إعلانات المنتدى


في غلظة تصرفات حاقدة على أبيها

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

الكاسر

مزمار داوُدي
27 فبراير 2006
4,050
12
0
الجنس
ذكر
الفتوى رقم: 432

الصنف: فتاوى متنوعة




في غلظة تصرفات حاقدة على أبيها​




السؤال: وقع خصام بين والديَّ، فوقفت إلى جانب أمي لظني أنها على صواب، فقال لي أبي في إحدى المكالمات الهاتفية "أنت لست ابنتي وإنما أنت ابنة أمِّك" وصار لا ينفق علينا، وهو عازم على طردنا من البيت، فقابلت صنيعه ذلك بعبارات شديدة، فيها غلظة، وصرت لا أسلم عليه إذا لقيته لأنه لا ينفق علينا، ويتودد إلى زوجة أخي ذات الخلق السيء، ويقربها إليه، فهل ما فعلته جائز شرعاً؟ وهل تصرفات أبي قائمة وفق أحكام الشرع؟ أرجوا منكم البيان، وبارك الله فيكم.



الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فلا ينبغي للولد أن يتصرَّف مع والديه مهما عظم جرمهما برفع الجناح والشتم والتأفيف عليهما أو على أحدهما ولو كانا مشركين لقوله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرا﴾ [الإسراء:23-24] وقال سبحانه: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً﴾ [لقمان: 15]، فالأفعال المسيئة لهما معدودة من العقوق، وليست من البر والإحسان في شيء كالجفاء والعداوة وتقبيح الوجه والصوت بالشتم واللعن وغيرها من الفعـــــال، فالواجب اللين اتجاههما ومحبة الخير لهما والسعي إلى الوفاق بينهما ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، قال صلى الله عليه وآله وسلم: "لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ"(١) : أي سبهما وشتمهما أو كان سببا في لعنهما.

كما لا يجوز للوالد أن يُنكر نسبَ ولده، فإنَّ ذلك من عظيم الأقوال، وإنما يحمل قوله على إنكار تصرف ولده، أي أن مراده ليس بولده في الطاعة والمحبة والمواقف الحسنة تجاهه وليس مقصوده في النسب، ومع ذلك لا يجوز له مثل هذه العبارات التي تسيء إلى أولاده، وبالمقابل لا يصح للولد أن يقابل صنيع والده بمثله لوجوب البر والإحسان لهما، وعليه أن يقابل السيئة بالحسنة والصبر على ذلك، فإنَّ مَن صبر ظفر، فهو مفتاح الفرج وطريق السعادة قال تعالى: ﴿وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [فصلت:34- 35].

هذا، والواجب على والدك أن ينفق على أمِّكِ ما دامت تحت عصمته، وينفق عليك إلى أن تتزوجي ما دمت مقرَّة في البيت لقوله تعالى: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ﴾ [الطلاق: 7]، وقوله تعالى: ﴿وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]، فإن امتنع من هذا الحق فيجوز المطالبة به عن طريق القضاء لرفع الظلم وإجباره على أداء النفقة الواجبة عليه، وهذا لا يتعارض مع طاعة الوالدين والبر بهما وإنما هو من النصرة لهما لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ"(٢) وإجباره على النفقة من النصرة له، بل شكى بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم آباءهم ولم ينكر عليهم(٣)، وهذا بعد التأكد أنَّ والدتك لم يعطها والدك شيئا.

وأخيرا، أنصحك أن تتأدبي مع والدك، وتعتذري له ما صدر منكِ اتجاهه، وأن لا تعاكسيه في تصرفاته إلاَّ إذا كان مخالفًا للشرع، أو مجاوزًا لحدوده، فـ"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"(٤)، كما أنصحك أن تحفظي لسانك من الطعن فيه، وفي زوجة أخيك وأعراض المسلمين، فإنَّ ذلك من اللَّمز والغيبة وقد يكون الأمر بهتانا، واحرصي على ما ينفعك وصاحبي أمَّكِ وأعينيها على الخير والوفاق والاجتماع والتآلف مع والدك والتقريب بينهما، فإنَّ ذلك من عظيم المسعى وتؤجرين عليه، ويجازيك الله على ذلك خير الجزاء، قال رَجُلٌ لرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِى؟ قَالَ: أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ"(٥).

والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.



الجزائر في: 24 ربيع الثاني 1427ﻫ

المــوافق ﻟ: 22 مــايو 2006م​

__________________________________
١- أخرجه مسلم في الأضاحي (5240)، وأحمد (867)، والبيهقي (19424)، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

٢- أخرجه البخاري في الإكراه (6952)، والترمذي (2421)، وأحمد (13421)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وأخرجه مسلم في البر والصلة (6747)، من حديث جابر رضي الله عنه.

٣- عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم يُخَاصِمُ أَبَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا قَدِ اجْتَاحَ إِلَى مَالِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: « أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ ». أخرجه أبو داود في الإجارة (3532)، وابن ماجه في التجارات (2380)، وأحمد (7081) واللفظ له. قال ابن حجر في المطالب العالية (2/134): "إسناده حسن"، وقال أحمد شاكر في تحقيقه لمسند الإمام أحمد(11/124): "إسناده صحيح"، وحسنه الألباني في الإرواء (3/325).

٤- أخرجه أحمد (1095)، من حديث علي رضي الله عنه، وصححه أحمد شاكر في تحقيقه على المسند (2/248)، والألباني في صحيح الجامع (7396)، انظر مجمع الزوائد للهيثمي (8903)، والسلسلة الصحيحة للألباني (179).

٥- أخرجه البخاري في الأدب (5971)، ومسلم في البر والصلة (6664)، وابن ماجه في الوصايا (2810)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.



فضيلة الشيخ الأصوليّ أبو عبد المعزّ محمّد عليّ فركوس
 

أبو معاذ الجزائري

مزمار ذهبي
11 أكتوبر 2007
1,132
17
38
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد أيوب
علم البلد
رد: في غلظة تصرفات حاقدة على أبيها

جزاك الله خيرا أخي جمال على النقل القيم ، كيف لا وعقوق الوالدين قد استفحل ، ورب العزه يقول: فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا ) أي لاتتأفف ، لا تقل لهما أف ، فقد نهى الله بالأدنى على الألى ، أي من باب أولى ضربهم ، نسأل الله أن يوفقنا لبر والدينا آمين .
 

أبوعديل

مزمار ذهبي
9 مارس 2007
1,193
1
0
الجنس
ذكر
رد: في غلظة تصرفات حاقدة على أبيها

بارك الله فيك.
 

وسام الإسافني

مشرف سابق
15 أكتوبر 2005
2,341
1
0
الجنس
ذكر
رد: في غلظة تصرفات حاقدة على أبيها

رزقنا الله و إياكم بر الوالدين
 

فالح الخزاعي

مدير عام سابق وعضو شرف
عضو شرف
27 أغسطس 2005
11,537
84
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: في غلظة تصرفات حاقدة على أبيها

بارك الله فيك أخي جمال وشكرا على النقل الطيب
 

أيمن_أقصى

عضو شرف، تقني مؤسس للمنتدى
عضو شرف
20 أبريل 2006
9,167
15
38
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبدالله عواد الجهني
علم البلد
رد: في غلظة تصرفات حاقدة على أبيها

بارك الله فيك اخ جمال... نقل مبارك.. ونسأل الله العفو والعافية
 

الجنرال

مشرف سابق
27 مايو 2007
7,082
29
48
الجنس
ذكر
رد: في غلظة تصرفات حاقدة على أبيها

tkroni_EXirFYRNOe.gif


 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع