- 4 نوفمبر 2008
- 3
- 0
- 0
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
الفرقان طريق الخلاص
لقد أمست حياتنا المعاصرة مليئةً بالفتن فهي تحيط بنا من كل جانبٍ ... وتلاحقنا في كل مكانٍ وزمان وتتصور لنا في أشكال و ألوان .
تضليلٌ وتعتيم .. وتلبيسٌ وتدليس .. شكوكٌ وإشكالات .. شهواتٌ وشبهات .. مواقع ومعوقات .. قواطع وقنوات .. حرب دعاياتٍ ومصطلحات .. حماقاتٌ وتجاوزات .. لم تستثن شيئاً في هذه الحياة .. الإنسان والقرآن .. التاريخ والإيمان .. الصحابة الكرام والنبي العدنان عليه الصلاة والسلام .
شياطين الجن والإنس يلبسون الحق بالباطل ، يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض ، يحرفون الكلم عن مواضعه ، ويثيرون الغبار ، ويصعّدون الدخان ، حتى لتكاد تختنق الحقائق وتموت الفضائل .
كرُب الإنسان أن يصاب بانعدام التمييز بين الطيب والخبيث ، والحق والباطل ، والضار والنافع ، والخير والشرّ ، والمنكر والمعروف .
لُبسٌ في المعرفة والتباسٌ في الرؤية ، انطماسٌ في البصائر وعمىً في الأفكار ، خداعٌ في الأقوال ونفاقٌ في الأفعال .
اختلط الحابل بالنابل ، والقائل بالقابل ، وأصبحت ترى في مكانٍ واحدٍ أهل الحق وأهل الهوى ، دعاة الاستقامة وشياطين الرزيلة ، وتشابهت كثيراً جداً في عصر التجميل والنفاق صورة العدو والصديق ، والمؤمن والزنديق ، وقع الخطأ في التشخيص وفي العلاج .
أمسى الإنسان في مشكلة ، قد تؤثر إن بقيت بلا حلٍ في مسيره ومصيره ، والظلام الدامس سيرديه إذا لم يسعفه النور ، والطوفان سيغطيه إن لم تحمله السفينة .
اشتدت حاجة الإنسان إلى المنقذ ، وأصبح الفرقان الضرورة الحتمية للخلاص من الضرر .
ويبقى القرآن في كل زمانٍ ومكانٍ هو المخرج من الفتن . تدبر إذن قول الحكيم العليم : ( يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم نورا ) . وتأمل بعمقٍ : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفورٌ رحيم ) . واقرأ بتركيز : ( إن الذين اتقوا إذا مسّهم طائفٌ من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) . وقف طويلاً عند قوله : ( ثم ننجي الذين اتقوا ) ، و ( يا نساء النبي لستن كأحدٍ من النساء إن اتقيتن ) .
إنه الفرقان إذن طريق التفريق ، وهو لا يكون إلا بالتقوى ، والتقوى هي التقنية والإتقان ، والوقاية والوقت ، والطاعة والطاقة ، حكمٌ صحيح ، ثمرة عملٍ صالح ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) .
هي باختصارٍ عون الله وعنايته ، وحفظه وحمايته ، ارجع البصر كرتين في الآيات ينقلب إليك البصر بالمعيار والميزان ، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين ، ( أفمن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارجٍ منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون ) . وصدق الله العلي العظيم
( ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور )
بقلم فضيلة الشيخ عبد الهادي بدلة