- 5 نوفمبر 2009
- 464
- 4
- 0
- الجنس
- ذكر
قبل كلّ شيء فإنّ هذين الوجهين في قوله تعالى : "إرم ذات العماد" صحيحان مقروء بهما عن الأئمّة الماضين رحمهم الله ، والوجهان هما فتح الراء في "إرم" وترقيقها ..
1- الترقيق (=الإمالة): أمّا علّة الترقيق ؛ فلأنّ الراء المفتوحة ، في وسط الكلمة ، المسبوقة بكسرة أصليّة ، كما في ما نحن فيه ، مرققة عند الإمام ورش ، وهذا أصل ؛ لذلك ذهب جماعة من الأئمّة إلى الترقيق ، وفاقاً للأصل قياساً عليه ..
والقياس هنا غير ممنوع ، كما يتوهّمه المبتدؤون من كلمة الإمام الشاطبي :
وما لقياس فى القراءة مدخل ........ فدونك ما فيه الرضا متكفلا ..
وسأبيّن هذا إن سمح المجال..
2- الفتح (= التفخيم): وذهب أخرون -وهم الأكثر- إلى إمتناع القياس على الأصل في هذا المورد ؛ لا لأنّ القياس باطل هنا ، بل للاستثناء في الأسماء الأعجميّة ؛ ففي قوله تعالى : "إرم" سببان للاستثناء ؛ هما العجمة والتأنيث ..
فأمّا العجمة ؛ فلأنّ إرم قبيلة من قبائل عاد كانت في بلاد الشام فيما روي ، وإرم جدّهم على ما روي أيضاً ، وعلى هذا فـ : "إرم" اسم أعجمي كما في إبراهيم ، وإبراهيم لا ترقيق في رائه عند قاطبة أصحاب ورش قولا واحدا ، أداءً ورواية ؛ والعلّة على ما اتّضح هي العجمة ، و: "إرم" من هذا القبيل ..
وأمّا التأنيث ، فلا كلام فيه ؛ فقوله تعالى في الآية التي تلتها : " التي لم يخلق مثلها في البلاد" دليل لفظي على تأنيثها ؛ فـ"التي" عند عامّة أئمّة النحو وأهل العربيّة اسم موصول لوصف المؤنّث ..
أقول -أنا القاصر- وبكلّ من الوجهين قرأ الأئمّة على مذهبين ؛ وعليه فالوجهان صحيحان مقروء بهما عندهم ولو اختلفوا على مذهبين..
قال الإمام ابن الجزري -على سبيل المثال- في النشر : (إرم ذات العماد) في الفجر. ذهب إلى ترقيقها من أجل الكسرة قبلها أبو الحسن بن غلبون وأبو الطاهر صاحب العنوان وعبد الجبار صاحب المجتبى ومكي. وبه قرأ الداني على شيخه ابن غلبون وذهب الباقون إلى تفخيمها من أجل العجمة ، وهو الذي في التيسير والكافي والهداية والهادي والتجريد والتلخيصين والشاطبية. والوجهان صحيحان من أجل الخلاف في عجمتها. وقد ذكرهما الداني في جامع البيان .انتهى .
وقال الإمام الداني (في جامع البيان 1: 879) : وأقرأني ابن غلبون " إرم " بإمالة الراء ؛ لأجل الكسرة ، وأقرأنيها غيره بإخلاص الفتح ؛ لكون هذا الإسم بمنزلة الأعجمي من حيث اكتنفه فرعان ، التأنيث والعجمة ؛ فمنع الصرف لذلك فوجب أن يجرى في إخلاص الفتح مجراه . انتهى .
وقال الإمام الشاطبي : وَفَخَّمَهَا في الأَعْجَمِيِّ وَفِي إِرَمْ. انتهى.
يقول -القاصر- : ولا يخفى أنّ فاعل : "وفخّمها" هو الإمام ورش رحمه الله ، وصدر البيت هذا ، يعدّ براعة تامّة للإمام الشاطبي في مجالي المعاني والبيان ، إذ لا داعي لأن يقول : وفي إرم ، مع أنّ في قوله؛ "وفخّمها" كفاية ؛ لكنّه عطف الخاص على العام هنا ؛ للتنبيه -باللزوم البين بالمعنى الأعم- على خلاف ما ، وأنّ الراجح هو التفخيم ، فتأمّل جيّداً.
تنبيه مهمّ : الذي يقرأ رواية الإمام ورش من طريق الشاطبية فليس له إلاّ التفخيم قولا واحدا ؛ إذ لم يذكر الإمام الشاطبي غيره ، فعلى المبتدؤون -أمثالي- الالتفات إلى ذلك ، أمّا الذي يقرؤها من طريق النشر فله الوجهان ؛ لجزم الإمام ابن الجزري بأنّ الوجهين صحيحين .
ثمّ إنّ من يقرأ بالوجهين فالتفخيم هو المقدّم في الأداء ؛ لشبهة العجمة ، وهي والإنصاف يقال شبهة قويّة للغاية .
ملاحظة : أرجو تقويم الزلّة فيما كتبت وتعديل الاعوجاج فيما سطّر ت ، وعذرا أني أبحث في مثل هذه المواضيع الثقيلة على أمثالي ؛ لكنّي معذور ؛ فصاحبكم ما زال يتعلّم رواية الإمام ورش ولمّا يتقنها ؛ لكنّي وجدت أنّ السبيل الوحيد لتعلّمها -مع تقويم المشايخ هنا- هو هذا ؛ إذ ليس لديّ -في الغربة - شيخ يعلّمني ، والله المستعان .
تلميذكم الورشان
1- الترقيق (=الإمالة): أمّا علّة الترقيق ؛ فلأنّ الراء المفتوحة ، في وسط الكلمة ، المسبوقة بكسرة أصليّة ، كما في ما نحن فيه ، مرققة عند الإمام ورش ، وهذا أصل ؛ لذلك ذهب جماعة من الأئمّة إلى الترقيق ، وفاقاً للأصل قياساً عليه ..
والقياس هنا غير ممنوع ، كما يتوهّمه المبتدؤون من كلمة الإمام الشاطبي :
وما لقياس فى القراءة مدخل ........ فدونك ما فيه الرضا متكفلا ..
وسأبيّن هذا إن سمح المجال..
2- الفتح (= التفخيم): وذهب أخرون -وهم الأكثر- إلى إمتناع القياس على الأصل في هذا المورد ؛ لا لأنّ القياس باطل هنا ، بل للاستثناء في الأسماء الأعجميّة ؛ ففي قوله تعالى : "إرم" سببان للاستثناء ؛ هما العجمة والتأنيث ..
فأمّا العجمة ؛ فلأنّ إرم قبيلة من قبائل عاد كانت في بلاد الشام فيما روي ، وإرم جدّهم على ما روي أيضاً ، وعلى هذا فـ : "إرم" اسم أعجمي كما في إبراهيم ، وإبراهيم لا ترقيق في رائه عند قاطبة أصحاب ورش قولا واحدا ، أداءً ورواية ؛ والعلّة على ما اتّضح هي العجمة ، و: "إرم" من هذا القبيل ..
وأمّا التأنيث ، فلا كلام فيه ؛ فقوله تعالى في الآية التي تلتها : " التي لم يخلق مثلها في البلاد" دليل لفظي على تأنيثها ؛ فـ"التي" عند عامّة أئمّة النحو وأهل العربيّة اسم موصول لوصف المؤنّث ..
أقول -أنا القاصر- وبكلّ من الوجهين قرأ الأئمّة على مذهبين ؛ وعليه فالوجهان صحيحان مقروء بهما عندهم ولو اختلفوا على مذهبين..
قال الإمام ابن الجزري -على سبيل المثال- في النشر : (إرم ذات العماد) في الفجر. ذهب إلى ترقيقها من أجل الكسرة قبلها أبو الحسن بن غلبون وأبو الطاهر صاحب العنوان وعبد الجبار صاحب المجتبى ومكي. وبه قرأ الداني على شيخه ابن غلبون وذهب الباقون إلى تفخيمها من أجل العجمة ، وهو الذي في التيسير والكافي والهداية والهادي والتجريد والتلخيصين والشاطبية. والوجهان صحيحان من أجل الخلاف في عجمتها. وقد ذكرهما الداني في جامع البيان .انتهى .
وقال الإمام الداني (في جامع البيان 1: 879) : وأقرأني ابن غلبون " إرم " بإمالة الراء ؛ لأجل الكسرة ، وأقرأنيها غيره بإخلاص الفتح ؛ لكون هذا الإسم بمنزلة الأعجمي من حيث اكتنفه فرعان ، التأنيث والعجمة ؛ فمنع الصرف لذلك فوجب أن يجرى في إخلاص الفتح مجراه . انتهى .
وقال الإمام الشاطبي : وَفَخَّمَهَا في الأَعْجَمِيِّ وَفِي إِرَمْ. انتهى.
يقول -القاصر- : ولا يخفى أنّ فاعل : "وفخّمها" هو الإمام ورش رحمه الله ، وصدر البيت هذا ، يعدّ براعة تامّة للإمام الشاطبي في مجالي المعاني والبيان ، إذ لا داعي لأن يقول : وفي إرم ، مع أنّ في قوله؛ "وفخّمها" كفاية ؛ لكنّه عطف الخاص على العام هنا ؛ للتنبيه -باللزوم البين بالمعنى الأعم- على خلاف ما ، وأنّ الراجح هو التفخيم ، فتأمّل جيّداً.
تنبيه مهمّ : الذي يقرأ رواية الإمام ورش من طريق الشاطبية فليس له إلاّ التفخيم قولا واحدا ؛ إذ لم يذكر الإمام الشاطبي غيره ، فعلى المبتدؤون -أمثالي- الالتفات إلى ذلك ، أمّا الذي يقرؤها من طريق النشر فله الوجهان ؛ لجزم الإمام ابن الجزري بأنّ الوجهين صحيحين .
ثمّ إنّ من يقرأ بالوجهين فالتفخيم هو المقدّم في الأداء ؛ لشبهة العجمة ، وهي والإنصاف يقال شبهة قويّة للغاية .
ملاحظة : أرجو تقويم الزلّة فيما كتبت وتعديل الاعوجاج فيما سطّر ت ، وعذرا أني أبحث في مثل هذه المواضيع الثقيلة على أمثالي ؛ لكنّي معذور ؛ فصاحبكم ما زال يتعلّم رواية الإمام ورش ولمّا يتقنها ؛ لكنّي وجدت أنّ السبيل الوحيد لتعلّمها -مع تقويم المشايخ هنا- هو هذا ؛ إذ ليس لديّ -في الغربة - شيخ يعلّمني ، والله المستعان .
تلميذكم الورشان