إعلانات المنتدى


التفكّر في مصير الأمم المعذّبة " سورة الفيل أنموذجا "

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
372
165
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
سورة الفيل على قصر آياتها تؤسس منهجاً عظيماً لتدبر آيات مصير الأمم المكذبة والمعاندة، وعند تأمل هذه السورة التي تتحدث عن عذاب أصحاب الفيل نجد القرآن الكريم قد ذكر الأسس العظيمة للتدبر في مثل هذه القصص والتي يمكن ذكرها كما يلي:.

أولاً: تشير هذه السورة إلى ضرورة إعمال الخيال والفكر والرؤية القلبية للأحداث، فعند قراءة آية عذاب، ينبغي للقارئ فتح المجال للعقل لتصور ذلك المصير الذي آل إليه المكذبون والمعاندون، والآية صريحة في هذا حيث يقول جل في علاه: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ والرؤية هنا رؤية القلب والفكر لا رؤية البصر، ترسم صورة قرآنية للعذاب والنوع الذي عُذِّبوا به، فتأمل ذلك النوع في جميع قصص الأمم السالفة.
ثانياً: تأمل فعل الله تعالى بهم، وكيف بدل الله حالهم، وكيف ساقهم لذلك المصير المؤلم حيث أصبحوا جثثاً هامدة لا حراك فيها، وكيف سعوا بأنفسهم نحو ذلك المصير، وتأمل كلمة ( ربّك ) في قوله ﴿ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ﴾ الرب سبحانه وتعالى القادر وحده على ذلك الفعل، في كلِّ قصة للظالمين.
ثالثاً: تحقير جميع القوى المادية التي يتخذها أعداء الله، فهي لا شيءَ أمام قدرة الله تعالى وعظمته وكبريائه وجبروته وربوبيته، وتأمل كيف نسبهم الله إلى قواهم فقال: ﴿أَصْحَابِ الْفِيلِ﴾، في مقابل عظمة قول الله تعالى: ﴿رَبُّكَ﴾ ، كل تلك القوى التي يتكل عليها أولئك، كيف تصبح أمام قوة الله ونصره هشيماً ورميماً تذروه الرياح، كيف تصبح تلك البيوت والقرى خاوية على عروشها، وكيف يصبح القوم صرعى ، حين يحل غضب الله ولعنته ومقته بهم، تأمل تلك القدرة الإلهية العظيمة التي يحاول هؤلاء عبثاً أن يقفوا أمامها كما جاء أولئك بأفيالهم فكانت كعصف مأكول!.
رابعاً: التفكر كيف تركهم الله يخططون ويدبرون ويتآمرون وينفقون من أموالهم وأوقاتهم، ليكون ذلك كله حسرة ووبالاً عليهم، فهم يخططون ويمكرون لقهر أولياء الله؛ ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2)﴾، فتكون تلك الخطط موصلة لقهرهم هم ووبالاً عليهم وان ذلك الكيد مهما كان عظيما لن يفلح في حجب الحق والانتصار عليه .

خامساً: تَأَمُّلُ آلة العذاب التي قهر الله أولئك الأقوام وعذبهم بها، وتقليب الذهن تفكراً وتأملاً في الطريقة التي أحال الله حالهم من العزة الظاهرة على مسرح الحياة بين أقوامهم وأتباعهم، إلى منظر بئيس يشفي صدور قومٍ مؤمنين. انظر هنا إلى ضخامة أجساد الفيلة التي جاءوا على ظهورها، كيف دمرها الله بطير جاءتهم من علوٍّ تقذفهم بحجارة خُلقتْ لعذابهم وإهلاكهم: ﴿ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) ﴾، تأمل كيف جاء الأمر إلى تلك الطيور فانطلقت جماعات متتابعة لإهلاكهم وفنائهم، فذهبوا كأمس الذاهب..

سادساً: هي تأمل النهاية التي تُختم بها كل تلك القصص من مصير الظالمين ونجاة المؤمنين بفضل الله سبحانه وتعالى، في كل تلك المشاهد ترى في الختام نجاة المؤمنين و فلاحهم في الدنيا أو الآخرة، وهلاك الكافرين والمنافقين، وتأمل هنا في هذه السورة كيف أصبح الحال بعد الكِبْر والفخر والخيلاء، إلى ما يشبه روث الدوابِّ التي تأكله فتلقيه، تقطعت أوصالهم كما تقطع هذا الزرع بعد أكله وتفرقه، ﴿ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5) ﴾ ،

ومن فوائد هذه القصة :

  • خلد الله سبحانه وتعالى حادثة الفيل كونها تحمل مكرمة – حماية البيت – تمهيدا لمكرمة أكبر، ألا وهي مكرمة بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومكرمة نزول القرآن الكريم بعد ذلك، فقد أخبرت السير أن حادثة الفيل كانت في العام الذي ولد فيه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ولكأن الله سبحانه هيأ المنزل بحدث جليل إكراما للنازل الضيف الجليل، محمد صلى الله عليه وسلم. فجلالة الحدث كان إيذانا بجلالة ما سيحدث.
  • كما إن السورة الكريمة فيها مزيد بشارة للرسول صلى الله عليه وسلم في أنه مربىً بعين الله؛ وما عليه إلا أن يقوم بالواجب الذي عليه من تبليغ الدين، والحفظ مكفول له من الله، ولذلك جاءت اللفظة ﴿.. رَبُّكَ ..﴾، في إشارة أن من يربِّك قادر على حمايتك كما حما بيته من قبل، ومن يكيد لك كيدا سوف يرد كيده عليه، وقد كان الأمر كما قال سبحانه لنبيه في قابل الأيام والسنين،
  • وأخيرا ان هناك صنفا من الناس لا يؤمنون ولو رأوا الآيات البينات والمعجزات الخالدات ، فها هم كفار قريش لما حمى الله كعبتهم وعلموا أن أصنامهم وأوثانهم لم تنفعهم شيئا ، لم يؤمنوا بدعوة محمد الذي دعاهم لعبادة الله الذي حمى كعبتهم وصار لهم بعد هذه الحادثة هيبة ومكانة عند العرب وسائر الناس
منقول بتصرّف
 
التعديل الأخير:
  • أعجبني
التفاعلات: سعــــــود

سعــــــود

مشرف ركن مزامير جزيرة العرب والحرمين الشريفين
المشرفون
2 يونيو 2008
6,977
1,574
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
جزيت خيرًا ودمت مباركًا
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع