إعلانات المنتدى


قصص منوعة

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
attachment.php

أهلاً وسهلاً بأعضاء وزوار منتدى مزامير الكرام
أردت أن أقدم لكم في موضوعي هذا قصصاً مؤثرة ومعبرة لمن أراد أن يعتبر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله نبدأ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصّة
١:
حينما يموت الضمير
***

رأيت صديقي جالساً على كرسيه المطل على حديقة صغيرة... كرسيه هزاز خشبي ، واضعاً رجليه على طاولة ، ويبدو من وجهه أنه مهموم كعادته ، قلت له مابك مهموم هل سمعت هذا الصباح خبر يزعجك
زفر زفرة متوسطه ثم قال : تذكرت حال الأمة الإسلامية في هذا الزمن وما حل بها فأحزنني وضعها!!
فقلت له وما السبب ياصديقي الذي تعتقده في قرارت نفسك؟
فقال لي أنه سبب واحد فقط ليس له ثاني
...إنه موت الضمير ...
قلت وكيف لم أفهم هل تحاول أن تبرر سلوكيات المذنب وتتهرب عن الواقع
فقال : لا بالعكس طالما بحثت عن مخرج لأمتنا أنه ياصاحبي موت الضمير الذي بسببه ‏...
يستباح الدم ....ويجوع الصغير
وتشتكي الدنيا...ويعق الوالدين
ويطعنك بالظهر.....صديق وعزيز
وتنتهك حتى.......حقوق الميتين
ويتحول أقرب الناس إليك إلى شيطان على هيئة انسان ، يصبح ناكراً لمعروفك ، وناسياً لجميلك ويمسي كافراً لعشرتك!
حينما يموت الضمير ياصديقي
ينعدم الامن .. تنعدم الأحاسيس ..
وتنعدم السعادة .. تنعدم المودة ..
تنعدم الأخلاق .. تنعدم المحبه ..
وتموت الإنسانية ...وتبقى وحوش على هيئة إنسان..تنهش بعضها البعض...
وينعدم الخوف من الله، فيؤكل الحرام ويظلم المسكين ويقتل المستأمن ويروع الآمن ويستحل كل ماهو منكر!
و تصبح الجريمة متعة..! وتضيع الحقوق
و يصبح
"قتل امرء في غابة
جريمة لا تغتفر
و قتل شعب كامل
مسالة فيها نظر"
لا تستنكر الإحتفاء بالظالم
ومعاونته على كسر قلب المظلوم !
حينما يموت الضمير ياصديقي
تموت المثل والأخلاق وتضيع القيم ويكثر الفساد في شتى المجالات
ويصبح الفساد ثقافة
"فكيف يرضي الفتي بالذل يحملُهُ
والذلُ تأنفهُ العبدانُ والخدمُ ؟!."
تصمت المنابر عن قول الحق
و تغيب المروءة والكرامه .
و تكفن حياتك
وتكون حياتك من غير روح
و ينتشر العقوق
و تلد الامة ربتها
و تصبح القلوب متوحشة
والوجوه عابسة
والألفاظ جامده
لا ديانة ولا قيم
و ‏يصبح الظلم هو العنوان الرئيسي للحياة .. وتنصرم الإنسانية .. والمخطئ هو صاحب الكلمة الصحيحة مع الاسف
و الضمير المستتر
يموت مستتراً
وتسقط الأقنعة
و ‏يصبح الحرام حلالا .. ودم البيت الواحد مباحا .. ولامكان لشرف أو لنخوة
و تحرق الشام وتمزق العراق ،وتُهمش القدس وتبكي العذراء سقوط الإنسانية
فلابد من استخدام الأسماء الطاهرة .. وإلا أصبحت الجمل غير مفيدة ..
حينما يموت الضمير ياصاحبي
تتحدث البغايا عن الطهر
و ‏ترى من البشر افعال أبشع من أفعال الحيوان..
تتاكد وقتها ان طريقك صار لونه اسود كالظلام وحياتك لم يعد لها طعم
وتتوقع كل شيء
وتسوء الأفعال
ويقتل الأطفال
ويهاجر المظلوم
و لايبقى من الاسلام إلا أسمه،،ولا من الدين إلا رسمه، المساجد عامرة وهي خراب من الهدى ،علماؤهم شر من تحت اديم السماء ، ويعود عصر الجاهلية بلباس جديد ، وطرق مختلفة لوأد البنات ، وهجر الأخوات
فهل إحسان الضمير اصبح مصدر عذابنا
نعيش الكبت
تشتعل الحروب علي المسلمين
وتتحول الحياة إلى شعلة من الهوس بالمحرمات؛ تحرق كل الجمال والنقاء بدواخلنا..
و .يكثر الظلم وينتشر الغدر بين الاصدقاء وتسرق مجهودات الغير.
فقلت له لماذا كل هذا التشائم ياصديقي
نحن مسلمون نؤمن بالقضاء والقدر
والليل الكاتم يعقبه صبح سافر
والشدة تتبعها فرج
والنور يأتي بعد الظلام
والعسر يعقبه يسر
قال الذي لا ينطق عن الهوى
صلى الله عليه وسلم : " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر " فالدين منصور ومحفوظ من رب العزة والجلال
ونسأل الله ان نكون من أنصار هذا الدين وحزبه المفلحين.
فأستنار وجه صاحبي وابتسم وقال أنا موقن بالفرج فاللهم إن منا المذنبون ومنا المقصرون ومنا دون ذلك لكنا نسألك ألا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا وارحمنا.
***
منصور بن محمد فهد الشريده
من صيد الفوائد
***
إلى اللقاء في قصة جديدة إخواني ولا تنسوني من صالح دعائكم.
 

المرفقات

  • besm.gif
    besm.gif
    104.7 KB · المشاهدات: 63
  • أعجبني
التفاعلات: 4 أشخاص

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
رد: قصص منوعة

القصّة ٢:
تسبيحة وأخواتها
***
"عمر" طفل في الثامنة من عمره، وتلميذ في السنة الرابعة الابتدائية، ومدرسته قريبة من بيته.

هو يحب مدرسته وكتبه؛ لأنه يحب القراءة جدًّا.

ودومًا قبل النوم يأخذ كتابًا من مكتبته الصغيرة التي كوَّنها من مصروفه الخاص، وساعده أبوه تشجيعًا له للقراءة والاطِّلاع، فالعلم نور كما يقول الكبار.

أخذ من مكتبته كُتيِّبًا صغيرًا بغلافة جميلة ملونة بصورة المسجد النبوي الشريف، وبعنوان مكتوب بخط واضح وجميل: "من وصايا الرسول للأطفال".

جلس "عمر" وهو مسرور ليقرأَ عن وصايا الحبيب "محمد" صلى الله عليه وسلم، وقد انتبهت حواسُّه، وطار النوم من عينه، وقرأ الوصية الأولى، قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده))[1].

وقال "عمر" وهو يكرر على لسانه هاتين التسبيحتين اللتين يحبُّهما الله؛ ليحبَّه الله تعالى، وليثقل ميزانه يوم القيامة:
سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده.
سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده.
سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده.


وأخذ يكرِّرها مرة واثنتين وثلاثًا وعشرًا، وشعر أن النوم يغالبه وبدأ يبتعد ويبتعد عن عالم اليقظة، حتى أخذته سِنةٌ من النوم، ورأى في منامه نورًا يقترب منه ويقترب، حتى إنه أخفى وجهه من شدته وقال: من أنت؟
وسمع صوتًا يأتي من النور يقول له: أنا تسبيحة.

قال "عمر" في دهشة: وما تسبيحة؟!
قالت: اسمي تسبيحة، وعمري مئات السنين، جئتُ لأنك تناديني بلسانك، وقلبك يذكرني بإخلاص لله تعالى، وأنا أحببتك لأنك أحببتني، ومن أحبَّني وأحببته فاللهُ يحبُّه ويُدخِله جنته.

قال "عمر": عرِّفيني بنفسك؛ كي أحبَّك أكثر.
قالت "تسبيحة": كتب الله تعالى عليَّ ألاَّ أموت أبدًا، أعيش على لسان المؤمنين والصالحين والعابدين، وأدخل قلوبَهم جيلاً بعد جيل حتى آخر الزمان.

وحتى لسان الغافلين - إن تابوا لله تعالى - فهم يعرفونني جيدًا؛ فأنا في قلوب الجميع.

وإن سمعتَ يا صديقي رجلاً أو امرأةً أو طفلاً يقول: "سبحان الله"، فهذه أنا، وبيتي هو لسانه وقلبه.

إن ذكروني ذكَرَهم الله، وإن أحَبوني أحبَّهم الله تعالى.

وقالت تسبيحة بفخر: أنا مَلِكةُ قلوب المؤمنين بالله - وهذا فضل الله تعالى عليَّ - ولي أخوات مثلي.

أختي "تهليلة"، عندما تقول: لا إله إلا الله، تجدُها معك.

وأختي "تَحْميدة"، عندما تقول: الحمد لله، تكون في قلبك.

وأختي "تكبيرة"، عندما تقول: الله أكبر، تجدُها بجوارك.

وأنا وأخواتي كتب الله تعالى علينا أن نكون سببًا لصلاح الناس، وزيادةِ حسناتهم وصدقاتهم، وسببًا لدخولهم الجنة.

قال "عمر": وكيف ذلك؟
قالت تسبيحة وهي تبتسم: لأن نبيك محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشَّر كلَّ مسلم يعرفنا ويشتاق لنا ويحبنا بقوله: ((يصبح على كل سُلامَى من أحدكم صدقة: فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة)).

ثم سكتت تسبيحة وقالت بصوت حزين:
لكن رغم مكانتي عند الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، أنا حزينة جدًّا!

وقبل أن يسألها "عمر" قالت "تسبيحة": لأني أحب طفلاً ذكيًّا اسمه "ماجد"، وهو طيب القلب، ولكنه لا يعرفنا ولم يذكرنا على لسانه يومًا!

كنت أنا وأخواتي نحاول أن نجعله يذكرنا عندما يلبس ملابسَ جديدة، أو عندما يشتري له والده لعبة كان يتمناها وفرح بها، أو غير ذلك؛ ولأنه كان لا يصلي كزملائه في المدرسة - لأنه مشغول باللعب واللهو -:
لم يقل يومًا: سبحان الله.
لم يقل يومًا: الحمد لله.
لم يقل يومًا: الله أكبر.
لم يقل يومًا: لا إله إلا الله.

وغيره من زملائه في المدرسة كانوا يذكروننا دومًا في صلاتهم وفي كل حال، ويحبوننا ونحبُّهم.

لكن "ماجدًا" كان ينسانا في أفراحه وأحزانه!

ويؤلمني بشدة؛ لأنه كان يستحق كل خير؛ فهو ولد طيب يحب أباه وأمه، ويَبرُّهما كما أمر الله تعالى.

لكن يا صديقي "عمر"، بفضل الله لم يَدُمْ هذا كثيرًا؛ فقد حدث ما لم يكن في الحسبان.

قال عمر في لهفة: ماذا حدث؟

قالت تسبيحة له وقد أصبحا صديقين، يلتقيان دومًا كلما سبَّح لله تعالى وذكَرَها:
كان "ماجد" يركب سيارة المدرسة وكان منزله بعيدًا والسيارة تسير مسافة طويلة.

طريق صعب وخطر، وكان لابد أن تسير السيارة على كوبري علوي وتحته نهر؛ لأن بيته في الجهة الأخرى منه.

وفي يوم بينما "ماجد" عائد لبيته بعد انتهاء اليوم الدراسي، ركب سيارة المدرسة مع زملائه الذين كانوا يذكرون الله في الطريق، وعندما يذكرونني أنا وأخواتي كنت مسرورة وسعيدة؛ لأني معهم، وكان "ماجد" يجلس في مكانه خلف السائق وهو يضحك ويلهو بلعبة معه ولم يذكرنا؛ لأنه لا يعرفنا!

وعلى غير العادة زاد السائق من سرعة السيارة؛ حتى ينتهي من توصيل التلاميذ ليعود إلى بيته لوجود ضيوف عنده.

ونسي أن في العجلة الندامة، وفي التأني السلامة.

ولم ينتبه للطريق، وفجأة انحرفت السيارة وحطمت سور الكوبري، وكادت تسقط في النهر، ولو حدث لغرق الجميع وماتوا.

ورفع بعض التلاميذ أصواتهم قائلين: سبحان الله، سبحان الله، لا إله إلا الله، الله أكبر!

فتذكروني أنا وأخواتي، وكنت عند حسن ظنهم بي ورجوتُ من ربي إنقاذهم.

واستجاب الله تعالى برحمته وفضله وكتب للجميع عمرًا جديدًا، وتوقفت السيارة نصفها خارج الكوبري في الهواء، والنصف الآخر على أرض الكوبري، وبسرعة أفاق السائق من الصدمة وقال: ليرجِعِ الجميع للخلف؛ حتى نحفظ توازن السيارة ولا تقع في النهر.

زحف الجميع لمؤخرة السيارة والسيارة تتأرجح بهم، وعلا صراخهم، وأصابهم الرعب والخوف من الموت!

وبكى الأطفال وارتفعت أصواتهم بالتسبيح والتكبير والتهليل لله تعالى؛ فهو أملهم الوحيد في هذه الورطة!

وأصاب قلب "ماجد " الخوف؛ فهو لا يريد أن يموت؛ فما زال صغيرًا!

وشعر بأنه في حاجة شديدة ليذكرَني، ولأول مرة قال بلسانه: سبحان الله، لا إله إلا الله، الله أكبر، وشارك زملاءه وهو يبكي ويتذكر أباه وأمه، وكل ما مر بحياته من لعب ولَهْوٍ لن ينفعه لو مات.

وأخذ يدعو الله أن يسامحه عن تقصيره، وزاد من التسبيح والتهليل.

حتى إنه شعر أن السكينة والطمأنينة تملأ قلبه الصغير؛ وقد قال تعالى في القرآن الكريم: ﴿
أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله - عز وجل -: أنا عند ظن عبدي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍ خيرٍ منه، وإن اقترب إليَّ شِبْرًا تقربت إليه ذِراعًا، وإن اقترب إليَّ ذراعًا اقتربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولةً)).

وندم" ماجد" أنه لم يكن يذكرني على لسانه ولم يكن لي مكان في قلبه، ووعد الله تعالى إن أنجاه اليوم من الموت، سوف يذكرني دومًا أنا وأخواتي ولا ينسانا أبدًا.

قالت تسبيحة: وبينما هم كذلك - بين الحياة والموت - شاء ربك يا صديقي "عمر" أن يكتب للجميع عمرًا جديدًا.

فقد اتصل بعض أهل الخير بالنجدة والإسعاف، والبعض الآخر أخذ يتعلق بمؤخرة السيارة ليمنعها من السقوط من أعلى الكوبري في النهر.

وجاءت النجدة وفرقة الإنقاذ والإسعاف بسرعة وسحبوا السيارة كلها بونش ضخم، والأطفال لا تكف ألسنتهم عن قول: سبحان الله، الله أكبر، لا إله إلا الله، وكانوا يذكرونني أنا وأخواتي من قلوبهم ومعهم "ماجد".

ولقد أنجاهم الله جميعًا، وعرف الجميع قيمتي ومكانتي.

وكان الجميع سعداء.

وكانت سعادتي أنا أكثر؛ لأن " ماجدًا" تذكرني أخيرًا، وكان صادقًا في وعده لله تعالى، وظل يذكرني دومًا وهو في السيارة عائد إلى بيته، وفي المدرسة وقبل أن ينام وفي كل وقت وحين، فكان حبي له يزداد يومًا بعد يوم.

وأصبحنا صديقين حميمين مثلي ومثلك تمامًا.

قالت تسبيحة وهي تتأمل "عمر" وقد شعرت أنه يبتعد عنها: هل تسمعني يا صديقي؟

ولكن "عمر" قد نام نومًا عميقًا، ودخلت والدتُه فأخذت كتاب "من وصايا الرسول" من بين يديه وطبعتْ على جبينه قُبلةً بحنان، وقالت: نَمْ قريرَ العين يا ولدي!

ولكن "عمر" لم يسمعها؛ لأنه لم يعد في عالم اليقظة.

ورأت تسبيحة صديقها نائمًا كالملاك، وعلى شفتيه ابتسامة رضًا فتركتْه وذهبتْ؛ لأن هناك غيره يذكرها، والواجب يناديها لتكون معه وهي تبتسم لعمر، وتهمِس في أذنيه: سأعود عندما تستيقظ وتذكرني.
ولن أنساك إن لم تنسني أبدًا.

تمت بحمد الله
[1] أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: البخاري برقم: 6406، ومسلم برقم: 2694.
****
سيد مبارك


 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
رد: قصص منوعة

القصّة ٣:
الشيخ صالح والأصحاب الثلاثة
***
"عبدالرحمن" و"وليد" و"عمر" ثلاثة فتيان، أصحاب وزملاء في مدرسة واحدة.

متقاربون في العمر ما بين 12 - 13 سنة، ويجمعهم رابط قوي من التعاون وإنكار الذات، كل واحد منهم يحب أخاه أكثر من نفسه، ورغم كل ذلك فهم يختلفون في كثير من الصفات الشخصية..

"عبدالرحمن" كان يتميز بسرعة البديهة والذكاء، فضلاً عن قوة الشخصية والشكيمة، ومِن ثَمَّ كان الرأي الأخير الذي يتَّفق عليه الجميع له، ويستريح الجميع لمَشورته وفهمِه وحكمته.

"وليد" كان قوي البِنية، يحب الرياضة، وخصوصًا رياضة الجرْي والسباحة يمارسهما دومًا، ويخصِّص لهما من وقته الكثير.

"عمر" كان غير أصحابه، كثير الحياء، كثير القراءة والاطلاع، محبًّا للعلم، لا يتكلم كثيرًا، وإن تكلم فهو في حديثه صادق وأمين، ولا يقول إلا خيرًا، ويكثِر من ذكر الله تعالى دومًا.

وعلى الرغم من هذا الاختلاف الكبير في صفاتهم وطبيعتهم فإنهم يشتركون في أمر واحد جمَعهم معًا، وصاروا أصحابًا بسببه، وهو: حبهم للدين، واجتماعهم كل يومين - وبالتحديد يومي "الاثنين والخميس" - بعد صلاة العصر مباشرةً، يجتمعون عند معلمهم وشيخهم "صالح"، وبعد حضورهم جميعًا يبدأ الدرس لمدة ساعة كاملة، وربما أكثر حسب الأحوال، و"الشيخ صالح" رجل في الخمسين من عمره، يحفظ كتاب الله، ويبين لهم سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عجب من ذلك؛ فقد حصل في شبابه على شهادته من جامعة الأزهر، وهو إمام الناس وخطيبهم في المسجد الجامع "مسجد المدينة" في نفس المنطقة التي يقيم فيها "وليد" بمدينة السادس من أكتوبر، وبالتحديد في الحي العاشر منها، وجعلهم تلاميذه، يحفِّظهم كتاب الله، ويستشيرونه في أمر الدين والدنيا، ويثقون في رأيه وحكمته.

وقد خصص لهم هذين اليومين في بيته في مكان مخصَّص للضيوف، وقد سألوا الشيخ الذي يعلِّمهم - بلا مقابل مادي - أن يعطوه ما يطلبه من مال بناءً على توصية أهليهم الذين يثقون في علمه وأمانته؛ لما يضيع من وقته معهم، وما يظهر على أبنائهم من إتقان للحفظ، والورع والتقوى، ولكنه دومًا يأبى ذلك ويرفض بإصرار وعزة نفس شديدين، ويقول لهم: لا أفعل أبدًا.

ثم يستطرد: والله الذي لا إله إلا هو، لقد أنعم الله عليَّ بالكثير من النِّعَم، وأنا قانع بما أعطاني الله، وكما تعلمون - يا أبنائي - القناعة كنز لا يفنى، ولا يغيب عنكم الحديث الشريف الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية، وعلم ينتفَع به، وولد صالح يدعو له)).

وأنا في هذا العمر أترقَّب الموت في أي لحظة، وأريد أن يكون عملي هذا صدقةً وعِلمًا يفيدكم، وبالتالي يعود على نفسي بالحسنات الماحية؛ لأن الدالَّ على الخير كفاعله، وكفى بهذا ثوابًا وأجرًا من الله تعالى، وله الحمد والمنَّة.

فلا يملك الأصحاب الثلاثة إلا النظر للشيخ صالح نظرة احتِرام وتقدير، ويدعون الله له دومًا في صلاتهم له بطول العمر والبركة فيه، وبزيادة العلم والعمل النافع في دينِه ودنياه.

وليد والرجل المسكين
خرج "وليد" يمارس هوايته ورياضته المفضلة من منزله، وهو يعدُو في طريقه للاجتماع بأصحابه في بيت الشيخ "صالح" بعد أن صلى صلاة العصر في جامع صغير بجوار منزله، يصلي فيه أهل الحي الصلوات الخمس، أما يوم الجمعة فيذهبون للمسجد الجامع "مسجد المَدينة" للاستماع والاستفادة من علم "الشيخ صالح".

ومن حسن حظِّ "وليد" أن بيته لا يبعد كثيرًا من بيت الشيخ، عكس أصحابه "عبدالرحمن، وعمر"، يلزمهما ركوب وسيلة مواصَلات للمسافة الشاسعة بين منزلهما ومنزل الشيخ.

وفجأة توقف "وليد" عن العدْوِ، ورأى أمامه - على مسافة غير بعيدة - ما أذهله وألجمَ لسانه؛ رأى فتى في مثل سنِّه يضرب رجلاً كبير السنِّ، ويركله بقدميه بلا رحمة أو شفقة، ويوقعه أرضًا وهو يضربه بشدة، والرجل يرجوه أن يكفَّ عن ضربه، ويستعطفه أن يسامحه، والدموع تنزل من عينيه بغزارة، ولكن الفتى تطلُّ من عينيه نظرة كراهية شديدة، لم يرَ "وليد" نظرةً مثلها قطُّ، وأراد وليد أن يلقن هذا الفتى درسًا في الأخلاق ومعاملة الكبار باحترام، أراد أن ينصحه وينهره لضربه للرجل المسكين، وإن أبى النصيحة عزم على ضربه حتى يرتدِع، وليغير هذا المنكر البغيض.

وكان وليد يفوق الفتى قوةً، وبُنيانَه أضخم، وهذا ما شجعه على التقدُّم، ولكنه توقَّف في ذهول مما يرى على بُعد عشرة أمتار، وأثار دهشته وعجبه، ما حيره بشدة: أن الفتى بعد قليل جلس على ركبتيه، وأخذ يقبِّل يدَ الرَّجل ورِجله وهو يقول: لن أسامحك أبدًا.. أنا أكرهك ولا أعرفك!

تعجَّب وليد من فعل الفتى وقوله المتناقضين تمامًا.

والرجل يمسك بقميصه بشدة وهو ممدَّد على الأرض رغم ضعفه وسنِّه، وكأنما هو طوق النجاة له في بحر لجِّي يكاد يغرق فيه.

والفتى ينهره بغضب شديد: دعني وشأني.. دعني وشأني، إني أكرهك..

ولاحظَ الفتى وجود وليد قريبًا منه، ورأى الغضب على وجهه وجسده المتحفِّز، وخشي أن يؤذيه، فحرَّر نفسه من يد الرجل التي تُمسك به، واستطاع الإفلات من قبضته، وانطلقَ يعدو لا يلوي على شيء، ولا ينظر خلفه.

والرجل يتوسل ويزحف على قدميه الضعيفتين وبطنه، ويمدُّ يده وهو يصرخ بصوت واهنٍ كأنه يأتي من مكان بعيد: لا تذهب، سامحني أرجوك.. سامحني سامحك الله!

ثم سمعه وليد عندما اقترب منه لمعاونته على النهوض يقول ووجهه للسماء، رافعًا إصبع السبابة يشير إليها، ويقول والدموع تنهار على خديه بغزارة: لا إله إلا أنت، إني كنت من الظالمين.. لا إله إلا أنت، إني كنت من الظالمين..

اللهمَّ إني راضٍ عنه، فارضَ عنه وعنِّي، وتجاوز عن جرمه وجرمي.. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، ثم سكنَت حركته، وقد تراخت يداه بجوارِه بلا حراك.

وأخذ الناس ينتبهون لما حدث، ويعْدُون نحو الرجل المسكين الممدَّد على الأرض بلا حراك، ويتكاثرون حوله، وبعضهم يرفع يديه إلى السماء وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

ظنَّ بعضهم أن الرجل قد مات، وهذا ما ظنه "وليد" أيضًا، والبعض الآخر يحاولون إفاقة الرجل وإنعاشه بلا جدوى، وما لبثَت أن جاءت الإسعاف، وحمَلوا الرجل العجوز إلى المستشفى.

وقال وليد يحدِّث نفسه: ولكن من هذا الفتى؟ ما اسمه؟ وما علاقته بهذا الرجل المسكين؟

لا أحد يدري.. لا أحد يعلم!

ولم يجد وليد فائدة من وقوفه، فمضى وهو يسرع الخطوات إلى أصحابه وشيخه الذين تأخَّر عليهم كثيرًا.

في منزل الشيخ صالح
شعر الشيخ "صالح" و"عمر" و"عبدالرحمن" بالقلق والخوف على "وليد"، خصوصًا بعد الاتصال بوالدَيه وقولهما: إنه خرج منذ فترة طويلة، ولما كانت المسافة قريبة لمنزل الشيخ كان الخوف أن يكون أصابه مكروه، مما أقلق قلوب الجميع.

وما لبث أن حضر وليد وهو يلهث، فأدخلوه إلى حُجرة الشيخ الذي بدا منزعجًا، وقال بصوت هادئ فيه رنة غضب: أين كنت يا وليد؟

ولما رأى الشيخ اصفرارَ وجهِهِ وإرهاقه الشديد انزعج، وقال في حنان أبوي: ماذا بك يا ولدي؟ وأجلسه بجواره وهو يربت على كتفيه ليهدئ من روعه.

فبادر وليد فقال: أنا آسفٌ حقًّا، ولكن رأيت مشهدًا في طريقي إلى هنا لن أنساه أبدًا ما حييتُ، ثم روى ما شاهده وسمعه، والجميع ينصت إليه في اهتمام وذهول عجيبين.

وبعدما انتهى وليد ظلَّ الصمت يخيم على الجميع، وقطعه الشيخ "صالح" وقال: إنه لأمر عجيب، لعلَّ هذا الفتى يعرف الرجل وقد آذاه.

ثم نظر "لوليد" وقال: هل أنتَ واثِق أنه مات؟
قال وليد: هذا ما أظنُّه، والعلم عند الله.

قال الشيخ بقلق: لو كان المسكين قد مات ينبغي يا وليد أن تُخبر الشرطة بما حدث؛ فشهادتك مهمة، وقد تُساعدهم، ولكن بعد أن نتأكد من ذلك، ولا ريب أن الخبر سينتشر، وحتى ذلك الحين فلا ينبغي أن نُسيء الظن بأحد؛ فإن بعض الظن إثم، وعلى كل حال ما حكاه وليد من ضرب الفتى للرجل المسكين لا يجيزه الشرع؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لم يرحم صغيرَنا، ويوقِّر كبيرَنا))، وحتى لو كان الرجل مُخطئًا في حق الفتى الذي لا نَعرف قصته، فلا يباح له ضرب من هو أكبر منه في السنِّ، ثم استطرد الشيخ "صالح" وهو ينظر لتلاميذه: فليكن هذا لكم جميعًا عبرة وعظة، ثم ابتسم لهم بحنان أُبويٍّ وقال: ومن يدري، لعل الأيام تكشف ما خفي عن الجميع؟! ودَعونا نستغل ما بقي من وقت فيما يخصُّنا من حفظ القرآن ودراسة العلم.

ووافق الجميع وانهمكوا فيما جاؤوا من أجله.

خرج الجميع بعد انتهاء الدرس من منزل الشيخ إلى بيوتهم، وقد اقترب موعد صلاة المغرب، وصاحبَهم وليد إلى مكان المحطة القريبة من المسجد الجامع ليطمئن على سلامة أصحابه وركوبهم السيارة الخاصة بهم؛ فبيته قريب، ولن يتأخر على العودة كثيرًا، وفي الطريق إلى المحطة أخذوا يتحدثون عن الدرس وفوائده، وتطرق الحديث للحادثة التي رآها وليد، وبينما هم كذلك صاح وليد: انتظروا.. انتظروا، توقَّف الجميع وقال عبدالرحمن: ما الأمرُ يا وليد؟
قال وليد: لقد رأيتُ الفتى.. الفتى الذي أخبرتكم قصته، رأيته الآن!

نظر أصحابه وهم يتأملون الناس، وقال عبدالرحمن: أين؟
وأشار وليد إلى المسجد الذي يبعد عنهم خطوات: رأيته يدخل المسجد الجامع الذي يخطب فيه الشيخ "صالح"، أُقسم بالله تعالى إنه هو بنفسه، لا يمكن أن أنسى وجهه، وبدأ من صوته رنة غيظٍ، وأراد الدخول إلى المسجد وضربه، فمنعه "عبدالرحمن" وقال:
رويدك يا وليد، اكتم غيظك، وهدِّئ من غضبك؛ فإن الغضب من الشيطان، ولا تنسَ قوله تعالى: ﴿
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134].

ثم نحن لا ندري الحقيقة، كما قال الشيخ "صالح"، فلا تتعجل الأمر، فما حدث قد حدث، كما أنه داخل المسجد، وبيت الله تعالى له حرمة، وليس مكانًا للعراك، ودخوله المسجد يدلُّ على طبيعته وخوفه من الله تعالى، ولو كان شريرًا ما دخل المسجد أبدًا.

كان كلامه منطقيًّا، فبادر عمر وقال: نعم "عبدالرحمن" على حق، والحكمة تقتضي أن نتروى حتى لا نظلم أحدًا، ولندخل المسجد، ولتجلس أنت بعيدًا يا "وليد"؛ فهو قد يتذكَّرك إن كان لاحظَ وجودك عندما ضرب الرجل المسكين، فقد كنتَ على مسافة قريبة، ودعْنا نحن نستطلِع خبره، ثم يذهب بعضُنا ليستشير شيخَنا في أمره.

دخل الجميع المسجد، وأشار وليد لفتى جلس في ركن من المسجد ويمسِك بيديه مصحفًا يقرأ ويبكي.

اقترب "عمر وعبدالرحمن" منه، ونظَرا إليه خلسة، كان في الثانية عشرة من عمره، وفي سنهما تقريبًا، وصلى كلٌّ منهما بالقرب منه ركعتين تحية المسجد، كما أمر نبينا صلى الله عليه وسلم، قبل الجلوس.

وبعد الصلاة اقترَبا من الفتى وسلَّما عليه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فردَّ عليهما بصوت ضعيف وهو يمسح دموعه بيدَيه.

وكان المسجد خاليًا لا يوجد فيه إلا القليل من الناس ممَّن حضر قبل صلاة المغرب.

ولاحظَ الفتى أن "عبدالرحمن وعمر" ينظران إليه، وأراد أن يقوم، فبادر "عبدالرحمن" وقال: عفوًا أخي الكريم، أرى في وجهك علامات الحزن، والدموع تملأ عينيك، أريد أنا وصاحبي مساعدتك بأي شيء تريده، وكما تعلم أن نبينا يقول: ((المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربةً فرَّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومَن ستر مُسلمًا ستره الله يوم القيامة)).

قال الفتى: شكرًا لك، شكرًا لك... أنا بخير والحمد لله.

فقال "عمر" ليساعد صاحبه لبلوغ هدفهما في معرفة حقيقة العلاقة بين الفتى والرجل المسكين الذي ضربه: اسمع يا أخي، يقول ربنا - جل وعلا - في كتابه الكريم: ﴿
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].

وأنا وصاحبي نُريد أن نساعدك بقدر ما نستطيع ليذهب حزنك وهمُّك.

قال الفتى: أنا شاكر لكما نيتكما لمساعدتي، ولكني لا أرغب في الحديث، رجاءً اتركاني وشأني.

لم يكن هناك ما يقال؛ فقد أغلق الفتى باب التواصُل، ثم أدهشَهما ما حدث بعد ذلك، فماذا حدث؟
وضَع الفتى المصحف في مكانه، وقبل أن ينصرف وجد نفسه وجهًا لوجه أمام وليد الذي أدرك فشل محاولات أصحابه في استمالته.

لم يتذكره الفتى على الفور، ولكن "وليد" اطمئنَّ تمامًا لملامحِه، وقال بصوت مسموع هادئ: إنه أنت؟

قال الفتى: أنا ماذا؟
قال وليد: أنت هو من ضرب الرجل العجوز المسكين في الشارع، وتركته وهو يتوسَّل أن تسامحه ولم تنظر خلفك، ولم تأخذْكَ به شفقة أو رحمة.. لماذا؟

قال الفتى وقد تذكَّر "وليدًا" ووقوفه وتركه للرجل المسكين بسبب خوفه أن يضرَّه بشيء، وقال: ومَن أنت؟ وما شأنك بنا أنا وأبي؟

تدخَّلَ عبدالرحمن في الحوار وقال: كان أباك! يا ويلك، أهكذا تُعامل أباك؟! وأي ذنب يبيح لك ضربه وتركَه وهو يترجاك حتى مات.

فقال الفتى بصوت منفعِل سمعَه بعض الموجودين الذين زاد عددهم مع قرب أذان المغرب: مات أبي! مات أبي! مستحيل!

قال وليد بغيظ: اهدأ، هذا ما أظنه - والله أعلم بحالته - لقد حملوه في سيارة إسعاف إلى المستشفى لا حراك فيه، وكأنما فارق الحياة، ولقد سمعت كلماته الأخيرة قبل أن ينطق بالشهادتين.

أمسك الفتى بكتف وليد بقسوة: أخبرني ماذا قال! فأخبره وليد أنه سمعه يقول: اللهم إني راضٍ عنه، فارضَ عنه وعني، وتجاوز عن جرمه وجرمي، وقد صدمه أن الفتى يتكلم من قلبه، قلب محبٍّ جريحٍ حقًّا، تخرج كلماته في صدق لا يمكن أن يكون هذا تمثيلاً، يكاد يقسم إن هذا الفتى يحب أباه حقًّا، لكن ما رآه بعينه شيء، وما يسمعه الآن شيء آخر تمامًا، وأراد أن يقول شيئًا ولكن الفتى لم يمهله، فقد وقع مغشيًّا عليه في قلب المسجد.

الحقيقة الأليمة
ذهب "عبدالرحمن" ليحضر الشيخ "صالح" الذي كان يستعدُّ للخروج لصلاة المغرب في المسجد لإمامة المصلين، وتعجب من عدم عودته للمنزل إلى الآن، وأبلغه "عبدالرحمن" بالأمر ثم عاد إلى أصحابه ينتظرون حضوره.

وأحاط الموجودون بالفتى محاولين إفاقته، وقال بعضهم: مسكين هذا الفتى، سمع خبر موت أبيه فأُغمي عليه من الصدمة.

وقال غيره وهو ينظر نظرة عِتاب إلى وليد: لقد رأيتك تكلمه يا فتى، فما شأنك به؟!
لم يردَّ "وليد"، وظل صامتًا، وجلس وأصحابه في انتظار حضور الشيخ صالح وكأنَّ على رؤوسهم الطير في ذهول مما حدث.

حضر الشيخ "صالح"، فوسع له الحاضرون لمعرفتهم به؛ فهو إمام المسجد ومعلمهم، وجلس الشيخ يتأمل الفتى، ويقرأ عليه القرآن؛ ففيه شفاء من كل داء، وأخذ يدعو ببعض الأدعية النبوية الشريفة، وما لبث الفتى أن أفاق وهو ينظر حوله، ولما استعاد كامل وعيهِ وأدرك وضعه بكى بكاءً مرًّا.

ومرَّت فترة حتى استجمع الفتى رباطة جأشه، وسكنت نفسه؛ لما يراه ويسمع من كلمات تحثُّه على الصبر والرضا والقناعة وحسن الظن بالله تعالى، فاعتدل وشكرهم جميعًا، ثم توضأ لصلاة المغرب التي حان وقتها، وبعد الصلاة أخذ الشيخ والأصحاب الثلاثة الفتى في ركن من أركان المسجد بعيدًا عن الناس، وقال الشيخ صالح للفتى: أخبرني باسمك يا ولدي.

قال الفتى: اسمي: "زياد".

قال الشيخ: اسمع يا زياد، أنا لا أدري حقيقة قصتك مع أبيك، ولكن ما حكاه لنا "وليد" من ضربك إياه خطأ كبير.

ثم سكت الشيخ برهة ينظر "لزياد" وعلى شفتيه ابتسامة حانية، ثم قال: اسمع يا ولدي، يقول تعالى: ﴿
وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِياهُ وَبِالْوَالِدَينِ إِحْسَانًا إِمَّا يبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24].

ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم: ((من الكبائر شتم الرجل والديه))، فما بالك يا "زياد" بضربه وإهانته أمام الناس؟!

قال "زياد" وهو يبكي: أعلم.. أعلم، ولكني تسبَّبت في موته، اللهم سامحني، واغفر لي ولأبي.

قال الشيخ صالح وقد رقَّ قلبه للفتى: لا بأس يا ولدي؛ فالله رحيم وكريم، ويعفو عن الخطأ طالَما العبد يتوب إليه ويدرك جرمه، ويحسنُ الظنَّ به، ثم وليد غير واثق من موت أبيك، وإن شاء الله خيرًا.

واستمر الشيخ في موعظته، وطال الوقت حتى شعر "زياد" بالسكينة، وحانت صلاة العشاء، فقال الشيخ صالح: اسمع يا ولدي، أراك ضعيفًا، ولعلك جائع، فهل تقبل ضيافتي في بيتي بعد صلاة العشاء وتُخبرني بقصتك مع والدك؟ فربما أستطيع مساعدتك، ولعل وعسى أُخففُ عنك بعض ما تجده في قلبك من ألم وحزن.

هنا قال "وليد" - بعد أن استأذن الشيخ ليتكلم -: يا "زياد"، أنت أخي في الله، وقد رأيتك ترتكِبُ ذنبًا لن أنساه ما حييت، ويحزُّ في نفسي أن أظلمك دون أن أسمع قصتك وعذرك.

ابتسم "زياد" وقال لوليد: وأنا أجلُّ موقفك النبيل تجاه ما رأيتَ، وأعترف بالخطأ، وأسأل الله لي ولأبي الرحمة والمغفرة من أخطائنا.

وصلى الجميع صلاة العشاء، وبعد الصلاة خرج الجميع من المسجد يتصافحون، وذهب الشيخ مع زياد إلى بيته، وسمح للأصحاب الثلاثة بالحضور بعد أن طلب زياد ذلك؛ فقد وجد أن لهم الحق بعدما فعلوه ليسمعوا الحقيقة.. حقيقة ما رآه وليد بين الفتى وأبيه.

وحتى لا يقلق أهل الأصحاب الثلاثة لم ينسَ الشيخ "صالح" أن يتصل بهم شخصيًّا ليطمئنَ الجميع عليهم، وأنهم تحت رعايته في بيته.

حكاية زياد وأبيه
بدأ زياد يحكي قصَّته والجميع ينصت له باهتمام، فقال: كان أبي تاجرَ أقمشة ميسور الحال، وتجارته رابحة ورائجة عندما تزوج أمي.

وكان يحب أمي حبًّا جمًّا، وكانت أمي كذلك.

وكان ثمرة هذا الحب أنا، ولكن كان الحمل ثقيلاً عليها، وأصابها بالضعف، فلم تتحمل صحتها فماتت - رحمها الله - ولم يسعفها الوقت لتحملني وتضمَّني إلى صدرها الحنون كما تفعل كلُّ أم.

ماتَت ورحلت عن دنيانا قبل أن تنظر لوليدها الذي خرج للدنيا يتيم الأم، ماتت أمي عند ولادتي مباشرةً، وصُدم أبي بوفاتها، ولم يصدق، وكان ينظر لي وكأنما يقول لي: أنت السبب، مع أن الأعمار بيد الله تعالى.

وظل يعاملني وهذا الشعور يلازمه دومًا كلما تذكر أمي، ويحرمني من كل شيء رغم أنني ابنه الوحيد، وأول وآخر العنقود، دون سبب لذلك إلا هذا الشعور بأني السبب في موتها.

وكنت أدرك أنه يكرهني رغم أنه لا حيلة لي فيما جرى، ورغم مرور كل هذه السنوات، فما زال يتذكر أمي ويعاملني معاملة سيئة، ويحرمني من أبسط الحقوق، وكنت أشعر أنني يتيم الأب والأم معًا، لم أَشعر بحنانه يومًا؛ لأنه لم يكن يعبأ بما يصيبني.

إذا مرضتُ لم يكن يهتمُّ برعايتي، وإن كان يأتي بطبيب من باب الشفقة ومسؤوليته عني أمام الله تعالى، لكن لم يشعرني يومًا بأنني ابنه، بل كان يتجنَّبني مخافة أن أُذكِّره بأمي.

وكلما اشتدَّ غضبه يقول: بسببك ماتت أمك، إنك جئتَ إلى الدنيا لتُصيبَني بالهم والغم، إنك فألٌ سيئ، ثم يسترجِع ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، وكان هذا يحزنني بشدة، ولكن كنتُ أشكو حزني إلى الله تعالى، وأدعوه أن يهدي أبي، ويصبِّره على قضائه.

ولكن أبي لعبَ الشيطان بعقله، فبدأ يدمن شربَ الخمر، وهي أم الخبائث؛ كي ينسى حزنه، ويصاحب رفقاء السوء، ويذهب إلى أماكن لا يرضاها الله، فبارَت تجارته، وضعفَت صحته، وكثرت ديونه، وكنت دومًا أتحاشى غضبه حتى لا يتذكر أمي، ثم حدثَت الطامة الكبرى التي أثارت حفيظتي!

لقد أخرَجني من المدرسة لعدم قدرته على سداد مَصاريفها، ولم تكن حالته تسمَح له برعايتي أو رعاية نفسه التي يلقي بها إلى التهلكة بإدمانه للخمر، التي يستدين ليشتريها، ليسكَر، لينسى همَّه وغمه.

كنتُ أدعوه ليستعين بالله ويتوكَّل عليه، لعلَّ وعسى يشرح صدره، ويلهمه الصبر، فيضحَك ويسخَر منِّي، وربما صفَعني وطرَدني من البيت، ولكني أعود إليه بعد أن يفيق من تأثير الخمر عليه، أو يغلبه النوم، فأتسلَّل إلى غُرفتي، وأظلُّ أبكي، ولا أنام إلا من التعب والإرهاق.

وكنتُ ضائعًا؛ لا تعليم ولا استقرار، ولا حنان أم، ولا رعاية من أب، ولم ينقذني إلا عمي الذي خاف عليَّ من مصير مظلم، وطلب من أبي أن يأخذني لبَيته ويرعاني، ولن يكلفه شيئًا، فلم يستطع أبي أن يرفض، طالما أنه لن يكلفه شيئًا، وحتى لا أذكِّره بأمي كلما عاد إلى البيت مخمورًا.

وكان عمي رجلاً صالحًا يعرف الله ويواظب على الصلاة، ويكثر من ترتيل القرآن، ويخاف الله تعالى، وأعادَني إلى المدرسة، وتكفَّل بمَصاريفي كلها رغم تواضُع حالته، فلم يكن ميسور الحال كأبي، ولم تكن له تجارة، بل كان موظف أمن في شركة خاصة، راتبُه يكفيه لمتطلبات المعيشة، ولكنه كان يكافح بأي عمل إضافي حلال ليعين أسرته على متطلبات الحياة راضيًا وحامدًا نِعمة الله عليه، ولا يمد يديه للحرام، وعاملني كابن من أبنائه.

ولأول مرة أشعر بالراحة والسكينة، ولأول مرة لا أسمع كلمات العِتاب والتأنيب، فأحببته وأحببتُ صلاحه وتقواه، وأحببت أسرته وأولاده جميعًا، ولم يعكر صفو هذه العلاقة إلا أبي!

قال الشيخ مقاطعًا: وكيف أفسد أبوك علاقتك بعمِّك؟
قال زياد: عندما زادت ديونه للتجَّار بسبب عدم التزامه بشراء ما طلبوه من أقمشة، بسبب إهماله لعمله، طالبوه بأموالهم التي أخذها كعربون، وإلا أبلغوا عنه وحبسوه، فخاف أبي، فكان يستدين، وجاء لعمي يستدين منه، فأبى أن يعطيه شيئًا، وإن أشفقَ على حاله وطلب أن يعينه بعلاجه على نفقته من الإدمان، لعلَّ وعسى يعود إلى رشده، ويصلح حاله، وتزدهر تجارته، ولكن أبي سبَّه وأهانه، ولم يكتفِ بذلك، بل ذهب إلى مدرستي وطلب إخراجي منها، وأخذ المصروفات التي دفعها عمي ليشتري الخمر التي أدمنها بشدة، واكتشفتُ ذلك عندما ذهبت إلى المدرسة وأخبروني بأنه لا مكان لي، وأن هذه رغبة أبيك، فجنَّ جنوني، ولكني لم أخبر عمي، وأردت استرجاع المال الذي أخذه.

ثم انتظرته عندما خرج من بيته وهو في حالة سُكر، فاعترضته في الطريق، وطلبتُ منه رد المال الذي أخذه، فأبى وسبَّني، ولم أتمالك نفسي من الغضب، فدفعته وضربته، وهذا ما رآه "وليد"، ويا ليتني لم أفعل.. يا ليتني متُّ قبل هذا.
يا ويلي من عذاب الله وانتقامه.
ماتت أمي بسببي، ومات أبي أيضًا بسببي!

ولم أشعر يومًا بحنان أمي، ولا حب أبي، أي ذنب يا رب ارتكبته ليكون هذا مصيري؟! وبدأت دقات قلبه تتسارع بشدة، فأشفق عليه الأصحاب الثلاثة.

وضمه الشيخ إلى صدره وهو يقول: رويدك يا "زياد" لا تقسُ على نفسك يا ولدي، كن من أهل هذه الآية: ﴿
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 156، 157]، قُلْها يا ولدي من قلبك.

إنا لله وإنا إليه راجعون، إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم ارحم أبي واغفر له، اللهمَّ ارحم أمي، قالها "زياد" ودموعه تسيل بغزارة.

فقال الشيخ صالح: يا" زياد"، عفا الله عنا وعنك وغفر لنا ولك، إننا جميعًا من هذه اللحظة أصدقاؤك، ولكن...

قالها وتنهَّد بعمق ثم قال: ولكن غيابك طال عن عمِّك، ولا بدَّ أنه قلق عليك، كما أنه قد يكون عنده خبر عن أبيك بحكم القرابة بينهما، فهل تعرف رقم تليفونه لتتَّصل بهم ليطمئن قلبه؟

قال زياد: نعم، كيف غاب عني ذلك؟! ها هو رقم تليفون بيته، وما أن ذكر "زياد" الرقم حتى بادر الشيخ بالاتصال، ثم سمع من يرفع السماعة ويقول: السلام عليكم ورحمة الله، من معي؟
قال الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، معذرة للإزعاج، هل أنت عم "زياد"؟!
بارك الله فيك، "زياد" في بيتي، وهو بخير، وتقبل مني عزائي في وفاة أخيك.. و..

