مواصلة الدراسة :
مضى الملا عثمان يواصل دراسته في علوم الشريعة فبداء بدراسة علوم اللغة من صرف ونحو ومعاني وبيان لاهميتها وفائدها في فهم اسرار القران وفقه معانيه ومن اشهر من تتلمذ على ايديهم في هذه العلوم الشيخ
عمر الاربيلي نسبة الى اربيل وتقع مدينة أربيل (بالكردي هولير) وهي مركز محافظة أربيل وعاصمة اقليم كردستان في شمال العراق وتبعد عن مدينة بغداد حوالي 360 كيلومتر وتقع مدينة الموصل إلى الغرب من اربيل وتبعد عنها حوالي 84 كيلومتر ويتميز علماء الاكراد بتمكنهم من علوم اللغة خاصة رغم انهم لايتكلمون العربية وانما لهم اللغة الكردية الخاصة بهم وقد درست علوم اللغة على مشايخ من امثال عمر الديبكي الاربيلي ومحمد بابكر وذلك لمعرفتهم الجيدة بهذا الفن من العلوم .وتنتشر عدة مدارس شعبية في تلك المحافظة يتولاها اساتذة معروفون امثال الملا عبد الله زاده وملا صادق امام جامع شيخ جامي وملا احمد خليفة والاستاذ اسعد افندي الاربيلي وملا ابو بكر عمر افندي والاستاذ ابراهيم البيشة بي وغيرهم وتاريخ الاكراد في علوم اللغة مشهود له ولذلك اسباب لامجال لذكرها في هذا البحث ولنا عودة ان شاء الله لبيان ذلك .
وممن تتلمذ على ايديهم الملا عثمان في علوم اللغة الشيخ صالح الخطيب وعبد الله الفيضي ثم بعدها اكمل دراسة الحديث وعلومه والتفسير على بقية علماء عصره .
وتتوالى المصائب:
في سنة 1865توفي محمود افندي العمري الذي كان يرعاه ويوفر له الجو الدراسي المناسب فكان وقع ذلك على الملا شديدا فقرر الملا ان يسافر الى بغداد مدينة السلام ويقيم مع ربيبه احمد العمري لقد كانت بغداد في عصر الملا عثمان تغص بكوكبة من عباقرة العلم في شتى الفنون والعلوم منهم الشيخ السويدي والشيخ ابن سميكـة ، و الشيخ أحمد الحافظ ، و الشيخ علي بن حسين بن كثير في علوم الحديث ، و الشيخ أبي الحسن السندي ، و الشيخ عبدالقادر بن عبيدالله بن صبغة الله الحيدري ، و أخيه الشيخ عبدالله ، و الشيخ محمد أسعد الحيدري ، و الشيخ محمد أمين ، و الشيخ أحمد الحياني قاضي بغداد ، و الشيخ خالد النقشبندي ،لقد وجد الملا في هذه الاجواء كل تقدير واحترام من اعيان وادباء وعلماء بغداد وتعرف على الكثير منهم ودارت بينه وبينهم مساجلات ونقاشات واعجبوا بذكائه ونوادره وادابه واستحضاره للشعر ومن جميع الوانه وفنونه ،وفي خلال اقامته ببغداد وجد المجال امامه فسيحا واسعا كي يستزيد من العلم فدرس اعظم كتاب بعد كتاب الله الا وهو صحيح البخاري فعكف على اخذه بالسند من العلماء المعتبرين ومنهم العلامة داود افندي لكن الشيخ داود ما لبث ان توفي فقرر ان يكمل الصحيح على العلامة بهاء الدين الهندي وفي جامع الامام الاعظم.
الرجوع الى الموصل :
بسبب اضطرابات سياسية لم يحسب لها الملا حساب ولم يدرس ابعادها بشكل جيد جعلته يلقي خطابا حماسيا رغم انه ضرير وطعن بالخلافة العثمانية بالاشارة والتلميح من غير ان يعرض بتصريح وتجاهل في نفس الوقت الدعاء للسلطان فلم يدعو له في الخطبة فغضب عليه والى بغداد فامر بنفيه الى سيواس- مدينة سيواس تقع وسط الاناضول من الجهة الشرقية ويقطعه طريق الاناضول التاريخي المهم وتعتبر منطقة مهمة جدا لانها نقطة تقاطع هذا الطريق الهام، ومدينة سيواس بتاريخها الغني وجمال طبيعتها وحماماتها المعدنية تجلب الناظرين للتمتع بجمالها -.في تركيا من عام 1886ولكنه لم يطل المكوث حيث شفع فيه بعض محبيه من الوجهاء فرجع الى الموصل ولكنه احب قبل الرجوع ان يؤدي مناسك الحج واداء الفريضة فرحل الى بلا الحجاز يحدوه الشوق لزيارة بيت الله ويتزود فيه من الغذاء الروحي.
رجع بعدها الى اهله واقاربه الذين غاب عنهم عشرون عاما وبعد ان استقر به الحال راىالملا ان يواصل مسيرته العلمية على كبار علماء عصره وخاصة فيما يتعلق بعلم القراءات .فاتصل بالمقرئ محمد الحاج حسن ودرس عليه القراءات السبع ثم الشيخ محمد بن جرجيس الموصلي المشهور بالنوري –العلامة في المعقول والمنقول له كتاب تسلية الاخوان في مواعظ شهر رمضان اخذ الاجازة عبد الله الفيضي توفي سنة 1305- في تكية القادرية والتي شهدت تخريج عدد كبير من قراء الموصل وقد كانت التكيا عبارة عن مراكز اشعاع فكري لتدريس العلوم الشرعية وعبارة عن ثغور اسلامية لصد غارات الاعداء والاعداد للجهاد الا انها تحولت بسبب دعاة الضلالة الى اماكن للخرافات والاباطيل وعقد السحلا وعمل الشعوذة والله المستعان .
ملاحظة :لقد اغفلنا الكثير من ترجمة الملا عثمان مما لايليق ذكره في هذا المنتدى المبارك وسلطنا الضوء على ما يهمنا من الجوانب المشرقة من سيرته وخاصة ما يتعلق بموضوع القراءات وعلوم القران لان الملا عثمان خاض في فنون متنوعة بعضها فيه اشكال حاله كحال الملا الحافظ مهدي وغيره رحمهم الله اجمعين ودخل في دهاليز محذورة من الغناء وتوابعه وقد بينا ذلك في المقدمة وما من احد الا يؤخذ منه ويرد الا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجب التنبه لذلك والله الهادي والموفق .
