- 3 ديسمبر 2020
- 355
- 154
- 43
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
- علم البلد
سورة المطففين
وهنا ربط التطفيف بأمر عَقَدي وهو التذكير باليوم الآخر ، فالذي جرأهم على التطفيف عدم إيمانهم باليوم الآخر، وإلا فلو آمنوا به، وعرفوا أنهم يقومون بين يدى الله، يحاسبهم على القليل والكثير، لأقلعوا عن ذلك وتابوا منه ( تفسير السعدي )
(والسجين: المحل الضيق الضنك وهو مأوى الفجار ومستقرهم في معادهم ، و ﴿سجين﴾ ضد ﴿عليين﴾ الذي هو محل كتاب الأبرار، كما سيأتي )
واما صفات الفجار :
فالتكذيب بيوم القيامة ( الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) ثم أخبر تابعاً لها (وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) فلا يجرؤ على التكذيب بهذا الأمر الواضح العظيم الذي لا يخفى على أحد إلا من كانت هذه صفته معتد أثيم.
ومن صفاتهم الإعراض عن آيات الله : (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) عندما تتلى عليه آيات القرآن لا يتذكر ولا يتعظ بها بل يشبهها بأساطير الأولين يعني قصص الأمم المتقدمة كما كان يفعل بعض مشركي قريش عندما يريدون أن يصرفوا الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الاستماع إلى قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن فيحدّثونهم بأحاديث فارس والروم وما أشبه ذلك.
وعلى هذا فكل ما يُشغل عن القرآن من القصص والروايات والأشعار الماجنة وغيرها مما يلهي بعض الناس أو كثيراً من الناس في هذا الزمن فإنه يدخل في معنى الأساطير .
ثم يذكر الله سبب الإعراض عن القرآن والانتفاع به فيقول تعالى (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) أي أن قلوبهم والتي هي الوسيلة لفهم القرآن أصبح عليها الران، وهو هو طبقة تغلّف القلب تمنعه من الانتفاع بالقرآن وهذا الران أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا أذنب العبد نُكِت في قلبه نكتة سوداء فإن تاب صقل منها، فإن عاد عادت حتى تعظم في قلبه، فذلك الران الذي قال الله عنه (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
فما عقوبة ذلك في الآخرة (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) حُجبوا في الدنيا عن الاستماع بكلامه وحُجبوا في الآخرة عن رؤية ربهم عز وجل وهذه الآية كما ذكر أهل التفسير من الأدلة الصريحة على رؤية المؤمنين لربهم وخالقهم سبحانه وتعالى في الجنة في الآخرة.
وفي هذه الآيات، التحذير من الذنوب، فإنها ترين على القلب وتغطيه شيئا فشيئا، حتى ينطمس نوره، وتموت بصيرته، فتنقلب عليه الحقائق، فيرى الباطل حقًا، والحق باطلًا، وهذا من بعض عقوبات الذنوب.
( ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ) ، ثم يقال لهم توبيخا وتقريعًا{ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } فذكر لهم ثلاثة أنواع من العذاب: عذاب الجحيم، وعذاب التوبيخ وعذاب الحجاب من رب العالمين، المتضمن لسخطه وغضبه عليهم، وهو أعظم عليهم من عذاب النار
ثانيا : الأبرار ونعيمهم : (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) وهؤلاء الأبرار أخبر الله عز وجل بأن كتابهم بمعنى ما أعدّه لهم من نعيم ومصيرهم الحسن مكتوب في عليين في أعلى الجنة وأن هذا المكتوب يطّلع عليه المقرّبون من كل سماء الملائكة المقرّبون فيها.
(عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ).والأرائك هي السرر المهيأة ثم قال (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) أي: بهاء النعيم ونضارته ورونقه، فإن توالي اللذة والسرور يكسب الوجه نورًا وحسنًا وبهجة ،
ثم (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ) الرحيق المختوم هنا خمر الجنة (ختامه مسك) أي في نهايته طعم المسك أو رائحة المسك ، فنزّه الله خمر الجنة عن ما يعيب خمر الدنيا. فهو لا يذهب العقل كما ان رائحته ليست خبيثة
ثم قال تعالى (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) ولا شك أن هذا النعيم هو الذي يستحق أن يكون فيه التنافس والتسابق إليه .
وأما ختام السورة (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ*. وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُون)
يغمزون أعينهم بذكر عيوب الذين آمنوا ثم لا يكتفون بهذا وإنما إذا رجعوا إلى أهلهم إلى منتدياتهم إلى أقوامهم إلى أصحابهم بدأوا يذكرون معايب أولئك.
( وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين ) وهذا من أعظم ما يكون من الاغترار، أنهم جمعوا بين غاية الإساءة والأمن في الدنيا، فينقلبون إلى أهليهم سعداء مسرورين بما يفعلون ، وقد حكموا لأنفسهم أنهم أهل الهدى، وأن المؤمنين ضالون، افتراء على الله، (وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ)
( فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )
فإن أهل الإيمان الأبرار أهل الجنة إذا أخذوا أماكنهم، إذا قعدوا على سُررهم، إذا دخلوا غرفهم وقصورهم في الجنة يعرض الله عز وجل لهم هؤلاء المجرمين والكافرين في مصائرهم فماذا يصنع بهم هؤلاء المؤمنون؟ يضحكون منهم كما ضحكوا منهم في الدنيا.
ثم يقول (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) يعني هل جُوزي هؤلاء الكفار في الآخرة جزاء ما فعلوه بالمؤمنين في الدنيا ؟ لا شك أن الجواب نعم.
اللهم اجعلنا في ذلك اليوم من الأبرار الفائزين
منقول بتصرّف
- سبب النزول : سميت هكذا سورة المطففين باعتبار أول آية فيها ، وافتتاحها بوعيد المطففين الذين يُنقصون في المكيال والميزان والحقوق. ورد في سبب نزولها أن أهل المدينة أو أهل يثرب كما كانت تسمى قبل الإسلام قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إليها كانوا يطففون في مكاييلهم كان لبعضهم مكيالان أحدهما يكيل به لنفسه وهو الزائد والآخر يكيل به للناس وهو الناقص فنزلت هذه الآية (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ).
- معنى التطفيف : والتطفيف هو النقص الحسي أو المعنوي، فالتطفيف عام وليس خاصاً بالمكيال والميزان والآية هنا أيضاً هي عامة أيضاً وإن كان يدخل فيها التطفيف في الكيل والوزن دخولاً أولياً ولكنها عامة في كل زيادة يخص الإنسان بها نفسه ونقصٍ يخص به الآخرين. وكل هذا من التطفيف.
وهنا ربط التطفيف بأمر عَقَدي وهو التذكير باليوم الآخر ، فالذي جرأهم على التطفيف عدم إيمانهم باليوم الآخر، وإلا فلو آمنوا به، وعرفوا أنهم يقومون بين يدى الله، يحاسبهم على القليل والكثير، لأقلعوا عن ذلك وتابوا منه ( تفسير السعدي )
- حديث السورة عن أحداث يوم القيامة ، وتقسيم الناس إلى فريقين أبرار وفجار:
(والسجين: المحل الضيق الضنك وهو مأوى الفجار ومستقرهم في معادهم ، و ﴿سجين﴾ ضد ﴿عليين﴾ الذي هو محل كتاب الأبرار، كما سيأتي )
واما صفات الفجار :
فالتكذيب بيوم القيامة ( الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) ثم أخبر تابعاً لها (وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) فلا يجرؤ على التكذيب بهذا الأمر الواضح العظيم الذي لا يخفى على أحد إلا من كانت هذه صفته معتد أثيم.
ومن صفاتهم الإعراض عن آيات الله : (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) عندما تتلى عليه آيات القرآن لا يتذكر ولا يتعظ بها بل يشبهها بأساطير الأولين يعني قصص الأمم المتقدمة كما كان يفعل بعض مشركي قريش عندما يريدون أن يصرفوا الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الاستماع إلى قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن فيحدّثونهم بأحاديث فارس والروم وما أشبه ذلك.
وعلى هذا فكل ما يُشغل عن القرآن من القصص والروايات والأشعار الماجنة وغيرها مما يلهي بعض الناس أو كثيراً من الناس في هذا الزمن فإنه يدخل في معنى الأساطير .
ثم يذكر الله سبب الإعراض عن القرآن والانتفاع به فيقول تعالى (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) أي أن قلوبهم والتي هي الوسيلة لفهم القرآن أصبح عليها الران، وهو هو طبقة تغلّف القلب تمنعه من الانتفاع بالقرآن وهذا الران أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا أذنب العبد نُكِت في قلبه نكتة سوداء فإن تاب صقل منها، فإن عاد عادت حتى تعظم في قلبه، فذلك الران الذي قال الله عنه (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
فما عقوبة ذلك في الآخرة (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) حُجبوا في الدنيا عن الاستماع بكلامه وحُجبوا في الآخرة عن رؤية ربهم عز وجل وهذه الآية كما ذكر أهل التفسير من الأدلة الصريحة على رؤية المؤمنين لربهم وخالقهم سبحانه وتعالى في الجنة في الآخرة.
وفي هذه الآيات، التحذير من الذنوب، فإنها ترين على القلب وتغطيه شيئا فشيئا، حتى ينطمس نوره، وتموت بصيرته، فتنقلب عليه الحقائق، فيرى الباطل حقًا، والحق باطلًا، وهذا من بعض عقوبات الذنوب.
( ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ) ، ثم يقال لهم توبيخا وتقريعًا{ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } فذكر لهم ثلاثة أنواع من العذاب: عذاب الجحيم، وعذاب التوبيخ وعذاب الحجاب من رب العالمين، المتضمن لسخطه وغضبه عليهم، وهو أعظم عليهم من عذاب النار
ثانيا : الأبرار ونعيمهم : (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) وهؤلاء الأبرار أخبر الله عز وجل بأن كتابهم بمعنى ما أعدّه لهم من نعيم ومصيرهم الحسن مكتوب في عليين في أعلى الجنة وأن هذا المكتوب يطّلع عليه المقرّبون من كل سماء الملائكة المقرّبون فيها.
(عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ).والأرائك هي السرر المهيأة ثم قال (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) أي: بهاء النعيم ونضارته ورونقه، فإن توالي اللذة والسرور يكسب الوجه نورًا وحسنًا وبهجة ،
ثم (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ) الرحيق المختوم هنا خمر الجنة (ختامه مسك) أي في نهايته طعم المسك أو رائحة المسك ، فنزّه الله خمر الجنة عن ما يعيب خمر الدنيا. فهو لا يذهب العقل كما ان رائحته ليست خبيثة
ثم قال تعالى (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) ولا شك أن هذا النعيم هو الذي يستحق أن يكون فيه التنافس والتسابق إليه .
وأما ختام السورة (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ*. وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُون)
يغمزون أعينهم بذكر عيوب الذين آمنوا ثم لا يكتفون بهذا وإنما إذا رجعوا إلى أهلهم إلى منتدياتهم إلى أقوامهم إلى أصحابهم بدأوا يذكرون معايب أولئك.
( وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين ) وهذا من أعظم ما يكون من الاغترار، أنهم جمعوا بين غاية الإساءة والأمن في الدنيا، فينقلبون إلى أهليهم سعداء مسرورين بما يفعلون ، وقد حكموا لأنفسهم أنهم أهل الهدى، وأن المؤمنين ضالون، افتراء على الله، (وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ)
( فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )
فإن أهل الإيمان الأبرار أهل الجنة إذا أخذوا أماكنهم، إذا قعدوا على سُررهم، إذا دخلوا غرفهم وقصورهم في الجنة يعرض الله عز وجل لهم هؤلاء المجرمين والكافرين في مصائرهم فماذا يصنع بهم هؤلاء المؤمنون؟ يضحكون منهم كما ضحكوا منهم في الدنيا.
ثم يقول (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) يعني هل جُوزي هؤلاء الكفار في الآخرة جزاء ما فعلوه بالمؤمنين في الدنيا ؟ لا شك أن الجواب نعم.
اللهم اجعلنا في ذلك اليوم من الأبرار الفائزين
منقول بتصرّف