صمت الشيخ وأخذ يستمع لعم "زياد" باهتمام وذهول شديدَين أثارا التوتُّر بين الجميع وهو يتعجب ثم يقول: الحمد لله.. الحمد لله، كنا نظنُّ غير ذلك، ثم قال بعد برهة: فهمتُ - بارك الله فيك - سأُخبره، وعنواني هو... (وذكر الشيخ عنوان منزله)، ثم قال: وسأنتظرك إن شاء الله.. نعم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

وأنهى الشيخ المكالمة، ولم يفهم أحد مضمون المكالمة، وتعلقت الأنظار بالشيخ الذي نظَر للجميع وهو يبتسم، ويلقي عليهم الخبر السار، صاح الجميع بسعادة: والد "زياد" لم يمُت! الحمد لله.. الحمد لله!

وبادر "زياد": هل أبي على قيد الحياة؟
قال الشيخ: نعم، أخبرني عمك بذلك، وأنه أفاق في المستشفى من الغيبوبة التي أصابته بعدما حدث بينكما، في الوقت الذي ظن "وليد" أنه قد مات، والأطباء يعالجونه، وكتب الله له عمرًا جديدًا، وقد ذكر اسمك عندما أفاق، وأعطى إدارة المستشفى رقم تليفون عمك، واتصلَت به، وهو الآن معه، وقال: إن أباك بخير، وهو قلق على غيابك، وظن أنك قد أصابك مكروه.

قال الجميع: الحمد لله.. الحمد لله.

قال الشيخ: وعمومًا الخير كله فيما يريده الله، واسمع يا "زياد"، نصيحتي لك قبل أن يأتي عمك وتتركنا، لا ريب أن أباك قد أخطأ في حقك، وخان الأمانة التي استرعاه الله إياها، ولكنه أبوك شئت أم أبيت، وله عليك حق في إكرامه ورعايته وبره، فلا تقع في نفس خطئه.

قال "زياد": بارك الله فيك يا شيخ "صالح"، إني أعلم حق أبي، وإني أسامحه، وأسأل الله أن يشفيه ويهديه للحق، ويجمع بيننا على طاعته.

قال الشيخ: حسنًا يا ولدي، واعلم أن بيتي مفتوح لك، وهؤلاء أصحابك، فشاركنا إن شئت في اجتماعنا لدراسة العلم وحفظ القرآن.

نظر زياد للجميع نظرة عرفان وتقدير وقال: جزاكم الله خيرًا، جزاكم الله خيرًا.

ثم سمع الجميع جرس البيت يرنُّ، فقال محمود: لا بد أنه عمُّ "زياد"، وقد كان، فرحب به الجميع، وكانت فرحة "زياد" بلقاء عمه الطيب الحنون الذي عوضه بالحب عما افتقده منذ ماتت أمه - رحمها الله - فلم يملك إلا أن احتضن عمه وبكى.

فقال عمه: لا بأس يا "زياد"، كل شيء سيكون بخير، لقد عاد لأبيك رشدُه، وتعلم من هذه التجربة المريرة، وقد أخبرني بكل شيء، وهو نادم، ويشتاق لرؤيتك مجددًا ليعوِّضك عما فات، وثِق بي عندما أقول لك ذلك؛ فهو أخي وأعرفه حق المعرفة، وهو يتكلم من قلبه بصدق؛ فقد تغير كليًّا.

ثم نظر عمه للجميع، وشعر بمدى الألفة والمحبة التي عامل بها الجميع ابن أخيه "زياد"، فشكرهم جميعًا، خصوصًا الشيخ صالحًا.

واستأذن زياد وعمه بالانصراف، وأخذ "زياد" يصافح الجميع بحب وامتنان، وقال "وليد": سننتظرك يومي الاثنين والخميس، لا تَنسَ.

قال الشيخ "صالح" ضاحكًا: نعم لا تنسَ، وحضورك مِن دواعي سُروري، والشرف لي يا زياد.

قال "زياد": شكرًا لكم جميعًا، شكرًا لكم جميعًا، وسأفعل إن شاء الله.

وصافح زياد الجميع، وأخذ الشيخ يشيع ضيوفه لباب الدار، ثم قال موجهًا حديثه لزياد: سامح أباك، واستر عليه، وتوكل على الله؛ فمَن توكَّلَ عليه كفاه.

نظر "زياد" للشيخ "صالح" نظرة تقدير واحترام: سأفعل، جزاك الله خيرًا،

ثم خرج وقد بَدأ قلبه الصغير تدبُّ فيه الحياة.

حياة جديدة غير التي كان يحياها، حياةافتقدها منذ ماتت أمه، حياة أضاءها رجاء قلبه الصغير بحب عمه وأصحابه الثلاثة "عبدالرحمن وعمر ووليد"، وهذا الشيخ الجليل "صالح"، واشتاق قلبه الصغير لأبيه بعد كل ما حدث؛ فهو أبوه، وسيظل كذلك دومًا.

تمت بحمد الله.
سيد مبارك
***
صيد الفوائد.

 

محمد أمسا

مشرف سابق
17 فبراير 2011
1,920
321
83
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
توفيق الصائغ
علم البلد
رد: قصص منوعة

جزاك الله خيرا اخي
 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

مادي 15

مشرفة الركن العام
المشرفون
16 مايو 2008
12,244
855
113
الجنس
أنثى
القارئ المفضل
عبد الله المطرود
علم البلد
رد: قصص منوعة

،،،،،،،
جميل جداً، أحسن الله إليكم.
واصل أخي ونحن متابعون معك بإذن الله
 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
رد: قصص منوعة

،،،،،،،
جميل جداً، أحسن الله إليكم.
واصل أخي ونحن متابعون معك بإذن الله
أمين وإيااكم أختنا الكريمة
وشكراً لتشجيعك .. نعم سأكمل ما بدأت به..
 

إبن أسامة المصرى

عضو كالشعلة
23 نوفمبر 2015
488
162
0
الجنس
ذكر
علم البلد
رد: قصص منوعة

حياك البارى وزوجك الحوارى

أكمل وفقك الله تعالى وجعله فى ميزان حسناتك
 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
رد: قصص منوعة

عدنا والحمد لله لنكمل ما بدأنا به
القصّة
٤:
نور والكلب المسعور
***
"نور" طفل في العاشرة من عمره، ذكي ومجتهد في دراسته، وبارٌّ بأبيه وأمه، وكان نور رقيقَ القلب جدًّا، محبًّا للحيوانات الأليفة - وخصوصًا الكلابَ - لدرجة تفوق الوصف، مما أزعج والديه، وخافا عليه أن يصيبه أذًى من الكلاب الضالة التي يتودد إليها في ذَهابه وإيابه لمدرسته كلما رآها، وكثير منها مصاب بالأمراض - وربما السعار، فكانت أمه تحذِّرُه من لمسها أو حملها، ولكنه كان يهمل نصائحها؛ حبًّا لتلك الكلاب، ويراها خيرَ صديق للإنسان.

حتى إنه كان يستحلف أمَّه دومًا أن تضع فضلات الطعام في كيس بلاستيك، يحرص على وضعه في حقيبته المدرسية كل صباح؛ ليطعم كلبًا ضالاًّ قد يجده في طريقه بعد انتهاء مواعيد المدرسة، ويظل يبحث عن الكلاب في الشوارع القريبة من مدرسته حتى يعود لمنزله سيرًا على الأقدام، وهي بالمناسبة لا تبعد كثيرًا عن بيته.

وكانت أمه ترفض تصرفاته تلك بسبب التأخير في العودة من المدرسة من جهة، وخوفًا عليه أن يصيبه منها مكروه من جهة أخرى، وكذلك أبوه لم تختلف نصيحته عن نصيحة أمه، ولكن "نور" كان يذكِّرهما دومًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين: ((
بينا رجل يمشي، فاشتد عليه العطش، فنزل بئرًا، فشرب منها، ثم خرج، فإذا هو بكلب يلهَثُ يأكل الثَّرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثلُ الذي بلغ بي، فملأ خفَّه، ثم أمسكه بفيه، ثم رَقِيَ فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له))، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: ((في كل كبد رطبة أجر))[1].

وكانت أمه تسمع ذلك منه وهي سعيدة في قرارة نفسها؛ لأن ابنها يملك قلبًا رحيمًا، ويتأسَّى بسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولكنها أمٌّ تخاف على ابنها من الشرور والسوء، ولم تجد مع إصراره على حمل فضلات الطعام بدًّا من مساعدته، فكانت تضعها في كيس نظيف، وتنصحه مرارًا وتَكرارًا بالحذر من الاقتراب منها، ووضع الطعام بعيدًا عنها، والانصراف وعدم لمسها والتعلق بها، وتقول وهي تنظر لعينيه في حنان، وتمسك بكتفيه برفق:
اسمع يا "نور"، أنا أدرك حبَّك العميق للكلاب، وتعلقك بهم، ولكن ليست كلها لطيفة وودودة، بل ربما يكون بعضُها مسعورًا وشرسًا، وقد تؤذيك؛ فلا تهمل نصيحتي لك.

فكان "نور" يبتسم ويهزُّ رأسه - علامة الفهم - ويستأذن بالانصراف، ولا ينسى أن يطبع قبلة على جبينها، ويسألها الدعاء له.
♦ ♦ ♦ ♦

رأى نور كلبًا في طريقه للمدرسة يختفي خلف شجرة ضخمة على جانب الطريق يستتر بها خوفًا من المارة ومن يريد به أذًى!

وكان الكلب يبدو ضعيفًا ونحيلاً، يكاد عظمه يبرز من جلده من الجوع، فأشفق عليه نور، واقترب منه خطوة خطوة مخافةَ أن يفرَّ، ثم أخذ يكلمه ويخرج كيس الطعام من حقيبته ويفتح الكيس وهو يقترب بخطوات حثيثة، وهو يقول: لا تخَفْ يا صديقي، أنا أودُّ مساعدتك لا أذيَّتَك.

ووضع" نور" بعض فضلات الطعام المخلوطة بالعظم واللحم، والتي تفوح منها رائحة شهية على الأرض قريبًا من الكلب المسكين، الذي ينظر إليه في شك وتردُّدٍ، وإلى الطعام الشهي ولُعابه يسيل، وهو ينبح نباحًا ضعيفًا واهنًا، ويرجع خطوات "ونور" يقترب منه بخطوات حذرة، ويغريه بالطعام حتى صار أمامه، والكلب يريد أن يفرَّ خوفًا من نور، ولكن شدة الجوع والطعام الذي يحمله نور تثير لُعابه بشدة، فتوقف وقد استسلم لغلبة الجوع، وأخذ ينظر لنور تارة، وإلى الطعام تارة أخرى في تردُّد ولهفة.

فبادر نور بوضع كمية أخرى من بعض الطعام والكلب يهز ذيلَه فرحًا، وينبح، وبدأ يلتهم الطعام بنهم شديد، وينظر بين الفينة والفينة لنور الذي كان ينظر للكلب المسكين وهو يبتسم مشجعًا.

ووقف نور يتأمل الكلب وهو يحمد اللهَ ويسأله أن يثيبه عن عمله خيرًا، وهو يرتل آية جميلة، يحفظها عن ظهر قلب، سمعها من مدرس التربية الدينية، الذي كان يذكرها دومًا إن فعل هو أو زملاؤه في الفصل شيئًا طيبًا، كان يقول لهم: تذكروا أبنائي الصغار، أن العمل الطيب الصالح لا يضيع أبدًا؛ لأن الله تعالى يقول في القرآن الكريم: ﴿
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 30].

والتهم الكلب كمية الطعام التي أعطاه إياها نور، ونبح يريد المزيد، وكأنما يقول له: هاتِ بقية الطعام يا صديقي.

ولكن "نور" فكَّر ورأى من الأفضل أن يحتفظ ببقية الطعام معه، وعند عودته من المدرسة يمرُّ عليه ويعطيه البقية حتى يبيت ليلته شبعان، وفي الصباح يحضر له طعامًا جديدًا مما يتبقى من طعام البيت وهو في طريقه للمدرسة.

وقال نور في نفسه وقد أعجبته الفكرة: نعم، فكرة طيبة، ووضع بقية الطعام بعناية في حقيبته المدرسية التي يحملها على ظهره وهو يبتسم للكلب! ويقول له: اسمع يا صديقي، انتظرني هنا حتى عودتي من المدرسة؛ لتأكل ما بقي من الرزق الذي ساقه الله إليك، أتفهم؟

نبح الكلب وكأنما يفهم ما يقوله "نور"، ولكنه ظل ينبح ويدور حوله ليمنعه من تركه، حتى يعطيَه بقية الطعام الشهي.

ولكن "نور" انصرف وهو يعدو لمدرسته حتى لا يتأخر - وهو ينظر خلفه - فوجد الكلب يعود خلف الشجرة الضخمة، ويجلس مستخفيًا حتى لا يؤذيه أحد، وإن ظل ينبح لنور الذي كان يشير له ليطمئنَّ، وهو لا يكفُّ عن النباح حتى غاب عنه.
♦ ♦ ♦ ♦

أخبر نور بعض أصدقائه وزملائه الذين يستريح لهم، وبصفة خاصة "عمرو وأيمن وبلال" أفضل أصدقائه، المقربون إلى قلبه في مدرسته بأمر الكلب، ففرحوا وتمنوا رؤيته والذَّهاب مع نور في طريق عودته للبيت؛ ليلعبوا معه، ثم ينصرفوا لبيوتهم.

فقال لهم "نور": أخافُ أن يهرب عند رؤيتكم، فقد عرفني واستراح لي، وعندما يطمئن لي تمامًا ربما أحضره معي لنلعب معه، ونضعه في مكان أكثر أمنًا من الشجرة التي يتخفَّى خلفَها، فوافقوا على مضض.

وعند انتهاء اليوم الدراسي أخذ "نور" ساقَيْه وهو يعدو كالريح، وهو يتحسَّس بقية الطعام في حقيبته ليطمئن لوجوده، ويتخيل فرحة الكلب المسكين عندما يعود إليه بالطعام الشهي.

وفجأة توقف وهو يقول في ذهول: رجاءً انتظروا، لا تفعلوا، إنه صديقي، أرجوكم اتركوه!

لقد رأى نور سيارة جمع الكلاب الضالة تأخذ الكلب المسكين الذي كان ينزوي خلف الشجرة خائفًا، وتضعه مع غيره من الكلاب في السيارة، وتنطلق بهم حتى غابت في الأفق.

وجلس "نور" يبكي بكاءً مرًّا!
وأخرج من حقيبته بقية الطعام وهو يقول: يا ليتني أعطيتُه كلَّه، على الأقل يكون قد شبِعَ وسدَّ جوعه، فقد كان يشتهيه، مسكين هذا الكلب، ماذا سيفعلون به؟ وماذا عن هذا الطعام؟

قذف نور الطعامَ في غضب عارم في عرض الشارع! ونسي أن هذا ليس من مكارم الأخلاق.

ثم أدرك خطأه، وأنه ليس من خُلق المسلم رمْيُ الفضلات في طريق الناس، فيؤذيهم، وذهب ليحضره.
ولكن!
توقف وقد أصابه رعب شديد.

ظهر أمامه فجأة كلب ضخم يُزمجر وهو يحمي كيس فضلات الطعام الشهي، وينبح بشدة، ولُعابه يسيل، وأنيابه تبرز في منظر رهيب انخلع له قلب "نور".

وأخذ يقول لنفسه وهو يهذي من الخوف: هذا كلب مسعور! هذا كلب مسعور!
لم يكن هناك أحد من المارة ليستغيثَ به؛ فالشارع في طريق جانبي، وقال نور في نفسه: عندما يلتهم هذا الكلب الطعام سينشغل في التهامه، وهذه فرصته ليفرَّ ويعدوَ كما لم يَعْدُ من قبل وبأقصى سرعة لبيته.

تراجع نور بظهره إلى الخلف وهو يتحسَّسُ موضع قدمه بحرص، وعيناه على الكلب الذي أخذ اللعاب يسيل من شدقيه، وبرزت أنيابه الحادة، وهو يتقدم من نور في تحفُّزٍ تاركًا الطعام الذي ظن نور أنها فرصتُه في الفرار! وهنا ظهر له جليًّا أن الكلب لا يريد التهام الطعام، بل التهامَ نور نفسه!

أو هكذا ظنَّ، فقد ترك الكلبُ المسعور الطعامَ خلفه - وكأنما لا يعنيه في شيء - ويقترب من نور وهو يتراجع في ارتباك وعدم توازن من الرعب والخوف.

والكلب يقترب ويقترب.

وتسارعت دقات قلب نور وهو يتراجع خطوة خطوة بحرص وحذَرٍ شديدين، والعرق يغمر وجهه، والرعب يسيطر على كيانه كله! وبدأ يستشعر قيمة وصية والديه، وخصوصًا أمَّه التي حذرته مرارًا وتَكرارًا من الكلاب الضالة وتعلقه بها، وندم أنه لم يعطِ الطعام للكلب المسكين، وينصرف لشأنه بعد أن قام بواجبه كمسلم في مساعدته، ولكنه أبى إلا العودة والتعلُّقَ به، ولكن هل ينجو ليتعلم من هذا الدرس؟!

وبدأ حسنُ ظنه بالله يزيد رغم خطئه؛ فنيَّتُه كانت طيبة، وأخذ يقرأ المعوِّذتين وهو يرفع صوته؛ ليخفِّف من حدة الرعب والفزع الذي أصاب قلبه، وهو ينبض بعنف في دقات سريعة متتالية:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 1 - 5].

﴿
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴾ [الناس: 1 - 6].

ثم حدث ما زاد من ضياع فرصة نور في الفرار والهرب! لقد تعثَّرت رِجله في حفرة صغيرة لم ينتبه لها، فوقع على ظهره! والكلب المسعور يقترب ويقترب، وعينه على نور، وقد رأى الفريسة قد وقعت، فزادته وحشية، وأخذ يزمجر بقوة!

ونور يزحف على يديه وقدميه بظهره وهو ينظر للكلب، ينتظر هجومه في أي لحظة، ولكنه لم يستسلم، وظلَّ يزحَفُ حتى عجز عن الاستمرار، فتوقف وقد خارت قواه، وأدرك أنه هالك لا محالة، وأن الكلب سوف يعَضُّه بأنيابه الحادة، وسيتسبب هذا في مرضه، فقالها من قلبه بعد أن أيقن بالعجز وقلة الحيلة:
يا رب، رحمتك وعفوك! لقد أخطأت، ولكن رحمتك وسعت كل شيء! يا رب، هذا خَلْق من خَلْقك، فلا تسلطه عليَّ برحمتك يا رحيم.

يا رب، أنت القائل في كتابك الكريم: ﴿
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60].
فلا ترد دعوتي، واستجب لي، ونجني من هذا الكلب المسعور!
وفجأة دبَّ الأمل في قلبه الصغير.
ورأى استجابة فورية لدعائه بعد أن ظن أنه هالك قطعًا.

فماذا حدث؟
إذا بأصدقائه وزملائه في المدرسة "عمرو وأيمن وبلال" يقذفون الكلب بما تقع عليه أيديهم من أحجار وغيرها، وهم يطلقون صرخات قتالية عالية، ويندفعون بقوة غير خائفين نحو الكلب الذي نظر إليهم وفزع من هذا الهجوم المباغت، وفرَّ بحياته مبتعدًا وهو ينبح ويزمجر بغيظ وحنق بعد أن كاد أن يفتك بفريسته.

وأخذ أصدقاء "نور" الثلاثة يطيِّبون خاطرَه بكلمات تشجيعية، ومزاح طفولي، بعد أن أفزعهم شدة اصفرار وجهه، حتى شابهَ وجوه الأموات من الخوف.

وقال عمرو: عندما رفضت أن نرافقك لرؤية الكلب المسكين لم يعجبنا رأيك، وتجاهلك لرغبتنا أن نلعب مع صديقك، واتفقنا أن نتبعك دون أن تشعر؛ لنعرف مكانه، ثم نشاركك في إطعامه.

ثم تنهَّد وقال: انظر يا نور، لقد أحضرنا له طعامًا من الطعام الذي نحمله معنا من البيت، لم نأكله كله لنشاركك الثواب، ولعله يحبُّنا ويلعب معنا، واتبعناك ورأينا ما رأيته!

وقاطعه أيمن بحماس: لقد كنا خائفين؛ فهو كلب مسعور، وأنيابه حادة وبارزة، ولكن خوفنا عليك أن يصيبَك أذًى منه كان أكثر، ورأينا أن نهجم ونصرخ لعله يخاف، وتوكلنا على الله تعالى، ومن توكل عليه كفاه، وقد كان، والحمد لله الذي أنجاك من هذا الكلب المسعور.

وقال بلال ضاحكًا ومداعبًا: وهذا كله من حسن حظِّك يا نور، والله عندما رأيت الكلب المسعور، واتفقنا على مهاجمته، كاد أن يغمى عليَّ من الرعب بسبب وحشيته، وخوفي أن يهجم علينا، وضحك الجميع بسعادة لنجاةِ نور.

ونظر "نور" لأصحابه وهو يقول: شكرًا لكم جميعًا، ونظر لصديقه بلال، وقال: ولكن هذا ليس من حسن الحظ كما تقول يا صديقي؛ فالحظ ليس له نصيب في ديننا، بل هو قضاء الله وقدره، وحكمته ورحمته؛ ليعلمنا ويلهمنا الحق والصواب، ولقد تعلمت درسًا لن أنساه ما حييت.

قال بلال بفضول: ماذا تقصد؟
قال نور: لقد نصحتني أمي بعدم التعلق بالكلاب الضالة، والاكتفاء بوضع الطعام من بعيد؛ فليس كل الكلاب لطيفة وودودة، كالبشر تمامًا؛ فيهم: الطيب، وفيهم: الشرير الذي يحب الأذى، والحذر واجب، حتى يتبين عكس ذلك، ولكني لم أفعل، وكدت أن أهلك، والحمد لله على نعمته ولُطفه.

ثم نظر نور لأصحابه، وهذه نصيحة لكم، كما هي نصيحة لي.

أومأ أصدقاؤه برؤوسهم، علامة الفهم والاقتناع، بعدما شاهدوا الكلب المسعور ووحشيته.

وانصرف الجميع لبيوتهم، وكلهم شوق لإخبار زملائهم وأصحابهم في اليوم التالي عند ذَهابِهم للمدرسة بعظَمة نصائح الوالدين، ووجوب طاعتهما؛ فهم أكثر دراية بالصواب من الخطأ، حتى لو كنا نظن عكس ذلك لقلة خبرتنا في الحياة.

تمت بحمد الله.
سيد مبارك
***
صيد الفوائد.

 

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
رد: قصص منوعة

القصّة ٥:
سر قبر الأفاعي
***
مغامرات "أبو الأشبال"، سلسلة مغامرات للأطفال ذات طابع بوليسي تربوي وديني شائق، وكل مغامرة قصة منفصلة بذاتها، وكاملة.

أبطالها: أبو الأشبال، وهو عقلها المفكر، وأعضاء فرقته، وهي فرقة عجيبة بحق، عبارة عن "صبيين، وصبية، وببغاء، وكلب"، واشتهرت بين قوات الشرطة بفريق: "أبو الأشبال لإحقاق الحق، ونصرة المظلوم".

