- 2 يوليو 2006
- 8,187
- 128
- 63
- الجنس
- ذكر
(بسم الل) :
: :
:
ويستحب افتتاح المجلس بقراءة قارئ لشيء من القرآن العظيم فإذا فرغ استنصت المستملي أهل المجلس إن كان فيه لغط ثم يبسمل ويحمد الله تبارك وتعالى ويصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتحرى الأبلغ في ذلك ثم يقبل على المحدث ويقول من ذكرت أو ما ذكرت رحمك الله أو غفر الله لك أو نحو ذلك والله أعلم وكلما انتهى الى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه وذكر الخطيب أنه يرفع صوته بذلك وإذا انتهى الى ذكر الصحابي قال رضي الله عنه ويحسن بالمحدث الثناء على شيخه في حالة الرواية عنه بما هو أهل له فقد فعل ذلك غير واحد من السلف والعلماء كما روي عن عطاء بن أبي رباح أنه كان إذا حدث عن بن عباس رضي الله عنهما قال حدثني البحر وعن وكيع أنه قال حدثنا سفيان أمير المؤمنين في الحديث وأهم من ذلك الدعاء له عند ذكره فلا يغفلن عنه
ولا بأس بذكر من يروي عنه بما يعرف به من لقب كغندر لقب محمد بن جعفر صاحب شعبة ولوين لقب محمد بن سليمان المصيصي أو نسبة إلى أم عرف بها كيعلى بن منية الصحابي وهو بن أمية ومنية أمه وقيل جدته أم أبيه أو وصف بصفة نقص في جسده عرف كسليمان الأعمش وعاصم الأحول إلا ما يكرهه من ذلك كما في إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن علية وهي أمه وقيل أم أمه روينا عن يحيى بن معين أنه كان يقول حدثنا إسماعيل بن علية فنهاه أحمد بن حنبل وقال قل إسماعيل بن إبراهيم فإنه بلغني أنه كان يكره أن ينسب إلى أمه فقال قد قبلنا منك يا معلم الخير
وقد استحب للملي أن يجمع في إملائه بين الرواية عن جماعة من شيوخه مقدما للاعلى إسنادا أو الأولى من وجه آخر ويملي عن كل شيخ منهم حديثا واحدا ويختار ما علا سنده وقصر متنه فإنه أحسن وأليق وينتقي ما يمليه ويتحرى المستفاد منه وينبه على ما فيه من فائدة وعلو وفضيلة ويتجنب ما لا تحتمله عقول الحاضرين وما يخشى فيه من دخول الوهم عليهم في فهمه وكان من عادة غير واحد من المذكورين ختم الإملاء بشيء من الحكايات والنوادر والإنشادات بأسانيدها وذلك حسن والله أعلم
وإذا قصر المحدث عن تخريج ما يمليه فاستعان ببعض حفاظ وقته فخرج له فلا بأس بذلك قال الخطيب كان جماعة من شيوخنا يفعلون ذلك وإذا نجز الإملاء فلا غنى عن مقابلته وإتقانه وإصلاح ما فسد منه بزيغ القلم وطغيانه هذه عيون من آداب المحدث اجتزأنا بها معرضين عن التطويل بما ليس من مهماتها أو هو ظاهر ليس من مستبهماتها والله الموفق وهو أعلم
النوع الثامن والعشرون
معرفة آداب طالب الحديث
وقد اندرج طرف منه في جملة ما تقدم فأول ما عليه تحقيق الإخلاص والحذر من أن يتخذه وصلة إلى شيء من الأغراض الدنيوية روينا عن حماد بن سلمة رضي الله عنه أنه قال من طلب الحديث لغير الله مكر به وروينا عن سفيان الثوري رضي الله عنه قال ما أعلم عملا هو أفضل من طلب الحديث لمن أراد الله به وروينا نحوه عن بن المبارك رضي الله عنه ومن أقرب الوجوه في إصلاح النية فيه ما روينا عن أبي عمرو إسماعيل بن نجيد أنه سأل أبا جعفر أحمد بن حمدان وكانا عبدين صالحين فقال له بأي نية أكتب الحديث فقال ألستم تروون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة قال نعم قال فرسول الله صلى الله عليه وسلم رأس الصالحين
وليسأل الله تبارك وتعالى التيسير والتأييد والتوفيق والتسديد وليأخذ نفسه بالأخلاق الزكية والأداب الرضية فقد روينا عن أبي عاصم النبيل قال من طلب هذا الحديث فقد طلب أعلى أمور الدين فيجب أن يكون خير الناس
وفي السن الذي يستحب فيه الابتداء بسماع الحديث وبكتبته اختلاف سبق بيانه في أول النوع الرابع والعشرين وإذا أخذ فيه فليشمر عن ساق جهده واجتهاده ويبدأ بالسماع من أسند شيوخ مصره ومن الأولى فالأولى من حيث العلم أو الشهرة أو الشرف أو غير ذلك وإذا فرغ من سماع العوالي والمهمات التي ببلده فليرحل الى غيره روينا عن يحيى بن معين أنه قال أربعة لا تؤنس منهم رشدا حارس الدرب ومنادي القاضي وابن المحدث ورجل يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث وروينا عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قيل له أيرحل الرجل في طلب العلو فقال بلى والله شديدا لقد كان علقمة والأسود يبلغهما الحديث عن عمر رضي الله عنه فلا يقنعهما حتى يخرجا الى عمر رضي الله عنه فيسمعانه منه والله أعلم وعن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه قال إن الله تعالى يدفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث ولا يحملنه الحرص والشره على التساهل في السماع والتحمل والإخلال بما يشترط عليه على ما تقدم شرحه
وليستعمل ما يسمعه من الأحاديث الواردة بالصلاة والتسبيح وغيرهما من الأعمال الصالحة فذلك زكاة الحديث على ما روينا عن العبد الصالح بشر بن الحارث الحافي رضي الله عنه وروينا عنه أيضا أنه قال يا أصحاب الحديث أدوا زكاة هذا الحديث اعملوا من كل مئتي حديث بخمسة أحاديث وروينا عن عمرو بن قيس الملائي رضي الله عنه قال إذا بلغك شيء من الخير فاعمل له ولو مرة تكن من أهله وروينا عن وكيع قال إذا أرت أن تحفظ الحديث فاعمل به وليعظم شيخه ومن يسمع منه فذلك من أجلال الحديث والعلم ولا يثقل عليه ولا يطول بحيث يضجره فإنه يخشى على فاعل ذلك أن يرحم الانتفاع وقد روينا عن الزهري أنه قال إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب والله أعلم
ومن ظفر من الطلبة بسماع شيخ فكتمه غيره لينفرد به عنهم كان جديرا بأن لا ينتفع به وذلك من اللؤم الذي يقع فيه جهلة الطلبة الوضعاء ومن أول فائدة طلب الحديث الإفادة روينا عن مالك رضي الله عنه أنه قال من بركة الحديث إفادة بعضهم بعضا وروينا عن إسحاق بن إبراهيم راهويه أنه قال لبعض من سمع منه في جماعة انسخ من كتابهم ما قد قرأت فقال إنهم لا يمكنونني قال إذا والله لا يفلحون قد رأينا أقواما منعوا هذا السماع فوالله ما أفلحوا ولا أنجحوا قلت وقد رأينا نحن أقواما منعوا السماع فما أفلحوا ولا أنجحوا ونسأل الله العافية والله أعلم
ولا يكن ممن يمنعه الحياء أو الكبر عن كثير من الطلب وقد روينا عن مجاهد رضي الله عنه أنه قال لا يتعلم مستحي ولا مستكبر وروينا عن عمر بن الخطاب وابنه رضي الله عنهما أنهما قالا من رق وجهه رق علمه ولا يأنف من أن يكتب عمن دونه ما يستفيده منه روينا عن وكيع بن الجراح رضي الله عنه أنه قال لا ينبل الرجل من أصحاب الحديث حتى يكتب عمن هو فوقه وعمن هو مثله وعمن هو دونه وليس بموفق من ضيغ شيئا من وقته في الاستكثار من الشيوخ لمجرد اسم الكثرة وصيتها وليس من ذلك قول أبي حاتم الرازي إذا كتبت فقمش وإذا حدثت ففتش
وليكتب وليسمع ما يقع اليه من كتاب أو جزء على التمام ولا ينتخب فقد قال بن المبارك رضي الله عنه ما انتخبت على عالم قط إلا ندمت وروينا عنه أنه قال لا ينتخب على عالم إلا بذنب وروينا أو بلغنا عن يحيى بن معين أنه قال سيندم المنتخب في الحديث حين لا تنفعه الندامة فإن ضاقت به الحال عن الاستيعاب وأوج الى الانتقاء الانتخاب تولى ذلك بنفسه إن كان أهلا مميزا عارفا بما يصلح للانتقاء والاختيار وإن كان قاصرا عن ذلك استعان ببعض الحفاظ لينتخب له وقد كان جماعة من الحفاظ متصدين للانتقاء على الشيوخ والطلبة تسمع وتكتب بانتخابهم منهم إبراهيم بن أرمة الأصبهاني وأبو عبد الله الحسين بن محمد المعروف بعبيد العجل وأبو الحسن الدارقطني و أبو بكر الجعابي في آخرين وكانت العادة جارية برسم الحافظ علامة في أصل الشيخ على ما ينتخبه فكان النعيمي أبو الحسن يعلم الصاد ممدودة وأبو محمد الخلال بطاء ممدودة وأبو الفضل الفلكي بصورة همزتين وكلهم يعلم بحبر في الحاشية اليمنى من الورقة وعلم الدارقطني في الحاشية اليسرى بخط عريض بالحمرة وكان أبو القاسم اللالكائي الحافظ يعلم بخط صغير بالحمرة على أول إسناد الحديث ولا حجر في ذلك ولكل الخيار ثم لا ينبغي لطالب الحديث ان يقتصر على سماع الحديث وكتبه دون معرفته وفهمه فيكون قد أتعب نفسه من غير أن يظفر بطائل وبغير أن يحصل في عداد أهل الحديث بل لم يزد على أن صار من المتشبهين المنقوصين المتحلين بما هم منه عاطلون قلت أنشدني أبو المظفر بن الحافظ أبي سعد السمعاني رحمه الله لفظا بمدينة مرو قال أنشدنا والدي لفظا أو قراءة عليه قال أنشدنا محمد بن ناصر السلامي من لفظه قال أنشدنا الأديب الفاضل فارس بن الحسين لنفسه
يا طالب العلم الذي
ذهبت بمدته الرواية
كن في الرواية ذا العناية
بالرواية والدراية
وارو القليل وراعه
فالعلم ليس له نهاية
وليقدم العناية بالصحيحين ثم بسنن أبي داود وسنن النسائي وكتاب الترمذي ضبطا لمشكلها وفهما لخفي معانيها ولا يخدعن عن كتاب السنن الكبير للبيهقي فإنا لا نعلم مثله في بابه ثم بسائر ما تمس حاجة صاحب الحديث إليه من كتب المساند كمسند أحمد ومن كتب الجوامع المصنفة في الأحكام المشتملة على المسانيد وغيرها وموطأ مالك هو المقدم منها ومن كتب علل الحديث ومن أجودها كتاب العلل عن أحمد بن حنبل وكتاب العلل عن الدارقطني ومن كتب معرفة الرجال وتواريخ المحدثين ومن أفضلها تاريخ البخاري الكبير وكتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ومن كتب الضبط لمشكل الأسماء ومن أكملها كتاب الإكمال لأبي ناصر بن ماكولا
وليكن كلما مر به اسم مشكل أو كلمة من حديث مشكلة بحث عنها وأودعها قلبه فإنه يجتمع له بذلك علم كثير في يسر
وليكن تحفظه للحديث على التدريج قليلا قليلا مع الأيام والليالي فذلك أحرى بأن يمتع بمحفوظه وممن ورد ذلك عنه من حفاظ الحديث المتقدمين شعبة وابن علية ومعمر وروينا عن معمر قال سمعت الزهري يقول من طلب العلم جملة فاته جملة وإنما يدرك العلم حديثا وحديثين والله أعلم وليكن الإتقان من شأنه فقد قال عبد الرحمن بن مهدي الحفظ الإتقان ثم إن المذاكرة بما يتحفظه من أقوى أسباب الإمتاع به روينا عن علقمة النخعي قال تذاكروا الحديث فإن حياته ذكره وعن إبراهيم النخعي قال من سره أن يحفظ الحديث فليحدث به ولو أن يحدث به من لا يشتهيه وليشتغل بالتخريج والتأليف والتصنيف إذا استعد لذلك وتأهل له فإنه كما قال الخطيب الحافظ يثبت الحفظ ويذكي القلب ويشحذ الطبع ويجيد البيان ويكشف الملتبس ويكسب جميل الذكر ويخلده الى آخر الدهر وقل ما يمهر في علم الحديث ويقف على غوامضه ويستبين الخفي من فوائده إلا من فعل ذلك وحدث الصوري الحافظ محمد بن علي قال رأيت أبا محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ في المنام فقال لي يا أبا عبد الله خرج وصنف قبل أن يحال بينك وبينه هذا أنا تراني قد حيل بيني وبين ذلك
وللعلماء بالحديث في تصنيفه طريقتان
إحداهما التصنيف على الأبواب وهو تخريجه على أحكام الفقه وغيرها وتنويعه أنواعا وجمع ما ورد في كل حكم وكل نوع في باب فباب
والثانية تصنيفه على المسانيد وجمع حديث كل صحابي وحده وإن اختلفت أنواعه ولمن اختار ذلك أن يرتبهم على حروف المعجم في أسمائهم وله أن يرتبهم على القبائل فيبدأ ببني هاشم ثم بالأقرب فالأقرب نسبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وله أن يرتب على سوابق الصحابة فيبدأ بالعشرة ثم بأهل بدر ثم بأهل الحديبة ثم بمن أسلم وهاجر بين الحديبية وفتح مكة ويختم بأصاغر الصحابة كابي الطفيل ونظرائه ثم بالنساء وهذا أحسن والأول أسهل وفي ذلك من وجوه الترتيب غير ذلك ثم إن من أعلى المراتب في تصنيفه تصنيفه معللا بأن يجمع في كل حديث طرفه واختلاف الرواة فيه كما فعل يعقوب بن شيبة في مسنده ومما يعتنون به في التأليف جمع الشيوخ أي جمع حديث شيوخ مخصوصين كل واحد منهم على انفراده قال عثمان بن سعيد الدارمي يقال من لم يجمع حديث هؤلاء الخمسة فهو مفلس في الحديث سفيان وشعبة ومالك وحماد بن زيد وابن عيينة وهم أصول الدين وأصحاب الحديث يجمعون حديث خلق كثير غير الذين ذكرهم الدارمي منهم أيوب السختياني والزهري والأوزاعي ويجمعون أيضا التراجم وهي أسانيد يخصون ما جاء بها بالجمع والتأليف مثل ترجمة مالك عن نافع عن بن عمر وترجمة سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة وترجمة هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها في أشباه لذلك كثيرة ويجمعون أيضا أبوابا من أبواب الكتب المصنفة الجامعة للأحكام فيفردونها بالتأليف فتصير كتبا مفردة نحو باب رؤية الله عز وجل وباب رفع اليدين وباب القراءة خلف الإمام وغير ذلك ويفردون أحاديث فيجمعون طرفها في كتب مفردة نحو طرق حديث قبض العلم وحديث الغسل يوم الجمعة وغير ذلك وكثير من أنواع كتابنا هذا قد أفردوا أحاديثه بالجمع والتصنيف وعليه في كل ذلك تصحيح القصد والحذر من قصد المكاثرة ونحوه بلغنا عن حمزة بن محمد الكناني أنه خرج حديثا واحدا من نحو مئتي طريق فأعجبه ذلك فرأى يحيى بن معين في منامه فذكر له ذلك فقال له أخشى أن يدخل هذا تحت ألهاكم التكاثر ثم ليحذر أن يخرج إلى الناس ما يصنفه إلا بعد تهذيبه وتحريره وإعادة النظر فيه وتكريره وليتق أن يجمع ما لم يتأهل بعد لاجتناء ثمرته واقتناص فائدة جمعه كيلا يكون حكمه ما رويناه عن علي بن المديني قال إذا رأيت الحدث أول ما يكتب الحديث يجمع حديث الغسل وحديث من كذب فاكتب على قفاه لا يفلح ثم إن هذا الكتاب مدخل إلى هذا الشأن مفصح عن أصوله وفروعه شارح لمصطلحات أهله ومقاصدهم ومهماتهم التي ينقص المحدث بالجهل بها نقصا فاحشا فهو إن شاء الله جدير بأن تقدم العناية به ونسأل الله سبحانه فضله العظيم وهو أعلم
النوع التاسع والعشرون
معرفة الإسناد العالي والنازل
أصل الإسناد أولا خصيصة فاضلة من خصائص هذه الأمة وسنة بالغة من السنن المؤكدة روينا من غير وجه عن عبد الله بن المبارك رضي الله عنه أنه قال الإسناد من الدين لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء وطلب العلو فيه سنة أيضا ولذلك استحبت الرحلة فيه على ما سبق ذكره قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه طلب الإسناد العالي سنة عمن سلف وقد روينا أن يحيى بن معين رضي الله عنه قيل له في مرضه الذي مات فيه ما تشتهي قال بيت خالي وإسناد عالي قلت العلو يبعد الإسناد من الخلل لأن كل رجل من رجاله يحتمل أن يقع الخلل من جهته سهوا أو عمدا ففي قلتهم قلة جهات الخلل وفي كثرتهم كثرة جهات الخلل وهذا جلي واضح
ثم إن العلو المطلوب في رواية الحديث على أقسام خمسة
أولها من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد نظيف غير ضعيف وذلك من أجل أنواع العلو وقد روينا عن محمد بن أسلم الطوسي الزاهد العالم رضي الله عنه أنه قال قرب الإسناد قرب أو قربة إلى الله عز وجل وهذا كما قال لأن قرب الإسناد قرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرب إليه قرب إلى الله عز وجل
الثاني وهو الذي ذكره الحاكم أبو عبد الله الحافظ القرب من إمام من أئمة الحديث وإن كثر العدد من ذلك الإمام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا وجد ذلك في إسناد وصف بالعلو نظرا إلى قربه من ذلك الإمام وإن لم يكن عاليا بالنسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام الحاكم يوهم أن القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعد من العلو المطلوب أصلا وهذا غلط من قائله لأن القرب منه صلى الله عليه وسلم بإسناد نظيف غير ضعيف أولى بذلك ولا ينازع في هذا من له مسكة من معرفة وكأن الحاكم أراد بكلامه ذلك إثبات العلو للإسناد بقربه من امام وإن لم يكن قريبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والإنكار على من يراعي في ذلك مجرد قرب الإسناد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان إسنادا ضعيفا ولهذا مثل ذلك بحديث أبي هدبة ودينار والأشج وأشباههم والله أعلم
الثالث العلو بالنسبة إلى رواية الصحيحين أو أحدهما أو غيرهما من الكتب المعروفة المعتمدة وذلك ما اشتهر آخرا من الموافقات والأبدال والمساواة والمصافحة وقد كثر اعتناء المحدثين المتأخرين بهذا النوع وممن وجدت هذا النووع في كلامه أبو بكر الخطيب الحافظ وبعض شيوخه وأبو نصر بن ماكولا وأبو عبد الله الحميدي ويغرهم من طبقتهم وممن جاء بعدهم والله أعلم
أما الموافقة فهي أن يقع لك الحديث عن شيخ مسلم فيه مثلا عاليا بعدد أقل من العدد الذي يقع لك به ذلك الحديث عن ذلك الشيخ إذا رويته عن مسلم عنه
وأما البدل فمثل أن يقع لك هذا العلو عن شيخ غير شيخ مسلم هو مثل شيخ مسلم في ذلك الحديث وقد يرد البدل إلى الموافقة فيقال فيما ذكرناه إنه موافقة عالية في شيخ شيخ مسلم ولو لم يكن ذلك عاليا فهو أيضا موافقة وبدل لكن لا يطلق عليه اسم الموافقة والبدل لعدم الالتفات إليه
وأما المساواة فهي في اعصارنا أن يقل العدد في إسنادك لا إلى شيخ مسلم وأمثاله ولا إلى شيخ شيخه بل إلى من هو أبعد من ذلك كالصحابي أو من قاربه وربما كان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث يقع بينك وبين الصحابي مثلا من العدد مثل ما وقع من العدد بين مسلم وبين ذلك الصحابي فتكون بذلك مساويا لمسلم مثلا في قرب الإسناد وعدد رجاله
واما المصافحة فهي أن تقع هذه المساواة التي وصفناها لشيخك لا لك فيقع ذلك لك مصافحة إذ تكون كأنك لقيت مسلما في ذلك الحديث وصافحته به لكونك قد لقيت شيخك المساوي لمسلم فإن كانت المساواة لشيخ شيخك كانت المصافحة لشيخك فتقول كأن شيخي سمع مسلما وصافحه وإن كانت المساواة لشيخ شيخ شيخك فالمصافحة لشيخ شيخك فتقول فيها كأن شيخ شيخي سمع مسلما وصافحه ولك أن لا تذكر لك في ذلك نسبة بل تقول كأن فلانا سمعه من مسلم من غير ان تقول فيه شيخي أو شيخ شيخي ثم لا يخفى على المتأمل أن في المساواة والمصافحة الواقعتين لك لا يلتقي إسنادك وإسناد مسلم أو نحوه إلا بعيدا عن شيخ مسلم فيلتقيان في الصحابي أو قريبا منه فإن كانت المصافحة التي تذكرها ليست لك بل لمن فوقك من رجال إسنادك أمكن التقاء الإسنادين فيها في شيخ مسلم أو أشباهه وداخلت المصافحة حينئذ الموافقة فإن معنى الموافقة راجع إلى مساواة ومصافحة مخصوصة إذ حاصلها أن بعض من تقدم من رواة إسنادك العالي ساوى أو صافح مسلما أو البخاري لكونه سمع ممن سمع من شيخهما مع تأخر طبقته عن طبقتهما ويوجد في كثير من العوالي المخرجة لمن تكلم أولا في هذا النوع وطبقتهم المصافحات مع الوفاقات والأبدال لما ذكرناه ثم اعلم أن هذا النوع من العلو علو تابع لنزول إذ لولا نزول ذلك الإمام في إسناده لم تعل أنت في إسنادك وكنت قد قرأت بمرو على شيخنا المكثر أبي المظفر عبد الرحيم بن الحافظ المصنف أبي سعد السمعاني رحمهما الله في أربعي أبي البركات الفراوي حديثا ادعى فيه أنه كأنه سمعه هو أو شيخه من البخاري فقال الشيخ أبو المظفر ليس لك بعال ولكنه للبخاري نازل وهذا حسن لطيف يخدش وجه هذا النوع من العلو والله أعلم
الرابع
من أنواع العلو العلو المستفاد من تقدم وفاة الراوي مثاله ما أرويه عن شيخ أخبرني به عن واحد عن البيهقي الحافظ عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ أعلى من روايتي لذلك عن شيخ أخبرني به عن واحد عن أبي بكر بن خلف عن الحاكم وإن تساوى الإسنادان في العدد لتقدم وفاة البيهقي على وفاة بن خلف لأن البيهقي مات سنة ثمان وخمسين وأربعمئة ومات بن خلف سنة سبع وثمانين وأربعمئة روينا عن أبي يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي الحافظ رحمه الله قال قد يكون الإسناد يعلو على غيره بتقدم موت راويه وإن كانا متساويين في العدد ومثل ذلك من حديث نفسه بمثل ما ذكرناه ثم إن هذا كلام في العلو المنبني على تقدم الوفاة المستفاد من نسبة شيخ الى شيخ وقياس راو براو وأما العلو المستفاد من مجرد تقدم وفاة شيخك من غير نظر الى قياسه براو آخر فقد حده بعض أهل هذا الشأن بخمسين سنة وذلك ما رويناه عن أبي علي الحافظ النيسابوري قال سمعت أحمد بن عمير الدمشقي وكان من أركان الحديث يقول إسناد خمسين سنة من موت الشيخ إسناد علو وفيما يروي عن أبي عبد الله بن منده الحافظ قال إذا مر على الإسناد ثلاثون سنة فهو عال وهذا أوسع من الأول والله أعلم
الخامس
العلو المستفاد من تقدم السماع أنبئنا عن محمد بن ناصر الحافظ عن محمد بن طاهر الحافظ قال من العلو نقدم السماع قلت وكثير من هذا يدخل في النوع المذكور قبله وفيه ما لا يدخل في ذلك بل يمتاز عنه مثل أن يسمع شخصان من شيخ واحد وسماع أحدهما من ستين سنة مثلا وسماع الآخر من أربعين سنة فإذا تساوى السند إليهما في العدد فالإسناد إلى الأول الذي تقدم سماعه أعلى فهذه أنواع العلو على الاستقصاء والإيضاح الشافي ولله سبحانه وتعالى الحمد كله وأما ما رويناه عن الحافظ أبي الطاهر السلفي رحمه الله من قوله في أبيات له
بل علو الحديث بين أولي الحفظ
والإتقان صحة الإسناد
وما رويناه عن الوزير نظام الملك من قوله عندي أن الحديث العالي ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن بلغت رواته مائة فهذا ونحوه ليس من قبيل العلو المتعارف إطلاقه بين أهل الحديث وإنما هو علو من حيث المعنى فحسب والله أعلم
فصل
وأما النزول فهو ضد العلو وما من قسم من أقسام العلو الخمسة إلا وضده قسم من أقسام النزول فهو إذا خمسة أقسام وتفصيلها يدرك من تفصيل أقسام العلو على نحو ما تقدم شرحه وأما قول الحاكم أبي عبد الله لعل قائلا يقول النزول ضد العلو فمن عرف العلو فقد عرف ضده وليس كذلك فإن للنزول مراتب لا يعرفها إلا أهل الصنعة إلى آخر كلامه فهذا ليس نفيا لكون النزول ضدا للعلو على الوجه الذي ذكرته بل نفيا لكونه يعرف بمعرفة العلو وذلك يليق بما ذكره هو في معرفة العلو فإنه قصر في بيانه وتفصيله وليس كذلك ما ذكرناه نحن في معرفة العلو فإنه مفصل تفصيلا مفهما لمراتب النزول والعلم عند الله تبارك وتعالى ثم إن النزول مفضول مرغوب عنه والفضيلة للعلو على ما تقدم بيانه ودليله وحكى بن خلاد عن بعض أهل النظر أنه قال التنزل في الإسناد أفضل واحتج له بما معناه أنه يجب الاجتهاد والنظر في تعديل كل راو وتجريحه فكلما زادوا كان الاجتهاد أكثر فكان الأجر أكثر وهذا مذهب ضعيف ضعيف الحجة وقد روينا عن علي بن المديني وأبي عمرو المستملي النيسابوري أنهما قالا النزول شؤم وهذا ونحوه مما جاء في ذم النزول مخصوص ببعض النزول فإن النزول إذا تعين دون العلو طريقا إلى فائدة راجحة على فائدة العلو فهو مختار غير مرذول والله أعلم
النوع الموفي ثلاثين
معرفة المشهور من الحديث
ومعنى الشهرة مفهوم وهو منقسم الى صحيح كقوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات وأمثاله وإلى غير صحيح كحديث طلب العلم فريضة على كل مسلم وكما بلغنا عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قال أربعة أحاديث تدور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسواق ليس لها أصل من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة ومن آذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة ونحركم يوم صومكم وللسائل حق وإن جاء على فرس وينقسم من وجه آخر الى ما هو مشهور بين أهل الحديث وغيرهم كقوله صلى الله عليه وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده وأشباهه وإلى ما هو مشهور بين أهل الحديث خاصة دون غيرهم كالذي رويناه عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرا بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان فهذا مشهور بين أهل الحديث مخرج في الصحيح وله رواه عن أنس غير أبي مجلز ورواه عن أبي مجلز غير التيمي ورواه عن التيمي غير الأنصاري ولا يعلم ذلك إلا أهل الصنعة وأما غيرهم فقد يستغربونه من حيث أن التيمي يروي عن أنس وهو ههنا يروي عن واحد عن أنس ومن المشهور المتواتر الذي يذكره أهل الفقه وأصوله وأهل الحديث لا يذكرونه باسمه الخاص المشعر بمعناه الخاص وإن كان الحافظ الخطيب قد ذكره ففي كلامه ما يشعر بأنه اتبع فيه غير أهل الحديث ولعل ذلك لكونه لا تشمله صناعتهم ولا يكاد يوجد في رواياتهم فإنه عبارة عن الخبر الذي ينقله من يحصل العلم بصدقه ضرورة ولا بد في إسناده من استمرار هذا الشرط في رواته من أوله الى منتهاه ومن سئل عن ابراز مثال لذلك فيما يروي من الحديث أعياه تطلبه وحديث إنما الأعمال بالنيات ليس من ذلك بسبيل وإن نقله عدد التواتر وزيادة لأن ذلك طرأ عليه في وسط إسناده ولم يوجد في أوائله على ما سبق ذكره نعم حديث من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار نراه مثالا لذلك فإنه نقله من الصحابة رضي الله عنهم العدد الجم وهو في الصحيحين مروي عن جماعة منهم وذكر أبو بكر البزار الحافظ الجليل في مسنده أنه رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو من أربعين رجلا من الصحابة وذكر بعض الحفاظ أنه رواه عنه صلى الله عليه وسلم اثنان وستون نفسا من الصحابة وفيهم العشرة المشهود لهم بالجنة قال وليس في الدنيا حديث اجتمع على روايته العشرة غيره ولا يعرف حديث يروي عن أكثر من ستين نفسا من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث الواحد قلت وبلغ بهم بعض أهل الحديث أكثر من هذا العدد وفي بعض ذلك عدد التواتر ثم لم يزل عدد رواته في ازدياد وهلم جرا على التوالي والاستمرار والله أعلم
النوع الحادي والثلاثون
معرفة الغريب والعزيز من الحديث
روينا عن أبي عبد الله بن منده الحافظ الأصبهاني أنه قال الغريب من الحديث كحديث الزهري وقتادة وأشباههما من الأئمة ممن يجمع حديثهم إذا انفرد الرجل عنهم بالحديث يسمى غريبا فإذا روى عنهم رجلان وثلاثة واشتركوا في حديث يسمى عزيزا فإذا روى الجماعة عنهم حديثا سمي مشهورا قلت الحديث الذي يتفرد به بعض الرواة يوصف بالغريب وكذلك الحديث الذي يتفرد فيه بعضهم بأمر لا يذكره فيه غيره اما في متنه واما في إسناده وليس كل ما يعد من أنواع الافراد معدودا من أنواع الغريب كما في الافراد المضافة الي البلاد علي ما سبق شرحه ثم ان الغريب ينقسم الي صحيح كالافراد المخرجة في الصحيح والي غير صحيح وذلك هو الغالب علي الغرائب روينا عن احمدبن حنبل رضي الله عنه انه قال غير مرة لاتكتبوا هذه الأحاديث الغرايب فانها مناكير وعامتها عن الضعفاء وينقسم الغريب أيضا من وجه اخر فمنه ما هو غريب متنا واسنادا وهو الحديث الذي تفرد برواية متنه راو واحد ومنه ما هو غريب إسنادا لا متنا كالحديث الذي متنه معروف مروي عن جماعة من الصحابة إذا تفرد بعضهم بروايته عن صحابي اخر كان غريبا من ذلك الوجه مع ان متنه غير غريب ومن ذلك غرائب الشيوخ في أسانيد المتون الصحيحة وهذا الذي يقول فيه الترمذي غريب من هذا الوجه ولا اري هذا النوع ينعكس فلا يوجد إذا ما هو غريب متنا وليس غريبا إسنادا الا إذا اشتهر الحديث الفرد عمن تفرد به فرواة عنه عدد كثيرون فإنه يصير غريبا مشهورا وغريبا متنا وغير غريب إسنادا لكن بالنظر الي أحد طرفي الإسناد فان إسناده متصف بالغرابة في طرفه الأول متصف بالشهرة في طرفه الاخر كحديث انما الأعمال بالنيات وكسائر الغرائب التي اشتملت عليها التصانيف المشتهرة والله اعلم
النوع الثاني والثلاثين
معرفة غريب الحديث
وهو عبارة عما وقع في متون الأحاديث من الألفاظ الغامضة البعيدة من الفهم لقلة استعمالها هذا فن مهم يقبح جهله باهل الحديث خاصة ثم باهل العلم عامة والخوض فيه ليس بالهين والخائض فيه حقيق بالتحري جدير بالتوفي روينا عن الميموني قال سئل أحمد بن حنبل عن حرف من غريب الحديث قال سلوا أصحاب الغريب فاني أكره ان اتكلم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن فساخطئ وبلغنا عن التاريخي محمد بن عبد الملك قال حدثني أبو قلابة عبد الملك بن محمد قال قلت للاصمعي يا أبا سعيد ما معني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الجار أحق بسقبه فقال انا لا افسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن العرب تزعم ان السقل اللزيق ثم ان غير واحد من العلماء صنفوا في ذلك فأحسنوا وروينا عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ قال أول من صنف الغريب في الإسلام النضربن شميل ومنهم من خالفه فقال أول من صنف فيه أبو عبيدة معمر بن المثني وكتاباهما صغيران وصنف بعد ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام كتابه المشهور فجمع وأجاد واستقصي فوقع من أهل العلم بموقع جليل وصار قدوة قي هذا الشان ثم تتبع القتبي ما فات أبا عبيد فوضع فيه كتابه المشهور ثم تتبع أبو سليمان الخطابي ما فاتهما فوضع في ذلك كتابه المشهور فهذه الكتب الثلاثة أمهات الكتب المؤلفة في ذلك ووراءها مجامع تشتمل من ذلك علي زوائد وفوائد كثيرة ولا ينبغي ان يقلد منها الا ما كان مصنفوها أئمة جلة واقوي ما يعتمد عليه في تفسير غريب الحديث ان يظفر به مفسرا في بعض روايات الحديث نحو ما روي في حديث بن صياد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له قد خبات لك خبيئا فما هو قال الدخ فهذا خفي معناه واعضل وفسره قوم بما لا يصح وفي معرفة علوم الحديث للحاكم انه الدخ بمعني الزخ الذي هو الجماع وهذا تخليط فاحش يغيظ العالم والمؤمن وانما معني الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له قد اضمرت لك ضميرا فما هو فقال الدخ بضم الدال يعني الدخان والدخ هو الدخان في لغة اذمنى بعض روايات الحديث ما نصه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اني قد خبات لك خبيئا وخبا له يوم تأتي السماء بدخان مبين فقال بن صياد هو الدخ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسا فلن تعدو قدرك وهذا ثابت صحيح خرجه الترمذي وغيره فأدرك بن صياد من ذلك هذه الكلمة فحسب علي عادة الكهان في اختطاف بعض الشيء من الشياطين من غير وقوف علي تمام البيان ولهذا قال له اخسا فلن تعدو قدرك أي فلا مزيد لك علي قدر إدراك الكهان والله أعلم
النوع الثالث والثلاثون
معرفة المسلسل من الحديث
التسلسل من نعوت الأسانيد وهو عبارة عن تتابع رجال الإسناد وتواردهم فيه واحد بعد واحد علي صفة أو حالة واحدة وينقسم ذلك الي ما يكون صفة للرواية والتحمل والي ما يكون صفة للرواة أو حالة لهم ثم ان صفاتهم في ذلك واحوالهم اقوالا وافعالا ونحو ذلك تنقسم الي مالا نحصيه ونوعه الحاكم أبو عبد الله الحافظ الي ثمانية أنواع والذي ذكره فيها انما هو صور وامثلة ثمانية ولا انحصار لذلك في ثمانية كما ذكرناه ومثال ما يكون صفة للرواية والتحمل ما يتسلسل ب سمعت فلانا قال سمعت فلانا الي اخر الإسناد أو يتسلسل ب حدثنا أو خبرنا الي اخره ومن ذلك أخبرنا والله فلان قال أخبرنا والله فلان الي اخره ومثال ما يرجع الي صفات الرواة واقوالهم ونحوها إسناد حديث اللهم اعني علي شكرك وذكرك وحسن عبادتك المتسلسل بقولهم اني احبك فقل وحديث التشبيك باليد وحديث العد في اليد في اشباه لذلك نرويها وتروي كثيرة وخيرها ما كان فيه دلالة علي اتصال السماع وعدم التدليس ومن فضيلة التسلسل اشتماله علي مزيد الضبط من الرواة وقلما تسلم المسلسلات من ضعف اعني في وصف التسلسل لا في أصل المتن ومن المسلسل ما ينقطع تسلسله في وسط إسناده وذلك نقص فيه وهو كالمسلسل باول حديث سمعته علي ما هو الصحيح في ذلك والله أعلم
النوع الرابع والثلاثون
معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه
هذا فن مهم مستصعب روينا عن الزهري رضي الله عنه انه قال اعي الفقهاء واعجزهم ان يعرفوا ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه وكان للشافعي رضي الله عنه فيه يد طولي وسابقه أولي روينا عن محمد بن مسلم بن وارة أحد أئمة الحديث ان أحمد بن حنبل قال له وقد قدم من مصر كتبت كتب الشافعي فقال لا قال فرطت ما علمنا المجمل من المفسر ولا ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه حتي جالسنا الشافعي وفيمن عاناه من أهل الحديث من ادخل فيه ما ليس منه لخفاءء معني النسخ وشرطه وهو عبارة عن رفع الشارع حكما منه متقدما بحكم منه متاخر وهذا حد وقع لنا سالم من اعتراضات وردت علي غيره ثم ان ناسخ الحديث ومنسوخه ينقسم اقساما فمنها ما يعرف بتصريح رسول الله صلى الله عليه وسلم به كحديث بريدة الذي أخرجه مسلم في صحيحه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها في اشباه لذلك ومنها ما يعرف بقول الصحابي كما رواه الترمذي وغيره عن أبي بن كعب انه قال كان الماء من الماء رخصة في أول ألإسلام ثم نهي عنها وكما خرجه النسائي عن جابر بن عبد الله قال كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار في أشباه لذلك ومنها ما عرف بالتاريخ كحديث شداد بن أوس وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفطر الحاجم والمحجوم وحديث بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم بين الشافعي أن الثاني ناسخ للأول من حيث إنه روي في حديث شداد أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم زمان الفتح فرأى رجلا يحتجم في شهر رمضان فقال أفطر الحاجم والمحجوم وروي في حديث بن عباس أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم صائم فبان بذلك أن الأول كان زمن الفتح في سنة ثمان والثاني في حجة الوداع في سنة عشر ومنها ما يعرف بالإجماع كحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة فإنه منسوخ عرف نسخه بانعقاد الإجماع على ترك العمل به والإجماع لا ينسخ ولا ينسخ ولكن يدل على وجود ناسخ غيره والله أعلم بالصواب
النوع الخامس والثلاثون
معرفة المصحف من أسانيد الأحاديث ومتونها
هذا فن جليل إنما ينهض بأعبائه الحذاق من الحفاظ والدارقطني منهم وله فيه تصنيف مفيد وروينا عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قال ومن يعرى من الخطأ والتصحيف فمثال التصحيف في الإسناد حديث شعبة عن العوام بن مراجم عن أبي عثمان النهدي عن عثمان بن عفان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤدن الحقوق إلى أهلها الحديث صحف فيه يحيى بن معين فقال بن مزاحم بالزاي والحاء فرد عليه وإنما هو بن مراجم بالراء المهملة والجيم ومنه ما روينا ه عن أحمد بن حنبل قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن مالك بن عرفطة عن عبد خير عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت قال أحمد صحف شعبة فيه وإنما هو خالد بن علقمة وقد رواه زائدة بن قدامة وغيره على ما قاله أحمد وبلغنا عن الدارقطني أن بن جرير الطبري قال فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من بني سليم ومنهم عتبة بن البذر قاله بالباء والذال المعجمة وروى له حديثا وإنما هو بن الندر بالنون والدال غير المعجمة ومثال التصحيف في المتن ما رواه بن لهيعة عن كتاب موسى بن عقبة إليه بإسناده عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في المسجد وإنما هو بالراء احتجر في المسجد بخص أو حصير حجرة يصلي فيها فصحفه بن لهيعة لكونه أخذه من كتاب بغير سماع ذكر ذلك مسلم في كتاب التمييز له وبلغنا عن الدارقطني في حديث أبي سفيان عن جابر قال رمي أبي يوم الأحزاب على أكحلة فكواه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن غندرا قال فيه أبي وإنما هو أبي وهو بن كعب وفي حديث أنس ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذره قال فيه شعبة ذرة بالضم والتخفيف ونسب فيه إلى التصحيف وفي حديث أبي ذر تعين الصانع قال فيه هشام بن عروة بالضاد المعجمة وهو تصحيف والصواب ما رواه الزهري الصانع بالصاد المهملة ضد الأخرق وبلغنا عن أبي زرعة الرازي أن يحيى بن سلام هو المفسر حدث عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى سأريكم دار الفاسقين قال مصر واستعظم أبو زرعة هذا واستقبحه وذكر أنه في تفسير سعيد عن قتادة مصيرهم وبلغنا عن الدارقطني أن محمد بن المثنى أبا موسى العنزي حدث بحديث النبي صلى الله عليه وسلم لا يأتي أحدكم يوم القيامة ببقرة لها خوار فقال فيه أو شاة تنعر بالنون وإنما هو تيعر بالياء المثناة من تحت وأنه قال لهم يوما نحن قوم لنا شرف نحن من عنزة قد صلى النبي صلى الله عليه وسلم إلينا يريد ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى عنزة توهم أنه صلى إلى قبيلتهم وإنما العنزة ههنا حربة نصبت بين يديه فصلى إليها وأطرف من هذا ما رويناه عن الحاكم أبي عبد الله عن أعرابي زعم أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى نصبت بين يديه شاة أي صحفها عنزة بإسكان النون وعن الدارقطني أيضا أن أبا بكر الصولي أملى في الجامع حديث أبي أيوب من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فقال فيه شيئا بالشين والياء وأن أبا بكر الإسماعيلي الإمام كان فيما بلغهم عنه يقول في حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكهان قر الزجاجة بالزاي وإنما هو قر الدجاجة بالدال وفي حديث يروى عن معاوية بن أبي سفيان قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يشققون الخطب تشقيق الشعر ذكر الدارقطني عن وكيع أنه قاله مرة بالحاء المهملة وأو نعيم شاهد فرده عليه بالخاء المعجمة المضمومة وقرأت بخط مصنف أن بن شاهين قال في جامع المنصور في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تشقيق الحطب فقال بعض الملاحين يا قوم فكيف نعمل والحاجة ماسة قلت فقد انقسم التصحيف إلى قسمين أحدهما في المتن والثاني في الإسناد وينقسم قسمة أخرى إلى قسمين أحدهما تصحيف البصر كما سبق عن بن لهيعة وذلك هو الأكثر والثاني تصحيف السمع نحو حديث لعاصم الأحول رواه بعضهم فقال عن واصل الأحدب فذكر الدارقطني أنه من تصحيف السمع لا من تصحيف البصر كأنه ذهب والله أعلم الى ان ذلك مما لا يشتبه من حيث الكتابة وإنما أخطأ فيه سمع من رواه وينقسم قسمة ثالثة إلى تصحيف اللفظ وهو الأكثر وإلى تصحيف يتعلق بالمعنى دون اللفظ كمثل ما سبق عن محمد بن المثنى في الصلاة إلى عنزة وتسمية بعض ما ذكرناه تصحيفا مجاز وكثير من التصحيف المنقول عن الأكابر الجلة لهم فيه أعذار لم ينقلها ناقلوه ونسأل الله التوفيق والعصمة والله أعلم
النوع السادس والثلاثون
معرفة مختلف الحديث
وإنما يكمل للقيام به الأئمة الجامعون بين صناعتي الحديث والفقه الغواصون على المعاني الدقيقة اعلم أن ما يذكر في هذا الباب ينقسم إلى قسمين
أحدهما أن يمكن الجمع بين الحديثين ولا يتعذر إبداء وجه ينفي تنافيهما فيتعين حينئذ المصير إلى ذلك والقول بهما معا ومثاله حديث لا عدوى ولا طيرة مع حديث لا يورد ممرض على مصح وحديث فر من المجذوم فرارك من الأسد وجه الجمع بينهما أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها ولكن الله تبارك وتعالى جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببا لإعدائه مرضه ثم قد يتخلف ذلك عن سببه كما في سائر الأسباب ففي الحديث الأول نفى صلى الله عليه وسلم ما كان يعتقده الجاهلي من أن ذلك يعدي بطبعه ولهذا قال فمن أعدى الأول وفي الثاني أعلم بان الله سبحانه جعل ذلك سببا لذلك وحذر من الضرر الذي يغلب وجوده عند وجوده بفعل الله سبحانه وتعالى ولهذا في الحديث أمثال كثيرة وكتاب مختلف الحديث لابن قتيبة في هذا المعنى إن يكن قد أحسن فيه من وجه فقد أساء في أشياء منه قصر باعه فيها وأتى بما غيره أولى وأقوى وقد روينا عن محمد بن إسحاق بن خزيمة الإمام أنه قال لا أعرف أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثان بإسنادين صحيحين متضادين فمن كان عنده فليأتني به لأؤلف بينهما
القسم الثاني أن يتضادا بحيث لا يمكن الجمع بينهما وذلك على ضربين أحدهما أن يظهر كون أحدهما ناسخا والآخر منسوخا فيعمل بالناسخ ويترك المنسوخ والثاني أن لا تقوم دلالة على أن الناسخ أيهما والمنسوخ أيهما فيفزع حينئذ إلى الترجيح ويعمل بالأرجح منهما والأثبت كالترجيح بكثرة الروا ة أوبصفاتهم في خمسين وجها من وجوه الترجيحات وأكثر ولتفصيلها موضع غير ذا والله سبحانه أعلم
النوع السابع والثلاثون
معرفة المزيد في متصل الأسانيد
مثاله ما روي عن عبد الله بن المبارك قال حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثني بسر بن عبيد الله قال سمعت أبا إدريس يقول سمعت واثلة بن الأسقع يقول سمعت أبا مرثد الغنوي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها فذكر سفيان في هذا الإسناد زيادة ووهم وهكذا ذكر أبي إدريس أما الوهم في ذكر سفيان فممن دون بن المبارك لأن جماعة ثقات رووه عن بن المبارك عن بن جابر نفسه ومنهم من صرح فيه بلفظ الإخبار بينهما وأما ذكر أبي إدريس فيه فابن المبارك منسوب فيه الى الوهم وذلك لأن جماعة من الثقات رووه عن بن جابر فلم يذكروا أبا إدريس بين بسر وواثلة وفيهم من صرح فيه بسماع بسر من واثلة قال أبو حاتم الرازي يرون أن بن المبارك وهم في هذا قال وكثيرا ما يحدث بسر من أبي إدريس فغلط بن بن المبارك وظن أن هذا مما روى عن أبي إدريس عن واثلة وقد سمع هذا بسر من واثلة نفسه قلت قد ألف الخطيب الحافظ في هذا النوع كتابا سماه كتاب تمييز المزيد في متصل الأسانيد وفي كثير مما ذكره نظر لأن الإسناد الخالي عن الراوي الزائد إن كان بلفظه عن في ذلك فينبغي أن يحكم بإرساله ويجعل معللا بالإسناد الذي ذكر فيه الزائد لما عرف في نوع المعلل وكما يأبي ذكره إن شاء الله تعالى في النوع الذي يليه وإن كان فيه تصريح بالسماع أو بالإخبار كما في المثال الذي أوردناه فجائز أن يكون قد سمع ذلك من رجل عنه ثم سمعه منه نفسه فيكون بسر في هذا الحديث قد سمعه من أبي إدريس عن واثلة ثم لقي واثلة فسمعه منه كما جاء مثله مصرحا به في غير هذا اللهم إلا أن توجد قرينة تدل على كونه وهما كنحو ما ذكره أبو حاتم في المثال المذكور وأيضا فالظاهر ممن وقع له مثل ذلك أن يذكر السماعين فإذا لم يجيء عنه ذكر ذلك حملناه على الزيادة المذكورة والله أعلم
النوع الثامن والثلاثون
معرفة المراسيل الخفي إرسالها
هذا نوع مهم عظيم الفائدة يدرك بالاتساع في الرواية والجمع لطرق الأحاديث مع المعرفة التامة وللخطيب الحافظ فيه كتاب التفصيل لمبهم المراسيل والمذكور في هذا الباب منه ما عرف فيه الإرسال بمعرفة عدم السماع من الراوي فيه أو عدم اللقاء كما في الحديث المروي عن العوام بن حوشب عن عبد الله بن أبي أوفى قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال بلال قد قامت الصلاة نهض وكبر روي فيه عن أحمد بن حنبل انه قال العوام لم يلق بن أبي اوفي ومنه ما كان الحكم بارساله محالا علي مجيئه من وجه اخر بزيادة شخص واحد أو أكثر في الموضع المدعي فيه الإرسال كالحديث الذي سبق ذكره في النوع العاشر عن عبد الرزاق عن الثوري عن أبي إسحاق فإنه حكم فيه بالانقطاع والارسال بين عبد الرزاق والثوري لأنه روي عن عبد الرزاق قال حدثني النعمان بن أبي شيبة الجندي عن الثوري عن أبي إسحاق وحكم أيضا فيه بالإرسال بين الثوري وأبي إسحاق لأنه روي عن الثوري عن شريك عن أبي إسحاق وهذا وما سبق في النوع الذي قبله يتعرضان لان يعترض بكل واحد منهما علي الاخر علي ما تقدمت الإشارة اليه والله أعلم
النوع التاسع والثلاثون
معرفة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين
هذا علم كبير قد الف الناس فيه كتبا كثيرة ومن احلاها وأكثرها فوائد كتاب الاستيعاب لابن عبد البر لولا ما شانه به من إيراده كثيرا مما شجر بين الصحابة وحكاياته عن الإخباريين لا المحدثين وغالب علي الإخباريين الإكثار والتخليط فيما يروونه وانا اورد نكتا نافعة ان شاء الله تعالى قد كان ينبغي لمصنفي كتب الصحابة ان يتوجوها بها مقدمين لها في فواتحها
احداها اختلف أهل العلم في ان الصحابي من فالمعروف من طريقة أهل الحديث ان كل مسلم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من الصحابة قال البخاري في صحيحه من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من اصحابه وبلغنا عن أبي المظفر السمعاني المروزي انه قال أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحابة علي كل من روي عنه حديثا أو كلمة ويتوسعون حتي يعدون من رآه رؤية من الصحابة وهذا لشرف منزلة النبي صلى الله عليه وسلم اعطوا كل من رآه حكم الصحبة وذكر ان اسم الصحابي من حيث اللغة والظاهر يقع علي من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم وكثرت مجالسته له علي طريق التبع له والأخذ عنه قال وهذا طريق الاصوليين قلت وقد روينا عن سعيد بن المسيب انه كان لا يعد الصحابي الا من أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتين وكان المراد بهذا ان صح عنه راجع الي المحكي عن الاصوليين ولكن في عبارته ضيق يوجب الا يعد من الصحابة جرير بن عبد الله البجلي ومن شاركه في فقد ظاهر ما اشترطه فيهم ممن لا نعرف خلافا في عده من الصحابة وروينا عن شعبة عن موسي السبلاني واثني عليه خيرا قال أتيت أنس بن مالك فقلت هل بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد غيرك قال بقي ناس من الاعراب قد راوه فاما من صحبه فلا إسناده جيد حدث به مسلم بحضرة أبي زرعة ثم ان كون الواحد منهم صحابيا تارة يعرف بالتواتر وتارة بالاستفاضة القاصرةعن التواتر وتارة بان يروي عن احاد الصحابة انه صحابي وتارة بقوله واخباره عن نفسه بعد ثبوت عدالته بأنه صحابي والله أعلم
الثانية للصحابة بأسرهم خصيصة وهي انه لا يسأل عن عدالة أحد منهم بل ذلك أمر مفروغ منه لكونهم علي الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة قال الله تبارك وتعالى كنتم خير امة أخرجت للناس الآية قيل اتفق المفسرون علي انه وارد في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس وهذا خطاب مع الموجودين حينئذ وقال سبحانه وتعالى محمد رسول الله والذين معه اشداء علي الكفار الآية وفي نصوص السنة الشاهدة بذلك كثرة منها حديث أبي سعيد المتفق علي صحته ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لوان أحدكم انفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ثم ان الأمة مجمعة علي تعديل جميع الصحابة ومن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع احسانا للظن بهم ونظرا الي ما تمهد لهم من الماثر وكان الله سبحانه وتعالى اتاح الإجماع علي ذلك لكونهم نقلة الشريعة والله أعلم
الثالثة أكثر الصحابة حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو هريرة روي ذلك عن سعيد بن أبي الحسن وأحمد بن حنبل وذلك من الظاهر الذي لا يخفي علي حديثي وهو أول صاحب حديث بلغنا عن أبي بكر بن أبي داود السجستاني قال رأيت أبا هريرة في النوم وانا بسجستان اصنف حديث أبي هريرة فقلت اني لاحبك فقال انا أول صاحب حديث كان في الدنيا وعن أحمد بن حنبل أيضا رضي الله عنه قال ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أكثروا الرواية عنه وعمروا أبو هريرة وابن عمر وعائشة وجابر بن عبد الله وابن عباس وأنس وأبو هريرة أكثرهم حديثا وحمل عنه الثقات ثم ان أكثر الصحابة فتيا تروي بن عباس بلغنا عن أحمد بن حنبل قال ليس أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يروي عنه في الفتوي أكثر من بن عباس وروينا عن أحمد بن حنبل أيضا انه قيل له من العبادلة فقال عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو قيل له فابن مسعود قال لا ليس عبد الله بن مسعود من العبادلة قال الحافظ أحمد البيهقي فيما رويناه عنه وقراته بخطه وهذا لان بن مسعود تقدم موته وهؤلاء عاشوا حتي احتيج الي علمهم فإذا اجتمعوا علي شيء قيل هذا قول العبادلة أو هذا فعلهم قلت ويلتحق بابن مسعود في ذلك سائر العبادلة المسمين بعبد الله من الصحابة وهم نحو مئتين وعشرين نفسا والله أعلم وروينا عن علي بن عند الله المديني قال لم يكن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم له أصحاب يقومون بقوله في الفقه الا ثلاثة عبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس رضي الله عنهم كان لكل رجل منهم أصحاب يقومون بقوله ويفتون الناس وروينا عن مسروق قال وجدت علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انتهي الي ستة عمر وعلي وأبي وزيد وأبي الدرداء وعبد الله بن مسعود ثم انتهي علم هؤلاء الستة الي اثنين علي وعبد الله وروينا نحوه عن مطرف عن الشعبي عن مسروق لكن ذكر أبا موسي بدل أبي الدرداء وروينا عن الشعبي قال كان العلم يؤخذ عن ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمر وعبد الله وزيد يشبه علم بعضهم بعضا وكان يقتبس بعضهم من بعض وكان علي والاشعري وأبي يشبه علم بعضهم بعضا وكان يقتبس بعضهم من بعض وروينا عن الحافظ أحمد البيهقي ان الشافعي ذكر الصحابة في رسالته القديمة واثني عليهم بما هم أهله ثم قال وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وامر استدرك به علم واستنبط به واراؤهم لنا أحمد واولي بنا من ارائنا عندنا لانفسنا والله أعلم
الرابعة روينا عن أبي زرعة الرازي انه سئل عن عدة من روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال ومن يضبط هذا شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع أربعون الفا وشهد معه تبوك سبعون الفا وروينا عن أبي زرعة أيضا انه قيل له أليس يقال حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث قال ومن قال ذا قلقل الله انيابه هذا قول الزنادقة ومن يحصي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مائة الف وأربعة عشر الفا من الصحابة ممن روي عنه وسمع منه وفي رواية ممن رآه وسمع منه قال أهل المدينة وأهل مكة ومن بينهما والعراب ومن شهد معه حجة الوداع كل رآه وسمع منه بعرفة قلت ثم انه اختلف في عدد طبقاتهم واصنافهم والنظر في ذلك الي السبق بالإسلام والهجرة وشهود المشاهد الفاضلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بابائنا وامهاتنا وانفسنا هو صلى الله عليه وسلم وجعلهم الحاكم أبو عبد الله اثنتي عشرة طبقة ومنهم من زاد علي ذلك ولسنا نطول بتفصيل ذلك والله أعلم
الخامسة افضلهم علي الإطلاق أبو بكر ثم عمر ثم ان جمهور السلف علي تقديم عثمان علي وقدم أهل الكوفة من أهل السنة عليا علي عثمان وبه قال منهم سفيان الثوري اولا ثم رجع الي تقديم عثمان روي ذلك عنه وعنهم الخطابي وممن نقل عنه من أهل الحديث تقديم علي علي عثمان محمد بن إسحاق بن خزيمة وتقديم عثمان هو الذي استقرت عليه مذاهب أصحاب الحديث وأهل السنة واما أفضل اصنافهم صنفا فقد قال أبو منصور البغداي التميمي أصحابنا مجمعون علي ان افضلهم الخلفاء الأربعة ثم الستة الباقون الي تمام العشرة ثم البدريون ثم أصحاب أحد ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية قلت وفي نص القران تفضيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وهم الذين صلوا الي القبلتين في قول سعيد بن المسيب وطائفة وفي قول الشعبي هم الذين شهدوا بيعة الرضوان وعن محمد بن كعب القرظي وعطاء بن يسار انهما قالا هم أهل بدر روي ذلك عنهما بن عبد البر فيما وجدناه عنه والله أعلم
السادسة اختلف السلف في اولهم اسلاما فقيل أبو بكر الصديق روي ذلك عن بن عباس وحسان بن ثابت وإبراهيم النخعي وغيرهم وقيل علي أول من اسلم روي ذلك عن زيد بن أرقم وأبي ذر والمقداد وغيرهم وقال الحاكم أبو عبد الله لا اعلم خلافا بين أصحاب التواريخ ان علي بن أبي طالب اولهم اسلاما واستنكر هذا من الحاكم وقيل أول من اسلم زيد بن حارثة وذكر معمر نحو ذلك عن الزهري وقيل أول من اسلم خديجة أم المؤمنين روي ذلك من وجوه عن الزهري وهو قول قتادة ومحمد بن إسحاق بن يسار وجماعة وروي أيضا عن بن عباس وادعي الثعلبي المفسر فيما رويناه أو بلغنا عنه اتفاق العلماء علي ان أول من اسلم خديجة وان اختلافهم انما هو في أول من اسلم بعدها والاورع ان يقال أول من اسلم من الرجال الحرار أبو بكر ومن الصبيان أو الاحداث علي ومن النساء خديجة ومن الموالي زيد بن حارثة ومن العبيد بلال والله أعلم
السابعة اخرهم علي الإطلاق موتا أبو الطفيل عامر بن واثلة مات سنة مائة من الهجرة واما بالإضافة الي النواحي فاخر من مات منهم بالمدينة جابر بن عبد الله رواه أحمد بن حنبل عن قتادة وقيل سهل بن سعد وقيل السائب بن يزيد واخر من مات منهم بمكة عبد الله بن عمر وقيل جابر بن عبد الله وذكر علي بن المديني ان أبا الطفيل بمكة مات فهو إذا الاخر بها واخر من مات منهم بالبصرة أنس بن مالك قال أبو عمر بن عبد البر ما اعلم أحدا مات بعده ممن رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم الا أبا الطفيل واخر من مات منهم بالكوفة عبد الله بن أبي اوفي وبالشام عبد الله بن بسر وقيل بل أبو امامة وتبسط بعضهم فقال اخر من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمصر عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي وبفلسطين أبو أبي بن أم حرام وبدمشق واثلة بن الأسقع وبحمص عبد الله بن بسر وباليمامة الهرماس بن زياد وبالجزيرة العرس بن عميرة وبافريقية رويفع بن ثابت وبالبادية في الاعراب سلمة بن الأكوع رضي الله عنهم أجمعين وفي بعض ما ذكرناه خلاف لم نذكره وقوله في رويفع بإفريقية لا يصح انما مات في حاضرة برقة وقبره بها ونزل سلمة الي المدينة قبل موته بلبال فمات بها والله أعلم
النوع الموفي أربعين
معرفة التابعين
هذا ومعرفة الصحابة أصل اصيل يرجع اليه في معرفة المرسل والمسند قال الخطيب الحافظ التابعي من صحب الصحابي قلت ومطلقة مخصوص بالتابع بإحسان ويقال للواحد منهم تابع وتابعي وكلام الحاكم أبي عبد الله وغيره مشعر بأنه يكفي فيه ان يسمع من الصحابي أو يلقاه وان لم توجد الصحبة العرفية والاكتفاء في هذا بمجرد اللقاء والرؤية أقرب منه في الصحابي نظرا الي مقتضي اللفظين فيهما وهذه مهمات في هذا النوع
احداها ذكر الحافظ أبو عبد الله ان التابعين علي خمس عشرة طبقة الاولي الذين لحقوا العشرة سعيد بن المسيب وقيس بن أبي حازم وأبو عثمان النهدي وقيس بن عباد وأبو ساسان حضين بن المنذر وأبو وائل وأبو رجاء العطاردي وغيرهم وعليه في بعض هؤلاء إنكار فان سعيد بن الميب ليس بهذه المثابة لأنه ولد في خلافة عمر ولم يسمع من أكثر العشرة وقد قال بعضهم لا تصح له رواية عن أحد من العشرة الاسعد بن أبي وقاص قلت وكان سعد اخرهم موتا وذكر الحاكم قبل كلامه المذكور ان سعيدا أدرك عمر فمن بعده الي اخر العشرة وقال ليس في جماعة التابعين من ادركهم وسمع منهم غير سعيد وقيس بن أبي حازم وليس ذلك علي ما قال كما ذكرناه نعم قيسبن أبي حازم سمع العشرة وروي عنهم وليس في التابعين أحد روي عن العشرة سواه ذكر ذلك عبد الرحمن بن يوسف بن خراش الحافظ فيما روينا أو بلغنا عنه وعن أبي داود السجستاني انه قال روي عن التسعة ولم يرو عن عبد الرحمن بن عوف ويلي هؤلاء التابعون الذين ولدوا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبناء الصحابة كعبد الله بن أبي طلحة وأبي امامة اسعد بن سهل بن حنيف وأبي إدريس الخولاني وغيرهم
الثانية المخضرمون من التابعين هم الذين ادركوا الجاهلية وحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم واسلموا ولا صحبة لهم واحدهم مخضرم بفتح الراء كأنه خضرم أي قطع عن نظرائه الذين ادركوا الصحبة وغيرها وذكرهم مسلم فبلغ بهم عشرين نفسا منهم أبو عمرو الشيباني وسويد بن غفلة الكندي وعمرو بن ميمون الاودي وعبد خير بن يزيد الخيواني وأبو عثمان النهدي عبد الرحمن بن مل وأبو الحلال العتكي ربيعة بن زرارة وممن لم يذكره مسلم منهم أبو مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب والاحنف بن قيس والله اعلم
الثالثة من أكابر التابعين الفقهاء السبعة من أهل المدينة وهم سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وخارجة بن زيد وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسليمان بن يسار روينا عن الحافظ أبي عبد الله انه قال هؤلاء الفقهاء السبعة عند الأكثر من علماء الحجاز وروينا عن بن المبارك قال كان فقهاء أهل المدينة الذين يصدرون عن رايهم سبعة فذكر هؤلاء الا انه لم يذكر أبا سلمة بن عبد الرحمن وذكر بدله سالم بن عبد الله بن عمر وروينا عن أبي الزناد تسميتهم في كتابه عنهم فذكر هؤلاء الا انه ذكر أبا بكر بن عبد الرحمن بدل أبي سلمة وسالم
الرابعة ورد عن أحمد بن حنبل انه قال أفضل التابعين سعيد بن المسيب فقيل له فعلقمة والأسود فقال سعيد بن المسيب وعلقمة والأسود وعنه انه قال لا اعلم في البعين مثل أبي عثمان النهدي وقيس بن أبي حازم وعنه أيضا انه قال أفضل التابعين قيس وأبو عثمان وعلقمة ومسروق هؤلاء كانوا فاضلين ومن عليه التابعين واعجبني ما وجدته عن الشيخ أبي عبد الله بن خفيف الزاهد الشيرازي في كتاب له قال اختلف الناس في أفضل التابعين المدينة يقولون سعيد بن المسيب وأهل الكوفة يقولون أويس القرني وأهل البصرة يقولون الحسن البصري وبلغنا عن أحمد بن حنبل قال ليس أحد أكثر في فتوي من الحسن وعطاء يعني من التابعين وقال أيضا كان عطاع مفتي مكة والحسن مفتي البصرة فهذان أكثر الناس عنهم اراءهم وبلغنا عن أبي بكر بن أبي داود قال سيدتا التابعين من النساء حفصة بنت سيرين وعمرة بنت عبد الرحمن وثالثهما وليست كهما أم الدرداء والله أعلم
الخامسة روينا عن الحاكم أبي عبد الله قال طبقة تعد في التابعين ولم يصح سماع أحد منهم من الصحابة منهم إبراهيم بن سويد النخعي وليس بإبراهيم بن يزيد النخعي الفقيه وبكير بن أبي السميط وبكير بن عبد الله بن الأشج وذكر غيرهم قال وطبقة عدادهم عند الناس في اتباع التابعين وقد لقموا الصحابة منهم أبو الزناد عبد الله بن ذكوان لقي عبد الله بن عمر وانسا وهشام بن عروة وقد ادخل علي عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وموسي بن عقبة وقد أدرك أنس بن مالك وأم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص وفي بعض ما قاله مقال قلت وقوم عدوا من التابعين وهم من الصحابة ومن اعجب ذلك عد الحاكم أبي عبد الله النعمان وسويدا ابني مقرن المزني في التابعين عندما ذكر الاخوة من التابعين وهما صحابيان معروفان مذكوران في الصحابة والله أعلم
النوع الحادي والأربعون
معرفة الأكابر الرواة عن الاصاغر
ومن الفائدة فيه ان لايتوهم كون المروي عنه أكبر أو أفضل من الرواي نظرا الي ان الاغلب كون المروي عنه كذلك فيجهل بذلك منزلتها وقد صح عن عائشة رضي الله عنها انها قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ننزل الناس منازلهم ثم ان ذلك يقع علي اضرب منها ان يكون الراوي أكبر سنا واقدم طبقة من المروي عنه كالزهري ويحي بن سعيد الأنصاري في روايتهما عن مالك وكابي القاسم عبيد الله بن أحمد الأزهري من المتأخرين أحد شيوخ الخطيب روي عن الخطيب في بعض تصانيفه والخطيب إذ ذاك في عنفوان شبابه وطلبه ومنها ان يكون الراوي أكبر قدرا من المروي عنه بان يكون حافظا عالما والمروي عنه شيخا راويا فحسب كمالك في روايته عن عبد الله بن دينار وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه في روايتهما عن عبيد الله بن موسي في اشباه لذلك كثيرة ومنها ان يكون الراوي أكبر من الوجهين جميعا وذلك كراوية كثير من العلماء والحفاظ عن اصحابهم وتلامذتهم كعبد الغني الحافظ في روايته عن محمد بن علي الصوري وكراوية أبي بكر البرقاني عن أبي بكر الخطيب وكراوية الخطيب عن أبي نصر بن ماكولا ونظائر ذلك كثيرة ويندرج تحت هذا النوع ما يذكر من رواية الصحابي عن التابعي كراوية العبادلة وغيرهم من الصحابة عن كعب الأحبار وكذلك روايةالتابعي عن تابع التابعي كما قدمناه من رواية الزهري والانصاري عن مالك وكعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص لم يكن من التابعين وروي عنه أكثر من عشرين نفسا من التابعين جمعهم عبد الغني بن سعيد الحافظ في كتيب له وقرأت بخط الحافظ أبي محمد الظبسي في تخريج له قال عمرو بن شعيب ليس بتابعي وقد روي عنه نيف وسبعون رجلا من التابعين والله أعلم
النوع الثاني والأربعون
معرفة المدبج وما عداه من رواية الأقران بعضهم عن بعض
وهم المتاقربون في السن والإسناد وربما اكتفي الحاكم أبو عبد الله فيه بالتقارب في الإسناد وان لم يوجد التقارب في السن اعلم ان رواية القرين عن القرين تنقسم فمنها المدبج وهو ان يروي القرينان كل واحد منهما عن الاخر مثاله في الصحابة عائشة وأبو هريرة روي كل واحد منهما عن الاخر وفي التابعين رواية الزهري عن عمر بن عبد العزيز ورواية عمر عن الزهري وفي اتباع التابعين رواية مالك عن الاوزعي ورواية الاوزعي عن مالك وفي اتباع الاتباع رواية أحمد بن حنبل عن علي بن المديني ورواية علي عن أحمد وذكر الحاكم في هذا رواية أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق ورواية عبد الرزاق عن أحمد وليس هذا بمرضي ومنها غير المدبج وهو ان يروي أحد القرينين عن الاخر ولا يروي الاخر عنه فيما نعلم مثاله رواية سليمان التيمي عن مسعر وهما قرينان ولا نعلم لمسعر رواية عن التيمي ولذلك أمثال كثيرة والله أعلم
النوع الثالث والأربعون
معرفة الاخوة والاخوات من العلماء والرواة
وذلك احدي معارف أهل الحديث المردة بالتصنيف صنف فيها علي بن المديني وأبو عبد الرحمن النسوي وأبو العباس السراج وغيرهم فمن أمثاله الأخوين من الصحابة عبد الله بن مسعود وعتبة بن مسعود هما اخوان زيد بن ثابت ويزيد بن ثابت اخوان عمرو بن العاصي وهشام بن العاصي اخوان ومن التابعين عمرو بن شرحبيل أبو ميسرة وأخوه أرقم بن شرحبيل كلاهما من افاضل أصحاب بن مسعود هزيل بن شرحبيل وارقم بن شرحبيل اخوان اخران من أصحاب بن مسعود أيضا ومن أمثلة ثلاثة الاخوة سهل وعباد وعثمان بنو حنيف اخوة ثلاثة عمرو بن شعيب وعمر وشعيب بنو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاصي اخوة ثلاثة ومن أمثلة الأربعة سهيل بن أبي صالح السمان الزيات وإخوته عبد الله الذي يقال له عباد ومحمد وصالح ومن أمثلة الخمسة ما نرويه عن الحاكم أبي عبد الله قال سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ غير مرة يقول آدم بن عيينة وعمران بن عيينة ومحمد بن عيينة وسفيان بن عيينة وإبراهيم بن عيينة حدثوا عن آخرهم ومثال الستة أولاد سيرين ستة تابعيون وهم محمد وأنس ويحيى ومعبد وحفصة وكريمة ذكرهم هكذا أبو عبد الرحمن النسوي ونقلته من كتابه بخط الدارقطني فيما أحسب وروي ذلك أيضا عن يحيى بن معين وهكذا ذكرهم الحاكم في كتاب المعرفة لكن ذكر فيما نرويه من تاريخه باسنادنا عنه أنه سمع أبا علي الحافظ يذكر بني سيرين خمسة إخوة محمد بن سيرين وأكبرهم معبد بن سيرين ويحيى بن سيرين وخالد بن سيرين وأنس بن سيرين وأصغرهم حفصة بنت سيرين قلت وقد روي عن محمد عن يحيى عن أنس عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبيك حقا حقا تعبد ورقا وهذه غريبة عايا بها بعضهم فقال أي ثلاثة إخوة روى بعضهم عن بعض ومثال السبعة النعمان بن مقرن وإخوته معقل وعقيل وسويد وسنان وعبد الرحمن وسابع لم يسم لنا بنو مقرن المزنيون سبعة إخوة هاجروا وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشاركهم فيما ذكره بن عبد البر وجماعة في هذه المكرمة غيرهم وقد قيل إنهم شهدوا الخندق كلهم والله أعلم وقد يقع في الإخوة ما فيه خلاف في مقدار عددهم ولم نطول بما زاد على السبعة لندرته ولعدم الحاجة اليه في غرضنا ههنا والله أعلم
النوع الرابع والأربعون
معرفة رواية الآباء عن الأبناء
وللخطيب الحافظ في ذلك كتاب روينا فيه عن العباس بن عبد المطلب عن ابنه الفضل رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين بالمزدلفة وروينا فيه عن وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل وهما ثقتان أحاديث منها عن بن عيينة عن وائل بن داود عن ابنه بكر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخروا الأحمال فإن اليد معلقة والرجل موثقة قال الخطيب لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلمه الا من جهة بكر وأبيه وروينا فيه عن معتمر بن سليمان التيمي قال حدثني أي قال حدثتني أنت عني عن أيوب عن الحسن قال ويح كلمة رحمة وهذا طريف يجمع أنواعا وروينا فيه عن أبي عمر حفص بن عمر الدوري المقري عن ابنه أبي جعفر محمد بن حفص ستة عشر حديثا أو نحو ذلك وذلك أكثر ما رويناه لأب عن ابنه وآخر ما رويناه من هذا النوع وأقربه عهدا ما حدثنيه أبو المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد المروزي رحمها الله بها من لفظه قال أنبأني والدي عني فيما قرأت بخطه قال حدثني ولدي أبو المظفر عبد الرحيم من لفظه وأصله فذكر بإسناده عن أبي أسامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحضروا موائدكم البقل فإنه مطردة للشيطان مع التسمية وأما الحديث الذي رويناه عن أبي بكر الصديق عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحبة السوداء شفاء من كل داء فهو غلط ممن رواه إنما هو عن أبي بكر بن أبي عتيق عن عائشة وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وهؤلاء هم الذين قال فيهم موسى بن عقبة لا نعرف أربعة أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم هم وأبناؤهم إلا هؤلاء الأربعة فذكر أبا بكر الصديق وأباه وابنه عبد الرحمن وابنه محمد أبا عتيق والله أعلم
النوع الخامس والأربعون
معرفة رواية الأبناء عن الآباء
ولأبي نصر الوايلي الحافظ في ذلك كتاب وأهمه ما لم يسم فيه الأب أو الجد
وهو نوعان أحدهما
رواية الابن عن الأب عن الجد نحو عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وله بهذا الإسناد نسخة كبيرة أكثرها فقهيات عن أبيه عن جده وله بهذا الإسناد نسخة كبيرة أكثرها فقهيات جياد وشعيب هو بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاصي وقد احتج أكثر أهل الحديث بحديثه حملا لمطلق الجد فيه على الصحابي عبد الله بن عمرو دون ابنه محمد والد شعيب لما ظهر لهم من إطلاقه ذلك ونحو بهز بن حكيم عن أبيه عن جده روى بهذا الإسناد نسخة كبيرة حسنة وجده هو معاوية بن حيدة القشيري وطلحة بن مصرف عن أبيه عن جده وجده عمرو بن كعب اليامي ويقال كعب بن عمرو ومن أطرف ذلك رواية أبي الفرج عبد الوهاب التميمي الفقيه الحنبلي وكانت له ببغداد في جامع المنصور حلقة للوعظ والفتوى عن أبيه في تسعة من آبائه نسقا أخبرني بذلك الشيخ أبو الحسن مؤيد بن محمد بن علي النيسابوري بقراءتي عليه بها قال أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد الشيباني في كتابه إلينا قال أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي حدثنا عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن أكينة بن عبد الله التميمي من لفظه قال سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت علي بن أبي طالب وقد سئل عن الحنان المنان فقال الحنان الذي يقبل على من أعرض عنه والمنان الذي يبدأ بالنوال قبل السوال آخرهم أكينة بالنون وهو السامع عليا رضي الله عنه حدثني أبو المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد السمعاني بمرو الشاهجان عن أبي النضر عبد الرحمن بن عبد الجابر الفامي قال سمعت السيد أبا القاسم منصور بن محمد العلوي يقول الإسناد بعضه عوال وبعضه معال وقول الرجل حدثني أبي عن جدي من المعالي
الثاني رواية الابن عن أبيه دون الجد وذلك باب واسع وهو نحو رواية أبي العشراء الدارمي عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه معروف وقد اختلفوا فيه فالاشهر أن أبا العشراء هو أسامة بن مالك بن قهطم وهو فيما نقتله من خط البيهقي وغيره بكسر القاف وقيل قحطم بالحاء وقيل هو عطارد بن برز بتسكين الراء وقيل بتحريكها أيضا وقيل بن بلز باللام وفي اسمه واسم أبيه من الخلاف غير ذلك والله أعلم
النوع السادس والأربعون
معرفة من اشترك في الرواية عنه راويان متقدم ومتأخر تباين وقت وفاتيهما تباينا شديدا فحصل بينهما أمد بعيد وإن كان المتأخر منهما غير معدود من معاصري الأول وذوي طبقته
ومن فوائد ذلك تقرير حلاوة علو الإسناد في القلوب وقد أفرده الخطيب الحافظ في كتاب حسن سماه كتاب السابق واللاحق ومن أمثلته أن محمد بن إسحاق الثقفي السراج النيسابوري روى عنه البخاري والإمام في تاريخه وروى عنه أبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر وذلك أن البخاري مات سنة ست وخمسين ومائتين ومات الخفاف سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وقيل مات في سنة أربع أو خمس و تسعين وثلاثمائة وكذلك مالك بن أنس الإمام حدث عنه الزهري وزكريا بن دويد الكندي وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر ومات الزهري سنة أربع وعشرين ومائة ولقد حظي مالك بكثير من هذا النوع والله أعلم
النوع السابع والأربعون
معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد من الصحابة والتابعين فمن بعدهم رضي الله عنهم
ولمسلم فيه كتاب لم أره مثاله من الصحابة وهب بن خنبش وهو في كتابي الحاكم وأبي نعيم الأصبهاني في معرفة علوم الحديث هرم بن خنبش وهو رواية داود الأودي عن الشعبي وذلك خطأ صحابي لم يرو عنه غير الشعبي وكذلك عامر بن شهر وعروة بن مضرس ومحمد بن صفوان الأنصاري ومحمد بن صيفي الأنصاري وليسا بواحد وإن قاله بعضهم صحابيون لم يرو عنهم غير الشعبي وانفرد قيس بن أبي حازم بالرواية عن أبيه وعن دكين بن سعيد المزني والصنابح بن الأعسر ومرداس بن مالك الأسلمي وكلهم صحابة وقدامة بن عبد الله الكلابي منهم لم يرو عنه غير أيمن بن نابل وفي الصحابة جماعة لم يرو عنهم غير أبنائهم منهم شكل بن حميد لم يرو عنه غير ابنه شتير ومنهم المسيب بن حزن القرشي لم يرو عنه غير ابنه سعيد بن المسيب ومعاوية بن حيدة لم يرو عنه غير ابنه حكيم والد بهز وقرة بن إياس لم يرو عنه غير ابنه معاوية وأبو ليلى الأنصاري لم يرو عنه غير ابنه عبد الرحمن بن أبي ليلى ثم إن الحاكم أبا عبد الله حكم في المدخل الى كتاب الإكليل بأن أحدا من هذا القبيل لم يخرج عنه البخاري ومسلم في صحيحيهما وأنكر ذلك عليه ونقض عليه بإخراج البخاري في صحيحه حديث قيس بنأبي حازم عن مرداس الأسلمي يذهب الصالحون الأول فالأول ولا راوي له غير قيس وبإخراجه بل بإخراجهما حديث المسيب بن حزن في وفاة أبي طالب مع أنه لا راوي له غير ابنه وبإخراجه حديث الحسن البصري عن عمرو بن تغلب إني لأعطي الرجل والذي أدع أحب إلي ولم يرو عن عمرو غير الحسن وكذلك أخرد مسلم في صحيحه حديث رافع بن عمرو الغفاري ولم يرو عنه غير عبد الله بن الصامت وحديث أبي رفاعة العدوي ولم يرو عنه غير حميد بن هلال العدوي وحديث الأغر المزني إنه ليغان على قلبي ولم يرو عنه غير أبي بردة في أشياء كثيرة عندهما في كتابيهما على هذا النحو وذلك دال على مصيرهما إلى أن الراوي قد يخرج عن كونه مجهولا مردودا برواية واحد عنه وقد قدمت هذا في النوع الثالث والعشرين ثم بلغني عن أبي عمر بن عبد البر الأندلسي وجادة قال كل من لم يرو عنه إلا رجل واحد فهو عندهم مجهول إلا أن يكون رجلا مشهورا في غير حمل العلم كاشتهار مالك بن دينار بي الزهد وعمرو بن معدي كرب بالنجدة واعلم أنه قد يوجد في بعض من ذكرنا تفرد راو واحد عنه خلاف في تفرده ومن ذلك قدامة بن عبد الله ذكر بن عبد البر أنه روى عنه أيضا حميد بن كلاب والله أعلم ومثال هذا النوع في التابعين أبو العشراء الدارمي لم يرو عنه فيما يعلم غير حماد بن سلمة ومثل الحاكم لهذا النوع في التابعين بمحمد بن أبي سفيان الثقفي وذكر أنه لم يرو عنه غير الزهري فيما يعلم قال وكذلك تفرد الزهري عن نيف وعشرين رجلا من التابعين لم يرو عنهم غيره وكذلك عمرو بن دينار تفدر عن جماعة من التابعين وكذلك يحيى بن سعيد الأنصاري وأبو إسحاق السبيعي وهشام بن عروة وغيرهم وسمى الحاكم منهم في بعض المواضع فيمن تفرد عنهم عمرو بن دينار عبد الرحمن بن معبد وعبد الرحمن بن فروخ وفيمن تفرد عنهم الزهري عمرو بن أبان بن عثمان وسنان بن أبي سنان الدؤلي وفيمن تفرد عنهم يحيى عبد الله بن أنيس الأنصاري ومثل في أتباع التابعين بالمسور بن رفاعة القرظي وذكر أنه لم يرو عنه غير مالك وكذلك تفرد مالك عن زهاء عشرة من شيوخ المدينة قلت وأخشى أن يكون الحاكم في تنزيله بعض من ذكره بالمنزلة التي جعله فيها معتمدا على الحسبان والتوهم والله أعلم
النوع الثامن والأربعون
معرفة من ذكر بأسماء مختلفة أو نعوت متعددة فظن من لا خبرة له بها أن تلك الأسماء أو النعوت لجماعة متفرقين
هذا فن عويص والحاجة إليه حاقة وفيه إظهار تدليس المدلسين فإن أكثر ذلك إنما نشأ من تدليسهم وقد صنف عبد الغني بن سعيد الحافظ المصري وغيره في ذلك مثاله محمد بن السائب الكلبي صاحب التفسير هو أبو النضر الذي روى عنه محمد بن إسحاق بن يسار حديث تميم الداري وعدي بن بداء وهو حماد بن السائب الذي روى عنه أبو أسامة حديث ذكاة كل مسك دباغه وهو أبو سعيد الذي يروي عنه عطية العوفي التفسير يدلس به موهما أنه أبو سعيد الخدري ومثاله أيضا سالم الراوي عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وعائشة رضي الله عنهم هو سالم أبو عبد الله المديني وهو سالم مولى مالك بن أوس بن الحدثان النصري وهو سالم مولى شداد بن الهاد النصري وهو في بعض الروايات مسمى بسالم مولى النصريين وفي بعضها بسالم مولى المهري وهو في بعضها سالم سبلان وفي بعضها أبو عبد الله مولى شداد بن الهاد وفي بعضها سالم أبو عبد الله الدوسي وفي بعضها سالم مولى دوس ذكر ذلك كله عبد الغني بن سعيد قلت والخطيب الحافظ يروي في كتبه عن أبي القاسم الأزهري وعن عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي وعن عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي والجميع شخص واحد من مشايخه وكذلك يروي عن الحسن بن محمد الخلال وعن الحسن بن أبي طالب وعن أبي محمد الخلال والجميع عبارة عن واحد ويروي أيضا عن أبي القاسم التنوخي وعن علي بن المحسن وعن القاضي أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي وعن علي بن أبي علي المعدل والجميع شخص واحد وله من ذلك الكثير و الله أعلم
النوع التاسع و الأربعون
معرفة المفردات الآحاد من أسماء الصحابة ورواة الحديث والعلماء وألقابهم وكناهم
هذا نوع مليح عزيز يوجد في كتب الحفاظ المصنفة في الرجال مجموعا مفرقا في أواخر أبوابها وأفرد أيضا بالتصنيف وكتاب أحمد بن هارون البرديجي البرذعي المترجم بالأسماء المفردة من أشهر كتاب في ذلك ولحقه في كثير منه اعتراض واستدراك من غير واحد من الحفاظز منهم أبو عبد الله بن بكي ر فمن ذلك ما وقع في كونه ذكر أسماء كثيرة على أنها آحاد وهي مثان ومثالث وأكثر من ذلك وعلى ما فهمناه من شرطه لا يلزمه ما يوجد من ذلك في غير أسماء الصحابة والعلماء ورواة الحديث ومن ذلك أفراد ذكرها اعترض عليه فيها بأنها ألقاب لا أسامي منها الأجلح الكندي إنما هو لقب لجلحة كانت به واسمه يحيى ويحيى كثير ومنها صغدي بن سنان اسمه عمر وصغدي لقب ومع ذلك فلهم صغدي غيره وليس يرد هذا على ما ترجمت به هذا النوع والحق أن هذا فن يصعب الحكم فيه والحاكم فيه على خطر من الخطأ والانتقاض فإنه حصر في باب واسع شديد الانتشار فمن أمثلة ذلك المستفادة أحمد بن عجيان الهمداني بالجيم صحابي ذكره بن يونس وعجيان كنا نعرفه بالتشديد على وزن عليان ثم وجدته بخط بن الفرات وهو حجة عجيان بالتخفيف على وزن سفيان أوسط بن عمرو البجلي تابعي تدوم بن صبح الكلاعي عن تبيع بن عامر الكلاعي ويقال فيه يدوم بالياء وصوابه بالتاء المثناة من فوق جبيب بن الحارث صحابي بالجيم وبالباء الموحدة المكررة جيلان بن فروة بالجيم المكسوة أبو الجلد الأخباري تابعي الدجين بن ثابت بالجيم مصغرا أبو الغصن قيل إنه جحا المعروف والأصح أنه غيره زر بن حبيش التابعي الكبير سعير بن الخمس انفرد في اسمه واسم أبيه سندر الخصي مولي زنباع الجذامي له صحبة شكل بن حميد الصحابي بفتحتين شمعون بن زيد أبو ريحانة بالشين المنقوطة والعين المهملة ويقال بالغين المعجمة قال أبو سعيد بن يونس وهو عندي أصح أحد الصحابة الفضلاء صدي بن عجلان أبو أمامة الصحابي صنابح بن الأعسر الصحابي ومن قال فيه صنابحي فقد أخطأ ضريب بن نقير بن سمير بالتصغير فيها كلها أبو الليل القيسي البصري روى عن معاذة العدوية وغيرها ونقير أبوه بالنون والقاف وقيل بالفاء وقيل بالفاء واللام نفيل عزوان بن زيد الرقاشي بعين غير معجمة عبد صالح تابعي قرثع الضبي بالثاء المثلثة كلدة بن حنبل بفتح اللام صحابي لبيبي بن لبا الأسدي الصحابي باللام فيهما والأول مشدد مصغير على وزن أبي والثاني مخفف مكبر على وزن عصا فاعلمه فإنه يغلط فيه مستمر بن الريان رأى أنسا نبيشة الخير صحابي نوف البكالي تابعي من بكال بطن من حمير بكسر الباء وتخفيف الكاف وغلب على ألسنة أهل الحديث فيه فتح الباء وتشديد الكاف وابصة بن معبد الصحابي هبيب بن مغفل مصغر بالباء الموحدة المكررة صحابي ومغفل بالغين المنقوطة الساكنة همذان بريد عمر بن الخطاب ضبطه بن بكير وغيره بالذال المعجمة وضبطه بعض من ألف على كتاب البرديجي بالدال المهملة وإسكان الميم
وأما الكنى المفردة فمنها أبو العبيدين مصغر مثنى واسمه معاوية بن سبرة من أصحاب بن مسعود له حديثان أو ثلاثة أبو العشراء الدارمي وقد سبق أبو المدلة بكسر الدال المهملة وتشديد اللام ولم يوقف على اسمه روى عنه الأعمش وابن عيينة وجماعة ولا نعلم أحدا تابع أبا نعيم الحافظ في قوله إن اسامه عبيد الله بن عبد الله المدني أبو مراية العجلي عرفناه بضم الميم وبعد الألف ياء مثناة من تحت واسمه عبد الله بن عمرو تابعي روى عنه قتادة أبو معيد مصغر مخفف الياء حفص بن غيلان الهمداني روى عن مكحول وغيره
وأما الأفراد من الألقاب فمثالها سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة لقب فرد واسمه مهران على خلاف فيه مندل بن علي وهو بكسر الميم عن الخطيب وغيره ويقولونه كثيرا بفتحها وهو لقب واسمه عمرو سحنون بن سعيد التنوخي القيرواني صاحب المدونة على مذهب مالك لقب فرد واسمه عبد السلام ومن ذلك مطين الحضرمي ومشكدانة الجعفي في جماعة آخرين سنذكرهم في نوع الألقاب إن شاء الله تعالى وهو أعلم
النوع الموفي خمسين
معرفة الأسماء والكنى
كتب الأسماء والكنى كثيرة منها كتاب علي بن المديني وكتاب مسلم وكتاب النسائي وكتاب الحاكم الكبير أبي أحمد الحافظ ولابن عبد البر في أنواع منه كتب لطيفة رائقة والمراد بهذه الترجمة بيان أسماء ذوي الكنى والمصنف في ذلك يبوب كتابه على الكنى مبينا أسماء أصحابها وهذا فن مطلوب لم يزل أهل العلم بالحديث يعنون به ويتحفظونه ويتطارحونه فيما بيهم ويتنقصون من جهلة وقد ابتكرت فيه تقسيما حسنا فأقول أصحاب الكنى فيها على ضروب
أحدها الذين سموا بالكنى فأسماؤهم كناهم لا أسماء لهم غيرها وينقسم هؤلاء إلى قسمين
أحدهما من له كنية أخرى سوى الكنية التي هي اسمه فصار كأن للكنية كنية وذلك طريف عجيب وهذا كأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي أحد فقهاء المدينة السبعة وكان يقال له راهب قريش اسمه أبو بكر وكنيته أبو عبد الرحمن وكذلك أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصار ي يقال إن اسمه أبو بكر وكنيته أبو محمد ولا نظير لهذين في ذلك قاله الخطيب وقد قيل إنه لا كنية لابن حزم غير الكنية التي هي اسمه
الثاني من هؤلاء من لا كنية له غير الكنية التي هي اسمه مثاله أبو بلال الأشعري الراوي عن شريك وغيره روي عنه أنه قال ليس لي اسم اسمي وكنيتي واحد وهكذا أبو خصين بن يحيى بن سليمان الرازي بفتح الحاء روى عنه جماعة منهم أبو حاتم الرازي وسأله هل لك اسم فقال لا اسمي وكنيتي واحد
الضرب الثاني الذين عرفوا بكناهم ولم يوقف على أسمائهم ولا على حالهم فيها هل هي كناهم أو غيرها مثاله من الصحابة أبو أناس بالنون الكناني ويقال الديلي من رهط أبي الأسود الديلي ويقال فيه الدؤلي بالضم والهمزة مفتوحة في النسب عند بعض أهل العربية ومكسورة عند بعضهم على الشذوذ فيه وأبو مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو شيبة الخدري الذي مات في حصار القسطنطينة ودفن هناك مكانه ومن غير الصحابة أبو الأبيض الراوي عن أنس بن مالك أبو بكر بن نافع مولى بن عمر روى عنه مالك وغيره أبو النجيب مولى عبد الله بن عمرو بن العاص بالنون المفتوحة في أوله وقيل بالتاء المضمومة باثنتين من فوق أبو الحرب بن أبي الأسود الديلي أبو حريز الموقفي والموقف محلة بمصر روى عنه بن وهب وغيره والله أعلم
الضرب الثالث الذين لقبوا بالكنى ولهم غير ذلك كنى وأسماء مثاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه يلقب بأبي تراب ويكنى أبا الحسن أبو الزناد عبد الله بن ذكوان كنيته أبو عبد الرحمن وأبو الزناد لقب وذكر الحافظ أبو الفضل الفلكي فيما بلغنا عنه أنه كان يغضب من أبي الزناد وكان عالما مفتنا أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري كنيته أبو عبد الرحمن وأبو الرجال لقب لقب به لأنه كان له عشرة أولاد كلهم رجال أبو تميلة بتاء مضمومة مثناة من فوق يحيى بن واضح الأنصاري المروزي يكنى أبا محمد وأبو تميلة لقب وثقه يحيى بن معين وغيره وأنكر أبو حاتم الرازي على البخاري إدخاله إياه في كتاب الضعفاء أبو الآذان الحافظ عمر بن إبراهيم يكنى أبا بكر وأبو الآذان لقب لقب به لأنه كان كبير الأذنين أبو الشيخ الأصبهاني عبد الله بن محمد الحافظ كنيته أبو محمد وأبو الشيخ لقب أبو حازم العبدوي الحافظ عمر بن أحمد كنيته أبو حفص وأبو حازم لقب وإنما استفدناه من كتاب الفلكي في الألقاب والله أعلم
الضرب الرابع من له كنيتان أو أكثر مثال ذلك عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج كانت له كنيتان أبو خالد وأبو الوليد عبد الله بن عمر بن حفص العمري أخو عبيد الله روي أنه كان يكنى أبا القاسم فتركها واكتنى أبا عبد الرحمن وكان لشيخنا منصور بن أبي المعالي النيسابوري حفيد الفراوي ثلاث كنى أبو بكر وأبو الفتح وأبو القاسم والله أعلم
الضرب الخامس من اختلف في كنيته فذكر له على الاختلاف كنيتان أو أكثر واسمه معروف ولعبد الله بن عطاء الإبراهيمي الهروي من المتأخرين فيه مختصر مثاله أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل كنيته أبو زيد وقيل أبو محمد وقيل أبو عبد الله وقيل أبو خارجة أبي بن كعب أبو المنذر وقيل أبو الطفيل قبيصة بن ذؤيب أبو إسحاق وقيل أبو سعيد القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أبو عبد الرحمن وقيل أبو محمد سليمان بن بلال المدني أبو بلال وقيل أبو محمد وفي بعض من ذكر في هذا القسم من هو في نفس الأمر ملتحق بالضرب الذي قبله والله أعلم
الضرب السادس من عرفت كنيته واختلف في اسمه مثاله من الصحابة أبو بصرة الغفاري على لفظ البصرة البلدة قيل اسمه جميل بن بصرة بالجيم وقيل حميل بالحاء المهملة المضمومة وهو الأصح أبو جحيفة السوائي قيل اسمه وهب بن عبد الله وقيل وهب الله بن عبد الله أبو هريرة الدوسي اختلف في اسمه واسم أبيه اختلاف كثير جدا لم يختلف مثله في اسم أحد في الجاهلية والإسلام وذكر بن عبد البر ان فيه نحو عشرين قولة في اسمه واسم أبيه وانه لكثرة الاضطراب لم يصح عنده في اسمه شيء يعتمد عليه الا ان عبد الله أو عبد الرحمن هو الذي يسكن اليه القلب في اسمه في الإسلام وذكر عن محمد بن إسحاق ان اسمه عبد الرحمن بن صخر قال وعلي هذا اعتمدت طائفة الفت في الأسماء والكني قال وقال أبو أحمد الحاكم أصح شيء عندنا في اسم أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر ومن غير الصحابة أبو بردة بن أبي موسي الأشعري أكثرهم علي ان اسمه عامر وعن بن معين ان اسمه الحارث أبو بكر بن عياش راوي قراءة عاصم اختلف في اسمه علي أحد عشر قولا قال بن عبد البر ان صح له اسم فهو شعبة لا غير وهو الذي صححه أبو زرعة قال بن عبد البر وقيل اسمه كنيته وهذا أصح ان شاء الله لأنه روي عنه انه قال ما لي اسم غير أبي بكر والله اعلم
السابع من اختلف في كنيته واسمه معا وذلك قليل مثاله سفينة مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل اسمه عمير وقيل صالح وقيل مهران وكنيته أبو عبد الرحمن وقيل ابوالبختري والله أعلم
الثامن من لم يختلف في كنيته واسمه وعرفا جميعا واشتهرا ومن امثلته أئمة المذاهب ذوو أبي عبد الله مالك ومحمد بن إدريس الشافعي وأحمد بن حنبل وسفيان الثوري وأبو حنيفة النعمان بن ثابت في خلق كثير
التاسع من اشتهر بكنيته دون اسمه واسمه مع ذلك غير مجهول عند أهل العلم بالحديث ولابن عبد البر تصنيف مليح فيمن بعد الصحابة منهم مثاله أبو إدريس الخولاني اسمه عائذ الله بن عبد الله أبو إسحاق السبيعي اسمه عمرو بن عبد الله أبو الأشعث الصنعاني صنعاء دمشق اسمه شراحيل بن أداة بهمزة ممدودة بعدهادال مهملة مفتوحة مخففة ومنهم من شدد الدال ولم يمد أبو الضحي مسلم بن صبيح بضم الصاد المهملة أبو حازم الأعرج الزاهد الراوي عن سهل بن سعد وغيره اسمه سلمة بن دينار ومن لايحصي والله أعلم
النوع الحادي والخمسون
معرفة كني المعروفين بالأسماء دون الكنى
وهذا من وجه ضد النوع الذي قبله ومن شأنه أن يبوب على الأسماء ثم تبين كناها بخلاف ذاك ومن وجه آخر يصلح لأن يجعل قسما من أقسام ذاك من حيث كونه قسما من أقسام أصحاب الكنى وقل من أفرده بالتصنيف وبلغنا أن لأبي حاتم بن حبان البستي فيه كتابا ولنجمع في التمثيل جماعات في كنية واحدة تقريبا على الضابط فممن يكنى بأبي محمد من هذا القبيل من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين طلحة بن عبيد الله التيمي عبد الرحمن بن عوف الزهري الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي ثابت بن قيس بن الشماس عبد الله بن زيد صاحب الأذان الأنصاريان كعب بن عجرة الأشعث بن قيس معقل بن سنان الأشجعي عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عبد الله بن بحينة عبد الله بن عمرو بن العاص عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق جبير بن مطعم الفضل بن العباس بن عبد المطلب حويطب بن عبد العزى محمود بن الربيع عبد الله بن ثعلبة بن صغير وممن يكنى منهم بأبي عبد الله الزبير بن العوام الحسين بن علي بن أبي طالب سلمان الفارسي عامر بن ربيعة العدوي حذيفة بن اليمان كعب بن مالك رافع بن خديج عمارة بن حزم النعمان بن بشير جابر بن عبد الله عثمان بن حنيف حارثة بن النعمان وهؤلاء السبعة أنصاريون ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة شرحبيل بن حسنة عمرو بن العاص محمد بن عبد الله بن جحش معقل بن يسار وعمرو بن عامر المزنيان وممن يكنى منهم بأبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود معاذ بن جبل زيد بن الخطاب أخو عمر بن الخطاب عبد الله بن عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة الأنصاري عويم بن ساعدة على وزن نعيم زيد بن خالد الجهني بلال بن الحارث المزني معاوية بن أبي سفيان الحارث بن هشام المخزومي المسور بن مخرمة وفي بعض من ذكرناه من قبل في كنيته غير ما ذكرناه والله أعلم
النوع الثاني والخمسون
معرفة ألقاب المحدثين ومن يذكر معهم
وفيها كثرة ومن لا يعرفها يوشك أن يظنها أسامي وأن يجعل من ذكر باسمه في موضع وبلقبه في موضع شخصين كما اتفق لكثير ممن ألف وممن صنفها أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي الحافظ ثم أبو الفضل بن الفلكي الحافظ وهي تنقسم إلى ما يجوز التعريف به وهو ما لا يكرهه الملقب وإلى ما لا يجوز وهو ما يكرهه الملقب وهذا أنموذج منها مختار روينا عن عبد الغني بن سعيد الحافظ أنه قال رجلان جليلان لزمهما لقبان قبيحان معاوية بن عبد الكريم الضال وإنما ضل في طريق مكة وعبد الله بن محمد الضعيف وإنما كان ضعيفا في جسمه لا في حديثه قلت وثالث وهو عارم أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي وكان عبدا صالحا بعيدا من الغرامه والضعيف هو الطرسوسي أبو محمد سمع أبا معاوية الضرير وغيره كتب عنه أبو حاتم الرازي وزعم أبو حاتم بن حبان أنه قيل له الضعيف لإتقانه وضبطه
غندر لقب محمد بن جعفر البصري أبي بكر وسببه ما روينا أن بن جريج قدم البصرة فحدثهم بحديث عن الحسن البصري فأنكروه عليه وشغبوا وأكثر محمد بن جعفر من الشغب عليه فقال له اسكت يا غندر وأهل الحجاز يسموه المشغب غندرا ثم كان بعده غنادرة كل منهم يلقب بغندر منهم محمد بن جعفر الرازي أبو الحسين غندر روى عن أبي حاتم الرازي وغيره ومنهم محمد بن جعفر أبو بكر البغدادي غندر الحافظ الجوال حدث عنه أبو نعيم الحافظ وغيره ومنهم محمد بن جعفر بن دران البغدادي أبو الطيب روى عن أبي خليفة الجمحي وغيره وآخرون لقبوا بذلك ممن ليس بمحمد بن جعفر
غنجار لقب عيسى بن موسى التيمي أبي أحمد البخاري متقدم حدث عن مالك والثوري وغيرهما لقب بغنجار لحمرة وجنتيه وغنجار آخر متأخر وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد البخاري الحافظ صاحب تاريخ بخارى مات سنة ثنتي عشرة وأربعمائة والله أعلم
صاعقة هو أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم الحافظ روى عنه البخاري وغيره قال أبو علي الحافظ إنما لقب صاعقة لحفظه وشدة مذاكرته ومطالباته
شباب لقب خليفة بن خياط العصفري صاحب التاريخ سمع غندرا وغيره
زنيج بالنون والجيم لقب أبي غسان محمد بن عمرو الرازي روى عنه مسلم وغيره
رسته لقب عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني
سنيد لقب الحسين بن داود المصيصي صحاب التفسير روى عنهما أبو زرعة وأبو حاتم الحافظان وغيرهما
بندار لقب محمد بن بشار البصري روى عنه البخاري ومسلم والناس قال بن الفلكي إنما لقب بهذا لأنه كان بندار الحديث
قيصر لقب أبي النضر هاشم بن القاسم المعروف روى عنه أحمد بن حنبل وغيره
الأخفش لقب جماعة منهم أحمد بن عمران البصري النحوي متقدم روى عن زيد بن الحباب وغيره وله غريب الموطأ وفي النحويين أخافش ثلاثة مشهورون أكبرهم أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد وهو الذي ذكره سيبويه في كتابه والثاني سعيد بن مسعدة أبو الحسن الذي يروي عنه كتاب سيبويه وهو صاحبه والثالث أبو الحسن علي بن سليمان صاحب أبوي العباس النحويين أحمد بن يحيى الملقب بثعلب ومحمد بن يزيد الملقب بالمبرد
مربع بفتح الباء المشددة هو محمد بن إبراهيم الحافظ البغدادي
جزرة لقب صالح بن محمد البغدادي الحافظ لقب بذلك من أجل أنه سمع من بعض الشيوخ ما روي عن عبد الله بن بسر أنه كان يرقي بخرزة فصحفها وقال جزرة بالجيم فذهبت عليه وكان ظريفا له نوادر تحكى
عبيد العجل لقب أبي عبد الله الحسين بن محمد بن حاتم البغدادي الحافظ
كيلجة هو محمد بن صالح البغدادي الحافظ
ما غمه بلفظ النفي لفعل الغم هو لقب علان بن عبد الصمد وهو علي بن الحسين بن عبد الصمد الحافظ ويجمع فيه بين اللقبين فيقال علان ما غمه وهؤلاء البغداديون الخمسة روينا أن يحيى بن معين هو لقبهم وهم من كبار أصحابه وحفاظ الحديث
سجادة المشهور هو الحسن بن حماد سمع وكيعا وغيره
مشكدانة ومعناه بالفارسية حبة المسك أو وعاء المسك لقب عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان
مطين بفتح الياء لقب أبي جعفر الحضرمي خاطبهما بذلك أبو نعيم الفضل بن دكين فلقبها بهما
عبدان لقب لجماعة أكبرهم عبد الله بن عثمان المروزي صاحب بن المبارك وراويته روينا عن محمد بن طاهر المقدسي أنه انما قيل له عبدان لأن كنيته أبو عبد الرحمن واسمه عبد الله فاجتمع في كنيته واسمع العبدان وهذا لا يصح بل ذلك من تغيير العامة للأسامي وكسرهم لها في زمان صغر المسمى أو نحو ذلك كما قالوا في علي علان وفي أحمد بن يوسف السلمي وغيره حمدان وفي وهب بن بقية الواسطي وهبان والله أعلم


ويستحب افتتاح المجلس بقراءة قارئ لشيء من القرآن العظيم فإذا فرغ استنصت المستملي أهل المجلس إن كان فيه لغط ثم يبسمل ويحمد الله تبارك وتعالى ويصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتحرى الأبلغ في ذلك ثم يقبل على المحدث ويقول من ذكرت أو ما ذكرت رحمك الله أو غفر الله لك أو نحو ذلك والله أعلم وكلما انتهى الى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه وذكر الخطيب أنه يرفع صوته بذلك وإذا انتهى الى ذكر الصحابي قال رضي الله عنه ويحسن بالمحدث الثناء على شيخه في حالة الرواية عنه بما هو أهل له فقد فعل ذلك غير واحد من السلف والعلماء كما روي عن عطاء بن أبي رباح أنه كان إذا حدث عن بن عباس رضي الله عنهما قال حدثني البحر وعن وكيع أنه قال حدثنا سفيان أمير المؤمنين في الحديث وأهم من ذلك الدعاء له عند ذكره فلا يغفلن عنه
ولا بأس بذكر من يروي عنه بما يعرف به من لقب كغندر لقب محمد بن جعفر صاحب شعبة ولوين لقب محمد بن سليمان المصيصي أو نسبة إلى أم عرف بها كيعلى بن منية الصحابي وهو بن أمية ومنية أمه وقيل جدته أم أبيه أو وصف بصفة نقص في جسده عرف كسليمان الأعمش وعاصم الأحول إلا ما يكرهه من ذلك كما في إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن علية وهي أمه وقيل أم أمه روينا عن يحيى بن معين أنه كان يقول حدثنا إسماعيل بن علية فنهاه أحمد بن حنبل وقال قل إسماعيل بن إبراهيم فإنه بلغني أنه كان يكره أن ينسب إلى أمه فقال قد قبلنا منك يا معلم الخير
وقد استحب للملي أن يجمع في إملائه بين الرواية عن جماعة من شيوخه مقدما للاعلى إسنادا أو الأولى من وجه آخر ويملي عن كل شيخ منهم حديثا واحدا ويختار ما علا سنده وقصر متنه فإنه أحسن وأليق وينتقي ما يمليه ويتحرى المستفاد منه وينبه على ما فيه من فائدة وعلو وفضيلة ويتجنب ما لا تحتمله عقول الحاضرين وما يخشى فيه من دخول الوهم عليهم في فهمه وكان من عادة غير واحد من المذكورين ختم الإملاء بشيء من الحكايات والنوادر والإنشادات بأسانيدها وذلك حسن والله أعلم
وإذا قصر المحدث عن تخريج ما يمليه فاستعان ببعض حفاظ وقته فخرج له فلا بأس بذلك قال الخطيب كان جماعة من شيوخنا يفعلون ذلك وإذا نجز الإملاء فلا غنى عن مقابلته وإتقانه وإصلاح ما فسد منه بزيغ القلم وطغيانه هذه عيون من آداب المحدث اجتزأنا بها معرضين عن التطويل بما ليس من مهماتها أو هو ظاهر ليس من مستبهماتها والله الموفق وهو أعلم
النوع الثامن والعشرون
معرفة آداب طالب الحديث
وقد اندرج طرف منه في جملة ما تقدم فأول ما عليه تحقيق الإخلاص والحذر من أن يتخذه وصلة إلى شيء من الأغراض الدنيوية روينا عن حماد بن سلمة رضي الله عنه أنه قال من طلب الحديث لغير الله مكر به وروينا عن سفيان الثوري رضي الله عنه قال ما أعلم عملا هو أفضل من طلب الحديث لمن أراد الله به وروينا نحوه عن بن المبارك رضي الله عنه ومن أقرب الوجوه في إصلاح النية فيه ما روينا عن أبي عمرو إسماعيل بن نجيد أنه سأل أبا جعفر أحمد بن حمدان وكانا عبدين صالحين فقال له بأي نية أكتب الحديث فقال ألستم تروون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة قال نعم قال فرسول الله صلى الله عليه وسلم رأس الصالحين
وليسأل الله تبارك وتعالى التيسير والتأييد والتوفيق والتسديد وليأخذ نفسه بالأخلاق الزكية والأداب الرضية فقد روينا عن أبي عاصم النبيل قال من طلب هذا الحديث فقد طلب أعلى أمور الدين فيجب أن يكون خير الناس
وفي السن الذي يستحب فيه الابتداء بسماع الحديث وبكتبته اختلاف سبق بيانه في أول النوع الرابع والعشرين وإذا أخذ فيه فليشمر عن ساق جهده واجتهاده ويبدأ بالسماع من أسند شيوخ مصره ومن الأولى فالأولى من حيث العلم أو الشهرة أو الشرف أو غير ذلك وإذا فرغ من سماع العوالي والمهمات التي ببلده فليرحل الى غيره روينا عن يحيى بن معين أنه قال أربعة لا تؤنس منهم رشدا حارس الدرب ومنادي القاضي وابن المحدث ورجل يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث وروينا عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قيل له أيرحل الرجل في طلب العلو فقال بلى والله شديدا لقد كان علقمة والأسود يبلغهما الحديث عن عمر رضي الله عنه فلا يقنعهما حتى يخرجا الى عمر رضي الله عنه فيسمعانه منه والله أعلم وعن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه قال إن الله تعالى يدفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث ولا يحملنه الحرص والشره على التساهل في السماع والتحمل والإخلال بما يشترط عليه على ما تقدم شرحه
وليستعمل ما يسمعه من الأحاديث الواردة بالصلاة والتسبيح وغيرهما من الأعمال الصالحة فذلك زكاة الحديث على ما روينا عن العبد الصالح بشر بن الحارث الحافي رضي الله عنه وروينا عنه أيضا أنه قال يا أصحاب الحديث أدوا زكاة هذا الحديث اعملوا من كل مئتي حديث بخمسة أحاديث وروينا عن عمرو بن قيس الملائي رضي الله عنه قال إذا بلغك شيء من الخير فاعمل له ولو مرة تكن من أهله وروينا عن وكيع قال إذا أرت أن تحفظ الحديث فاعمل به وليعظم شيخه ومن يسمع منه فذلك من أجلال الحديث والعلم ولا يثقل عليه ولا يطول بحيث يضجره فإنه يخشى على فاعل ذلك أن يرحم الانتفاع وقد روينا عن الزهري أنه قال إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب والله أعلم
ومن ظفر من الطلبة بسماع شيخ فكتمه غيره لينفرد به عنهم كان جديرا بأن لا ينتفع به وذلك من اللؤم الذي يقع فيه جهلة الطلبة الوضعاء ومن أول فائدة طلب الحديث الإفادة روينا عن مالك رضي الله عنه أنه قال من بركة الحديث إفادة بعضهم بعضا وروينا عن إسحاق بن إبراهيم راهويه أنه قال لبعض من سمع منه في جماعة انسخ من كتابهم ما قد قرأت فقال إنهم لا يمكنونني قال إذا والله لا يفلحون قد رأينا أقواما منعوا هذا السماع فوالله ما أفلحوا ولا أنجحوا قلت وقد رأينا نحن أقواما منعوا السماع فما أفلحوا ولا أنجحوا ونسأل الله العافية والله أعلم
ولا يكن ممن يمنعه الحياء أو الكبر عن كثير من الطلب وقد روينا عن مجاهد رضي الله عنه أنه قال لا يتعلم مستحي ولا مستكبر وروينا عن عمر بن الخطاب وابنه رضي الله عنهما أنهما قالا من رق وجهه رق علمه ولا يأنف من أن يكتب عمن دونه ما يستفيده منه روينا عن وكيع بن الجراح رضي الله عنه أنه قال لا ينبل الرجل من أصحاب الحديث حتى يكتب عمن هو فوقه وعمن هو مثله وعمن هو دونه وليس بموفق من ضيغ شيئا من وقته في الاستكثار من الشيوخ لمجرد اسم الكثرة وصيتها وليس من ذلك قول أبي حاتم الرازي إذا كتبت فقمش وإذا حدثت ففتش
وليكتب وليسمع ما يقع اليه من كتاب أو جزء على التمام ولا ينتخب فقد قال بن المبارك رضي الله عنه ما انتخبت على عالم قط إلا ندمت وروينا عنه أنه قال لا ينتخب على عالم إلا بذنب وروينا أو بلغنا عن يحيى بن معين أنه قال سيندم المنتخب في الحديث حين لا تنفعه الندامة فإن ضاقت به الحال عن الاستيعاب وأوج الى الانتقاء الانتخاب تولى ذلك بنفسه إن كان أهلا مميزا عارفا بما يصلح للانتقاء والاختيار وإن كان قاصرا عن ذلك استعان ببعض الحفاظ لينتخب له وقد كان جماعة من الحفاظ متصدين للانتقاء على الشيوخ والطلبة تسمع وتكتب بانتخابهم منهم إبراهيم بن أرمة الأصبهاني وأبو عبد الله الحسين بن محمد المعروف بعبيد العجل وأبو الحسن الدارقطني و أبو بكر الجعابي في آخرين وكانت العادة جارية برسم الحافظ علامة في أصل الشيخ على ما ينتخبه فكان النعيمي أبو الحسن يعلم الصاد ممدودة وأبو محمد الخلال بطاء ممدودة وأبو الفضل الفلكي بصورة همزتين وكلهم يعلم بحبر في الحاشية اليمنى من الورقة وعلم الدارقطني في الحاشية اليسرى بخط عريض بالحمرة وكان أبو القاسم اللالكائي الحافظ يعلم بخط صغير بالحمرة على أول إسناد الحديث ولا حجر في ذلك ولكل الخيار ثم لا ينبغي لطالب الحديث ان يقتصر على سماع الحديث وكتبه دون معرفته وفهمه فيكون قد أتعب نفسه من غير أن يظفر بطائل وبغير أن يحصل في عداد أهل الحديث بل لم يزد على أن صار من المتشبهين المنقوصين المتحلين بما هم منه عاطلون قلت أنشدني أبو المظفر بن الحافظ أبي سعد السمعاني رحمه الله لفظا بمدينة مرو قال أنشدنا والدي لفظا أو قراءة عليه قال أنشدنا محمد بن ناصر السلامي من لفظه قال أنشدنا الأديب الفاضل فارس بن الحسين لنفسه
يا طالب العلم الذي
ذهبت بمدته الرواية
كن في الرواية ذا العناية
بالرواية والدراية
وارو القليل وراعه
فالعلم ليس له نهاية
وليقدم العناية بالصحيحين ثم بسنن أبي داود وسنن النسائي وكتاب الترمذي ضبطا لمشكلها وفهما لخفي معانيها ولا يخدعن عن كتاب السنن الكبير للبيهقي فإنا لا نعلم مثله في بابه ثم بسائر ما تمس حاجة صاحب الحديث إليه من كتب المساند كمسند أحمد ومن كتب الجوامع المصنفة في الأحكام المشتملة على المسانيد وغيرها وموطأ مالك هو المقدم منها ومن كتب علل الحديث ومن أجودها كتاب العلل عن أحمد بن حنبل وكتاب العلل عن الدارقطني ومن كتب معرفة الرجال وتواريخ المحدثين ومن أفضلها تاريخ البخاري الكبير وكتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ومن كتب الضبط لمشكل الأسماء ومن أكملها كتاب الإكمال لأبي ناصر بن ماكولا
وليكن كلما مر به اسم مشكل أو كلمة من حديث مشكلة بحث عنها وأودعها قلبه فإنه يجتمع له بذلك علم كثير في يسر
وليكن تحفظه للحديث على التدريج قليلا قليلا مع الأيام والليالي فذلك أحرى بأن يمتع بمحفوظه وممن ورد ذلك عنه من حفاظ الحديث المتقدمين شعبة وابن علية ومعمر وروينا عن معمر قال سمعت الزهري يقول من طلب العلم جملة فاته جملة وإنما يدرك العلم حديثا وحديثين والله أعلم وليكن الإتقان من شأنه فقد قال عبد الرحمن بن مهدي الحفظ الإتقان ثم إن المذاكرة بما يتحفظه من أقوى أسباب الإمتاع به روينا عن علقمة النخعي قال تذاكروا الحديث فإن حياته ذكره وعن إبراهيم النخعي قال من سره أن يحفظ الحديث فليحدث به ولو أن يحدث به من لا يشتهيه وليشتغل بالتخريج والتأليف والتصنيف إذا استعد لذلك وتأهل له فإنه كما قال الخطيب الحافظ يثبت الحفظ ويذكي القلب ويشحذ الطبع ويجيد البيان ويكشف الملتبس ويكسب جميل الذكر ويخلده الى آخر الدهر وقل ما يمهر في علم الحديث ويقف على غوامضه ويستبين الخفي من فوائده إلا من فعل ذلك وحدث الصوري الحافظ محمد بن علي قال رأيت أبا محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ في المنام فقال لي يا أبا عبد الله خرج وصنف قبل أن يحال بينك وبينه هذا أنا تراني قد حيل بيني وبين ذلك
وللعلماء بالحديث في تصنيفه طريقتان
إحداهما التصنيف على الأبواب وهو تخريجه على أحكام الفقه وغيرها وتنويعه أنواعا وجمع ما ورد في كل حكم وكل نوع في باب فباب
والثانية تصنيفه على المسانيد وجمع حديث كل صحابي وحده وإن اختلفت أنواعه ولمن اختار ذلك أن يرتبهم على حروف المعجم في أسمائهم وله أن يرتبهم على القبائل فيبدأ ببني هاشم ثم بالأقرب فالأقرب نسبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وله أن يرتب على سوابق الصحابة فيبدأ بالعشرة ثم بأهل بدر ثم بأهل الحديبة ثم بمن أسلم وهاجر بين الحديبية وفتح مكة ويختم بأصاغر الصحابة كابي الطفيل ونظرائه ثم بالنساء وهذا أحسن والأول أسهل وفي ذلك من وجوه الترتيب غير ذلك ثم إن من أعلى المراتب في تصنيفه تصنيفه معللا بأن يجمع في كل حديث طرفه واختلاف الرواة فيه كما فعل يعقوب بن شيبة في مسنده ومما يعتنون به في التأليف جمع الشيوخ أي جمع حديث شيوخ مخصوصين كل واحد منهم على انفراده قال عثمان بن سعيد الدارمي يقال من لم يجمع حديث هؤلاء الخمسة فهو مفلس في الحديث سفيان وشعبة ومالك وحماد بن زيد وابن عيينة وهم أصول الدين وأصحاب الحديث يجمعون حديث خلق كثير غير الذين ذكرهم الدارمي منهم أيوب السختياني والزهري والأوزاعي ويجمعون أيضا التراجم وهي أسانيد يخصون ما جاء بها بالجمع والتأليف مثل ترجمة مالك عن نافع عن بن عمر وترجمة سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة وترجمة هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها في أشباه لذلك كثيرة ويجمعون أيضا أبوابا من أبواب الكتب المصنفة الجامعة للأحكام فيفردونها بالتأليف فتصير كتبا مفردة نحو باب رؤية الله عز وجل وباب رفع اليدين وباب القراءة خلف الإمام وغير ذلك ويفردون أحاديث فيجمعون طرفها في كتب مفردة نحو طرق حديث قبض العلم وحديث الغسل يوم الجمعة وغير ذلك وكثير من أنواع كتابنا هذا قد أفردوا أحاديثه بالجمع والتصنيف وعليه في كل ذلك تصحيح القصد والحذر من قصد المكاثرة ونحوه بلغنا عن حمزة بن محمد الكناني أنه خرج حديثا واحدا من نحو مئتي طريق فأعجبه ذلك فرأى يحيى بن معين في منامه فذكر له ذلك فقال له أخشى أن يدخل هذا تحت ألهاكم التكاثر ثم ليحذر أن يخرج إلى الناس ما يصنفه إلا بعد تهذيبه وتحريره وإعادة النظر فيه وتكريره وليتق أن يجمع ما لم يتأهل بعد لاجتناء ثمرته واقتناص فائدة جمعه كيلا يكون حكمه ما رويناه عن علي بن المديني قال إذا رأيت الحدث أول ما يكتب الحديث يجمع حديث الغسل وحديث من كذب فاكتب على قفاه لا يفلح ثم إن هذا الكتاب مدخل إلى هذا الشأن مفصح عن أصوله وفروعه شارح لمصطلحات أهله ومقاصدهم ومهماتهم التي ينقص المحدث بالجهل بها نقصا فاحشا فهو إن شاء الله جدير بأن تقدم العناية به ونسأل الله سبحانه فضله العظيم وهو أعلم
النوع التاسع والعشرون
معرفة الإسناد العالي والنازل
أصل الإسناد أولا خصيصة فاضلة من خصائص هذه الأمة وسنة بالغة من السنن المؤكدة روينا من غير وجه عن عبد الله بن المبارك رضي الله عنه أنه قال الإسناد من الدين لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء وطلب العلو فيه سنة أيضا ولذلك استحبت الرحلة فيه على ما سبق ذكره قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه طلب الإسناد العالي سنة عمن سلف وقد روينا أن يحيى بن معين رضي الله عنه قيل له في مرضه الذي مات فيه ما تشتهي قال بيت خالي وإسناد عالي قلت العلو يبعد الإسناد من الخلل لأن كل رجل من رجاله يحتمل أن يقع الخلل من جهته سهوا أو عمدا ففي قلتهم قلة جهات الخلل وفي كثرتهم كثرة جهات الخلل وهذا جلي واضح
ثم إن العلو المطلوب في رواية الحديث على أقسام خمسة
أولها من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد نظيف غير ضعيف وذلك من أجل أنواع العلو وقد روينا عن محمد بن أسلم الطوسي الزاهد العالم رضي الله عنه أنه قال قرب الإسناد قرب أو قربة إلى الله عز وجل وهذا كما قال لأن قرب الإسناد قرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرب إليه قرب إلى الله عز وجل
الثاني وهو الذي ذكره الحاكم أبو عبد الله الحافظ القرب من إمام من أئمة الحديث وإن كثر العدد من ذلك الإمام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا وجد ذلك في إسناد وصف بالعلو نظرا إلى قربه من ذلك الإمام وإن لم يكن عاليا بالنسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام الحاكم يوهم أن القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعد من العلو المطلوب أصلا وهذا غلط من قائله لأن القرب منه صلى الله عليه وسلم بإسناد نظيف غير ضعيف أولى بذلك ولا ينازع في هذا من له مسكة من معرفة وكأن الحاكم أراد بكلامه ذلك إثبات العلو للإسناد بقربه من امام وإن لم يكن قريبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والإنكار على من يراعي في ذلك مجرد قرب الإسناد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان إسنادا ضعيفا ولهذا مثل ذلك بحديث أبي هدبة ودينار والأشج وأشباههم والله أعلم
الثالث العلو بالنسبة إلى رواية الصحيحين أو أحدهما أو غيرهما من الكتب المعروفة المعتمدة وذلك ما اشتهر آخرا من الموافقات والأبدال والمساواة والمصافحة وقد كثر اعتناء المحدثين المتأخرين بهذا النوع وممن وجدت هذا النووع في كلامه أبو بكر الخطيب الحافظ وبعض شيوخه وأبو نصر بن ماكولا وأبو عبد الله الحميدي ويغرهم من طبقتهم وممن جاء بعدهم والله أعلم
أما الموافقة فهي أن يقع لك الحديث عن شيخ مسلم فيه مثلا عاليا بعدد أقل من العدد الذي يقع لك به ذلك الحديث عن ذلك الشيخ إذا رويته عن مسلم عنه
وأما البدل فمثل أن يقع لك هذا العلو عن شيخ غير شيخ مسلم هو مثل شيخ مسلم في ذلك الحديث وقد يرد البدل إلى الموافقة فيقال فيما ذكرناه إنه موافقة عالية في شيخ شيخ مسلم ولو لم يكن ذلك عاليا فهو أيضا موافقة وبدل لكن لا يطلق عليه اسم الموافقة والبدل لعدم الالتفات إليه
وأما المساواة فهي في اعصارنا أن يقل العدد في إسنادك لا إلى شيخ مسلم وأمثاله ولا إلى شيخ شيخه بل إلى من هو أبعد من ذلك كالصحابي أو من قاربه وربما كان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث يقع بينك وبين الصحابي مثلا من العدد مثل ما وقع من العدد بين مسلم وبين ذلك الصحابي فتكون بذلك مساويا لمسلم مثلا في قرب الإسناد وعدد رجاله
واما المصافحة فهي أن تقع هذه المساواة التي وصفناها لشيخك لا لك فيقع ذلك لك مصافحة إذ تكون كأنك لقيت مسلما في ذلك الحديث وصافحته به لكونك قد لقيت شيخك المساوي لمسلم فإن كانت المساواة لشيخ شيخك كانت المصافحة لشيخك فتقول كأن شيخي سمع مسلما وصافحه وإن كانت المساواة لشيخ شيخ شيخك فالمصافحة لشيخ شيخك فتقول فيها كأن شيخ شيخي سمع مسلما وصافحه ولك أن لا تذكر لك في ذلك نسبة بل تقول كأن فلانا سمعه من مسلم من غير ان تقول فيه شيخي أو شيخ شيخي ثم لا يخفى على المتأمل أن في المساواة والمصافحة الواقعتين لك لا يلتقي إسنادك وإسناد مسلم أو نحوه إلا بعيدا عن شيخ مسلم فيلتقيان في الصحابي أو قريبا منه فإن كانت المصافحة التي تذكرها ليست لك بل لمن فوقك من رجال إسنادك أمكن التقاء الإسنادين فيها في شيخ مسلم أو أشباهه وداخلت المصافحة حينئذ الموافقة فإن معنى الموافقة راجع إلى مساواة ومصافحة مخصوصة إذ حاصلها أن بعض من تقدم من رواة إسنادك العالي ساوى أو صافح مسلما أو البخاري لكونه سمع ممن سمع من شيخهما مع تأخر طبقته عن طبقتهما ويوجد في كثير من العوالي المخرجة لمن تكلم أولا في هذا النوع وطبقتهم المصافحات مع الوفاقات والأبدال لما ذكرناه ثم اعلم أن هذا النوع من العلو علو تابع لنزول إذ لولا نزول ذلك الإمام في إسناده لم تعل أنت في إسنادك وكنت قد قرأت بمرو على شيخنا المكثر أبي المظفر عبد الرحيم بن الحافظ المصنف أبي سعد السمعاني رحمهما الله في أربعي أبي البركات الفراوي حديثا ادعى فيه أنه كأنه سمعه هو أو شيخه من البخاري فقال الشيخ أبو المظفر ليس لك بعال ولكنه للبخاري نازل وهذا حسن لطيف يخدش وجه هذا النوع من العلو والله أعلم
الرابع
من أنواع العلو العلو المستفاد من تقدم وفاة الراوي مثاله ما أرويه عن شيخ أخبرني به عن واحد عن البيهقي الحافظ عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ أعلى من روايتي لذلك عن شيخ أخبرني به عن واحد عن أبي بكر بن خلف عن الحاكم وإن تساوى الإسنادان في العدد لتقدم وفاة البيهقي على وفاة بن خلف لأن البيهقي مات سنة ثمان وخمسين وأربعمئة ومات بن خلف سنة سبع وثمانين وأربعمئة روينا عن أبي يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي الحافظ رحمه الله قال قد يكون الإسناد يعلو على غيره بتقدم موت راويه وإن كانا متساويين في العدد ومثل ذلك من حديث نفسه بمثل ما ذكرناه ثم إن هذا كلام في العلو المنبني على تقدم الوفاة المستفاد من نسبة شيخ الى شيخ وقياس راو براو وأما العلو المستفاد من مجرد تقدم وفاة شيخك من غير نظر الى قياسه براو آخر فقد حده بعض أهل هذا الشأن بخمسين سنة وذلك ما رويناه عن أبي علي الحافظ النيسابوري قال سمعت أحمد بن عمير الدمشقي وكان من أركان الحديث يقول إسناد خمسين سنة من موت الشيخ إسناد علو وفيما يروي عن أبي عبد الله بن منده الحافظ قال إذا مر على الإسناد ثلاثون سنة فهو عال وهذا أوسع من الأول والله أعلم
الخامس
العلو المستفاد من تقدم السماع أنبئنا عن محمد بن ناصر الحافظ عن محمد بن طاهر الحافظ قال من العلو نقدم السماع قلت وكثير من هذا يدخل في النوع المذكور قبله وفيه ما لا يدخل في ذلك بل يمتاز عنه مثل أن يسمع شخصان من شيخ واحد وسماع أحدهما من ستين سنة مثلا وسماع الآخر من أربعين سنة فإذا تساوى السند إليهما في العدد فالإسناد إلى الأول الذي تقدم سماعه أعلى فهذه أنواع العلو على الاستقصاء والإيضاح الشافي ولله سبحانه وتعالى الحمد كله وأما ما رويناه عن الحافظ أبي الطاهر السلفي رحمه الله من قوله في أبيات له
بل علو الحديث بين أولي الحفظ
والإتقان صحة الإسناد
وما رويناه عن الوزير نظام الملك من قوله عندي أن الحديث العالي ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن بلغت رواته مائة فهذا ونحوه ليس من قبيل العلو المتعارف إطلاقه بين أهل الحديث وإنما هو علو من حيث المعنى فحسب والله أعلم
فصل
وأما النزول فهو ضد العلو وما من قسم من أقسام العلو الخمسة إلا وضده قسم من أقسام النزول فهو إذا خمسة أقسام وتفصيلها يدرك من تفصيل أقسام العلو على نحو ما تقدم شرحه وأما قول الحاكم أبي عبد الله لعل قائلا يقول النزول ضد العلو فمن عرف العلو فقد عرف ضده وليس كذلك فإن للنزول مراتب لا يعرفها إلا أهل الصنعة إلى آخر كلامه فهذا ليس نفيا لكون النزول ضدا للعلو على الوجه الذي ذكرته بل نفيا لكونه يعرف بمعرفة العلو وذلك يليق بما ذكره هو في معرفة العلو فإنه قصر في بيانه وتفصيله وليس كذلك ما ذكرناه نحن في معرفة العلو فإنه مفصل تفصيلا مفهما لمراتب النزول والعلم عند الله تبارك وتعالى ثم إن النزول مفضول مرغوب عنه والفضيلة للعلو على ما تقدم بيانه ودليله وحكى بن خلاد عن بعض أهل النظر أنه قال التنزل في الإسناد أفضل واحتج له بما معناه أنه يجب الاجتهاد والنظر في تعديل كل راو وتجريحه فكلما زادوا كان الاجتهاد أكثر فكان الأجر أكثر وهذا مذهب ضعيف ضعيف الحجة وقد روينا عن علي بن المديني وأبي عمرو المستملي النيسابوري أنهما قالا النزول شؤم وهذا ونحوه مما جاء في ذم النزول مخصوص ببعض النزول فإن النزول إذا تعين دون العلو طريقا إلى فائدة راجحة على فائدة العلو فهو مختار غير مرذول والله أعلم
النوع الموفي ثلاثين
معرفة المشهور من الحديث
ومعنى الشهرة مفهوم وهو منقسم الى صحيح كقوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات وأمثاله وإلى غير صحيح كحديث طلب العلم فريضة على كل مسلم وكما بلغنا عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قال أربعة أحاديث تدور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسواق ليس لها أصل من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة ومن آذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة ونحركم يوم صومكم وللسائل حق وإن جاء على فرس وينقسم من وجه آخر الى ما هو مشهور بين أهل الحديث وغيرهم كقوله صلى الله عليه وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده وأشباهه وإلى ما هو مشهور بين أهل الحديث خاصة دون غيرهم كالذي رويناه عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرا بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان فهذا مشهور بين أهل الحديث مخرج في الصحيح وله رواه عن أنس غير أبي مجلز ورواه عن أبي مجلز غير التيمي ورواه عن التيمي غير الأنصاري ولا يعلم ذلك إلا أهل الصنعة وأما غيرهم فقد يستغربونه من حيث أن التيمي يروي عن أنس وهو ههنا يروي عن واحد عن أنس ومن المشهور المتواتر الذي يذكره أهل الفقه وأصوله وأهل الحديث لا يذكرونه باسمه الخاص المشعر بمعناه الخاص وإن كان الحافظ الخطيب قد ذكره ففي كلامه ما يشعر بأنه اتبع فيه غير أهل الحديث ولعل ذلك لكونه لا تشمله صناعتهم ولا يكاد يوجد في رواياتهم فإنه عبارة عن الخبر الذي ينقله من يحصل العلم بصدقه ضرورة ولا بد في إسناده من استمرار هذا الشرط في رواته من أوله الى منتهاه ومن سئل عن ابراز مثال لذلك فيما يروي من الحديث أعياه تطلبه وحديث إنما الأعمال بالنيات ليس من ذلك بسبيل وإن نقله عدد التواتر وزيادة لأن ذلك طرأ عليه في وسط إسناده ولم يوجد في أوائله على ما سبق ذكره نعم حديث من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار نراه مثالا لذلك فإنه نقله من الصحابة رضي الله عنهم العدد الجم وهو في الصحيحين مروي عن جماعة منهم وذكر أبو بكر البزار الحافظ الجليل في مسنده أنه رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو من أربعين رجلا من الصحابة وذكر بعض الحفاظ أنه رواه عنه صلى الله عليه وسلم اثنان وستون نفسا من الصحابة وفيهم العشرة المشهود لهم بالجنة قال وليس في الدنيا حديث اجتمع على روايته العشرة غيره ولا يعرف حديث يروي عن أكثر من ستين نفسا من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث الواحد قلت وبلغ بهم بعض أهل الحديث أكثر من هذا العدد وفي بعض ذلك عدد التواتر ثم لم يزل عدد رواته في ازدياد وهلم جرا على التوالي والاستمرار والله أعلم
النوع الحادي والثلاثون
معرفة الغريب والعزيز من الحديث
روينا عن أبي عبد الله بن منده الحافظ الأصبهاني أنه قال الغريب من الحديث كحديث الزهري وقتادة وأشباههما من الأئمة ممن يجمع حديثهم إذا انفرد الرجل عنهم بالحديث يسمى غريبا فإذا روى عنهم رجلان وثلاثة واشتركوا في حديث يسمى عزيزا فإذا روى الجماعة عنهم حديثا سمي مشهورا قلت الحديث الذي يتفرد به بعض الرواة يوصف بالغريب وكذلك الحديث الذي يتفرد فيه بعضهم بأمر لا يذكره فيه غيره اما في متنه واما في إسناده وليس كل ما يعد من أنواع الافراد معدودا من أنواع الغريب كما في الافراد المضافة الي البلاد علي ما سبق شرحه ثم ان الغريب ينقسم الي صحيح كالافراد المخرجة في الصحيح والي غير صحيح وذلك هو الغالب علي الغرائب روينا عن احمدبن حنبل رضي الله عنه انه قال غير مرة لاتكتبوا هذه الأحاديث الغرايب فانها مناكير وعامتها عن الضعفاء وينقسم الغريب أيضا من وجه اخر فمنه ما هو غريب متنا واسنادا وهو الحديث الذي تفرد برواية متنه راو واحد ومنه ما هو غريب إسنادا لا متنا كالحديث الذي متنه معروف مروي عن جماعة من الصحابة إذا تفرد بعضهم بروايته عن صحابي اخر كان غريبا من ذلك الوجه مع ان متنه غير غريب ومن ذلك غرائب الشيوخ في أسانيد المتون الصحيحة وهذا الذي يقول فيه الترمذي غريب من هذا الوجه ولا اري هذا النوع ينعكس فلا يوجد إذا ما هو غريب متنا وليس غريبا إسنادا الا إذا اشتهر الحديث الفرد عمن تفرد به فرواة عنه عدد كثيرون فإنه يصير غريبا مشهورا وغريبا متنا وغير غريب إسنادا لكن بالنظر الي أحد طرفي الإسناد فان إسناده متصف بالغرابة في طرفه الأول متصف بالشهرة في طرفه الاخر كحديث انما الأعمال بالنيات وكسائر الغرائب التي اشتملت عليها التصانيف المشتهرة والله اعلم
النوع الثاني والثلاثين
معرفة غريب الحديث
وهو عبارة عما وقع في متون الأحاديث من الألفاظ الغامضة البعيدة من الفهم لقلة استعمالها هذا فن مهم يقبح جهله باهل الحديث خاصة ثم باهل العلم عامة والخوض فيه ليس بالهين والخائض فيه حقيق بالتحري جدير بالتوفي روينا عن الميموني قال سئل أحمد بن حنبل عن حرف من غريب الحديث قال سلوا أصحاب الغريب فاني أكره ان اتكلم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن فساخطئ وبلغنا عن التاريخي محمد بن عبد الملك قال حدثني أبو قلابة عبد الملك بن محمد قال قلت للاصمعي يا أبا سعيد ما معني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الجار أحق بسقبه فقال انا لا افسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن العرب تزعم ان السقل اللزيق ثم ان غير واحد من العلماء صنفوا في ذلك فأحسنوا وروينا عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ قال أول من صنف الغريب في الإسلام النضربن شميل ومنهم من خالفه فقال أول من صنف فيه أبو عبيدة معمر بن المثني وكتاباهما صغيران وصنف بعد ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام كتابه المشهور فجمع وأجاد واستقصي فوقع من أهل العلم بموقع جليل وصار قدوة قي هذا الشان ثم تتبع القتبي ما فات أبا عبيد فوضع فيه كتابه المشهور ثم تتبع أبو سليمان الخطابي ما فاتهما فوضع في ذلك كتابه المشهور فهذه الكتب الثلاثة أمهات الكتب المؤلفة في ذلك ووراءها مجامع تشتمل من ذلك علي زوائد وفوائد كثيرة ولا ينبغي ان يقلد منها الا ما كان مصنفوها أئمة جلة واقوي ما يعتمد عليه في تفسير غريب الحديث ان يظفر به مفسرا في بعض روايات الحديث نحو ما روي في حديث بن صياد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له قد خبات لك خبيئا فما هو قال الدخ فهذا خفي معناه واعضل وفسره قوم بما لا يصح وفي معرفة علوم الحديث للحاكم انه الدخ بمعني الزخ الذي هو الجماع وهذا تخليط فاحش يغيظ العالم والمؤمن وانما معني الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له قد اضمرت لك ضميرا فما هو فقال الدخ بضم الدال يعني الدخان والدخ هو الدخان في لغة اذمنى بعض روايات الحديث ما نصه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اني قد خبات لك خبيئا وخبا له يوم تأتي السماء بدخان مبين فقال بن صياد هو الدخ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسا فلن تعدو قدرك وهذا ثابت صحيح خرجه الترمذي وغيره فأدرك بن صياد من ذلك هذه الكلمة فحسب علي عادة الكهان في اختطاف بعض الشيء من الشياطين من غير وقوف علي تمام البيان ولهذا قال له اخسا فلن تعدو قدرك أي فلا مزيد لك علي قدر إدراك الكهان والله أعلم
النوع الثالث والثلاثون
معرفة المسلسل من الحديث
التسلسل من نعوت الأسانيد وهو عبارة عن تتابع رجال الإسناد وتواردهم فيه واحد بعد واحد علي صفة أو حالة واحدة وينقسم ذلك الي ما يكون صفة للرواية والتحمل والي ما يكون صفة للرواة أو حالة لهم ثم ان صفاتهم في ذلك واحوالهم اقوالا وافعالا ونحو ذلك تنقسم الي مالا نحصيه ونوعه الحاكم أبو عبد الله الحافظ الي ثمانية أنواع والذي ذكره فيها انما هو صور وامثلة ثمانية ولا انحصار لذلك في ثمانية كما ذكرناه ومثال ما يكون صفة للرواية والتحمل ما يتسلسل ب سمعت فلانا قال سمعت فلانا الي اخر الإسناد أو يتسلسل ب حدثنا أو خبرنا الي اخره ومن ذلك أخبرنا والله فلان قال أخبرنا والله فلان الي اخره ومثال ما يرجع الي صفات الرواة واقوالهم ونحوها إسناد حديث اللهم اعني علي شكرك وذكرك وحسن عبادتك المتسلسل بقولهم اني احبك فقل وحديث التشبيك باليد وحديث العد في اليد في اشباه لذلك نرويها وتروي كثيرة وخيرها ما كان فيه دلالة علي اتصال السماع وعدم التدليس ومن فضيلة التسلسل اشتماله علي مزيد الضبط من الرواة وقلما تسلم المسلسلات من ضعف اعني في وصف التسلسل لا في أصل المتن ومن المسلسل ما ينقطع تسلسله في وسط إسناده وذلك نقص فيه وهو كالمسلسل باول حديث سمعته علي ما هو الصحيح في ذلك والله أعلم
النوع الرابع والثلاثون
معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه
هذا فن مهم مستصعب روينا عن الزهري رضي الله عنه انه قال اعي الفقهاء واعجزهم ان يعرفوا ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه وكان للشافعي رضي الله عنه فيه يد طولي وسابقه أولي روينا عن محمد بن مسلم بن وارة أحد أئمة الحديث ان أحمد بن حنبل قال له وقد قدم من مصر كتبت كتب الشافعي فقال لا قال فرطت ما علمنا المجمل من المفسر ولا ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه حتي جالسنا الشافعي وفيمن عاناه من أهل الحديث من ادخل فيه ما ليس منه لخفاءء معني النسخ وشرطه وهو عبارة عن رفع الشارع حكما منه متقدما بحكم منه متاخر وهذا حد وقع لنا سالم من اعتراضات وردت علي غيره ثم ان ناسخ الحديث ومنسوخه ينقسم اقساما فمنها ما يعرف بتصريح رسول الله صلى الله عليه وسلم به كحديث بريدة الذي أخرجه مسلم في صحيحه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها في اشباه لذلك ومنها ما يعرف بقول الصحابي كما رواه الترمذي وغيره عن أبي بن كعب انه قال كان الماء من الماء رخصة في أول ألإسلام ثم نهي عنها وكما خرجه النسائي عن جابر بن عبد الله قال كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار في أشباه لذلك ومنها ما عرف بالتاريخ كحديث شداد بن أوس وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفطر الحاجم والمحجوم وحديث بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم بين الشافعي أن الثاني ناسخ للأول من حيث إنه روي في حديث شداد أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم زمان الفتح فرأى رجلا يحتجم في شهر رمضان فقال أفطر الحاجم والمحجوم وروي في حديث بن عباس أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم صائم فبان بذلك أن الأول كان زمن الفتح في سنة ثمان والثاني في حجة الوداع في سنة عشر ومنها ما يعرف بالإجماع كحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة فإنه منسوخ عرف نسخه بانعقاد الإجماع على ترك العمل به والإجماع لا ينسخ ولا ينسخ ولكن يدل على وجود ناسخ غيره والله أعلم بالصواب
النوع الخامس والثلاثون
معرفة المصحف من أسانيد الأحاديث ومتونها
هذا فن جليل إنما ينهض بأعبائه الحذاق من الحفاظ والدارقطني منهم وله فيه تصنيف مفيد وروينا عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قال ومن يعرى من الخطأ والتصحيف فمثال التصحيف في الإسناد حديث شعبة عن العوام بن مراجم عن أبي عثمان النهدي عن عثمان بن عفان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤدن الحقوق إلى أهلها الحديث صحف فيه يحيى بن معين فقال بن مزاحم بالزاي والحاء فرد عليه وإنما هو بن مراجم بالراء المهملة والجيم ومنه ما روينا ه عن أحمد بن حنبل قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن مالك بن عرفطة عن عبد خير عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت قال أحمد صحف شعبة فيه وإنما هو خالد بن علقمة وقد رواه زائدة بن قدامة وغيره على ما قاله أحمد وبلغنا عن الدارقطني أن بن جرير الطبري قال فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من بني سليم ومنهم عتبة بن البذر قاله بالباء والذال المعجمة وروى له حديثا وإنما هو بن الندر بالنون والدال غير المعجمة ومثال التصحيف في المتن ما رواه بن لهيعة عن كتاب موسى بن عقبة إليه بإسناده عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في المسجد وإنما هو بالراء احتجر في المسجد بخص أو حصير حجرة يصلي فيها فصحفه بن لهيعة لكونه أخذه من كتاب بغير سماع ذكر ذلك مسلم في كتاب التمييز له وبلغنا عن الدارقطني في حديث أبي سفيان عن جابر قال رمي أبي يوم الأحزاب على أكحلة فكواه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن غندرا قال فيه أبي وإنما هو أبي وهو بن كعب وفي حديث أنس ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذره قال فيه شعبة ذرة بالضم والتخفيف ونسب فيه إلى التصحيف وفي حديث أبي ذر تعين الصانع قال فيه هشام بن عروة بالضاد المعجمة وهو تصحيف والصواب ما رواه الزهري الصانع بالصاد المهملة ضد الأخرق وبلغنا عن أبي زرعة الرازي أن يحيى بن سلام هو المفسر حدث عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى سأريكم دار الفاسقين قال مصر واستعظم أبو زرعة هذا واستقبحه وذكر أنه في تفسير سعيد عن قتادة مصيرهم وبلغنا عن الدارقطني أن محمد بن المثنى أبا موسى العنزي حدث بحديث النبي صلى الله عليه وسلم لا يأتي أحدكم يوم القيامة ببقرة لها خوار فقال فيه أو شاة تنعر بالنون وإنما هو تيعر بالياء المثناة من تحت وأنه قال لهم يوما نحن قوم لنا شرف نحن من عنزة قد صلى النبي صلى الله عليه وسلم إلينا يريد ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى عنزة توهم أنه صلى إلى قبيلتهم وإنما العنزة ههنا حربة نصبت بين يديه فصلى إليها وأطرف من هذا ما رويناه عن الحاكم أبي عبد الله عن أعرابي زعم أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى نصبت بين يديه شاة أي صحفها عنزة بإسكان النون وعن الدارقطني أيضا أن أبا بكر الصولي أملى في الجامع حديث أبي أيوب من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فقال فيه شيئا بالشين والياء وأن أبا بكر الإسماعيلي الإمام كان فيما بلغهم عنه يقول في حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكهان قر الزجاجة بالزاي وإنما هو قر الدجاجة بالدال وفي حديث يروى عن معاوية بن أبي سفيان قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يشققون الخطب تشقيق الشعر ذكر الدارقطني عن وكيع أنه قاله مرة بالحاء المهملة وأو نعيم شاهد فرده عليه بالخاء المعجمة المضمومة وقرأت بخط مصنف أن بن شاهين قال في جامع المنصور في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تشقيق الحطب فقال بعض الملاحين يا قوم فكيف نعمل والحاجة ماسة قلت فقد انقسم التصحيف إلى قسمين أحدهما في المتن والثاني في الإسناد وينقسم قسمة أخرى إلى قسمين أحدهما تصحيف البصر كما سبق عن بن لهيعة وذلك هو الأكثر والثاني تصحيف السمع نحو حديث لعاصم الأحول رواه بعضهم فقال عن واصل الأحدب فذكر الدارقطني أنه من تصحيف السمع لا من تصحيف البصر كأنه ذهب والله أعلم الى ان ذلك مما لا يشتبه من حيث الكتابة وإنما أخطأ فيه سمع من رواه وينقسم قسمة ثالثة إلى تصحيف اللفظ وهو الأكثر وإلى تصحيف يتعلق بالمعنى دون اللفظ كمثل ما سبق عن محمد بن المثنى في الصلاة إلى عنزة وتسمية بعض ما ذكرناه تصحيفا مجاز وكثير من التصحيف المنقول عن الأكابر الجلة لهم فيه أعذار لم ينقلها ناقلوه ونسأل الله التوفيق والعصمة والله أعلم
النوع السادس والثلاثون
معرفة مختلف الحديث
وإنما يكمل للقيام به الأئمة الجامعون بين صناعتي الحديث والفقه الغواصون على المعاني الدقيقة اعلم أن ما يذكر في هذا الباب ينقسم إلى قسمين
أحدهما أن يمكن الجمع بين الحديثين ولا يتعذر إبداء وجه ينفي تنافيهما فيتعين حينئذ المصير إلى ذلك والقول بهما معا ومثاله حديث لا عدوى ولا طيرة مع حديث لا يورد ممرض على مصح وحديث فر من المجذوم فرارك من الأسد وجه الجمع بينهما أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها ولكن الله تبارك وتعالى جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببا لإعدائه مرضه ثم قد يتخلف ذلك عن سببه كما في سائر الأسباب ففي الحديث الأول نفى صلى الله عليه وسلم ما كان يعتقده الجاهلي من أن ذلك يعدي بطبعه ولهذا قال فمن أعدى الأول وفي الثاني أعلم بان الله سبحانه جعل ذلك سببا لذلك وحذر من الضرر الذي يغلب وجوده عند وجوده بفعل الله سبحانه وتعالى ولهذا في الحديث أمثال كثيرة وكتاب مختلف الحديث لابن قتيبة في هذا المعنى إن يكن قد أحسن فيه من وجه فقد أساء في أشياء منه قصر باعه فيها وأتى بما غيره أولى وأقوى وقد روينا عن محمد بن إسحاق بن خزيمة الإمام أنه قال لا أعرف أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثان بإسنادين صحيحين متضادين فمن كان عنده فليأتني به لأؤلف بينهما
القسم الثاني أن يتضادا بحيث لا يمكن الجمع بينهما وذلك على ضربين أحدهما أن يظهر كون أحدهما ناسخا والآخر منسوخا فيعمل بالناسخ ويترك المنسوخ والثاني أن لا تقوم دلالة على أن الناسخ أيهما والمنسوخ أيهما فيفزع حينئذ إلى الترجيح ويعمل بالأرجح منهما والأثبت كالترجيح بكثرة الروا ة أوبصفاتهم في خمسين وجها من وجوه الترجيحات وأكثر ولتفصيلها موضع غير ذا والله سبحانه أعلم
النوع السابع والثلاثون
معرفة المزيد في متصل الأسانيد
مثاله ما روي عن عبد الله بن المبارك قال حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثني بسر بن عبيد الله قال سمعت أبا إدريس يقول سمعت واثلة بن الأسقع يقول سمعت أبا مرثد الغنوي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها فذكر سفيان في هذا الإسناد زيادة ووهم وهكذا ذكر أبي إدريس أما الوهم في ذكر سفيان فممن دون بن المبارك لأن جماعة ثقات رووه عن بن المبارك عن بن جابر نفسه ومنهم من صرح فيه بلفظ الإخبار بينهما وأما ذكر أبي إدريس فيه فابن المبارك منسوب فيه الى الوهم وذلك لأن جماعة من الثقات رووه عن بن جابر فلم يذكروا أبا إدريس بين بسر وواثلة وفيهم من صرح فيه بسماع بسر من واثلة قال أبو حاتم الرازي يرون أن بن المبارك وهم في هذا قال وكثيرا ما يحدث بسر من أبي إدريس فغلط بن بن المبارك وظن أن هذا مما روى عن أبي إدريس عن واثلة وقد سمع هذا بسر من واثلة نفسه قلت قد ألف الخطيب الحافظ في هذا النوع كتابا سماه كتاب تمييز المزيد في متصل الأسانيد وفي كثير مما ذكره نظر لأن الإسناد الخالي عن الراوي الزائد إن كان بلفظه عن في ذلك فينبغي أن يحكم بإرساله ويجعل معللا بالإسناد الذي ذكر فيه الزائد لما عرف في نوع المعلل وكما يأبي ذكره إن شاء الله تعالى في النوع الذي يليه وإن كان فيه تصريح بالسماع أو بالإخبار كما في المثال الذي أوردناه فجائز أن يكون قد سمع ذلك من رجل عنه ثم سمعه منه نفسه فيكون بسر في هذا الحديث قد سمعه من أبي إدريس عن واثلة ثم لقي واثلة فسمعه منه كما جاء مثله مصرحا به في غير هذا اللهم إلا أن توجد قرينة تدل على كونه وهما كنحو ما ذكره أبو حاتم في المثال المذكور وأيضا فالظاهر ممن وقع له مثل ذلك أن يذكر السماعين فإذا لم يجيء عنه ذكر ذلك حملناه على الزيادة المذكورة والله أعلم
النوع الثامن والثلاثون
معرفة المراسيل الخفي إرسالها
هذا نوع مهم عظيم الفائدة يدرك بالاتساع في الرواية والجمع لطرق الأحاديث مع المعرفة التامة وللخطيب الحافظ فيه كتاب التفصيل لمبهم المراسيل والمذكور في هذا الباب منه ما عرف فيه الإرسال بمعرفة عدم السماع من الراوي فيه أو عدم اللقاء كما في الحديث المروي عن العوام بن حوشب عن عبد الله بن أبي أوفى قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال بلال قد قامت الصلاة نهض وكبر روي فيه عن أحمد بن حنبل انه قال العوام لم يلق بن أبي اوفي ومنه ما كان الحكم بارساله محالا علي مجيئه من وجه اخر بزيادة شخص واحد أو أكثر في الموضع المدعي فيه الإرسال كالحديث الذي سبق ذكره في النوع العاشر عن عبد الرزاق عن الثوري عن أبي إسحاق فإنه حكم فيه بالانقطاع والارسال بين عبد الرزاق والثوري لأنه روي عن عبد الرزاق قال حدثني النعمان بن أبي شيبة الجندي عن الثوري عن أبي إسحاق وحكم أيضا فيه بالإرسال بين الثوري وأبي إسحاق لأنه روي عن الثوري عن شريك عن أبي إسحاق وهذا وما سبق في النوع الذي قبله يتعرضان لان يعترض بكل واحد منهما علي الاخر علي ما تقدمت الإشارة اليه والله أعلم
النوع التاسع والثلاثون
معرفة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين
هذا علم كبير قد الف الناس فيه كتبا كثيرة ومن احلاها وأكثرها فوائد كتاب الاستيعاب لابن عبد البر لولا ما شانه به من إيراده كثيرا مما شجر بين الصحابة وحكاياته عن الإخباريين لا المحدثين وغالب علي الإخباريين الإكثار والتخليط فيما يروونه وانا اورد نكتا نافعة ان شاء الله تعالى قد كان ينبغي لمصنفي كتب الصحابة ان يتوجوها بها مقدمين لها في فواتحها
احداها اختلف أهل العلم في ان الصحابي من فالمعروف من طريقة أهل الحديث ان كل مسلم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من الصحابة قال البخاري في صحيحه من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من اصحابه وبلغنا عن أبي المظفر السمعاني المروزي انه قال أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحابة علي كل من روي عنه حديثا أو كلمة ويتوسعون حتي يعدون من رآه رؤية من الصحابة وهذا لشرف منزلة النبي صلى الله عليه وسلم اعطوا كل من رآه حكم الصحبة وذكر ان اسم الصحابي من حيث اللغة والظاهر يقع علي من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم وكثرت مجالسته له علي طريق التبع له والأخذ عنه قال وهذا طريق الاصوليين قلت وقد روينا عن سعيد بن المسيب انه كان لا يعد الصحابي الا من أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتين وكان المراد بهذا ان صح عنه راجع الي المحكي عن الاصوليين ولكن في عبارته ضيق يوجب الا يعد من الصحابة جرير بن عبد الله البجلي ومن شاركه في فقد ظاهر ما اشترطه فيهم ممن لا نعرف خلافا في عده من الصحابة وروينا عن شعبة عن موسي السبلاني واثني عليه خيرا قال أتيت أنس بن مالك فقلت هل بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد غيرك قال بقي ناس من الاعراب قد راوه فاما من صحبه فلا إسناده جيد حدث به مسلم بحضرة أبي زرعة ثم ان كون الواحد منهم صحابيا تارة يعرف بالتواتر وتارة بالاستفاضة القاصرةعن التواتر وتارة بان يروي عن احاد الصحابة انه صحابي وتارة بقوله واخباره عن نفسه بعد ثبوت عدالته بأنه صحابي والله أعلم
الثانية للصحابة بأسرهم خصيصة وهي انه لا يسأل عن عدالة أحد منهم بل ذلك أمر مفروغ منه لكونهم علي الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة قال الله تبارك وتعالى كنتم خير امة أخرجت للناس الآية قيل اتفق المفسرون علي انه وارد في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس وهذا خطاب مع الموجودين حينئذ وقال سبحانه وتعالى محمد رسول الله والذين معه اشداء علي الكفار الآية وفي نصوص السنة الشاهدة بذلك كثرة منها حديث أبي سعيد المتفق علي صحته ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لوان أحدكم انفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ثم ان الأمة مجمعة علي تعديل جميع الصحابة ومن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع احسانا للظن بهم ونظرا الي ما تمهد لهم من الماثر وكان الله سبحانه وتعالى اتاح الإجماع علي ذلك لكونهم نقلة الشريعة والله أعلم
الثالثة أكثر الصحابة حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو هريرة روي ذلك عن سعيد بن أبي الحسن وأحمد بن حنبل وذلك من الظاهر الذي لا يخفي علي حديثي وهو أول صاحب حديث بلغنا عن أبي بكر بن أبي داود السجستاني قال رأيت أبا هريرة في النوم وانا بسجستان اصنف حديث أبي هريرة فقلت اني لاحبك فقال انا أول صاحب حديث كان في الدنيا وعن أحمد بن حنبل أيضا رضي الله عنه قال ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أكثروا الرواية عنه وعمروا أبو هريرة وابن عمر وعائشة وجابر بن عبد الله وابن عباس وأنس وأبو هريرة أكثرهم حديثا وحمل عنه الثقات ثم ان أكثر الصحابة فتيا تروي بن عباس بلغنا عن أحمد بن حنبل قال ليس أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يروي عنه في الفتوي أكثر من بن عباس وروينا عن أحمد بن حنبل أيضا انه قيل له من العبادلة فقال عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو قيل له فابن مسعود قال لا ليس عبد الله بن مسعود من العبادلة قال الحافظ أحمد البيهقي فيما رويناه عنه وقراته بخطه وهذا لان بن مسعود تقدم موته وهؤلاء عاشوا حتي احتيج الي علمهم فإذا اجتمعوا علي شيء قيل هذا قول العبادلة أو هذا فعلهم قلت ويلتحق بابن مسعود في ذلك سائر العبادلة المسمين بعبد الله من الصحابة وهم نحو مئتين وعشرين نفسا والله أعلم وروينا عن علي بن عند الله المديني قال لم يكن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم له أصحاب يقومون بقوله في الفقه الا ثلاثة عبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس رضي الله عنهم كان لكل رجل منهم أصحاب يقومون بقوله ويفتون الناس وروينا عن مسروق قال وجدت علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انتهي الي ستة عمر وعلي وأبي وزيد وأبي الدرداء وعبد الله بن مسعود ثم انتهي علم هؤلاء الستة الي اثنين علي وعبد الله وروينا نحوه عن مطرف عن الشعبي عن مسروق لكن ذكر أبا موسي بدل أبي الدرداء وروينا عن الشعبي قال كان العلم يؤخذ عن ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمر وعبد الله وزيد يشبه علم بعضهم بعضا وكان يقتبس بعضهم من بعض وكان علي والاشعري وأبي يشبه علم بعضهم بعضا وكان يقتبس بعضهم من بعض وروينا عن الحافظ أحمد البيهقي ان الشافعي ذكر الصحابة في رسالته القديمة واثني عليهم بما هم أهله ثم قال وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وامر استدرك به علم واستنبط به واراؤهم لنا أحمد واولي بنا من ارائنا عندنا لانفسنا والله أعلم
الرابعة روينا عن أبي زرعة الرازي انه سئل عن عدة من روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال ومن يضبط هذا شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع أربعون الفا وشهد معه تبوك سبعون الفا وروينا عن أبي زرعة أيضا انه قيل له أليس يقال حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث قال ومن قال ذا قلقل الله انيابه هذا قول الزنادقة ومن يحصي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مائة الف وأربعة عشر الفا من الصحابة ممن روي عنه وسمع منه وفي رواية ممن رآه وسمع منه قال أهل المدينة وأهل مكة ومن بينهما والعراب ومن شهد معه حجة الوداع كل رآه وسمع منه بعرفة قلت ثم انه اختلف في عدد طبقاتهم واصنافهم والنظر في ذلك الي السبق بالإسلام والهجرة وشهود المشاهد الفاضلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بابائنا وامهاتنا وانفسنا هو صلى الله عليه وسلم وجعلهم الحاكم أبو عبد الله اثنتي عشرة طبقة ومنهم من زاد علي ذلك ولسنا نطول بتفصيل ذلك والله أعلم
الخامسة افضلهم علي الإطلاق أبو بكر ثم عمر ثم ان جمهور السلف علي تقديم عثمان علي وقدم أهل الكوفة من أهل السنة عليا علي عثمان وبه قال منهم سفيان الثوري اولا ثم رجع الي تقديم عثمان روي ذلك عنه وعنهم الخطابي وممن نقل عنه من أهل الحديث تقديم علي علي عثمان محمد بن إسحاق بن خزيمة وتقديم عثمان هو الذي استقرت عليه مذاهب أصحاب الحديث وأهل السنة واما أفضل اصنافهم صنفا فقد قال أبو منصور البغداي التميمي أصحابنا مجمعون علي ان افضلهم الخلفاء الأربعة ثم الستة الباقون الي تمام العشرة ثم البدريون ثم أصحاب أحد ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية قلت وفي نص القران تفضيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وهم الذين صلوا الي القبلتين في قول سعيد بن المسيب وطائفة وفي قول الشعبي هم الذين شهدوا بيعة الرضوان وعن محمد بن كعب القرظي وعطاء بن يسار انهما قالا هم أهل بدر روي ذلك عنهما بن عبد البر فيما وجدناه عنه والله أعلم
السادسة اختلف السلف في اولهم اسلاما فقيل أبو بكر الصديق روي ذلك عن بن عباس وحسان بن ثابت وإبراهيم النخعي وغيرهم وقيل علي أول من اسلم روي ذلك عن زيد بن أرقم وأبي ذر والمقداد وغيرهم وقال الحاكم أبو عبد الله لا اعلم خلافا بين أصحاب التواريخ ان علي بن أبي طالب اولهم اسلاما واستنكر هذا من الحاكم وقيل أول من اسلم زيد بن حارثة وذكر معمر نحو ذلك عن الزهري وقيل أول من اسلم خديجة أم المؤمنين روي ذلك من وجوه عن الزهري وهو قول قتادة ومحمد بن إسحاق بن يسار وجماعة وروي أيضا عن بن عباس وادعي الثعلبي المفسر فيما رويناه أو بلغنا عنه اتفاق العلماء علي ان أول من اسلم خديجة وان اختلافهم انما هو في أول من اسلم بعدها والاورع ان يقال أول من اسلم من الرجال الحرار أبو بكر ومن الصبيان أو الاحداث علي ومن النساء خديجة ومن الموالي زيد بن حارثة ومن العبيد بلال والله أعلم
السابعة اخرهم علي الإطلاق موتا أبو الطفيل عامر بن واثلة مات سنة مائة من الهجرة واما بالإضافة الي النواحي فاخر من مات منهم بالمدينة جابر بن عبد الله رواه أحمد بن حنبل عن قتادة وقيل سهل بن سعد وقيل السائب بن يزيد واخر من مات منهم بمكة عبد الله بن عمر وقيل جابر بن عبد الله وذكر علي بن المديني ان أبا الطفيل بمكة مات فهو إذا الاخر بها واخر من مات منهم بالبصرة أنس بن مالك قال أبو عمر بن عبد البر ما اعلم أحدا مات بعده ممن رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم الا أبا الطفيل واخر من مات منهم بالكوفة عبد الله بن أبي اوفي وبالشام عبد الله بن بسر وقيل بل أبو امامة وتبسط بعضهم فقال اخر من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمصر عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي وبفلسطين أبو أبي بن أم حرام وبدمشق واثلة بن الأسقع وبحمص عبد الله بن بسر وباليمامة الهرماس بن زياد وبالجزيرة العرس بن عميرة وبافريقية رويفع بن ثابت وبالبادية في الاعراب سلمة بن الأكوع رضي الله عنهم أجمعين وفي بعض ما ذكرناه خلاف لم نذكره وقوله في رويفع بإفريقية لا يصح انما مات في حاضرة برقة وقبره بها ونزل سلمة الي المدينة قبل موته بلبال فمات بها والله أعلم
النوع الموفي أربعين
معرفة التابعين
هذا ومعرفة الصحابة أصل اصيل يرجع اليه في معرفة المرسل والمسند قال الخطيب الحافظ التابعي من صحب الصحابي قلت ومطلقة مخصوص بالتابع بإحسان ويقال للواحد منهم تابع وتابعي وكلام الحاكم أبي عبد الله وغيره مشعر بأنه يكفي فيه ان يسمع من الصحابي أو يلقاه وان لم توجد الصحبة العرفية والاكتفاء في هذا بمجرد اللقاء والرؤية أقرب منه في الصحابي نظرا الي مقتضي اللفظين فيهما وهذه مهمات في هذا النوع
احداها ذكر الحافظ أبو عبد الله ان التابعين علي خمس عشرة طبقة الاولي الذين لحقوا العشرة سعيد بن المسيب وقيس بن أبي حازم وأبو عثمان النهدي وقيس بن عباد وأبو ساسان حضين بن المنذر وأبو وائل وأبو رجاء العطاردي وغيرهم وعليه في بعض هؤلاء إنكار فان سعيد بن الميب ليس بهذه المثابة لأنه ولد في خلافة عمر ولم يسمع من أكثر العشرة وقد قال بعضهم لا تصح له رواية عن أحد من العشرة الاسعد بن أبي وقاص قلت وكان سعد اخرهم موتا وذكر الحاكم قبل كلامه المذكور ان سعيدا أدرك عمر فمن بعده الي اخر العشرة وقال ليس في جماعة التابعين من ادركهم وسمع منهم غير سعيد وقيس بن أبي حازم وليس ذلك علي ما قال كما ذكرناه نعم قيسبن أبي حازم سمع العشرة وروي عنهم وليس في التابعين أحد روي عن العشرة سواه ذكر ذلك عبد الرحمن بن يوسف بن خراش الحافظ فيما روينا أو بلغنا عنه وعن أبي داود السجستاني انه قال روي عن التسعة ولم يرو عن عبد الرحمن بن عوف ويلي هؤلاء التابعون الذين ولدوا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبناء الصحابة كعبد الله بن أبي طلحة وأبي امامة اسعد بن سهل بن حنيف وأبي إدريس الخولاني وغيرهم
الثانية المخضرمون من التابعين هم الذين ادركوا الجاهلية وحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم واسلموا ولا صحبة لهم واحدهم مخضرم بفتح الراء كأنه خضرم أي قطع عن نظرائه الذين ادركوا الصحبة وغيرها وذكرهم مسلم فبلغ بهم عشرين نفسا منهم أبو عمرو الشيباني وسويد بن غفلة الكندي وعمرو بن ميمون الاودي وعبد خير بن يزيد الخيواني وأبو عثمان النهدي عبد الرحمن بن مل وأبو الحلال العتكي ربيعة بن زرارة وممن لم يذكره مسلم منهم أبو مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب والاحنف بن قيس والله اعلم
الثالثة من أكابر التابعين الفقهاء السبعة من أهل المدينة وهم سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وخارجة بن زيد وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسليمان بن يسار روينا عن الحافظ أبي عبد الله انه قال هؤلاء الفقهاء السبعة عند الأكثر من علماء الحجاز وروينا عن بن المبارك قال كان فقهاء أهل المدينة الذين يصدرون عن رايهم سبعة فذكر هؤلاء الا انه لم يذكر أبا سلمة بن عبد الرحمن وذكر بدله سالم بن عبد الله بن عمر وروينا عن أبي الزناد تسميتهم في كتابه عنهم فذكر هؤلاء الا انه ذكر أبا بكر بن عبد الرحمن بدل أبي سلمة وسالم
الرابعة ورد عن أحمد بن حنبل انه قال أفضل التابعين سعيد بن المسيب فقيل له فعلقمة والأسود فقال سعيد بن المسيب وعلقمة والأسود وعنه انه قال لا اعلم في البعين مثل أبي عثمان النهدي وقيس بن أبي حازم وعنه أيضا انه قال أفضل التابعين قيس وأبو عثمان وعلقمة ومسروق هؤلاء كانوا فاضلين ومن عليه التابعين واعجبني ما وجدته عن الشيخ أبي عبد الله بن خفيف الزاهد الشيرازي في كتاب له قال اختلف الناس في أفضل التابعين المدينة يقولون سعيد بن المسيب وأهل الكوفة يقولون أويس القرني وأهل البصرة يقولون الحسن البصري وبلغنا عن أحمد بن حنبل قال ليس أحد أكثر في فتوي من الحسن وعطاء يعني من التابعين وقال أيضا كان عطاع مفتي مكة والحسن مفتي البصرة فهذان أكثر الناس عنهم اراءهم وبلغنا عن أبي بكر بن أبي داود قال سيدتا التابعين من النساء حفصة بنت سيرين وعمرة بنت عبد الرحمن وثالثهما وليست كهما أم الدرداء والله أعلم
الخامسة روينا عن الحاكم أبي عبد الله قال طبقة تعد في التابعين ولم يصح سماع أحد منهم من الصحابة منهم إبراهيم بن سويد النخعي وليس بإبراهيم بن يزيد النخعي الفقيه وبكير بن أبي السميط وبكير بن عبد الله بن الأشج وذكر غيرهم قال وطبقة عدادهم عند الناس في اتباع التابعين وقد لقموا الصحابة منهم أبو الزناد عبد الله بن ذكوان لقي عبد الله بن عمر وانسا وهشام بن عروة وقد ادخل علي عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وموسي بن عقبة وقد أدرك أنس بن مالك وأم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص وفي بعض ما قاله مقال قلت وقوم عدوا من التابعين وهم من الصحابة ومن اعجب ذلك عد الحاكم أبي عبد الله النعمان وسويدا ابني مقرن المزني في التابعين عندما ذكر الاخوة من التابعين وهما صحابيان معروفان مذكوران في الصحابة والله أعلم
النوع الحادي والأربعون
معرفة الأكابر الرواة عن الاصاغر
ومن الفائدة فيه ان لايتوهم كون المروي عنه أكبر أو أفضل من الرواي نظرا الي ان الاغلب كون المروي عنه كذلك فيجهل بذلك منزلتها وقد صح عن عائشة رضي الله عنها انها قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ننزل الناس منازلهم ثم ان ذلك يقع علي اضرب منها ان يكون الراوي أكبر سنا واقدم طبقة من المروي عنه كالزهري ويحي بن سعيد الأنصاري في روايتهما عن مالك وكابي القاسم عبيد الله بن أحمد الأزهري من المتأخرين أحد شيوخ الخطيب روي عن الخطيب في بعض تصانيفه والخطيب إذ ذاك في عنفوان شبابه وطلبه ومنها ان يكون الراوي أكبر قدرا من المروي عنه بان يكون حافظا عالما والمروي عنه شيخا راويا فحسب كمالك في روايته عن عبد الله بن دينار وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه في روايتهما عن عبيد الله بن موسي في اشباه لذلك كثيرة ومنها ان يكون الراوي أكبر من الوجهين جميعا وذلك كراوية كثير من العلماء والحفاظ عن اصحابهم وتلامذتهم كعبد الغني الحافظ في روايته عن محمد بن علي الصوري وكراوية أبي بكر البرقاني عن أبي بكر الخطيب وكراوية الخطيب عن أبي نصر بن ماكولا ونظائر ذلك كثيرة ويندرج تحت هذا النوع ما يذكر من رواية الصحابي عن التابعي كراوية العبادلة وغيرهم من الصحابة عن كعب الأحبار وكذلك روايةالتابعي عن تابع التابعي كما قدمناه من رواية الزهري والانصاري عن مالك وكعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص لم يكن من التابعين وروي عنه أكثر من عشرين نفسا من التابعين جمعهم عبد الغني بن سعيد الحافظ في كتيب له وقرأت بخط الحافظ أبي محمد الظبسي في تخريج له قال عمرو بن شعيب ليس بتابعي وقد روي عنه نيف وسبعون رجلا من التابعين والله أعلم
النوع الثاني والأربعون
معرفة المدبج وما عداه من رواية الأقران بعضهم عن بعض
وهم المتاقربون في السن والإسناد وربما اكتفي الحاكم أبو عبد الله فيه بالتقارب في الإسناد وان لم يوجد التقارب في السن اعلم ان رواية القرين عن القرين تنقسم فمنها المدبج وهو ان يروي القرينان كل واحد منهما عن الاخر مثاله في الصحابة عائشة وأبو هريرة روي كل واحد منهما عن الاخر وفي التابعين رواية الزهري عن عمر بن عبد العزيز ورواية عمر عن الزهري وفي اتباع التابعين رواية مالك عن الاوزعي ورواية الاوزعي عن مالك وفي اتباع الاتباع رواية أحمد بن حنبل عن علي بن المديني ورواية علي عن أحمد وذكر الحاكم في هذا رواية أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق ورواية عبد الرزاق عن أحمد وليس هذا بمرضي ومنها غير المدبج وهو ان يروي أحد القرينين عن الاخر ولا يروي الاخر عنه فيما نعلم مثاله رواية سليمان التيمي عن مسعر وهما قرينان ولا نعلم لمسعر رواية عن التيمي ولذلك أمثال كثيرة والله أعلم
النوع الثالث والأربعون
معرفة الاخوة والاخوات من العلماء والرواة
وذلك احدي معارف أهل الحديث المردة بالتصنيف صنف فيها علي بن المديني وأبو عبد الرحمن النسوي وأبو العباس السراج وغيرهم فمن أمثاله الأخوين من الصحابة عبد الله بن مسعود وعتبة بن مسعود هما اخوان زيد بن ثابت ويزيد بن ثابت اخوان عمرو بن العاصي وهشام بن العاصي اخوان ومن التابعين عمرو بن شرحبيل أبو ميسرة وأخوه أرقم بن شرحبيل كلاهما من افاضل أصحاب بن مسعود هزيل بن شرحبيل وارقم بن شرحبيل اخوان اخران من أصحاب بن مسعود أيضا ومن أمثلة ثلاثة الاخوة سهل وعباد وعثمان بنو حنيف اخوة ثلاثة عمرو بن شعيب وعمر وشعيب بنو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاصي اخوة ثلاثة ومن أمثلة الأربعة سهيل بن أبي صالح السمان الزيات وإخوته عبد الله الذي يقال له عباد ومحمد وصالح ومن أمثلة الخمسة ما نرويه عن الحاكم أبي عبد الله قال سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ غير مرة يقول آدم بن عيينة وعمران بن عيينة ومحمد بن عيينة وسفيان بن عيينة وإبراهيم بن عيينة حدثوا عن آخرهم ومثال الستة أولاد سيرين ستة تابعيون وهم محمد وأنس ويحيى ومعبد وحفصة وكريمة ذكرهم هكذا أبو عبد الرحمن النسوي ونقلته من كتابه بخط الدارقطني فيما أحسب وروي ذلك أيضا عن يحيى بن معين وهكذا ذكرهم الحاكم في كتاب المعرفة لكن ذكر فيما نرويه من تاريخه باسنادنا عنه أنه سمع أبا علي الحافظ يذكر بني سيرين خمسة إخوة محمد بن سيرين وأكبرهم معبد بن سيرين ويحيى بن سيرين وخالد بن سيرين وأنس بن سيرين وأصغرهم حفصة بنت سيرين قلت وقد روي عن محمد عن يحيى عن أنس عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبيك حقا حقا تعبد ورقا وهذه غريبة عايا بها بعضهم فقال أي ثلاثة إخوة روى بعضهم عن بعض ومثال السبعة النعمان بن مقرن وإخوته معقل وعقيل وسويد وسنان وعبد الرحمن وسابع لم يسم لنا بنو مقرن المزنيون سبعة إخوة هاجروا وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشاركهم فيما ذكره بن عبد البر وجماعة في هذه المكرمة غيرهم وقد قيل إنهم شهدوا الخندق كلهم والله أعلم وقد يقع في الإخوة ما فيه خلاف في مقدار عددهم ولم نطول بما زاد على السبعة لندرته ولعدم الحاجة اليه في غرضنا ههنا والله أعلم
النوع الرابع والأربعون
معرفة رواية الآباء عن الأبناء
وللخطيب الحافظ في ذلك كتاب روينا فيه عن العباس بن عبد المطلب عن ابنه الفضل رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين بالمزدلفة وروينا فيه عن وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل وهما ثقتان أحاديث منها عن بن عيينة عن وائل بن داود عن ابنه بكر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخروا الأحمال فإن اليد معلقة والرجل موثقة قال الخطيب لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلمه الا من جهة بكر وأبيه وروينا فيه عن معتمر بن سليمان التيمي قال حدثني أي قال حدثتني أنت عني عن أيوب عن الحسن قال ويح كلمة رحمة وهذا طريف يجمع أنواعا وروينا فيه عن أبي عمر حفص بن عمر الدوري المقري عن ابنه أبي جعفر محمد بن حفص ستة عشر حديثا أو نحو ذلك وذلك أكثر ما رويناه لأب عن ابنه وآخر ما رويناه من هذا النوع وأقربه عهدا ما حدثنيه أبو المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد المروزي رحمها الله بها من لفظه قال أنبأني والدي عني فيما قرأت بخطه قال حدثني ولدي أبو المظفر عبد الرحيم من لفظه وأصله فذكر بإسناده عن أبي أسامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحضروا موائدكم البقل فإنه مطردة للشيطان مع التسمية وأما الحديث الذي رويناه عن أبي بكر الصديق عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحبة السوداء شفاء من كل داء فهو غلط ممن رواه إنما هو عن أبي بكر بن أبي عتيق عن عائشة وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وهؤلاء هم الذين قال فيهم موسى بن عقبة لا نعرف أربعة أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم هم وأبناؤهم إلا هؤلاء الأربعة فذكر أبا بكر الصديق وأباه وابنه عبد الرحمن وابنه محمد أبا عتيق والله أعلم
النوع الخامس والأربعون
معرفة رواية الأبناء عن الآباء
ولأبي نصر الوايلي الحافظ في ذلك كتاب وأهمه ما لم يسم فيه الأب أو الجد
وهو نوعان أحدهما
رواية الابن عن الأب عن الجد نحو عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وله بهذا الإسناد نسخة كبيرة أكثرها فقهيات عن أبيه عن جده وله بهذا الإسناد نسخة كبيرة أكثرها فقهيات جياد وشعيب هو بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاصي وقد احتج أكثر أهل الحديث بحديثه حملا لمطلق الجد فيه على الصحابي عبد الله بن عمرو دون ابنه محمد والد شعيب لما ظهر لهم من إطلاقه ذلك ونحو بهز بن حكيم عن أبيه عن جده روى بهذا الإسناد نسخة كبيرة حسنة وجده هو معاوية بن حيدة القشيري وطلحة بن مصرف عن أبيه عن جده وجده عمرو بن كعب اليامي ويقال كعب بن عمرو ومن أطرف ذلك رواية أبي الفرج عبد الوهاب التميمي الفقيه الحنبلي وكانت له ببغداد في جامع المنصور حلقة للوعظ والفتوى عن أبيه في تسعة من آبائه نسقا أخبرني بذلك الشيخ أبو الحسن مؤيد بن محمد بن علي النيسابوري بقراءتي عليه بها قال أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد الشيباني في كتابه إلينا قال أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي حدثنا عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن أكينة بن عبد الله التميمي من لفظه قال سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت علي بن أبي طالب وقد سئل عن الحنان المنان فقال الحنان الذي يقبل على من أعرض عنه والمنان الذي يبدأ بالنوال قبل السوال آخرهم أكينة بالنون وهو السامع عليا رضي الله عنه حدثني أبو المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد السمعاني بمرو الشاهجان عن أبي النضر عبد الرحمن بن عبد الجابر الفامي قال سمعت السيد أبا القاسم منصور بن محمد العلوي يقول الإسناد بعضه عوال وبعضه معال وقول الرجل حدثني أبي عن جدي من المعالي
الثاني رواية الابن عن أبيه دون الجد وذلك باب واسع وهو نحو رواية أبي العشراء الدارمي عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه معروف وقد اختلفوا فيه فالاشهر أن أبا العشراء هو أسامة بن مالك بن قهطم وهو فيما نقتله من خط البيهقي وغيره بكسر القاف وقيل قحطم بالحاء وقيل هو عطارد بن برز بتسكين الراء وقيل بتحريكها أيضا وقيل بن بلز باللام وفي اسمه واسم أبيه من الخلاف غير ذلك والله أعلم
النوع السادس والأربعون
معرفة من اشترك في الرواية عنه راويان متقدم ومتأخر تباين وقت وفاتيهما تباينا شديدا فحصل بينهما أمد بعيد وإن كان المتأخر منهما غير معدود من معاصري الأول وذوي طبقته
ومن فوائد ذلك تقرير حلاوة علو الإسناد في القلوب وقد أفرده الخطيب الحافظ في كتاب حسن سماه كتاب السابق واللاحق ومن أمثلته أن محمد بن إسحاق الثقفي السراج النيسابوري روى عنه البخاري والإمام في تاريخه وروى عنه أبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر وذلك أن البخاري مات سنة ست وخمسين ومائتين ومات الخفاف سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وقيل مات في سنة أربع أو خمس و تسعين وثلاثمائة وكذلك مالك بن أنس الإمام حدث عنه الزهري وزكريا بن دويد الكندي وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر ومات الزهري سنة أربع وعشرين ومائة ولقد حظي مالك بكثير من هذا النوع والله أعلم
النوع السابع والأربعون
معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد من الصحابة والتابعين فمن بعدهم رضي الله عنهم
ولمسلم فيه كتاب لم أره مثاله من الصحابة وهب بن خنبش وهو في كتابي الحاكم وأبي نعيم الأصبهاني في معرفة علوم الحديث هرم بن خنبش وهو رواية داود الأودي عن الشعبي وذلك خطأ صحابي لم يرو عنه غير الشعبي وكذلك عامر بن شهر وعروة بن مضرس ومحمد بن صفوان الأنصاري ومحمد بن صيفي الأنصاري وليسا بواحد وإن قاله بعضهم صحابيون لم يرو عنهم غير الشعبي وانفرد قيس بن أبي حازم بالرواية عن أبيه وعن دكين بن سعيد المزني والصنابح بن الأعسر ومرداس بن مالك الأسلمي وكلهم صحابة وقدامة بن عبد الله الكلابي منهم لم يرو عنه غير أيمن بن نابل وفي الصحابة جماعة لم يرو عنهم غير أبنائهم منهم شكل بن حميد لم يرو عنه غير ابنه شتير ومنهم المسيب بن حزن القرشي لم يرو عنه غير ابنه سعيد بن المسيب ومعاوية بن حيدة لم يرو عنه غير ابنه حكيم والد بهز وقرة بن إياس لم يرو عنه غير ابنه معاوية وأبو ليلى الأنصاري لم يرو عنه غير ابنه عبد الرحمن بن أبي ليلى ثم إن الحاكم أبا عبد الله حكم في المدخل الى كتاب الإكليل بأن أحدا من هذا القبيل لم يخرج عنه البخاري ومسلم في صحيحيهما وأنكر ذلك عليه ونقض عليه بإخراج البخاري في صحيحه حديث قيس بنأبي حازم عن مرداس الأسلمي يذهب الصالحون الأول فالأول ولا راوي له غير قيس وبإخراجه بل بإخراجهما حديث المسيب بن حزن في وفاة أبي طالب مع أنه لا راوي له غير ابنه وبإخراجه حديث الحسن البصري عن عمرو بن تغلب إني لأعطي الرجل والذي أدع أحب إلي ولم يرو عن عمرو غير الحسن وكذلك أخرد مسلم في صحيحه حديث رافع بن عمرو الغفاري ولم يرو عنه غير عبد الله بن الصامت وحديث أبي رفاعة العدوي ولم يرو عنه غير حميد بن هلال العدوي وحديث الأغر المزني إنه ليغان على قلبي ولم يرو عنه غير أبي بردة في أشياء كثيرة عندهما في كتابيهما على هذا النحو وذلك دال على مصيرهما إلى أن الراوي قد يخرج عن كونه مجهولا مردودا برواية واحد عنه وقد قدمت هذا في النوع الثالث والعشرين ثم بلغني عن أبي عمر بن عبد البر الأندلسي وجادة قال كل من لم يرو عنه إلا رجل واحد فهو عندهم مجهول إلا أن يكون رجلا مشهورا في غير حمل العلم كاشتهار مالك بن دينار بي الزهد وعمرو بن معدي كرب بالنجدة واعلم أنه قد يوجد في بعض من ذكرنا تفرد راو واحد عنه خلاف في تفرده ومن ذلك قدامة بن عبد الله ذكر بن عبد البر أنه روى عنه أيضا حميد بن كلاب والله أعلم ومثال هذا النوع في التابعين أبو العشراء الدارمي لم يرو عنه فيما يعلم غير حماد بن سلمة ومثل الحاكم لهذا النوع في التابعين بمحمد بن أبي سفيان الثقفي وذكر أنه لم يرو عنه غير الزهري فيما يعلم قال وكذلك تفرد الزهري عن نيف وعشرين رجلا من التابعين لم يرو عنهم غيره وكذلك عمرو بن دينار تفدر عن جماعة من التابعين وكذلك يحيى بن سعيد الأنصاري وأبو إسحاق السبيعي وهشام بن عروة وغيرهم وسمى الحاكم منهم في بعض المواضع فيمن تفرد عنهم عمرو بن دينار عبد الرحمن بن معبد وعبد الرحمن بن فروخ وفيمن تفرد عنهم الزهري عمرو بن أبان بن عثمان وسنان بن أبي سنان الدؤلي وفيمن تفرد عنهم يحيى عبد الله بن أنيس الأنصاري ومثل في أتباع التابعين بالمسور بن رفاعة القرظي وذكر أنه لم يرو عنه غير مالك وكذلك تفرد مالك عن زهاء عشرة من شيوخ المدينة قلت وأخشى أن يكون الحاكم في تنزيله بعض من ذكره بالمنزلة التي جعله فيها معتمدا على الحسبان والتوهم والله أعلم
النوع الثامن والأربعون
معرفة من ذكر بأسماء مختلفة أو نعوت متعددة فظن من لا خبرة له بها أن تلك الأسماء أو النعوت لجماعة متفرقين
هذا فن عويص والحاجة إليه حاقة وفيه إظهار تدليس المدلسين فإن أكثر ذلك إنما نشأ من تدليسهم وقد صنف عبد الغني بن سعيد الحافظ المصري وغيره في ذلك مثاله محمد بن السائب الكلبي صاحب التفسير هو أبو النضر الذي روى عنه محمد بن إسحاق بن يسار حديث تميم الداري وعدي بن بداء وهو حماد بن السائب الذي روى عنه أبو أسامة حديث ذكاة كل مسك دباغه وهو أبو سعيد الذي يروي عنه عطية العوفي التفسير يدلس به موهما أنه أبو سعيد الخدري ومثاله أيضا سالم الراوي عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وعائشة رضي الله عنهم هو سالم أبو عبد الله المديني وهو سالم مولى مالك بن أوس بن الحدثان النصري وهو سالم مولى شداد بن الهاد النصري وهو في بعض الروايات مسمى بسالم مولى النصريين وفي بعضها بسالم مولى المهري وهو في بعضها سالم سبلان وفي بعضها أبو عبد الله مولى شداد بن الهاد وفي بعضها سالم أبو عبد الله الدوسي وفي بعضها سالم مولى دوس ذكر ذلك كله عبد الغني بن سعيد قلت والخطيب الحافظ يروي في كتبه عن أبي القاسم الأزهري وعن عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي وعن عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي والجميع شخص واحد من مشايخه وكذلك يروي عن الحسن بن محمد الخلال وعن الحسن بن أبي طالب وعن أبي محمد الخلال والجميع عبارة عن واحد ويروي أيضا عن أبي القاسم التنوخي وعن علي بن المحسن وعن القاضي أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي وعن علي بن أبي علي المعدل والجميع شخص واحد وله من ذلك الكثير و الله أعلم
النوع التاسع و الأربعون
معرفة المفردات الآحاد من أسماء الصحابة ورواة الحديث والعلماء وألقابهم وكناهم
هذا نوع مليح عزيز يوجد في كتب الحفاظ المصنفة في الرجال مجموعا مفرقا في أواخر أبوابها وأفرد أيضا بالتصنيف وكتاب أحمد بن هارون البرديجي البرذعي المترجم بالأسماء المفردة من أشهر كتاب في ذلك ولحقه في كثير منه اعتراض واستدراك من غير واحد من الحفاظز منهم أبو عبد الله بن بكي ر فمن ذلك ما وقع في كونه ذكر أسماء كثيرة على أنها آحاد وهي مثان ومثالث وأكثر من ذلك وعلى ما فهمناه من شرطه لا يلزمه ما يوجد من ذلك في غير أسماء الصحابة والعلماء ورواة الحديث ومن ذلك أفراد ذكرها اعترض عليه فيها بأنها ألقاب لا أسامي منها الأجلح الكندي إنما هو لقب لجلحة كانت به واسمه يحيى ويحيى كثير ومنها صغدي بن سنان اسمه عمر وصغدي لقب ومع ذلك فلهم صغدي غيره وليس يرد هذا على ما ترجمت به هذا النوع والحق أن هذا فن يصعب الحكم فيه والحاكم فيه على خطر من الخطأ والانتقاض فإنه حصر في باب واسع شديد الانتشار فمن أمثلة ذلك المستفادة أحمد بن عجيان الهمداني بالجيم صحابي ذكره بن يونس وعجيان كنا نعرفه بالتشديد على وزن عليان ثم وجدته بخط بن الفرات وهو حجة عجيان بالتخفيف على وزن سفيان أوسط بن عمرو البجلي تابعي تدوم بن صبح الكلاعي عن تبيع بن عامر الكلاعي ويقال فيه يدوم بالياء وصوابه بالتاء المثناة من فوق جبيب بن الحارث صحابي بالجيم وبالباء الموحدة المكررة جيلان بن فروة بالجيم المكسوة أبو الجلد الأخباري تابعي الدجين بن ثابت بالجيم مصغرا أبو الغصن قيل إنه جحا المعروف والأصح أنه غيره زر بن حبيش التابعي الكبير سعير بن الخمس انفرد في اسمه واسم أبيه سندر الخصي مولي زنباع الجذامي له صحبة شكل بن حميد الصحابي بفتحتين شمعون بن زيد أبو ريحانة بالشين المنقوطة والعين المهملة ويقال بالغين المعجمة قال أبو سعيد بن يونس وهو عندي أصح أحد الصحابة الفضلاء صدي بن عجلان أبو أمامة الصحابي صنابح بن الأعسر الصحابي ومن قال فيه صنابحي فقد أخطأ ضريب بن نقير بن سمير بالتصغير فيها كلها أبو الليل القيسي البصري روى عن معاذة العدوية وغيرها ونقير أبوه بالنون والقاف وقيل بالفاء وقيل بالفاء واللام نفيل عزوان بن زيد الرقاشي بعين غير معجمة عبد صالح تابعي قرثع الضبي بالثاء المثلثة كلدة بن حنبل بفتح اللام صحابي لبيبي بن لبا الأسدي الصحابي باللام فيهما والأول مشدد مصغير على وزن أبي والثاني مخفف مكبر على وزن عصا فاعلمه فإنه يغلط فيه مستمر بن الريان رأى أنسا نبيشة الخير صحابي نوف البكالي تابعي من بكال بطن من حمير بكسر الباء وتخفيف الكاف وغلب على ألسنة أهل الحديث فيه فتح الباء وتشديد الكاف وابصة بن معبد الصحابي هبيب بن مغفل مصغر بالباء الموحدة المكررة صحابي ومغفل بالغين المنقوطة الساكنة همذان بريد عمر بن الخطاب ضبطه بن بكير وغيره بالذال المعجمة وضبطه بعض من ألف على كتاب البرديجي بالدال المهملة وإسكان الميم
وأما الكنى المفردة فمنها أبو العبيدين مصغر مثنى واسمه معاوية بن سبرة من أصحاب بن مسعود له حديثان أو ثلاثة أبو العشراء الدارمي وقد سبق أبو المدلة بكسر الدال المهملة وتشديد اللام ولم يوقف على اسمه روى عنه الأعمش وابن عيينة وجماعة ولا نعلم أحدا تابع أبا نعيم الحافظ في قوله إن اسامه عبيد الله بن عبد الله المدني أبو مراية العجلي عرفناه بضم الميم وبعد الألف ياء مثناة من تحت واسمه عبد الله بن عمرو تابعي روى عنه قتادة أبو معيد مصغر مخفف الياء حفص بن غيلان الهمداني روى عن مكحول وغيره
وأما الأفراد من الألقاب فمثالها سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة لقب فرد واسمه مهران على خلاف فيه مندل بن علي وهو بكسر الميم عن الخطيب وغيره ويقولونه كثيرا بفتحها وهو لقب واسمه عمرو سحنون بن سعيد التنوخي القيرواني صاحب المدونة على مذهب مالك لقب فرد واسمه عبد السلام ومن ذلك مطين الحضرمي ومشكدانة الجعفي في جماعة آخرين سنذكرهم في نوع الألقاب إن شاء الله تعالى وهو أعلم
النوع الموفي خمسين
معرفة الأسماء والكنى
كتب الأسماء والكنى كثيرة منها كتاب علي بن المديني وكتاب مسلم وكتاب النسائي وكتاب الحاكم الكبير أبي أحمد الحافظ ولابن عبد البر في أنواع منه كتب لطيفة رائقة والمراد بهذه الترجمة بيان أسماء ذوي الكنى والمصنف في ذلك يبوب كتابه على الكنى مبينا أسماء أصحابها وهذا فن مطلوب لم يزل أهل العلم بالحديث يعنون به ويتحفظونه ويتطارحونه فيما بيهم ويتنقصون من جهلة وقد ابتكرت فيه تقسيما حسنا فأقول أصحاب الكنى فيها على ضروب
أحدها الذين سموا بالكنى فأسماؤهم كناهم لا أسماء لهم غيرها وينقسم هؤلاء إلى قسمين
أحدهما من له كنية أخرى سوى الكنية التي هي اسمه فصار كأن للكنية كنية وذلك طريف عجيب وهذا كأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي أحد فقهاء المدينة السبعة وكان يقال له راهب قريش اسمه أبو بكر وكنيته أبو عبد الرحمن وكذلك أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصار ي يقال إن اسمه أبو بكر وكنيته أبو محمد ولا نظير لهذين في ذلك قاله الخطيب وقد قيل إنه لا كنية لابن حزم غير الكنية التي هي اسمه
الثاني من هؤلاء من لا كنية له غير الكنية التي هي اسمه مثاله أبو بلال الأشعري الراوي عن شريك وغيره روي عنه أنه قال ليس لي اسم اسمي وكنيتي واحد وهكذا أبو خصين بن يحيى بن سليمان الرازي بفتح الحاء روى عنه جماعة منهم أبو حاتم الرازي وسأله هل لك اسم فقال لا اسمي وكنيتي واحد
الضرب الثاني الذين عرفوا بكناهم ولم يوقف على أسمائهم ولا على حالهم فيها هل هي كناهم أو غيرها مثاله من الصحابة أبو أناس بالنون الكناني ويقال الديلي من رهط أبي الأسود الديلي ويقال فيه الدؤلي بالضم والهمزة مفتوحة في النسب عند بعض أهل العربية ومكسورة عند بعضهم على الشذوذ فيه وأبو مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو شيبة الخدري الذي مات في حصار القسطنطينة ودفن هناك مكانه ومن غير الصحابة أبو الأبيض الراوي عن أنس بن مالك أبو بكر بن نافع مولى بن عمر روى عنه مالك وغيره أبو النجيب مولى عبد الله بن عمرو بن العاص بالنون المفتوحة في أوله وقيل بالتاء المضمومة باثنتين من فوق أبو الحرب بن أبي الأسود الديلي أبو حريز الموقفي والموقف محلة بمصر روى عنه بن وهب وغيره والله أعلم
الضرب الثالث الذين لقبوا بالكنى ولهم غير ذلك كنى وأسماء مثاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه يلقب بأبي تراب ويكنى أبا الحسن أبو الزناد عبد الله بن ذكوان كنيته أبو عبد الرحمن وأبو الزناد لقب وذكر الحافظ أبو الفضل الفلكي فيما بلغنا عنه أنه كان يغضب من أبي الزناد وكان عالما مفتنا أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري كنيته أبو عبد الرحمن وأبو الرجال لقب لقب به لأنه كان له عشرة أولاد كلهم رجال أبو تميلة بتاء مضمومة مثناة من فوق يحيى بن واضح الأنصاري المروزي يكنى أبا محمد وأبو تميلة لقب وثقه يحيى بن معين وغيره وأنكر أبو حاتم الرازي على البخاري إدخاله إياه في كتاب الضعفاء أبو الآذان الحافظ عمر بن إبراهيم يكنى أبا بكر وأبو الآذان لقب لقب به لأنه كان كبير الأذنين أبو الشيخ الأصبهاني عبد الله بن محمد الحافظ كنيته أبو محمد وأبو الشيخ لقب أبو حازم العبدوي الحافظ عمر بن أحمد كنيته أبو حفص وأبو حازم لقب وإنما استفدناه من كتاب الفلكي في الألقاب والله أعلم
الضرب الرابع من له كنيتان أو أكثر مثال ذلك عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج كانت له كنيتان أبو خالد وأبو الوليد عبد الله بن عمر بن حفص العمري أخو عبيد الله روي أنه كان يكنى أبا القاسم فتركها واكتنى أبا عبد الرحمن وكان لشيخنا منصور بن أبي المعالي النيسابوري حفيد الفراوي ثلاث كنى أبو بكر وأبو الفتح وأبو القاسم والله أعلم
الضرب الخامس من اختلف في كنيته فذكر له على الاختلاف كنيتان أو أكثر واسمه معروف ولعبد الله بن عطاء الإبراهيمي الهروي من المتأخرين فيه مختصر مثاله أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل كنيته أبو زيد وقيل أبو محمد وقيل أبو عبد الله وقيل أبو خارجة أبي بن كعب أبو المنذر وقيل أبو الطفيل قبيصة بن ذؤيب أبو إسحاق وقيل أبو سعيد القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أبو عبد الرحمن وقيل أبو محمد سليمان بن بلال المدني أبو بلال وقيل أبو محمد وفي بعض من ذكر في هذا القسم من هو في نفس الأمر ملتحق بالضرب الذي قبله والله أعلم
الضرب السادس من عرفت كنيته واختلف في اسمه مثاله من الصحابة أبو بصرة الغفاري على لفظ البصرة البلدة قيل اسمه جميل بن بصرة بالجيم وقيل حميل بالحاء المهملة المضمومة وهو الأصح أبو جحيفة السوائي قيل اسمه وهب بن عبد الله وقيل وهب الله بن عبد الله أبو هريرة الدوسي اختلف في اسمه واسم أبيه اختلاف كثير جدا لم يختلف مثله في اسم أحد في الجاهلية والإسلام وذكر بن عبد البر ان فيه نحو عشرين قولة في اسمه واسم أبيه وانه لكثرة الاضطراب لم يصح عنده في اسمه شيء يعتمد عليه الا ان عبد الله أو عبد الرحمن هو الذي يسكن اليه القلب في اسمه في الإسلام وذكر عن محمد بن إسحاق ان اسمه عبد الرحمن بن صخر قال وعلي هذا اعتمدت طائفة الفت في الأسماء والكني قال وقال أبو أحمد الحاكم أصح شيء عندنا في اسم أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر ومن غير الصحابة أبو بردة بن أبي موسي الأشعري أكثرهم علي ان اسمه عامر وعن بن معين ان اسمه الحارث أبو بكر بن عياش راوي قراءة عاصم اختلف في اسمه علي أحد عشر قولا قال بن عبد البر ان صح له اسم فهو شعبة لا غير وهو الذي صححه أبو زرعة قال بن عبد البر وقيل اسمه كنيته وهذا أصح ان شاء الله لأنه روي عنه انه قال ما لي اسم غير أبي بكر والله اعلم
السابع من اختلف في كنيته واسمه معا وذلك قليل مثاله سفينة مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل اسمه عمير وقيل صالح وقيل مهران وكنيته أبو عبد الرحمن وقيل ابوالبختري والله أعلم
الثامن من لم يختلف في كنيته واسمه وعرفا جميعا واشتهرا ومن امثلته أئمة المذاهب ذوو أبي عبد الله مالك ومحمد بن إدريس الشافعي وأحمد بن حنبل وسفيان الثوري وأبو حنيفة النعمان بن ثابت في خلق كثير
التاسع من اشتهر بكنيته دون اسمه واسمه مع ذلك غير مجهول عند أهل العلم بالحديث ولابن عبد البر تصنيف مليح فيمن بعد الصحابة منهم مثاله أبو إدريس الخولاني اسمه عائذ الله بن عبد الله أبو إسحاق السبيعي اسمه عمرو بن عبد الله أبو الأشعث الصنعاني صنعاء دمشق اسمه شراحيل بن أداة بهمزة ممدودة بعدهادال مهملة مفتوحة مخففة ومنهم من شدد الدال ولم يمد أبو الضحي مسلم بن صبيح بضم الصاد المهملة أبو حازم الأعرج الزاهد الراوي عن سهل بن سعد وغيره اسمه سلمة بن دينار ومن لايحصي والله أعلم
النوع الحادي والخمسون
معرفة كني المعروفين بالأسماء دون الكنى
وهذا من وجه ضد النوع الذي قبله ومن شأنه أن يبوب على الأسماء ثم تبين كناها بخلاف ذاك ومن وجه آخر يصلح لأن يجعل قسما من أقسام ذاك من حيث كونه قسما من أقسام أصحاب الكنى وقل من أفرده بالتصنيف وبلغنا أن لأبي حاتم بن حبان البستي فيه كتابا ولنجمع في التمثيل جماعات في كنية واحدة تقريبا على الضابط فممن يكنى بأبي محمد من هذا القبيل من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين طلحة بن عبيد الله التيمي عبد الرحمن بن عوف الزهري الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي ثابت بن قيس بن الشماس عبد الله بن زيد صاحب الأذان الأنصاريان كعب بن عجرة الأشعث بن قيس معقل بن سنان الأشجعي عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عبد الله بن بحينة عبد الله بن عمرو بن العاص عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق جبير بن مطعم الفضل بن العباس بن عبد المطلب حويطب بن عبد العزى محمود بن الربيع عبد الله بن ثعلبة بن صغير وممن يكنى منهم بأبي عبد الله الزبير بن العوام الحسين بن علي بن أبي طالب سلمان الفارسي عامر بن ربيعة العدوي حذيفة بن اليمان كعب بن مالك رافع بن خديج عمارة بن حزم النعمان بن بشير جابر بن عبد الله عثمان بن حنيف حارثة بن النعمان وهؤلاء السبعة أنصاريون ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة شرحبيل بن حسنة عمرو بن العاص محمد بن عبد الله بن جحش معقل بن يسار وعمرو بن عامر المزنيان وممن يكنى منهم بأبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود معاذ بن جبل زيد بن الخطاب أخو عمر بن الخطاب عبد الله بن عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة الأنصاري عويم بن ساعدة على وزن نعيم زيد بن خالد الجهني بلال بن الحارث المزني معاوية بن أبي سفيان الحارث بن هشام المخزومي المسور بن مخرمة وفي بعض من ذكرناه من قبل في كنيته غير ما ذكرناه والله أعلم
النوع الثاني والخمسون
معرفة ألقاب المحدثين ومن يذكر معهم
وفيها كثرة ومن لا يعرفها يوشك أن يظنها أسامي وأن يجعل من ذكر باسمه في موضع وبلقبه في موضع شخصين كما اتفق لكثير ممن ألف وممن صنفها أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي الحافظ ثم أبو الفضل بن الفلكي الحافظ وهي تنقسم إلى ما يجوز التعريف به وهو ما لا يكرهه الملقب وإلى ما لا يجوز وهو ما يكرهه الملقب وهذا أنموذج منها مختار روينا عن عبد الغني بن سعيد الحافظ أنه قال رجلان جليلان لزمهما لقبان قبيحان معاوية بن عبد الكريم الضال وإنما ضل في طريق مكة وعبد الله بن محمد الضعيف وإنما كان ضعيفا في جسمه لا في حديثه قلت وثالث وهو عارم أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي وكان عبدا صالحا بعيدا من الغرامه والضعيف هو الطرسوسي أبو محمد سمع أبا معاوية الضرير وغيره كتب عنه أبو حاتم الرازي وزعم أبو حاتم بن حبان أنه قيل له الضعيف لإتقانه وضبطه
غندر لقب محمد بن جعفر البصري أبي بكر وسببه ما روينا أن بن جريج قدم البصرة فحدثهم بحديث عن الحسن البصري فأنكروه عليه وشغبوا وأكثر محمد بن جعفر من الشغب عليه فقال له اسكت يا غندر وأهل الحجاز يسموه المشغب غندرا ثم كان بعده غنادرة كل منهم يلقب بغندر منهم محمد بن جعفر الرازي أبو الحسين غندر روى عن أبي حاتم الرازي وغيره ومنهم محمد بن جعفر أبو بكر البغدادي غندر الحافظ الجوال حدث عنه أبو نعيم الحافظ وغيره ومنهم محمد بن جعفر بن دران البغدادي أبو الطيب روى عن أبي خليفة الجمحي وغيره وآخرون لقبوا بذلك ممن ليس بمحمد بن جعفر
غنجار لقب عيسى بن موسى التيمي أبي أحمد البخاري متقدم حدث عن مالك والثوري وغيرهما لقب بغنجار لحمرة وجنتيه وغنجار آخر متأخر وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد البخاري الحافظ صاحب تاريخ بخارى مات سنة ثنتي عشرة وأربعمائة والله أعلم
صاعقة هو أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم الحافظ روى عنه البخاري وغيره قال أبو علي الحافظ إنما لقب صاعقة لحفظه وشدة مذاكرته ومطالباته
شباب لقب خليفة بن خياط العصفري صاحب التاريخ سمع غندرا وغيره
زنيج بالنون والجيم لقب أبي غسان محمد بن عمرو الرازي روى عنه مسلم وغيره
رسته لقب عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني
سنيد لقب الحسين بن داود المصيصي صحاب التفسير روى عنهما أبو زرعة وأبو حاتم الحافظان وغيرهما
بندار لقب محمد بن بشار البصري روى عنه البخاري ومسلم والناس قال بن الفلكي إنما لقب بهذا لأنه كان بندار الحديث
قيصر لقب أبي النضر هاشم بن القاسم المعروف روى عنه أحمد بن حنبل وغيره
الأخفش لقب جماعة منهم أحمد بن عمران البصري النحوي متقدم روى عن زيد بن الحباب وغيره وله غريب الموطأ وفي النحويين أخافش ثلاثة مشهورون أكبرهم أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد وهو الذي ذكره سيبويه في كتابه والثاني سعيد بن مسعدة أبو الحسن الذي يروي عنه كتاب سيبويه وهو صاحبه والثالث أبو الحسن علي بن سليمان صاحب أبوي العباس النحويين أحمد بن يحيى الملقب بثعلب ومحمد بن يزيد الملقب بالمبرد
مربع بفتح الباء المشددة هو محمد بن إبراهيم الحافظ البغدادي
جزرة لقب صالح بن محمد البغدادي الحافظ لقب بذلك من أجل أنه سمع من بعض الشيوخ ما روي عن عبد الله بن بسر أنه كان يرقي بخرزة فصحفها وقال جزرة بالجيم فذهبت عليه وكان ظريفا له نوادر تحكى
عبيد العجل لقب أبي عبد الله الحسين بن محمد بن حاتم البغدادي الحافظ
كيلجة هو محمد بن صالح البغدادي الحافظ
ما غمه بلفظ النفي لفعل الغم هو لقب علان بن عبد الصمد وهو علي بن الحسين بن عبد الصمد الحافظ ويجمع فيه بين اللقبين فيقال علان ما غمه وهؤلاء البغداديون الخمسة روينا أن يحيى بن معين هو لقبهم وهم من كبار أصحابه وحفاظ الحديث
سجادة المشهور هو الحسن بن حماد سمع وكيعا وغيره
مشكدانة ومعناه بالفارسية حبة المسك أو وعاء المسك لقب عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان
مطين بفتح الياء لقب أبي جعفر الحضرمي خاطبهما بذلك أبو نعيم الفضل بن دكين فلقبها بهما
عبدان لقب لجماعة أكبرهم عبد الله بن عثمان المروزي صاحب بن المبارك وراويته روينا عن محمد بن طاهر المقدسي أنه انما قيل له عبدان لأن كنيته أبو عبد الرحمن واسمه عبد الله فاجتمع في كنيته واسمع العبدان وهذا لا يصح بل ذلك من تغيير العامة للأسامي وكسرهم لها في زمان صغر المسمى أو نحو ذلك كما قالوا في علي علان وفي أحمد بن يوسف السلمي وغيره حمدان وفي وهب بن بقية الواسطي وهبان والله أعلم