- 12 مارس 2008
- 676
- 1
- 0
- الجنس
- ذكر
(بسم الل)
:
:
القول بأن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أجاز التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم صــحــيـــح.
وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام في (التوسل والوسيلة)، وأفاض في توجيهه أيما إفاضة.
وحاصل ما ذكره الشيخ: أن التوسل بالنبي يستعمل في ثلاثة معان:
ـ الإقسام على الله تعالى بذات النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ـ سؤال الله تعالى بطاعته.
ـ التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته.
وحمل، رحمه الله تعالى، التوسل الذي يجيزه الإمام أحمد على المعنى الأول ، الذي هو الإقسام على الله تعالى بذات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى المعنى الثاني ، الذي هو سؤاله تعالى بتصديق النبي ومحبته واتباعه.
والحمل على المعنى الثاني، بمعنى التصديق والمحبة والاتباع والطاعة ظاهر.
وأما الحمل على المعنى الأول، الذي هو الإقسام على الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنما هو باعتبار أن الإمام أحمد، رحمه الله تعالى، ورد عنه في الإقسام على الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم روايتان:
رواية بالمنع ، وهي الموافقة لمذهب الجمهور.
ورواية بالجواز ، وهي المخالفة لمذهب الجمهور.
وعلى رواية الجواز حمل شيخ الإسلام قوله بجواز التوسل إلى الله تعالى بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد استفاض شيخ الإسلام في مناقشة تلك الرواية القائلة بجواز الإقسام، وبين أنها على خلاف الحق، وأن الأدلة الشرعية قاضية بالمنع، وأن الحق في ذلك مع الجمهور، وأن الإمام أحمد، إن صحت الرواية عنه، مخطئ في ذلك.
فلله دره من رجل لا يتعصب إلا للحق، وإن خالف ذلك قول إمامه.
**********
قال الشيخ:
(لفظ التوسل يراد به ثلاثة معان:
أحدهما: التوسل بطاعته، فهذا فرض لا يتم الإيمان إلا به.
والثاني: التوسل بدعائه وشفاعته، وهذا كان في حياته ويكون يوم القيامة يتوسلون بشفاعته.
والثالث: التوسل به بمعنى الإقسام على الله بذاته والسؤال بذاته ، فهذا هو الذي لم تكن الصحابة يفعلونه في الاستسقاء ونحوه، لا في حياته ولا بعد مماته، لا عند قبره ولا غير قبره، ولا يعرف هذا في شيء من الأدعية المشهورة بينهم، وإنما ينقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة مرفوعة وموقوفة أو عن من ليس قوله حجة كما سنذكر ذلك إن شاء الله تعالى.
وهذا هو الذي قال أبوحنيفة وأصحابه: إنه لا يجوز، ونهوا عنه حيث قالوا: لا يُسأل بمخلوق، ولا يقول أحد: أسألك بحق أنبيائك.
قال أبوالحسين القدوري في كتابه الكبير في الفقه المسمى بشرح الكرخي في باب الكراهة: وقد ذكر هذا غير واحد من أصحاب أبي حنيفة.
- قال بشر بن الوليد حدثنا أبويوسف قال: قال أبوحنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به. وأكره أن يقول: "بمعاقد العز من عرشك" أو "بحق خلقك". وهو قول أبي يوسف. قال أبويوسف: بمعقد العز من عرشه هو الله فلا أكره هذا، وأكره أن يقول بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام.
- قال القدوري: المسألة بخلقه لا تجوز لأنه لا حق للخلق على الخالق فلا تجوز وفاقاً...
والحلف بالمخلوقات حرام عند الجمهور وهو مذهب أبي حنيفة، وأحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد. وقد حكي إجماع الصحابة على ذلك.
وقيل: هي مكروهة كراهة تنزيه.
والأول أصح...
وإنما يعرف النزاع في الحلف بالأنبياء،
فعن أحمد في الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم روايتان:
إحداهما: لا ينعقد اليمين به كقول الجمهور؛ مالك وأبي حنيفة والشافعي.
والثانية: ينعقد اليمين به واختار ذلك طائفة من أصحابه كالقاضي وأتباعه، وابن المنذر وافق هؤلاء.
وقصر أكثر هؤلاء النزاع في ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وعدَّى ابن عقيل هذا الحكم إلى سائر الأنبياء).
وقال أيضا:
(وقد نقل في (منسك المروذي) عن أحــــمــــــد دعاء فيه سؤال بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا قد يخرج على إحدى الروايتين عنه في جواز القسم به، وأكثر العلماء على النهي في الأمرين).
وقال أيضا:
(فإن قيل: إذا كان التوسل بالإيمان به ومحبته وطاعته على وجهين
- تارة يتوسل بذلك إلى ثوابه وجنته (وهذا أعظم الوسائل)،
ـ وتارة يتوسل بذلك في الدعاء كما ذكرتم نظائره
فيحمل قول القائل: أسألك بنبيك محمد، على أنه أراد: إني أسألك بإيماني به وبمحبته، وأتوسل إليك بإيماني به ومحبته، ونحو ذلك، وقد ذكرتم أن هذا جائز بلا نزاع.
قيل: من أراد هذا المعنى فهو مصيب في ذلك بلا نزاع، وإذا حمل على هذا المعنى كلام من توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته من السلف كما نقل عن بعض الصحابة والتابعين وعـــن الإمــــام أحـــــمـــــــد وغيره، كان هذا حسناً وحينئذ فلا يكون في المسألة نزاع.
ولكن كثير من العوام يطلقون هذا اللفظ ولا يريدون هذا المعنى، فهؤلاء الذين أنكر عليهم من أنكر، وهذا كما أن الصحابة كانوا يريدون بالتوسل به التوسل بدعائه وشفاعته وهذا جائز بلا نزاع، ثم إن أكثر الناس في زماننا لا يريدون هذا المعنى بهذا اللفظ).
وقال أيضا:
(قلت: فهذا الدعاء ونحوه قد روي أنه دعا به السلف، ونقل عن أحـــمــــــد بـــن حــنــبــــــل في منسك المروذي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء، ونهى به آخرون. فإن كان مقصود المتوسلين التوسل بالإيمان به وبمحبته وبموالاته وبطاعته، فلا نزاع بين الطائفتين، وإن كان مقصودهم التوسل بذاته فهو محل النزاع، وما تنازعوا فيه يرد إلى الله والرسول).
هذا ما وقفت عليه، فأسأل الله تعالى أن يكون وافيا ببيان المقام.
والله أعلم.
والسلام عليكم.
********************************************
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله [مجموع الفتاوي 2/346]: وأما القسم الثاني فهو التوسل بذواتهم فهذا ليس بشرعي ؛ بل هو من البدع من وجه
ونوع من الشرك من وجه آخر
فهو من البدع ؛ لأنه لم يكن معروفا في عهد النبي مثل أن يقول أسألك بنبيك محمد ومحبته فإن ذلك من دين الله الذي ينتفع به العبد
وأما ذات النبي صلى الله عليه وسلم فليست وسيلة ينتفع بها العبد
وكذلك على القول الراجح لا يجوز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن جاه النبي صلى الله عليه وسلم إنما ينتفع به النبيصلى الله عليه وسلم نفسه ولا ينتفع به غيره
وإذا كان الإنسان يتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم باعتقاد أن للنبي صلى الله عليه وسلم جاها عند الله فليقل اللهم إني إسألك أن تشفع في نبيك محمدا صلى الله عليه وسلم وما أشبه ذلك من الكلمات التي يدعو بها الله عز وجل .
وينظر ما قبله وبعده .
t7
:

القول بأن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أجاز التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم صــحــيـــح.
وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام في (التوسل والوسيلة)، وأفاض في توجيهه أيما إفاضة.
وحاصل ما ذكره الشيخ: أن التوسل بالنبي يستعمل في ثلاثة معان:
ـ الإقسام على الله تعالى بذات النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ـ سؤال الله تعالى بطاعته.
ـ التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته.
وحمل، رحمه الله تعالى، التوسل الذي يجيزه الإمام أحمد على المعنى الأول ، الذي هو الإقسام على الله تعالى بذات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى المعنى الثاني ، الذي هو سؤاله تعالى بتصديق النبي ومحبته واتباعه.
والحمل على المعنى الثاني، بمعنى التصديق والمحبة والاتباع والطاعة ظاهر.
وأما الحمل على المعنى الأول، الذي هو الإقسام على الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنما هو باعتبار أن الإمام أحمد، رحمه الله تعالى، ورد عنه في الإقسام على الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم روايتان:
رواية بالمنع ، وهي الموافقة لمذهب الجمهور.
ورواية بالجواز ، وهي المخالفة لمذهب الجمهور.
وعلى رواية الجواز حمل شيخ الإسلام قوله بجواز التوسل إلى الله تعالى بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد استفاض شيخ الإسلام في مناقشة تلك الرواية القائلة بجواز الإقسام، وبين أنها على خلاف الحق، وأن الأدلة الشرعية قاضية بالمنع، وأن الحق في ذلك مع الجمهور، وأن الإمام أحمد، إن صحت الرواية عنه، مخطئ في ذلك.
فلله دره من رجل لا يتعصب إلا للحق، وإن خالف ذلك قول إمامه.
**********
قال الشيخ:
(لفظ التوسل يراد به ثلاثة معان:
أحدهما: التوسل بطاعته، فهذا فرض لا يتم الإيمان إلا به.
والثاني: التوسل بدعائه وشفاعته، وهذا كان في حياته ويكون يوم القيامة يتوسلون بشفاعته.
والثالث: التوسل به بمعنى الإقسام على الله بذاته والسؤال بذاته ، فهذا هو الذي لم تكن الصحابة يفعلونه في الاستسقاء ونحوه، لا في حياته ولا بعد مماته، لا عند قبره ولا غير قبره، ولا يعرف هذا في شيء من الأدعية المشهورة بينهم، وإنما ينقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة مرفوعة وموقوفة أو عن من ليس قوله حجة كما سنذكر ذلك إن شاء الله تعالى.
وهذا هو الذي قال أبوحنيفة وأصحابه: إنه لا يجوز، ونهوا عنه حيث قالوا: لا يُسأل بمخلوق، ولا يقول أحد: أسألك بحق أنبيائك.
قال أبوالحسين القدوري في كتابه الكبير في الفقه المسمى بشرح الكرخي في باب الكراهة: وقد ذكر هذا غير واحد من أصحاب أبي حنيفة.
- قال بشر بن الوليد حدثنا أبويوسف قال: قال أبوحنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به. وأكره أن يقول: "بمعاقد العز من عرشك" أو "بحق خلقك". وهو قول أبي يوسف. قال أبويوسف: بمعقد العز من عرشه هو الله فلا أكره هذا، وأكره أن يقول بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام.
- قال القدوري: المسألة بخلقه لا تجوز لأنه لا حق للخلق على الخالق فلا تجوز وفاقاً...
والحلف بالمخلوقات حرام عند الجمهور وهو مذهب أبي حنيفة، وأحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد. وقد حكي إجماع الصحابة على ذلك.
وقيل: هي مكروهة كراهة تنزيه.
والأول أصح...
وإنما يعرف النزاع في الحلف بالأنبياء،
فعن أحمد في الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم روايتان:
إحداهما: لا ينعقد اليمين به كقول الجمهور؛ مالك وأبي حنيفة والشافعي.
والثانية: ينعقد اليمين به واختار ذلك طائفة من أصحابه كالقاضي وأتباعه، وابن المنذر وافق هؤلاء.
وقصر أكثر هؤلاء النزاع في ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وعدَّى ابن عقيل هذا الحكم إلى سائر الأنبياء).
وقال أيضا:
(وقد نقل في (منسك المروذي) عن أحــــمــــــد دعاء فيه سؤال بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا قد يخرج على إحدى الروايتين عنه في جواز القسم به، وأكثر العلماء على النهي في الأمرين).
وقال أيضا:
(فإن قيل: إذا كان التوسل بالإيمان به ومحبته وطاعته على وجهين
- تارة يتوسل بذلك إلى ثوابه وجنته (وهذا أعظم الوسائل)،
ـ وتارة يتوسل بذلك في الدعاء كما ذكرتم نظائره
فيحمل قول القائل: أسألك بنبيك محمد، على أنه أراد: إني أسألك بإيماني به وبمحبته، وأتوسل إليك بإيماني به ومحبته، ونحو ذلك، وقد ذكرتم أن هذا جائز بلا نزاع.
قيل: من أراد هذا المعنى فهو مصيب في ذلك بلا نزاع، وإذا حمل على هذا المعنى كلام من توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته من السلف كما نقل عن بعض الصحابة والتابعين وعـــن الإمــــام أحـــــمـــــــد وغيره، كان هذا حسناً وحينئذ فلا يكون في المسألة نزاع.
ولكن كثير من العوام يطلقون هذا اللفظ ولا يريدون هذا المعنى، فهؤلاء الذين أنكر عليهم من أنكر، وهذا كما أن الصحابة كانوا يريدون بالتوسل به التوسل بدعائه وشفاعته وهذا جائز بلا نزاع، ثم إن أكثر الناس في زماننا لا يريدون هذا المعنى بهذا اللفظ).
وقال أيضا:
(قلت: فهذا الدعاء ونحوه قد روي أنه دعا به السلف، ونقل عن أحـــمــــــد بـــن حــنــبــــــل في منسك المروذي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء، ونهى به آخرون. فإن كان مقصود المتوسلين التوسل بالإيمان به وبمحبته وبموالاته وبطاعته، فلا نزاع بين الطائفتين، وإن كان مقصودهم التوسل بذاته فهو محل النزاع، وما تنازعوا فيه يرد إلى الله والرسول).
هذا ما وقفت عليه، فأسأل الله تعالى أن يكون وافيا ببيان المقام.
والله أعلم.
والسلام عليكم.
********************************************
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله [مجموع الفتاوي 2/346]: وأما القسم الثاني فهو التوسل بذواتهم فهذا ليس بشرعي ؛ بل هو من البدع من وجه
ونوع من الشرك من وجه آخر
فهو من البدع ؛ لأنه لم يكن معروفا في عهد النبي مثل أن يقول أسألك بنبيك محمد ومحبته فإن ذلك من دين الله الذي ينتفع به العبد
وأما ذات النبي صلى الله عليه وسلم فليست وسيلة ينتفع بها العبد
وكذلك على القول الراجح لا يجوز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن جاه النبي صلى الله عليه وسلم إنما ينتفع به النبيصلى الله عليه وسلم نفسه ولا ينتفع به غيره
وإذا كان الإنسان يتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم باعتقاد أن للنبي صلى الله عليه وسلم جاها عند الله فليقل اللهم إني إسألك أن تشفع في نبيك محمدا صلى الله عليه وسلم وما أشبه ذلك من الكلمات التي يدعو بها الله عز وجل .
وينظر ما قبله وبعده .
t7