إعلانات المنتدى


الوجيز في تأويل القرآن العزيز

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

امير الابداع

مزمار كرواني
25 يوليو 2007
2,393
23
38
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

احسن الله اليك اخي الكريم
 

وسام الإسافني

مشرف سابق
15 أكتوبر 2005
2,341
1
0
الجنس
ذكر
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

وفقك الله عز و جل
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

السلام عليكم
تأويل سورة القارعة
الرحمن الرحيم
: الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11) .
----------------------------------------------------------------
قال الطبري رحمه الله"
(يقول تعالى ذكره: ( الْقَارِعَةُ ) : الساعة التي يقرع قلوب الناس هولُها، وعظيم ما ينـزل بهم من البلاء عندها، وذلك صبيحة لا ليل بعدها. )

-------------------------
ثمّ قال رحمه الله "

(
وقوله: ( مَا الْقَارِعَةُ ) يقول تعالى ذكره معظما شأن القيامة والساعة التي يقرع العباد هولها: أيّ شيء القارعة، يعني بذلك: أيّ شيء الساعة التي يقرع الخلق هولها: أي ما أعظمها وأفظعها وأهولها.

----------------------------------

قال الطبري رحمه الله
وقوله: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وما أشعرك يا محمد أيّ شيء القارعة.
-------------------------------------------
قال الطبري رحمه الله

وقوله: ( يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ) يقول تعالى ذكره: القارعة يوم يكون الناس كالفراش، وهو الذي يتساقط في النار والسراج، ليس ببعوض ولا ذباب، ويعني بالمبثوث: المفرّق. )

-------------------------------
قال الطبري رحمه الله


وقوله: ( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ) يقول تعالى ذكره: ويوم تكون الجبال كالصوف المنفوش؛ والعِهْن: هو الألوان من الصوف.
--------------------------------------
(قال الطبري رحمه الله

وقوله: (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ) يقول: وأما من خفّ وزن حسناته، فمأواه ومسكنه الهاوية التي يهوي فيها على رأسه في جهنم. )
------------------------------
ثمّ قال"


وقوله: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ) يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وما أشعرك يا محمد ما الهاوية، ثم بَيَّن ما هي، فقال: ( نَارٌ حَامِيَةٌ ), يعني بالحامية: التي قد حميت من الوقود عليها.
-------------------------------------------------------------------------------------
انتهى تفسير السورة


------------------------------
المصدر
http://www.attaweel.net/vb/index.php
 

وسام الإسافني

مشرف سابق
15 أكتوبر 2005
2,341
1
0
الجنس
ذكر
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

واصل أخي الكريم , موفق بإذن الله
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

السلام عليكم

بارك الله بكم أخي المشرف على التشجيع--

______________________________________________________
[align=center]تأويل سورة العاديات[/align]-

-----------------------------------------------------------------------------------------------
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

# وَالۡعَادِيَاتِ ضَبۡحًا 1فَالۡمُورِيَاتِ قَدۡحًا 2فَالۡمُغِيرَاتِ صُبۡحًا 3فَأَثَرۡنَ بِهِ نَقۡعًا 4فَوَسَطۡنَ بِهِ جَمۡعًا 5إِنَّ الۡإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ 6وَإِنَّهُ عَلَى ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ 7وَإِنَّهُ لِحُبِّ الۡخَيۡرِ لَشَدِيدٌ 8أَفَلَا يَعۡلَمُ إِذَا بُعۡثِرَ مَا فِي الۡقُبُورِ 9وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ 10إِنَّ رَبَّهُم بِهِمۡ يَوۡمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ 11#-

----------------------------------------------------------------

قال الطبري رحمه الله"
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ) فقال بعضهم: عُني بالعاديات ضبحا: الخيل التي تعدو, وهي تحمحم.


------------------------------
ثمّ قال

وقال آخرون: هي الإبل.
-
-------------------------------------------

قال الطبري رحمه الله مرجّحا"

وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب: قول من قال: عني بالعاديات: الخيل, وذلك أن الإبل لا تضبح, وإنما تضبح الخيل, وقد أخبر الله تعالى أنها تعدو ضبحا, والضبح: هو ما قد ذكرنا قبل.

-----------------------------------
ثمّ قال
وقوله: ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا )
اختلف أهل التأويل, في ذلك, فقال بعضهم: هي الخيل توري النار بحوافرها.
----------------------------

وقال آخرون: بل معنى ذلك أن الخيل هجن الحرب بين أصحابهن وركبانهن.
وذكر أهل التأويل وأقوالهم
----------------------------
وقال آخرون: بل عني بذلك: الذين يورون النار بعد انصرافهم من الحرب.
وذكر أهل التأويل وأقوالهم
------------------------------------

وقال آخرون: بل معنى ذلك: مكر الرجال.

--------------------------------
وقال آخرون: هي الألسنة
_________________
وقال آخرون: هي الإبل حين تسير تنسف بمناسمها الحصى.
وذكر أهل التأويل وأقوالهم
------------------------------------
وقال مرجّحا "
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يقال: إن الله تعالى ذكره أقسم بالموريات التي توري النيران قدحا; فالخيل توري بحوافرها, والناس يورونها بالزند, واللسان - مثلا - يوري بالمنطق, والرجال يورون بالمكر - مثلا - , وكذلك الخيل تهيج الحرب بين أهلها: إذا التقت في الحرب، ولم يضع الله دلالة على أن المراد من ذلك بعض دون بعض فكل ما أورت النار قدحا, فداخلة فيما أقسم به, لعموم ذلك بالظاهر.


--------------------------------
قال الطبري رحمه الله"
وقوله: ( فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا )
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معنى ذلك: فالمغيرات صبحا على عدوّها علانية.
---------------------------------------
وقال--
وقال آخرون: عني بذلك الإبل حين تدفع بركبانها من " جمع " يوم النحر إلى " منى ".
وذكر أهل التأويل وأقوالهم
--------------------------
ثمّ قال مرجّحا"

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يقال: إن الله جل ثناؤه أقسم بالمغيرات صبحا, ولم يخصص^ من ذلك مغيرة دون مغيرة, فكل مغيرة صبحا, فداخلة فيما أقسم به ; وقد كان زيد بن أسلم يذكر تفسير هذه الأحرف ويأباها, ويقول: إنما هو قسم أقسم الله به.

-------------------------------------------------------------------------------
يتبع
------------------------------------------
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

(بسم الل)
----------------------------
قال الطبري رحمه الله-
وقوله: ( فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا ) يقول تعالى ذكره: فوسطن بركبانهن جمع القوم, يقال: وسطت القوم بالتخفيف, ووسطته بالتشديد, وتوسطته: بمعنى واحد.
--------------------------------------------

وقال آخرون: بل عني بذلك ( فَوَسَطْنَ بِهِ ) مزدلفة.
----------------------------
-------------------------------
ثمّ قال رحمه الله
وقوله: ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ )
يقول: إن الإنسان لكفور لنعم ربه. والأرض الكنود: التي لا تنبت شيئا, قال الأعشى:

أحْـدِثْ لَهَـا تُحْـدِثْ لِـوَصْلِكَ إنَّهـا


كُنُــدٌ لــوَصْلِ الزَّائِــرِ المُعْتـادِ


وقيل: إنما سميت كندة: لقطعها أباها.

---------------------------
قال الطبري رحمه الله
وقوله: ( وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ )
يقول تعالى ذكره: إن الله على كنوده ربه لشهيد: يعني لشاهد.
-----------------------------
ثمّ قال"
وقوله: ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) يقول تعالى ذكره: وإن الإنسان لحب المال لشديد.
واختلف أهل العربية في وجه وصفه بالشدة لحب المال, فقال بعض البصريين: معنى ذلك: وإنه من أجل حب الخير لشديد: أي لبخيل; قال: يقال للبخيل: شديد ومتشدد. واستشهدوا لقوله ذلك ببيت طرفة بن العبد البكري:

أرَى المَـوْتَ يَعْتـامُ النُّفُوسَ ويَصْطَفِي


عَقِيلَــةَ مــالِ البــاخِلِ المُتَشَـددِ


وقال آخرون: معناه: وإنه لحب الخير لقوي.
****************************************
قال الطبري رحمه الله

وقال بعض نحويي الكوفة: كان موضع ( لِحُبِّ ) أن يكون بعد شديد, وأن يضاف شديد إليه, فيكون الكلام: وإنه لشديد حب الخير; فلما تقدم الحب في الكلام, قيل: شديد, وحذف من آخره, لما جرى ذكره في أوله ولرءوس الآيات, قال: ومثله في سورة إبراهيم: كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ والعصوف لا يكون لليوم, إنما يكون للريح; فلما جرى ذكر الريح قبل اليوم طرحت من آخره, كأنه قال: في يوم عاصف الريح, والله أعلم.
----------------------------------
ثمّ نقل قولا وعقّب عليه--
قال ابن زيد, في قوله: ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) قال: الخير: الدنيا; وقرأ: إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ قال: فقلت له: إِنْ تَرَكَ خَيْرًا : المال؟ قال: نعم, وأي شيء هو إلا المال؟ قال: وعسى أن يكون حراما, ولكن الناس يعدونه خيرا, فسماه الله خيرا, لأن الناس يسمونه خيرا في الدنيا, وعسى أن يكون خبيثا, وسمي القتال في سبيل الله سوءا, وقرأ قول الله: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ قال: لم يمسسهم قتال; قال: وليس هو عند الله بسوء, ولكن يسمونه سوءا.

قال الطبري رحمه الله

وتأويل الكلام: إن الإنسان لربه لكنود, وإنه لحب الخير لشديد, وإن الله على ذلك من أمره لشاهد. ولكن قوله: ( وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ) قدم, ومعناه التأخير, فجعل معترضا بين قوله: ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) , وبين قوله: ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ )
-----------------------------
يتبع
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

تابع تأويل سورة العاديات
----------------------------
(بسم الل)

-----------------------------
ثمّ قال"
وقوله: ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ )
يقول تعالى ذكره: وإن الإنسان لحب المال لشديد.
واختلف أهل العربية في وجه وصفه بالشدة لحب المال, فقال بعض البصريين: معنى ذلك: وإنه من أجل حب الخير لشديد: أي لبخيل; قال: يقال للبخيل: شديد ومتشدد. واستشهدوا لقوله ذلك ببيت طرفة بن العبد البكري:

أرَى المَـوْتَ يَعْتـامُ النُّفُوسَ ويَصْطَفِي


عَقِيلَــةَ مــالِ البــاخِلِ المُتَشَـددِ


وقال آخرون: معناه: وإنه لحب الخير لقوي.


***********************************
قال رحمه الله
وقال بعض نحويي الكوفة: كان موضع ( لِحُبِّ ) أن يكون بعد شديد, وأن يضاف شديد إليه, فيكون الكلام: وإنه لشديد حب الخير; فلما تقدم الحب في الكلام, قيل: شديد, وحذف من آخره, لما جرى ذكره في أوله ولرءوس الآيات, قال: ومثله في سورة إبراهيم: كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ والعصوف لا يكون لليوم, إنما يكون للريح; فلما جرى ذكر الريح قبل اليوم طرحت من آخره, كأنه قال: في يوم عاصف الريح, والله أعلم.
----------------------------------

وتأويل الكلام: إن الإنسان لربه لكنود, وإنه لحب الخير لشديد, وإن الله على ذلك من أمره لشاهد. ولكن قوله: ( وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ) قدم, ومعناه التأخير, فجعل معترضا بين قوله: ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) , وبين قوله: ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ )


-----------------------------
قال رحمه الله--
وقوله: ( أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ )
يقول: أفلا يعلم هذا الإنسان الذي هذه صفته, إذا أثير ما في القبور, وأخرج ما فيها من الموتى وبحث.
وذكر أنها في مصحف عبد الله: " إذا بحث ما في القبور ", وكذلك تأول ذلك أهل التأويل.
----------------------------------

ثمّ قال"

القول في تأويل قوله تعالى : وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11) .
وقوله: ( وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ )
يقول: وميز وبين, فأبرز ما في صدور الناس من خير وشر.


--------------------------------------------
ثمّ قال"وقوله: ( إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ )
يقول: إن ربهم بأعمالهم, وما أسرّوا في صدورهم, وأضمروه فيها, وما أعلنوه بجوارحهم منها, عليم لا يخفى عليه منها شيء, وهو مجازيهم على جميع ذلك يومئذ.
------------------------------------
آخر تفسير سورة: والعاديات -
----------------------------------
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

بسم الله الرحمن الرحيم



تفسير سورة إذا زلزلت


القول في تأويل قوله تعالى : إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) .

قال رحمه الله

يقول تعالى ذكره: ( إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ ) لقيام الساعة ( زِلْزَالَهَا ) فرُجَّت رجًّا;


والزلزال: مصدر إذا كسرت الزاي, وإذا فتحت كان اسما; وأضيف الزلزال إلى الأرض وهو صفتها, كما يقال: لأكرمنك كرامتك, بمعنى: لأكرمنك كرامة. وحسن ذلك في زلزالها, لموافقتها رءوس الآيات التي بعدها.

# عن سعيد, قال: ( زُلْزِلَتِ الأرْضُ ) على عهد عبد الله, فقال لها عبد الله: مالك، أما إنها لو تكلَّمت قامت الساعة.
******************************************
قال رحمه الله

وقوله: ( وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا ) يقول: وأخرجت الأرض ما في بطنها من الموتى أحياء, والميت في بطن الأرض ثقل لها, وهو فوق ظهرها حيا ثقل عليها.
-----------------------------------
ثمّ تابع قائلا--

وقوله: ( وَقَالَ الإنْسَانُ مَا لَهَا ) يقول تعالى ذكره: وقال الناس إذا زلزلت الأرض لقيام الساعة: ما للأرض وما قصتها( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ).

## عن ابن عباس,( وَقَالَ الإنْسَانُ مَا لَهَا ) قال الكافر: ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) يقول: يومئذ تحدث الأرض أخبارها، وتحديثها أخبارها, على القول الذي ذكرناه عن عبد الله بن مسعود, أن تتكلم فتقول: إن الله أمرني بهذا, وأوحى إليّ به, وأذن لي فيه.
وأما سعيد بن جبير, فقد قرأ : ( يَوْمَئِذٍ تُنَبِّئُ أَخْبَارَها ) ومرة: ( تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) .


فكأن معنى تحدّث كان عند سعيد: تُنَبِّئُ, وتنبيئها أخبَارَهَا: إخراجها أثقالها من بطنها إلى ظهرها. وهذا القول قول عندي صحيح المعنى, وتأويل الكلام على هذا المعنى: يومئذ تبين الأرض أخبارها بالزلزلة والرجة, وإخراج الموتى من بطونها إلى ظهورها, بوحي الله إليها, وإذنه لها بذلك, وذلك معنى قوله: ( بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ).
-

------------------------------
ثمّ قال--

وقد ذُكر عن عبد الله أنه كان يقرأ ذلك: ( يَوْمَئِذٍ تُنْبِّئُ أَخْبَارَها ) وقيل: معنىذلك أن الأرض تحدث أخبارها من كان على ظهرها من أهل الطاعة والمعاصي, وما عملوا عليها من خير أو شرّ.

--------------------
وقال رحمه الله"

وقيل: عنى بقوله: ( أَوْحَى لَهَا ) : أوحى إليها.

.
--------------------------------------------------------
ثمّ قال"

وقوله: ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا ) قيل: إن معنى هذه الكلمة التأخير بعد ( لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ) قالوا: ووجه الكلام: يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها، لِيُرَوْا أعمالهم, يومئذ يصدر الناس أشتاتا. قالوا: ولكنه اعترض بين ذلك بهذه الكلمة.
********************************

قال رحمه الله

ومعنى قوله: ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا ) عن موقف الحساب فِرَقا متفرقين, فآخذ ذات اليمين إلى الجنة, وآخذ ذات الشمال إلى النار.


وقوله: ( لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ) يقول: يومئذ يصدر الناس أشتاتا متفرّقين, عن اليمين وعن الشمال, ليروا أعمالهم, فيرى المحسن في الدنيا, المطيع لله عمله وما أعد الله له يومئذ من الكرامة, على طاعته إياه كانت في الدنيا, ويرى المسيء العاصي لله عمله وجزاء عمله وما أعدّ الله له من الهوان والخزي في جهنم على معصيته إياه كانت في الدنيا, وكفره به.

********************************
قال رحمه الله
وقوله: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ )
يقول: فمن عمل في الدنيا وزن ذرة من خير, يرى ثوابه هنالك

( وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ )يقول: ومن كان عمل في الدنيا وزن ذرة من شر يرى جزاءه هنالك,

وقيل: ومن يعمل والخبر عنها في الآخرة, لفهم السامع معنى ذلك, لما قد تقدم من الدليل قبل, على

أن معناه: فمن عمل; ذلك دلالة قوله: ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ) على ذلك. ولكن لما كان مفهوما معنى الكلام عند السامعين، وكان في قوله: ( يَعْمَلْ ) حث لأهل الدنيا على العمل بطاعة الله, والزجر عن معاصيه, مع الذي ذكرت من دلالة الكلام قبل ذلك, على أن ذلك مراد به الخبر عن ماضي فعله, وما لهم على ذلك, أخرج الخبر على وجه الخبر عن مستقبل الفعل.
***********************************

ثمّ قال""وقيل في ذلك غير هذا القول, فقال بعضهم: أما المؤمن, فيعجل له عقوبة سيئاته في الدنيا, ويؤخِّر له ثواب حسناته, والكافر يعجِّل له ثواب حسناته, ويؤخر له عقوبة سيئاته"

----------------------------------
* ثمّ نقل أخبارا هي --
-------------------------------------


# أن أبا بكر كان يأكل مع النبيّ , فأنـزلت هذه الآية: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) فرفع أبو بكر يده من الطعام, وقال: إني لراء ما عملت, قال: لا أعلمه إلا قال: ما عملت من خير وشرّ, فقال النبيّ : " إنَّ ما تَرَى مِمَّا تَكْرَهُ فَهُوَ مثَاقِيلُ ذَرّ شَر كَثِيرٍ, وَيَدَّخِرُ اللهُ لَكَ مَثَاقِيلَ ذَرّ الخَيْرِ حتى تُعْطَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" وتصديق ذلك في كتاب الله: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ .

# قالت عائشة: يا رسول الله, إن عبد الله بن جُدْعان كان يصل الرحم, ويفعل ويفعل, هل ذاك نافعه؟ قال: " لا إنه لم يقل يوما: " رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ".

# سلمة بن يزيد الجعفي, قال: يا رسول الله, إن أمنا هلكت في الجاهلية, كانت تصل الرحم, وتَقْرِي الضيف, وتفعل وتفعل, فهل ذلك نافعها شيئا؟ قال: " لا " .

.

# سلمان بن عامر جاء رسول الله , فقال: إنّ أبي كان يصل الرحم, ويفي بالذمة, ويُكرم الضيف, قال: " ماتَ قَبْلَ الإسْلامِ"؟ قال: نعم, قال: " لَنْ يَنْفَعَهُ ذَلكَ", فولى, فقال رسول الله : " عَليَّ بالشَّيْخِ", فجاءَ, فَقالَ رسولُ الله : " إنَّها لَنْ تَنْفَعَهُ, وَلَكِنَّهَا تَكُونُ فِي عَقِبِهِ, فَلَنْ تُخْزَوْا أبَدًا, وَلَنْ تَذِلُّوا أَبَدًا, وَلَنْ تَفْتَقِرُوا أَبدًا " .

# عن أنس, أن رسول الله قال: " إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ المُؤْمِنُ حَسَنَةً يُثابُ عَلَيْها الرّزْقَ فِي الدنْيا, ويُجْزى بِها فِي الآخِرَةِ; وأمَّا الكافِرُ فَيُعْطِيهِ بِها فِي الدنْيا, فإذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ, لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنةٌ" .

# قال: قال رسول الله : " ما أحْسَنَ مِنْ مُحْسِنٍ، مُؤْمِنٍ أوْ كَافِرٍ إلا وَقَعَ ثَوَابُهُ عَلى الله فِي عاجِل دُنْيَاهُ, أَوْ آجِلِ آخِرَتِهِ" .

# عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: أنـزلت: ( إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا ) وأبو بكر الصدّيق قاعد, فبكى حين أنـزلت, فقال له رسول الله : " ما يُبْكِيكَ يا أبا بَكْرٍ؟" قال: يُبكيني هذه السورة, فقال له رسول الله : " لَوْلا أنَّكُمْ تُخْطِئونَ وَتُذْنِبُونَ فَيَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ لَخَلَقَ اللهُ أُمَّةً يُخْطِئُونَ وَيُذْنِبُونَ فَيَغْفرُ لَهُمْ".

------------------------------
ثمّ عقب الطبري قائلا--(
فهذه الأخبار عن رسول الله تُنبئ عن أن المؤمن إنما يرى عقوبة سيئاته في الدنيا, وثواب حسناته في الآخرة, وأن الكافر يرى ثواب حسناته في الدنيا, وعقوبة سيئاته في الآخرة, وأن الكافر لا ينفعه في الآخرة ما سلف له من إحسان في الدنيا مع كُفره. )
-------------------------------------------



وقيل: إن الذَّرَّة دُودة حمراء ليس لها وزن.



---------------------------------------------

آخر تفسير سورة إذا زلزلت الأرض
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

(بسم الل)

قال تعالى

: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) . قال الطبري رحمه الله "
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: لم يكن هؤلاء الكفار من أهل التوراة والإنجيل, والمشركون من عَبدة الأوثان ( مُنْفَكِّينَ ) يقول: منتهين حتى يأتيهم هذا القرآن.





------------------------------------------
ثمّ قال"
وقال آخرون: بل معنى ذلك أن أهل الكتاب وهم المشركون, لم يكونوا تاركين صفة محمد في كتابهم, حتى بُعث, فلما بُعث تفرّقوا فيه.

ثمّ رجّح قولا فقال"
وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال: معنى ذلك: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين مفترقين في أمر محمد, حتى تأتيهم البيِّنة, وهي إرسال الله إياه رسولا إلى خلقه, رسول من الله.

*************************************
قال رحمه الله"
وقوله.( مُنْفَكِّينَ ) في هذا الموضع عندي من انفكاك الشيئين أحدهما من الآخر, ولذلك صَلُح بغير خبر، ولو كان بمعنى ما زال, احتاج إلى خبر يكون تماما له, واستؤنف قوله ( رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ ) هي نكرة على البيِّنة, وهي معرفة, كما قيل: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ فقال: حتى يأتيهم بيان أمر محمد أنه رسول الله, ببعثة الله إياه إليهم, ثم ترجم عن البيِّنة, فقال: تلك البينة

( رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً ) يقول: يقرأ صحفا مطهرة من الباطل

( فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ) يقول: في الصحف المطهرة كتب من الله قيمة عادلة مستقيمة, ليس فيها خطأ, لأنها من عند الله.
----------------------------------------------
ثمّ قال"-

-------------------------------------------
وقوله: ( وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ) يقول: وما تفرّق اليهود والنصارى في أمر محمد , فكذّبوا به, إلا من بعد ما جاءتهم البينة, يعني: من بعد ما جاءت هؤلاء اليهود والنصارى البينة , يعني: أن بيان أمر محمد أنه رسول بإرسال الله إياه إلى خلقه، يقول: فلما بعثه الله تفرّقوا فيه, فكذّب به بعضهم, وآمن بعضهم, وقد كانوا قبل أن يُبعث غير مفترقين فيه أنه نبيّ.

-----------------------------------
يتبع


*********************
المصدر
http://www.attaweel.net/vb/showthread.php?t=2809&page=2
 

أم نيره

مزمار كرواني
9 يوليو 2007
2,786
2
0
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

نسأل الله أن يكثر من أمثالك و أن يجزيك خيرا وأن يزيدك من فضله وأن يجعل عملك خالصا لوجهه الكريم .......
سبحان الله وبحمده ...... سبحان الله العظيم
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

ثمّ قال رحمه الله"
( رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً ) يقول: يقرأ صحفا مطهرة من الباطل
( فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ) يقول: في الصحف المطهرة كتب من الله قيمة عادلة مستقيمة, ليس فيها خطأ, لأنها من عند الله.

-----------------------------

ثمّ قال"
وقوله: ( وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ) يقول: وما تفرّق اليهود والنصارى في أمر محمد , فكذّبوا به, إلا من بعد ما جاءتهم البينة, يعني: من بعد ما جاءت هؤلاء اليهود والنصارى البينة , يعني: أن بيان أمر محمد أنه رسول بإرسال الله إياه إلى خلقه، يقول: فلما بعثه الله تفرّقوا فيه, فكذّب به بعضهم, وآمن بعضهم, وقد كانوا قبل أن يُبعث غير مفترقين فيه أنه نبيّ.
------------------------------
ثمّ قال"

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) .
يقول تعالى ذكره: وما أمر الله هؤلاء اليهود والنصارى الذين هم أهل الكتاب إلا أن يعبدوا الله مخلصين له الدين; يقول: مفردين له الطاعة, لا يخلطون طاعتهم ربهم بشرك, فأشركت اليهود بربها بقولهم إن عُزَيرا ابن الله, والنصارى بقولهم في المسيح مثل ذلك, وجحودهم نبوة محمد .

وقوله: ( حُنَفَاءَ ) قد مضى بياننا في معنى الحنيفية قبل بشواهده المُغنية عن إعادتها, غير أنا نذكر بعض ما لم نذكر قبل من الأخبار في ذلك.
* ثمّ ذكر من قال ذلك:
---------------------------
ثمّ قال".
وقوله: ( وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ )
يقول: وليقيموا الصلاة, وليؤتوا الزكاة.
**************************
قال رحمه الله"
وقوله: ( وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) يعني أن هذا الذي ذكر أنه أمر به هؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين, هو الدين القيمة, ويعني بالقيِّمة: المستقيمة العادلة, وأضيف الدين إلى القيِّمة, والدين هو القَيِّم, وهو من نعته لاختلاف لفظيهما. وهي في قراءة عبد الله فيما أرى فيما ذُكر لنا: ( وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) وأُنِّثت القيمة, لأنها جعلت صفة للملة, كأنه قيل: وذلك الملة القيِّمة, دون اليهودية والنصرانية.

------------------

ثمّ قال"


القول في تأويل قوله تعالى :إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) .
يقول تعالى ذكره: إن الذين كفروا بالله ورسوله محمد , فجحدوا نبوّته, من اليهود والنصارى والمشركين جميعهم ( فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ) يقول: ماكثين لابثين فيها( أَبَدًا ) لا يخرجون منها, ولا يموتون فيها

*********************************************
قال رحمه الله
( أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ) يقول جل ثناؤه: هؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين, هم شرّ من برأه الله وخلقه، والعرب لا تهمز البرية, وبترك الهمز فيها قرأتها قراء الأمصار, غير شيء يُذكر عن نافع بن أبي نعيم, فإنه حكى بعضهم عنه أنه كان يهمزها, وذهب بها إلى قول الله: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا [الحديد: 22] وأنها فعيلة من ذلك. وأما الذين لم يهمزوها, فإن لتركهم الهمز في ذلك وجهين:

أحدهما أن يكونوا تركوا الهمز فيها, كما تركوه من الملك, وهو مفعل من ألك أو لأك, ومِن يرى, وترى, ونرى, وهو يفعل من رأيت.

والآخر: أن يكونوا وجَّهوها إلى أنها فعيلة من البري وهو التراب. حكي عن العرب سماعا: بفيك البري, يعني به: التراب.

-------------
ثمّ قال"

وقوله: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ )
يقول تعالى ذكره: إن الذين آمنوا بالله ورسوله محمد, وعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء, وأقاموا الصلاة, وآتوا الزكاة, وأطاعوا الله فيما أمر ونهى ( أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) يقول: من فعل ذلك من الناس فهم خير البرية.

-----------
ثمّ قال"
القول في تأويل قوله تعالى جل جلاله وتقدست أسماؤه: جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8) .
يقول تعالى ذكره: ثواب هؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات عند ربهم يوم القيامة ( جَنَّاتِ عَدْنٍ ) يعني بساتين إقامَة لا ظعن فيها, تجري من تحت أشجارها الأنهار ( خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) يقول: ماكثين فيها أبدًا, لا يخرجون عنها, ولا يموتون فيها


( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ )بما أطاعوه في الدنيا, وعملوا لخلاصهم من عقابه في ذلك

( وَرَضُوا عَنْهُ ) بما أعطاهم من الثواب يومئذ, على طاعتهم ربهم في الدنيا, وجزاهم عليها من الكرامة.

***********************************

قال رحمه الله"

وقوله: ( ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ )


يقول تعالى ذكره: هذا الخير الذي وصفته, ووعدته الذين آمنوا وعملوا الصالحات يوم القيامة, لمن خشي ربه; يقول: لمن خاف الله في الدنيا في سرّه وعلانيته, فاتقاه بأداء فرائضه, واجتناب معاصيه, وبالله التوفيق.

----------------
آخر تفسير سورة لم يكن
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بارك الله بكم أخي "أبو معاذ"

**************************
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

تأويل سورة القدر

بسم الله الرحمن الرحيم


: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) .

قال الطبري رحمه الله"

يقول تعالى ذكره: إنا أنـزلنا هذا القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القَدْر، وهي ليلة الحُكْم التي يقضي الله فيها قضاء السنة؛ وهو مصدر من قولهم: قَدَرَ الله عليّ هذا الأمر، فهو يَقْدُر قَدْرا.
----------------------------------

* ثمّ ذكر من قال ذلك: والأقوال هي

# عن ابن عباس، قال: نـزل القرآن كله مرة واحدة في ليلة القدر في رمضان إلى السماء الدنيا، فكان الله إذا أراد أن يحدث في الأرض شيئًا أنـزله منه حتى جمعه.


# عن ابن عباس، قال: أنـزل الله القرآن إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، وكان الله إذا أراد أن يوحي منه شيئا أوحاه، فهو قوله: ( إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) .

# عن الشعبيّ، أنه قال في قول الله: ( إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) قال: نـزل أول القرآن في ليلة القدر.


# عن ابن عباس، قال: نـزل القرآن في ليلة من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فُرِّق في السنين، وتلا ابن عباس هذه الآية: فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ قال: نـزل متفرّقا.

# عن الشعبيّ، في قوله: ( إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) قال: بلغنا أن القرآن نـزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا.

# عن سعيد بن جُبير: أنـزل القرآن جملة واحدة، ثم أنـزل ربنا في ليلة القدر: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ .

# عن ابن عباس، في قوله ( إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) قال: أنـزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر، إلى السماء الدنيا، فكان بموقع النجوم، فكان الله ينـزله على رسوله، بعضه في أثر بعض، ثم قرأ: وقالوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا .

# عن مجاهد ( ليلة القدر) : ليلة الحكم

# عن سعيد بن جُبير: يؤذن للحجاج في ليلة القدر، فيكتبون بأسمائهم وأسماء آبائهم، فلا يغادر منهم أحد، ولا يُزاد فيهم، ولا ينقص منهم.

# ربيعة بن كلثوم، قال: قال رجل للحسن وأنا أسمع: رأيت ليلة القدر في كلّ رمضان هي؟ قال: نعم، والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي كلّ رمضان، وإنها لليلة القدر، فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فيها يقضي الله كلّ أجل وعمل ورزق، إلى مثلها.

# عن سعيد بن جُبير، عن ابن عمر. قال: ليلة القدر في كلّ رمضان.

------------------------------------------

ثمّ قال--

وقوله: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) يقول: وما أشعرك يا محمد أيّ شيء ليلة القدر خير من ألف شهر.
اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: العمل في ليلة القدر بما يرضي الله، خير منَ العمل في غيرها ألف شهر.
-----------------------------
ثمّ قال"

وقال آخرون: معنى ذلك أن ليلة القدر خير من ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر.

----------------------------------
ثمّ قال"
عن مجاهد قال: كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح، ثم يجاهد العدوّ بالنهار حتى يُمْسِيَ، ففعل ذلك ألف شهر، فأنـزل الله هذه الآية: ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل.

----------------------------
ثمّ قال"
وأشبه الأقوال في ذلك بظاهر التنـزيل قول من قال: عملٌ في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر. وأما الأقوال الأخر، فدعاوى معان باطلة، لا دلالة عليها من خبر ولا عقل، ولا هي موجودة في التنـزيل.

--------------------------------------------------------------
ثمّ قال"

وقوله: ( تَنـزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ )
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: تنـزل الملائكة وجبريل معهم، وهو الروح في ليلة القدر ( بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) يعني بإذن ربهم، من كلّ أمر قضاه الله في تلك السنة، من رزق وأجل وغير ذلك.

----------------------------------------
*ثمّ ذكر من قال ذلك:

عن قتادة، في قوله: ( مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) قال: يقضى فيها ما يكون في السنة إلى مثلها.

فقال معقبا"

فعلى هذا القول منتهى الخبر، وموضع الوقف من كلّ أمر.
----------------------------
ثمّ قال"

وقال آخرون: ( تَنـزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ) لا يلقون مؤمنا ولا مؤمنة إلا سلَّموا عليه.

# عن ابن عباس: أنه كان يقرأ: " من كل امرئ سلام
----------------------------

مناقشة قراءة " من كل امرئ سلام "

وهذه القراءة من قرأ بها وجَّه معنى من كلّ امرئ: من كلّ ملَك؛ كان معناه عنده: تنـزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كلّ ملك يسلم على المؤمنين والمؤمنات؛ ولا أرى القراءة بها جائزة، لإجماع الحجة من القرّاء على خلافها، وأنها خلاف لما في مصاحف المسلمين، وذلك أنه ليس في مصحف من مصاحف المسلمين في قوله " أمر " ياء، وإذا قُرِئت: ( مِنْ كُلّ امْرِئ ) لحقتها همزة، تصير في الخطّ ياء.
--------------------------------------------
ثمّ رجّح فقال"
والصواب من القول في ذلك: القول الأوّل الذي ذكرناه قبل، على ما تأوّله قتادة.

--------------------------------------------
ثمّ قال"--

وقوله: ( سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) سلام ليلة القدر من الشرّ كله من أوّلها إلى طلوع الفجر من ليلتها.

------------------------------------------

ثمّ قال "
وعُنِي بقوله: ( حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) : إلى مطلع الفجر.

----------------------------------------
ثمّ ناقش قراءة "( حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ )"


واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) فقرأت ذلك عامة قرّاء الأمصار، سوى يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي ( مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) بفتح اللام، بمعنى: حتى طلوع الفجر؛ تقول العرب: طلعت الشمس طلوعا ومطلعا. وقرأ ذلك يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي: ( حتى مَطْلِعِ الْفَجْرِ ) بكسر اللام، توجيها منهم ذلك إلى الاكتفاء بالاسم من المصدر، وهم ينوون بذلك المصدر.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا: فتح اللام لصحة معناه في العربية، وذلك أن المطلع بالفتح هو الطلوع، والمطلع بالكسر: هو الموضع الذي تطلع منه، ولا معنى للموضع الذي تطلع منه في هذا الموضع.

------------------------------------------------


آخر تأويل سورة القدر


***************************
http://www.attaweel.com/vb/showthread.php?t=2809&page=3
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

بسم الله

{ ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } * { ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } * { ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ } * { عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } * { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } * { أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } * { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ }
---------------------------------------------------
قال الطبري رحمه الله

يعني جلّ ثناؤه بقوله: { اقْرأْ باسِمِ رَبِّكَ } محمداً صلى الله عليه وسلم يقول: اقرأ يا محمد بذكر ربك { الَّذِي خَلَقَ } ، ثم بين الذي خلق فقال: { خَلَقَ الإنْسانَ مِنْ عَلَقٍ } يعني: من الدم، وقال: من علق والمراد به من علقة، لأنه ذهب إلى الجمع، كما يقال: شجرة وشجر، وقصَبة وقَصَب، وكذلك علقة وعَلَق.

وإنما قال: من علق والإنسان في لفظ واحد، لأنه في معنى جمع، وإن كان في لفظ واحد، فلذلك قيل: من عَلَق
**************************
قال الطبري رحمه الله"


.وقوله: { اقْرأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ } يقول: اقرأ يا محمد وربك الأكرم { الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ }: خَلْقَه للكتابة والخط، كما:

# عن قتادة { اقْرأْ باسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } قرأ حتى بلغ { عَلَّمَ بِالقَلَمِ } قال: القلم: نعمة من الله عظيمة، لولا ذلك لم يقم، ولم يصلح عيش.-

---------------------------------------------
ثمّ قال "وقيل: إن هذه أوّل سورة نزلت في القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

"وذكر حديثا عن عائشة بذلك"

وأقوالا أخرى لصحابة وتابعين بنفس المعنى "

**************************

قال الطبري رحمه الله"


وقوله: { عَلَّمَ الإنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ } يقول تعالى ذكره: علَّم الإنسان الخطّ بالقلم، ولم يكن يعلمه، مع أشياء غير ذلك، مما علمه ولم يكن يعلمه.

# قال ابن زيد، في قوله: { عَلَّمَ الإنْسانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } قال: علَّم الإنسان خَطًّا بالقلم.
*************************

# ثمّ قال الطبري رحمه الله
وقوله: { كَلاَّ } يقول تعالى ذكره: ما هكذا ينبغي أن يكون الإنسان أن يُنْعِمَ عليه ربُّه بتسويته خَلقه، وتعليمه ما لم يكن يعلم، وإنعامه بما لا كُفؤَ له، ثم يكفر بربه الذي فعل به ذلك، ويطغى عليه، أن رآه استغنى.
********************************
قال الطبري رحمه الله"

وقوله: { إنَّ الإنْسانَ لَيَطْغَى أنْ رآهُ اسْتَغْنَى } يقول: إن الإنسان ليتجاوز حدّه، ويستكبر على ربه، فيكفر به، لأنْ رأى نفسه استغنت.

وقيل: أن رآه استغنى لحاجة «رأى» إلى اسم وخبر، وكذلك تفعل العرب في كل فعل اقتضى الاسمَ والفعلَ، إذا أوقعه المخبر عن نفسه على نفسه، مكنياً عنها فيقول: متى تراك خارجاً؟ ومتى تحسبك سائراً؟ فإذا كان الفعل لا يقتضي إلا منصوباً واحداً، جعلوا موضع المكنى نفسه، فقالوا: قتلت نفسك، ولم يقولوا: قتلتك ولا قتلته.

**********************
قال الطبري رحمه الله"


وقوله: { إنَّ إلى رَبِّكَ الرُّجْعَى }: يقول: إن إلى ربك يا محمد مَرْجِعَه، فذائق من أليم عقابه ما لا قِبَل له به.
********************************

قال الطبري رحمه الله"


القول في تأويل قوله تعالى : أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) .
ذُكر أن هذه الآية وما بعدها نـزلت في أبي جهل بن هشام، وذلك أنه قال فيما بلغنا: لئن رأيت محمدا يصلي، لأطأنّ رقبته؛ وكان فيما ذُكر قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي، فقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أرأيت يا محمد أبا جهل الذي يَنْهاك أن تصلي عند المقام، وهو مُعرض عن الحقّ، مكذّب به. يُعجِّب جلّ ثناؤه نبيه والمؤمنين من جهل أبي جهل، وجراءته على ربه، في نهيه محمدا عن الصلاة لربه، وهو مع أياديه عنده مكذّب به.

**************************

ثمّ قال"
القول في تأويل قوله تعالى : أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) .
يقول تعالى ذكره: ( أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ ) محمد ( عَلَى الْهُدَى ) يعني: على استقامة وسَدَاد في صلاته لربه ( أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى ) أو أمر محمد هذا الذي ينهي عن الصلاة، باتقاء الله، وخوف عقابه.
------------------------
ثمّ قال".
القول في تأويل قوله تعالى : أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) .
يقول تعالى ذكره: ( أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ ) أبو جهل بالحق الذي بعث به محمدًا( وَتَوَلَّى ) يقول: وأدبر عنه، فلم يصدِّّق به.

--------------------------
ثمّ قال".


القول في تأويل قوله تعالى : أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19) .


يقول تعالى ذكره: ألم يعلم أبو جهل إذ ينهى محمدا عن عبادة ربه، والصلاة له، بأن الله يراه فيخاف سطوته وعقابه. وقيل: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى، أرأيت إن كان على الهدى، فكررت أرأيت مرات ثلاثًا على البدل. والمعنى: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى، وهو مكذب متول عن ربه، ألم يعلم بأن الله يراه.

----------
وقال"

وقوله: ( كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ ) يقول: ليس كما قال: إنه يطأ عنق محمد، يقول: لا يقدر على ذلك، ولا يصل إليه.
قوله: ( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ ) يقول: لئن لم ينته أبو جهل عن محمد ( لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ) يقول: لنأخذنّ بمقدم رأسه، فلنضمنه ولنُذلنه؛ يقال منه: سفعت بيده: إذا أخذت بيده. وقيل: إنما قيل ( لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ) والمعنى: لنسوّدنّ وجهه، فاكتفى بذكر الناصية من الوجه كله، إذ كانت الناصية في مقدم الوجه. وقيل: معنى ذلك: لنأخذنّ بناصيته إلى النار، كما قال: فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ .

----------
وقال"


وقوله: ( نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ) فخفض ناصية ردّا على الناصية الأولى بالتكرير، ووصف الناصية بالكذب والخطيئة، والمعنى لصاحبها.
وقوله: ( فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ) يقول تعالى ذكره: فليدع أبو جهل أهل مجلسه وأنصاره، من عشيرته وقومه، والنادي: هو المجلس.
وإنما قيل ذلك فيما بلغنا، لأن أبا جهل لما نهى النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند المقام، انتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأغلظ له، فقال أبو جهل: علام يتوعدني محمد وأنا أكثر أهل الوادي ناديا؟ فقال الله جلّ ثناؤه: ( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ) ، فليدع حينئذ ناديه، فإنه إن دعا ناديه، دعونا الزبانية.

ونذكر بعض الآثار بذلك

# قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام، فمرّ به أبو جهل بن هشام، فقال: يا محمد، ألم أنهك عن هذا؟ وتوعَّده، فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهره، فقال: يا محمد بأيّ شيء تهددني؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي ناديا، فأنـزل الله: ( فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ) قال ابن عباس: لو دعا ناديه، أخذته زبانية العذاب من ساعته.


# عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فجاءه أبو جهل، فنهاه أن يصلي، فأنـزل الله: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى ... إلى قوله: ( كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ) فقال: لقد علم أني أكثر هذا الوادي نَادِيا، فغضب النبيّ صلى الله عليه وسلم، فتكلم بشيء، قال داود: ولم أحفظه، فأنـزل الله: ( فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ) فقال ابن عباس: فوالله لو فعل لأخذته الملائكة من مكانه.

-----------
ثمّ قال"
وقوله: ( كُلا ) يقول تعالى ذكره: ليس الأمر كما يقول أبو جهل، إذ ينهي محمدًا عن عبادة ربه، والصلاة له ( لا تُطِعْهُ ) يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تُطع أبا جهل فيما أمرك به من ترك الصلاة لربك ( وَاسْجُدْ ) لِرَبّكَ( وَاقْتَرِبْ ) منه، بالتحبب إليه بطاعته، فإن أبا جهل لن يقدر على ضرّك، ونحن نمنعك منه.
# عن قتادة ( كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ) ذكر لنا أنها نـزلت في أبي جهل، قال: لئن رأيت محمدًا يصلي لأطأنّ عنقه، فأنـزل الله: ( كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ) قال نبي الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه الذي قال أبو جهل، قال: " لو فعل لاختطفته الزبانية ".
------

آخر تفسير سورة اقرأ باسم ربك، والحمد لله وحده.

***************************
المصدر

http://www.attaweel.com/vb/showthread.php?t=2809&page=3
 

وسام الإسافني

مشرف سابق
15 أكتوبر 2005
2,341
1
0
الجنس
ذكر
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

[align=center]بارك الله فيك أخانا الفاضل و جعل هذا العمل في ميزان حسناتك[/align]
 

أسير العلم

مزمار ألماسي
4 مايو 2008
1,921
0
0
الجنس
ذكر
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز


(بسم الل)

باركـ الله فيكـ أخي الكريـم على العمل القيم
جزاكـ الله عنـا خير الجـزاء :)



t7​
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

تفسير سورة التين




: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) .

--------------------------------------------------------------------------

قال الطبري رحمه الله"

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) فقال بعضهم: عُنِي بالتين: التين الذي يؤكل، والزيتون: الزيتون الذي يُعْصر.





-----------------
وقال آخرون: التين: مسجد دمشق، والزيتون: بيت المقدس.


-----------------


وقال آخرون: التين: مسجد نوح، والزيتون: مسجد بيت المقدس.




-------------------------------
ثمّ رجح قولا فقال"


والصواب من القول في ذلك عندنا: قول من قال: التين: هو التين الذي يُؤكل، والزيتون: هو الزيتون الذي يُعصر منه الزيت، لأن ذلك هو المعروف عند العرب، ولا يُعرف جبل يسمى تينا، ولا جبل يقال له زيتون، إلا أن يقول قائل: أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالتين والزيتون. والمراد من الكلام: القسم بمنابت التين، ومنابت الزيتون، فيكون ذلك مذهبا، وإن لم يكن على صحة ذلك أنه كذلك دلالة في ظاهر التنـزيل، ولا من قول من لا يجوّز خلافه، لأن دمشق بها منابت التين، وبيت المقدس منابت الزيتون.

----------------------------
ثمّ قال"

وقوله: ( وَطُورِ سِينِينَ ) اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: هو جبل موسى بن عمران صلوات الله وسلامه عليه ومسجده.


*-------------------------------------




وقال آخرون: الطور: هو كلّ جبل يُنْبِتُ. وقوله ( سِينِينَ ) : حسن.


*

------------------------------



وقال آخرون: هو الجبل، وقالوا: سينين: مبارك حسن.


*---------------------
ثمّ رجح قولا فقال "


وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: طور سينين: جبل معروف، لأن الطور هو الجبل ذو النبات، فإضافته إلى سينين تعريف له، ولو كان نعتا للطور، كما قال من قال معناه حسن أو مبارك، لكان الطور منّونا، وذلك أن الشيء لا يُضاف إلى نعته، لغير علة تدعو إلى ذلك.


----------------------------------------------
ثمّ قال"
وقوله: ( وَهَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ ) يقول: وهذا البلد الآمن من أعدائه أن يحاربوا أهله، أو يغزوهم. وقيل: الأمين، ومعناه: الآمن،


وهذا كما قال جلّ ثناؤه: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ .
وإنما عني بقوله: ( وَهَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ ) : مكة.

--------------------------------------------

ثمّ قال "

وقوله: ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) وهذا جواب القسم، يقول تعالى ذكره: والتين والزيتون، لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم.

------------------------------------------


ثمّ قال"


وقال آخرون: بل معنى ذلك: لقد خلقنا الإنسان، فبلغنا به استواء شبابه وجلده وقوّته، وهو أحسن ما يكون، وأعدل ما يكون وأقومه.


---------------------

وقال آخرون: قيل ذلك لأنه ليس شيء من الحيوان إلا وهو منكبّ على وجهه غير الإنسان.



-----------------------
ثمّ رجّح قولا فقال"
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يقال: إن معنى ذلك: لقد خلقنا الإنسان في أحسن صورة وأعدلها؛ لأن قوله: ( أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) إنما هو نعت لمحذوف، وهو في تقويم أحسن تقويم، فكأنه قيل: لقد خلقناه في تقويم أحسن تقويم.

--------------------


وقوله: ( ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك

، فقال بعضهم: معنى ذلك: ثم رددناه إلى أرذل العمر.
*

---------------

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم رددناه إلى النار في أقبح صورة.



-------------------
ثمّ رجّح قولا فقال"
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصحة، وأشبهها بتأويل الآية، قول من قال: معناه: ثم رددناه إلى أرذل العمر، إلى عمر الخَرْفَى، الذين ذهبت عقولهم من الهِرَم والكِبر، فهو في أسفل من سفل في إدبار العمر وذهاب العقل.
وإنما قلنا: هذا القول أولى بالصواب في ذلك؛ لأن الله تعالى ذكره، أخبر عن خلقه ابن آدم، وتصريفه في الأحوال، احتجاجا بذلك على مُنكري قُدرته على البعث بعد الموت، ألا ترى أنه يقول: ( فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ ) يعني: بعد هذه الحُجَج.
ومحال أن يحتجّ على قوم كانوا مُنكرين معنى من المعاني بما كانوا له مُنكرين. وإنما الحجة على كلّ قوم بما لا يقدرون على دفعه، مما يعاينونه ويحسُّونه، أو يقرّون به، وإن لم يكونوا له مُحسين.
وإذْ كان ذلك كذلك، وكان القوم للنار- التي كان الله يتوعدهم بها في الآخرة- مُنكرين، وكانوا لأهل الهِرَم والخَرَف من بعد الشباب والجَلَد شاهدين، علم أنه إنما احتجّ عليهم بما كانوا له مُعاينين، من تصريفه خلقه، ونقله إياهم من حال التقويم الحسن والشباب والجلد، إلى الهِرَم والضعف وفناء العمر، وحدوث الخَرَف.

---------------

المصدر

http://www.attaweel.com/vb/showthread.php?t=2809&page=3

يتبع
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السلام عليكم


تأويل سورة ألم نشرح



أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ{1} وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ{2} الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ{3} وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ{4} فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً{5} إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً{6} فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ{7} وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ{8}

-----------------------------------------------------
قال الطبري رحمه الله--


يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مذكِّره آلاءه عنده، وإحسانه إليه، حاضاً له بذلك على شكره على ما أنعم عليه، ليستوجب بذلك المزيد منه: { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ } يا محمد، للهدى والإيمان بالله ومعرفة الحقّ { صَدْرَكَ } فنلين لك قلبك، ونجعله وعاء للحكمة { وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ } يقول: وغفرنا لك ما سلف من ذنوبك، وحططنا عنك ثقل أيام الجاهلية التي كنت فيها وهي في قراءة عبد الله فيما ذُكر: «وَحَلَلْنا عَنْكَ وِقْرَكَ» { الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ } يقول: الذي أثقل ظهرك فأوهنه، وهو من قولهم للبعير إذا كان رجيع سفر، قد أوهنه السفر، وأذهب لحمه: هو نِقْضُ سَفَر.
******************************


ثمّ قال"



وقوله: { أنْقَضَ ظَهْرَكَ } قال: أثقل ظهرك.


# قتادة، قوله: { أَلَمَ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ }: كانت للنبيّ صلى الله عليه وسلم ذنوب قد أثقلته، فغفرها الله له. #.


# الضحاك يقول، في قوله: { وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ } يعني: الشرك الذي كان فيه


.# قال ابن زيد، في قوله: { ألَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ } قال: شرح له صدرَه، وغفر له ذنبَه الذي كان قبل أن يُنَبأ، فوضعه. وفي قوله: { الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ } قال: أثقله وجهده، كما يُنْقِضُ البعيرَ حِمْله الثقيل، حتى يصير نِقْضاً بعد أن كان سميناً { وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ } قال: ذنبك الذي أنقض ظهرك: أثقل ظهرَك، ووضعناه عنك، وخفَّفنا عنك ما أثقل ظهرَك.


-----------------------------------------
ثمّ قال"


وقوله: { وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ } يقول: ورفعنا لك ذكرك، فلا أُذْكَرُ إلا ذُكِرْتَ معي، وذلك قول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.


.
----------------------------------------
ثمّ ذكر حديثا فقال"


عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " أتانِي جِبْرِيلُ فَقالَ: إنَّ رَبِّي وَرَبَّكَ يَقُولُ: كَيْفَ رَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ؟ قال: اللّهُ أعْلَمُ، قال: إذَا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ مَعِي "


----------------------------
ثمّ قال"


وقوله: { فَإنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فإنّ مع الشدّة التي أنت فيها، من جهاد هؤلاء المشركين، ومِن أوَّله: ما أنت بسبيله، رجاءً وفرجاً بأن يُظْفِرَك بهم، حتى ينقادوا للحقّ الذي جئتهم به طوعاً وكَرهاً.ورُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أن هذه الآية لما نزلت، بَشَّر بها أصحابه وقال: " لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ "


-----------------------------------------------------
ثمّ قال"


وقوله: { فَإذَا فَرَغْتَ فانْصَبْ } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: فإذا فرغت من صلاتك، فانصب إلى ربك في الدعاء، وسله حاجاتك.


------------------


ثمّ قال"


وقال آخرون: بل معنى ذلك: { فَإذَا فَرَغْتَ } من جهاد عدوّك { فانْصَبْ } في عبادة ربك.



------------------------------------
ثمّ قال"وقال آخرون: بل معنى ذلك: فإذا فرغت من أمر دنياك، فانصب في عبادة ربك.


-----------------------


ثمّ رجح قولا فقال"


وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: إن الله تعالى ذكره، أمر نبيه أن يجعل فراغه من كلّ ما كان به مشتغلاً، من أمر دنياه وآخرته، مما أدّى له الشغل به، وأمره بالشغل به إلى النصب في عبادته، والاشتغال فيما قرّبه إليه، ومسألته حاجاته، ولم يخصُصْ بذلك حالاً من أحوال فراغه دون حال، فسواء كلّ أحوال فراغه، من صلاة كان فراغه، أو جهاد، أو أمر دنيا كان به مشتغلاً، لعموم الشرط في ذلك، من غير خصوص حال فراغ، دون حال أخرى.
---------------------------------------------
ثمّ قال"

وقوله: { وَإلى رَبِّكَ فارْغَبْ } يقول تعالى ذكره: وإلى ربك يا محمد فاجعل رغبتك، دون من سواه من خلقه، إذ كان هؤلاء المشركون من قومك قد جعلوا رغبتهم في حاجاتهم إلى الآلهة والأنداد.



---------------------------------------------------------------------------------------
تمّ تأويل السّورة
-----------------------------------
www.attaweel.net/vb
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

تأويل سورة والضحى




وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى (8) .

-----------------------------------------------------------------------------
قال الطبري رحمه الله
أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالضحى، وهو النهار كله، وأحسب أنه من قولهم: ضَحِيَ فلان للشمس: إذا ظهر منه؛ ومنه قوله: وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى : أي لا يصيبك فيها الشمس.
وقد ذكرت اختلاف أهل العلم في معناه في قوله: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا مع ذكري اختيارنا فيه. وقيل: عُنِي به وقت الضحى.


--------------------------------------------------

ثمّ قال"
وقوله: ( وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ) اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: والليل إذا أقبل بظلامه.



---------------------------------

وقال آخرون: بل معنى ذلك: إذا ذهب.
-------------------------------------------

.
وقال آخرون: معناه: إذا استوى وسكن.


------------------------------
ثمّ رجّح قولا فقال "

وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي في ذلك قول من قال معناه: والليل إذا سكن بأهله، وثبت بظلامه، كما يقال: بحر ساج: إذا كان ساكنا؛ ومنه قول أعشى بني ثعلبة:

فَمَـا ذَنْبُنـا إنْ جـاشَ بَحْرُ ابنِ عَمِّكم

وَبحْـرُكَ سـاجٍ مـا يُوَارِي الدَّعامِصَا


وقول الراجز:

يا حَبَّذَا القَمْرَاءُ وَاللَّيْلُ السَّاجْ
وطُرُقٌ مِثْلُ مُلاءِ النَّسَّاجْ

--------------------------------------------------------------------
ثمّ قال"


وقوله: ( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) وهذا جواب القسم، ومعناه: ما تركك يا محمد ربك وما أبغضك. وقيل: ( وَمَا قَلَى ) ومعناه. وما قلاك، اكتفاء بفهم السامع لمعناه، إذ كان قد تقدّم ذلك قوله: ( مَا وَدَّعَكَ ) فعرف بذلك أن المخاطب به نبيّ الله صلى الله عليه وسلم.


------------------------------------------------
ثمّ قال"
وذُكر أن هذه السورة نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم تكذيبا من الله قريشا في قيلهم لرسول الله، لما أبطأ عليه الوحي: قد ودّع محمدًا ربه وقلاه.


* ذكر نماذج من الرواية بذلك:
# : لما أبطأ جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت امرأة من أهله، أو من قومه: ودّع الشيطان محمدا، فأنـزل الله عليه: ( وَالضُّحَى )... إلى قوله: ( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) .

# : أبطأ جبريل على النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى قال المشركون: ودّع محمدا ربه، فأنـزل الله: ( وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) .


#قالت إمرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أرى صاحبك إلا قد أبطأ عنك، فنـزلت هذه الآية: ( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) .



-------------------------------------------------------------

ثمّ قال "
وقوله: ( وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولَى ) يقول تعالى ذكره: وللدار الآخرة، وما أعد الله لك فيها، خير لك من الدار الدنيا وما فيها. يقول: فلا تحزن على ما فاتك منها، فإن الذي لك عند الله خير لك منها.
وقوله: ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) يقول تعالى ذكره: ولسوف يعطيك يا محمد ربك في الآخرة من فواضل نعمه، حتى ترضى.

---------------------------------------------------------------------
وقد اختلف أهل العلم في الذي وعده من العطاء،
وإليكم ماذكروه

# عن عليّ بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، قال: عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده كَفْرا كَفْرا، فسرّ بذلك، فأنـزل الله ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) فأعطاه في الجنة ألف قصر، في كلّ قصر، ما ينبغي من الأزواج والخدم .


# .
عن قتادة ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) ، وذلك يوم القيامة.


# عن ابن عباس، في قوله: ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) قال: من رضا محمد صلى الله عليه وسلم ألا يدخل أحد من أهل بيته النار.
-------------------------------------
ثمّ قال"

وقوله: ( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ) يقول تعالى ذكره معدّدا على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم نعمه عنده، ومذكِّره آلاءه قِبَله: ألم يجدك يا محمد ربك يتيمًا فآوى، يقول: فجعل لك مأوى تأوي إليه، ومنـزلا تنـزله ( وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى ) ووجدك على غير الذي أنت عليه اليوم.


# عن السديّ( وَوَجَدَكَ ضَالا ) قال: كان على أمر قومه أربعين عاما.

وقيل: عُنِيَ بذلك: ووجدك في قوم ضلال فهداك.


وقوله: ( وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى ) يقول: ووجدك فقيرا فأغناك، يقال منه: عال فلان يَعيل عَيْلَة، وذلك إذا افتقر؛ ومنه قول الشاعر:

فَمَــا يَــدْرِي الفَقِـيرُ مَتـى غنـاهُ

وَمــا يَــدْرِي الغَنِـيُّ مَتـى يَعِيـلُ

يعني: متى يفتقر.

-----------------------------------------------
ثمّ قال"

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) . يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ ) يا محمد ( فَلا تَقْهَرْ ) يقول: فلا تظلمه، فتذهب بحقه، استضعافًا منك له.


----------------------------------------------------------------------
ثمّ قال"
وقوله: ( وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ) يقول: وأما من سألك من ذي حاجة فلا تنهره، ولكن أطعمه واقض له حاجته ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) : يقول: فاذكره.

*****************************************************
http://www.attaweel.com/vb/
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع