- 6 فبراير 2007
- 6,560
- 11
- 0
- الجنس
- أنثى
خطبة لشيخي الشيخ عبدالباري الثبيتي حفظه الله لاتنسوني وشيخي من الدعاء
الخطبة الأولى:
الحمد الله الذي كرم المرأة بمنهج قويم وهدانا للصراط المستقيم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحي العظام وهي رميم وهو بكل خلق عليم ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله بالمؤمنين رؤف رحيم ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل صلاة وأزكى تسليم أما بعد ،،،
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل قال تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)(البقرة: من الآية 197) نالت المرأة في ظل الإسلام كرامة لا تجارى ، وبلغت بشرائعه شأنا عظيما ، أقر لها الإسلام منزلة عالية فهي أم لها حق البر والإحسان ، وهي زوجة لها حق المعاشرة بالمعروف ، وهي ابنة لها حق التربية والنفقة ، هي إنسان كالرجل قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى)(الحجرات:من الآية 13) ، حفظ الإسلام عرض المرأة وشرفها وحذر من المساس به بل من تدنيسه قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور:4) ، أعلى الإسلام مقام ولادة الأنثى ووعد بالأجر الجزيل على من أحسن تربيتهن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه) أخرجه مسلم.
وفي حجة الوداع ذلك التجمع الإسلامي الكبير أرسى رسول الهدى صلى الله عليه وسلم في وصيته الخالدة حقوق المرأة فقال: (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله) أخرجه أبو داود.
المرأة في الإسلام أول قلب آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد ، وهي أول شهيدة قدمت دمها وحياتها في سبيل الله سمية أم عمار بن ياسر ، وهي أسماء بنت ابي بكر ذات النطاقين ، وهي أم سليم سهلة عرض عليها زوجها قبل ان يسلم ذهبا وفضة فقالت له: (لا أريد صفراء ولا بيضاء يكفيني إسلامك مهرا) ، والمرأة هي أم سلمة التي أنقذت الموقف في صلح الحديبية برأي سديد ومشورة حكيمة ، والمرأة في الإسلام هي الزاهدة والعالمة المربية للأجيال صانعة التاريخ رضي الله عنهن أجمعين.
أرسى الإسلام حقوق المرأة التي لا تخفى على أساس الدين والفضيلة والخلق القويم فعز مقامها وعلت منزلتها ، وحق للمرأة المسلمة أن تشعر بالعزة لجلال التشريع الرباني الذي منحها حقوقها منذ أربعة عشر قرنا بلغت به مرتبة عفاف وطهر لا تبارى ولا تجارى ، قال الله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(البقرة: من الآية 228).
غفت الأمة الإسلامية دهرا من الزمن وغطت في سبات عميق فلما أفاقت من رقدتها بدأت تتلمس الطريق مالذي جعلها تتأخر عن ركب الحضارة ، خدعت بعض الأقلام بزخرف الحضارة المادية فظن أن محور التقدم ومفتاح الحضارة تحرير المرأة ، وقد تلحظ في لحن القول من يزعم أن حقوق المرأة مرتبط بتحررها من الدين شأن الضعيف المغرور.
الحضارة المادية المعاصرة المزعومة أدخلت المرأة المجتمع بطريقة مريبة ، فبدلا من أن تحصن أنوثتها ضد العبث تعمدت إطلاق الجانب الحيواني في البشر وجعلت من أنوثة المرأة الفتنة تبعثر الإثم في كل مكان ، أخرجوها من البيت باسم الحرية والتحرر خلعوا عنها حجابها وكشفوا عن موطن الزينة والفتنة فيها ، تركوها تختلط بل أرغموها على الاختلاط بالرجال والخلوة بهم فقضوا بذلك على عفتها وكرامتها وحياءها باسم الحرية والتحرر ، وقضوا على رسالتها الأساسية في المجتمع وهي الزوجية والأمومة ، أخذوا منها كل شيء باسم الحرية ولم يعطوها إلا أقل القليل.
المرأة في الحضارة المزعومة تتألم وتأن ، فمع تحملها ظلم الرجل وصعوبة الحياة تحمل على أكتافها طفلا حرم حنان الأبوة ثم هي تستغل في الدعاية للسلع والمنتوجات ، فهي تعيش حرية جوفاء لا مضمون لها ولا ضابط يحفظ حدودها ، حرية يفسرها كل قوم حسب أهوائهم.
أما الحرية في الإسلام فهي مستمدة من العبودية المطلقة لله وحده ، وإذا استشعر إنسان هذه العبودية تحرر من كل عبودية سواها ، حرية قاعدتها طاعة الزوج والولي وإقرار بمشروعية قوامته ، حرية تجعل المرأة تتدفق حياء وتشرق طهرا ، حرية ميدانها الفسيح اللبنة الأساس في المجتمع الأسرة ، ترعى شؤونها تربي صغارها تفيض عليها سكينة ومودة ورحمة ، السياج الآمن للحرية حجاب شرعي يستر مفاتن المرأة ويقضي على مسالم الشيطان في النفس والمجتمع ، أما التحرير المزعوم الذي ترسمه أهواء البشر للمرأة فهو مسخ لها ومسخ للرجل ومسخ للمجتمع ومسخ للأجيال قال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(الأحزاب: من الآية 33).
ينادي دعاة تحرير المرأة بالمساواة بين الرجل والمرأة ، يوهمون المرأة بأن ذلك من حقوقها وتكريم لها ، والحقيقة أنه ظلما لها وعدوان على حقوقها وقد أثبتت البحوث العلمية أن المرأة تختلف عن الرجل في بنائها الجسدي وتكوينها الجسماني ، هكذا أبدعها بارئها بما يلائم وظيفتها الفطرية وطبيعتها الأنثوية قال تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى)(آل عمران: من الآية 36) ، وبمساواتهم المرأة بالرجل في الأعباء والحقوق حملوها أكثر مما حملوا الرجل ، فمع ما خصصت له المرأة من الحمل والولادة والإرضاع وتربية الأطفال ، ومع ما تتعرض له في حياتها وما تعانيه من آلام الحيض والحمل والولادة ، ومع قيامها على تنشئة أطفالها ورعاية البيت والأسرة ، مع تحملها لهذا كله يحملونها زيادة على ذلك مثل ما يحمل الرجل ، فكيف تحمل إلتزاماتها الفطرية ثم تخرج من البيت كالرجل لتعاني مشقة الكسب ، وتكون معه على قدم المساواة في القيام بأعمال الصناعة والمهن والتجارة والأمن ، وهل ينتظر منها أن تساوي الرجل في الإنتاج ، لقد أقحمت الحضارة المادية المزعومة أقحمت المرأة بسبب هذه الدعاوى التي لم تبنى على أسس شرعية أو علمية في مجالات العمل المختلفة المتناقضة في خصائصها ، فقضوا بذلك على أنوثتها وعلى الأسرة والبيت ، للمرأة أن تعمل في وظائف مناسبة وفي ظروف خاصة لكن على أساس أن عملها الجليل العتيق أن تكون ربة بيت وسيدة أسرة ، وأن يكون جو العمل نقيا.
وظيفة المرأة في الإسلام أكبر وأعظم وأجل وأسمى ، إن إقفار البيوت من النساء ليزاحمن الرجال في أعمالهم هو إضرار بالرجال وتقليل لفرص عملهم ، ولا ربح هناك إلا إنهيار روابط الأسرة والسماح بالفوضى الخلقية ، إن بناء الإنسان الصالح الذي يحمل قيما ومبادئ وأخلاقا ومثلا لا يتحقق إذا دمرت الأسرة ، إذا لمن تكون وظيفة ربة البيت إن هذه الوظيفة من أرقى الأعمال لو عقلنا ، إن المرأة التي تقدم للمجتمع أبناء أقوياء متعلمين على خلق ودين خير من التي تدير آلة وتحضر نتاجاً علمياً ، ولا تتمكن الخادمة ولا مربية الأولاد الموظفة في دور الحضانة أن تقوم بالمهمات التربوية التي تقوم بها الأم بحنانها وعطفها وإخلاصها وصدقها ، يؤدي عمل المرأة في أعمال الرجال إلى انتشار البطالة في صفوف الرجال ومزاحمتهم في ميدان النشاط الخاص بهم ، وهم يتتطلعون إلى تحمل مسؤلياتهم في الحياة وقد ركب الله في المرأة ميزات فطرية أخرى تؤهلها للقيام بما خلقت من أجله ، وهي الأمومة ورعاية البيت وشؤونه الداخلية قال الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)(النساء: من الآية 34) ، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد الله الذي من علينا بنعمة الإسلام أحمده سبحانه وأشكره على نعم ترادفت على التمام ، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مدبر الأمر في الأرض وفي السماء وللأنام ، واشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله عرج به حتى سمع صرير الأقلام ، صلى الله عليه وعلى صحبه عدد حبات المطر التي تتساقط من الغمام أما بعد،
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تبارك وتعالى قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب:70-71).
الشرع الحنيف حصن حصين للمرأة وخير مكين لها في ظله سعادتها وفي نهجه نجاتها ، وقد أحسن الشورى صنعاً في مسألة قيادة المرأة للسيارة ، حين أذعن لحكم الشرع واستجاب لصوت العقل المتجرد من الهوى في موقف تاريخي يسجل لرجال هذه البلاد أساسه وأسه احترام قول العلماء ، الذين هم سياج الأمن وبهم حياتها ، العلماء أقدر على تقدير المصالح والمفاسد في النوازل والمستجدات وهذا من سمات المجتمع المسلم الذي لا يصادم الشرع ويسير وفق فتوى العلماء قال الله تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (النور:51).
ألا وصلوا عباد الله على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) ، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض الله عن الخلفاء الأربعة الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الآل والصحب الكرام وعنا معهم بعفوك وكرمك واحسانك يا أرحم الراحمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر اللهم أعدائك أعداء الدين ، واجعل اللهم هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أمتنا وولاة أمورنا ووفق أمامنا وولي أمرنا إلى ما تحب وترضى ، اللهم وفقه في هداك واجعل عمله في رضاك يا رب العالمين ، اللهم وفق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم شرعك يا رب العالمين ، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ، اللهم أعنا ولا تعن علينا وانصرنا ولا تنصر علينا وامكر لنا ولا تمكر علينا واهدنا ويسر الهدى لنا وانصرنا على من بغى علينا ، اللهم اجعلنا لك ذاكرين لك شاكرين لك أواهين لك منيبين ، اللهم تقبل توبتنا واغسل حوبتنا وثبت حجتنا وسدد ألسنتنا واستر سخيمة قلوبنا ، اللهم إنا نسألك الجنة ونعيمها وما قرب إليها من قول أو عمل ، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل ، اللهم إنا نسألك رضوانك والجنة ونعوذ بك من سخطك ومن النار ، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين ، اللهم اغفر لجميع موتى المسلمين يا رب العالمين ، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين ، اللهم من أراد هذه البلاد بسوء فأشغله في نفسه واجعل تدبيره تدميره ياسميع الدعاء ، اللهم احفظنا يارب العالمين بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تشمت بنا الأعداء ولا تجعلنا مع القوم الظالمين ، اللهم احفظ إخواننا المسلمين في العراق واحفظ إخواننا المسلمين في فلسطين واحفظ إخواننا المسلمين في كل مكان يا رب العالمين ، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين ، اللهم انصر من نصر الدين واخذل اللهم من خذل الإسلام والمسلمين يا رب العالمين ، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
الخطبة الأولى:
الحمد الله الذي كرم المرأة بمنهج قويم وهدانا للصراط المستقيم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحي العظام وهي رميم وهو بكل خلق عليم ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله بالمؤمنين رؤف رحيم ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل صلاة وأزكى تسليم أما بعد ،،،
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل قال تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)(البقرة: من الآية 197) نالت المرأة في ظل الإسلام كرامة لا تجارى ، وبلغت بشرائعه شأنا عظيما ، أقر لها الإسلام منزلة عالية فهي أم لها حق البر والإحسان ، وهي زوجة لها حق المعاشرة بالمعروف ، وهي ابنة لها حق التربية والنفقة ، هي إنسان كالرجل قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى)(الحجرات:من الآية 13) ، حفظ الإسلام عرض المرأة وشرفها وحذر من المساس به بل من تدنيسه قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور:4) ، أعلى الإسلام مقام ولادة الأنثى ووعد بالأجر الجزيل على من أحسن تربيتهن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه) أخرجه مسلم.
وفي حجة الوداع ذلك التجمع الإسلامي الكبير أرسى رسول الهدى صلى الله عليه وسلم في وصيته الخالدة حقوق المرأة فقال: (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله) أخرجه أبو داود.
المرأة في الإسلام أول قلب آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد ، وهي أول شهيدة قدمت دمها وحياتها في سبيل الله سمية أم عمار بن ياسر ، وهي أسماء بنت ابي بكر ذات النطاقين ، وهي أم سليم سهلة عرض عليها زوجها قبل ان يسلم ذهبا وفضة فقالت له: (لا أريد صفراء ولا بيضاء يكفيني إسلامك مهرا) ، والمرأة هي أم سلمة التي أنقذت الموقف في صلح الحديبية برأي سديد ومشورة حكيمة ، والمرأة في الإسلام هي الزاهدة والعالمة المربية للأجيال صانعة التاريخ رضي الله عنهن أجمعين.
أرسى الإسلام حقوق المرأة التي لا تخفى على أساس الدين والفضيلة والخلق القويم فعز مقامها وعلت منزلتها ، وحق للمرأة المسلمة أن تشعر بالعزة لجلال التشريع الرباني الذي منحها حقوقها منذ أربعة عشر قرنا بلغت به مرتبة عفاف وطهر لا تبارى ولا تجارى ، قال الله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(البقرة: من الآية 228).
غفت الأمة الإسلامية دهرا من الزمن وغطت في سبات عميق فلما أفاقت من رقدتها بدأت تتلمس الطريق مالذي جعلها تتأخر عن ركب الحضارة ، خدعت بعض الأقلام بزخرف الحضارة المادية فظن أن محور التقدم ومفتاح الحضارة تحرير المرأة ، وقد تلحظ في لحن القول من يزعم أن حقوق المرأة مرتبط بتحررها من الدين شأن الضعيف المغرور.
الحضارة المادية المعاصرة المزعومة أدخلت المرأة المجتمع بطريقة مريبة ، فبدلا من أن تحصن أنوثتها ضد العبث تعمدت إطلاق الجانب الحيواني في البشر وجعلت من أنوثة المرأة الفتنة تبعثر الإثم في كل مكان ، أخرجوها من البيت باسم الحرية والتحرر خلعوا عنها حجابها وكشفوا عن موطن الزينة والفتنة فيها ، تركوها تختلط بل أرغموها على الاختلاط بالرجال والخلوة بهم فقضوا بذلك على عفتها وكرامتها وحياءها باسم الحرية والتحرر ، وقضوا على رسالتها الأساسية في المجتمع وهي الزوجية والأمومة ، أخذوا منها كل شيء باسم الحرية ولم يعطوها إلا أقل القليل.
المرأة في الحضارة المزعومة تتألم وتأن ، فمع تحملها ظلم الرجل وصعوبة الحياة تحمل على أكتافها طفلا حرم حنان الأبوة ثم هي تستغل في الدعاية للسلع والمنتوجات ، فهي تعيش حرية جوفاء لا مضمون لها ولا ضابط يحفظ حدودها ، حرية يفسرها كل قوم حسب أهوائهم.
أما الحرية في الإسلام فهي مستمدة من العبودية المطلقة لله وحده ، وإذا استشعر إنسان هذه العبودية تحرر من كل عبودية سواها ، حرية قاعدتها طاعة الزوج والولي وإقرار بمشروعية قوامته ، حرية تجعل المرأة تتدفق حياء وتشرق طهرا ، حرية ميدانها الفسيح اللبنة الأساس في المجتمع الأسرة ، ترعى شؤونها تربي صغارها تفيض عليها سكينة ومودة ورحمة ، السياج الآمن للحرية حجاب شرعي يستر مفاتن المرأة ويقضي على مسالم الشيطان في النفس والمجتمع ، أما التحرير المزعوم الذي ترسمه أهواء البشر للمرأة فهو مسخ لها ومسخ للرجل ومسخ للمجتمع ومسخ للأجيال قال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(الأحزاب: من الآية 33).
ينادي دعاة تحرير المرأة بالمساواة بين الرجل والمرأة ، يوهمون المرأة بأن ذلك من حقوقها وتكريم لها ، والحقيقة أنه ظلما لها وعدوان على حقوقها وقد أثبتت البحوث العلمية أن المرأة تختلف عن الرجل في بنائها الجسدي وتكوينها الجسماني ، هكذا أبدعها بارئها بما يلائم وظيفتها الفطرية وطبيعتها الأنثوية قال تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى)(آل عمران: من الآية 36) ، وبمساواتهم المرأة بالرجل في الأعباء والحقوق حملوها أكثر مما حملوا الرجل ، فمع ما خصصت له المرأة من الحمل والولادة والإرضاع وتربية الأطفال ، ومع ما تتعرض له في حياتها وما تعانيه من آلام الحيض والحمل والولادة ، ومع قيامها على تنشئة أطفالها ورعاية البيت والأسرة ، مع تحملها لهذا كله يحملونها زيادة على ذلك مثل ما يحمل الرجل ، فكيف تحمل إلتزاماتها الفطرية ثم تخرج من البيت كالرجل لتعاني مشقة الكسب ، وتكون معه على قدم المساواة في القيام بأعمال الصناعة والمهن والتجارة والأمن ، وهل ينتظر منها أن تساوي الرجل في الإنتاج ، لقد أقحمت الحضارة المادية المزعومة أقحمت المرأة بسبب هذه الدعاوى التي لم تبنى على أسس شرعية أو علمية في مجالات العمل المختلفة المتناقضة في خصائصها ، فقضوا بذلك على أنوثتها وعلى الأسرة والبيت ، للمرأة أن تعمل في وظائف مناسبة وفي ظروف خاصة لكن على أساس أن عملها الجليل العتيق أن تكون ربة بيت وسيدة أسرة ، وأن يكون جو العمل نقيا.
وظيفة المرأة في الإسلام أكبر وأعظم وأجل وأسمى ، إن إقفار البيوت من النساء ليزاحمن الرجال في أعمالهم هو إضرار بالرجال وتقليل لفرص عملهم ، ولا ربح هناك إلا إنهيار روابط الأسرة والسماح بالفوضى الخلقية ، إن بناء الإنسان الصالح الذي يحمل قيما ومبادئ وأخلاقا ومثلا لا يتحقق إذا دمرت الأسرة ، إذا لمن تكون وظيفة ربة البيت إن هذه الوظيفة من أرقى الأعمال لو عقلنا ، إن المرأة التي تقدم للمجتمع أبناء أقوياء متعلمين على خلق ودين خير من التي تدير آلة وتحضر نتاجاً علمياً ، ولا تتمكن الخادمة ولا مربية الأولاد الموظفة في دور الحضانة أن تقوم بالمهمات التربوية التي تقوم بها الأم بحنانها وعطفها وإخلاصها وصدقها ، يؤدي عمل المرأة في أعمال الرجال إلى انتشار البطالة في صفوف الرجال ومزاحمتهم في ميدان النشاط الخاص بهم ، وهم يتتطلعون إلى تحمل مسؤلياتهم في الحياة وقد ركب الله في المرأة ميزات فطرية أخرى تؤهلها للقيام بما خلقت من أجله ، وهي الأمومة ورعاية البيت وشؤونه الداخلية قال الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)(النساء: من الآية 34) ، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد الله الذي من علينا بنعمة الإسلام أحمده سبحانه وأشكره على نعم ترادفت على التمام ، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مدبر الأمر في الأرض وفي السماء وللأنام ، واشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله عرج به حتى سمع صرير الأقلام ، صلى الله عليه وعلى صحبه عدد حبات المطر التي تتساقط من الغمام أما بعد،
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تبارك وتعالى قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب:70-71).
الشرع الحنيف حصن حصين للمرأة وخير مكين لها في ظله سعادتها وفي نهجه نجاتها ، وقد أحسن الشورى صنعاً في مسألة قيادة المرأة للسيارة ، حين أذعن لحكم الشرع واستجاب لصوت العقل المتجرد من الهوى في موقف تاريخي يسجل لرجال هذه البلاد أساسه وأسه احترام قول العلماء ، الذين هم سياج الأمن وبهم حياتها ، العلماء أقدر على تقدير المصالح والمفاسد في النوازل والمستجدات وهذا من سمات المجتمع المسلم الذي لا يصادم الشرع ويسير وفق فتوى العلماء قال الله تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (النور:51).
ألا وصلوا عباد الله على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) ، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض الله عن الخلفاء الأربعة الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الآل والصحب الكرام وعنا معهم بعفوك وكرمك واحسانك يا أرحم الراحمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر اللهم أعدائك أعداء الدين ، واجعل اللهم هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أمتنا وولاة أمورنا ووفق أمامنا وولي أمرنا إلى ما تحب وترضى ، اللهم وفقه في هداك واجعل عمله في رضاك يا رب العالمين ، اللهم وفق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم شرعك يا رب العالمين ، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ، اللهم أعنا ولا تعن علينا وانصرنا ولا تنصر علينا وامكر لنا ولا تمكر علينا واهدنا ويسر الهدى لنا وانصرنا على من بغى علينا ، اللهم اجعلنا لك ذاكرين لك شاكرين لك أواهين لك منيبين ، اللهم تقبل توبتنا واغسل حوبتنا وثبت حجتنا وسدد ألسنتنا واستر سخيمة قلوبنا ، اللهم إنا نسألك الجنة ونعيمها وما قرب إليها من قول أو عمل ، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل ، اللهم إنا نسألك رضوانك والجنة ونعوذ بك من سخطك ومن النار ، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين ، اللهم اغفر لجميع موتى المسلمين يا رب العالمين ، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين ، اللهم من أراد هذه البلاد بسوء فأشغله في نفسه واجعل تدبيره تدميره ياسميع الدعاء ، اللهم احفظنا يارب العالمين بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تشمت بنا الأعداء ولا تجعلنا مع القوم الظالمين ، اللهم احفظ إخواننا المسلمين في العراق واحفظ إخواننا المسلمين في فلسطين واحفظ إخواننا المسلمين في كل مكان يا رب العالمين ، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين ، اللهم انصر من نصر الدين واخذل اللهم من خذل الإسلام والمسلمين يا رب العالمين ، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.