- 7 يوليو 2007
- 19
- 0
- 0
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
يورق النفس الشجن العميق ،وتوق عظيم ،للخوض في درر الأدباء ،،،،
فالحمد الله الذي يسر لنا سبل ذلك ....في معرض الكتاب ...
ومن أرق ما أزجي إلينا من معرض الكتاب السابق ...كتاب ...سبك في أمورا عجاب فستهجنت العقل في تحسينها للقبيح وتقبيحها للحسن ،،،فوجدت فيه بعد الجولة سلوة ،،،ومتعة ،،،وحسن سبك ،،،وطرافة اللفظ،،،،أمتع وهذب وللخير أدبج ...
كـــتـــاب ((تقبيح الحسن وتحسين القبيح))
ومؤلف هذا الكتاب هو جاحظ نيسابور، وزبدة الأحقاب والدهور، وخاتمة مترسلي العصر العباسي الثالث، الأديبُ الشاعر، أبو منصور، عبد الملك بن محمد الثعالبي النيسابوري، المتوفى عام 429 هـ، نقل ابن خلكان في (وفيات الأعيان): أنه كان راعي تَلَعَات العلم، وجامعَ أشتات النثر والنظم.
ويكفيك -أخي القارئ- لتعرف قدر هذا الرجل ومنزلته في اللغة والأدب أن تعلم أنه هو صاحب كتاب (فقه اللغة)، وكتاب (يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر)، وهذان الكتابان مصدران أصيلان في بابهما، وعمدة لمن جاء بعده في دراسة الأدب والشعر في القرن الرابع الهجري، خاصة أنه نقل فيهما من مصادر لم تعد موجودة اليوم.
وهذا الكتاب -أعني: (تحسين القبيح وتقبيح الحسن)- هو ثالث ثلاثة كتب أنشأها الثعالبي في اختلاف الناس في مدح الأشياء وذمها، والكتابان الآخران هما: (الظرائف واللطائف) و(اليواقيت في بعض المواقيت)، إلا أن نصوص الكتابين الأخيرين تتعلق بمدح الشيء وذمه في مكان واحد.
وهو -رحمه الله- في هذا الكتاب -بل وفي كل مؤلفاته- يسلك سبيله المعهود، من حيث الجِدَّةُ، والطرافة، وإشباع المعاني، وكثرة الشواهد، واختيار النوادر، حتى قال ابن خِلِّكان يصف مؤلفاته: "تواليفه أشهر مواضع، وأبهر مطالع، وأكثر راو لها وسامع".
وهذا الكتاب أهداه الثعالبي -كعادة كثير من الأدباء في ذلك العصر- إلى أحد فضلاء خراسان، وهو الشيخ السيد أبو الحسن محمد بن عيسى الكرجي، وهو الذي أهدى إليه -أيضاً- (تتمة اليتيمة).
ويرى الثعالبي أنه ما سُبِقَ إلى تأليف مثله في طرائف المؤلفات وبدائع المصنفات، ولعله يقصد بالسبق -هنا- جمع هذه المعاني بين دَفَّتي كتاب؛ وإلا فالمعاني التي ذكرها دائرةٌ قبله على ألسنة كثير من الحكماء والعلماء.
ثم يصف الثعالبي كتابه بقوله: "أودعته لمعاً من غرر البلغاء، ونكت الشعراء، في تحسين القبيح وتقبيح الحسن، إذ هما غايتا البراعة، والقدرة على جزل الكلام في سر البلاغة، وسحر الصناعة".
وها أنذا أقتطف لك -أيها القارئ الكريم- طائفة يسيرة من زهور بستانه، تُغريك بالكتاب، ولا تُغنيك عنه، وما تركت أظرف مما ذكرت.
يقول -رحمه الله- في باب ذكر المحاسن:
تحسين الدَّيْن:
دخل عمرو بن عتبة يوماً على خالد بن عبد الله القسري، فقال خالد: إن ها هنا رجالاً إذا خفت أموالهم؛ عوّلوا على الدَّين، وأخذوا في الاستدانة! فقال عتبة: إن رجالاً تكون أموالهم أكثر من مروءاتهم؛ فلا يدانون، ورجالاً لا تكون مروءاتهم أكثر من أموالهم؛ فيدانون، على سعة ما عند الله.
ويقول في تحسين العمى:
قيل لقتادة: ما بال العميان أذكى وأكيَس من البُصَراء؟
فقال: لأن أبصارهم تحولت إلى قلوبهم.
وقال الجاحظ: العميان أحفظ وأذكى، وأذهانهم أقوى وأصفى؛ لأنهم غير مشتغلي الأفكار بتمييز الأشخاص، ومع النظر يتشعب الفكر، ومع انطباق العين اجتماع اللب، ولذلك قال بشار: عميت جنيناً، والذكاء من العمى.
وكان أبو يعقوب الخُزيمي يقول: من فضائل العمى ومحاسنه: سقوط الواجب من الحقوق، والأمان من فضول النظر الداعية إلى الذنوب، وفقد النظر إلى الثقلاء والبغضاء.
ويقول في تحسين أمر البنات:
دخل عمرو بن العاص يوماً على معاوية، وعنده ابنته عائشة، فقال: من هذه يا أمير المؤمنين?
فقال: هذه تفاحة القلب!
فقال: انبذها عنك!
قال: ولم?
قال: لأنهن يلدن الأعداء، ويقربن البُعَداء، ويُوَرِّثن الضغائن!
قال: لا تقل ذلك يا أبا عبد الله، فوالله ما مرَّض المرضى، ولا ندب الموتى[2]، ولا أعان على الأحزان مثلهن، وإنك لواجد خالاً قد نفعه بنو أخته.
فقال: يا أمير المؤمنين قد حبَّبتَهن إليّ.
وكتب أحدهم في التهنئة بابنة: ...فالدنيا مؤنثة، والرجال يخدمونها،... والأرض مؤنثة، ومنها خلقت البَرِية، وفيها كثرت الذُّرِّية، والسماء مؤنثة، وقد زُيِّنت بالكواكب، وحُليت بالنجم الثاقب، والنفس مؤنثة، وهي قوام الأبدان، وملاك الحيوان، والحياة مؤنثة، وبها وعد المتقون، وفيها يتنعم المرسلون.
ويقول -رحمه الله- في باب ذكر المقابح:
تقبيح الخط والقلم:
نظر المأمون يوماً في خط أحمد بن يوسف، وهو يكتب بين يديه، فقال وهو يتنفس الصعداء: يا أحمد، أود لو أن خطك لي بنصف ملكي!
فقال: يا أمير المؤمنين، لو أن في الخط فضيلة؛ لما حرمه الله أعز خلقه، وأجل رسله، محمداً، صلى الله عليه وسلم!
فقال: قد سَلَّيتني مما كنت أجد يا أحمد!
ويقول في تقبيح الأصدقاء والإخوان:
كان عمرو بن العاص يقول: من كَثُر إخوانه؛ كثر غرماؤه!
وكان بعضهم يقول في دعائه: اللهم احرُسني من أصدقائي! فإذا قيل له في ذلك؛ قال: إني أقدر على الاحتراس من أعدائي، ولا أقدر على الاحتراس من أصدقائي![3]
وقال ابن الرومي:
عَدُوُّكَ مِنْ صَدِيقِكَ مُسْتَفَادٌ فَلا تَسْتَكْثِرَنَّ مِنَ الصِّحابِ
فَإنَّ الدَّاءَ أَكْثَرُ مَا تَرَاهُ يَكُونُ مِنَ الطَّعَامِ أَوِ الشَّرَابِ
ويقول في تقبيح الولد:
قال أكثم بن صيفي: من سره بنوه ساءته نفسه.
وقال يحيى بن خالد: ما أحد رأى في ولده ما يحب؛ إلا رأى في نفسه ما يكره.
وكان الشيخ أبو الطيب سهل بن أبي سهل الصعلوكي يطرب لقول أبي الفتح البستي الكاتب:
يَقُولُونَ: ذِكْرُ المَرْءِ يَحْيَا بِنَسْلِهِ وَمَا أَنْ لَهُ ذِكْرٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ نَسْلُ
فَقُلْتُ لَهُمْ: نَسْلِي بَدَائِعُ حِكْمَتِي فَإِنْ فَاتَنَا نَسْلٌ؛ فَإِنَّا بِهَا نَسْلُو
فأمطرونا بما أينعت به حدائقكم بأزهار غضة ،، فوائد جمة ...
فما الكتب التي أمتعتكم ولونت حدائقكم !!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟ [/align]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
يورق النفس الشجن العميق ،وتوق عظيم ،للخوض في درر الأدباء ،،،،
فالحمد الله الذي يسر لنا سبل ذلك ....في معرض الكتاب ...
ومن أرق ما أزجي إلينا من معرض الكتاب السابق ...كتاب ...سبك في أمورا عجاب فستهجنت العقل في تحسينها للقبيح وتقبيحها للحسن ،،،فوجدت فيه بعد الجولة سلوة ،،،ومتعة ،،،وحسن سبك ،،،وطرافة اللفظ،،،،أمتع وهذب وللخير أدبج ...
كـــتـــاب ((تقبيح الحسن وتحسين القبيح))
ومؤلف هذا الكتاب هو جاحظ نيسابور، وزبدة الأحقاب والدهور، وخاتمة مترسلي العصر العباسي الثالث، الأديبُ الشاعر، أبو منصور، عبد الملك بن محمد الثعالبي النيسابوري، المتوفى عام 429 هـ، نقل ابن خلكان في (وفيات الأعيان): أنه كان راعي تَلَعَات العلم، وجامعَ أشتات النثر والنظم.
ويكفيك -أخي القارئ- لتعرف قدر هذا الرجل ومنزلته في اللغة والأدب أن تعلم أنه هو صاحب كتاب (فقه اللغة)، وكتاب (يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر)، وهذان الكتابان مصدران أصيلان في بابهما، وعمدة لمن جاء بعده في دراسة الأدب والشعر في القرن الرابع الهجري، خاصة أنه نقل فيهما من مصادر لم تعد موجودة اليوم.
وهذا الكتاب -أعني: (تحسين القبيح وتقبيح الحسن)- هو ثالث ثلاثة كتب أنشأها الثعالبي في اختلاف الناس في مدح الأشياء وذمها، والكتابان الآخران هما: (الظرائف واللطائف) و(اليواقيت في بعض المواقيت)، إلا أن نصوص الكتابين الأخيرين تتعلق بمدح الشيء وذمه في مكان واحد.
وهو -رحمه الله- في هذا الكتاب -بل وفي كل مؤلفاته- يسلك سبيله المعهود، من حيث الجِدَّةُ، والطرافة، وإشباع المعاني، وكثرة الشواهد، واختيار النوادر، حتى قال ابن خِلِّكان يصف مؤلفاته: "تواليفه أشهر مواضع، وأبهر مطالع، وأكثر راو لها وسامع".
وهذا الكتاب أهداه الثعالبي -كعادة كثير من الأدباء في ذلك العصر- إلى أحد فضلاء خراسان، وهو الشيخ السيد أبو الحسن محمد بن عيسى الكرجي، وهو الذي أهدى إليه -أيضاً- (تتمة اليتيمة).
ويرى الثعالبي أنه ما سُبِقَ إلى تأليف مثله في طرائف المؤلفات وبدائع المصنفات، ولعله يقصد بالسبق -هنا- جمع هذه المعاني بين دَفَّتي كتاب؛ وإلا فالمعاني التي ذكرها دائرةٌ قبله على ألسنة كثير من الحكماء والعلماء.
ثم يصف الثعالبي كتابه بقوله: "أودعته لمعاً من غرر البلغاء، ونكت الشعراء، في تحسين القبيح وتقبيح الحسن، إذ هما غايتا البراعة، والقدرة على جزل الكلام في سر البلاغة، وسحر الصناعة".
وها أنذا أقتطف لك -أيها القارئ الكريم- طائفة يسيرة من زهور بستانه، تُغريك بالكتاب، ولا تُغنيك عنه، وما تركت أظرف مما ذكرت.
يقول -رحمه الله- في باب ذكر المحاسن:
تحسين الدَّيْن:
دخل عمرو بن عتبة يوماً على خالد بن عبد الله القسري، فقال خالد: إن ها هنا رجالاً إذا خفت أموالهم؛ عوّلوا على الدَّين، وأخذوا في الاستدانة! فقال عتبة: إن رجالاً تكون أموالهم أكثر من مروءاتهم؛ فلا يدانون، ورجالاً لا تكون مروءاتهم أكثر من أموالهم؛ فيدانون، على سعة ما عند الله.
ويقول في تحسين العمى:
قيل لقتادة: ما بال العميان أذكى وأكيَس من البُصَراء؟
فقال: لأن أبصارهم تحولت إلى قلوبهم.
وقال الجاحظ: العميان أحفظ وأذكى، وأذهانهم أقوى وأصفى؛ لأنهم غير مشتغلي الأفكار بتمييز الأشخاص، ومع النظر يتشعب الفكر، ومع انطباق العين اجتماع اللب، ولذلك قال بشار: عميت جنيناً، والذكاء من العمى.
وكان أبو يعقوب الخُزيمي يقول: من فضائل العمى ومحاسنه: سقوط الواجب من الحقوق، والأمان من فضول النظر الداعية إلى الذنوب، وفقد النظر إلى الثقلاء والبغضاء.
ويقول في تحسين أمر البنات:
دخل عمرو بن العاص يوماً على معاوية، وعنده ابنته عائشة، فقال: من هذه يا أمير المؤمنين?
فقال: هذه تفاحة القلب!
فقال: انبذها عنك!
قال: ولم?
قال: لأنهن يلدن الأعداء، ويقربن البُعَداء، ويُوَرِّثن الضغائن!
قال: لا تقل ذلك يا أبا عبد الله، فوالله ما مرَّض المرضى، ولا ندب الموتى[2]، ولا أعان على الأحزان مثلهن، وإنك لواجد خالاً قد نفعه بنو أخته.
فقال: يا أمير المؤمنين قد حبَّبتَهن إليّ.
وكتب أحدهم في التهنئة بابنة: ...فالدنيا مؤنثة، والرجال يخدمونها،... والأرض مؤنثة، ومنها خلقت البَرِية، وفيها كثرت الذُّرِّية، والسماء مؤنثة، وقد زُيِّنت بالكواكب، وحُليت بالنجم الثاقب، والنفس مؤنثة، وهي قوام الأبدان، وملاك الحيوان، والحياة مؤنثة، وبها وعد المتقون، وفيها يتنعم المرسلون.
ويقول -رحمه الله- في باب ذكر المقابح:
تقبيح الخط والقلم:
نظر المأمون يوماً في خط أحمد بن يوسف، وهو يكتب بين يديه، فقال وهو يتنفس الصعداء: يا أحمد، أود لو أن خطك لي بنصف ملكي!
فقال: يا أمير المؤمنين، لو أن في الخط فضيلة؛ لما حرمه الله أعز خلقه، وأجل رسله، محمداً، صلى الله عليه وسلم!
فقال: قد سَلَّيتني مما كنت أجد يا أحمد!
ويقول في تقبيح الأصدقاء والإخوان:
كان عمرو بن العاص يقول: من كَثُر إخوانه؛ كثر غرماؤه!
وكان بعضهم يقول في دعائه: اللهم احرُسني من أصدقائي! فإذا قيل له في ذلك؛ قال: إني أقدر على الاحتراس من أعدائي، ولا أقدر على الاحتراس من أصدقائي![3]
وقال ابن الرومي:
عَدُوُّكَ مِنْ صَدِيقِكَ مُسْتَفَادٌ فَلا تَسْتَكْثِرَنَّ مِنَ الصِّحابِ
فَإنَّ الدَّاءَ أَكْثَرُ مَا تَرَاهُ يَكُونُ مِنَ الطَّعَامِ أَوِ الشَّرَابِ
ويقول في تقبيح الولد:
قال أكثم بن صيفي: من سره بنوه ساءته نفسه.
وقال يحيى بن خالد: ما أحد رأى في ولده ما يحب؛ إلا رأى في نفسه ما يكره.
وكان الشيخ أبو الطيب سهل بن أبي سهل الصعلوكي يطرب لقول أبي الفتح البستي الكاتب:
يَقُولُونَ: ذِكْرُ المَرْءِ يَحْيَا بِنَسْلِهِ وَمَا أَنْ لَهُ ذِكْرٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ نَسْلُ
فَقُلْتُ لَهُمْ: نَسْلِي بَدَائِعُ حِكْمَتِي فَإِنْ فَاتَنَا نَسْلٌ؛ فَإِنَّا بِهَا نَسْلُو
فأمطرونا بما أينعت به حدائقكم بأزهار غضة ،، فوائد جمة ...
فما الكتب التي أمتعتكم ولونت حدائقكم !!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟ [/align]