الحلقة العاشرة
قبل أن أبدأ أود التنبيه على أنني في باب الجوازم وما بعده قد أقتصر في المثال على بيان شيء معين دون أن أعربه إعرابًا وافيًا.
وقد أقتصر عند إعراب الأمثلة على إعراب الشاهد, وقد أزيد على هذا, وقد أعرب المثال بأكمله, قد أنْشَطُ لهذا وقد أنشَطُ لذاك وقد لا أنشط لأيٍّ منهما فأقتصر حينئذ على إعراب الشاهد, وغرضي من إعراب ما زاد عن الشاهد هو أن تتمرنوا على الإعراب أكثر؛ فإنه قد ثبت عندي بالتجربة أنه كلما ازداد مرورُ إعرابِ شيءٍ ما على الشخصِ؛ فإنه قد يرسخ في ذهنه إعرابُه أكثرَ مما لو رآه في موضع واحد ودرَسه في هذا الموضع الواحد, ومع هذا فإنني لَن أحرِمَ الذي يريد أن يقتصر على الشاهد مِن الاستفادة, فقد يمل عندما يرى الكلام كثيرًا وهو لمَّا يعوِّدْ نفسَه على الإعراب, لذا سأضع عند إعراب الأمثلة -عندما أطيل في الإعراب قليلاً أو كثيرًا- خطًّا تحت الشاهد أو على الشيء المراد بيانه؛ لكي يقتصر عليه مَن لا يريد الإطالة.
جوازم الفعل المضارع:
الجوازم: جمع جازم, وجمعَ (جازم) –وهو مذكَّر- على (جوازم)؛ لأنه لغير العاقل.
وجوازم الفعل المضارع –كما سبق- عددُها ثمانية عشر جازمًا, وقد جمعَها الشنقيطي جمعًا جيدًا بقوله:
وجَزمُهُ إذا أرَدْتَ الجزْمـــا ~~~ بلمْ ولَمّا وألَمْ أَلَـــــمّا
ولامِ الأمرِ والدُّعاءِ ثُـــمَّ لا ~~~ في النَّهيِ والدُّعاء نِلْتَ الأمَـلا
وإن ومَا ومَنْ وأنَّى مَهْـــمَا ~~~ أي متى أيّان أيْنَ إذْمَــــا
وَحيْثُما وكَيْفَمَا ثُــــمَّ إذا ~~~ في الشِّعْرِ لا في النَّثْرِ فادْرِ المَأخَذَا
هذه الجوازم تنقسم إلى قسمين:
- قسم يجزم فعلًا واحدًا (وهي التي احتوى عليها البيت الأول والبيت الثاني).
- قسمًا يجزم فعلين (وهي التي احتوى عليها البيت الثالث والبيت الرابع).
فائدة: الجوازم التي تجزم فعلًا واحدًا؛ كلُّها حروف بإجماع النحاة.
أمّا الجوازم التي تجزم فعلَيْنِ فهي على أربعة أنواع:
النوع الأول: ما هو حرف بالاتفاق, ويضم هذا النوع: (إن) فقط.
النوع الثاني: ما هو اسم بالاتفاق, ويضم هذا النوع: (مَن) و(ما) و(أيُّ) و(متى) و(أيّان) و(أين) و(أنّى) و(حيثما) و(كيفما) و(إذا –في الشعر خاصةً).
النوع الثالث: ما اختلف في أنه اسم أو حرف, ولكن الأصح أنه حرف, ويضم هذا النوع: (إذما) فقط.
النوع الرابع: ما اختلف في أنه اسم أو حرف, ولكن الأصح أنه اسم, ويضم هذا النوع: (مهما) فقط.
أولًا: الأدوات التي تجزم فعلًا واحدًا:
1. (لَمْ): وهي حرف نفي وقلب وجزم.
س: لماذا سميت "حرف نفي"؟
ج: لأنها تحوِّل الجملة الثبوتية إلى منفية.
فائدة: نفيُها نفيٌ بلا توقُّعٍ للمَنفي.
س: لماذا سميت "حرف قلب"؟
ج: لأنها تقلب معنى الفعل للمضيّ.
س: لماذا سميت "حرف جزم"؟
ج: لأنها تجزِم الفعل.
