- 22 يوليو 2008
- 16,039
- 146
- 63
- الجنس
- أنثى
- علم البلد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المجـرد والمزيـد :
يقف الباحث إبان هذه الظاهرة عند صيغتي: (فعل وأفعل)، ويدور الحديث
من خلال عدة نماذج يسوقها الباحث تكشف لنا عن أي الصيغتين
تؤثرها قراءة حفص:
ـ فأسر:
في قوله تعالى: (فأسر بأهلك) هود81، حيث قرئ بهمزة قطع وبهمزة
وصل والأولى قراءة حفص ، وهو من الفعل الرباعي (أسرى)، ويماثله
قوله: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا) الإسراء، أما الثانية
فمن (سرى)، ونظيره (والليل إذا يسر) الفجر4.
نسقيكم :
النحل 66 والمؤمنون 21، قرئ بضم النون وفتحها، والأولى قراءة حفص ،
والضم من الرباعي (أسقي) ومنه (فأسقيناكموه) الحجر22، والفتح من
(سقى)، ومنه قوله: (سقاهم ربهم) الإنسان21.
يسحتكم: طه 61، قرئ بضم الياء وبفتحها، والضم قراءة حفص ،
وهو من الرباعي (أسحت)، في حين أن الفتح من (سحت).
إذ أدبر:
المدثر 33، قرئ (إذ أدبر) بهمزة قطع، و(إذا دبر) من غير همز،
والرباعي قراءة حفص .
من خلال هذه النماذج تبين أن قراءة حفص قد آثرت الصيغة المزيدة،
وفي التحليل ذكر المحللون أن (سرى وأسرى) لغتان بمعنى واحد ،
وكذلك: (سقى وأسقى)
وكذا : (دبر وأدبر) لغتان بمعنى واحد .
وحاول المتقدمون أن يصيغوا قانونا عاما لهذه الظاهرة؛ فنسبوا المزيد
لتميم والمجرد للحجاز؛ فقالوا: (سحت) لغة الحجاز و(أسحت)
لغة تميم ، و(سقى) لغة قريش و(أسقى) لغة حمير .
وللباحث ملحظ على ما سبق يخلص في أن قراءة حفص حجازية وقد
آثرت الصيغة المزيدة؛ مما يؤكد شيوع الصيغ المزيدة في لغة الحجاز،
ومن ثم يخالف الباحث د.علم الدين في تعليله لإيثار حفص الصيغة
المزيدة أنه من البيئة الكوفية، تلك البيئة التي تأثرت بقبائل شرق الجزيرة
، فهذا الرأي مؤداه أن القارئ قد تأثر في قراءته بالبيئة اللغوية التي نشأ
فيها، وهذا رأي ربما يكون بعيدا ـ في نظر الباحث ـ لأن القارئ
اعتمد في قراءته على السماع والمشافهة فحسب.
بل ويخالف الباحث القانون الذي نسب الصيغة المزيدة لتميم والصيغة
المجردة للحجاز، إذ نجد صيغا المجرد منها لقبائل شرق الجزيرة والمزيد
لقبائل غرب الجزيرة منها:
(نسقيكم ويسحتكم وأدبر)؛ حيث قرأها أبو بكر
عن عاصم مجردة ، وقراءته عن زر بن حبيش عن ابن مسعود، أى قراءته
تتسم بالسمات اللغوية البدوية، وقرأها حفص مزيدة، وقراءته حجازية؛
ومن ثم يمكن القول بأن لغة الحجاز ولغة تميم كلتاهما استعملت
الصيغتين. هذا .. ولم يذكر العلماء
فرقا دلاليا بين الصيغتين، والباحث يرى أن الصيغة
المزيدة أكثر تأكيدا؛ لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، ولعل حديثا
لابن درستويه يؤكد ما يراه الباحث، يقول: "لا يكون فعل و أفعل بمعنى
واحد، كما لا يكونان على بناء واحد إلا أن يجئ ذلك في لغتين مختلفتين،
فأما من لغة واحدة فمحال أن يختلف اللفظان والمعنى واحد" .
فهذا النص يؤكد أن البيئة اللغوية الواحدة لا تستعمل صيغتين بمعنى
واحد، فإذا وردتا فيها، فلابد من فرق دلالي بينهما، ولعل سيبويه قد
لمس ذلك الفرق بين (سقى وأسقى)؛ إذ يقول: "سقيته فشرب،
وأسقيته جعلت له ماء وسقيا، فسقيته مثل كسوته، وأسقيته مثل
ألبسته" ، وقس على هذا سائر الصيغ.