إعلانات المنتدى


إليكم قصة الشيخ الحاج عثمان... التي أبكتني!!!!!

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

فالح الخزاعي

مدير عام سابق وعضو شرف
عضو شرف
27 أغسطس 2005
11,537
84
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
(بسم الل)


الشيخ الحاج عثمان دابو - رحمة الله – من جمهورية جامبيا في أقصى الغرب الإفريقي ، تجاوز الثمانين من عمره ، زرته قبل موته في منزله المتواضع في قريته الصغيرة قرب العاصمة بانجول ، وحدثني عن رحلته الطويلة قبل خمسين عاماً إلى البيت العتيق ، ماشياً على قدميه مع أربعة من صحبه من بانجول إلى مكة قاطعين قارة إفريقيا من غربها إلى شرقها ، لم يركبوا فيها إلا فترات يسيرة متقطعة على بعض الدواب ، إلى أن وصلوا إلى البحر الأحمر ثم ركبوا السفينة إلى ميناء جدة.

رحلة مليئـة بالعجائب و المواقف الغريبة التي لو دوّنت لكانت من أكثر كتب الرحلات إثارة و عبرة، استمرت الرحلة أكثر من سنتين، ينزلون أحياناً في بعض المدن للتكسب و الراحة و التزود لنفقات الرحلة، ثم يواصلون المسير.

سألته: أليس حج البيت الحرام فرض على المستطيع، و أنتم في ذلك الوقت غير مستطيعين؟!

قال: نعم ولكننا تذكرنا ذات يوم قصة إبراهيم الخليل – عليه الصلاة والسلام – عندما ذهب بأهله إلى واد غير ذي زرع عند بيت الله المحرم، فقال أحدنا : نحن الآن شباب أقوياء أصحاء فما عذرنا عند الله – تعالى – إن نحن قصّرنا في المسير إلى بيته المحرم، خاصة أننا نظن أن الأيام لن تزيدنا إلا ضعفاً، فلماذا التأخير؟! فهيّجنا و استحثنا على السفر مستعينين بالله تعالى.

خرج الخمسة من دورهم، وليس معهم إلا قوت لا يكفيهم أكثر من أسبوع واحد فقط، والدافع الرئيسي لذلك هو تحقيق أمر الله – تعالى – لهم بحج بيته العتيق، وأصابهم في طريقهم من المشقة و الضيق و الكرب ما الله به عليم؛ فكم من ليلة باتوا فيها على الجوع حتى كادوا يهلكون؟! وكم من ليلة طاردتهم السباع، وفارقهم لذيذ النوم؟! وكم من ليلة أحاط بهم الخوف من كل مكان؛ فقطاع الطرق يعرضون للمسافرين في كل واد؟!

رب ليل بكيت منه فلمـــــــــــا صرت في غـيـــره بكيت عليــــــه

قال الشيخ عثمان: لدغت ذات ليلة في أثناء السفر، فأصابتني حمّى شديدة و ألم عظيم أقعدني و أسهرني، و شممت رائحة الموت تسري في عروقي:

وإني لأرعى النجم حــــتى كــــأنني على كل نجم في الســــمـــاء رقــــيب

فكان أصحابي يذهبون للعمل، وكنت أمكث تحت ظل شجرة إلى أن يأتوا في آخر النهار، فكان الشيطان يوسوس في صدري: أما كان الأولى لك أن تبقى في أرضك؟! لماذا تكلف نفسك ما لا تطيق؟! ألم يفرض الله الحج على المستطيع فقط؟! فثقلت نفسي وكدت أضعف، فلما جاء أصحابي نظر أحدهم إلى وجهي وسألني عن حالي، فالتفت عنه ومسحت دمعة غلبتني، فكأنه أحس ما بي! فقال: قم فتوضأ و صلّ، ولن تجد إلا خيراً بإذن الله ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون ) [البقرة : ٤٥ ، ٤٦ ]. فانشرح صدري، و أذهب الله عني الحزن، ولله الحمد.

كان الشوق للوصول إلى الحرمين الشريفين يحدوهم في كل أحوالهم، ويخفف عنهم آلام السفر ومشاق الطريق ومخاطره، مات ثلاثة منهم في الطريق، كان آخرهم في عرض البحر، واللطيف في أمره أن وصيته لصاحبيه قال لهما فيها: إذا وصلتما إلى المسجد الحرام، فأخبرا الله – تعالى – شوقي للقائه، واسألاه أن يجمعني ووالدتي في الجنة مع النبي (صلى الله عليه وسلم).

قال الشيخ عثمان: لما مات صاحبنا الثالث نزلني همّ شديد وغمّ عظيم، وكان ذلك أشد ما لاقيت في رحلتي؛ فقد كان أكثرنا صبراً وقوة، وخشيت أن أموت قبل أن أنعم بالوصول إلى المسجد الحرام، فكنت أحسب الأيام والساعات على أحر من الجمر.

إذا برقت نحـــــو الحــــجاز سـحـــابة دعـا الشوق مني برقــها المتطامن
فلما وصلنا إلى جدة مرضت مرضاً شديداً وخشيت أن أموت قبل أن أصل إلى مكة المكرمة، فأوصيت صاحبي أنني إذا مت أن يكفنني في إحرامي، ويقربني قدر طاقته إلى مكة، لعل الله أن يضاعف لي الأجر، ويقبلني في الصالحين.

فيوشك أن يحـــول المـــوت بيني وبين جــــوار بيــــتك والطـــــواف

فكم من سائـــل لك رب رغبــــــاً ورهبـــــاً بين منــتــعل وحــــافــي

أتاك الراغبـــون إليك شـعـثـــــاً يــســــوقــون المـقـلـد ة الصوافـي

مكثنا في جدة أياماً، ثم واصلنا طريقنا إلى مكة، كانت أنفاسي تتسارع والبشر يملأ وجهي، والشوق يهزني ويشدني، إلى أن وصلنا إلى المسجد الحرام.

وسكت الشيخ قليلاً .. وأخذ يكفكف عبراته، وأقسم بالله – تعالى – أنه لم ير لذة في حياته كتلك اللذة التي غمرت قلبه لما رأى الكعبة المشرفة! ثم قال: لما رأيت الكعبة سجدت لله شكراً، وأخذت أبكي من شدة الرهبة والهيبة كما يبكي الأطفال، فما أشرفه من بيت وأعظمه من مكان!

ثم تذكرت أصحابي الذين لم يتيسر لهم الوصول إلى المسجد الحرام، فحمدت الله – تعالى – على نعمته وفضله عليّ، ثم سألته – سبحانه – أن يكتب خطواتهم وألا يحرمهم الأجر، وأن يجمعنا بهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

خرجت من بيت الشيخ وأنا أردد قــول الله – تعالى – ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم و جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ) [آل عمران : ١٣٣ ].

إقبال جاد على الطاعة، وإقبال لا يعرض عليه التكاسل أو التسويف، إقبال تهون فيه الآلام والأكدار، إقبال تتساقط تحته كافة العراقيل والعقبات.. إقبال بهمة صادقة وعزيمة عالية تنبع من قلب متعلق بمحبة الله والامتثال لأمره.

خرجت وأنا أردد قول الله – تعالى – ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) [الحج : ٢٧ ].

ثم تأملت في حال كثير من المسلمين في هذا العصر ممن تحققت فيهم الشروط الشرعية الموجبة لحج بيت الله الحرام، ومع ذلك يسوفون متباطؤون عن الحج..!

ألا يتذكر أولئك قول النبي (صلى الله عليه وسلم ) " من أراد الحج فليتعجل؛ فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة". مجلة البيان - إلى البيت العتيق (احمد بن عبد الرحمن الصويان)


منقول
 

ابوالخيرالفلسطيني

مزمار فعّال
9 نوفمبر 2006
112
8
18
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: إليكم قصة الشيخ الحاج عثمان... التي أبكتني!!!!!

الله اكبر
اللهم لا تحرم عبيدك المسلمين من الحج الى
بيتك المحرم يا رب العالمين
والله لقد ابكيتنا يا الخزاعي بقصة الشيخ عثمان
رحم الله من كانوا معه وماتوا في الطريق
وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم
ان يقبلهم على نياتهم ويكتب لهم ثواب حج بيته
يارب العالمين
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع