رد: هل كل صلى وقف حسن؟
بل علامة للوقف الكافي ؛ إذ كل ما اجازوا الوقف عليه أجازوا الابتداء بما بعده ، والوقف الحسن إن كانوا أجازوا الوقف عليه لم يجوزا الابتداء بما بعده ؛ لذا لا تصح (صلي ) أن تكون رمزا للحسن ، بل للكافي .
وهاك كلام كتبته قديما عن رموز الوقف :
( صلي) ، علامة الوقف الجائز مع كون الوصل أولى ، وغالب ما يرمز به للكافي والأكفى وذلك في نحو :
{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُصلي قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِصلي لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }
فالوقف على{ السَّاعَةُ } كاف وعلى{ عَالِمِ الْغَيْبِ } أكفى .
وقولهم ( مع كون الوصل أولى ) شريطة أن يستطيع القارئ أن يصل إلى الوقف التالي ، وإلا فالأولى له أن يقف ويبتدئ بما بعده.
وذلك في نحو{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُصليفَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرا ًزَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً [ج] } (الأحزاب: 23)
فلو وصل القارئ{ تَخْشَاهُ } بما بعده كما هو مقرر من بيان الرمز ، لصعب عليه الوصول إلى الوقف التالي وهو قوله { وَطَراً } فيتعين عليه أن يقف حينئذ على { تَخْشَاهُ } ويبتدئ بما بعده .
أما الوقف الحسن فقد يرمز له بـ (لا) ، وهاك كلام كتبته قديما :
(لا) علامة الوقف الممنوع :
وقد يوضع الرمز دالا على امتناع الوقف ، وقد يوضع دالا على امتناع الابتداء بما بعد الموقوف عليه ، أو بمعنى آخر قد يرمز به للوقف الحسن ،وقد يرمز به للوقف القبيح ،فإن رمز به للحسن دل على امتناع الابتداء بما بعد الموقوف عليه ، وذلك في نحو :{ ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ لاوَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (الأنفال: 53 ) .
وإنما امتنع الابتداء بسبب الاتصال اللفظي بينهما .
وإن رمز به للقبيح دل على امتناع الوقف على الكلمة إما لعدم تمام المعنى وإما لفساده.
وذلك في نحو:
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ لاكَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } (محمد :2 )
فامتناع الوقف هنا لعدم تمام المعنى ، أما كونه امتنع من أجل فساد المعنى ، ففي نحو:
{ واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لا لاَ تَأْتِيهِمْ } ( الأعراف:163 ) .
قال على القاري :
»فإن قلت ما وجهة أرباب الوقوف أنهم كتبوا ( لا ) في بعض المواضع واستغنوا بعدم كتابة الرمز الدال على امتناع الوقف في أكثرها ؟
قلت : »لأن تلك المواضع كانت مظنة أنها محل وقف ، وانقطاعها عما بعدها ، فنبهوا على خلاف ما يتوهم من ظواهرها «.