- 3 ديسمبر 2020
- 355
- 154
- 43
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
- علم البلد
رسالة سورة العصر
ترسم حدود منهج كامل للحياة البشرية، كما يريدها خالق البشرية، فعلى امتداد الزمان في جميع العصور، وعلى امتداد المكان في جمع الدهور، ليس أمام الإنسان إلا منهجٌ واحدٌ رابح وطريق واحد سالك، إلى جنة الخلد، وكل ما وراء ذلك، ضياعٌ وخسارةٌ وشقاء.
﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [سورة العصر:1-2].
لقد أقسم الله جل جلاله بمطلق الزمن: العصر، للإنسان الذي هو في حقيقته، زمن، فهو بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، وما من يوم ينشق فجره، إلا وينادي يا بن آدم، أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني لا أعود إلى يوم القيامة.
أهمية السورة
لقد علم سلفنا الصالح ما لهذه السورة من الأهمية البالغة حتى كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر ثمً يسلِّم أحدهما على الآخر ، وقال الشافعي : « لو لم ينزل غير هذه السورة لكفت الناس » .ومن تأمل في هذه السورة وجد فيها مقومات المجتمع المتكامل الذي قوامه الفضائل المثلى والقيم الفضلى .
الصفات المنجية من الخسران
1 - الإيمان بما أمر الله به ، ولا يكون الإيمان بدون العلم ؛ فهو فرع عنه ولا يتم إلا به .
2 - والعمل الصالح : وهذا شامل لأفعال الخير كلها الظاهرة والباطنة المتعلقة بحقوق الله وحقوق عباده الواجبة والمستحبة . والعمل الصالح هو الثمرة الطبيعية للإيمان، فالايمان حركة وعمل وبناء وتعمير يتجه إلى الله ، إنه ليس انكماشاً وسلبية وانزواءاً عن الآخرين ، وليس مجرد النوايا الطبيعية التي لا تتمثل في حركة ، وهذه طبيعة الإسلام البارزة التي تجعل منه قوة بناء كبرى في صميم الحياة
3- والتواصي بالحق الذي هو الإيمان والعمل الصالح أي : يوصي بعضهم بعضاً بذلك ، ويحثُّه عليه ، ويرغِّبه فيه . والتواصي بالحق ضرورة ؛ فالنهوض بالحق عسير والمعوقات عن الحق كثيرة : هوى النفس ، ومنطق المصلحة ، وتصورات البيئة ، وطغيان الطغاة ، وظلم الظلمة ، وجور الجائرين .
4 - والتواصي بالصبر على طاعة الله ، وعن معصية الله ، وعلى أقدار الله المؤلمة . وفي جعل التواصي بالصبر قريناً للتواصي بالحق دليل على عظيم قَدْره ،وفخامة شرفه ، ومزيد ثواب الصابرين
فبالأمرين الأوَّلين يكمِّل العبد نفسه ، وبالأمرين الأخيرين يكمِّل غيره ،وبتكميل الأمور الأربعة يكون العبد قد سلم من الخسار وفاز بالربح العظيم .
ولأن بالتواصي بالحق : إقامة الحق والاستقامة على الطريق المستقيم ، وبالتواصي بالصبر يستطيعون مواصلة سيرهم على هذا الصراط ويتخطون كل عقبات تواجههم ، وهذا من أسباب النجاة للمجتمع المسلم .
هذا والله أعلم
منقول بتصرّف