إعلانات المنتدى


العـروض 1

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

كمال المروش

مشرف سابق
2 يوليو 2006
8,187
128
63
الجنس
ذكر
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التقديـم

لقد دار حوار وجدل طويلان في العصر الحديث كما دار هذا الحوار والجدل في العصر القديم في هذه الشخصية العلمية الفذة وفي اعماله .
حقاً ان اعمال الخليل وعظيم ابداعه في وضعه العروض كان مثيراً للاعجاب والاكبار من جهة ومثيراً للتساؤل والبحث من جهة ثانية . كيف يظهر علم كاملاً ؟ ظهر للناس بقواعده وضوابطه والقابه ومصطلحاته وبقي هذا العلم يدرس على الاسس التي وضعها له الخليل دون ان يحاول احد ان يدرسه على اسس جديدة .
نعم ، كانت هناك اقوال في عدد الاوزان ومحاولات في نقض عروض الخليل ثم محولات في اختصار العروض او شرحه لكن الاسس بقيت هي اسسه والضوابط هي ضوابطه . وهكذا كان منهجه في النحو وعلمه العظيم فيه وما تضمنه الكتاب الذي اقترن بأسم تلميذه وكانت أملاءاته وآراءه واقواله قوام الكتاب ومادته .
وددت ان يكون البحث مقترناً بأسم احد علمائنا ومحققينا المعاصرين ليكون عملي كشفاً عن ابداع قديم وتقديراً لجهود اديب شاعر محقق في عصرنا وهو الاستاذ هلال ناجي الذي اهدي اليه هذا البحث .
دور البصرة في نشأة الدراسات اللغوية ( العروض ) ـ 2 ـ
العـروض لغـة واصطلاحـاً :
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) . فهي طريق في عُرض الجبل ويجمع على عُرُض ، وهي مكة والمدينة وما حولهما ، والناقة التي لم تُرض ، وعروض الكلام فحواه ومعناه ، وهي النظير في قولك :
هذه المسألة عُروض هذه ، وتقول : فأخذ في عرُض آخر اي في طريق آخر ، وعن ابي اسحاق الزجاج : انه وسط البيت مـن البنـاء(1) . وقال بعضهم : العُروض عند بدو الصحراء حاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء(2) . وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها .
اما المصطلح الذي استعمله الخليل بن احمد الفراهيدي البصري ليدل على النظام الذي وضعه وحصر به اوزان الشعر العربي فقد اختلفت التأويلات والتفسيرات فيه وفي سبب تسميته ، فمن قائل انه سمي بالعروض تيمناً بمكة التي ألهم الخليل فيها هذا العلم فهو من أسمائها ، ومن قال سمي وسط البيت من الشعر عروضاً لأن العروض وسط البيت من البناء كما مر في قول الزجاج ، والبيت من الشعر مبني في اللقط على بناء البيت المسكون للعرب .
اكبر ضني ان اقرب التفسيرات مااعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع اعاريض وهو فواصل الانصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز )(3) .
لقد سمي ـ اذن ـ عروضاً لان الشعر يُعرضُ عليه . وقد عرف بانه ( ميزان الشعر بها يُعرف مكسوره من موزونه كما ان النحو معيار الكلام به يعرف
(1) انظر مادة ( ع ر ض ) في كتاب العين 1 \ 275 والقاموس المحيط ولسان العرب وتاج العروس .
(2) الشامل . معجم في علوم اللغة العربية ومصطلحاتها لمحمد سعيد اسبر وجنيدي ص 593 . وانظر هذا المعنى ايضاً في ( المعيار في اوزان الاشعار لأبي بكر الشنتريني ص 12 قال : ( واعلم ان العرب شبعت البيت من الشعر بالبيت من الشعر .. فأسموا آخر جزء من الشطر الاول من البيت عروضاً تشبيهاً بعارضة الخباء وهي الخشبة المعترضة في وسطه ولذاك سمي هذا العلم عروضاً لكثرة دوره فيه ) .
(3) كتاب العين ( ع ر ض ) 1 \ 275 .
دور البصرة في نشأة الدراسات اللغوية (العروض) ـ 3 ـ
معربة من ملحونه )(4) فهو اذن العلم بأوزان الشعر وطرائفه . وفي تحديد الخليل دلالة العروض بأنه ( فواصل الانصاف ) وبها سمي العروض لانه ان عرف نصف البيت سهل تقطيعه على قول الخوارزمي(5) .
العـروض قبـل الخليـل :
اود ان اجيب على سؤالين ينبغي للدارس ان يتبينهما في هذا المجال : احدهما : هل كان مصطلح العروض مستعملاً قبل الخليل ؟ وثانيهما : هل توجد قواعد في مجال طرق نظم الشعر يتعلمها الشاعر قبل وضع الخليل نظامه العروضي ؟ .
1 ـ هناك مصطلحات قليلة تخص العروض عرفت قبل الخليل مثل قصيدة وبحر ومصراع وبيت كما توجد مصطلحات تخص القافية في نصوص قيلت قبل الاسلام مثل قافية التي تطلق على البيت حيناً وعلى القصيدة والشعر احياناً ، والروي وجملة ظواهر تخصها مثل الاقواء والسناد والاكفاء(6) .
اما مصطلح العروض فلم تكن مستعملة سوى معانيه اللغوية ولم نعثر على نص قبل الخليل استعمل هذا المصطلح للدلاله على نظام لأوزان الشعر كما استعمله الخليل . واقدم نص وجدته في احدى رسائل الجاحظ قال : ( وجاء سياه الى الكميت [ ت 126 هـ ] فقال له : ياابا عمارة قد قلت على عروض قصيدتك ( ابت هذه النفس الآ ادكارا ) فقال : هات : فقال :
ابت هذه النفس الآ خسارا والآ ارتـداد والآ iiازورارا(7)
(4) الاقناع للصاحب بن عباد 3 .
(5) مفاتيح العلوم 51 .
(6) انظر ذلك في كتاب القوافي للأخفـش ص 41 .. وما بعدها وانظر ايضاً كتاب القافية والاصوات اللغوية . د . عوني عبد الرؤوف ص 79 .. وما بعدها . نظريات الشعر عند العرب ص 51 وما بعدها .
(7) رسائل الجاخظ ( رسالة مفاخرة الجواري والغلمان ) 2 \ 136 .
دور البصرة في نشأة الدراسات اللغوية (العروض) ـ 4 ـ
اذا صح ماورد في هذا الخبر فأن مصطلح العروض كان معروفاً واضح الدلالة اذ قصد به وزن القصيدة او بحرها ثم انه ذكر صدر بيت الكميت الذي اطلق على جزئه الاخير مصطلح العروض .
وقد روى ابن عبد ربه قول عننان الجارية لأبي نواس : كيف علمك بالعروض وتقطيع الشعر باحسن ؟(8) وهذا كان في غالب الظن في عهد الخليفة هارون الرشيد فيكون هذا زمن الخليل ومعاصراً له فالمصطلح شاع على يديه كما وجدنا ابا نواس يصف احدى قصائده في مدح الفضل ابن يحيى بـ ( خليلية ) اي صحيحة في وزنها(9) وهو ايضاً في ايام الرشيد والبرامكة مما سمعه ابو نواس واخذه من مدينة الخليل البصرة .
ومن معاصري الخليل من الكوفيين هناك من استعمل المصطلح والف فيه كتاباً ، فقد روي ان للمفضل الضبي ( ت 168 هـ ) وهو صاحب ديوان ( المفضليات ) ( كتاب العروض )(10) كما روي ان من بين كتب بزرج العروضي احد الرواة الكوفيين كتاب العروض وكتاب معاني العروض على حروف المعجم ثم كتاب الاوسط في العروض ثم كتاب النقض على الخليل وتغليطه في كتاب العروض(11) هذه اربعة كتب استخدم فيها مصطلح العروض احدها ( نقض فيه العروض في زعمه على الخليل ويبطل الدوائر والالقاب والعلل التي وضعها ونسبها الى قبائل العرب ) كما جاء في معجم ياقوت(12) وبزرج هذا كان منقطعاً الى الفضل بن يحيى . قال فيه يونس بن حبيب : ( ان لم يكن بزرج اروى الناس فهو اكذب الناس )(13) .
(8) العقد الفريد 6 \ 59 .
(9) ديوان ابي نواس 389 .
خليلية في وزنها قطرية نظائرها عند الملوك عتادي
(10) الفهرست 108 ، نزهة الالباء 51 ، 52 انباه الرواة 3 \ 302 .
(11) الفهرست 113 .
(12) معجم الادباء 2 \ 366 .
(13) الفهرست 113 .
دور البصرة في نشأة الدراسات اللغوية (العروض) ـ 5 ـ
وقد ذهب بعض الباحثين الى ان مصطلح العروض موجود قبل الاسلام وقصد به ( النظر في الشعر والتبصر بدروبه وابوابه وطرقه )(14) وكان دليله ظنياً هو ان الكلمة لو كانت اسلامية من وضع الخليل لما وقع الاختلاف في تفسيرها ولما اهمل الخليل ذكر السبب الذي حمل على اختيارها ولما سكت العلماء او تلامذته عن سؤاله عن سبب اختيارها واطلاقها على هذا العلم .
لقد ذكرت ان هذه اللفظة موجودة في اللغة قبل الاسلام الا انها اكتسبت دلالتها الاصطلاحية في انها تعني اوزان الشعر وبحوره وطرائقه بعد الاسلام ثم ثبتت دلالتها وقواعدها وضوابطها في عصر الخليل وشاعت على يديه كما شهدت بذلك النصوص المذكورة . واطبر ذني انه كانت تستعمل مصطلحات اخرى معروفة غير مصطلح العروض للدلالة على هذا المعنى مثل ( اقراء الشعر ) وطرقه كما سيأتي :
2 ـ لقد اجمع الدراسون على ان الخليل هو واضع علم العروض بل هو مخترعه او مستنبطه ( لا عن حكيم آخذه ولا علـى مثال تقدمه احتذاه وانمـا اخترعه )(15) ووقف ابن فارس وحده ازاء اجماع الدارسين واصحاب الطبقات القدماء قائلاً : بأن الخليل مجدد علم العروض لا مبدعه كما ان ابا الاسود الدؤلي عنده مجدد علم النحو فالعلمان قديمان واتت عليهما الايام وقلا في ايدي الناس ثم جددهما هذان الامامان . واستدل على ان العروض كان متعارفاً بقول الوليد بن المغيرة حين وصف المشركون من قريش النبي ( ص ) بالشاعر والقرآن بالشعر فقال الوليد منكراً عليهم : قد عرضت ما يقرؤه محمد على اقراء الشعر هزجه ورجزه وكذا وكذا فلم اره يشبه شيئاً من ذلك(16) وجاء قول الوليد في ( السيرة النبوية ) : ( لقد عرفنا الشعر كله
(14) المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام د . جواد علي 9 \ 193 . كما ظن الدكتور مصطفى الجوزو ان مصطلح ( عروض ) ينبغي ان يكون موجوداً قبل مصطلح الوزن لانه طريق الشعر كما اشار الى ذلك بعض القدماء . ( نظريات الشعر عند العرب 21 ، 22 ) .
(15) التنبيه على حدوث التصحيف ـ حمزة الاصفهاني 190 .
(16) الصاحبي 13 ، 14 .
دور البصرة في نشأة الدراسات اللغوية (العروض) ـ 6 ـ
رجزه وهجزه وقريضه ومبسوطه فما هو بالشعر )(17)
لقد جاء الى في اقوال تنسب الى رجال ادركوا الاسلام فيها مصطلحات عروضية كانت متعارفة يتداولها رواة الشعر والعافون به كقول النضر بن الحارث لأبي جهل بعد محاولته ايذاء الرسول ( وقلتم شاعر ، لا والله ماهو بشاعر قد رأينا الشعر وسمعنا اصنافـه كلهـا هزجـه ورجزه )(18) وكذلك قول انيس اخي ابي ذر في اسلامه : ( والله لقد وضعت قوله على اقراء الشعر فلا يلتئم علـى لسـان واحـد )(19) .
ان ورود ( اقراء الشعر ) في النصوص المذكورة وورود القاب لأصناف الشعر الرجز والهزج والقريض والمقبوض والمبسوط مع ماسبق ذكره من مصطلح القافية والروي وغيرها .. دليل على وجود ضوابط وقواعد لدى الشعراء آنذاك يتخذونها مقاييس وموازين يزنون بها الشعر ويسمونه ويلقبونه بها .
ومن معاني القرو كما ذكر الخليل مسيل المعصرة ومثعبها والجمع القري والاقراء . والقرو كل شيء على طريق واحدة وهو القصد(20) وفسر الزمخشري القرء بانه القافية وجمعه اقراء واقراء الشعر انواعه وطرقه وبحوره وزاد ابن الاثير انحاء ومقاصده(21) .
ولقد روى الاخفش سعيد انه سمع كثيراً من العرب يقول : ( جميع الشعر قصيد ورمل ورجز . اما القصيد فالطويل والبسيط التام والكامل التام والمديد التام والوافر التام والرجز التام وهو ما تغنى به الركبان ولم نسمعهم يتغنون الا بهذه الابنية وقد زعم بعضهم انهم يتغنون بالخفيف . والرمل كل ماكان غير هذا من الشعر وغير
(17) ابن هشام 1 \ 270 واصل السيرة لأبن اسحاق المتوفي 150 هـ واما ابن هشام فقد توفي سنة 213 وقيل 218 .
(18) السيرة النبوية 1 \ 299 وجاء ايضاً 1 \ 194 قول عتبة بن ربيعة لأصحابه .
(19) انظر الفائق للزمخشري 1 \ 578 ، تاج العروس ( قرأ ) .
(20) العين 5 \ 203 ( ق ر و ) .
(21) تاج العروس ( قرأ ) .
دور البصرة في نشأة الدراسات اللغوية (العروض) ـ 7 ـ
الرجز فهو رمل والرجز عند العرب كل ما كان على ثلاثة اجزاء وهو الذي يترنمون به في عملهم وتسوقهم ويحدون به(22) .
في هذا النص القاب بحور للشعر كانت تذكر الا ان دلالتها انذاك غير مستقرة فالرمل ، على ما ذكر الاخفش عند العرب ( كل شعر مهزول ليس بمؤلف البناء ولا يحدون في ذلك شيئاً )(23) ثم ذكر ابياتاً مضطربة في وزنها كمطلع قصيدة عبيد وغيرها كانوا يجعلونها رملاً .
لقد دارت في اذهان الباحثين القدماء محاولة معرفة اصل العروض ورواية اشياء كان العرب يتعلمونها قبل الخليل . روي ان الخليل رأى في بعض مسالك المدينة شيخاً يعلم غلاماً وهو يقول له :
نَعَمْ لا نَعَمْ لالا نعم لا نعم للا نعم لا نعم لالا نعم لا نعم للا
فسأله عما يقول للصبي فأجابه : هذا علم يتوارثه هؤلاء عن سلفهم وهو عندهم يسمى التنعيم فقال الخليل : فقضيت الحجج ثم رجعت فأحكمته(24) والخبر قد بنقصه التوثيق الا ان اهميته بدلالته على ان الدارسين القدماء كانوا يفكرون بمعرفة اصول علم العروض قبل الخليل ، وقد ذكر الباقلاني حكاية عن بعضهم عن ابي عمر غلام ثعلب عن ثعلب ( ان العرب تعلم اولادها قول الشعر بوضع غير معقول بوضع على بعض اوزان الشعر كأنه على وزن ( قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ) ويسمون ذلك ( المتير ) واشتقاقه من المتـر وهـو الجذب او القطـع )(25) مما دفع بعض الباحثين الى الظن بأن الخليل نقل العروض عن اليونانية لأستعمال كلمة ( متير ) ومعناها المقياس(26) وهي لدى الهنود ( ماتر ) وقد رجح احد الباحثين بأن هذه
(22) كتاب القوافي 68
(23) السابق 67 ، 68 .
(24) التوشيح الوافي والترشيح الشافي في شرح التأليف الكافي على العروض والقوافي لأبن حجر العسقلاني - العروض للشيخ جلال الحنفي 24 .
(25) اعجاز القرآن 63 وذكر المحقق ( المثير ) في احدى نسخ الكتاب . واثبت في النص ( المثر ) والمصطلح الافرنجي المأخوذ عن اليونانية ميتر METER .
(26) انظر هذا القول في كتاب عبقري من البصرة للمخزومي 107 ، 108 .
منقول
 
التعديل الأخير:

الحميدي

مزمار ألماسي
20 أكتوبر 2006
1,627
0
0
الجنس
ذكر
رد: العـروض 1

(بسم الل)
جزاك الله خيراعلىهده المعلومات القيمة في علم العروض والدي يعتبر من العلوم التي تميز اللغة العربية عن غيرها من اللغات.
t7
 

أمة ربها الضعيفة

مزمار فعّال
4 فبراير 2007
154
0
0
مشاركة: العـروض 1

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التقديـم
لقد دار حوار وجدل طويلان في العصر الحديث كما دار هذا الحوار والجدل في العصر القديم في هذه الشخصية العلمية الفذة وفي اعماله .
حقاً ان اعمال الخليل وعظيم ابداعه في وضعه العروض كان مثيراً للاعجاب والاكبار من جهة ومثيراً للتساؤل والبحث من جهة ثانية . كيف يظهر علم كاملاً ؟ ظهر للناس بقواعده وضوابطه والقابه ومصطلحاته وبقي هذا العلم يدرس على الاسس التي وضعها له الخليل دون ان يحاول احد ان يدرسه على اسس جديدة .
.
(بسم الل)
:x18:
:x3: فقط عندي ملاحظة:

-تصحيح لكلمة "وضع" . فالخليل لم يضع علم العروض ولم يضع اسسه وانما استنبط القواعد والاحكام التي تخص هذا العلم mofaq
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع