إعلانات المنتدى


تأملات في سورة " الهمزة "

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
355
154
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
هذه السورة المكية جاءت في علاج مشكلة خلقية مستعصية بين الناس وهي الطعن في الآخرين بالغيبة أثناء غيابهم، أو بالعيب حال حضورهم. وقد بدأت بالإخبار عن العذاب الشديد لكل عيّاب طعّان للناس، ينتقص الآخرين ويزدريهم ويسخر بهم: “ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ “

ثم ذمّت السورة الذين يحصرون على جمع الأموال في الدنيا، كأنهم مخلدون فيها: “الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ “ ... وختمت بردع الفريقين السابقين، وأنبأتهم بمصيرهم الأسود وهو النبذ في الحطمة: نار جهنم.

قال تعالى :" وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ "

وردت في السورة الألفاظ التالية: هُمزة، لُمزة وحُطمة على وزن فُعَلة وهي من صيغ المبالغة وتستخدم للدلالة على أن الصفات المذكورة تلبّست بالإنسان وصارت جزءاً من شخصيته

. وكما ورد في معاجم اللغة أن هُمَزة صيغة مبالغة من همَزَ، وهمّاز أي عيّاب طعّان في أعراض النَّاس، كثير الاغتياب" {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ }

أما الحُطَمة: فهي النار الشديدة التي تحطم كل ما يوضع فيها ، ولم يرد في غير هذه السورة هذا الوصف للنار ، ولعل ذلك لمناسبة هذا الاسم مع فعل الهماز واللماز ، . فكما كان يحطّم كرامات الناس بهمزهم ولمزهم لهم دون أن يردعه رادع ، فكذلك سيحطم في نار جهنم .

ثم وصف الله تعالى النار التي سيعذّب فيها من يرتكب هذه الذنوب الفظيعة بأوصاف قوية شديدة تخيف القلب الغافل وتهزّه هزّاً لعله يتعظّ فجاء أوصاف هذه النار كما يلي :

نار الله: إضافة (نار) إلى اسم الجلالة للترويع بها بأنها نار خلقها القادر على خلق الأمور العظيمة

الموقدة: أي لا تزال تلتهب ولا يزول لهيبها. فكما أن اللهمّازين اللّمازين لا ينفكون عن همز ولمز غيرهم فكذلك النار التي سيعذبهم الله بها لا ينفك لهيبها ولا يزول أبداً، فهي متّقدة أبدا لا تخبو ولا تنطفئ.

التي تطلع على الأفئدة: أي التي تنفذ إلى الأفئدة فتحرقها في وقت حرق سائر الجسد . أو التي يصل حرّها وسعيرها إلى أفئدتهم وقلوبهم لأن الأعمال المذكورة في هذه السورة أعمال قلبية فأوّلها هُمزة لُمُزة يهمز الناس ويلمزهم لأنه يسخر منهم ويحتقرهم فهذا عمل قلبي .

ثم قال تعالى : (جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ) و(يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ) هذا حرصٌ منه وشراهةٌ على الدنيا التي قد وقعت في قلبه ، فهو سيجزى عليها بأن تأتي نارٌ فتدخل جوفه فتُحرق مكان ذلك الحب وذلك الحرص وذلك الكبر وذلك الحقران والسخرية من الناس

إنها عليهم مؤصدة: يعني ملازمة العذاب واليأس من الإفلات منه، كحال المساجين الذين أغلق عليهم باب السجن، تمثيل تقريب لشدة العذاب بما هو متعارف في أحوال الناس، وحال عذاب جهنم أشد مما يبلغه تصور العقول المعتاد

في عمد ممددة: إما أنهم موثقين في عُمد كما يوثق السجين المغلّظ عليه أو أن النار الموقدة هي في عُمُد كما تكون نار الشواء. والممددة أي المجعولة طويلة جداً مبالغة في المدّ. وكل هذه الأوصاف تقوية لتمثيل شدة الإغلاظ عليهم.وهم في هذا العذاب .

نعوذ بالله من النار ومن حال أهل النار
منقول بتصرّف
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع