إعلانات المنتدى


وقفات مع سورة المسد " تبّت يدا أبي لهب وتبّ "

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
355
154
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
أخرج البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّفَا، فَجَعَلَ يُنَادِي: «يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ» – لِبُطُونِ قُرَيْشٍ – حَتَّى اجْتَمَعُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ، فَقَالَ: «أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟» قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا، قَالَ: «فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ» فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ اليَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}

ومن اللطائف المتعلقة بهذه السورة أن الله سبحانه وتعالى ذكر اللهب في هذه السورة بالذات (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3)) ليتناسب العذاب مع المعذَّب لأنه كان يُكنى بأبي لهب .
ثم قال جل وعلا..( ما أغنى عنه ماله وما كسب.). فمال هذا الشقي وولده.. لن ينفعاه في دفع عذاب الله عنه.. فمصيره لامحالة.. ناراً ذات لهب.. وامرأته حمالة الحطب.. أي أن زوجه سيكون مصيرها كمصير بعلها.. وذلك أنها كانت معينةً له في عداوته للنبي صلى الله عليه وسلم..
ثم ختم الله هذه السورة بقوله: في جيدها حمل ممن مسد.. والجيد هو العنق.. فجزاء لعداوتها للنبي صلى الله عليه وسلم جعل الله في عنقها يوم القيامة حبلاً من ليف أو حديد.. كالقلادة حول العنق

ومن أهم الفوائد التربوية في هذه السورة :
- عدم التعلق بزينة الدنيا والغفلة عن الآخرة و عدم الاعتماد على القوة المادية من المال والولد والنسب والحسب فكل ذلك لا يغني عند الله شيئا . ( ما أغنى عنه ماله وما كسب )
- شدة القسوة تمنع القلب عن رؤية الحق وإنارة بصيرته .
- الخبيثين للخبيثات والطيبون للطيبات .
- لا ينفع الإنسان حسبه ولا نسبه ولا قرابته بل لا ينفع عند الله إلا الإيمان والعمل الصالح .
- الجزاء من جنس العمل ( في جيدها حبل من مسد )
- الله يدافع عن الذين آمنوا ، يروي الحاكم: أنه كان لهب بن أبي لهب يسبُّ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم سلِّط عليه كلبك))، فخرج في قافلة يريدُ الشامَ، فنزل منزلًا فقال: إني أخافُ دعوةَ محمد – صلى الله عليه وسلم – قالوا له: كلَّا، فحطوا متاعَهم حولَه وقعدوا يحرسونه، فجاء الأسد فانتزعه فذهب به.
- كيد الكافرين في ضلال ، ونهايتهم إلى خسران ( سيصلى نارا ذات لهب )

وختاما .. في هذه السورة المباركة.. تسلية للقلوب المؤمنة.. وحث لها بأن تكون متصلة بربها.. مستمدة منه العون والمدد.. وألا تلتفت للعوائق والمثبطات.. فهذا الرسول الخاتم القرشي الهاشمي.. يتلقى العداوة الشديدة والأذية المتواصلة من أقرب الناس إليه.. عمه أبو لهب.. .. وقف لابن أخيه موقف المعاند.. وهو يعلم صدقه وأمانته.. بل يبذل جهده وجاهه في سبيل صد الناس عن دعوته.. عن رَبِيعَةُ بْنُ عِبَادٍ الدِّيلِي قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي سُوقِ ذِي الْمَجَازِ، وَهُوَ يَقُولُ: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ تُفْلِحُوا “. وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، وَوَرَاءَهُ رَجُلٌ وَضِيءُ الْوَجْهِ، أَحْوَلُ ذُو غَدِيرَتَيْنِ يَقُولُ: إِنَّهُ صَابِئٌ كَاذِبٌ يَتْبَعُهُ حَيْثُ ذَهَبَ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَذَكَرُوا لِي نَسَبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا لِي: هَذَا عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ.. إسناده حسن..

فيا من يريد الإصلاح والتغيير.. لا تكن أذية الناس لك وما تراه من جهود أهل الشر معوقاً لك في طريق الإصلاح.. فهذا الأسوة والقدوة يتلقى الشدائد فلا يلين ولا يستكين.. ولم تمض مدة يسيرة إلا وقد فتح الله البلاد لدعوته.. فلا تيأس من نشرالخير والبر بين الناس..

هذا والله أعلم
منقول بتصرّف
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع