إعلانات المنتدى


من الخصائص اللغوية لقراءة حفص عن عاصم

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ثمة كلمات كثيرة قد جاءت على لغة الانسجام في قراءة حفص ، وأخرى قد جاءت على الأصل ،


ونسوق نماذج من هذه ،

أولا : ما على الانسجام :

من الكلمات التي حدث فيها انسجام أو تماثل أو مماثلة :

ـ نِعمّا :

في قوله تعالى (( إن تبدوا الصدقات فنعما هي )) البقرة 271، حيث قرئ بكسر النون والعين

وبفتح النون وكسر العين وبكسر النون وإسكان العين، وكسر النون والعين قراءة حفص ، وقد احتج

العلماء للقراءات السابقة، فذكر سيبويه أن كسر العين لغة هذيل، وهى على لغة كسر العين لا إسكانها ،
وقد تبعه الرأي مكي وأبو حيان ، وكسر النون اتباعا لحركة العين ، وذكر ابن خالويه أن الأصل (نعم)

بكسر النون وإسكان العين ؛ لتوافق (بئس) ، وماثله الرأي القرطبي، وذكر أنها اللغة الجيدة؛ وكسرت

العين لالتقاء الساكنين .وفي ضوء الدرس الصوتي الحديث يرجح

الباحث أن الأصل فتح النون وكسر العين وإنما كسرت النون نتيجة مماثلة رجعية ،

وكسر النون أفصح اللغات ؛ لأنها مكسورة في قوله تعالى: ( نعم العبد) .

ـ يضركم:

في قوله تعالى (( وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا )) آل عمران 120 قرئ بضم


الراء مشددة وكذلك بفتحها وبإسكانها خفيفة، والضم قراءة حفص ، وقد اختلف العلماء في كون الفعل

مرفوعا على نية التقديم أو في موضع جزم ، والأصل فيه "يضرركم"، ثم نقل حركة الراء إلى الضاد،

وأدغم الراء في الراء، فالتقي ساكنان، فتحركت الراء المشددة ، وكانت الحركة الضمة ؛ اتباعا

وانسجاما لحركة الضاد، ومن ثم فالضمة حركة نطق لا حركة إعراب ، وهذا ما يرجحه الباحث؛ حيث

يفيد الدرس الصوتي الحديث أن ضم الراء قد جاء نتيجة التماثل التقدمي؛ حيث أثرت حركة الضاد على

حركة الراء ، فتماثلت ضمة مثلها.

ـ يهِدِّي :

في قوله "أمن لا يهدي" يونس 35 قرئ بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال وبفتح الياء والهاء

وتشديد الدال وبفتح الياء وإسكان الهاء وتخفيف الدال وبكسر الياء والهاء وتشديد الدال ، وفتح الياء

وكسر الهاء وتشديد الدال قراءة حفص .


ـ يخِصِّمون :

في قوله "وهم يخصمون" يس 49؛ حيث قرئ بكسر الخاء وتشديد الضاد وبفتح الخاء وتشديد الصاد

وبإسكان الخاء وتخفيف الصاد وكسر الخاء وتشديد الصاد قراءة حفص .

وفي تحليل العلماء لقراءة حفص لهاتين الكلمتين صرفيا ذكر سيسويه أن "يهدي ويخصمون" أصلهما

يهدي ويخصمون وقد حدث إدغام ، وهو أقوي لأن التاء والدال من مخرج واحد ، وتقرب المخرجين بين

التاء والصاد ، والبيان عربى حسن ، وذكر ابن خالويه في تحليل "يهدي" ـ وكذلك مكي ـ أنه حذف

الحركة واسكن التاء، فالتقي ساكنان؛ سكون الهاء وسكون الدال المشددة بعد قلب التاء دالا؛ فكسرت

الهاء لالتقائهما ، وذكر الطبري أن كسر الهاء؛ استثقالا للفتحة بعدها كسرة في حرف واحد وأضاف

أبو شامة أن الكسر أنسب للياء قبلها ، والكسر لغة سفلي مضر .

كذلك الامر بالنسبة لـ "يخصمون" فقد ذكر النحاس أن الأصل يختصمون، وأدغمت التاء في الصاد ،

فكسرت الخاء لالتقاء الساكنين ، وقال القرطبي: كسر الخاء اتباعا مثل "يهدي" ، والكسر أجود وأكثر .

والباحث يرجح رأي القرطبي ـ ومن ماثله الرأي ـ حيث أن الدرس الصوتي الحديث يؤكد سلامة رأيه ،

فكسر الهاء والخاء جاء نتيجة التماثل الرجعي ؛ حيث أثرت حركة الدال والصاد على حركة الهاء

والخاء ؛ فتماثلت كسرة مثلها. كذلك من الكلمات التي خالف شكلها بنيتها نتيجة الانسجام أو التماثل الصوتي:

(عتيا وصليا وجثيا)

من الآيات 8 و70 و 72 من سورة مريم، حيث قرئت هذه الكلمات بكسر الأول وضمه. والكسر قراءة

حفص ، والضم هو الأصل، والكسر جاء اتباعا ؛ ليكون عمل اللسان من وجه واحد؛ لأن اسم الفاعل

من "عتيا وجثيا" عاتو وجاثو ـ بكسر العين ـ إذ إنه من يعنو ويجثو، ثم انقلبت الواو ياء لانكسار ما

قبلها، كما قالوا: غاز والأصل: غازو؛ لأنه من (يغزو)، فأصبح اسم الفاعل الواحد "عاتٍ وجاثٍ

وصالٍ" فجاء الجمع على وزن فعول تاليا للواحد، فصار "جثى وعتى وصلى" فكسرت عين فعول

لكسرة الياء، ثم كسر الأول اتباعا له ، وذكر القرطبى أن الأصل الضم؛ لأن المصدر "عتوا" من ذوات

الواو، من: (عتا يعتو عتوا)، فأبدلوا الواو ياء؛ لأنها أختها وأخف . وقيل: الضم والكسر لغتان .

ولا خلاف بين آراء العلماء، فالأصل الضم؛ لأنه فعول، وقلبت الواو ياء؛ لثقل الواو وخفة الياء؛

ولتناسب الكسرة قبلها، ثم قلبت ضمة الفاء كسرة؛ تماثلا مع الياء بعدها. ولم يكن هذا قانونا عاما في

كل القبائل العربية، وإنما كان خاصا ببعض القبائل دون بعض، فثمة قبائل تستعمل الأصل، وأخرى تميل

للانسجام تخفيفا، فأصبح الانسجام لغة ثانية، ومن ثم فالانسجام مظهر من مظاهر التطور اللغوى نحو

التخفيف.

 

كمال المروش

مشرف سابق
2 يوليو 2006
8,187
128
63
الجنس
ذكر
رد: من الخصائص اللغوية لقراءة حفص عن عاصم

جزاك الله خير على ماتقديمنه لهذا المنتدى
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: من الخصائص اللغوية لقراءة حفص عن عاصم

بسم الله الرحمن الرحيم

ثانيا :

ما جاء على الأصل :


يعرض الباحث لمجموعة من الكلمات التى جاءت على أصل بنيتها فى اللغة:


ـ بكيا:

في قوله تعالى: "خروا سجدا وبكيا" مريم 58 ؛حث قرئ بضم الياء وبكسرها،

والضم قراءة حفص ، وهو الأصل ، أما الكسر فقد جاء انسجاما، تماثلا رجعيا.


ـ بيوت :

البقرة 189 والمائدة 109 وما على وزنها في كل القرآن من صيغة (فعول) مثل:

(جيوب) النور 31 و(عيون) و(شيوخا) غافر 67 وغيرها .. حيث قرئت هذه

الكلمات بضم الفاء وبكسرها، والضم قراءة حفص ، وهو الأصل ، بل قال الزجاج :

وأكثر النحاة لا يعرفون الكسر وهو ردئ عند البصريين؛ لأنه ليس في كلام العرب

"فعول" بكسر الفاء . والباحث لا يؤيد رأي البصريين في وصفهم


لغة الكسر بالرداءة؛ لأنه لغة فصيحة أكد القرآن على فصاحتها؛

والقراءة سنة متبعة.

وبعد .. فقد تبيّن للباحث بعد هذا العرض أن الانسجام الصوتى لغة ثانية عرفتها

القبائل العربية واستعملتها بهدف التخفيف، ولم تستأثر به قبيلة دون أخرى، ومن

ثم يخالف الباحث من ذهب إلى أن الانسجام سمة من سمات لغة القبائل البدوية

فحسب؛ لأن قراءة حفص قد حفظت لنا هذه اللغة في مواضع غير قليلة، وهي قراءة

حجازية، فهذا يؤكد أن لغة الحجاز قبائل غرب الجزيرة اتسمت بهذه السمة، وقد

اكتسبتها من لغة البدو شرق الجزيرة وبخاصة تميم. وهذا يؤكد لنا من ناحية أخرى

أن القرآن لم ينزل بلهجة قريش الخاصة، وإنما بلغة أدبية راقية، احتضنتها قريش

بعد اكتسابها بعض سماتها من القبائل الأخرى، من هذه السمات الانسجام الصوتى.
 
16 يناير 2008
603
5
0
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: من الخصائص اللغوية لقراءة حفص عن عاصم

[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]
اختيارك لهذا الموضوع موفق أختي الكريمة
فالانسجام الصوتي في الأداء وتنوع اللغات العربية نجده عند جل القراء
ودراسته من طرف المختصين في الدرس الصوتي واللساني الحديث يصيبهم بالانبهار
ولاغرابة في ذلك فهو كلام مَنْ خلق الأصوات كلَّها وستخشع له كلُّها
وأبدع صنع كل شيء سبحانه

ولي ملاحظة أختي الكريمة لعلها سبق قلم ، في قول الباحث :
في قوله تعالى (( وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا )) آل عمران 120 قرئ بضم
الراء مشددة وكذلك بفتحها وبإسكانها خفيفة،


فلاتوجد قراءة بفتح الراء في { لايضركم } حتى في الشاذ
فمن المعلوم أن قراءة الكوفيين و الشامي وأبي جعفر : بضم الضاد وتشديد الراء المرفوعة .
وقراءة الباقين : بكسر الضاد وجزم الراء .

وننتظر الإفادة باسم الباحث ومؤلفه وفقك الله .[/align]
[/cell][/table1][/align]
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: من الخصائص اللغوية لقراءة حفص عن عاصم

جزاك الله خيرا اختي وبارك الله فيك

وكلامك هذا والله وسام شرف لي اشكرك جدا على كلامك

وبالنسبة لاسم الباحث واسم الكتاب هو
الخصائص اللغوية لقراءة حفـص
دراسة في البنية والتركيب

دكتور
علاء إسماعيل الحمزاوي
قسم اللغة العربية كلية الآداب جامعة المنيا
 

( المتواضع )

عضو كالشعلة
19 مايو 2008
467
0
0
الجنس
ذكر
رد: من الخصائص اللغوية لقراءة حفص عن عاصم

جزاك الله خير ..
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد

اذكار

عضو كالشعلة
15 أغسطس 2008
444
0
0
الجنس
ذكر
رد: من الخصائص اللغوية لقراءة حفص عن عاصم

عن أبي أمامة الباهلي ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت الرسول
صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (( اقرؤوا القرآن ، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه ))
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: من الخصائص اللغوية لقراءة حفص عن عاصم

عن أبي أمامة الباهلي ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت الرسول
صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (( اقرؤوا القرآن ، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه ))

جزاك الله خيرا
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: من الخصائص اللغوية لقراءة حفص عن عاصم

بسم الله الرحمن الرحيم

الفتـح والإمـالة :

الفتح يعنى النطق بالصوت مفتوحا مفخما على أصل وضعه في اللغة؛ ومن ثم يسمى "التفخيم"، أما الإمالة فهي الميل بالفتحة نحو الكسرة، والألف نحو الياء لضرب من التجانس ، وذكر العلماء أن الفتح لغة الحجاز، والإمالة لغة تميم وقيس وأسد .
ويري الباحث أن هذا لا يمنع من شيوع الإمالة في قبائل غرب الجزيرة وإن لم يكن بالقدر الذي جعل ابن الأنباري يقول: "الإمالة لغة الحجاز ومن جاورهم من بني تميم"، فربما كان هذا القول مبالغا فيه، والدليل على ذلك أن قراءة حفص وهي قراءة حجازية قد آثرت الفتح في كل القرآن ما عدا موضعا واحدا ، أمالت فيه ، وهو كلمة مجراها في قوله تعالى : " بسم الله مجراها ومرساها " هود 41 وسيعرض الباحث لذلك فيما بعد .

ـ بين الأصالة والفرعية:

اختلف العلماء القدماء والمعاصرون في أي من الفتح والإمالة أصل ، فبينما ذهب معظم القدماء إلى أن الفتح أصل ، والإمالة فرع ؛ واستدلوا على ذلك بأنه يجوز تفخيم كل ممال ، ولا يجوز إمالة كل مفخم ، إضافة إلى أن الإمالة مظهر من مظاهر التخفيف ؛ لأن اللسان يرتفع بالفتح وينحدر بالإمالة ، والإنحدار أخف من الارتفاع ، ذهب بعض المعاصرين إلى أن الإمالة أصل والفتح فرع ؛ لجأت

إليه قبائل غرب الجزيرة ؛ بهدف الاقتصاد في المجهود العضلي والتسهيل .
ويؤخذ من كلام القدماء أن الكسر أخف من الفتح ؛ حيث إن الإمالة أخف وربما كان هذا الرأي يحتاج إلى النظر ؛ لأن الفتح ـ كما هو معلوم لدي العلماء ـ أخف الحركات ، ومن ثم لا يسلم الباحث برأي القدماء هذا ، كما أنه لم يطمئن إلى الرأي الآخر الذي مؤداه أن الإمالة أصل والفتح تخفيف ؛ لأن الفتح هو اللغة المشهورة ، وهو لغة قريش ، وبه قراءة أهل الحرمين و حفص باستثناء كلامات معدودة .
ومن ثم يري الباحث أن كلا منهما أصل في موطنه ، سهل على لسان ناطقه، ولو أن الأمر مجرد تخفيف ؛ للجأوا جميعا إلى التخفيف أيا كان هو ، ولعل هذا ما جعل الباحث يطمئن إلى رأي د. عبد الفتاح شلبى بأصالة الفتح في بعض الحالات وأصالة الإمالة في حالات أخرى .

ـ موقف قراءة حفص من هذه الظاهرة :

الفتح والإمالة لغتان فاشيتان في اللهجات العربية ، وبهما نزل القرآن ؛ حيث جمع بينهما على مختلف قراءاته، أما لغة الفتح فقد كان لها القسط الأكبر من قراءات القراء، وأما لغة الإمالة فكل القراء أمالوا وإن تفاوتت الإمالة بينهم قلة وكثرة سوي ابن كثير المكي ، وأكثر القراء إمالة قراء الكوفة، ويجدر بالباحث هنا أن يشير إلى رأي إبراهيم أنيس في سبب ذلك؛ إذ يري أن انتشار ظاهرة الإمالة في قراءات أهل الكوفة يرجع إلى أن الكوفة كانت مهبط القبائل البدوية التي اشتهرت فيها الإمالة وهذا سبب مقنع، غير أنه يثير تساؤلا: إذا كان هذا هو السبب فلماذا لم تنتشر الإمالة في قراءة حفص وهو كوفي؟! وهذا مما دفع الباحث إلى القول بأن انتشار الإمالة في قراءات أهل الكوفة يرجع ـ في المقام الأول ـ إلى السند المتواتر المعتمد على السماع والمشافهة؛ إذ إن قراء الكوفة إلا حفصا قد تلقوا قراءاتهم عن زر بن حبيش الأسدي عن ابن مسعود الهذلي، وقبيلتا أسد وهذيل من القبائل المميلة ، أما حفص فقد تلقي قراءته عن عاصم عن أبى عبد الرحمن السلمي عن على بن أبي طالب، وهؤلاء حجازيو القراءة ومن ثم اشتهرت قراءة حفص بالفتح ـ لغة الحجاز الأولى ـ ولم يمل فيما اشتهر عنه إلا في موضع واحد .
ولغة الحجاز مشهور عنها الفتح ، غير أنها تميل قليلا ، ولعل إمالة مجراها في قراءة حفص من ذلك القليل ، فهذه الإمالة للأثر ، وليست بدعا من حفص إنما هي متواترة عن عاصم عن أبي عبد الرحمن عن على بن أبي طالب ، ومن ثم يخالف الباحث الرأي القائل بأن حفصا من عادته مخالفة أصلة في بعض الكلمات ومن تلك الكلمات التي خالف فيها أصله إمالة مجراها .
وبالرغم من تأكيد العلماء على أن حفصا لم يمل إلا مجراها فإن د/عبد الفتاح شلبي ينقل لنا عن أبي عمرو الداني في كتابه (الموضح) أن حفصا روى عن عاصم إمالة كلمات كثيرة منها: التوراة وبشري وأناة وأراكم وغيرها.
وهذا الأمر يثير تساؤلا: كيف تكثر الإمالة عن حفص وقراءته حجازية، وابن كثير لم يمل إطلاقا وقراءته حجازية؟!
من ناحية أخرى فإن الداني المنقول عنه النص ـ في كتاب آخرله هو التيسير ـ يذهب مذهب غيره، فيذكر أن حفصا لم يمل إلا مجراها ؛ ومن ثم فكيف نقبل نصا انفرد به الداني ـ فيما نعلم ـ ونسلم بصحته، وقد أكد العلماء على خلافه، بل خالفه صاحبه في مؤلف آخر؟!
وبعد هذا العرض ينتهي الباحث إلى أن الفتح والإمالة لغتان فاشيتان في اللهجات العربية، والفتح لغة قبائل غرب الجزيرة ، قبائل الحجاز ، ثم أضافت إليها الإمالة كلغة ثانية ، والإمالة لغة قبائل شرق الجزيرة ، وبهما نزل القرآن ، وجمع بينهما ؛ ليؤكد احترام كل لغات القبائل ، وأن ثمة توافقا وتداخلا بين قبائل شطري الجزيرة ، خلافا لما زعمه المستشرقون.

الهمـز تحقيقا وتسهيلا :

بدءا يشير الباحث إلى أنه لن يتحدث عن هذه الظاهرة بوصفها ظاهرة صوتية، إنما يقتصر فحسب عما يمتّ إليها بصلة بالجانب الصرفي؛ حيث يعرض للكلمات التي يؤدي فيها تحقيق الهمز أو تركه إلى اختلاف صرفي دلالي إلا أن هذا لا يمنع أن يشير إشارة موجزة إلى انتشار الظاهرة في الجزيرة العربية بين القبائل.
لقد اختلفت القبائل العربية في تحقيق الهمز وتسهيله في بعض الكلمات، ويبدو هذا واضحا في لغة القبائل الحجازية لاسيما قريش، ولغة القبائل البدوية وبخاصة تميم؛ فبينما حرصت الأخيرة على الهمز مالت الأولى إلى التسهيل أو ترك الهمز . والهمز هو الأصل ؛ ومن ثم فهو اللغة الأولى، وتركه لغة ثانية، ويعده الباحث مظهرا من مظاهر التطور اللغوي نحو التخفيف، ويري الباحث أن ميل القبائل المتحضرة المتمثلة في قبائل غرب الجزيرة وتتمركزها قريش إلى الهمز راجع إلى اختصار عدد المقاطع الصوتية وانتقال موضع النبر؛ فمثلا كلمة (سأل) تتكون من ثلاثة مقاطع من النوع القصير، والنبر في هذه الحالة على المقطع الثالث من الآخر (س : ص ح)، فإذا ما خفّفنا الهمز اختصرت المقاطع الثلاثة إلى مقطعين: متوسط مفتوح وقصير، وانتقل موضع النبر إلى المقطع قبل الأخير (سا : ص م).
واللغة الأدبية النموذجية تميل إلى تحقيق الهمز، وهي اللغة الفاشية ، وقد اتسمت بها قراءة حفص؛ الأمر الذي يؤكد لنا شيوع هذه السمة في لغة الحجاز. ومن ثم يري الباحث أن الهمز هو اللغة الأولى وأن التسهيل لغة ثانية ، لجأت إليه قبائل الحجاز تخفيفا؛ ليتواءم مع تحضرها.
هذا . . وقد حفظت لنا قراءة حفص نماذج قليلة ـ تحصي عددا ـ من هذه اللغة، نشير منها إلى :

ـ ننسها :

في: (ما ننسخ من آيه أو ننسها نأت بخير منها) البقرة 106، إذ قرئ (ننسها) و(ننساها) بالهمز، والأولى قراءة حفص ، وترك الهمز له أثر صرفي دلالي؛ فبينما كانت الكلمة المهموزة من (أنسأ) بمعني التأخير صارت الكلمة الثانية من (أنسي) بمعني النسيان، وترك الهمز هنا أقوى، يؤكد هذا قوله تعالى: (سنقرئك فلا تنسي) .

ـ أرجه :

في قوله تعالى (أرجه وأخاه) الأعراف 111 حيث قرئ (أرجئه) بالهمز، ومن غير همز (أرجه) وهي قراءة حفص، والأولى من (أرجأ) والثانية من (أرجى)، وهما لغتان في التأخير .

ـ هزوا وكفوا:

في سورتي البقرة 67 والإخلاص 4 ، كل القراء قرأوها بالهمز إلا حفصا فقد قرأ بالتسهيل ، ولعل هذا ما دفع أبا شامة إلى القول: "إن من شأن حفص تحقيق الهمز أبدا، وإنما وقع له الإبدال في (هزوا وكفوا)؛ جمعا بين اللغات؛ لأن من عادته مخالفة أصله" .
وربما جاء التسهيل هنا نتيجة ضم الحرف الثاني، والضم هو الأصل، والإسكان تخفيفا، والضم يوجب قلب الهمزة حرفا من جنس الحركة، ولعل حديثا للمهدي يؤكد هذا الرأي؛ إذ يقول: "من أبدل الهمزة واوا ، فعلى مراعاة الأصل الذي هو الضم؛ لأن الهمزة إذا انفتحت وانضم ما قبلها أبدلت واوا" .

وبعد هذا العرض لهذه الظاهرة تبين للباحث أن الهمز يمثل اللغة الأولى وهو الأصل، وأن التسهيل لغة ثانية، ويعد مظهرا من مظاهر التطور اللغوي نحو التخفيف وهو سمة وسمت بها لغة القبائل الحجازية وفي مقدمتها لغة قريش، وقد جاءت قراءة حفص بلغة التحقيق إلا قليلا بلغة التسهيل، وهذه النتيجة يترتب عليها أمران:
ـ أحدهما :
سيطرة اللغة البدوية على قراءة حفص بالنسبة لهذه الظاهرة ، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى شيوع الهمز في اللغة الحجازية ، ويؤخذ من هذا أن اللغة الحجازية قد استعملت التسهيل فيما بين أهلها واستعملت الهمز لمخاطبة سائر العرب، وربما يدفع هذا الأمر إلى القول بأن لغة قريش هي اللغة الأدبية المشتركة التي يتخاطب بها مختلف قبائل العرب.
ـ والآخـر:
أن ثمة تداخلا وتوافقا بين كتلتي الجزيرة العربية ؛ مما يدحض آراء المستشرقين الخاصة بتقسيم الجزيرة العربية إلى كتلتين :

غربية وشرقية.
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: من الخصائص اللغوية لقراءة حفص عن عاصم

بسم الله الرحمن الرحيم


ياءات الزوائد حذفا وإثباتا :

مقصودنا بالياء الزائدة تلك الياء التي تنتهي بها الكلمة، وهذه الياء محذوفة من الرسم العثماني، وعلى الرغم

من ذلك فقد اختلف فيها القراء حذفا وإثباتا ، ولعل في ذلك دليلا على أن الرسم لم يكن سببا في تعدد القراءات.

والإثبات لغة الحجاز وهو الأصل، والحذف لغة مشهورة للعرب؛ يقولون: جاءنى القاض ومررت بالقاض،

فيحذفونها لسكونها ودلالة الكسرة عليها وقد نسب البنا الدمياطى الحذف لقبيلة هذيل ، وكون الإثبات لغة الحجاز يفيد أن

اللغة الحجازية كانت تتعلق بالصيغة كاملة ومن ثم نخالف (برجشتراسر) في قوله: "إن الكسرة الممدودة الانتهائية

كانت تقصر في لهجة الحجاز" ، وهو يعنى بالكسرة الممدودة ياء المد وعلل د/الجندى ميل الحجازيين إلى الإتيان

بالصيغة وافية أنهم أهل حضر، والحضرى غالبا ما يعنى بتحسين النطق حتى ينال ما يشتهى من طموح ومركز اجتماعى

؛ لهذا يعمد إلى وضوح الكلام وحسن الأداء . أما حذف الياء فقد اختلف في تعليله العلماء؛ فبينما ذهب

البصريون إلى أنه ضرورة، واستشهدوا بهذا الشاهد:

كفاك كف ما تليق درهما جودا وأخرى تعط بالسيف الدما

ذهب الكوفيون إلى أن الحذف لغة .

ويرى الباحث أن رأى البصريين أن صح في الشعر إلا أنه يدفعه أن ليس في القرآن ضرورة ، وهذا لا يعنى تأييد

الرأي الآخر، فكلاهما قابل للمناقشة، ويرى أن الحذف ربما يرجع إلى علة صوتية تتمثل في الإيقاع والانسجام

الصوتي بين الكلمات داخل الآيات والتوافق الموسيقى بين الفواصل، ولعل هذا يبدو جليا في الآيات الأُوَل من سورة

الفجر: "والفجر. وليال عشر. والشفع والوتر. والليل إذا يسر.."

فالفواصل كلها تسير على نغمة موسيقية واحدة

تبرز في أن الكلمات تحمل مقطعا صوتيا واحدا من النوع الطويل المغلق بصامتين.

والقرآن دوما حريص على إحداث نوع من الانسجام الموسيقى بين الآيات وفواصلها وربما كانت هذه الموسيقى أحد

أسباب الأمر الإلهي: "إذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا"، وحفظا

على الانسجام الصوتي والتوافق الموسيقى

بين الآيات وفواصلها قد يضيف القرآن حرفا أو يحذف حرفا مخالفا

بذلك القاعدة النحوية، فمما حذف منه حرف

الفعل "يسر" الفجر4 ومما أضيف إليه حرف: كلمات "الظنونا، الرسولا، السبيلا" الفرقان 10، 66، 67.

فحذف الياء من " يسر " من غير جزم، وإضافة ألف للكلمات الثلاث الأخرى من غير علة نحوية مخالف

للقاعدة التي توجب أن ينتهي الفعل "يسر" بالياء، وتنتهي الكلمات الثلاث الآخرى بإسكان الحرف الأخير في الوقف.

وإنما حدث هذا لتنسجم هذه فواصل الكلمات الثلاث مع فواصل الآيات الأخرى قبلها وبعدها.

ولعل سيبويه قد لحظ هذا الملحظ؛ إذ يقول: "وأما الأفعال فلا يحذف منها شي لأنها لا تذهب في الوصل في حال،

وجميع ما لا يحذف في الكلام وما يختار فيه ألا يحذف يحذف في الفواصل والقوافي، فالفواصل في قوله تعالى:

(والليل إذا يسر)، (ما كنا نبغ)، (يوم التناد)، (الكبير المتعال)، والإثبات أقيس والحذف كثير جائز" .

وهذه العبارة من سيبويه تفيد أن الإثبات أجود وأحسن استعمالا ، والحذف على الجواز.

تبين للباحث بعد هذا العرض أن الإثبات والحذف ظاهرتان لغويتان شاعتا في اللغة الحجازية ، وقد ثبت أن الإثبات

هو الأصل ، وهذا يعنى أنه اللغة الأولى ، وأن الحذف لغة ثانية ، ويعد مظهرا من مظاهر التطور اللغوي نحو

التخفيف ، ولعل صادق ما يدلك على أن الحذف سمة من السمات اللغوية للقبائل الحجازية أن قراءة حفص قد اتسمت

بهذه السمة ، وأن لم تكن من سمات لغة الحجاز الخاصة ، فقد اكتسبتها من لغة القبائل الأخرى ؛ ولعل

هذا مما جعل قريشا تحتضن اللغة المشتركة ، حتى نسبت إليها ؛ ويؤيد هذا قول عثمان : " إذا اختلفتم في شي ،

فاكتبوه بشأن قريش فإنه نزل بلسانهم".

ياءات الإضافة إسكانا وتحريكا:

ياء الإضافة ضمير يلحق الاسم والفعل والحرف، وله موقع إعرابي مع الثلاثة؛ فمع الاسم الجر كما

في "عهدي"، ومع الفعل النصب كما في "بلغني"، ومع الحرف النصب كما في "إني" والجر كما في "لي"،

والأصل فيها التحريك، وإسكانها تخفيفا .

وفي ضوء الدرس الصوتي الحديث يرى الباحث أن سبب التنوع بين التحريك والإسكان يرجع إلى المقاطع

الصوتية ؛ فالإسكان يختصر عدد المقاطع ، حيث يجعل التحريك صوت الياء يمثل مقطعا قصيرا ، على حين يجعله

الإسكان حركة طويلة للصوت السابق ، فيكونان مقطعا صوتيا واحدا من النوع المتوسط المفتوح ،

فمثلا كلمة "بلغني" تتكون من خمسة مقاطع قصيرة حال التحريك ، فإذا ما أسكنا الياء اختصرت

المقاطع إلى أربعة ؛ رابعها متوسط مفتوح

" ص م " ، واختصار عدد المقاطع سمة من سمات التخفيف في اللهجات العربية ، وربما امتازت بها لهجات

قبائل شرق الجزيرة وفي مقدمتها لهجة تميم .

قراءة حفص وهذه الظاهرة :

إن عدد الياءات التي تنوعت قراءتها ما بين الإسكان والتحريك مائة وخمس وسبعون ياء ، منها ثنتان

وأربعون ياء جاءت في قراءة حفص متحركة بالفتح ، وسائر الياءات ساكنة ، وهذا ما يدفع إلى القول بأن لغة الحجاز

قد شاعت فيها الظاهرتان إحداهما لهجتها الخاصة والأخرى اكتسبتها من لهجات القبائل الأخرى ؛

وذلك لأن قراءة حفص قراءة حجازية.

ويمكن تفصيل الياءات في قراءة حفص على النحو التالي:

ـ الياءات المتلوة بهمزة مفتوحة:

وهذه ساكنة جميعا ما عدا موضعين: "معي أبدا" التوبة 83 و"معي أو رحمنا" الملك 28
ـ الياءات المتلوة بهمزة مضمومة:

وهذه ساكنة جميعها؛ وربما كان الإسكان هنا تخفيفا؛ حيث إن الانتقال من الفتح إلى الضم يجهد الجهاز الصوتي.

ـ الياءات المتلوة بهمزة مكسورة:

وهذه ساكنة جميعا ما عدا "أمي إلهين" المائدة 116 و"إن أجرى إلا" في كل

المواضع، وربما كان الفتح في الأخيرة هروبا من توالى المقاطع المماثلة؛ لأن إسكان الياء بجعل التركيب مكونا من

خمسة مقاطع من النوع المتوسط، في حين أن فتحها يجعل المقطع "رى : ص م" مقطعين قصيرين، وهذه سمة من

سمات العربية ؛ إذ تكره توالى الأمثال ، فتتخلص من ذلك المكروه ؛ إما بالمخالفة وإما بالحذف ، والفتح هنا مخالفة.

ـ الياءات المتلوة بـ "أل" أداة التعريف:

وهذه فتحها حفص في كل القرآن ما عدا "عهدي الظالمين" البقرة 124،

وإيثار الفتح هنا ربما كان عائدا إلى الحفاظ على النطق بالصيغة وافية ؛ لأن إسكان الياء وبعدها صوت ساكن يؤدى إلى حذف الياء نطقا؛
تخلصا من التقاء الساكنين، وهذه سمة من سمات لغة الحجاز.

ـ الياءات المتلوة بهمزة وصل :

وهذه ساكنة جميعها ؛ ولعل الإسكان تخفيف .

ـ الياءات المتلوة بأي حرف من حروف المعجم سوى ما سبق وجملتها في القرآن ثلاثون كلمة، وقد جمعت قراءة حفص فيها بين التحريك والإسكان؛ ولعل في هذا تأكيدا على افصحية اللغتين،

وكلتاهما شاعت في اللغة الحجازية وبهما نزل القرآن.
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع