إعلانات المنتدى


الوجيز في تأويل القرآن العزيز

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

السلام عليكم

تأويل سورة والليل إذا يغشى
بسم الله

: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) .


------------------------------
قال أبو جرير رحمه الله"

يقول تعالى ذكره مقسما بالليل إذا غشَّى النهار بظلمته، فأذهب ضوءه، وجاءت ظُلمته: ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ) النهار ( وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ) وهذا أيضا قسم، أقسم بالنهار إذا هو أضاء فأنار، وظهر للأبصار. ما كانت ظلمة الليل قد حالت بينها وبين رؤيته وإتيانه إياها عِيانا، وكان قتادة يذهب فيما أقسم الله به من الأشياء أنه إنما أقسم به لعِظَم شأنه عنده.
# عن قتادة، قوله (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى) قال: آيتان عظيمتان يكوّرهما الله على الخلائق.


-------------------------------------------------------------------

قال أبو جرير رحمه الله"

وقوله: ( وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأنْثَى ) يحتمل الوجهين اللذين وصفت في قوله: وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وفي وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وهو أن يجعل " ما " بمعنى " مَنْ، فيكون ذلك قسما من الله جلّ ثناؤه بخالق الذّكر والأنثى، وهو ذلك الخالق، وأن تجعل " ما " مع ما بعدها بمعنى المصدر، ويكون قسما بخلقه الذكر والأنثى.

-----------------------------------------
قال أبو جرير رحمه الله"
في قراءة "( والذَّكَرِ والأنْثَى )"
وقد ذُكر عن عبد الله بن مسعود وأبي الدرداء: أنهما كانا يقرآن ذلك ( والذَّكَرِ والأنْثَى ) ويأثُرُه أبو الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.



*




.# عن قتادة ( وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأنْثَى ) قال: في بعض الحروف ( والذَّكَرِ والأنْثَى ).

# عن الحسن أنه كان يقرأها( وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأنْثَى ) يقول: والذي خلق الذكر والأنثى؛ قال هارون قال أبو عمرو: وأهل مكة يقولون للرعد: سبحان ما سبَّحْتَ له.


# ) في خبر طويل -- قال علقمة: فقرأت: ( الذكر والأنثى )، فقال أبو الدرداء: والذي لا إله إلا هو، كذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فوه إلى فيّ، فما زال هؤلاء حتى كادوا يردّونني عنها.

****************************************
 

محمد طاهر(ahlyfifa)

مزمار ألماسي
21 يونيو 2005
1,975
13
38
الجنس
ذكر
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

بارك الله فيك اخى جمال
مجهود رائع
نحن متابعينك
وفقك الله الى لما تحبه وترضاه
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

السلام عليكم

بارك الله بكم أخي محمد طاهر

***********************************************
ثمّ قال الطبري رحمه الله"
وقوله: ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) يقول: إن عَمَلَكُمْ لمختلف أيها الناس، لأن منكم الكافر بربه، والعاصي له في أمره ونهيه، والمؤمن به، والمطيع له في أمره ونهيه.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) يقول: لمختلف.



وقوله: ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) جواب القسم، والكلام: والليل إذا يغشى إن سعيكم لشتى، وكذا قال أهل العلم.


*


------------------------------------------------------ .
ثمّ قال"

وقوله: ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ) يقول تعالى ذكره: فأما من أعطى واتقى منكم أيها الناس في سبيل الله، ومن أمَرَه الله بإعطائه من ماله، وما وهب له من فضله، واتقى الله واجتنب محارمه.
-----------------------------

ثمّ قال"

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله تعالى: ( وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ) فقال بعضهم: معنى ذلك: وصدّق بالخلَف من الله على إعطائه ما أعطى من ماله فيما أعْطَى فيه مما أمره الله بإعطائه فيه.



--------------------------------------------------
ثمّ قال"

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وصدّق بأن الله واحد لا شريك له.


*-----------------------------------------------
ثمّ قال"
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وصدّق بالجنة.


----------------------------------
ثمّ قال"
وقال آخرون: بل معناه: وصدق بموعود الله.


--------------------------------------------

ثمّ رجّح قولا فقال"
وأشبه هذه الأقوال بما دلّ عليه ظاهر التنـزيل، وأولاها بالصواب عندي: قول من قال: عُنِي به التصديق بالخلف من الله على نفقته.
وإنما قلت: ذلك أولى الأقوال بالصواب في ذلك، لأن الله ذكر قبله مُنفقا أنفق طالبا بنفقته الخلف منها، فكان أولى المعاني به أن يكون الذي عقيبه الخبر عن تصديقه بوعد الله إياه بالخلف إذ كانت نفقته على الوجه الذي يرضاه، مع أن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو الذي قلنا في ذلك ورد.


# : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما مِنْ يَوْمٍ غَرَبَتْ فِيهِ شَمْسُهُ إلا وَبِجَنْبِيهَا مَلَكانِ يُنادِيانِ، يَسْمَعُهُ خَلْقُ اللهِ كُلُّهُم إلا الثَّقَلَينِ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقا خَلَفا، وأعْطِ مُمْسِكا تلَفا " فأنـزلَ الله في ذلك القرآنَ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى) ... إلى قوله ( لِلْعُسْرَى ) .
وذُكر أن هذه الآية نـزلت في أبي بكر الصدّيق رضى الله عنه.


*
***********************
قال أبو جرير رحمه الله"
وقوله: ( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ) يقول: فسنهيئه للخلة اليسرى، وهي العمل بما يرضاه الله منه في الدنيا، ليوجب له به في الآخرة الجنة.


وقوله: ( وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ) يقول تعالى ذكره: وأما من بخل بالنفقة في سبيل الله، ومنع ما وهب الله له من فضله، من صرفه في الوجوه التي أمر الله بصرفه فيها، واستغنى عن ربه، فلم يرغب إليه بالعمل له بطاعته بالزيادة فيما خوّله من ذلك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ثمّ ذكر من قال ذلك:

-----------------------------------------------

ثمّ قال"
وأما قوله: ( وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ) فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله نحو اختلافهم في قوله: ( وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ) وأما نحن فنقول: معناه: وكذّب بالخَلَف.

----------------------------------


وقال آخرون: معناه: وكذّب بتوحيد الله.
----------------
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وكذّب بالجنة.


*
---------------------------------------------------------------

----------------------------------
يتبع

http://www.attaweel.com/vb/showthread.php?t=2809&page=3
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز


تابع
---------------------------------------------------------------
ثمّ قال"



-----وقوله: ( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ) يقول تعالى ذكره: فسنهيئه في الدنيا للخلة العُسرى، وهو من قولهم: قد يسرت غنم فلان: إذا ولدت وتهيأت للولادة، وكما قال الشاعر:



هُمَــا سَــيِّدَنا يَزْعُمــانِ وإنَّمَــا





يَسُــودَانِنا أنْ يَسَّــرَتْ غَنَماهُمَــا



وقيل: ( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ) ولا تيسر في العُسرى للذي تقدّم في أول الكلام من قوله: ( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ) واذا جمع بين كلامين أحدهما ذكر الخير والآخر ذكر الشرّ، جاز ذلك بالتيسير فيهما جميعا؛ والعُسرى التي أخبر الله جلّ ثناؤه أنه ييسره لها: العمل بما يكرهه ولا يرضاه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.



* ذكر الخبر بذلك:


# عن عليّ، قال: كُنَّا جلوسا عند النبيّ صلى الله عليه وسلم، فنكَت الأرض، ثم رفع رأسه فقال: " ما مِنكُمْ مِن أحَدٍ إلا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنِّةِ وَمَقَعَدُهُ مِنَ النَّارِ". قلنا: يا رسول الله أفلا نتكل ؟ قال: " لا اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسَّر "، ثم قرأ: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) .



# عن عليّ، قال: كنا في جنازة في البقيع، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وجلسنا معه، ومعه عود ينكت في الأرض، فرفع رأسه إلى السماء فقال: " ما مِنْكُمْ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إلا قَدْ كُتبَ مَدْخَلُها "، فقال القوم: يا رسول الله ألا نتكل على كتابنا، فمن كان من أهل السعادة فإنَّهُ يعمل للسعادة، ومن كان من أهل الشقاء فإنه يعمل للشقاء، فقال: " بَلِ اعْمَلُوا فَكُلٌ مُيَسَّر؛ فأمَّا مَنْ كانَ مِنْ أهْلِ السَّعادَةِ فإنَّهُ يُيَسَّرُ لِعَمَلَ السَعادَةِ وأمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الشَّقاءِ فإنَّهُ يُيَسَّرُ للشَّقاءِ"، ثم قرأ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ) .





# عن عليّ رضى الله عنه قال: كنا جلوسا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم، فتناول شيئا من الأرض بيده، فقال : " ما مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إلا وَقَدْ عَلِمَ مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ والنَّارِ " قالوا: يا نبيّ الله، أفلا نتكل ؟ قال: " لا اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ"، ثم قرأ: ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى )... الآيتين.



# قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " ما مِنْكُمْ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إلا قَدْ كُتبَ اللهُ عَلَيْها ما هِيَ لاقِيَتُهُ" وأعرابي عند النبيّ صلى الله عليه وسلم مرتاد، فقال الأعرابيّ: فما جاء بي أضرب من وادي كذا وكذا، إن كان قد فرغ من الأمر.
فنكت النبيّ صلى الله عليه وسلم في الأرض، حتى ظنّ القوم أنه ود أنه لم يكن تكلم بشيء منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " كُلّ مُيَسرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، فَمَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيرًا يَسَّرَهُ لِسَبِيلِ الخَيرِ، وَمَنْ يُرِدْ بِهِ شَرًّا يَسَّرَهُ لِسَبِيلِ الشَّرِّ"،


#: لما نـزلت هذه الآية: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ قال رجل: يا رسول الله، ففيم العمل ؟ أفي شيء نستأنفه، أو في شيء قد فُرغ منه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ: سَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَسَنُيَسِّّرُهُ لِلْعُسْرَى ".



# : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالسا وبيده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه فقال: " ما مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ وَلاَ مِنَ النَّاسِ إلا وَقَدْ عُلِمَ مِقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ أو النَّار " قلنا: يا رسول الله أفلا نتوكل ؟ قال لهم: " اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ" ثم قال: " أمَا سَمِعْتم اللهَ فِي كِتابِهِ يَقُولُ: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) ".



# عن ابن عباس ( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ) : للشرّ من الله.



#عن جابر بن عبد الله أنه قال: يا رسول الله، أنعمل لأمر قد فُرغ منه، أو لأمر نأتنفه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " كُلّ عَامِلٍ مُيَسَّرٌ لِعَملِهِ".



# سأل غلامان شابان النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالا يا رسول الله، أنعمل فيما جفَّت به الأقلام، وجرَت به المقادير، أو في شيء يستأنف ؟ فقال: " بَلْ فِيما جَفَّتْ بِهِ الأقْلامُ وَجَرَتْ به المقادِيُر " قالا ففيم العمل إذن ؟ قال: " اعمَلُوا، فَكُلُّ عامِلٍ مُيَسَّرٌ لَعَمَلِهِ الَّذِي خلِقَ لَهُ"، قالا فالآن نجدّ ونعمل.


--------------------------------------
ثمّ قال"


القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى (13) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) .
يعني جلّ ثناؤه بقوله: ( وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ ) : أي شيء يدفع عن هذا الذي بخل بماله، واستغنى عن ربه، ماله يوم القيامة ( إِذًا ) هو ( تَرَدَّى ) .
-----------------------------------------------
ثمّ قال"


ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( إِذَا تَرَدَّى ) فقال بعضهم: تأويله: إذا تردّى في جهنم: أي سقط فيها فَهَوى.



----------------------------------------


وقال آخرون: بل معنى ذلك: إذا مات.
*--------------------------------


ثمّ رجّح قولا فقال "



وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: إذا تردّى في جهنم، لأن ذلك هو المعروف من التردّي، فأما إذا أُريد معنى الموت، فإنه يقال: رَدِيَ فلان، وقلما يقال: تردّى.


-----------------------------------------------
ثمّ قال"


وقوله: ( إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ) يقول تعالى ذكره: إن علينا لبيانَ الحقّ من الباطل، والطاعة من المعصية.


* ثمّ ذكر من قال ذلك:
---------------------------------------------------------
وكان بعض أهل العربية يتأوّله بمعنى: أنه من سلك الهدى فعلى الله سبيله، ويقول وهو مثل قوله: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ويقول: معنى ذلك: من أراد الله فهو على السبيل القاصد، وقال: يقال معناه: إن علينا للهدى والإضلال، كما قال: سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وهي تقي الحرّ والبرد.
----------------------------------


قال رحمه الله
وقوله: ( وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأولَى ) يقول: وإن لنا ملك ما في الدنيا والآخرة، نعطي منهما من أردنا من خلقنا، ونحرمه من شئنا.
وإنما عَنَى بذلك جلّ ثناؤه أنه يوفق لطاعته من أحبّ من خلقه، فيكرمه بها في الدنيا، ويهيئ له الكرامة والثواب في الآخرة، ويخذُل من يشاء خذلانه من خلقه عن طاعته، فيهينه بمعصيته في الدنيا، ويخزيه بعقوبته عليها في الآخرة.


----------------------------------------
قال رحمه الله


ثم قال جل ثناؤه: ( فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ) يقول تعالى ذكره: فأنذرتكم أيها الناس نارا تتوهَّج، وهي نار جهنم، يقول: احذروا أن تعصوا ربكم في الدنيا، وتكفروا به، فَتصْلَونها في الآخرة. وقيل: تلظَّى، وإنما هي تتلظَّى، وهي في موضع رفع، لأنه فعل مستقبل، ولو كان فعلا ماضيا لقيل: فأنذرتكم نارًا تلظَّت.






---------------------------------------------------
يتبع
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

------------------------------------------------------------------------------------
:
b2.gif
لا يَصْلاهَا إِلا الأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18)
b1.gif
.

قال رحمه الله "


وقوله: ( لا يَصْلاهَا إِلا الأشْقَى ) يقول جلّ ثناؤه: لا يدخلها فيصلى بسعيرها إلا الأشقى، ( الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) يقول: الذي كذّب بآيات ربه، وأعرض عنها، ولم يصدق بها.
* وذكر من قال ذلك:

---------------------------
ثمّ قال"

وكان بعض أهل العربية يقول: لم يكن كذب بردّ ظاهر، ولكن قصر عما أمر به من الطاعة، فجُعِل تكذيبا، كما تقول: لقي فلان العدوّ، فكذب إذا نكل ورجع، وذُكر أنه سمع بعض العرب يقول: ليس لحدّهم مكذوبة، بمعنى: أنهم إذا لقوا صدقوا القتال، ولم يرجعوا؛ قال: وكذلك قول الله:
b2.gif
لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ
b1.gif
.

-----------------------------

ثمّ قال"

وقوله: ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأشْقَى ) يقول: وسيوقَّى صِلِيَّ النار التي تلظَّى التقيُّ، ووضع أفعل موضع فعيل، كما قال طرَفة:

تَمَنَّـى رِجـالٌ أنْ أمُـوتَ وَإنْ أَمُـتْ

فَتِلــكَ سَـبيلٌ لَسْـتُ فيهـا بـأَوْحَدِ
MARGNTIP2.gif


**********************
قال رحمه الله

وقوله: ( الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ) يقول: الذي يعطي ماله في الدنيا في حقوق الله التي ألزمه إياها، ( يَتَزَكَّى ) : يعني: يتطهر بإعطائه ذلك من ذنوبه.


------------------------------------------
ثمّ قال"

القول في تأويل قوله تعالى :
b2.gif
وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)
b1.gif
.

----------------------------
ثمّ قال"

كان بعض أهل العربية يوجه تأويل ذلك إلى: وما لأحد من خلق الله عند هذا الذي يؤتي ماله في سبيل الله يتزكى ( مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى ) يعني: من يد يكافئه عليها، يقول: ليس ينفق ما ينفق من ذلك، ويعطي ما يعطي، مجازاة إنسان يجازيه على يد له عنده، ولا مكافأة له على نعمة سلفت منه إليه، أنعمها عليه، ولكن يؤتيه في حقوق الله ابتغاء وجه الله. قال: وإلا في هذا الموضع بمعنى لكن، وقال: يجوز أن يكون يفعل في المكافأة مستقبلا فيكون معناه: ولم يرد بما أنفق مكافأة من أحد، ويكون موقع اللام التي في أحد في الهاء التي خفضتها عنده، فكأنك قلت: وما له عند أحد فيما أنفق من نعمة يلتمس ثوابها، قال: وقد تضع العرب الحرف في غير موضعه إذا كان معروفا، واستشهدوا لذلك ببيت النابغة:

وَقَـدْ خِـفْتُ حـتى مـا تَزِيدُ مخافَتِي

عـلى وَعِـلٍ فِـي ذِي الَمطَارَةِ عاقِلِ
MARGNTIP2.gif

والمعنى: حتى ما تزيد مخافة وعل على مخافتي وهذا الذي قاله الذي حكينا قوله من أهل العربية، وزَعْمُ أنه مما يجوز هو الصحيح الذي جاءت به الآثار عن أهل التأويل

--------------------------------------------------------

ثمّ قال"

وقالوا: نـزلت في أبي بكر بعِتْقه من أعتق.


*و ذكر من قال ذلك:

------------------------------------
ثمّ عقب بلطيفة لغويّة فقال "
وعلى هذا التأويل الذي ذكرناه عن هؤلاء، ينبغي أن يكون قوله: ( إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأعْلَى ) نصبا على الاستثناء من معنى قوله: ( وَمَا لأحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى ) لأن معنى الكلام: وما يؤتي الذي يؤتي من ماله ملتمسا من أحد ثوابه، إلا ابتغاء وجه ربه. وجائز أن يكون نصبه على مخالفة ما بعد إلا ما قبلها، كما قال النابغة:

... ... ... ... ... ... ... ... ... ..

.... وَمــا بــالرَّبْعِ مِــنْ أحَــدِ
إلا أَوَارِيَّ لأيًـــا مـــا أُبَيِّنُهــا

... ... ... ... ... ... ... ... ...
MARGNTIP.gif

-------------------------------------

ثمّ قال"

وقوله: ( وَلَسَوْفَ يَرْضَى ) يقول: ولسوف يرضى هذا المؤتي ماله في حقوق الله عزّ وجلّ، يتزكى بما يثيبه الله في الآخرة عوضًا مما أتى في الدنيا في سبيله، إذا لقي ربه تبارك وتعالى.

---------------------------------------------
آخر تفسير سورة والليل إذا يغشى





----------------------------
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تأويل سورة الشمس

بسم الله
القول في تأويل قوله تعالى جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) .

---------------------------------------------

قال رحمه الله"


قوله: ( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ) قسم أقسم ربنا تعالى ذكره بالشمس وضحاها؛ ومعنى الكلام: أقسم بالشمس، وبضحى الشمس.
واختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( وَضُحَاهَا ) فقال بعضهم: معنى ذلك: والشمس والنهار، وكان يقول: الضحى: هو النهار كله.

----------------------------------------------
قال رحمه الله"


وقال آخرون: معنى ذلك: وضوئها.

---------------------------------------------------
قال رحمه الله"

وقوله: ( وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا ) يقول تعالى ذكره: والقمر إذا تبع الشمس، وذلك في النصف الأوّل من الشهر، إذا غُربت الشمس، تلاها القمر طالعا.
-------------------------------------------
قال رحمه الله"

وقوله: ( وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا ) يقول: والنهار إذا جَلاهَا، قال: إذا أضاء.

-------------------------------------
قال رحمه الله"

. وكان بعض أهل العربية يتأوّل ذلك بمعنى: والنهار إذا جلا الظلمة، ويجعل الهاء والألف من جلاها كناية عن الظلمة، ويقول: إنما جاز الكناية عنها، ولم يجز لها ذكر قبل، لأن معناها معروف، كما يعرف معنى قول القائل: أصبحت باردة، وأمست باردة، وهبَّت شمالا فكني عن مؤنثات لم يجر لها ذكر، إذ كان معروفا معناهن.

***************************
قال رحمه الله"
والصواب عندنا في ذلك: ما قاله أهل العلم الذين حكينا قولهم، لأنهم أعلم بذلك، وإن كان للذي قاله من ذكرنا قوله من أهل العربية وَجْهٌ.
وقوله: ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ) يقول تعالى ذكره: والليل إذا يغشي الشمس، حتى تغيب فَتُظْلِمُ الآفَاقُ.
** عن قتادة ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ) : إذا غَشَّاها الليل.
********************************

قال رحمه الله"

وقوله: ( وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ) يقول جلّ ثناؤه: والسماء ومَنْ بناها، يعني: ومَنْ خَلَقها، وبناؤه إياها: تصييره إياها للأرض سقفا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*------------------------------------------
قال رحمه الله"

وقيل: ( وَمَا بَنَاهَا ) وهو جلّ ثناؤه بانيها، فوضع " ما " موضع " مَنْ" كما قال وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ، فوضع " ما " في موضع " مَنْ" ومعناه، ومَن ولد، لأنه قَسَمٌ أقسم بآدم وولده، وكذلك: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ، وقوله: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ وإنما هو: فانكحوا مَنْ طاب لكم. وجائز توجيه ذلك إلى معنى المصدر، كأنه قال: والسماء وبنائها، ووالد وولادِته.

------------------------------------------------
قال رحمه الله"

وقوله: ( وَالأرْضِ وَمَا طَحَاهَا ) وهذه أيضا نظير التي قبلها، ومعنى الكلام: والأرض ومَنْ طحاها.
ومعنى قوله: ( طَحَاهَا ) : بسطها يمينا وشمالا ومن كلّ جانب.
وقد اختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( طَحَاهَا ) فقال بعضهم: معنى ذلك: والأرض وما خلق فيها.


-------------------------------------------------
قال رحمه الله"

وقال آخرون: يعني بذلك: وما بسطها.

----------------------------------------
قال رحمه الله"

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما قسمها.
----------------------------
قال رحمه الله"


وقوله: ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ) يعني جلّ ثناؤه بقوله: ( وَمَا سَوَّاهَا ) نفسه؛ لأنه هو الذي سوّى النفس وخلقها، فعدّل خلقها، فوضع " ما " موضع " مَنْ" وقد يُحتمل أن يكون معنى ذلك أيضا المصدر، فيكون تأويله: ونفس وتسويَتها، فيكون القسم بالنفس وبتسويتها.

-----------------------------------------------------------
قال رحمه الله"

وقوله: ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) يقول تعالى ذكره: فبين لها ما ينبغي لها أن تأتي أو تذر من خير، أو شرّ أو طاعة، أو معصية.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ثمّ ذكر من قال ذلك:

---------------------------------------------
قال رحمه الله"
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن الله جعل فيها ذلك.

---------------------------------------------

قال رحمه الله"


القول في تأويل قوله تعالى : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15) .


قوله: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ) يقول: قد أفلح من زكَّى الله نفسه، فكثَّر تطهيرها من الكفر والمعاصي، وأصلحها بالصالحات من الأعمال.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
-------------------------------------
قال رحمه الله"

وهذا هو موضع القسم؛ ---عن قتادة، قال: قد وقع القسم ها هنا( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ) وقد ذكرتُ ما تقول أهل العربية في ذلك فيما مضى من نظائره قبل.

--------------------------------


يتبع
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

قال رحمه الله"
وقوله: ( وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) يقول تعالى ذكره: وقد خاب في طِلبته، فلم يُدرك ما طلب والتمس لنفسه مِن الصلاح مَنْ دساها يعني: من دَسَّس الله نفسه فأَخْمَلها، ووضع منها، بخُذلانه إياها عن الهدى حتى ركب المعاصِيَ، وترك طاعة الله. وقيل: دسَّاها وهي دَسَّسها، فقُلبت إحدى سيناتها ياء، كما قال العجَّاج:



تَقَضِّيَ الْبازِي إذا البازِي كَسَرْ

يريد: تَقَضُّض. وتظنَّيت هذا الأمر، بمعنى: تظننت، والعرب تفعل ذلك كثيرا، فتبدل في الحرف المشدّدة بعض حروفه، ياء أحيانا، وواوا أحيانا؛ ومنه قول الآخر:


يَـذْهَبُ بِـي فِـي الشِّـعْرِ كُـلَّ فَنَّ



حــتى يَــرُدَّ عَنِّــي التَّظَنِّــي

يريد: التظنن .

-----------------------------------
قال رحمه الله"

وقوله: ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ) يقول: كذَّبت ثمود بطغيانها، يعني: بعذابها الذي وعدهموه صالح عليه السلام، فكان ذلك العذاب طاغيا طغى عليهم، كما قال جلّ ثناؤه: فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وإن كان فيه اختلاف بين أهل التأويل.
---------------------------------------

وقال آخرون: بل معنى ذلك بأجمعها.

--------------------------------------------------------------
قال رحمه الله"


وقيل ( طَغْوَاهَا ) بمعنى: طغيانهم، وهما مصدران للتوفيق بين رءوس الآي، إذ كانت الطغْوَى أشبه بسائر رءوس الآيات في هذه السورة، وذلك نظير قوله: وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ بمعنى: وآخر دعائهم.

------------------------------------
قال رحمه الله"

وقوله: ( إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا ) يقول: إذ ثار أشقى ثمود، وهو قُدَار بن سالف.


**: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر في خطبته الناقة، والذي عَقَرها، فقال: ( إذِ انْبَعَثَ أشْقَاهَا ) انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عارِمٌ، مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ، مِثْلُ أبي زَمْعَةَ".
------------------------------

قال رحمه الله"
وقوله: ( فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ) يعني بذلك جلّ ثناؤه: صالحا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لثمود صالح: ( نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ) احذروا ناقة الله وسُقياها، وإنما حذّرهم سُقيا الناقة، لأنه كان تقدّم إليهم عن أمر الله، أن للناقة شِربَ يوم، ولهم شِرْب يومٍ آخر، غير يوم الناقة، على ما قد بيَّنت فيما مضى قبل.

----------------------------------------
قال رحمه الله"

وقوله: ( فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا ) يقول: فكذّبوا صالحا في خبره الذي أخبرهم به، من أن الله الذي جعل شِرْبَ الناقة يوما، ولهم شِرْبُ يوم معلوم، وأن الله يُحِلّ بهم نقمته، إن هم عقروها، كما وصفهم جلّ ثناؤه فقال: كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ، وقد يُحتمل أن يكون التكذيب بالعقْر. وإذا كان ذلك كذلك، جاز تقديم التكذيب قبل العقر، والعقر قبل التكذيب، وذلك أن كلّ فعل وقع عن سبب حَسُنَ ابتداؤه قبل السبب وبعده، كقول القائل: أعطيت فأحسنت، وأحسنت فأعطيت؛ لأن الإعطاء هو الإحسان، ومن الإحسان الإعطاء، وكذلك لو كان العقر هو سبب التكذيب، جاز تقديم أيّ ذلك شاء المتكلم. وقد زعم بعضهم أن قوله: ( فَكَذَّبُوهُ ) كلمة مكتفية بنفسها، وأن قوله: ( فَعَقَرُوهَا ) جواب لقوله: ( إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا ) كأنه قيل: إذ انبعث أشقاها فعقرها، فقال: وكيف قيل ( فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا ) وقد كان القوم قبل قتل الناقة مُسَلِّمين، لها شرب يوم، ولهم شرب يوم آخر. قيل: جاء الخبر أنهم بعد تسليمهم ذلك أجمعوا على منعها الشرب، ورضوا بقتلها، وعن رضا جميعهم قَتَلها قاتِلُها، وعقَرَها من عقرها ولذلك نُسب التكذيب والعقر إلى جميعهم، فقال جلّ ثناؤه: ( فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا ).
-------------------------------------------------
قال رحمه الله"

وقوله: ( فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا ) يقول تعالى ذكره: فدمَّر عليهم ربهم بذنبهم ذلك، وكفرهم به، وتكذيبهم رسوله صالحا، وعقرهم ناقته ( فَسَوَّاهَا ) يقول: فسوّى الدمدمة عليهم جميعهم، فلم يُفْلِت منهم أحد.



****************************
قال رحمه الله"
وقوله: ( وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا ) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: لا يخاف تبعة دمدمته عليهم.



------------------------------------------

قال رحمه الله"
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولم يخف الذي عقرها عقباها: أي عُقبى فعلته التي فعل.
---------------------------------------
قال رحمه الله"
.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الحجاز والشام ( فَلا يَخافُ عُقْبَاهَا ) بالفاء، وكذلك ذلك في مصاحفهم، وقرأته عامة قرّاء العراق في المِصْرين بالواو ( وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا ) وكذلك هو في مصاحفهم.
والصواب من القول في ذلك: أنهما قراءتان معروفتان، غير مختلفي المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

------------------------------------------------------
قال رحمه الله"
واختلفت القرّاء في إمالة ما كان من ذوات الواو في هذه السورة وغيرها، كقوله: (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) ( وَمَا طَحَاهَا ) ونحو ذلك، فكان يفتح ذلك كلَّه عامة قرّاء الكوفة، ويُمِيلون ما كان من ذوات الياء، غير عاصم والكسائي، فإن عاصما كان يفتح جميعَ ذلك ما كان منه من ذوات الواو وذوات الياء، لا يُضْجِعُ منه شيئا.
وكان الكسائي يكسر ذلك كلَّه. وكان أبو عمرو ينظر إلى اتساق رءوس الآي، فإن كانت متسقة على شيء واحد أمال جميعها، وأما عامة قرّاء المدينة فإنهم لا يميلون شيئا من ذلك الإمالة الشديدة، ولا يفتحونه الفتح الشديد، ولكن بين ذلك؛ وأفصح ذلك وأحسنه أن ينظر إلى ابتداء السورة، فإن كانت رءوسها بالياء أجري جميعها بالإمالة غير الفاحشة، وإن كانت رءوسها بالواو فتحت وجرى جميعها بالفتح غير الفاحش، وإذا انفرد نوع من ذلك في موضع أميل ذوات الياء الإمالة المعتدلة، وفتح ذوات الواو الفتح المتوسط، وإن أُميلت هذه، وفُتحت هذه لم يكن لحنا، غير أن الفصيح من الكلام هو الذي وصفنا صفته.

-----------------------------------
آخر تفسير سورة والشمس وضحاها
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

السلام عليكم

قال تعالى


لاَ أُقْسِمُ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } * { وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } * { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } * { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِي كَبَدٍ } * { أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ } * { يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً } * { أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ }
-------------------------------------
قال الطبري رحمه الله


يقول تعالى ذكره: أقسم يا محمد بهذا البلد الحرام، وهو مكة،


------------------------------------
قال الطبري رحمه الله


وقوله: { وأنْتَ حِلٌّ بِهَذَا البَلَدِ } يعني: بمكة يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وأنت يا محمد حِلّ بهذا البلد، يعني بمكة يقول: أنت به حلال تصنع فيه مِن قَتْلِ من أردت قتلَه، وأَسْرِ من أردت أسره، مُطْلَقٌ ذلك لك يقال منه: هو حِلّ، وهو حلال، وهو حِرْم، وهو حرام، وهو مُحلّ، وهو محرم، وأحللنا، وأحرمنا.


--------------------------------

ثمّ قال"



وقوله: { وَوَالِدٍ وَما وَلَدَ } يقول تعالى ذكره: فأقسم بوالد وبولده الذي ولد.ثم اختلف أهل التأويل في المعنيّ بذلك من الوالد وما ولد، فقال بعضهم: عُنِي بالوالد: كلّ والد، وما ولد: كلّ عاقر لم يلد.

**************************
ثمّ قال رحمه الله "


وقال آخرون: عُنِي بذلك: آدم وولده. ذكر من قال ذلك:


وقال آخرون: عُنِي بذلك: إبراهيم وما ولد.


-------------------------------------------------

ثمّ رجّح قولا فقال"

والصواب من القول في ذلك: ما قاله الذي قالوا: إن الله أقسم بكلّ والد وولده، لأن الله عمّ كلّ والد وما ولد. وغير جائز أن يخصّ ذلك إلا بحجة يجب التسليم لها من خبر، أو عقل، ولا خبر بخصوص ذلك، ولا برهان يجب التسليم له بخصوصه، فهو على عمومه كما عمَّه.

----------------------------------
ثمّ قال"


وقوله: { لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ فِي كَبَدٍ } وهذا هو جواب القسم.

# عن قتادة، قال: وقع ههنا القسم { لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ فِي كَبَدٍ }.

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: لقد خلقنا ابن آدم في شدّة وعناء ونصب.


----------------------------------

وقال بعضهم: خُلِق خَلْقاً لم نَخْلق خلقَه شيئاً.


------------------------------------------------------------------------------------

وقال آخرون: معنى ذلك أنه خُلق منتصباً معتدل القامة.

------------------------------
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنه خُلق في السماء.

--------------------------------


-ثمّ رجّح قولا فقال"

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: معنى ذلك أنه خلق يُكابد الأمور ويُعالجها، فقوله: { فِي كَبَدٍ } معناه: في شدّة.وإنما قلنا: ذلك أولى بالصواب، لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب من معاني الكَبَد ومنه قول لبيد بن ربيعة:
عَيْنِ هِلاَّ بَكَيْتِ أرْبَدَ إذْ قُمْنا وَقامَ الخُصُوم فِي كَبَدِ

-------------------------------------
ثمّ قال"

وقوله: { أَيَحَسَبُ أنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أحَدٌ } ذُكر أن ذلك نزل في رجل بعينه من بني جُمح، كان يُدعى أبا الأشدّ، وكان شديداً، فقال جلّ ثناؤه: أيحسب هذا القويّ بجَلَده وقوّته، أن لن يقهره أحد ويغلبه، فالله غالبه وقاهره.

-----------------------------------------
ثمّ قال"وقوله: { يَقُولُ أهْلَكْتُ مالاً لُبَداً } يقول هذا الجليد الشديد: أهلكت مالاً كثيراً، في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم، فأنفقت ذلك فيه، وهو كاذب في قوله ذلك وهو فعل من التلبد، وهو الكثير، بعضه على بعض، يقال منه: لَبد بالأرض يَلْبُد: إذا لصق بها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

و ذكر من قال ذلك:
--------------------------------------------------------------------------------------ثمّ قال"


واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار: { مالاً لُبَداً } بتخفيف الباء. وقرأه أبو جعفر بتشديدها. والصواب بتخفيفها، لإجماع الحجة عليه.
-------------------------------------------------------------------------

ثمّ قال

وقوله: { أَيَحْسَبُ أنْ لَمْ يَرَهُ أحَدٌ } يقول تعالى ذكره: أيظنّ هذا القائل { أهْلَكْتُ مالاً لُبَداً } أن لم يره أحد في حال إنفاقه ما يزعم أنه أنفقه.

-----------------------
 

جمال الشرباتي

مزمار فعّال
16 يونيو 2007
86
2
8
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

رضي الله عنك يا أخ رضا
 

أم دعاء

مزمار فعّال
8 ديسمبر 2007
129
0
0
رد: الوجيز في تأويل القرآن العزيز

جزاكم الله خيرا ونفع بكم
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع