إعلانات المنتدى


. نور الدين عتر ..أثر خبر الآحاد الصحيح في العمل:‏

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

من مكة

عضو موقوف
12 مارس 2008
676
1
0
الجنس
ذكر
(بسم الل) :x18:

د. نور الدين عتر ..

أثر خبر الآحاد الصحيح في العمل:‏

قد ظهر لنا أن الحديث الصحيح –وهو هنا الذي لم يبلغ درجة التواتر- قد استوفى –متناً وسنداً- شروطاً تتحرى نفي كل أسباب الخلل عنه، من أي جهة كانت، مما يلزم النفس السليمة بأن تقبله وتلتزم العمل به.‏

وذلك هو ما ذهب إليه جماهير العلماء من السلف والخلف، ومنهم الأئمة الأربعة وسائر فقهاء الأمصار، لم يشذ عن ذلك إلا نفر قليل جداً من أهل العلم في العصور السالفة ممن لم يكونوا أئمة في علوم الدين.‏



وجملة ذلك أن الله تعالى نهى عباده المؤمنين أن يتبعوا ما لم يثبت عندهم بدليل مقبول في شريعة الله من نص شرعي أو برهان عقلي صحيح، وهذا معنى قوله: "ولا تقف ما ليس لك به علم"، وقوله: "ولا تقولوا على الله إلا الحق" ونحوهما من النصوص التي سبق أن ذكرت، ونعى القرآن على الكافرين تقليد آبائهم من غير برهان من الله، لكنهم اتبعوا الظنون أي الأوهام التي قامت في نفوسهم وتمكنت بعامل التقليد، فقال: "إن يتبعون إلا الظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً".‏

وقد توفرت الأدلة اليقينية القطعية على وجوب العمل بخبر الواحد الصحيح، وهي أدلة من الكتاب والسنة والإجماع، كما نوضح فيما يلي

:‏

آ-دلالة القرآن على حجية خبر الواحد الصحيح:‏

وذلك في مواضع عديدة، قال الإمام فخر الإسلام أبو الحسن البزدوي الحنفي في أصوله(12): "وهذا في كتاب الله أكثر من أن يحصى".‏

وقد عُني شارحه العلامة الأصولي عبد العزيز البخاري بالتوسع في إيرادها، مما لم يفعله غيره من الأصوليين، ونذكر طرفاً مما ذكره فيما يلي:‏

1-قوله تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون(.‏

قال في مسلَّم الثبوت وشرحه(13):‏

"فإن الحذر إنما يكون من الواجب، والكريمة دلت على الحذر فيكون الأخذ بمقتضى أخبار الطائفة واجباً، والطائفة من كل فرقة لا تبلغ مبلغ التواتر، بل الطائفة على ما قال ابن عباس رضي الله عنه تشمل الواحد والجماعة".‏

2-قوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون(.‏

أمر الله تعالى في هذه الآية بسؤال أهل الذكر، ولم يفرق بين المجتهد وغيره، وسؤال المجتهد لغيره منحصر في طلب الإخبار بما سمع دون الفتوى، ولم لم يكن القبول واجباً لما كان السؤال واجباً(14).‏

3-قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله(.‏

"أمر بالقيام بالقسط والشهادة لله، ومن أخبر عن الرسول بما سمعه فقد قام بالقسط وشهد لله، وكان ذلك واجباً عليه بالأمر، وإنما يكون واجباً لو كان القبول واجباً، وإلا كان وجوب الشهادة كعدمها، وهو ممتنع"(15).‏

ب-دلالة السنة:‏

وهو أمر أشهر من أن يخفى لكثرة ما تواردت عليه الأحاديث في الوقائع التي لا تحصى كثرة كما صرح بذلك أئمة أهل العلم(16)، أذكر منها هذه الأحاديث مبيناً تخريجها:‏

1-قوله ( نضَّر الله امرءاً سمع مقالتي فبلغها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه".‏

وهذا حديث متواتر بلغ رواته من الصحابة نحو ثلاثين صحابياً، كما ذكر الإمام السيوطي في تدريب الراوي(17).‏

وهو دليل جلي جداً على الموضوع، استدل به الإمام السرخسي الحنفي على وجوب قبول حديث الواحد الصحيح، قال يوجه استدلاله(18): "ثم أن مَنْ بعثه رسول الله ( خليفته في التبليغ –يعني واجب الامتثال- فكل من سمع شيئاً في أمر الدين فهو خليفته في التبليغ، مأمور من جهته بالبيان". يعني فيكون واجب القبول أيضاً، فثبت بذلك وجوب العمل بخبر الواحد.‏

2-حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في تحريم الخمر: قال: "... إني لقائم أسقيها أبا طلحة وأبا أيوب ورجالاً من أصحاب رسول الله ( في بيتنا إذ جاء رجل فقال: هل بلغكم الخبر؟ قالوا: لا. قال: فإن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: يا أنس، أرِقْ هذه القلال. قال: فما راجعوها، ولا سألوا عنها بعد خبر الرجل" متفق عليه.‏

3-حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "جاء أعرابي إلى النبي ( فقال: إني رأيت الهلال –قال الحسن في حديثه يعني هلال رمضان- فقال: "أتشهد أن لا إله إلا الله؟" قال: نعم. قال: "أتشهد أن محمداً رسول الله؟" قال: نعم. قال: "يا بلال، أذن في الناس أنْ صوموا غداً" أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي، وورد نحوه عن ابن عمر وأنس بن مالك ورِبعيّ بن حِراش(19)، وقد صحح العلماء ذلك.‏

وغير ذلك كثير لا نطيل به، فقد بلغ مبلغ التواتر المعنوي، فضلاً عن تواتر الحديث الأول بنفسه كما بينا، نحيل القارئ للتوسع فيه إلى المراجع.‏

ج-إجماع الصحابة:‏

فقد تواتر عنهم العمل بخبر الواحد، حتى تركوا لأجله اجتهادهم. قال الإمام الغزالي في المستصفى(20): "تواتر واشتهر من عمل الصحابة بخبر الواحد في وقائع شتى لا تنحصر، وإن لم تتواتر آحادها، فيحصل العلم بمجموعها" أي أنها بمجموعها تبلغ درجة التواتر المعنوي، فتفيد بمجموعها العلم اليقيني القطعي.‏

وقال العلامة المحقق محب الله بن عبد الشكور في كتابه "مُسَلَّم الثبوت"(21).‏

"ثانياً إجماع الصحابة وفيهم علي، بدليل ما تواتر عنهم من الاحتجاج والعمل به في الوقائع التي لا تحصى من غير نكير، وذلك يوجب العلم عادة...".‏

ومن أمثلة عمل الصحابة بخبر الواحد:‏

1-عمل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحديث عبد الرحمن بن عوف في قضية المجوس، وهم عبدة النار، حيث شهد عبد الرحمن بن عوف "أن رسول الله ( أخذها من مجوس هجر" يعني الجزية. فأخذ بذلك عمر. أخرجه البخاري وغيره(22).‏

2-كذلك عمل عمر بن الخطاب في دية الجنين، كما رواه عنه ابن عباس رضي الله عنهما: أن عمر ناشد الناس في الجنين فقام حَمَلُ بن مالك بن النابغة فقال: كنت بين امرأتين، فضربت إحداهما الأخرى فقتلتها وجنينها، فقضى رسول الله ( فيه بغرة عبد أو أمة، وأن تقتل بها". أخرجه أصحاب السنن إلا الترمذي، وأخرجه ابن حِبَّان في صحيحه والحاكم في المستدرك(23)، وأصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة.‏

فقد عمل الصحابة بحديث الواحد ولم يختلفوا في الاحتجاج بأخبار الآحاد، حتى تم إجماعهم على العمل بموجبها كما في الحديثين اللذين ذكرناهما، مما يدل على استقرار قضية العمل بخبر الواحد الصحيح لديهم، وأنها قضية مسلمة عندهم إجماعاً.‏

إشكال على عمل الصحابة بخبر الواحد:‏

اعترض المخالفون على ما ذكرنا ببعض ما ورد من تحري الصحابة وتثبتهم، فجعلوه اعتراضاً على دلائل إجماعهم على وجوب العمل بخبر الواحد، ولعل أشهر ذلك وأقواه هذان الحديثان:‏

1-عن أبي سعيد الخدري قال: كنت جالساً في مجلس من مجالس الأنصار، فجاء أبو موسى فزعاً له، فقالوا: ما أفزعك؟ قال: أمرني عمر أن آتيه فأتيته، فاستأذنت ثلاثاً فلم يُؤذن لي، فرجعت، فقال: ما منعك أن تأتينا؟ فقلت: إني أتيت فسلمت على بابك ثلاثاً فلم تردوا علي، فرجعت، وقد قال رسول الله ( : "إذا استأذن أحدهم ثلاثاً فلم يُؤذن له فليرجع".‏

قال: لتأتيني على هذا بالبينة!.‏

فقالوا: لا يقوم إلا أصغر القوم، فقام أبو سعيد معه فشهد له. فقال عمر لأبي موسى:‏

إني لم أتهمك، ولكنه الحديث عن رسول الله ( " أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما(24).‏

2-حديث عمر بن الخطاب وابنه عبد الله بن عمر عن رسول الله ( قال: "إن الميت ليُعذَّب ببكاء أهله عليه". فقالت عائشة رضي الله عنها: "رحم الله عمر، والله ما حدث رسول الله ( أن الله يعذب المؤمنين ببكاء أحد، ولكن قال: إن الله يزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه. وقالت: حسبكم القرآن: "ولا تزر وازرة وِزْرَ أخرى". متفق عليه.‏

زاد مسلم: "إنكم لتحدثوني غير كاذبين ولا مكذبين، ولكن السمع يخطئ".‏

والجواب عن هذا أنه ليس من إنكار خبر الواحد، لكن من باب التثبت والاحتياط لضبط الحديث، فهذا عمر رضي الله عنه يقول: "إني لم أتهمك..."، وحديث تعذيب الميت ببكاء أهله روته عائشة رضي الله عنها اجتهاداً منها كما هو ظاهر، لكن الحديث وارد في معنى صحيح يتحمل فيه الميت مسؤولية ذلك، مثل أن يوصي أهله بالبكاء عليه، كما كان يفعله أهل الجاهلية، ويؤيد ذلك أن في رواية عمر رضي الله عنه لفظ الحديث: "ببعض بكاء أهله".‏

فظهر بذلك أنه لا إشكال على حجية خبر الواحد الصحيح عند الصحابة الكرام.‏

د-دلالة العقل على حجية خبر الواحد:‏

وحقيقة ذلك أن الاحتجاج بخبر الواحد الصحيح أمر بدهي تقضي به الفطرة، لا يحتاج إلى كثير من الاستدلالات والبراهين، فما من إنسان إلا وهو يعول في إبرام شؤونه في العمل أو التجارة أو الدراسة أو غيرها على ما يخبره به واحد موثوق من الناس، حيث يقع في نفسه صدق المخبر، ويغلب على احتمال الغلط أو احتمال الكذب، بل إن الشؤون الكبرى في مصير الأمم يعتمد فيها على أخبار الآحاد المعتمدين، كالسفراء، أو المبعوثين من قبل الحكومات، فالتوقف عن قبول خبر الواحد يفضي إلى تعطيل الدين والدنيا.‏

******************** ( خلافا للجُبَّائي من المعتزلة الذي رد خبر الواحد ..،، ورد عليه الغزالي بادلة جيدة،) لكن الشيخ ادلته هنا اوضح ..

هذه مقالة قديمة نشرها الشيخ نورالدين عتر في مجلة التراث العربي وهي مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب - دمشق
العددان : 11 - جمادى الآخر 1403 نيسان "أبريل" السنة الثالثة و 12 - رمضان 1403 تموز "يوليو" 1983

وانا اختصرتها اختصرا شديدا..
( خير الكلام ما قل ودل )
لمن اراد البحث كامل .. سوف ارسل له ..
*****************************************الدكتور نور الدين عتر. رئيس قسم علوم القرآن والسنة- كلية الشريعة- جامعة دمشق.‏

*****************************************
*
 

سنجار 1

مزمار جديد
8 يونيو 2008
1
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: . نور الدين عتر ..أثر خبر الآحاد الصحيح في العمل:‏

ليتك ترسل الملف لي أخي المبارك : من مكة

بورك بكم
 

من مكة

عضو موقوف
12 مارس 2008
676
1
0
الجنس
ذكر

خلوقه

مزمار نشيط
12 أبريل 2008
47
1
0
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: . نور الدين عتر ..أثر خبر الآحاد الصحيح في العمل:‏

بارك الله في الشيخ

وفيكم

الشيخ عبد الفتاح البزم على اليمين ثم الشيخ د.نور الدين عتر


http://www.alhabibali.org/news/larg_images/12_14.jpg
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع