- 19 يناير 2009
- 2,950
- 662
- 113
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- محمد صدّيق المنشاوي
- علم البلد
-
[frame="7 80"]
مسئلةٌ عزيزة
مسئلةٌ عزيزة
في جوازِ وَصْلِ مواضعِ الوقفِ اللازمِ دونَ وقفٍ، وشروطِ ذلك:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبعد ...
وبعد ...
فهذا مبحث جريئٌ جديدٌ في إثبات جواز وصل مواضع الوقف اللازم المُثبتِ في المصاحف بشرطين، هاك بيانهما:
o أولهما: أن يستحضر القارئ المعنى الصحيح الذي جاء الوقف لإثباته.
o ثانيهما: أن يعرف المعنى السقيم الذي أُورد الوقف للتحرز منه.
والوقوف اللوازم على نوعين:
نوعٌ مختلفٌ فيه ألزمَ بعضهم الوقفَ عليه، وجَوَّزَ آخرونَ الوصلَ، فهذا يجوزُ وصله ولو على الملأ أخذاً بالرأي الآخر، وإن كان الأولى ترك وصله إلا في حضرة من يعلمُ منه ضبط الشرطين السابقين، وذلك لعدم البلبلة.
ونوعٌ فيه قولٌ ورأيٌ واحد: كاللازم لدرءِ كفرٍ أو دفع معنىً فاسدٍ سقيمٍ فهذا لا يجوز وصله إلا حال أمن اللبس فقط، وسواءٌ في ذلك ما في خلوةٍ أو في حضرةِ من يَعلَمُ منهُ تحقق العلمِ بمعنى الآية التي ورد فيها الوقف.
ولْيستأنس القارئُ في فعله بالأثرِ عن على رضي الله عنه: خاطبوا الناس على قدر عقولهم، أتحبون أن يكذب الله ورسوله، أو خاطبوا الناس بما يعرفون .... والله أعلم.
ومثالُ هذه المسئلة قوله تعالى "إنما يستجيب الذين يسمعون/ والموتى يبعثهم الله" (الأنعام 36) فلو وصل "يسمعون" بقوله "والموتى" ثم وقف؛ فإنه حينئذ يَجزِمُ بالمعنى السقيمِ الموجبِ للتشريكِ في الاستجابة، ولو وقف على قوله " يسمعون " فقد جزم بالمعنى الصحيح القاطع بقصر الاستجابة على "الذين يسمعون" ما دام سيستأنف بعده. أما قراءة موضع الوقف وصلاً بما بعده فيحتمل المعنيين: الصحيح والسقيم، فاحتُرز في الجَلْوَةِ بالوقفِ على "يسمعونَ" لتأكيدِ بُلُوغِ المعنى الصحيح، مع أن المعنى السقيم إن ورد على ذهنِ سامعٍ فَلِعَدَمِ معرفتهِ بالمعنى الصحيحِ، لا لعدم المعنى الصحيح أصلاً، ومنه يتبينُ صحةُ فِعلِ من وَصَلَ في خلوةٍ وإن جهراً، فتبين!
ومثاله أيضاً قولُ ذي الجلال "فآمن له لوط/ وقال إني مهاجر"، فإن المفسرين على خلافٍ في نسبةِ "وقال إني مهاجر"، فمنهم من يجعلُها إلى لوطٍ عليه السلام وهو أقربُ مذكورٍ فَيَصِلُ، ومنهم من يجعلُها إلى إبراهيمَ عليه السلامُ فيقف.
وقوله "فلا يحزنك قولهم/ إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون" (76 يس)، فإنما جُعِلَ الوقفُ للاحتراز من وَهْمِ كَوْنِ قوله تعالى "إنا تعلم ما يسرون وما يعلنون" من تتمةِ ما قبله وليس كذلك، فلو استقر الفهمُ الصحيحُ عند القارئ فما وجهُ وقفِهِ بعدُ إلا احترازاً من سوء فهم السامع إن وُجِد.
فإن قيل: ما المقصد والعائدُ من الوصلِ حينئذ؟ أهو الإسراع والعجلة؟
قيل: إن الوقف اللازم إنما جاء للتحرز من اللبسِ في الفهم، فلما أُمِنَ اللبسُ وزَالَ المانعُ بعدم مجاورة من قد يسمع فيلتبس عليه المعنى؛ جازَ الوصلُ.
[/frame]