
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)( ) [سورة آل عمران، آية: 102 ]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)( ) [سورة النساء، آية: 1]
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)( ) [ سورة الأحزاب، آية: 70 ]
أما بعد:
فإن المتأمل في واقع الأمة الإسلامية في العصور المتأخرة يتألم لما آلت إليه الحال، وما وصلت إليه من مستوى يندى له الجبين، وقد قلبت النظر في هذا الواقع متلمسا الأسباب، وباحثا عن سبل العلاج، محاولا المساهمة في الخروج من هذا الوضع إلى المكانة التي تليق بنا، نصحا للأمة، وإبراء للذمة.
وتوصلت إلى أن هناك أسبابا عدة يضيق المجال بذكرها وتعدادها، ومن أبرزها بعد الأمة حكاما ومحكومين عن هدي الكتاب والسنة، وما كان عليه سلف الأمة، وعن هذا السبب نشأت أسباب عدة، ساهمت في الوضع الذي نعيشه، وجعلتنا في مؤخرة الركب -إن كنا مع الركب- بعد أن كنا السادة والقادة، وحماة البيضة والدار (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)( ) [ سورة آل عمران، آية: 110 ].
أصبحنا عالة على أعدائنا، وهما على أمتنا، وأدرك أعداؤنا سر تأخرنا، ومكمن مصيبتنا، وأساس بليتنا، فعاثوا فى الأرض فسادا، يتآمرون ويخططون، ونحن في غفلة عما يكاد لنا، انشغلنا بأنفسنا عن عدونا، وبدنيانا عن ديننا، فلا ديننا يبقى ولا ما نعمّر).
ولا أريد أن أحمل أعداءنا كل مصائبنا ومآسينا )أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)( ) [ سورة آل عمران آية 165 ]. فمنا الداء وعندنا الدواء بإذن الله، و " ما أنـزل الله من داء إلا وأنـزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله" ( ).
ومن هذا المنطلق وجدت أن جهلنا بواقعنا سبب رئيسي من أسباب مصيبتنا، وأيقنت أن فقه الواقع علم هجره الكثير من طلاب العلم ورواد الصحوة.
وفقه الواقع علم أصيل، تبنى عليه كثير من العلوم والأحكام، وفي ضوئه تتخذ المواقف المصيرية.
ومن خلال قرءاتي اليسيرة، واهتماماتي الخاصة بهذا العلم لم أجد من أصّل له، أو أفرده في رسالة أو مصنف.
فبدأت أجمع شتات الموضوع من بطون الكتب، وعقول الرجال، وتجارب العلماء والدعاة، فتكونت لدي حصيلة علمية، شعرت أن طلاب العلم في حاجة إليها، فشرعت ألقيها عليهم ضمن الدرس الأسبوعي، ثم ألقيتها في محاضرة عامة، وألح علي كثير من طلاب العلم بأن أصدرها في رسالة تجمع شتاتها، ويبقى دوام نفعها بإذن الله.
وها أنذا قد فعلت، فما كان فيها من خير فمن الله وحده، وما شابها من نقص وضعف فمني والشيطان، وأستغفر الله.
وتشتمل هذه الرسالة الموجزة على الفصول التالية:
1- تعريف فقه الواقع.
2- أساس هذا العلم.
3- مقومات فقه الواقع.
4- الآثار الإيجابية لفقه الواقع.
5- ضوابط ومحاذير.
6- مصادر هذا العلم.
7- خاتمة.