صرخة في جوف الليل
صرخة هلع واستغاثة انطلقت في جوف الليل.
صرخة امرأة.
وبالتحديد انطلقت من عمارة السلام التي يسكن فيها أبو الأشبال.
هبَّ سكان العمارة من نومهم، يبحثون عن مصدر الصرخة، قال بعضهم: أسرعوا، إنها من شقة أم عاطف.

أسرع الجميع للدور الثالث شقة رقم 4، وطرقوا الباب طرقات متتابعة، وكل واحد يسأل نفسه هذا السؤال: ماذا حدث لعاطف وأمه؟
ولما لم يُفتح الباب أخذ السكان يحطمون الباب بكل وسيلة، حتى انفتح تحت ثقل الضربات المتلاحقة.

ودخلوا، فإذا بأم عاطف على أرض الصالة طريحة، وفي غيبوبة عميقة.
التفَّ الجميع حولها، ماذا بها؟ أحضِروا الطبيب، قال ساكن في العمارة: لا داعي لذلك.
نظروا للقائل، وأفسحوا له باحترام شديد، وقال بعضهم: تفضل يا دكتور عادل.

تقدم رجل في عقده الخامس بثبات، وأخذ بيد أم عاطف، يقيس نبضها، وهو ينظر لساعته، ثم قال: الحمد لله، نبضها طبيعي، لا بد أنها أغمي عليها، أحضر بعض السكان رائحة نفاذة، وما إن قرَّبوها من أنفها حتى أفاقت وهي تصرخ: عاطف، الحقوه، ابني يحتضر، لقد عذَّبه الأشرار، وسيقتلونه!

قال الدكتور عادل: رويدك يا أم عاطف، أين هو؟
قالت: في مقابر أكتوبر[1].

قال الدكتور: عجبًا، لماذا ذهب إلى هناك؟ أليست مقابر العائلة في الإمام الشافعي؟
أدرك أبو الأشبال على الفور أن "عاطف" وجد لنفسه مغامرة جديدة، وهو يعلم جيدًا حبَّ عاطف للمغامرات، وطيشه، وتسرعه، وانفراده بقراراته رغم قربه منه، مما يجعله دائمًا يقع في المتاعب، ويلقي بنفسه إلى التهلكة.

فقال: بالله عليكِ يا أم عاطف، أين في مقابر أكتوبر؟
قالت: لا أعرف، لقد.. لقد اتصل بي بهاتفه المحمول، يخبرني أنه في خطر، وأنهم قد عذَّبوه، وذكر شيئًا عن قبر الأفاعي.
قال الجميع في دهشة: قبر الأفاعي!

نظر الجميع لبعضهم البعض في حيرة، وأراد الدكتور عادل أن يستفسر عن المقصود بقبر الأفاعي، ولكن أم عاطف غابت عن الوعي؛ بسبب صدمتها العصبية، وهلعها على ابنها، وتسمَّر الجميع في أماكنهم.

فقال الدكتور عادل: لا فائدة من وجودنا هنا، دعونا نُدخل أم عاطف حجرتها، وفي الصباح نستفسر منها عندما تُفيق، وتكون واعية لما تقول.
ثم قال: وسوف أتصل بالبوليس؛ فقد تكون حياة عاطف في خطر حقيقي، وكل دقيقة لها أهميتها في إنقاذه، ثم تنهد بعمق، وقال: ولكن قبل أن ينصرف الجميع، ليس من الصواب ترك أم عاطف بمفردها، فهل تتطوع امرأة من جيرانها وتتكرم لتبيت معها الليلة؟

لم يتكلم أحد.
نظر أبو الأشبال للجميع، وأدرك أن حكاية قبر الأفاعي أثارت كوامن الخوف في قلوب الجميع، فقال: شقيقتي "قمر"، لا أظنها تتردد في رعاية أم عاطف؛ فهي تُحبُّها جدًّا، وهي نائمة، وسوف أوقظها على الفور.

قال ذلك وانصرف ينزل درجات السلم بسرعة.
قال الدكتور عادل: عظيم جدًّا، وجزاكم اللهُ جميعًا خيرًا، انصرفوا الآن، وأعدكم بإخباركم بكل ما يستجد.
انصرف الجميع بعد تردد يسير.

♦ ♦ ♦ ♦ ♦
انتظار وترقب
جلس أبو الأشبال في شرفة حجرته ينتظر عودة الدكتور عادل من قسم البوليس، وظل هكذا حتى كاد الليل ينتصف، ثم لمح سيارته آتية حتى توقفت أمام باب العمارة، وانتظر حتى يطمئن إلى أنه وصل لحجرته، ثم بادر بالاتصال به عن طريق الجوال الخاص به، وجاءه صوت الدكتور عادل الذي أدرك من نمرة المتصل أنه أبو الأشبال، ولم يتعجب من اتصاله في هذا الوقت، بل كان - في الواقع - يتوقع هذا الاتصال؛ لعلمه بالعَلاقة الوثيقة التي تربط "أبو الأشبال" بعاطف.

قال الدكتور: السلام عليكم ورحمة الله، ألم تَنَمْ بَعْدُ يا "أبو الأشبال"؟
قال أبو الأشبال: وعليكم السلام ورحمة الله، ومن أين يأتي النوم وكل دقيقة لها ثمن يا دكتور عادل؟!

قال الدكتور: معك حق.
قال أبو الأشبال: أهناك جديد؟

قال الدكتور: بلَّغت الضابط بمديرية أكتوبر بكل ما حدث هنا، وأخبرني أنه سيتحرى الأمر، ويذهب لمقابر أكتوبر، ولحسن الحظ وجدتُ هناك اللواء "حسن الشاملي"، وهو صديق قديم وعزيز، وقد وعدني بمتابعته الشخصية للموضوع، وسوف يوافيني بكل التطورات، وبدوري سأخبرك إن جَدَّ جديد.

ثم قال: ولا نملك في الوقت الحالي يا ولدي شيئًا، وأرى أن تأخذ قسطًا من النوم، فغدًا يوم شاق، تصبح على خير يا "أبو الأشبال".
قال أبو الأشبال: وأنت من أهله يا دكتور، جزاك الله خيرًا.

دقت الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل، وما زال أبو الأشبال لم يغمُض له جَفن، وهو يحتضن هاتفه المحمول، يترقب مكالمة من الدكتور عادل في أيِّ لحظة، ورن جرس هاتفه المحمول، وأدرك أن محدِّثه هو الدكتور عادل.
فبادر على الفور بقوله: السلام عليكم يا دكتور، أهناك جديد؟

قال الدكتور عادل: وعليكم السلام يا "أبو الأشبال"، لقد.. لقد..
أثار تردده كوامن الخوف في قلب "أبو الأشبال"، وتوقف الدم في عروقه.

وقال: لقد ماذا يا دكتور؟
قال الدكتور: اعذرني يا "أبو الأشبال"؛ فإني مرهق بشدة، وعلى كل حال لقد وجدوا "عاطف" في المقابر، ولكن - للأسف - حالته خطرة، وهو في العناية المركزة بمستشفى الهرم.

هلع أبو الأشبال، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما مدى الخطورة يا دكتور؟
قال الدكتور: لدغات ثعابين وجروح، ويبدو أن هناك مَنْ ضربه بشيء ثقيل على رأسه، وهو في غيبوبة حتى هذه اللحظة.
اندهش أبو الأشبال، وقال: ما الذي حدث يا تُرى؟!

لم يرد الدكتور، ومرت لحظة، ثم سمع صوته وفيه رنة قلق، وهو يقول:
الله أعلم يا "أبو الأشبال"، ولكن حضرة اللواء "حسن الشاملي" أخبرني أنه لن تعرف جفونه النوم حتى يكشف اللثام عن هذا الأمر، وسيكون على اتصال بي دومًا.

ثم أردف: وفي الصباح - إن شاء الله - سنرى ما يمكن أن نفعله، فلنأخذ قسطًا من النوم؛ فإن لأنفسنا علينا حقًّا أن نريحها من الإرهاق والسهر؛ كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: ((
فإن لأهلك عليك حقًّا، وإن لضيفك عليك حقًّا، وإن لنفسك عليك حقًّا؛ فصُمْ وأفطِرْ، وصَلِّ ونَمْ))[2].

قال أبو الأشبال: معك حق، وشكرًا لك يا دكتور عادل.

قال الدكتور عادل: لا داعي للشكر يا "أبو الأشبال"، الناس لبعضها، وعاطف وأمه جيراننا، ولهما كل الحق أن نساعدهما بقدر ما نستطيع.
قال أبو الأشبال: نعم، وفي حفظ الله يا دكتور.
رقد أبو الأشبال على فراشه، وضبط المنبه على أذان الفجر، وما لبث أن غرق في نوم عميق.
♦ ♦ ♦ ♦ ♦

استيقظت أم عاطف من نومها وهي تمسك برأسها؛ لِما تشعر به من صداع، ووقع بصرها على "قمر"، فأشفقت عليها؛ لصغر سنها، ولكنها في صميم قلبها تشكرها لموقفها النبيل ولرعايتها لها طوال الليل، ولم تَشَأْ أن توقظها، فالتزمت الهدوء، وأخذت المصحف الذي لا يفارقها، تقرأ منه آيات الله تعالى؛ فهي شفاء لما في الصدور من هم، وغم، وقلق.

ولم تستطع أن تمنع دموعها وتفكيرها في ابنها عاطف، وأخذت تبكي بمرارة، وتدعو ربها من قلبها.

قلب أُمٍّ تخاف على ابنها أن يكون أصابه مكروه.

وبصوت حزين رفعت يديها تدعو ربًّا رحيمًا، وهي تتلو هذه الآية: ﴿
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]، ثم تقول: اللهم احفظه من كل سوء، ومن كل شيطان وهامَّة، يا سميع، يا بصير، يا من تقول للشيء: "كن" فيكون.

ويبدو أن أنينها وتضرعها أيقظ "قمر"، فاعتدلت، وجلست بجانب أم عاطف وهي تطيب خاطرها، وتأمرها بالصبر، وتخبرها أن مع العسر يسرًا.

أومأت أم عاطف برأسها قائلة: ونعم بالله يا قمر، ولكن قلبي يتمزق من داخلي، آهٍ، أطلقتها أم عاطف في لوعة، وهي تتذكر مكالمة ابنها، لقد اتصل بي، وقال: إنه موجود في مدافن أكتوبر، وقال بصوت فيه رعب الدنيا كلها: إنه في خطر، ومصاب، وقد يقتله "الفهد" بلا رحمة، قالت قمر: الفهد؟! أيُّ فهد؟!

قالت أم عاطف: لا أعرف، ولكنه ذكر شيئًا عن قبر الأفاعي، اللهم احفظه برحمتك يا رحيم، واشمله برعايتك يا كريم.
قالت قمر في دهشة: قبر الأفاعي؟! ماذا كان يقصد عاطف؟!

قالت أم عاطف: وما يدريني يا بنيتي؟! لقد كان يتحدث، ثم سمعت قهقهة رجل، وصوت جسد يرتطم بالأرض، وأنا خائفة، وأظن أنه حدث له مكروه.
قالت قمر: الله خير حافظًا، فلا تخافي، وخير إن شاء الله.

قالت أم عاطف: ونعم بالله، ونعم بالله.
ثم عكفت مرة أخرى على تلاوة القرآن بخشوع، واستأذنت قمر في الرجوع لشقتها؛ لإيقاظ شقيقها؛ فقد اقترب أذان الفجر.
♦ ♦ ♦ ♦ ♦

اجتماع الفريق
انهض، قالتها قمر لأخيها "أبو الأشبال" وهي توقظه بلطف.
وأردفت: لقد اقترب أذان الفجر، والصلاة خير من النوم.

فتح أبو الأشبال عينيه، وارتسم على شفتيه شبح ابتسامة، وقال: كيف كانت ليلتك؟
قالت: لقد استعادت أم عاطف وعيها، وهدوءها، وإن كان قلبها يتمزق كلما ذكرت "عاطف".

قال أبو الأشبال: ما أعظمَ قلبَ الأم!
قالت قمر: وذكرت أشياء عجيبة.
أومأ أبو الأشبال مشجعًا لها على الكلام، وقد أثار فضوله وعجبه ما قالته، وأدهشه بشدة، وأردف قائلاً: لم أكن أظن لحظة أن تسوء الأمور إلى هذا الحد.

قالت قمر: ماذا تقصد؟ فأخبرها بحواره مع الدكتور عادل.
ولم يكن هناك مفر من اجتماع الفريق كله، فكل لحظة لها ثمن.
فريق كوَّنه أبو الأشبال من أصدقائه، فريق عجيب حقًّا، له مهمة وحيدة؛ هي إحقاق العدالة، ونصرة المظلوم، فريق "أبو الأشبال".

وفي أول اجتماع لهم، نظر أبو الأشبال إلى أخته قمر التي أكملت عامها الثاني عشر، ويكبرها بسنتين، وصديقه "خالد" الذي يصغره بعام، ثم نظر إلى باقي الفريق، وابتسم؛ فقد بادر العضو الثالث بالترحيب على طريقته وهو يقول:
أنا أحب "عاطف"، أنا أحب "أبو الأشبال".
أنا أحب "عاطف"، أنا أحب "أبو الأشبال".
أنا أحب "عاطف"، أنا أحب "أبو الأشبال".

قال أبو الأشبال: إن "ظريف" ببغاء ذكي جدًّا؛ ولهذا اخترته ليكون واحدًا منًّا.

وهنا ارتفع صوت نباح كلب، فأدرك أبو الأشبال أن العضو الرابع في فريقه يريد التنبيه لوجوده، فقال: وأنت أيضًا "يا برق"، ذكاؤك، وسرعتك، وقوتك، تدل على أنك كلب ماهر؛ فمرحبًا بك في الفريق، ومسح على ظهره تشجيعًا.
والآن إليكم خُطَّتنا.

أنصت الجميع له وهو يحكي ما مر من أحداث، وأنصت الجميع باهتمام شديد للخطة؛ ليعرف كل واحد من أعضاء الفريق دوره، وكانت خطة عجيبة وخطيرة في الوقت نفسه.

كانت الخطة تتطلب من "أبو الأشبال" أن يرافقه الببغاء ظريف إلى مقابر أكتوبر، والبحث عن مقبرة الأفاعي، وكان أخطر ما في الأمر الدخول إلى المقبرة نفسها؛ فالسر كله في داخلها، يجب أن يعرف ما الذي اكتشفه عاطف حتى كاد يتعرض للقتل، وكانت هذه مهمة "أبو الأشبال".

ومهمة خالد أن يبحث في شبكة الإنترنت عن كل ما يتعلق بالمقابر المصرية، والسر في تسمية هذه المقبرة بالأفاعي.

أما قمر، فقد أخذت الكلب "برق" لمقابلة الدكتور عادل في عيادته، وإبلاغه بما قالته أم عاطف عن الفهد وعصابته؛ لإبلاغ اللواء "حسن الشاملي".

وفي نهاية اليوم يلتقي الجميع للنظر في الخطوة التالية.
قال أبو الأشبال: أتمنى للجميع التوفيق، وعلى بركة الله.
وبدأت ساعة الصفر.
♦ ♦ ♦ ♦ ♦

في قلب الأحداث
انتظر أبو الأشبال أن يُتِمَّ خالد مهمته؛ لعله يدله بمعلومات من الإنترنت يهتدي بها لسر قبر الأفاعي، فلما أخبره بانعدام المعلومات على الشبكة، بدأ مهمته على الفور منذ الصباح الباكر، ومن أمام موقف السيارات في مدينة السادس من أكتوبر ركب أبو الأشبال "الميكروباص" إلى مقابر أكتوبر على طريق الواحات، ومعه ظريف.

وكان وجوده معه لافتًا للنظر، وفتح شهية الركاب للضحك، وإلقاء "القفشات"؛ فقد كان ظريفًا بحق لدرجة الخطورة.
أنا وأبو الأشبال، أنا وأبو الأشبال.
قبر الأفاعي، قبر الأفاعي.
اهرب يا فهد، اهرب يا فهد.
لم يفهم الركاب شيئًا، وضحكوا.

وخاف أبو الأشبال أن يكون مِن الركاب مَن له صلة بعصابة الفهد، وينكشف أمره، وتفشل مهمته من قبل أن تبدأ.
والعجيب أنه قد أصاب في تفكيره.

الرجل الذي يجلس بجواره نظر إليه نظرة، أدرك مغزاها، ومعناها، وخطورتها، وأدرك أن أمره قد انكشف.

بادره الرجل بصوت غليظ هامس: هل هذا الببغاء لك أيها الصبي؟
قال أبو الأشبال: نعم.
دقق الرجل النظر فيه بطريقة أثارت قلقه وحيرته في آن واحد.

ثم همس الرجل في أذن "أبو الأشبال"، وقال بلهجة تهديد: ارجع من حيث أتيت، واحرص على غلق فم هذا الببغاء، أو اقطع لسانه.

وأردف الرجل بغلظة: وإن لم تفعل فسوف تندم.

الرجل يهدده ويتوعده، بصراحة بلا مواربة، وأثار ذلك حيرته وارتباكه، ولم يكن أبو الأشبال ممن يخاف بسهولة، ولكنه أدرك أن حياته منذ هذه اللحظة مهددة.

وقال للرجل في ثبات وثقة: أنا ذاهب لمقابر أكتوبر للزيارة، فهل هذه جريمة؟! وهل هناك شيء تريد أن تحذرني منه؟
قال الرجل بغلظة: لقد حذرتك؛ فافعل ما بدا لك، ثم اعتدَل في مجلسه، وأغمض عينيه، واستسلم للنوم، ولم يعبأ بـ: "أبو الأشبال".

أخذ عقل "أبو الأشبال" يعمل بسرعة؛ لماذا يحذرني؟ وممن؟ وهل هناك صلة بينه وبين "عصابة الفهد"؟!
لا ريب أنه يعلم الكثير عن قبر الأفاعي، ومن يدري؟ ربما كان واحدًا من أفراد العصابة!
وطوال الطريق أخذ أبو الأشبال يضرب أخماسًا في أسداس.

واقتربت السيارة من مقابر أكتوبر وهي تقطع المسافات بسرعة كبيرة، وعزم أبو الأشبال على إكمال مهمته حسب الخطة دون النظر إلى العواقب؛ فهي مغامرتهم الأولى كفريق يساعد العدالة، وينصر المظلوم، والهرب الآن معناه فشل الفريق من قبل أن يبدأ.

كلا، قالها أبو الأشبال لنفسه في حزم وثقة.
لا تراجع، ولو كانت حياته هي الثمن!

ووقفت السيارة أمام مدخل المقابر على طريق الواحات، ونزل أبو الأشبال، وتوقع أن ينزل الرجل، ولكن وجده ما زال نائمًا، ومضت السيارة حتى غابت عن عينيه في الأفق، وأثار هذا عجبه ودهشته، ولكنه قرر المُضيَّ قُدُمًا، ودخل المقابر يسبقه ظريف، وهو يقول:
هيا "أبو الأشبال".
إلى قبر الأفاعي، إلى قبر الأفاعي.
أنا أحب "عاطف"، أنا أحب "أبو الأشبال".

ابتسم أبو الأشبال، وقال لنفسه: على الأقل هناك مَنْ يشجعني، وأخرج من حقيبة الطوارئ التي يحملها دومًا - وفيها كل ما يحتاجه مما خف حملُه وزادت فائدته - كيس بودرة ملونة بلون فوسفوري مميز، ينثره في طريقه لداخل المقابر كل نصف متر تقريبًا؛ ليعرف طريق العودة، أو في حالة إن أصابه مكروه يعرف فريقه طريقه ومكانه؛ فهو تكتيك متفق عليه فيما بينهم.

وتوغل في المقابر وهو يقول ما علَّمه نبيه صلى الله عليه وسلم: ((
السلامُ عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون))[3].

قال ذلك، ثم توكل على الله تعالى، وتقدم بحرص وحذر شديدين، ورائحة الموت تحيط به من كل جانب.
♦ ♦ ♦ ♦ ♦

الفهد المصري
تعمق أبو الأشبال داخل المقابر، يبحث عن أي شيء يدله على قبر الأفاعي، وفجأة تناهى إلى سمعه صوت قريب، أقرب مما يتصور، فحبس أنفاسه، وأخذ يدنو من مصدر الصوت، فوجد نفسه أمام مقبرة كتب على بابها: "قبر المرحوم أنور الفأر".

كان الباب مرتفعًا، فأخذ حجرًا، ونقله بحرص قريبًا من الباب؛ ليقف عليه، ونظر من شقوق الباب، فرأى رجلاً أنيقًا في ملبسه، يقول بلهجة آمرة لرجل في مواجهته مفتول العضلات:
اسمع يا عقرب، إننا مقبلون على صفقة العمر، لا أريد أي أخطاء، واجمع رجالك، وسنتقابل هنا في تمام الساعة الواحدة ظهرًا في المقبرة، أريد أن أنتهي من هذه الصفقة سريعًا.

قال الرجل العقرب: مفهوم يا أستاذ أنور.
اصمت أيها الغبي، لقد حذرتك أن تنطق باسمي مهما كانت الأسباب، لا تنادِني إلا بالاسم الحركي: "الفهد" "الفهد المصري"، هل تفهم؟!

قال العقرب: نعم.. نعم، وأنا أعتذر.
فقد كان يعلم أن "أنور" الفأر رجل مثقف، نال قسطًا وافرًا من التعليم العالي؛ فهو خريج كلية "الألسن" بجامعة القاهرة، ويتكلم ثلاث لغات بطلاقة، وهو معروف على المستوى المحلي والدولي؛ فهو مجرم مطلوب القبض عليه في 12 دولة لزجه في السجن؛ لجرائم خطيرة لا حصر لها؛ قتل، واختطاف، وسرقة، وتجارة المخدِّرات... إلخ.

ولكنهم لم يفلحوا أبدًا في القبض عليه؛ لذكائه، وأناقته، وقدرته على التنكر، وتغيير هيئته، فضلاً على أنه يمارس عملاً مشروعًا كستار لجرائمه.

"شركة أنور الفأر للنقل والسياحة".

وسفره الدائم لعقد الصفقات لا يثير الريبة؛ لطبيعة شغله؛ فهو دائم الترحال، وهذا جعل البوليس المحلي والدولي المعروف بـ "الإنتربول" عاجزًا عن القبض عليه؛ لسبب بسيط جدًّا، هو أنه مجرم معروف بالاسم الحركي "الفهد المصري"، فجهل البوليس باسمه الحقيقي هو السبب في اختفائه، فكلما ظنوا أنهم على وشك القبض عليه، يفلت من بين أيديهم، ويعود لشخصيته الحقيقية حتى تهدأ الأمور، ثم يضرب ضربة أخرى، وهكذا دواليك.

أما أعوانه، فهم لا يعرفونه إلا بهذا الاسم "الفهد المصري"، ولو شاهدوه في هيئته الحقيقية لن يتعرفوا عليه أبدًا؛ فهو لا يظهر لهم إلا متنكرًا، وهو أستاذ في هذا المجال، حتى إن أمه تعجز عن أن تعرفه لو التقت به مصادفة!

دار ذلك كله في عقل العقرب؛ اليد اليمنى لأنور الفأر، أو الفهد المصري.
لكل هذا كان يخشاه ويهابه، ويدين له بالفضل في عالم الإجرام...
هل أنت نائم يا عقرب؟ قالها "أنور" في غيظ شديد من مساعده الأبله.

قال العقرب: آسف، لقد مر عليَّ شريط من الذكريات الجميلة معك في لحظة خاطفة، فلم أنصت لما قلته جيدًا.
قال أنور في عصبية وغضب شديدين: كيف أفلت منك الصبي هكذا بسهولة؟
ثم قال في سخرية لاذعة: هل أصبحت ضعيفًا يا عقرب لا سم لك؟!
قالها بتهكم وهو ينظر إليه.

فقال العقرب: لقد تعرض للدغ الثعابين في المقبرة، وعندما خرج آذيته بشدة، وكنت أنوي قتله، لكنه غافلني وهرب.
يفلت منك صبي صغير بعد أن سمعك تناديني بالفهد، وعرف أسرارنا، وتجسس علينا، وأدرك أننا نحتفظ بالمخدرات في المقبرة، بل دخلها وأنت في غفلة، ولولا حضوري لاستطاع إبلاغ أهله أو البوليس، ونصبح كلنا في خطر، أليس هذا خطأ يستحق القتل؟! قالها وهو يشهر مسدسه في وجه العقرب الذي ظهرت على وجهه علامات الرعب.

فبادر يقول: قلت: إنني أخطأت، وتعلم مدى حرصي على سلامتك، ولكن كما يقال: لكل جواد كبوة.

تغيرت ملامح أنور أو الفهد - كما يحب أن يناديه أتباعه - واشتد غضبه وثورته، وهو يجاهد ليكتم غيظه.
حسنًا.
وتوقف فجأة عن الكلام؛ فقد أدرك أن العتاب لا جدوى منه.

ولكنه قال في صرامة: لا أريد أخطاءً أخرى؛ فأكبر صفقة لنا ستتم غدًا، الساعة الثالثة عصرًا، عند تمثال "أبو الهول"، وربما تكون هذه الصفقة هي الأخيرة، ونعتزل حياة الإجرام إلى غير رجعة، ونعيش بما نجنيه من هذه الصفقة من الأموال حياة هنيئة، هل كلامي واضح؟ قال العقرب: نعم.

وزفر الفهد بقوة، ثم قال - والشرر يتطاير من عينيه -: وليكن معلومًا لك ولرجالك جميعًا أن من لا ينفذ ما عليه حرفيًّا، سيكون مصيره هكذا، وأمرَّ يده على رقبته، ففهم العقرب ما يقصده، واستوعبه على الفور.

ووقف أبو الأشبال يرهف السمع، والفهد يبين للعقرب مكان إتمام الصفقة، وموعدها، وخطته لخداع البوليس، ولقاء تجار المخدِّرات، و...، وفجأة، حدث ما لم يكن في الحسبان، حدث ما جعل حياة "أبو الأشبال" في خطر محدق، وقد لا يخرج من المقابر أبدًا!

زلت رِجل "أبو الأشبال" من على الحجر، ووقع على الأرض محدثًا جلبة وصوتًا، وكان هذا كفيلًا بكشف أمره.
وصاح العقرب: هناك دخيل.
قال أبو الأشبال لظريف: الفت انتباه العصابة.
وأسرع أبو الأشبال يستتر خلف جدار مقبرة قريبة، وحبس أنفاسه المتلاحقة.

ونفذ ظريف أمر "أبو الأشبال"، واصطنع جلبة؛ فهز جناحيه بقوة، وأخذ يتخبط في حائط المقبرة كالمجنون.

في الوقت نفسه خرج العقرب حاملاً مسدسه، ورأى "ظريف"، وتعجب من صنيعه، قائلاً: طائر مجنون، وأمسك حجرًا صغيرًا، وقذفه في اتجاه ظريف، وأردف: ابتعد أيها الطائر الغبي.

سمع ظريف العبارة، وأدرك معناها، وكظم غيظه، وانحرف؛ حتى لا يصيبه الحجر، وطار بعيدًا، وهو يردد:
أنا أنقذت "أبو الأشبال"، أنا بطل الأبطال.
العقرب غبي، العقرب غبي.
وخرج أنور من المقبرة قائلاً: هل وجدت شيئًا؟
قال العقرب: نعم، طائر غبي، أصابه مس من الجنون، ويبدو أنه كان يريد الانتحار.
هاهاها... وأخذ يقهقه بقوة؛ فقد أعجبه تعليقه.

لم يضحك أنور، وقال في خشونة للعقرب: كفى ما ضاع من الوقت، نفِّذ ما أمرتك به، واجمع الرجال هنا غدًا، والقوني داخل المقبرة في الواحدة ظهرًا، دون تأخير - ولو دقيقة واحدة - لنقل المخدرات من المقبرة قبل إتمام الصفقة عند "أبو الهول" في تمام الثالثة عصرًا، هل كلامي واضح؟
قال العقرب: نعم، وانصرف على الفور، واختفى في ظلام الليل.

كان أبو الأشبال واقفًا خلف الجدار، ورأى "أنور" أو الفهدَ وهو يقترب في اتجاهه، وأخذ يقترب، ويقترب.
ترى، هل كشف أمره؟ خطوات قليلة وينكشف أمره، ولكن، كان الله تعالى رحيمًا به.
توقف أنور قرب الجدار مباشرة، ثم استدار نحو باب المقبرة التي يستتر بالجدار القريب منها.
وسمع أبو الأشبال صوت المفتاح وهو يدور في قفل الباب، وصوت باب يفتح ويغلق.
وهنا فقط خرج من مكانه، ونظر للمقبرة التي دخلها أنور.
سبحان الله! قالها أبو الأشبال عندما نظر للمكتوب على باب المقبرة؛ مقبرة الأفاعي.
وأخيرًا.

الحمد لله، لقد أدرك الآن سرها، وأنها وكرٌ وستار لحفظ المخدرات عن عيون المتطفلين، لقد بلغ الآن هدفه، وعليه أن يتحرك بسرعة.

عاد أدراجه خلف الجدار، ينظر حوله، يبحث عن ظريف، فوجده يقف على سطح مقبرة قريبة، فأشار إليه إشارة دربه عليها، إشارة يفهم منها أنه يحتاج إليه في مهمة خطيرة وحاسمة.

وجاء ظريف، ووقف أمامه ينتظر أوامره.

أخرج أبو الأشبال من حقيبة الطوارئ التي يحملها قصاصة ورق، وقلمًا، وخيطًا، وسجل باختصار كل ما سمعه، وشاهده، ثم طواها، ولفها حول ساق "ظريف"، وثبتها بخيط، ثم قال له: انطلق، وابحث عن خالد، وسلمها له، وكن حريصًا يا ظريف.

فهِم ظريف الأمر، واستوعبه، وطار على الفور.
وتنهد أبو الأشبال، وقال لنفسه: والآن حانت اللحظات الحاسمة.
إما أن ينجح في دخول المقبرة، والتأكد من وجود المخدرات، أو يكون مصيره كعاطف أو أخطر.
وفي كلتا الحالتين لا بد أن يتحرك قبل حضور رجال أنور، ولكن كيف؟
ولم يشعر وهو مستغرق في التفكير بالخطوات التي تقترب منه بحذر شديد.
لم يشعر بها على الإطلاق.
وكانت غلطة العمر.
وكان الثمن غاليًا.
حياته.

شعر بيد قوية تمسك به، تكاد تعتصره، يد شبيهة بقبضة العقرب، وشيء ثقيل يهوي على رأسه بعنف، جعل الدنيا تدور حوله، ووقع على الأرض، وقع مغشيًّا عليه أمام المقبرة؛ مقبرة الأفاعي.

♦ ♦ ♦ ♦ ♦
اللواء حسن الشاملي
جلس اللواء حسن الشاملي على مكتبه في مديرية أمن مدينة السادس من أكتوبر، يتصفح بعض الملفات أمامه، وقد غرق في تفكير عميق.

وأمامه كان يجلس دكتور عادل وقمر، بعد أن أخبراه بكل شيء.

ثم رن جرس التليفون، فبادر بالرد: السلام عليكم ورحمة الله، من معي؟
ثم لزم الصمت، وهو ينصت لمحدثه باهتمام شديد، ثم قال له: لحظة من فضلك.

ووجه كلامه للدكتور عادل قائلاً: يتصل بي الآن أحد ضباطنا، ويقول: إن صبيًّا كان بجواره في سيارة "ميكروباص"، ومعه ببغاء، في طريقه لمقابر أكتوبر، وذكر أن اسمه أبو الأشبال، ووافق هذا ما أخبرتني به الآن، فهل هو نفس الصبي الذي تحدثني عنه؟

أومأ الدكتور عادل برأسه، وأردف: نعم.

حك اللواء رأسه، ثم قال لمحدثه: اسمع، التزم بالخطة، ولكن اجعل سلامته لها الأولوية، مفهوم؟
ثم أغلق الخط، وقد انقلبت سحنته تمامًا، ونظر للدكتور عادل، وأردف قائلاً: أنا لا أفهم كيف يذهب صبي إلى مكان خطير كهذا دون أن تمنعه؟!

وقد تكون حياته هي الثمن، ألم تعلم يا دكتور أن الله تعالى يقول: ﴿
وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195]؟
قال الدكتور عادل - وهو يهز رأسه -: أعلم بالطبع، ولكن لو عرفت "أبو الأشبال" ما استطعت أنت أن تمنعه إلا بالقوة؛ فهو صبي جريء، وذكي، ويجري حب المغامرات في دمه، ولكن...

قال اللواء حسن: ولكن ماذا؟
قال الدكتور عادل: ولكن معك حق فيما تقول، ما كان ينبغي أن يذهب إلى هناك، ويعرض حياته كعاطف للخطر، و...

قاطعته قمر: أبو الأشبال حريص كل الحرص، وقد تحرك بخطة، و...
قال اللواء حسن بدهشة: خطة!

قالت قمر - وهي تعض شفتيها ندمًا -: أقصد أن معه "ظريف".
قال اللواء حسن: من ظريف؟

قالت قمر: ظريف هو ببغاء "أبو الأشبال"، وهو عضو في فريقنا، أقصد...
قال اللواء - وقد أثار كلامها عجبه - موجهًا كلامه للدكتور عادل: ماذا تقصد هذا الصبية؟ وعن أي فريق تتكلم؟

قال الدكتور عادل: الأفضل أن تسألها هي.
نظر اللواء للدكتور عادل، ثم لقمر، وقال: حسنًا، أخبريني أيتها المغامرة بالقصة كلها.

نظرت قمر للدكتور عادل الذي أومأ لها مشجعًا، فقالت: لقد كوَّن أبو الأشبال فريقًا لإحقاق العدالة، ونصرة المظلوم، ولقد تعاهدنا جميعًا على العمل معًا، و...

قال اللواء حسن - مقاطعًا ورافعًا يديه في حركة مسرحية -: رائع، صبي، وصبية، وببغاء.. ثم قال متهكمًا: هذا فريق عجيب حقًّا.

قالت قمر: معذرة يا حضرة اللواء، إننا جزء من الفريق، ولسنا كل الفريق، و...
رن الهاتف المحمول للدكتور عادل، فقال: معذرة للمقاطعة، ثم أردف يخاطب محدثه: وعليكم السلام ورحمة الله، ماذا تقول؟

كانت المحادثة عجيبة.
عجيبة لأقصى حد.
جعلت الدكتور ينهض واقفًا، وهو يطلب ورقة وقلمًا، ويكتب باهتمام شديد معلومات يمليها عليه محدِّثُه.

معلومات على جانب عظيم من الخطورة.
قد تقلب الأمور رأسًا على عقب.

وأنهى المحادثة قائلاً: لقد اتصل بي خالد، وأبلغني معلومات خطيرة.
قال اللواء حسن: مَن خالد؟

قالت قمر: عضو من أعضاء فريقنا لإحقاق العدالة، ونصرة المظلوم.
قال اللواء حسن في هستيرية: رائع، رائع، ثم نظر لقمر، وقال بلهجة لا تخلو من التهكم:
كم عمره؟
قالت قمر: 13 عامًا.

قال اللواء حسن: عظيم، أكمل يا دكتور.
قال الدكتور عادل: يقول: إن "ظريف" حضر بعد رحلة طيران مرهقة وشاقة، يحمل معه رسالة من "أبو الأشبال".

قاطَعه اللواء حسن: وظريف هذا هو الببغاء الذي يرافق "أبو الأشبال"، وهو عضو من أعضاء فريق إحقاق العدالة، ونصرة المظلوم، أليس كذلك؟ قالها وهو ينظر لقمر نظرات ذات مغزى.
فقالت بتحدٍّ - وقد آلمتها سخريته اللاذعة، ونقده الجارح -: نعم.

قال: رائع، وماذا قال خالد؟
قال الدكتور: لقد سجلت المعلومات؛ فقد طلب تسليمها لك، كما أمره أبو الأشبال، وما يثير قلقي أنه أخبرني أنه سوف يذهب لنجدته، ومعه "برق"، فكل دقيقة تضيع تجعل حياته في خطر محدق.
قال اللواء: لحظة من فضلك، من "برق" هذا؟

ثم بادر وهو ينظر لقمر: عضو آخر في الفريق، هل هو في مثل عمرك؟
قالت قمر: "برق" هو كلب خالد، وليس إنسانًا، وهو العضو الخامس في فريقنا.
قال اللواء حسن: كلب!

زفر اللواء حسن بقوة، وأردف: ما الذي حدث في الدنيا؟! صبيَّان وصبيَّة وببغاء وكلب يأخذون من وقتنا الكثير، ثم نحاول إنقاذهم على حساب أمن البلد وسلامتها، ما هذا الجنون؟!

ثم نظر بعصبية للدكتور عادل، وقال في ضيق: إن وقتنا ثمين جدًّا يا دكتور عادل، وأنت تعلم ذلك، وإننا نتعامل مع مجرمين وقتلة، وليس عندنا وقت لطيش هؤلاء الصِّبية.

قال الدكتور عادل: وهذا يثير خوفي وقلقي، إنني أعتبر نفسي مسؤولاً عنهم الآن، ولقد فات أوان العتاب، والمهم الآن إنقاذ "أبو الأشبال" وخالد.

ثم زفر بقوة، وأردف: ورجاءً - بحق الصداقة التي بيننا يا حضرة اللواء - أنقذْ حياة هؤلاء الصبية، وأعدك بأنني سأتكلم معهم، وأحاول إقناعهم بخطورة ما يفعلونه.

قال اللواء: هذا واجبنا يا دكتور من غير أن تطلب.
قال الدكتور عادل - وهو يمسك بيد قمر لينصرفا -: شكرًا لك، ولن أضيع وقتك أكثر من ذلك، وها هي المعلومات التي أبلغني بها خالد، لعلها تفيدك.

قال اللواء حسن بغير اكتراث: لا أريد أي معلومات من هؤلاء الصبية، ثم نظر إلى قمر، وقال: أنا لا أقصد الإهانة يا قمر، ولكن نحن هنا في المديرية لا نمثل فيلمًا للأطفال، ونحن - كما قلت - نتعامل مع مجرمين وقتلة، وعصابات منظمة، لا تأخذهم رحمة ولا شفقة بمخلوق، في سبيل تحقيق غاياتهم وجرائمهم.

قالت قمر - وهي تفلت يدها من بين يدي الدكتور عادل، موجهة كلامها للواء حسن في ثقة وحزم -: حضرة اللواء، ربما كنت سيئ الظن بنا، ولكن "أبو الأشبال" غامر بحياته، وأرسل لك معلومات ترفض أن تنظر إليها، ماذا يضرك لو ألقيت عليها نظرة عابرة؟!

ابتسم اللواء - ولم يخفِ إعجابه بكلامها وجرأتها - وقال: حسنًا، هات الرسالة يا دكتور.

قال الدكتور عادل: تفضل.
نظر اللواء إلى سطور الرسالة، وأدهشه كمُّ المعلومات التي فيها، وأذهله، وأثار حيرته وتعجبه.

"أنور الفأر" صاحب شركة أنور للسياحة الخارجية بوسط البلد، هو الاسم الحقيقي للمجرم المعروف بـ: "الفهد المصري"، وهو متنكر، وفهمت من كلامه لرجل من عصابته اسمه "العقرب" - وهو يده اليمنى - أن في الساعة الواحدة ظهرًا سينقلون المخدرات من قبر الأفاعي؛ لإتمام أكبر صفقة مخدرات لهم، وسمعت الفهد يخبرهم أن ذلك سيكون عند تمثال "أبو الهول"، في تمام الساعة الثالثة عصرًا، ويتخفى التجار مع فوج سياحي يتبع شركة أنور الفأر للسياحة، ولا أعرف الطريق الذي سيسلكونه بالتحديد، وأخبر اللواء "حسن" بهذه المعلومات بأسرع ما يمكن، وسوف أحاول دخول "مقبرة الأفاعي"، ونقل المخدرات لمكان آخر؛ لإرباكهم، أسرع بالله عليك، وأحضر المساعدة؛ فقد تكون حياتي في خطر، إمضاء: أبو الأشبال.

معلومات قيمة، وخطيرة، عجز البوليس في 12 دولة أن يعرف من هو "الفهد المصري"، المطلوب لمحاكمته بتهم متعددة؛ مخدرات، جرائم قتل، مخدرات... إلخ.

وكانت الضغوط شديدة على جهاز الأمن المصري من كافة الدول الأعضاء في الإنتربول الدولي، أو المنظمة الدولية للشرطة الجنائية، ومقرها في فرنسا؛ فقد كان "الفهد المصري" مصري الجنسية، ويمارس عمله غير المشروع على أرضها.

يعقد الصفقات، ويلتقي بتجار المخدرات، ولا يعرف أحد اسمه الحقيقي الذي يتخفى تحته أبدًا.

عشر سنوات أفسد فيها هذا المجرم شباب مصر والعالم بتجارة المخدرات.

قال اللواء حسن الشاملي بحزم: يبدو أنني مدين لكما بالاعتذار، لم أكن أظن لحظة أن هؤلاء الصبية، قصد أقصد: فرقة "أبو الأشبال" لإحقاق العدالة، ونصرة المظلوم - قالها بكل احترام، ومن صميم قلبه - تستطيع أن تقدم لنا هذه الخدمة الجلية - قالها وهو يمد يده لمصافحة قمر بكل حرارة وحب - ثم أخذ سماعة التليفون، وأجرى مكالمة مهمة وخطيرة، مكالمة استمرت عشر دقائق كاملة، دب على آثارها النشاط في مديرية أمن أكتوبر كلها، ثم قال للدكتور عادل وقمر: هيا بنا؛ لننقذ أبطالنا، فكل دقيقة لها ثمن، ثمن فادح للغاية.
♦ ♦ ♦ ♦ ♦

داخل قبر الأفاعي
أفاق أبو الأشبال، ووجد نفسه داخل مكان له باب مغلق بإحكام، لا بد أنه ظل في غيبوبة فترة طويلة؛ فقد كانت الضربة قوية بحق، ولكنه بدأ يستعيد صفاء ذهنه، وأخذت أسئلة عديدة تتزاحم في رأسه، وتثير القلق في نفسه.
ترى، هل استطاع "ظريف" الوصول لخالد، وتسليم الرسالة؟
وهل يصدق البوليس معلوماته، ويأخذها بجدية؟
وهل...

وفجأة، فتح الباب، ونظر أبو الأشبال، فوجد أمامه ثلاثة رجال، لهم ملامح إجرامية، وقبض الرجل العقرب - اليد اليمنى للفهد المصري - ملابسه بقوة شديدة، تكاد تعتصره داخل ملابسه، وقال له في غلظة: من أنت يا ولد؟

لم يقل أبو الأشبال شيئًا، فقال العقرب - وقد تطاير الشرر من عينيه -: هل أنت أصم؟
لم يجد أبو الأشبال ما يقوله، ويكون من الغباء أن يصدقوه لو أخبرهم أنه كان يزور المقابر؛ لأن له ميتًا هنا، ونظر إلى ساعته، فوجدها قاربت الواحدة ظهرًا، موعد نقل المخدرات حسب خطة الفهد، ولا ريب أنهم سينفذون أوامره، ولعلهم يتركونه محبوسًا هنا حتى إتمام الصفقة.

هو لا يشعر بالخوف على حياته بقدر ما يشعر بالألم لوقوعه هكذا بسهولة، وعليه أن يجد وسيلة للفرار، و...
وخاب ظنه بشدة، وأفاق من تفكيره إثر لطمة من العقرب على كتفه، آلمته بشدة.

وسمعه يقول بخشونة: امشِ أمامي يا ولد، قالها العقرب، ويده تعتصره بشدة، وأخرجه من المقبرة، وأدخله داخل محيط مقبرة أخرى يعرفها جيدًا.

مقبرة الأفاعي.
ووجد نفسه وجهًا لوجه أمام الفهد، اندهش أنور "أو الفهد المصري" لرؤية "أبو الأشبال"، وقال: من هذا الولد؟
قال العقرب: رأيته يتلصص خلف حائط، يراقب مقبرة الأفاعي، ولعله سمع حوارنا، وعرف أمر المخدرات، فضربته، ففقد الوعي، فحبسته في محيط مقبرة مغلقة بإحكام، وأحضرت الرجال حسب أوامرك، ولما اقترب موعد نقل المخدرات خشيت أن يفر بوسيلة ما، فيفسد علينا الصفقة، فأحضرته معي؛ لترى فيه رأيك.

قال أنور: فليكن، هو يستحق أن يعامل كالصبي الآخر، أدخله داخل القبر، واحبسه فيه، وسوف نتولى أمره بعد انتهاء الصفقة، ثم أردف: هذا لو ظل على قيد الحياة.

ضحك العقرب، وفهم ما يقصده "الفهد المصري"، وفتح مدخل القبر، وهو يدفع "أبو الأشبال" بقوة إلى داخل القبر.

قبر الأفاعي.

ثم أغلق عليه باب القبر بلوح من خشب الكونتر السميك، ثم وضع أحجارًا ثقيلة عليه، وأهال عليها التراب؛ للتعمية.
♦ ♦ ♦ ♦ ♦

كان الظلام حالكًا، فلم يرَ أبو الأشبال شيئًا، ورائحة الموت تحيط به.

تذكر أنهم لم يأخذوا حقيبته التي يحملها خلف ظهره، ولعلهم اعتقدوا أنها حقيبته المدرسية، ولو علموا ما فيها من أشياء مفيدة لأخذوها منه، فحمد الله على ذلك، وفتح الحقيبة، وأخذ يتحسس ما فيها.

ها هو، وأخرج كشافًا قويًّا وأضاءه؛ ليرى موضع قدميه، وما حوله.

ويا هول ما رأى!
ثلاثة ثعابين، طول الثعبان متر ونصف على الأقل، أمامه مباشرة على مرمى البصر، العينان، واللسان المشوق، أثارت الخوف في نفسه، وأخذت الثعابين تزحف تجاهه لتفتك به.

ولأنه ملتزم بدينه، وكاد يتم حفظ القرآن كله؛ رأى أن نجاته ستكون في يد خالقه وخالق الثعابين، وتذكر قول الله تعالى عن سيدنا يونس عليه السلام عندما التقمه الحوت وهو مليم: ﴿
وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 87، 88].

نعم وربي، لعل وعسى أن ينجيني برحمته وفضله، فأخذ يسبح لله تعالى، وهو يقول مرارًا وتكرارًا: ﴿
لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]، في نفس الوقت أخذ عقله يعمل بسرعة، ويأخذ بأسباب النجاة، وتذكر أن في حقيبته السلاح الذي تهابه كل الحيوانات والحشرات وحتى البشر.

النار.
أخرج - على ضوء مصباحه - من حقيبته علبة ثقاب، وأشعل ببعض الأوراق التي يحملها في حقيبته نارًا بسيطة، ولكنها نار على كل حال، وتوكل على الله، ولسانه لا يفتُرُ عن التسبيح، وتراجعت الثعابين فزعة من النار، ودقق أبو الأشبال النظر إليها، فوجد أنها من النوع السام، ولدغتها مؤلمة.

فأشعل عود ثقاب ثانيًا في بعض الأوراق، وثالثًا، ورابعًا.
ماذا لو انتهت أعواد الثقاب؟!
إن عليه أن يتحرك بسرعة؛ لينقذ حياته.
إن جلوسه هنا معناه أنه سيقع تحت رحمة الثعابين.
لم يعد يسمع صوتًا خارج المقبرة، لا بد أنهم رحلوا؛ لإتمام الصفقة.
كيف غاب عنه ذلك؟!
أكياس المخدرات غير موجودة في القبر، لا بد أن "أنور" قام بنقلها عندما كان يراقب المقبرة من الخارج.
ليتحرك إذًا قبل أن يصير فريسة للدغات الثعابين السامة.
كانت فتحة المقبرة فوقه مغلقة، والثعابين ترقبه عن بعد، تنتظر الفرصة.

لم يبقَ إلا ثلاثة أعواد من الثقاب، ولم يعُدْ معه أوراق في حقيبته، وها هو يشعل واحدًا، وأخذ يحاول رفع مدخل القبر الذي سدوه بلوح خشبي، إنه ثقيل جدًّا.

لا بد أنهم وضعوا أثقالاً عليه، ولكن لا مفر من أن يحاول، ويأخذ بأسباب النجاة، ولا يلقي بنفسه إلى التهلكة، هكذا تعلم من دينه العظيم، وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، تنهد بقوة، ثم توكل على الله.
♦ ♦ ♦ ♦ ♦

عملية إنقاذ "أبو الأشبال"
نزل خالد من سيارة صديق له تطوع بتوصيله إلى مشارف مقابر أكتوبر على طريق الواحات.

كان من الصعب أن يركب مواصلات عامة، ومعه كلبه "برق"؛ فهذا كفيل بلفت الأنظار إليه.

شكر صديقه، وما إن انصرف حتى توغل إلى داخل المقابر يتقدمه برق، ويدقق في الأرض، يبحث عن البودرة الفوسفورية التي يثق بأن "أبو الأشبال" نثرها للطوارئ، وكان برق كلبًا مدربًا، وله حاسة شم قوية، ولم يكن في حاجة إلى أن يرى العلامات التي تركها أبو الأشبال؛ لأنه يعرف طريقه جيدًا، وأخذ يتقدم وهو يشم الأرض، وكل شيء، ويعدو وراء الرائحة؛ رائحة "أبو الأشبال".

على مهلك يا برق، قالها خالد، وقد أرهقته السرعة التي يعدو بها برق، ولمح خالد سيارة أمام إحدى المقابر، في هذا الوقت من الظهيرة، والحر شديد! إنهم هم لا شك، وأخذ حذره، ووقف يترقب، ويرهف سمعه، وأمسك كلبه، واستتر خلف جدار مقبرة قريبة، وأمره بالصمت بإشارة دربه عليها، وانتظر حتى يتحرك في اللحظة المناسبة.

خرج رجال يحملون أكياس بلاستيك، أدرك على الفور أنها المخدرات، لكن أين أبو الأشبال؟
لقد انتهينا.
سمع خالد الكلمة بوضوح تام.

وخرج رجل أنيق، وأغلق باب المقبرة بقفل، وقال لهم بلهجة آمرة: اركبوا جميعًا؛ لننتهِ من الصفقة، وخذ يا عقرب مفتاح المقبرة، أريدك أن تعود عندما نتم مهمتنا؛ لتنهي مهمتك هنا، لا أريد أي أخطاء أخرى، تخلص من الولد قبل الصباح، أفهمت؟ قال العقرب: نعم.

وأراحت مقالة "الفهد المصري" "خالد"، وحمد الله أن "أبو الأشبال" ما زال على قيد الحياة، ولم يدرِ أن "أبو الأشبال" في ذلك الوقت يواجه خطرًا محدقًا، وحياته معلقة بعود ثقاب، عود ثقاب واحد.

وركب الجميع، وانطلقت السيارة في طريقها إلى خارج المقابر؛ لإتمام الصفقة.

وهنا خرج خالد من مكمنه، وترك "برق" يكمل مهمته في البحث عن "أبو الأشبال"، وانطلق برق إلى المقبرة مباشرة، وخالد على أثره.

وأخذ برق يضرب باب المقبرة برجليه، وأدرك خالد أن "أبو الأشبال" لا بد أن يكون محبوسًا داخل المقبرة، وأسرع يحطم القفل بحجر، بضربات متتابعة بقوة، حتى تحطم مع قوة الضربات، وانفتح الباب، وانطلق برق وهو يطلق زمجرة قوية، وأخذ خالد ينظر داخل المقبرة، فلم يجد أحدًا، ورفع صوته: "أبو الأشبال"، "أبو الأشبال".

رأى "برق" ينبح، وينبش تراب فتحة القبر، ففهم الرسالة، وأخذ يحاول تحريك بعض الصخور الضخمة من على مدخل القبر، ولكن بلا جدوى؛ فقد كانت ثقيلة لا طاقة له بها.

وسمع صوت "أبو الأشبال" يناديه: خالد، أسرع بالله عليك، أنا هنا داخل القبر، ولم يعد معي إلا عود ثقاب واحد، هنا ثلاثة ثعابين تريد أن تفتك بي، أسرع بالله عليك.

حاول خالد زحزحة الصخور، وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، حاول بكل ما أوتي من قوة، ولكن.

إنها ثقيلة جدًّا.

شعر بالعجز والقهر، وكاد يبكي، أبو الأشبال ليس بيني وبينه إلا خطوة، ولا أستطيع أن أنقذه، ماذا أفعل؟
ابتعد، ابتعد..

نظر خالد إلى مصدر الصوت، ورأى رجلاً مفتول العضلات يدفعه عن مدخل القبر، فأمسك حجرًا ليدافع عن نفسه، ولكن الرجل لم يعبأ به، وأخذ يزيح الصخور، ثم رفع اللوح الخشبي، وفتح المقبرة في اللحظة التي انطفأ فيها آخر عود ثقاب في يد "أبو الأشبال".

قال الرجل لـ "أبو الأشبال" - والثعابين تزحف من خلفه -: بسرعة، مد يديك، وقبض الرجل بقوة على يده، وسحبه خارج القبر في نفس اللحظة التي فتح فيها الثعبان فمه، وأخذ الرجل لوح الخشب، وضرب به رأس الثعبان، فسقط داخل القبر، وأغلق المدخل، وأعاد صخرة ضخمة عليه؛ لتمنع الثعابين من الخروج.

وأراد أبو الأشبال أن يشكر الرجل، وعرفه على الفور، نفس الرجل الذي حذره في "الميكروباص" من الحضور إلى هنا، وحتى هذه اللحظة لا يدري أعدو هو أم صديق؟ ولكن الرجل ابتسم، وقال: هل أنت بخير؟ هل آذتك الثعابين؟ قال أبو الأشبال: كلا، والحمد لله، شكرًا لك، فقال الرجل: الحمد لله، لقد حذرتك، هل تتذكر؟

قال أبو الأشبال: نعم، وأراد أن يعرف منقذه من هو، لكن الأمر واضح، فوجوده في هذا الوقت وهذا المكان لا يمكن أن يكون مصادفة.

قال للرجل: أنت تعمل مع الشرطة، صحيح؟ نظر الرجل إلى "أبو الأشبال"، وقال: أنت ولد ذكي جدًّا، نعم، أنا أعمل معهم، واسمي "عمر"، "الضابط عمر"، وقد أمرني اللواء حسن الشاملي أن أعمل على سلامتك، ثم أخرج هاتفه، وطلب رقمًا، رقم اللواء حسن الشاملي، الذي كان ينتظر مكالمته على أحر من الجمر، أراد أن يخبره أن مهمته قد انتهت بنجاح، وأخبره بنوع السيارة التي تحمل "أنور الفأر" "أو الفهد المصري" ورقمها، ورجال عصابته، وأنهم في طريقهم لإتمام الصفقة، وأن "أبو الأشبال" و"خالد" بخير، وأن الجولة الأولى قد انتهت، وتبقى الثانية؛ القبض على الفهد المصري متلبسًا مع تجار المخدرات.

وفي الطريق إلى البيت أخذ أبو الأشبال يفكر بعمق في كل ما مر به من أحداث.

"أبو الأشبال"، هل أنت بخير؟ قطع عليه خالد تفكيره، نظر أبو الأشبال إلى خالد، وأردف: نعم، أنا بخير، شكرًا لك يا خالد، والحمد لله على كل حال، وأخذ برق ينبح وهو جالس بجوارهما في سيارة الضابط عمر، فقال أبو الأشبال: آه، شكرًا لك - أيضًا - يا برق، وربت على رأسه وهو يبتسم، وزفر بقوة، ونظر إلى خالد، وقال: لقد عرفت الآن سر قبر الأفاعي، وما أصاب صديقنا "عاطف".

وأخبره بكل شيء.
القبض على الفهد

وقف اللواء حسن الشاملي قريبًا من تمثال "أبو الهول"، يخفي نفسه مع قوات البوليس، خلف الصخور الضخمة في ذلك الوقت، ينتظر اللحظة الحاسمة، وهو يلقي نظرة حيث كان دكتور عادل وقمر خلف صخرة تخفيهما عن العيون.

جاء ضابط شرطة، وأدى للواء حسن الشاملي التحية العسكرية، وهو يقول بصوت واضح قوي: تم مرور السيارة السياحية لشركة أنور الفأر للسياحة يا أفندم، ورصدنا سيارة أنور الفأر ورجاله - كما وصفتها لنا - داخل المنطقة القريبة من هنا.

قال اللواء حسن: حسنًا، نفذوا الخطة.

قال الضابط: علم وينفذ، وانصرف على الفور.

انتشرت قوات الشرطة على طول الطريق لمنطقة الهرم، وأحاطت بالمنطقة الأثرية بالكامل إحاطة السوار بالمعصم.

فتجار المخدرات داخل الفوج السياحي داخل منطقة الهرم بالفعل، والمباحث تجهل شخصياتهم، وقد رصدت قوات الشرطة السيارة السياحية لشركة أنور الفأر لحظة بلحظة، وتابعت عن قرب نزول الفوج، وراقبت كل فرد منهم.

وحدث ما كان متوقعًا؛ انفصل عن الفوج السياحي ثلاثة رجال يحملون حقائب جلدية، والتقوا جميعًا في سيارة كانت تنتظرهم؛ لنقلهم بعيدًا عن العيون، بالقرب من تمثال "أبو الهول"، وانطلقت السيارة ووقفت قريبًا من تمثال "أبو الهول" على بعد حوالي مائة متر من قوات المباحث المتمركزة والمنتشرة حول منطقة "أبو الهول"، خلف الصخور، في انتظار الأمر بالقبض على الفهد وتجار المخدرات في ضربة واحدة.

وبعد دقائق معدودة جاءت سيارة الفهد ورجاله، ونزل الجميع، وأخرج رجال أنور المخدرات، وسلم التجار الحقائب الثلاث لرجال أنور الذي كان يبتسم ويقول لنفسه: 50 مليون دولار، مبلغ ضخم للغاية، وآن الأوان ليعتزل حياة الإجرام، ويكفيه فخرًا عجز البوليس المصري والدولي عن القبض عليه، لا أحد يعرف شخصيته الحقيقية، و...

الشرطة: ليسلم الجميع نفسه.
انطلق صوت اللواء حسن الشاملي بواسطة الميكرفون، وأطبقت قوات المباحث على الجميع من كافة الاتجاهات.

مستحيل أن يحدث هذا، قالها أنور بلوعة وأسى وقوات الشرطة تقبض عليه، وتضع يده في الأصفاد.

واقترب اللواء حسن الشاملي منه، وتأمله، كان متنكرًا كعادته؛ لتظل شخصيته الحقيقية مجهولة، فهي نافذته إلى الحرية إذا ما تعقدت الأمور.

أخيرًا وقعت أيها الفهد، أم تحب أن أقول: يا سيد أنور الفأر؟
صعق أنور لقوله، كيف؟ كيف عرفت؟!

قال اللواء حسن الشاملي: بفضل فرقة من صغار المباحث، فرقة "أبو الأشبال" لإحقاق العدالة، ونصرة المظلوم.
فغر أنور الفأر فاه، وظهرت على ملامحه الدهشة.

من أبو الأشبال؟
لم يفهم، ولن يفهم أبدًا.

إن صبيَّين وصبيَّة وببغاء وكلبًا أوقعوا به كالغر الساذج، بعد أن دوخ البوليس الدولي أكثر من عشر سنوات، وهناك 12 دولة تطلب محاكمته، وسجنه، وربما إعدامه على جرائمه الكثيرة.

وانتهت أسطورة الفهد المصري على يد فرقة "أبو الأشبال" لإحقاق العدالة، ونصرة المظلوم، انتهت تمامًا.
♦ ♦ ♦ ♦ ♦

عضو جديد في الفريق
التف الجميع حول سرير عاطف في مستشفى الهرم، وقد بدأت صحته تتحسن؛ للعناية الطبية به، ورعاية الدكتور عادل له من بعيد.

شكرًا لكم جميعًا.

ابتسم أبو الأشبال، واقترب من عاطف، وأردف:
اسمع، أعرف حبك للمغامرة، ولكن أرجو أن تعلمك هذه التجربة ألا تتهور وتتخذ قرارات منفردة.

قال عاطف: كنت أريد أن تعلم - إن نجحت - أنني جدير بالانضمام لفرقتك.
تنهد أبو الأشبال بقوة، وقال: وأنت تستحق ذلك.

قال عاطف: حقًّا؟
قال أبو الأشبال: نعم.

قال عاطف: هذا أجمل يوم في حياتي، ودمعَتْ عيناه بدموع الفرح.
أخيرًا انضم لفرقة "أبو الأشبال"، وأصبح فردًا من الفريق.

أخذ خالد وقمر يصافحون "عاطف"، ويهنئونه، بينما نبح برق، ورفرف ظريف بجَناحيه وهو واقف على حامل السرير.

أما أبو الأشبال، فقد نظر من النافذة، ينظر للطريق، ويحدث نفسه.

لقد انتهت مغامرتهم الأولى على خير، وبنجاح منقطع النظير.

لقد طلب من اللواء حسن الشاملي أن يكتم خبر الفرقة عن الصحافة، وينسب الفضل له، ولمباحث أمن الدولة؛ فإن الشهرة سلاح ذو حدين، وهو يريد لفرقته أن تعمل في السر.

وتأمل حركة السيارات في شارع الهرم المزدحم دائمًا، وهو يسأل نفسه:
ترى، ما هي طبيعة المغامرة المقبلة؟ وأين؟ ومتى؟

لم يكن أبو الأشبال يدري أنها قريبة، قريبة جدًّا، أقرب مما يتصور.

تمت بحمد الله.
سيد مبارك
***
صيد الفوائد.

 

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
رد: قصص منوعة

القصّة ٦:
الغالي رائد رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى
***
بسم الله الرحمن الرحيم

ابن أختي رائد رحمه الله شاب يبلغ من العمر١٨عام
انتقل الى رحمة الله في التاسع من شوال لعام١٤٣٥هـ


لقد عُرف رائد رحمه الله "بإبتسامة تُرسم على شفتيه ، وبكلمة حاضر ، طيب، ان شاءالله " عندما يُطلب منه شيء ما
وعُرف بطيبة قلبه وبصحبته للأخيار الطيبين ((نحسبهم كذلك والله حسيبهم))
لقد عُرف ببره بوالديه و حسن تعامله مع أهله جميعاً
عُرف بوصله لرحمه وحبه للخير للغير
عُرف بحبه لإتقان العمل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الله يُحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"
رائد شاب صغير لكنه بأفعاله كبير رحمه الله

رائد إنسان قبل أن يكون بشر به إنسانية يزورنا ويتبادل معنا أطراف الحديث ويتناول معنا بعض الوجبات كان متواضعا لطيفا جداً وخفيف الظل يحمل قلبا نقياً رحمه الله

نسأل الله أن ينقيه من خطاياه كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس
نسأل الله له جنة بلا حساب ولا سابقة عذاب

*جانب من حياة وأخلاق رائد رحمه الله :
رائد كان رفيقا عطوفاً يهتم بشقيقته الصغرى عبير ذات الثلاث سنوات ويلاطفها وعندما تعبث في أغراضه لا ينهرها ولا ينهاها بل يتركها على سجيتها
وعندما مرضت ذهب عبير بها إلى المستشفى
رائد رحمه الله كان يأخذ شقيقته الصغيرة عبير عند أصدقاءه و يعود بها و قد أخذ لها من الحلوى ما يكفيها وزيادة
ليلة من الليالي بعد ما تُوفي رحمه الله سألت عبير والدتها
أين رائد ؟
أريد الحديث مع رائد!..
اتصلي برائد..!
أُريد التحدث مع رائد!..

لا أعلم ماذا أكتب ماهو رد والدتها
بل كيف سيكون جواب والدتها في هذه اللحظة ذهبت عبير وأحضرت الحلويات التي اشتراها لها رائد عندما أخذها مع أصدقاءه لتنثرها أمامها
لتتولى تلك الحلويات مهمة احياء ذكرى رائد في تلك اللحظة التي اشتاقت فيها له شقيقته عبير

رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنات

رائد رحمه الله كان حكيما رغم صغر سنه وكان يكتب في صفحته في تويتر عن طريق السعادة

" لسعادتكم الحقيقية كونوا من الذين على صلاتهم يُحافظون"

"ليس السعيد في هذا العالم
من ليس لديه مشاكل!!
ولكن السعداء حقيقة،،:
هم أولئك الذين تعلموا كيف يعيشوا
مع تلك الأشياء البسيطة التي تصادفهم !

*كتب تغريدات بها ذكر الله
"سبحان الله ، الحمدلله ، لا إله إلا الله ، الله أكبر"
"سبحان الله وبحمده عدد خلقه وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته"


*كتب تغريدات تحتوي على دعاء
"آللهم لآ تجعل حآجتي ولآ سعآدتي بيد مخلوق ولآ تجعل آنكسآري وضعفي إلآ لك ، ولآ تجعل دمعتي تنزل إلآ خشوعآ لك و لآ تعلق قلبي إلآ بك"

"اعوذ باللہ من همومَ عَابره واستغفرك ربيّ صَمتآ وفرحآ وحزنآ وَعافيہ"

"محمد صلى الله عليه وسلم"

*كتب تغريدات إيمانية جميلة معبرة
١/" دع الخلق للخالق " سَـ تكون راقياً جداً ان عملتَ بها .."

٢/دنيا_فانيه_وكلنا_راحلون
يَتفَاخَرُونَ بَ إنتَمّائهَم , لطَبقَاتٍ رَاقيهُ , وَنسَو بَأنْ أكْثرُ سُكآن الَجَنه , أفقَرهُم ♥"

٣/من اعتز بمنصبه فليتذكر فرعون ومن اعتز بماله فليتذكر قارون ومن اعتز بنسبه فليتذكر أبا لهب إنما العزة لله وحده سبحانه!

وهناك بعض التغريدات الأخرى متنوعة

" يجب أن تسعى لكل شيء جميل اينما كان و كيفما كان و متى يكون في الحياة متسع للحب ، للدهشة ، للرضا ، للعطاء للتغير ، لكل شيء يجعلنا أفضل..*"

"عندما تتحدث في ظهر أحدهم
حاول أن تتحدث فيما تستطيع ان
تتحمله أنت !
لأنك ستُبلا به يوماً ما."

*كتب رائد رحمه الله تغريدات ووجدنا من يرد عليها بعد وفاته رحمه الله

التغريد الأولى :
عبارة جميله للدكتور عائض القرني. ⁰الموت ليس فرآق ، سنجتمع في الآخرة بالتأكيد الفرآق هو : ان يكون أحدنا في الجنّـﮧ . والآخر في ألنآر

الرد عليها:
١/ اللهم اجعله من أهل الجنة
٢/ اللهم أجمعنا نحن وأهلنا وجميع أحبتنا في الفردوس الأعلى من الجنات


التغريده الثانية :
سأكون محظوُظ ان وهبني اللـه
شخصاً بعد رحيلي كُلما مررت ببالـه
ذكرني باجـمل الدعوات

الرد عليها:
١/اللهم ظل رائد تحت ظل عرشك يوم لا ظل الا ظلك ولا باقي الا وجهك ، اللهم بيض وجهه يوم تبيض الوجوه وتسود وجوه اللهم يمن كتابه.
٢/اللهم وثبت قدمه يوم تزل فيها الاقدام ، اللهم اكتبه عندك من الصالحين والصديقين والشهداء والاخيار والابرار.
٣/اللهم اكتبه عندك من الصابرين وجازه جزاء الصابرين ، اللهم انقله من ضيق اللحود ومن مراتع الدود الى جناتك جنات الخلود.
٤/اللهم قه عذابك يوم تبعث عبادك .
٥/اللهم أنزل نورا من نورك عليه .
٦/اللهم نور مرقده وعطر مشهده وطيب مضجعه .
٧/يا أكرم من سُئل و يا أوسع من جاد بالعطايا خفف أحماله وحط من أوزاره واجعله في مقام من قام لك بالقرآن آناء الليل وأطراف النهار يارب ..
٨/اللهم كُن له بعد الحبيب حبيب و لدعاء من دعا له سامعا ومُجيبا واجعل له من فضلك ورحمتك وجنتك حظا ونصيبا يارب .

اللهم آمين
اللهم صلي وسلم وَبَارِكْ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
تمت بحمد الله.
مترجمة المشاعر
ياسمين رابح

***
صيد الفوائد.

 

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
رد: قصص منوعة

القصّة ٧:
.. حين داهمني الموت، مالذي حدث ؟ .. [قصة حقيقية]
***
في يومٍ من الأيام، وأنا على سجادة الصلاة، والكسل يغلبني
وضعت رأسي على الأرض بوضعية السجود ملقية بثقلي على الأرض، أخذت على ذلك وقتًا ليس بالقصير.

هممت بالوقوف للصلاة مستعيذة بالله من الكسل،
فلما وقفت ودخلت في الصلاة، وفجأة !
أظلمت الدنيا في عيني فأصبحت أرى سوادًا قاتمًا مخيفًا، والدماء تتدفق لرأسي وأنا أكاد أسقط على الأرض من ثقل رأسي.

أيقنت لحظتها أنه الموت لا مناص منه، فطار قلبي رعبًا وخوفًا من تلك النهاية .

نعم، الذي حدث هو أنني لم أتذكر من القرآن إلا قوله تعالى ( رب ارجعـــون لعلي أعمل صالحا فيما تركت)
والله إن هذه الآية لكأن لساني يصرخ بها لكن لا أستطيع الصراخ الآن ولا أقوى على إخراج أي صوت.
فأنا الآن مقبلة على سكرات الموت

أنا كنت في صلاة، لكن ! يارب صلاتي لم أخشع بها
ليييتني علمت أنها آخر صلاة لأخشع خشوعًا لم أخشعه في حياتي.
كيف لا وهي صلاة مودع !
تذكرت الأعمال الصالحة التي كنت أنوي عملها لكني أؤجلها لأعذار واهية وضعيفة.

أريد أن أصرخ . يارب أنظرني لأفعل كذا وكذا فأنا لم أتوقع أن الموت سيفاجئني وأنا أصلي، ولم أستعد بأي شيء فقد كنت أؤجل وطول الأمل يغرّني.

أنا في صلاة الآن ، لكن يااارب لم أفرح أن الموت أتاني الآن وأنا أصلي في حين كنا نتمنى تلك الميتة لكن لما أتى الجد علمت أني أمنّي نفسي بالعمل الصالح ولا أعمل به،
وصلاتي هذه أستحي منك يارب أن تقبضني عليها، فإني بلغت من التقصير في حقك يارب مبلغًا، فاعفُ عني يالله !

الآن حانت ساعة الفراق مالذي سينفعك ياسارة ؟!

أحسست وقتها أني غادرت الدنيا وانتقلت لحياة البرزخ .

كل الأماني رحلت حين وافتك المنية ولم يبق سوى ما أخلصتِ فيه النية .
الآن ياسارة يُعرف المؤمن الحق من المنافق، ويرى كل عبد مقعده في الجنة أو الناار .

كنتِ تظنين أنك من عباد الله الأخيار ولعب إبليس بفكرك حتى صوّرك بأبهى وأطهر صورة.

الآن ذهب كل شي وبقي العمل الصالح والخوف من الله.

فماذا استفدتِ الآن ؟!
صندوق عملك يكاد يطير خفّة فلا شيء يُثقله !
الآن لحظة نزع روحك، انتهت ساعة الاختبار .

* كل هذه الأفكار كانت بلحظات وليست دقائق كما يتصور البعض !

والله بعدما زالت الظلمة وبدأت أرى شيئا فشيئًا وزالت العتمة لكأن الله يقول لي: سنمهلك لنرى ماذا ستعملين !

كانت لحظات عصيبة لم تمر بحياتي مثلها قط !

إمهال الله للعبد حُجة مخيفة !!

فيارب اجعلها حجة لي لا علي واختم لي بالصالحات ووالدينا ووالديهم وجميع المسلمين.

تمت بحمد الله.
سارة السحيباني
***
صيد الفوائد.

 

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
رد: قصص منوعة

القصّة ٨:
الناس فيها خير كبير
***
القصة الاولى : كنا في زيارة إلى الداعية عبد الله بانعمة وفقه الله ورأينا عنده رجل بجانبه من الجنسية الإندونيسية فقال لنا تدرون يا أخوان هذا الرجل السائق الخاص بي عجيب جداً هذا الرجل يصوم يوماً ويفطر يوماً وله عندي تقريباً أربع سنوات على هذا الحال يقول يذكرني بصيام نبي الله داود عليه السلام
وقفة : قال صلى الله علية وسلم: (من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا) رواه البخاري .

القصة الثانية : يقول الشيخ موفق كدسة وفقه الله جاري رجل كبير في السن عمره تجاوز السبعين والله ماريته إلا في الصف الأول بجميع الصلوات ولديه كرسي خلف الإمام مباشرة والقرآن رفيقه دائماً يقرأ منه ولسانه لا يفتر عن ذكر الله سبحانه يقول الشيخ سألته عن همته وحرصه في حضوره للمسجد مبكراً فقال بفضل الله يا شيخ أنا أختم القرآن كل ثلاث أيام ولا أريد أن أتخلف عن وردي اليومي كل يوم عشرة أجزاء .
وقفة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير صفوف الرجال أولها ، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها) رواه مسلم .

القصة الثالثة : حدثني أحد الدعاة بهذه القصة يقول دعاني صديقي لألقي كلمة بمسجده الصغير فرحبت بذلك وذهب وألقيت كلمة عن (صلة الأرحام) وعدد المصلين ثمانية أشخاص فقط في المسجد وكان هناك رجل كبير في السن وبعد إنهاء الكلمة دعاني الرجل وقال: أنت قلت الذي لا يصل أرحامه ملعون من الله وما ترفع أعمال الذين بينهم خصومه وقطيعة قلت: نعم يا والد قال لي تسع سنوات أنا في قطيعه مع أخي لا أزوراه ولا أكلمه فتواعدت معه أن أذهب بعد يومين ومعي بعض المصلحين لأخيه وفي اليوم المحدد اتصلت به قلت لا تنسى موعدنا اليوم بإذن الله يا والد قال والله ما جاني نوم تلك الليلة واليوم الثاني في الصباح ذهبت إلى بيت أخي وقابلته واعتذرت منه وأبشرك تم الصلح بيننا الحمد لله وعزمني على وجبة العشاء اليوم عنده بمنزلة .
وقفة : قال صلى الله عليه وسلم : (إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة، فلا يقبل عمل قاطع رحم) رواه أحمد

القصة الرابعة : كنت مع صديقي في طلعة في أحد المخططات ورأينا شاب يعزف العود فستأذناه بالجلوس معه فرحب بذلك وسلمنا عليه ودعونا له وتبادلنا الحديث معه ونصحناه وأهديناه شريط ومعه أذكار وأعطيناه رقم الجوال وبعد أيام بفضل من الله أرسل رسالة على الجوال يقول أبشرك إني كسرت العود أدعو الله لي بالثبات والله أني تائب إلى الله وأحتاج إلى صحبة تعينني على الخير .
وقفة : قال صلى الله عليه وسلم : (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) صححه الألباني

القصة الخامسة : في أحد المخططات وجدنا أحدا عشر شخصاً في جلسة عزف عود وطرب فتوجهنا إليهم وطلبنا منهم الجلوس معهم خمس دقائق فتوقفوا العزف فرحبوا بنا وادخلوا العود في السيارة واستقبلونا بحسن الاستقبال والقينا كلمة مختصرة فستأذناهم بالذهاب على حسب وعدنا لهم خمس دقائق فقالوا نطلبكم أن تجلسوا معنا والله إننا طفشانين خذوا الوقت كله !! ويعلم الله تعالى جلسنا معهم وسألناهم عن حالهم مع الصلاة فكانت الأجوبة محزنه لم يصلٍ أحدٍ منهم العشاء والبعض لم يصلي منذو ثلاث أيام والأخر يقول الصراحة لي تقريباً شهر ما صليت وذكرنا لهم فضل منزلة الصلاة فتكلم أحدهم وقال يا شيخ هل نستطيع أن نصلي الآن فطلبوا منا إحضار ماء للوضوء وبالفعل بفضل الله أحدنا جلس معهم والأخر ذهب يشتري لهم الماء فتوضئ الجميع وصلوا في نفس المخطط ووالله أن الذي صلى بهم يقرا من أواسط سور القرآن بترتيل جميل وبعد انتهاء الصلاة أخذوا أرقام الجوال ووعدونا بتغيير الحال والانضباط على الصلاة .
وقفة : قال صلى الله عليه وسلم: (إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيئاً. قال الرب تبارك وتعالى: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك). رواه الترمذي

القصة السادسة : ذكر لنا احد مشرفين المقرأة القرآنية الثانية بجدة أن الشيخ موسى الجاروشة حفظه الله مدير المقرأة القرآنية ومؤسسها ورده في اليوم عشرة أجزاء غيباً يومياً لم يتخلف عنها إلى أيام قليلة بظرف طارئ وهو على هذا الحال منذو أكثر من ثلاث عشرة سنة .
وقفة : قال صلى الله عليه وسلم : (يقال لقارئ القرآن : اقرأ ورتل وارتق كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها). رواه أبو داود

القصة السابعة : حدثني أحد الدعاة في مدينة جدة يقول كنت أوزع على الشباب أشرطة و مطويات وكان هناك ملتقى شبابي دعوي فأخبر الشباب للحضور وأستمر بالتوزيع وفجاه أوقفني شاب وطلب مني رقم الجوال فأعطيته الرقم ودعوته لحضور الملتقى فوعدني بذلك وبعد مرور أسبوع أتصل بي رقم في أخر الليل فدعاء لي بدعوات جميلة وقال أنت فعلت في بيتنا خير كبير فقلت كيف ذلك ومن أنت ؟ فقال أخي من المنطقة الجنوبية وحضر للزواج في مدينة جدة وكان بعد الزواج يقول على موعد لا يرضي الله وبعد نصحك له وحضوره الملتقى تغير حاله وأصبح الآن معي محتسب في المكتب التعاوني وتوعية الجاليات في مدينة الباحة والله أن الوالدة تدعو لك والوالد فرح بذلك أستمرو يا دعاة فلعل كلمة تأثر منك أو من غيرك وأنت لا تعلم .
وقفة : قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) أخرجه مسلم والبخاري

القصة الثامنة : ذهبت إلى زيارة الملتقى الشبابي الصيفي بجدة فكان هناك جانب في الملتقى أسمه (البداية والنهاية) يتحدث عن الصحبة الصالحة والسيئة والجنة والنار والقبر والنعيم – منوع – وكان المشرف المتحدث عليه شيخ فاضل فدار الحديث بيننا فقال لي : بفضل الله والله أن سبب توبتي زيارتي لهذا المعرض قبل أربع سنوات وأبشرك الآن بحمد الله أنا المشرف والملقي على هذا المعرض .
وقفة : قال صلى الله عليه وسلم : (من دعا إلى هُدى كان لهُ من الأجر مثل أجور من تبعهُ لا ينقصُ ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعهُ لا ينقصُ ذلك من آثامهم شيئاً). رواه مسلم

الفوائد من القصص :
- استعن بالله في كل أمورك ودع الله بالتوفيق وأن يجعلك مباركاً أينما كنت .
- إن صاحب الهمة العالية شغله الدائم كيف يرضي رب العالمين وكيف يخدم هذا الدين .
- أنشر الخير عبر كلمة أو شريط أو ابتسامة أو زيارة فلا تعلم أي عمل يدخلك الجنة .
- أعمالك التي تفعلها في الدنيا ستجدها في موازين حسناتك فأختر ما تحب أن تلقاه .
- عليك باختيار الصاحب الذي يعينك على الخير وأبشر بكل خير .

تمت بحمد الله.
أحمد خالد العتيبي
***
صيد الفوائد.

 

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
رد: قصص منوعة

القصّة ٩:
فتاتي
***
لست أذكر تحديدا تلك الليلة التي وقفت أتأمل هيئتي وهندامي، أطالع بإعجاب ذلك الجسد الفتي، وتلك الثياب الراقية، أستعرض نفسي أمام المرآة من جهات شتى، بدا لي أن أتخيل ذلك الرجل الذي أراه في المرآة شخصا آخر غيري، فأبدي بحيادية رأيي في وجاهته، حقا لقد نال إعجابي، ومنحته ابتسامة عريضة، ولكن فجأة...
برزت شاخصة أمامي، نعم هي، كنت أعلم أنها ستأتي، لكني لم أتوقع أن تباغتني على هذا النحو.
وقفت أطالعها في هلع، أتساءل في نفسي قبل أن أحدثها: ما الذي جاء بها إلى هنا؟ لماذا تأتيني في هذا الوقت بالذات؟
خرجت من صمتي، سألتها: لماذا أتيتِ؟ لماذا؟
لم ينبعث منها صوت تسمعه أذناي، ولكني سمعتها في ردهات عقلي، نعم، تسللت منها كلمات وجدت معانيها في قلبي، ولا تسألوني كيف، لكنه قد حدث.
"هل أزعجتك"، نطقت بها، أو هكذا استقبلتها في نفسي، فأجبتها في عصبية وتوتر: قطعا أزعجتيني.
هي: لماذا؟
صمت وطال صمتي وأنا أرمقها بنظرات تجمع بين الوجل والحنق، وتتراقص مقاطع الكلمات على شفتي دون أن تسيل واحدة منها، فأرخيت قسمات وجهي وأغمضت عيني.
هي: أعرف السبب.
فتحت عيني بغتة وكأنما لُدغت، واريت نظراتي، وأطرقت برأسي خجلا، ثم انتفضت وقد خطر لي التخلص منها، وعلى الفور جذبتها بعنف إلى خارج منزلي وأغلقت الباب ثم أسندت ظهري إليه وقد سرني أنها خرجت من حياتي.
مر علي قرابة شهر هنأت فيه بحياتي الهادئة، إلى أن جاءت تلك الليلة التي قطعت علي وصال سعادتي.
أنا: رباه، أنت مرة أخرى؟ لماذا أتيتِ ثانية؟
أجابتني بسخرية: أنا قدرك، أتراك تفر من قدرك المحتوم؟
أنا: ماذا تريدين مني؟
هي في عصبية بالغة: بل أنت ماذا تريد مني؟
استعرت منها تلك العصبية قائلا: أنت من أتى إليّ
هي: أعرف أنك تبغضني أكثر من أي شيء، وأعتقد أنك تعرف السبب أكثر مني، لأنني أفسد عليك أوهامك التي غرقت في أعماقها.
قاطعتها: كفى، لكنها استطردت: تريد أن تظل سابحا في أحلام الصبا، تريد أن تتنصل من مسئوليتك تجاه نفسك في غدك.
قلت في خفوت ووهن: كفى، دعيني وشأني، اتركيني لا أريد أن أفيق من سكرة عشقتها.
قالت في حنان غير مألوف: صدقني أنا أنفع لك من أوهامك، أنا الحقيقة، وما تحاول إقناع نفسك به هو الخيال.
نظرت إليها بهدوء، فبدت لي في هيئة مختلفة عن تلك المرة الأولى، لقد راقت لي لا أدري كيف، تخيلتها معي كرفيقة لي على دربي، تذكرني إذا نسيت، وتوقظني إن رقدت في سبات الغفلة، ووجدت هذه الخواطر تشق طريقها إلى قلبي، وتلقى الرضا في أعماقي
حقا أريدها الآن، أصطحبها معي في كل مكان، تكون لي معلما وناصحا، لن أتوارى بها خجلا.
نظرت إليها في حنان وامتنان، ومددت يدي إليها، ومسحت بأناملي على ظهرها، وهمست لها قائلا: شكرا لك عزيزتي، شكرا لك فتاتي.......
شكرا أيتها الشعرة البيضاء

تمت بحمد الله.
عادل مناع
***
صيد الفوائد.

 

مادي 15

مشرفة الركن العام
المشرفون
16 مايو 2008
12,244
855
113
الجنس
أنثى
القارئ المفضل
عبد الله المطرود
علم البلد
رد: قصص منوعة

،،،،
بارك الله فيكم أخي الكريم
ويثبت الموضوع لتميزه
spin1.gif
spin1.gif
spin1.gif
spin1.gif
spin1.gif

 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
رد: قصص منوعة

،،،،
بارك الله فيكم أخي الكريم
ويثبت الموضوع لتميزه
spin1.gif
spin1.gif
spin1.gif
spin1.gif
spin1.gif

وفيكم بارك ونفع أختنا الطيّبة
وشكراً لكِ وللأخ أبو العزام على اقتراحكم لتثبيته
:x16:
 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
رد: قصص منوعة

عدنا والحمد لله لنكمل ما بدأنا به

القصّة ١٠:
العجوز الفائز بظل العرش بإذن الله
***
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد ..
أحبتي في الله كثيرة هي القصص التي تتلهف لها القلوب فتكون نسائما ماتفتأ عن روائع الهبوب وقد حمل كتاب ربنا جل وعلا من القصص الكثير والكثير قصص الأنبياء وقصص الأمم السابقة صالحين وجبابرة هالكين لتكون قصصهم عبرة وتذكرة للمؤمنين .
وفي حاضرنا نتوق إلى القصص المفيدة فنسارع إلى الأجداد لنسمع منهم أجمل القصص بأسلوب رائع أخاذ وما أكثر ما استغل أعداء الدين هذا الفن فأنتجوا الأفلام وسطروا الرذائل بالأقلام فيأسروا قلوب الشباب والفتيات فيخدعوا بتلك المسلسلات والأفلام الهابطة والقصص التي تنسج السعادة الزائفة ...
قصتي هذه المرة ليست من نسج الخيال وليست من كتاب منقولة او مسموعة بل انها قصة من الواقع عايشتها ورأيت بطلها كتبتها بعد ان أذنت لي ابنة ذلك البطل وطلبتها ان اسطر انا على لسانها هذه القصة تتكلم عنه وانا أصوغ العبارات والجمل علي أوفق في كتابتها فالله ادعوه ان تنال استحسانكم ...
( رايته واراه كل يوم يتراقص قلبي فرحا وفي نفس الوقت يمتزق الما ليس عليه لا والله فما لمثله الالم او الحزن وانما لغيره وستعرفون لماذا وسأبدأ بسرد القصة ....
رجل عمره اليوم يزيد عن التسعين هذا الرجل أراد الله عز وجل ان يمد في عمره ليزيد من نور وجهه وصالح عمله ما أسرع تلك السنين التي مضت وما أجملها يوم ان تمضي في طاعة الرحمن ما أجملها يوم ان تذهب وهي مليئة بصيام وصلاة وعبادة للمنان .... نعم ان هذا الرجل احسبه والله حسيبه أفنى أجمل أيام شبابه في المسجد مع صلاة الجماعة ولعلي لن أكون مبالغه ان قلت انه فاز بظل العرش باذن الله اسال الله له ذلك اوليس نبينا الكريم عليه أتم الصلاة وأزكى التسليم قال (سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل الا ظله وذكر منها رجل قلبه معلق بالمساجد ) كنت اقرا واحفظ هذا الحديث واقول في نفسي معقول يكون تعلق بهذه الدرجة ؟؟ حتى رأيت بنفسي حال هذا الرجل كنت طفلة العب معه وامرح فكم كان وما يزال ابا حنونا عطوفا اراه ينهض من نومه العميق لذهب مسرعا يلبي النداء للصلاة لا ينظر إلي وانا أحب اليه ولا يعبا بي ولا لندائي له لان هناك نداء اعظم واجل نداء خالق الاكوان جل وعلا ويعلو الاذان وما ان ينتهي حتى اجده ذهب ويعود بابتسامه مشرقه ياخذني بين ذراعيه ويلاعبني قائما بشؤون اسرته مراعيا لرعيته اذهب معه للنزهه وأول ما يبحث عنه في المكان المسجد مستحيل ان يجلسنا في مكان بعيد عن المسجد او ليس به مسجد كثيرا ما كنت اتشاجر معه فهو ابي واخي كنت اغضب لاني اريد مكانا به الالعاب وهو يرفض بشده لان ليس به مسجد وكانه يقول لي بنيتي لن اقبل مساومة على صلاة الجماعة مهما كان حبي لك .... نجلس ويمر بنا الوقت واسمع الأذان واذا بي اركب السيارة وانا لم اخذ كفايتي بعد من جمال المكان فنذهب ونصلي ثم نعود وكأني ارى المكان غير المكان كاني اراه أجمل وأروع مما كان ...وما اكثر من يضيعون الصلاة ويتهاونون بها لاجل الاستمتاع في النزهات الا من رحم الله كم كنت افتخر به في طفولتي فانا ابنة الامام الجميع ممن يعرفوننا ينظرون لي بنظرات التقدير والاحترام فانا بنت الامام وهذا يبرر لي شيئا من الشقاوة والمشاكسة طفولة جميلة كنت امضي ايامها وانا بين ذراعي والدي اطال الله عمره اراه ياتي بعد صلاة الفجر ليزعجني بالاضاءة وقراءة القران وينغص علي نومي وما أجمله من تنغيص وماهي الا دقائق واذا بالماء البارد يصب على راسي فاقفز من سريري غاضبة امام ضحكات والدي الذي تعب من إيقاظي للصلاة بكل الفاظ الدلال وأحلاها حتى يئس فاحضر الماء فاقوم واصلي مجرد حركات من طفلة متمردة عنيده حجتها ان الصلاة لم تفرض عليها فقط واسارع للنوم لأسمع كلمات اللوم والعتاب من والدي لاني لم اقرا شيئا من القران واظل اسمعه يقرا ويرتل واقول في نفسي ترى الا يمل من القراءة الا يشتهي النوم مثلي ؟؟؟ ما كنت اعلم انه يشتهي ماهو أحلا وألذ من النوم يشتهي جنة عرضها السموات والأرض تنتظره ...
كنت المدللة لكن ليس على حساب الصلاة يوم ان كنت احاول جاهده ان اقنع والدي بالمكان الذي اريده في ذهابنا للنزهة كنت اعجب من نصائحه وكانه يرجوني بكلماته يوم ان كان ينصحني ان نجلس في مكان يكون فيه مسجد فكنت اقول له ان نصلي كلنا جماعه معه فكان يقول لا يا بنيتي لا تكافئيني على استجابتي لك بالنزهه بحرماني من صلاة الجماعة نصلي أولا ثم نذهب الى اي مكان تريديه كان كلامه مليئ بالإيمان ملامحه تضيئ بنورها يكلمني بحنان وليس بقسوة او إصدار للأوامر كان بامكانه ان يقول انا والدك وأريد المسجد بلهجه قاسية فيها من الأوامر والزجر لكنه الأب الرحيم الحنون المربي الذي اراد ان يحببني في هذا الدين وفي الصلاة ... وهذا الأسلوب للأسف كثيرا ما نفتقده لا من رحم الله كثيرا ما نجد في زماننا ما يسمى بالالتزام الأجوف الذي سرعان ما ينتكس أصحابه الا من رحم الله فيلتزم الابناء اما لان والديهم او احدهما دعاة او ملتزمين مجرد تقليد عن غير اقتناع او حب فتكون النتيجة انتكاسة عند أول محك والعياذ بالله ....فنجد الوالدين يجبرون الابن او الابنه على التحفيظ مخافة اللوم او النقد من المجتمع كون ان الأم داعية او الاب طالب علم مثلا او امام او في اي مجال من مجالات الدعوة فيخجلون ان يكونوا ابنائهم على غير ماهم عليه فيأتي الإجبار لتكون النتيجة تمرد وانهيار الا من رحم الله ...
وتمضي السنين ويبدا في مرحلة كبر الشيخوخة وتبدا الالام الام ركبتيه التى لطالما اتعب مفاصلها في الركوع والسجود الى ان تاكلت ويحتمل الالم ويقاوم ويذهب للمسجد ويزيد الالم فيمسك بالعصا لتعينه على تلبية النداء في المسجد وتزيد الالام ليتنحى عن الامامه في الصلاة لانه أصبح يصلي قاعدا على الكرسي وكم هو الالم في قلبه لكنه يخفيه ويواسيه في ذلك انه مايزال في المسجد فلا فرق ان كان اماما او ماموما فاااان للفارس ان يترجل فكم من سنوات قضاها اماما يصلي بالناس يدعو في التراويح فيهز قلوب المصلين ويجري مدامعهم وتنطلق دعواتهم له احبه الأطفال قبل الكبار فيه تواضع عجيب وبساطه ولا تفارق محياه البشاشه .
يوم ان كان يرى إهمالي في الصلاة كان ينصحني ويقول لي ان الصلاة مفتاح الرزق ويحكي لي عن ايام عاشها في فقر وتعب وشقاء وماان وسع الله عليه ورزقه من فضله واخوته لما كبروا في السن وتقدم بهم العمر ماكان ذلك الا بعد فضل الله ثم حفاظهم على الصلاة في الجماعة وقد قالها ربي جل وعلا في كتابه ورتلها لي والدي مرارا وتكرارا ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ) كان اكسل واحد من العائلة يدرك الركعة الأخيرة وهذا في نظرنا اكسل واحد ومهمل سبحان الله اذن في زماننا ماذا يسمى من لا يصلي اصلا ؟؟؟ ويضعف ذاك الجسد ويجري عمليه في ركبتيه لا لشئء سوى ان يرجع يصلي قائما كما كان فكم وكم يشعر بالحزن لانه لا يستطيع ان يقف على قدميه راضيا بقضاء ربه متمسكا بالامل ويقول لي غدا باذن الله ارجع أصلي بكم الصلوات والتراويح فتنهمر دموعي حبا وحنانا على ذاك الوالد الذي مافتئ يسقيني من كاس الحب لهذا الدين وللصلاة لم يضربني في يوم من الأيام برغم شقاوتي بل كان يحميني من قسوة أمي واهرب اليه لم يضربني سوى لأجل الصلاة أتذكر أول (كف ) أخذته على وجهي يوم ان ايقظني لصلاة الفجر كعادته وكنت من صاحبات الأعذار سقطت عني الصلاة لكن خجلي وحيائي منعاني من مصارحة والدي فما كان مني سوى ان استيقظت وذهبت اغسل وجهي ثم ذهبت للمطبخ في محاولة لتمضية الوقت حتى يذهب ابي للنوم ولم اكن اعلم انه يتابعني سبحان الله كلما تذكرت الموقف تعجبت وكأنه استاذا في التربية لم يكتفي ان يوقظني بل يتابعني عن بعد فيكتشف امري بفراسته وذكائه ليعرف اني كذبت عليه ولم أصلي فيغضب ويثور ويضربني على وجهي فاحس بالظلم الذي أنساني الم الضربة فاصرخ لأوضح له عذري واجري لغرفتي باكية اخذني الدلال الذي غمرني فيه لاجهش في البكاء لافاجا ظهر ذلك اليوم باعتذاره ونحن على الغداء ؟؟؟؟ معقول اب يعتذر ويطلب السماح من ابنته المراهقة ؟؟؟ نعم والله ليس بمستغرب على اب رحيم حنون يحمل في جنباته قلبا ينبض حبا ورحمة قالها (سامحيني يابنيتي ولا حياء في الدين لو اخبرتيني بعذرك ماكنت ضربتك ظننتك تكذبين وانا اسامح في كل شئ الا الصلاة ) الله اكبر علمني بضربه قيمة هذا الدين وكيف اني لا اقبل اي مساومة عليه ولا ابيع ديني ولا بكنوز الدنيا وفرضا واحدا من صلاتي يسوى الدنيا باسرها
وعلمني باعتذاره درسا في الاعتراف بالخطا وعدم المكابرة مع انه اب ويحق له ان يكابر ويكتفي بالاعتذار لكنه والله ماتركني الا وانا اضحك وما فتئ يستمر بطلب السماح وانا أماطل في دلال الطفولة وقلبي يقفز فرحا بودي ان اقبل قدميه قبل رأسه .
كنا في رمضان نعيش أجمل أيامنا كان لا يجلس على الطعام الا ويده ممسكه بي وانا التي كنت أماطل وأتأخر بالمطبخ حتى أضيع الوقت لكن اين المفر من اب ذكي متابع لا تنطلي عليه مشاغباتي فيمسكني مع يدي لنجلس ندعو عند الإفطار فاللصائم دعوة مستجابة عند فطره كما ورد في الحديث ... علمني ان أتذوق روحانية هذا الشهر كما أتذوق ألذ الطعام او الشراب كان يقول لنا نحن ناكل لنتقوى على الصيام والعبادة ولسنا نصوم لناكل فكان كثيرا ما ينبه على أمي بعدم الإكثار من أصناف الطعام حتى لا تضيع وقتها في المطبخ سبحان الله اذهب معه للمسجد لايفتا لسانه من ذكر الله عزوجل كان يوبخني لو راني أصلي وأقوم بدون قراءة اذكار او تسبيح .... ااااااااااااااه ما أجملها من أيام ليتها تعود انظر اليوم اليه يجلس على كرسيه المتحرك لا يقوى على الوقوف او الحركة خارت قواه وضعفت عظامه ووهنت لايسال عن طعام او شراب لا يسال سوى عن الصلاة ضعف عقله وذاكرته يصلي لا يعي ما يقول لكن عقله وقلبه متيقظ لشي واحد فقط الصلاة لا غير يسألني ويسال السائق ويسال الوالدة هل صليت العصر هل صلينا المغرب هل وهل وهل يالهذا الرجل وقد أصبح من أهل الأعذار بل سقطت عنه الصلاة لانه لا يدرك لكنه لم يسقطها عن نفسه يحمله السائق كطفل صغير الى السيارة ليذهب ويصلي بالمسجد المغرب والعشاء والجمعة اما بقية الصلوات فاما يصليها في البيت واما لا يصليها اصلا لذهاب عقله انظر اليه والى ذلك النور في وجهه والى عينيه وكانه يقول لي بنيتي اما وقد ضعف جسدي عن صلاة الجماعة فكوني كما ربيتك حافظي انتي عليها وانشئي ابنائك على حبها بنيتي كم اشتاق للمسجد كم اود ان أذهب لأصلي بنيتي انتي في شبابك وقوتك وصحتك فاستثمري تلك النعم في كثرة الصلاة والعبادة حتى تنالي خير الدنيا والاخره ... لله درك ابتاه ربيتني وأحسنت تربيتي وعلمتني حب هذا الدين والتفاني لخدمته .. لله درك يامن جمعت بين صفتين لتفوز بظل العرش باذن الله فنشات في طاعة الله وتعلق قلبك بالمساجد فهنيئا لك ابتاه فنيت شبابك وقوتك في طاعة ربك وستبقى باذن الله يطيل الله عمرك لتزيد وتزيد من الطاعات والقربات وسأكون باذن الله كما ربيتني لن اضيع تربيتك .....)
وبعد أحبتي في الله قالت لي ابنة بطل القصة انها ما اذنت لي ان اذكر قصة والدها لمجرد الافتخار فقط او التأسي فهناك الكثير والكثير من الصالحين بعد نبينا عليه السلام وصحابته والسلف الصالح نقتدي بهم لكن الهدف من القصة هي رسالة منها على لسان والدها موجهه الى ذلك الشاب الذي انعم الله عليه بالصحة والعافيه فسمع النداء للصلاة واعرض اهمالا وتكاسلا بينما لا يكسل ويمل ان يجوب الشوارع طولا وعرضا ... سمع النداء لصلاة الفجر وهو من كان يسهر ليلة كاملة وتكاسل عن ربع ساعة او نصف ساعه في صلاة الفجر ... من كان بري ابنائه وبناته مابخل عليهم بشئ لكنه بدافع الحب تنازل وغض الطرف عن المطالبة بالصلاة وحفاظهم عليها حرص ان يلبي طلباتهم واحتياجاتهم وحرص ان يكونوا في احسن حال من ماكل ومشرب وتعليم وفاته ان يحرص على حمايتهم من النار ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) غفل هو وغفلت تلك الام ان يحرصوا ان يكونوا مجتمعين في الجنة كحرصهم على اجتماعهم في الدنيا بحفاظهم على الصلاة والصبر عليها وعلى الطاعات بل غفلوا عن قوله تعالى ( وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ )
رسالة إلى كل فتاة وشاب وأم وأب ان يحافظوا على الصلاة قبل ان تمر بهم السنين وتضعف أجسادهم وقواهم ...


تمت بحمد الله.
سميرة أمين
***
صيد الفوائد.

 

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
رد: قصص منوعة

القصّة [FONT=&quot]١١[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT]
لماذا بكى الداعية ؟!
***

بسم الله الرحمن الرحيم


ذكر لي أحد الأخوة الثقات قال : ذهبت أنا وأحد الإخوة كعادتنا لدعوة الشباب في المقاهي والاستراحات والأرصفة، فتوقفنا عند استراحة سمعنا فيها غناءً، فطرقنا الباب وأذن لنا.
فعندما دخلنا عليهم توقفوا عن الغناء احتراماً لنا ، ولكن أحدهم لم يرض عن وجودنا بينهم فأصبح يكيل لنا الشتائم والسب واللعن، وينفخ في وجوهنا دخان الشيشة.
بعد أن تكلم الأخ الناصح بما فتح الله عليه ذهبنا، ولكن صاحبي هذا أبى إلا أن ينتظر الرجل الذي شتمنا وتلفظ علينا بالسب . سألته : لماذا؟ .
قال: سوف ترى عندما يخرج . فبعد ساعتين من الانتظار إذا بصاحبنا يخرج من الاستراحة ، فنزل له صاحبي ليدعوه ، وقرب منه، فبصق في وجه صاحبي ، فمسحها ، وحاول معه أخرى فبصق عليه مرة أخرى ودفعه، فرجع صاحبي إلي وطلب مني اللحاق به ، فسألته : لماذا؟ قال : ستعرف غداً.
ثم تبعنا هذا الأخ حتى عرفنا منزله، فتواعدنا أن نصلي المغرب في المسجد القريب من دار صاحبنا المقصر.
وبعد صلاة المغرب ذهب صاحبي وطرق الباب على ذلك الرجل الذي بصق في وجهه البارحة، وما إن رآه إلا وبادره بالشتم واللعن كعادته، فأمسك صاحبي برأسه وصار يقبله ويرجوه أن يسمح له بالدخول لمدة ربع ساعة فقط.
وفعلاً استطاع صاحبي إقناع الرجل ، ودخل عنده ، وتبعتهم ، وبدأ صاحبي بالوعظ ، وبعد عشر دقائق بكى الواعظ والموعوظ ، وبكيت أنا معهما .
طلب صاحبي من صاحبنا المقصر أن يغتسل ويتوضأ، فقام الرجل فاغتسل وتوضأ ، ثم صلينا العشاء سوياً في المسجد ،وانتظم هذا الرجل على الصلاة ، وحافظ عليها .
لم تنته القصة بعد.. العجيب في الأمر أن هذا الرجل قد توفي بعد عشرين يوماً فقط من استقامته وهدايته – رحمه الله -.
وقفه : ما أجمل الصبر من أجل الدعوة إلى الله .


من كتاب : مشاهد طبيب – للدكتور: خالد عبد العزيز الجبير .




تمت بحمد الله.
***
صيد الفوائد.
 

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
رد: قصص منوعة

القصّة ١٢:
أصحاب الجنة
***
حديثي معكم اليوم عن قصة اصحابة الجنة هذه القصة التي تتكرر مئات المرات في حياة الناس
هذه القصة محورها يتصل اشد الاتصال بحياة كل مسلم فما من مسلم الا وساق الله له من الشدائد ما ساق
القصة بحد ذاتها لها اثار جميله على النفس البشريه ولذلك كثر ورودها في الايات القرانيه كثيرا والسبب لان القصه تغرس مبادي الخير اذا كان محورها يدور حوله فتزرع في النفوس الخير بسهوله دون قصد وبدون شعور لانها القصة تتسلل منها معاني الخير في النفس من حيث لايشعر صاحبها و بدون قصد
هذه القصه تحدثنا عن خلق من اخلاق اهل النار هذه القصة تحدثنا عن خلق تدعوا الملائكة على صاحبه كل صباح ومساء ((مَا مِنْ يوم يُصبِحُ فيه العبادُ؛ إلا مَلَكانِ يَنْزِلان، يقول أحدُهما: اللهم أعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً، ويقول الآخر: اللهم أعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة]
هذه القصه تحدثنا عن خلق الشح والبخل وما يلحق صاحبه من اللوم والحسرة في الدنيا والعقاب الشديد في الاخرة
هذه القصة فيها تسليه لرسوله حينما كذبه قومة وقد انعم الله عليهم ببعثه رسوله وانعم عليهم بنعمة المال والجاه والولد واطعمهم من جوع وامنهم من خوف فكما ان الله عاقب من كفر بنعمة من اصحاب الجنة فان هؤلاء الذي لم يشكروا نعمة الله عليهم لازالوا معرضين للعقاب صباحا ومساء
2- اما قصة اصحاب الجنة فكانت لرجل من اهل اليمن من اهل الكتاب لانه كان قبل بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لازال باليمن بقايا من اليهود والنصارى وهذا الرجل الصالح من اهل الكتاب وكان في قرية يُقال لها: "ضَرَوان" على سِتَّة أميال من صَنعاء، عاش هناك وكانت له جَنَّة فيها من كل الثمرات وكان هذا الرجلُ الصالح لا يُدخِل بيتَه ثمرةً منها حتى يقسمَ الثمار ثلاثة أقسام: قسم للفقراء والمساكين، وقسم لأهل بيته، وقسم يردُّه في المحصول؛ لِيزرعَ به الأرض؛ لذلك بارك الله له في رِزْقه وعياله.فلمَّا مات الشيخ ووَرِثه بَنُوه - وكان له خمسة من البنين - فحَملت جنَّتُهم في تلك السَّنة التي هلَك فيها أبوهم حملاً لم تكن حملَتْه مِن قبل ذلك فلمَّا نظروا إلى الفضل طَغَوا وبَغَوا، وقال بعضُهم لبعض: لقد كان أبونا أحْمَق؛ إذْ كان يَصرِف من هذه الثمار للفقراء، دَعُونا نتعاهد فيما بيننا ألاَّ نُعطيَ أحدًا من فقراء والمساكين في عامِنا هذا شيئًا؛ حتى نَستَغنِيَ وتَكثر أموالنا فقال اوسطهم أي اعقلهم واقرب الابناء شبها بابيه الصالح سيروا فيها بسيرة ابيكم فرفضوا
وهذا الامر يتكرر في كل عصر كان هناك شجرة ليمون في بيتٌ من بيوت الشام القديمة، تحمِلُ من الثمرات ما لا يُعَدّ ولا يُحصى، و يوجد في هذا البيت امرأةٌ صالحة، فكلَّما طُرق باب هذا البيت وطُلِب منهم ثمرة من هذه الثمار قدمتها، وكأن هذه الشجرة وقفٌ لأهل الحيّ، فماتت هذه المرأة الصالحة وجاءت من بعدها زوجة ابنها الشابَّة، فلمَّا طُرِق الباب وطلب الطارق ثمرةً من هذه الثمار طردته ومنعته، وبعد حين يَبِسَت هذه الشجرة وماتت. فذا كان بين يديك شيء ثمين وينفع الناس فاياك ثم اياك ان تمنعهم عن نفعهم به لانك اذا فعلت ذلك اخذ منك وحوله الى غيرك
3- اذا اقسموا ليصرمنهما مصبحين
اول نقطة في قصة أصحاب الجنة انهم أقسموا ليصرمونها مصبحين ولا يستثنون
اجتمعوا وتشاوروا وتحاوروا ثم قرروا واقسموا ليصرمنها مصبحين
4- ولا يستثنون قيل ولا يستثنون نصيب الفقراء وقيل ولا يستثنون حتى كلمة ان شاء الله فلم يقولوها
5- فطاف عليها طائف من ربك
الطائف قيل ضريب وقيل صقيع موجة صقيع في دقائق وقيل نار احرقت الجنة لان النية السيئه بينها وبين السلوك علاقه فلما بيت اصحاب الجنة النية السيئة عاقبهم الله فنيتهم بعدم إطعام المسكين أتلف محصولهم كله
هي هكذا الجزاء من جنس العمل من اكرم الناس اكرمه الله ومن حرمهم حرمه الله ومن منعهم منعه الله
فالطائف موجود في كل عصر فطائف التجار قد يسلط الله عليهم حرائق ففي الحديث وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : (( ما خالطت الصدقة أو قال الزكاة مالا إلا أفسدته )) رواه البزار والبيهقي فالتجار معرضين للعقوبات مثل الضرائب ومثل الحرائق او مصادرة بعض البضائع او تاتي بضاعه غير التي اشتراها
واما طائف المزارعين فهناك فيضانات ورياح تقتلع الزروع والاشجار وهناك افات كالذباب والعناكب والحشرات والضريب او موجه صقيع
يقول احد المشائخ جاءت في الغوطة وهي بلدة بسوريا على مزارع المشمش فاهلكتها وفي احدى بلاد الشام قبل خمسين عاما جاءت موجة جراد اكلت الاخضر واليابس الا مزرعه بقيت على نضرتها وخضرتها فقال اصحاب المزارع الاخرى لماذا سلمت مزرعتك من الجراد ما السر في ذلك فقال السر في الدواء فقالوا الا تتقي الله وتخفي عنا الدواء فقال انه الزكاة
سئل احد العلماء هل في العسل زكاة فقال نعم فقال طيب اذا لم ازكي فقال العقاب جاهز القراد ياكل النحل والشمع
لقد قرأت مرَّةً أن زارعي البرتقال في أمريكا أرادوا إتلافه للحفاظ على الأسعار المرتفعة، فقد خافوا من هبوط الأسعار فأرادوا إتلاف هذا المحصول، فتسلل الزنوج الفقراء تحت الأسلاك الشائكة ليأكلوا هذا البرتقال الطيِّب الذي أراد أصحابه إتلافه، و في العام القادم فعلوا الشيء نفسه ولكن مع تسميم هذا المحصول لئلا ينتفع منه إنسان، فهذا هو الكافر.. شحيح دائماً..
﴿ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ ﴾
وفي أستراليا أيضاً قبل عدّة أعوامٍ تمّ إعدام عشرين مليون رأس غنم بالرصاص، وحُفرت الحفر ودُفِن هذا العدد الكبير للحفاظ على أسعارها المرتفعة.. بينما هناك شعوبٌ قد أهلكتها المجاعات، ولا يُستبعد أن يكون أصحاب الأغنام في أستراليا هم أنفسهم أصحاب البقر الذي جنّ في إنكلترا، لأن العقاب كان شديداً، فقد توجب إحراق ثلاثة عشر مليون بقرة قيمتها ثلاثة وثلاثون مليار جنية إسترليني، فهذا هو الكافر..

6- فاصبحت كالصريم يقول ابن عباس أي صارت محترقه مثل الليل بينما الثمرة كبيرة تصغر وتنكمش ويتلف داخلها وتذبل اوراقها وتسود كانها محترقه
سبحان الله كم من انسان امسى ونام وهو يملك ما يملك واصبح وما يملك شيئا
كم من انسان كان يملك ثروات ولكن بسبب ذنوبه ضاع كل شي
كم من انسان كان يملك عقارات وسيارات وبسبب اكله للربا ضاع منه كل ما يملك
كم من انسان رفض او تهرب او تفنن في عدم اخراج الزكاة وضاع ماله كله كما حصل لاهل الجنة رفض ان يعطوا ثلثها فذهبت الحديقه كلها
فالله قد يؤدبه بذهاب مقدار الزكاه وبعضهم يؤدبه بذهاب نصف ماله وبعضهم يذهب ماله كله وهذا بحسب حكمة الله الله يعلم كيف يؤدب الشخص ورد في الاثر (إن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا السقم ولو أصححته لأفسده ذلك وإني أدبر لعبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير‏.‏)
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إياكم والمعاصي إن العبد ليذنب الذنب فينسى به الباب من العلم، وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل، وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقاً قد كان هيىء له، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم } قد حرموا خير جنتهم بذنبهم
7- فتنادوا مصبحين الى ان قال فانطلقوا وهم يتخافتون أي يتسارون بالحديث الا يدخلنها اليوم عليكم مسكين
العقوبه حصلت لهم بالليل بعدما بيتوا النية السيئه ثم بين الله لنا هنا كيف خرجوا من بيوتهم وهم مصرين على منع الفقراء وكيق كانوا يتناجون ويتسارون بالحديث حتى لا يشعر بهم الفقراء
8 وغدوا على حرد أي غدوا على منع للفقراء قادرين
9 – فلما راوها قالوا انا لضالون أي تائهون
10 –بل نحن محرمون
11- كذلك العذاب
هذه الكلمة كذلك العذاب يدور محور القصة عليها
لما كانت الخسارة كبيرة كانت سببا في عودتهم الى الله وكانت سببا في توبتهم وندمهم ومحاسبتهم لانفسهم وفي اقبالهم وندمهم
ولولا تأديب الله لهم لما كان هذا الكلام منهم ياويلنا انا كنا ظالمين كما قيل لولا هذه الشِدَّة لما كانت هذه الشَدَّة
قد تجد تسعين في المئة من توبه الناس كانت بسبب التضييق عليهم لان العذاب في الدنيا موظف للخير بعض الناس لايفكر في صلاة ولا طاعه عنده مال وقوة وصحه وجاه وابهة فما قال يوما يا رب فلما افلس قال يا الله
سئل بعض العلماء بعد ان مكث يدعوا الى الله عشرين سنة ما ملخص دعوتك فقال اذا لم تاتي الى الله مسرعا جاء بك اليه مسرعا بمعنى اخر اذا لم تاتي الى الله برجليك جاء بك على وجهك اصحاب الجنة قال لهم اخوهم لولا تسبحون فاقسموا ليصرمنها مصبحين فلما احرق الله جنتهم كلها وعاقبهم قالوا انا الى الله راغبون وقبلها كانوا لايقبلون النصح
شاب وزجته شاردان عن الله عاشا حياة التفلت معهم مال وجمال وصحه وهما ينتقلان من مكان الى مكان ومن بلد الى بلد ومن نزهة الى نزهته ولا يصلون ولا يصومون رزقهم الله بفتاة صغيرة من اجمل الناس صورة واحلاهم منطقا ملكت قلوبهم واصيبت بمرض خبيث فصاروا ينتقلون من طبيب الى طبيب ومن مستشفى الى مستشفى ومن تحليل الى تحليل ثم جاءتهم خاطره لو تبنا الى الله ودعوناه فلما تابا وانابا الى الله شفى هذه البنت ولو لم يستجبوا لهذا العلاج ﴿ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33)﴾

دروس وعبر من قصة اصحاب الجنة
1- لو ان الله اخر العقاب الى يوم القيامة لهلك كثير من الناس ففي الحديث عن انس وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله إذا أراد بعبد خيراً عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبد شراً أمسك عنه حتى يوافى يوم القيامة بذنبه) رواه الترمذي السنن رقم 2396 وهو في صحيح الجامع رقم 308 وعن عَبْد اللَّهِ بْن مُغَفَّلٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا لَقِيَ امْرَأَةً كَانَتْ بَغِيًّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَجَعَلَ يُلاعِبُهَا حَتَّى بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ مَهْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَهَبَ بِالشِّرْكِ وَقَالَ عَفَّانُ مَرَّةً ذَهَبَ بِالْجَاهِلِيَّةِ وَجَاءَنَا بِالإِسْلامِ فَوَلَّى الرَّجُلُ فَأَصَابَ وَجْهَهُ الْحَائِطُ فَشَجَّهُ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ أَنْتَ عَبْدٌ أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَيْرًا إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْراً عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرّاً أَمْسَكَ عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَفَّى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ عَيْرٌ رواه أحمد رحمه الله المسند 4/87 والحاكم في المستدرك 1/349
2- اقول لكم ولكل من يتهرب من اخراج الزكاة هل سمعتم برجل تدعوا عليه الملائكة صباحا مساء وبما تدعوا عليه تدعوا عليه بتلف ماله
3- قصة اصحاب الجنة رسالة من الله يذكر بها الناس وان كل من ينفق ماله في سبيل الله ويعطي حق الفقراء فان الله يبارك له في ماله واهله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( بينا رجل بفلاة من الأرض ، فسمع صوتاً في سحابة : اسق حديقة فلان ، فتنحّى ذلك السحاب ، فأفرغ ماءه في حَرّة ، فإذا شَرجةٌ من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله ، فتتبّع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته ، فقال له : يا عبد الله ، ما اسمك ؟ ، قال : فلان ، للاسم الذي سمع في السحابة ، فقال له : يا عبد الله ، لم تسألني عن اسمي ؟ ، فقال : إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه ، يقول : اسق حديقة فلان - لاسمك - ، فما تصنع فيها ؟ ، قال : أما إذ قلت هذا ، فإني أنظر إلى ما يخرج منها ، فأتصدق بثلثه ، وآكل أنا وعيالي ثلثاً ، وأرد فيها ثلثه ) رواه مسلم

4- كل امة تمنع الزكاة كل غني يبخل بماله كل من يتهرب من اخراج الزكاة فعقوبته الهلاك
5- اخطر لباس لباس الجوع والخوف لذلك ذكر الله قريش بنعمتين امنهم من خوف واطعمهم من جوع ضرب الله مثلا قرية كانت امنة مطمئنه
6- احياننا يختار البعد حتفه بنفسه ويختار طريقة الموت ولو علم ان فيه حتفه لما اقدم مثل اصحاب الجنة ومثل من يكفر نعمة الله عليه السيارات ويفحط بها ويعبث يركب سيارة اخر مديل فلا يشكر نعمة الله فكم من قتيل قد اهلكته


تمت بحمد الله.
***
صيد الفوائد.



 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع