- 16 يونيو 2009
- 4
- 0
- 0
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- عبدالله عواد الجهني
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول الشيخ عبد المالك رمضاني الجزائري في كتابه { من كل سورة فائدة }
مجي لفظ (أحد) نكرة خاص بالله
قال الله تعالى (قل هو الله أحد. الله الصّمد.)
( الإخلاص 1_2)
كلمة( أحد) جاءت نكرة و كلمة (الصّمد) جاءت معرفة بالألف واللام, مع أن الموصوف بهما واحد, ومعلوم أن
الصفة المضافة لله تعرف إذا كانت تستعمل أيضا لغير الله, فتعرف لبيان تفرد الله بالصفة مطلقا, و أما ما استعمل
للمخلوق مقيد و ناقص وتابع, كما سيأتي في كلام ابن تيمية, و قد استعملت العرب في إشعارها كلمة (صمد)
للمخلوق, قال البخاري في ”صحيحه“ (5/ 739 _ لفتح) ”و العرب تسمي شرافها”الصمد“
واستشهد له ابن جرير رحمه الله في”تفسيره“ لهده السورة بقول الشاعر׃
ألا بكّر النّاعي بخيري بني أسد بعمرو بن مسعودي و بالسّيد الصّمد
.أما سبب مجيء لفظة ( أحد ) نكرة، فقد علّله ابن الكثير بقوله ׃ « ولا يطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات
إلا على الله عز و جل، لأنه الكامل في جميع صفاته و أفعاله »، و لم تأت في القرآن هذه اللفظ مثبتة
مفردة غير مضافة إلا لله سبحانه، فلم تحتج حينئذ إلى أن تعرف بالألف و لام، ولم تأت في حق غير الله
إلا منفية أو مضافة، كقول الله عز و جل׃( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون
منهما ما يفرقون به بين المرء و زوجه و ما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله)(البقرة 109)
وقوله׃(إذ تصعدون و لا تلوون على أحد) ( آل عمران 153 ). وقوله׃ ( ولوط إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة
ما سبقكم بها من احد من العلمين )(الأعراف 80) وقوله׃( فيومئذ لا يعذب عذابه أحد )( الفجر25 ) هذا في النفي،
و أما في الإضافة فمثل قوله تعالى׃ (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهم فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما)
( الاسراء23) ، ومثل هذه الآيات كثير، و قد قال بها من أئمة اللغة الأزهري رحمه الله فاعترض عليه
الشيخ عطيه سالم رحمه الله بقوله تتمّته على « أضواء البيان» (9/612) ׃ و أما قوله׃ إن (أحد)
تستعمل في النفي ، فقد جاء استعمالها في الإثبات أبضا ، كقوله ׃ ( أو جاء أحد منكم من الغائط )(المائدة 6) ،
فتكون أغلبية في استعمالها، ودلالتها في العموم واضحة، و هذا الاعتراض معترض ، ودليله متناقض ،
لأن كلمة (أحد) في الآية التي استدل بها جاءت في سياق الشرط المنفي، كما تجيء في سباق الاستفهام
المنفي، و هي من صيغ النفي لا الإثبات كما هو معلوم، و مثله_ و لعلّه أقوى من حيث الاستثناء_ قوله׃
تعالى مخبرا عن اليهود أنهم يقولون ׃ ( ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى
أحد مثل ما أتيتم أو يحاجوكم عند ربكم ) ( آل عمران 73). وهذه الآية على طريقة ما سبق كما فسرها بعض
السلف، أي إن كلمة (احد) سيقت مساق النفي ، و نصره ابن الجرير. في« تفسيره» (5/505_هجر)
و قال׃« فيكون تأويله حينئذ ׃ و لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ، و لا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ،
بمعنى ׃ لا يؤتى أحد مثل ما أتيتم ، و ذكر أن قوله تعالى ( قل إن الهدى هدى الله) ( آل عمران 73).
جملة اعتراضية من خطاب الله لنبيه صل الله عليه و سالم و سائر الكلام خطاب اليهود لقومهم.
و قال ابن تيمية في« المجموع الفتاوى» (17/235_238) ׃
قال الله تعالى ׃ (قل هو الله أحد الله الصمد)
فأدخل اللام في ( الصّمد ) و لم يدخلها في ( أحد ) ، لأنه ليس في الموجدات ما يسمى أحدا في الإثبات
مفردا غير مضاف إلا الله بخلاف النفي و ما في معناه، كالشرط وإلا استفهام، فأنه يقال׃ هل عندك أحد،
و إن جاءني أحد من جهتك أكرمته، و إنما استعمل في العدد المطلق، يقال׃ أحد، اثنان،
و يقال أحد عشر، و في أول الأيام يقال يوم أحد....... و المقصود هنا أن لفظ ( الأحد ) لم يوصف به شيء
من الأعيان إلا الله وحده، وإنما يستعمل في غير الله في النفي، قال أهل اللغة ׃ يقول ׃ لا أحد في الدار،
و لا نقل فيها أحد، و هذا لم يجيء في القرآن إلا في فير الموجب كقوله ׃ ( فما منكم من أحد عنه حاجزين )
( الحاقة 47) و كقوله ׃ ( لستن كأحد من النساء ) ( الأحزاب 32 )
وقوله ׃ ( و إن أحد من المشركين أستأجرك فأجره ) ( التوبة 6 ) ، و في الإضافة كقوله ׃ ( فا بعث أحدكم )
(الكهف 19 ) و ( جعلنا لأحدهما جنيتي ) ( الكهف32 ) ، و أما اسم الصمد فقد استعملته أهل اللغة في حق
المخلوقين كما تقدم فلم يقل׃ الله صمد، بل قال ׃ ( الله الصمد ) ( الإخلاص 2 ) ، فبيّن أنه المستحقّ لأن يكون هو
الصّمد دون ما سواه، فأنه المستوجب لغايته على الكمال، والمخلوق _ و إن كان صمدا من بعض الوجوه_
فٳنّ حقيقة الصّمديّة منتفيةٌ عنه، فٳنه يقبل التّفرّق و التّجزئة، و هو أيضا محتاج إلى غيره، فٳن كلّ ما
سوى الله محتاج إليه من كل وجه
فليس أحدُ يصمد إليه كل شيء، ولا يصمد هو إلى شيء إلاّ الله تبارك وتعالى و ليس في المخلوقات
إلاّ ما يقبل أن يتجزّأ و يتفرّق ويتقسّم و ينفصل بغضه من بعض، و الله سبحانه هو الصمد الّذي لا يجوز
عليه شيء من ذالك»، وانظر« بصائر ذوي التميز في لطائف الكتاب العزيز » للفيروز آبادي (2/91/92).
الشيخ عبد المالك رمضاني الجزائري في كتابه { من كل سورة فائدة }