- 3 ديسمبر 2020
- 372
- 165
- 43
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
- علم البلد
-
مقدمة
سورة التكويرتتحدث في مطلعها عما يجري في الكون قبيل يوم القيامة ، وما سيصيب هذا الكون المتقن من خلل واضطراب كتكوير الشمس وتساقط النجوم وتسجير البحار ؟ وهذا الأسلوب في الحقيقة يهز مشاعر الشخص المخاطَب يلفت النظر إلى المعنى المراد ثم يلقي الفكرة التي يريدها فتكون مؤثرة في نفس القارئ، وهذا ما كان في هذه السورة .
موضوع السورة
وأما موضوع سورة التكوير فهناك مقطعان : المقطع الأول : عرض أهوال يوم القيامة والمقطع الثاني الحديث عن الوحي المنزّلمطلع السورة
ذكرت الآيات هنا اِثني عشر حدثاً من أحداث يوم القيامة ، ستٌة منها في الدنيا قبل زوالها وستٌة منها بعد القيامة والبعث والحساب.
أما الستة التي في الدنيا قبل زوالها : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6))
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ) والتكوير: جمع الشيء بعضه إلى بعض ولفّه كما تكوّر العمامة على الرأس، والشمس كتلة عظيمة كبيرة واسعة في يوم القيامة يكورها الله عز وجل فيلفها جميعاً ويطوي بعضها على بعض فيذهب نورها .
(وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) يعني تساقطت ، (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ) تصيرهباءً يوم القيامة ، (وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ) العشار جمع عشراء، وهي الناقة الحامل التي تم لحملها عشرة أشهر وهي من أنفس الأموال عند العرب، وتجد صاحبها يرقبها ويلاحظها، ويعتني بها لكنه في الآخرة لا يلتفت إليها؛ لأن الإنسان في شأن عظيم ينسيه كل شيء .
(وإذا الوحوش حشرت) والمراد بها جميع الدواب، ثم تصير ترابا
(وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) إذا كان يوم القيامة فإنها تُسجر، أي توقد فتصير ناراً.
وأما الستة التي تكون في يوم القيامة ، {وإذا النفوس زوجت} يعني يُضم كل صنف إلى صنفه؛ فأهل الخير إلى أهل الخير، وأهل الشر إلى أهل الشر، وهذه الأمة يضم بعضها إلى بعض
(وإذا الموءودة سُئلت * بأي ذنب قُتلت) الموءودة هي الأنثى تدفن حية، وذلك كان في الجاهلية خشية العار أو الفقر و تُسأل توبيخاً للذي وأدها، لأنها تُسأل أمامه
(وإذا الصحف نشرت) وهي صحائف الأعمال.
(وإذا السماء كشطت) تكشط يعني تُزال عن مكانها كما يكشط الجلد عند سلخ البعير عن اللحم
(وإذا الجحيم سعرت) الجحيم هي النار. وسميت بذلك لبعد قعرها وظلمتها . و تُسعر : أي توقد.
(وإذا الجنة أزلفت ) يعني قُرِّبت وزُيِّنت للمؤمنين
ثم قال تعالى مبينا النهاية التي ينتهي إليها الجميع من الحساب (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ).
الوحي المنزل
ثم يأتي المقطع الثاني من السورة والذي يتحدث عن الوحي والقرآن فيبدأ بالقسم ( فلا أقسم بالخنس ) وهي النجوم التي تخنس، تختفي بالنهار وتظهر بالليل .
و( الجوار الكنّس ) والكنس هي التي تكنس أي تدخل في مغيبها ،
( والليل إذا عسعس. والصبح إذا تنفس ) عسعس يعني أظلمَ، أقبلَ بظلامه ، ويأتي بمعنى أدبر أيضا ، فيكون الله أقسم بالليل حال إدباره ، وبالنهار حال إقباله .
فهذه المخلوقات العظيمة يقسم الله بها لعظم المقسم عليه وهو قوله: {إنه لقول رسول كريم} {إنه} أي القرآن . {لقول رسول كريم} أي جبريل عليه الصلاة والسلام، ووصفه الله بالكرم لحسن منظره ،
{ذي قوة عند ذي العرش مكين} {ذي قوة} وصفه الله تعالى بالقوة العظيمة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلّم رآه على صورته التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح قد سدّ الأفق كله من عظمته عليه الصلاة والسلام .
ومكين : أي ذو مكانة وشرف، ولهذا خصه الله بأكبر النعم التي أنعم بها على عباده، وهو الوحي .
(مطاع ) أي تطيعه الملائكة ثمَّ هو أمين على ما كُلف به.
(وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ) نفي الجنون عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وأن هذا الوحي لا صلة له بالشياطين
ثم يقول (وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) محمد رأى جبريل بالأفق المبين وما تدل حوادث السيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل على صورته الحقيقية مرتين ، مرة في بدايات الوحي والرسالة ومرة عندما أسري به إلى سدرة المنتهى رآه على صورته له ستمئة جناح وقد سد بجناحيه ما بين المشرق والمغرب
(وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) أنك فسرت ضنين هنا فهو ليس متهماً في التلقي وليس هو شاكٌّ في ما يتلقاه أنه حقّ .
قوله تعالى : {وما هو بقول شيطان رجيم} أي ليس القرءان بقول أحد من الشياطين، وهم الكهنة الذين توحي إليهم الشياطين الوحي ويكذبون معه ويخبرون الناس فيظنونهم صادقين.
ذكر للعالمين
(فأين تذهبون. إن هو إلا ذكر للعالمين} ذكر يشمل التذكير والتذكّر، فهو تذكير للعالمين أي أنهم يتذكرون به ويتعظون به (
( لمن شاء منكم أن يستقيم ) وأما من لا يشاء الاستقامة فإنه لا يتذكر بهذا القرآن
(وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) رب العالمين هو الذي خلق هذا الكون وهو الذي أنزل عليكم هذا القرآن الكريم وليس لكم من الأمر شيء هو الذي أوجد الكون هو الذي هيأ مقومات هذا الكون وإذا شاء سحب هذه المقومات ودمّر هذا الكون فهو الذي (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) وهكذا تتعلق السورة بقضية الربوبية في بدايتها وخاتمتها.
منقول بتصرّف