- 3 فبراير 2007
- 3,070
- 14
- 38
- الجنس
- ذكر
[align=center] بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكم (مزامير) الخير



كيف انتشرت رواية ورش في بلادنا؟
تنسب القراءة إلى عثمان بن سعيد المصري (ت 297 هـ) الذي لقبه أستاذه نافع بالمدينة المنورة باسم ورش لشدة بياضه. فقد رحل من بين الكثيرين إلى المدينة المنورة للتعلم على يد أستاذه نافع المدني (ت169 هـ) الذي أخذ بدوره القرءان عن سبعين تابعي، و هو نفسه الذي أخذ عنه الإمام مالك. أما عن كيف انتشار رواية ورش في شمال إفريقيا، فقد كان المغاربة والأندلسيون يقرأون القرآن الكريم برواية هشام عن ابن عامر ما يزيد على القرن، ثم تحولوا مدة إلى قراءة حمزة، و بعدها إلى رواية ورش عن نافع بطريق أبي يعقوب الأزرق بعد أن استقرت هذه الرواية بمصر ثم القيروان وانتشرت بعد ذلك في ربوع الغرب الإسلامي بما فيه الأندلس.
ومن بين من ساهموا في إدخال قراءة نافع إلى الغرب الإسلامي العالم الأندلسي أبي محمد غازي بن قيس الأندلسي (ت 199هـ/814م) ، الذي رحل من قرطبة إلى المدينة فأخذ القراءة مباشرة عن الإمام ورش روايته و نشرها بالمغرب والأندلس. و مما يذكر عن هذا العالم أنه صحَّحَ مصحفه على مصحف نافع ثلاث عشرة مرة، فكان من أكثر المصاحف ضبطا في الرسم وفي القراءة. و قد نشأت بعد ذلك مدرسة المغرب و الأندلس في القراءات. و كان عطاء المدرسة غزيرا في مجال القراءة وعلومها، عن طريق علماء مشهورين أمثال مكي بن أبي طالب بن حموش، وأبي عمرو الداني و ابن فره الشاطبي، الذين تلقف علماء القراءات كتبهم فعكفوا عليها فهما وتدريسا وشرحا و لا تزال بعض متونهم و تآليفهم تدرس في مختلف المدارس القرآنية و الجامعات. و بعد ذلك أصبحت قراءة نافع برواية ورش إحدى الروايات التي تواتر بها النقل في بلاد المغرب جيلا بعد جيل، إذ كان لها عند أهل إفريقيا و الأندلس مكانة و شأنا لا تنازعه فيها أيّة قراءة أخرى.
و يكفي لمعرفة صحة رواية ورش أن الإمام مالك قد تعلّم على يدي نافع و ذكر أنه إمام الناس في القراءة، و أن قراءته من السّنّة. كما روي عن الإمام مالك أنه كان يكره القراءة بالنبر (أي بتحقيق الهمز)، باعتبار ما جاء في السيرة من أن رسول الله (ص) لم تكن لغته الهمز، أي لم يكن يظهر الهمز في الكلمات المهموزة مثل: مومن، ياجوج وماجوج، الذيب، و هو ما يجعلنا نعتقد أن قراءة نافع هي لغة مجتمع المدينة المنورة في العهد النبوي و قبله و بعده.
فالمعروف أن الإمام مالكا قد أقام بالمدينة المنورة و استقى فقهه من علمائها بل و انفرد بركن "عمل أهل المدينة" كمصدر للتشريع، حيث رأى أن أعمال مجتمع أهل المدينة في وقته ما هو إلا رسوخ للأحكام الفقهية النبوية في الممارسة اليومية التي جرى العرف بالعمل بها. و من المعلوم أن المدينة المنورة قد حفظت وحدتها الاجتماعية و الثقافية بعيدا عن الأحداث الكبرى بالمقارنة مع الحظائر الإسلامية الأخرى مثل الكوفة و البصرة و الشام و مصر. و بخلاف ذلك فقد سئل الإمام مالك يوما عن الكوفة، فقال تمنيت لو أراحنا الله منها، و ذلك بسبب ما حدث فيها من ويلات لا تزال الأمة تعاني منها إلى يومنا. و مع ذلك فقد كانت الكوفة مهدا للكثير من علوم اللغة و القراءات و الخطوط، و هي كذلك منشأ رواية حفص بن سليمان الأسدي التي أخذها عن عاصم (ت 127هـ).
-------------------------------
t7[/align]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكم (مزامير) الخير
كيف انتشرت رواية ورش في بلادنا؟
تنسب القراءة إلى عثمان بن سعيد المصري (ت 297 هـ) الذي لقبه أستاذه نافع بالمدينة المنورة باسم ورش لشدة بياضه. فقد رحل من بين الكثيرين إلى المدينة المنورة للتعلم على يد أستاذه نافع المدني (ت169 هـ) الذي أخذ بدوره القرءان عن سبعين تابعي، و هو نفسه الذي أخذ عنه الإمام مالك. أما عن كيف انتشار رواية ورش في شمال إفريقيا، فقد كان المغاربة والأندلسيون يقرأون القرآن الكريم برواية هشام عن ابن عامر ما يزيد على القرن، ثم تحولوا مدة إلى قراءة حمزة، و بعدها إلى رواية ورش عن نافع بطريق أبي يعقوب الأزرق بعد أن استقرت هذه الرواية بمصر ثم القيروان وانتشرت بعد ذلك في ربوع الغرب الإسلامي بما فيه الأندلس.
ومن بين من ساهموا في إدخال قراءة نافع إلى الغرب الإسلامي العالم الأندلسي أبي محمد غازي بن قيس الأندلسي (ت 199هـ/814م) ، الذي رحل من قرطبة إلى المدينة فأخذ القراءة مباشرة عن الإمام ورش روايته و نشرها بالمغرب والأندلس. و مما يذكر عن هذا العالم أنه صحَّحَ مصحفه على مصحف نافع ثلاث عشرة مرة، فكان من أكثر المصاحف ضبطا في الرسم وفي القراءة. و قد نشأت بعد ذلك مدرسة المغرب و الأندلس في القراءات. و كان عطاء المدرسة غزيرا في مجال القراءة وعلومها، عن طريق علماء مشهورين أمثال مكي بن أبي طالب بن حموش، وأبي عمرو الداني و ابن فره الشاطبي، الذين تلقف علماء القراءات كتبهم فعكفوا عليها فهما وتدريسا وشرحا و لا تزال بعض متونهم و تآليفهم تدرس في مختلف المدارس القرآنية و الجامعات. و بعد ذلك أصبحت قراءة نافع برواية ورش إحدى الروايات التي تواتر بها النقل في بلاد المغرب جيلا بعد جيل، إذ كان لها عند أهل إفريقيا و الأندلس مكانة و شأنا لا تنازعه فيها أيّة قراءة أخرى.
و يكفي لمعرفة صحة رواية ورش أن الإمام مالك قد تعلّم على يدي نافع و ذكر أنه إمام الناس في القراءة، و أن قراءته من السّنّة. كما روي عن الإمام مالك أنه كان يكره القراءة بالنبر (أي بتحقيق الهمز)، باعتبار ما جاء في السيرة من أن رسول الله (ص) لم تكن لغته الهمز، أي لم يكن يظهر الهمز في الكلمات المهموزة مثل: مومن، ياجوج وماجوج، الذيب، و هو ما يجعلنا نعتقد أن قراءة نافع هي لغة مجتمع المدينة المنورة في العهد النبوي و قبله و بعده.
فالمعروف أن الإمام مالكا قد أقام بالمدينة المنورة و استقى فقهه من علمائها بل و انفرد بركن "عمل أهل المدينة" كمصدر للتشريع، حيث رأى أن أعمال مجتمع أهل المدينة في وقته ما هو إلا رسوخ للأحكام الفقهية النبوية في الممارسة اليومية التي جرى العرف بالعمل بها. و من المعلوم أن المدينة المنورة قد حفظت وحدتها الاجتماعية و الثقافية بعيدا عن الأحداث الكبرى بالمقارنة مع الحظائر الإسلامية الأخرى مثل الكوفة و البصرة و الشام و مصر. و بخلاف ذلك فقد سئل الإمام مالك يوما عن الكوفة، فقال تمنيت لو أراحنا الله منها، و ذلك بسبب ما حدث فيها من ويلات لا تزال الأمة تعاني منها إلى يومنا. و مع ذلك فقد كانت الكوفة مهدا للكثير من علوم اللغة و القراءات و الخطوط، و هي كذلك منشأ رواية حفص بن سليمان الأسدي التي أخذها عن عاصم (ت 127هـ).
-------------------------------
t7[/align]