- 6 يونيو 2006
- 1,783
- 22
- 38
- الجنس
- ذكر
(بسم الل)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أولاً : يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن زيد رضي الله عنه بعد أن رأى رؤيا الأذان وقصها على الرسول صلى الله عليه وسلم وتبعه من بعده سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وقد رأى مثلما رأى الصحابي عبدالله بن زيد رضي الله عنه قال : ( إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألقه عليه فإنه أندى صوتاً منك ) .. وقد فسر الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله في شرح هذا الحديث في فتح الباري شرح صحيح البخاري في الجزء الثاني في كتاب الأذان صفحة ( 115 ) في وسط الصفحة .. إصدار : دار السلام للنشر والتوزيع بالرياض .. فسر بما يلي : ( أي أقعد في المد والإطالة والإسماع ليعم الصوت ويطول أمد التأذين فيكثر الجمع ويفوت على الشيطان مقصوده من إلهاء الآدمي عن إقامة الصلاة في الجماعة .. ا.هـ ) ..
وذكر الإمام الشوكاني رحمه الله في كتابه النيل الجزء الثاني صفحة ( 20 ) قال : أي أحسن صوتاً منك .. ا.هـ ..
وذكر الإمام ابن الأثير في النهاية الجزء الخامس صفحة ( 36 ) فقال : أي أرفع وأعلى وقيل : أحسن وأعذب .. ا.هـ ..
وورد في المعجم الوسيط الجزء الأول صفحة : ( 912 ) نشر : المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع باستانبول .. ورد معنى أندى : أي حسن صوته ..
ثانياً : أما ما يكره في الأذان هو إذا أدى التلحين والتطريب إلى تغيير مقتضيات الحروف بحيث يتغير المعنى كمد همزة ( أكبر ) بحيث تصير استفهاماً هكذا ( آكبر ) .. أو مد باء ( أكبر ) هكذا ( أكبار ) ومفرده ( كبر ) وهو طبل له وجه واحد ..
ثالثاً : لا أعظم من القرآن الكريم والتلاوة به بتحسين الصوت .. وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل تحسين الصوت في التلاوة .. فإذا كان القرآن يتغنى به فمن باب أولى أن يكون التغني في الأذان ..
إليكم ما لدي ..
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم يأذن الله لشيء ما أذن للنبي أن يتغنى بالقرآن ) .
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما أذن الله لشيء ما أذن للنبي أن يتغنى بالقرآن ) .
3- عند أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه من حديث فضالة بن عبيدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لله أشد أذنا - أي استماعاً -إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته ) .. - والقينة : المغنية - .
* قال ابن الجوزي رحمه الله : اختلفوا في معنى قوله ( يتغنى ) على أربعة أقوال .. أحدها : تحسين الصوت ، والثاني : الاستغناء ، والثالث : التحزن قاله الشافعي ، والرابع : التشاغل به ..
قال : وفيه قول آخر حكاه ابن الأنباري في "الزاهر" قال : المراد به التلذذ والاستحلاء له كما يستلذ أهل الطرب بالغناء ، فأطلق عليه تغنياً من حيث أنه يفعل عنده ما يفعل عند الغناء .
وذكر الإمام الطبري عن الشافعي أنه سئل عن تأويل ابن عيينة التغني بالاستغناء فلم يرتضه .. وقال : لو أراد الاستغناء لقال : لم يستغن ، وإنما أراد تحسين الصوت .
قال ابن بطال : وبذلك فسره ابن أبي مليكة وعبدالله بن المبارك والنضر بن شميل .
وعند ابن أبي داود والطحاوي من رواية عمرو بن دينار عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : ( حسن الترنم بالقرآن ) ..
قال الطبري : والترنم لا يكون إلا بالصوت إذا حسنه القارئ وطرب به .
وحدث ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير قال : ( كان داود عليه السلام يتغنى - يعني حين يقرأ - ويَبكي ويُبكي ) ..
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : أن داود عليه السلام كان يقرأ الزبور بسبعين لحناً ، ويقرأ قراءة يطرب منها المحموم . وكان إذا أراد أن يبكي نفسه لم تبق دابة في بر ولا بحر إلا أنصتت له واستمعت وبكت .
** وبعد ذلك ذكر الإمام ابن حجر ما يلي : ولا شك أن النفوس تميل إلى سماع القراءة بالترنم أكثر من ميلها لمن لا يترنم، لأن للتطريب تأثيرا في رقة القلب وإجراء الدمع.
وكان بين السلف اختلاف في جواز القرآن بالألحان، أما تحسين الصوت وتقديم حسن الصوت على غيره فلا نزاع في ذلك .
وحكى ابن بطال عن جماعة من الصحابة والتابعين الجواز - القراءة بالألحان - وهو المنصوص للشافعي ونقله الطحاوي عن الحنفية .
وقال الفوراني من الشافعية في الإبانة يجوز بل يستحب، ومحل هذا الاختلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه، فلو تغير قال النووي في " التبيان " أجمعوا على تحريمه ولفظه: أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت
بالقرآن ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن خرج حتى زاد حرفا أو أخفاه حرم، قال: وأما القراءة بالألحان فقد نص الشافعي في موضع على كراهته وقال في موضع آخر لا بأس به، فقال أصحابه: ليس على اختلاف قولين، بل على اختلاف حالين، فإن لم يخرج بالألحان على المنهج القويم جاز وإلا حرم.
** وقال الإمام ابن حجر : والذي يتحصل من الأدلة أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب، فإن لم يكن حسنا فليحسنه ما استطاع كما قال ابن أبي مليكة أحد رواة الحديث، وقد أخرج ذلك عنه أبو داود بإسناد صحيح.
ومن جملة تحسينه أن يراعي فيه قوانين النغم فإن الحسن الصوت يزداد حسنا بذلك، وإن خرج عنها - أي قوانين النغم - أثر ذلك في حسنه .. ذكر هذا ابن حجر في الفتح وابن القاسم في كتابه "حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع" عن الإمام النووي رحمهم الله جميعاً .
** وفي شرح "الرسالة" : ويتحصل من كلام الأئمة أن تحسين الصوت بمراعاة قوانين النغم مع المحافظة على الأداء هو محل النزاع ، فمن العلماء من رأى أن النفس تميل إلى سماع القراءة أكثر من ميلها لمن لا يترنم لأن للتطريب تأثيراً في رقة القلب وإجراء الدمع فقال بجوازه بل بطلبه واستحبابه ، ومن العلماء من رأى أنه خلاف ما كان عليه السلف وأن القارئ على هذا الوجه ربما غفل عن وجه الأداء فقال بعدم الجواز سداً للذريعة .
* عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ .
* ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن ) .. قد بيّن العلماء ذلك ومعناه : أن يحسن القارئ صوته بالقرآن ويجهر به، أما كونه يقرأ قراءة ليس فيها تحزن ولا تخشع، وما لها أثر في القلوب فلا يصح ، فينبغي للقارئ أن يحسن صوته ويتلذذ بالقراءة ويجهر بها إذا كان حوله من يستمع، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( زينوا أصواتكم بالقرآن ) هكذا جاء الحديث .
فتحسين الصوت بالقراءة، وتجويد القراءة، والتلذذ بالقراءة، والتخشع فيها، مما يؤثر على القارئ ويؤثر على غيره في سماعه كتاب الله، وقد مر النبي ذات ليلة على أبي موسى الأشعري وهو يقرأ
وكان الأشعريون لهم صوت حسن في القرآن رضي الله عنهم، فلما مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أبي موسى وهو يقرأ سمع له فقال عند ذلك: ( لقد أوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود ) ..
فلما أصبح وجاء أبو موسى أخبره النبي بذلك، فقال: ( يا رسول الله! لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيراً ).
فالمقصود بأن تحسين الصوت بالقراءة له أثر عظيم، فينبغي للقارئ أن يلاحظ هذا، ولهذا جاء في الحديث: ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن )
قال العلماء: يحسن صوته به، ويزين صوته، ويتلذذ ويتخشع جاهراً به، إذا كان عنده من يسمع ويستمع له، أو كان يتلذذ بذلك ويتأثر به .
ونقل الإجماع على استحباب سماع القرآن من ذي الصوت الحسن .
وقال شيخ الإسلام وابن القيم وغيرهما - في تزيين الصوت بالقرآن - هو التحسين والترنم بخشوع وحضور قلب ، لا صرف الهمة إلى ما حجب به أكثر الناس بالوسوسة في خروج الحروف وترقيقها وتفخيمها وإمالتها والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط وشغله بالوصل والفصل والإضجاع والإرجاع والتطريب وغير ذلك مما هو مفض إلى تغيير كتاب الله والتلاعب به حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه ، ومن تأمل هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإقراره أهل كل لسان على قراءتهم ، تبين له أن التنطع بالوسوسة في إخراج الحروف ليس من سنته ... ا.هـ ...
* ولابن ماجه عن جابر مرفوعاً : " إن من أحسن الناس صوتاً الي إذا سمعته يقرأ حسبته يخشى الله " .
ولأبي داود عن جابر : خرج علينا رسول الله صلى الله عليو وسلم ونحن نقرأ القرآن وفينا الأعرابي والأعجمي ، فقال : " اقرؤوا فكل حسن ، وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح ، يتعجلونه ولا يتأجلونه " .. أي يبالغون في عمل القراءة كمال المبالغة للرياء والمباهاة والشهرة والتأكل ويذهب الخشوع .
قال الإمام الذهبي : القراءة المجودة فيها تنطع وتحرير زائد يؤدي إلى أن المجود القارئ يبقى مصروف الهمة إلى مراعاة الحروف والتنطع في تجويدها بحيث يشغله ذلك عن تدبر كتاب الله تعالى ... ا.هـ ..
وأخرج أبو يعلى من طريق سعيد بن أبي بردة عن أبيه " أن النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة مرا بأبي موسى وهو يقرأ في بيته، فقاما يستمعان لقراءته، ثم إنهما مضيا.
فلما أصبح لقي أبو موسى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا موسى، مررت بك " فذكر الحديث فقال " أما إني لو علمت بمكانك لحبرته لك تحبيرا " .
ولابن سعد من حديث أنس بإسناد على شرط مسلم " أن أبا موسى قام ليلة يصلي، فسمع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم صوته - وكان حلو الصوت - فقمن يستمعن، فلما أصبح قيل له ، فقال: لو علمت لحبرته لهن تحبيرا " .
وللروياني من طريق مالك بن مغول عن عبد الله بن بريدة عن أبيه نحو سياق سعيد بن أبي بردة وقال فيه " لو علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع قراءتي لحبرتها تحبيرا " .
وأصلها عند أحمد، وعند الدارمي من طريق الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لأبي موسى - وكان حسن الصوت بالقرآن - لقد أوتي هذا من مزامير آل داود " .
وأصل هذا الحديث عند النسائي من طريق عمرو بن الحارث عن الزهري موصولا بذكر أبي هريرة فيه ولفظه " أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع قراءة أبي موسى فقال: لقد أوتي من مزامير آل داود " وقد اختلف فيه على الزهري، فقال معمر وسفيان " عن الزهري عن عروة عن عائشة " أخرجه النسائي.
ولأبي يعلى من طريق عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء " سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت أبي موسى فقال: كأن صوت هذا من مزامير آل داود " .
وأخرج ابن أبي داود من طريق أبي عثمان النهدي قال " دخلت دار أبي موسى الأشعري فما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا ناي أحسن من صوته " سنده صحيح وهو في " الحلية لأبي نعيم "
والصنج بفتح المهملة وسكون النون بعدها جيم هو آلة تتخذ من نحاس كالطبقين يضرب أحدهما بالآخر، والبربط بالموحدتين بينهما راء ساكنة ثم طاء مهملة بوزن جعفر هو آلة تشبه العود فارسي معرب، والناي بنون بغير همز هو المزمار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والسؤال هنا ..
إذا كان أعظم كلام وهو كلام الله يتغنى ويترنم به .. أليس الأولى بأن يتغنى في الأذان .؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعديل الأخير: