- 27 فبراير 2006
- 4,050
- 12
- 0
- الجنس
- ذكر
مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق
[align=center]---------------------------------------------
مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق
"مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق، ومثير الغرام إلى دار السلام"..
كتاب ألفه: أبو زكريا أحمد بن إبراهيم الدمياطي المشهور بابن النحاس المتوفى سنة 814هـ
يقول فيه:
"من المعلوم أن الخلق كلهم مِلك لله تعالى وعبيد، وأن الله تعالى يفعل في مِلكه ومُلكه ما يريد:
( لايسأل عما يفعل وهم يسألون).
ولا يقال لما لم يرد: لم لا يكون؟..
ومع هذا اشترى من المؤمنين نفوسهم لنفاستها لديه إحسانا منه وفضلا، ورقم ذلك العقد في كتابه القديم، فهو يقرأ أبدا بألسنتهم ويتلى، فقال مبينا للزوم هذا العقد أزلا في محكم الفرقان:
(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن)..
ثم أرشد من اشترى منهم نفوسهم إلى الوفاء بالتسليم، وحضهم عليه ببيان مالهم فيه من الربح الجزيل والفضل العميم، فقال تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم}..
وخاطب المقرين بالبيع المماطلين بالتسليم خطابا بل عتابا وتوبيخا يقرأ أبدا في محكم التنزيل، فقال تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل}..
ثم حذرهم من الإصرار على المماطلة وتوعدهم على التسويف بعد وجوب النفير، فقال سبحانه:
{إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير}….
قال: ومما يجب اعتقاده:
أن الأجل محتوم..
وأن الرزق مقسوم..
وأن ما أخطأ لا يصيب..
وأن سهم المنية لكل أحد يصيب..
وأن كل نفس ذائقة الموت..
وأن ما قدر أزلا لا يخشى فيه الفوت..
وأن الجنة تحت ظلال السيوف..
وأن الري الأعظم في شرب كؤوس الحتوف..
وأن من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار..
ومن أنفق دينارا كتب بسبع مائة، وفي رواية بسبع مائة ألف دينار..
وأن الشهداء حقا عند الله من الأحياء..
وأن أرواحهم في جوف طير خضر تتبوأ من الجنة حيث تشاء..
وأن الشهيد يغفر له من جميع ذنوبه وخطاياه..
وأنه يشفع في سبعين من أهل بيته ومن والاه..
وأنه أمن يوم القيامة من الفزع الأكبر..
وأنه لا يجد كرب الموت ولا هول المحشر..
وأنه لا يحس ألم القتل إلا كمس القرصة..
وكم للموت على الفراش من سكرة وغصة..
وأن الطاعم النائم في الجهاد أفضل من الصائم القائم في سواه..
ومن حرس في سبيل الله لا تبصر النار عيناه..
وأن المرابط يجري له أجر عمله الصالح إلى يوم القيامة..
وأن ألف يوم لا تساوي يوما من أيامه..
وأن رزقه يجري عليه كالشهيد أبدا لا ينقطع..
وأن رباط يوم خير من الدنيا وما فيها أجمع..
وأنه يؤمن من فتنة القبر وعذابه..
وأن الله يكرمه في القيامة بحسن مآبه..
إلى غير ذلك من الفضل الذي لا يضاهى، والخير الذي لا يتناهى.
وإذا كان الأمر كذلك:
فيتعين على كل عاقل التعرض لهذه الرتب، وإن كان نيلها مقسوما، وصرف عمره في طلبها، وإن كان منها محروما، والتشمير للجهاد عن ساق الاجتهاد، والنفير إلى ذوي العناد من كل العباد، وتجهيز الجيوش والسرايا، وبذل الصلات والعطايا، وإقراض الأموال لمن يضاعفها ويزكيها، ودفع سلع النفوس من غير مماطلة لمشتريها، وأن ننفر في سبيل الله خفافا وثقالا، ونتوجه إلى أعداء الله ركبانا ورجالا..
قال:
ولما رأيت الجهاد في هذا الزمان قد درست آثاره فلا ترى، وطمست أنواره بين الورى، وأعتم ليله بعد أن كان مقمرا، وأظلم نهاره بعد أن كان نيرا، وذوى غصنه بعد أن كان مورقا، وانطفأ حسنه بعد أن كان مشرقا، وقفلت أبوابه فلا تطرق، وأهملت أسبابه فلا ترمق، وصفنت خيوله فلا تركض، وصمتت طبوله فلا تنبض، وربضت أسوده فلا تنهض..
وامتدت أيدي الكفرة الأذلاء إلى المسلمين فلا تقبض، وأغمدت السيوف من أعداء الدين، إخلادا إلى حضيض الدعة والأمان، وخرس لسان النفير إليهم فصاح نفيرهم في أهل الإيمان، وآمت عروس الشهادة إذا عدمت الخاطبين..
وأهمل الناس الجهاد كأنهم ليسوا به مخاطبين، فلا نجد إلا من طوى بساط نشاطه عنه، أو اثاقل إلى نعيم الدنيا الزائل رغبة منه، أو تركه جزعا من القتل وهلعا، أو أعرض عنه شحا على الإنفاق وطمعا، أو جهل ما فيه من الثواب الجزيل، أو رضي بالحياة الدنيا من الآخرة، وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل:
أحببت أن أوقظ الهمم الرُقّد، وأنهض العزم المقعد، وألين الأسرار الجامدة، وأبين الأنوار الخامدة، بمؤلف أجمعه في فضل أنواع الجهاد..".
مشارع الأشواق إلى مصارع العشّاق
[/align]
[align=center]---------------------------------------------
مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق
"مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق، ومثير الغرام إلى دار السلام"..
كتاب ألفه: أبو زكريا أحمد بن إبراهيم الدمياطي المشهور بابن النحاس المتوفى سنة 814هـ
يقول فيه:
"من المعلوم أن الخلق كلهم مِلك لله تعالى وعبيد، وأن الله تعالى يفعل في مِلكه ومُلكه ما يريد:
( لايسأل عما يفعل وهم يسألون).
ولا يقال لما لم يرد: لم لا يكون؟..
ومع هذا اشترى من المؤمنين نفوسهم لنفاستها لديه إحسانا منه وفضلا، ورقم ذلك العقد في كتابه القديم، فهو يقرأ أبدا بألسنتهم ويتلى، فقال مبينا للزوم هذا العقد أزلا في محكم الفرقان:
(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن)..
ثم أرشد من اشترى منهم نفوسهم إلى الوفاء بالتسليم، وحضهم عليه ببيان مالهم فيه من الربح الجزيل والفضل العميم، فقال تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم}..
وخاطب المقرين بالبيع المماطلين بالتسليم خطابا بل عتابا وتوبيخا يقرأ أبدا في محكم التنزيل، فقال تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل}..
ثم حذرهم من الإصرار على المماطلة وتوعدهم على التسويف بعد وجوب النفير، فقال سبحانه:
{إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير}….
قال: ومما يجب اعتقاده:
أن الأجل محتوم..
وأن الرزق مقسوم..
وأن ما أخطأ لا يصيب..
وأن سهم المنية لكل أحد يصيب..
وأن كل نفس ذائقة الموت..
وأن ما قدر أزلا لا يخشى فيه الفوت..
وأن الجنة تحت ظلال السيوف..
وأن الري الأعظم في شرب كؤوس الحتوف..
وأن من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار..
ومن أنفق دينارا كتب بسبع مائة، وفي رواية بسبع مائة ألف دينار..
وأن الشهداء حقا عند الله من الأحياء..
وأن أرواحهم في جوف طير خضر تتبوأ من الجنة حيث تشاء..
وأن الشهيد يغفر له من جميع ذنوبه وخطاياه..
وأنه يشفع في سبعين من أهل بيته ومن والاه..
وأنه أمن يوم القيامة من الفزع الأكبر..
وأنه لا يجد كرب الموت ولا هول المحشر..
وأنه لا يحس ألم القتل إلا كمس القرصة..
وكم للموت على الفراش من سكرة وغصة..
وأن الطاعم النائم في الجهاد أفضل من الصائم القائم في سواه..
ومن حرس في سبيل الله لا تبصر النار عيناه..
وأن المرابط يجري له أجر عمله الصالح إلى يوم القيامة..
وأن ألف يوم لا تساوي يوما من أيامه..
وأن رزقه يجري عليه كالشهيد أبدا لا ينقطع..
وأن رباط يوم خير من الدنيا وما فيها أجمع..
وأنه يؤمن من فتنة القبر وعذابه..
وأن الله يكرمه في القيامة بحسن مآبه..
إلى غير ذلك من الفضل الذي لا يضاهى، والخير الذي لا يتناهى.
وإذا كان الأمر كذلك:
فيتعين على كل عاقل التعرض لهذه الرتب، وإن كان نيلها مقسوما، وصرف عمره في طلبها، وإن كان منها محروما، والتشمير للجهاد عن ساق الاجتهاد، والنفير إلى ذوي العناد من كل العباد، وتجهيز الجيوش والسرايا، وبذل الصلات والعطايا، وإقراض الأموال لمن يضاعفها ويزكيها، ودفع سلع النفوس من غير مماطلة لمشتريها، وأن ننفر في سبيل الله خفافا وثقالا، ونتوجه إلى أعداء الله ركبانا ورجالا..
قال:
ولما رأيت الجهاد في هذا الزمان قد درست آثاره فلا ترى، وطمست أنواره بين الورى، وأعتم ليله بعد أن كان مقمرا، وأظلم نهاره بعد أن كان نيرا، وذوى غصنه بعد أن كان مورقا، وانطفأ حسنه بعد أن كان مشرقا، وقفلت أبوابه فلا تطرق، وأهملت أسبابه فلا ترمق، وصفنت خيوله فلا تركض، وصمتت طبوله فلا تنبض، وربضت أسوده فلا تنهض..
وامتدت أيدي الكفرة الأذلاء إلى المسلمين فلا تقبض، وأغمدت السيوف من أعداء الدين، إخلادا إلى حضيض الدعة والأمان، وخرس لسان النفير إليهم فصاح نفيرهم في أهل الإيمان، وآمت عروس الشهادة إذا عدمت الخاطبين..
وأهمل الناس الجهاد كأنهم ليسوا به مخاطبين، فلا نجد إلا من طوى بساط نشاطه عنه، أو اثاقل إلى نعيم الدنيا الزائل رغبة منه، أو تركه جزعا من القتل وهلعا، أو أعرض عنه شحا على الإنفاق وطمعا، أو جهل ما فيه من الثواب الجزيل، أو رضي بالحياة الدنيا من الآخرة، وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل:
أحببت أن أوقظ الهمم الرُقّد، وأنهض العزم المقعد، وألين الأسرار الجامدة، وأبين الأنوار الخامدة، بمؤلف أجمعه في فضل أنواع الجهاد..".
مشارع الأشواق إلى مصارع العشّاق
[/align]