نكتة: الألف واللام الملونة باللون البرتقالي هي للعهد الذِّكْري, فنحن الآن بصدد الكلام عن الفعل المضارع, فالفعل المرادُ إذَن هو الفعل المضارع.
س: هل من مثال يوضح كيف تعملُ (لم)؟
ج: إذا قلنا: "يأتي الأستاذُ"؛ (يأتي) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل, و(الأستاذ) فاعل مرفوع بالفعل وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
هذه الجملة:
1. مثبَتة.
2. الفعل فيها مجردٌ عن قرينةٍ تعينه للحال أو للاستقبال, وعليه فيبقى الفعل محتملًا لهما.
3. الفعل فيها مرفوع.
عندما دخلتْ لَم على الفعل؛ حديث ما يأتي:
1. صارت الجملة منفية بعد أن كانت ثبوتية.
2. قلَبَتْ (لم) الفعل إلى الماضي؛ فإنها نفَتْ إتيان الأستاذ فيما مضى.
3. جُزِمَ الفعل.
فهذا معنى عمَلِ (لم)؛ نفي وقلب وجزم, وإن شئت فقل: نفي وجزم وقلب.
س: أعرب الجملة بعد أن تدخل عليها (لم).
ج: "لَمْ يأتِ الأستاذ", (يأتِ): فعل مضارع مجزوم بـ(لم), وعلامة جزمه حذف الياء والكسرة قبلها دليل عليها؛ لأنه فعل معتل الآخر.
2. (لَمَّا): وهي حرف نفي وقلب وجزم.
فائدة: نفيُ (لمّا) نفيٌ بتوقُّعِ المَنفي.
س: هل ثمّ فرقٌ بينها وبين (لَمْ)؟
ج: نعم, قال الأشموني -في شرحه لألفية ابن مالك/ باب عوامل الجزم-: يشتركان في الحرفية والاختصاص بالمضارع والنفي والجزم وقلب معنى الفعل للمضي .... ثم أخذ يذكر فروقًا بينهما, مَن رام التفصيل فليطلع على كلامه.
س: مَثِّل لـ"لما".
ج: قال تعالى: "بل لمّا يذوقوا عذابِ", فـ(يذوقوا): فعل مضارع مجزوم بـ(لما), وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة, والواو فاعل.
3. (أَلَمْ): المؤلف جعلها كلها أداةً واحدة؛ تسهيلًا على المبتدئ, وعليه نقول: (ألم) هي حرف نفي وقلب وجزم.
وكلام صاحب التحفة مختصَر أيضًا وسهل على المبتدئ, لا بأس مِن أن نَذكرَه, قال:
هي (لم) زيدَت عليها همزة التقرير.
وعليه نقول في إعراب (ألم): الهمزة للتقرير, و(لم) حرف نفي وقلب وجزم.
س: ما معنى التقرير؟
ج: هو حمل المخاطَب على الإقرار بما بعد حرف النفي –وهو (لم) هنا-.
فالهمزة خرجَت عن الاستفهام إليه, ولا يجاب إلا بـ(بلى).
س: مَثِّل لـ"ألم" بمثالين, وأعرب أحدَهما على كلام الماتن, وأعرب الآخرَ على كلام صاحب التحفة.
ج: المثال الأول: قال تعالى: "ألم نشرحْ لك صدرك", الشاهد: "ألم نشرح", نقول: (ألم): حرف نفي وقلب وجزم, و(نشرح): فعل مضارع مجزوم بـ(ألم), وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره.
المثال الثاني: قال تعالى: "ألم نهلك الأولين", الشاهد: (ألم نهلك), نقول: (ألم): الهمزة للتقرير, و(لم) حرف نفي وقلب وجزم, و(نهلك): فعل مضارع مجزوم بـ(لم), وعلامة جزمه السكون على الكاف وحرِّكَ لالتقاء ساكنين.
4. (أَلَمَّا): المؤلف جعلها كلها أداةً واحدة –أيضًا-؛ تسهيلًا على المبتدئ, وعليه نقول: (ألما) هي حرف نفي وقلب وجزم.
وقال صاحب التحفة: هي (لمَّا) زيدَت عليها همزة التقرير.
وعليه نقول في إعراب (ألما): الهمزة للتقرير, و(لما) حرف نفي وقلب وجزم.
س: مَثِّل لـ"ألما" بمثالين, وأعرب أحدَهما على كلام الماتن, وأعرب الآخرَ على كلام صاحب التحفة.
ج: المثال الأول: "ألما أُحسنْ إليك؟", الشاهد منه: (ألما أُحسنْ), نقول: (ألما): حرف نفي وقلب وجزم, و(أُحسن): فعل مضارع مجزوم بـ(ألما), وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره.
المثال الثاني: "ألما يضربْ زيد", الشاهد منه: (ألما يضرب), نقول: (ألما): الهمزة للتقرير, و(لما) حرف نفي وقلب وجزم, و(يضرب): فعل مضارع مجزوم بـ(لما), وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره.
5. (لام الأمر): يعني اللام الدالة على الأمر.
س: مثّل بمثال.
ج: قال تعالى: "ثم ليقضوا تفثهم", الشاهد: "ليقضوا", نقول: اللام لام الأمر, و(يقضوا): فعل مضارع مجزوم بـلام الأمر, وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة.
س: لماذا سُكِّنَتْ لام الأمر هنا؟
ج: لام الأمر تكون مكسورة إلا إذا سبقتها الواو أو الياء أو ثم فإنها تسكن حينئذ.
س: ائت بمثال لا تكون فيه لامُ الأمر ساكنةً.
ج: قال تعالى: "لينفقْ ذو سعة من سعته", الشاهد: "لينفق", نقول: اللام لام الأمر, و(ينفق): فعل مضارع مجزوم بـلام الأمر, وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره.
6. (لام الدعاء): يعني اللام الدالة على الدعاء.
تنبيه: كل من الأمر والدعاء يقصَد به طلب حصول الفعل طلبًا جازمًا, والفرق بينهما أن الأمر يكون من الأعلى للأدنى, وأما الدعاء فيكون من الأدنى للأعلى.
س: مثل للام الدعاء بمثال.
ج: "ربِّ لِتغفرْ لي", الشاهد منه: "لتغفر", نقول: اللام لام الدعاء, و(تغفر): فعل مضارع مجزوم بـلام الدعاء, وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره.
7. (لا الناهية):
س: لِمَ فرَّقَ الماتن بين التعبيريْن فقال: "لام الأمر والدعاء", وقال: "لا في النهي والدعاء"؟
ج: قد سبق لنا أن قلنا: إن الكلمة التي تتكون من حرفين فأكثر؛ يُنطَق بلفظها, والكلمة المكونة من حرف واحد ينطق باسمها.
فهنا: الأولى حرف واحد, والثانية حرفان.
بخلاف ما إذا كانت الكلمة فعلاً؛ فإن الفعل ينطَق به بلفظه ولو كان على حرف واحد, مثل: (قِ) –فعل أمر من "وقى"- و(عِ) –فعل أمر من "وعى"- و(فِ) -فعل أمر من "وفى"- و(رَ) -فعل أمر من "رأى"-.
س: مثل لـ(لا الناهية) بمثال.
ج: "لا تُهمِلْ دروسك", الشاهد منه: "لا تهمل", نقول: (لا) ناهية جازمة, و(تهمل): فعل مضارع مجزوم بـ(لا الناهية), وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره.
8. (لا الدعائية):
كل من النهي والدعاء يقصد به طلب الكف عن الفعل وتركه, والفرق بينهما: أن النهي يكون من الاعلى للأدنى, والدعاء يكون من الأدنى للأعلى.
س: مثل لـ(لا الدعائية) بمثال.
ج: قال تعالى: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ", الشاهد: ما لُوِّنَ باللون الأحمر, لنعرب ما لوِّن:
"لا تؤاخذنا", نقول: (لا) دعائية جازمة, و(تؤاخذ): فعل مضارع مجزوم بـ(لا الدعائية), وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره "أنتَ", و(نا) ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
"لا تحمل", نقول: (لا) دعائية جازمة, و(تَحْمِلْ): فعل مضارع مجزوم بـ(لا الدعائية), وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره "أنتَ", و(نا) ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
"لا تحملنا", نقول: (لا) دعائية جازمة, و(تُحَمِّلْ): فعل مضارع مجزوم بـ(لا الدعائية), وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره "أنتَ", و(نا) ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
ثانيًا: الأدوات التي تجزم فعلين:
ويسمى أولُ الفِعْلَيْنِ: (فعل الشرط), ويسمى ثانيهما: (جواب الشرط).
س: هل هي دائمًا تجزم فعلين؟
ج: لا, هذا على الأغلب, وإلا فقد تجزم فعلًا واحدًا وجملةً.
س: مثل ماذا؟
ج: وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين".
فـ (وقالوا) الواو على حسب ما قبلها, (قال) فعل ماضٍ مبني على الضم؛ لاتصاله بواو الجماعة, وواو الجماعة ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل, والألف فارقة, (مهما) اسم شرط جازم يجزم فعلين مبني على السكون في محل رفع مبتدأ, (تأتِ) فعل مضارع مجزوم بـ(مهما) وعلامة جزمه حذف الياء والكسرة قبلها دليل عليها, وهو فعل الشرط, والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنت), (نا) ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به, (به) الباء حرف خفض, والهاء ضمير متصل مبني على السكون في محل خفض بحرف الخفض, والخافض والمخفوض متعلقان بالفعل (تأتِ), (مِن) حرف خفض مبني على السكون, (آية) اسم مخفوض بـ(من) وعلامة خفضه الكسرة الظاهرة تحت آخره, والخافض والمخفوض متعلقان بمحذوف حال من الضمير في (به), (لتسحرَنا) اللام لام التعليل, (تسحرَ) فعل مضارع منصوب بلام التعليل وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره, وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنت), و(نا) ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به, (بها) الباء حرف خفض, و(ها) ضمير متصل مبني على السكون في محل خفض بحرف الخفض, والخافض والمخفوض متعلقان بالفعل (تسحر), (ف) واقعة في جواب الشرط, (ما) نافية تعمل عمل ليس ترفع المبتدأ وتنصب الخبر, (نحن) ضمير منفصل مبني على الضم في محل رفع اسم (ما), (لك) خافض ومخفوض متعلقان بـ(مؤمنين) وقُدِّما –مع أن حقَّهما التأخير- لإفادة الحصر, (بمؤمنين) الباء صلة (وهي الزائدة –كما مر معنا فيما نقلته عن ابن هشام- ولكن تأدبا مع القرآن نقول: صلة. والمراد من زيادتها: التوكيد), و(مؤمنين) خبر (ما) منصوب بها وعلامة نصبه ياء مقدرة في آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالياء المجلوبة لأجل ححرف الجر الزائد, وخبر (مهما) هو فعل الشرط, والجملة من (ما) واسمِها وخبرِها في محل في محل جزم جواب الشرط, وجملة (مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين) في محل نصب مفعول به؛ لأنها مقول القول.
سبق وأن قلنا: إنّ الجوازم التي تجزم فعلَيْنِ هي على أربعة أنواع:
النوع الأول: ما هو حرف بالاتفاق, ويضم هذا النوع: (إن) فقط.
النوع الثاني: ما هو اسم بالاتفاق, ويضم هذا النوع: (مَن) و(ما) و(أيُّ) و(متى) و(أيّان) و(أين) و(أنّى) و(حيثما) و(كيفما) و(إذا –في الشعر خاصةً).
النوع الثالث: ما اختلف في أنه اسم أو حرف, ولكن الأصح أنه حرف, ويضم هذا النوع: (إذما) فقط.
النوع الرابع: ما اختلف في أنه اسم أو حرف, ولكن الأصح أنه اسم, ويضم هذا النوع: (مهما) فقط.
سنبدأ الآن بتوزيعها على هذه الأنواع الأربعة.
النوع الأول من الأنواع الأربعة يضم أداةً واحدةً, هي: (إِنْ).
نقول: (إن) حرف شرط جازم يجزم فعلين.
س: مَثِّل لـ"إن".
ج: قال تعالى: "قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف", (إن) حرف شرط جازم يجزم فعلين, (ينتهوا) فعل مضارع –هو فعل الشرط- مجزوم بـ(إن) وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة, والواو فاعل, (يغفر) فعل مضارع مجزوم بـ(إن) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو جواب الشرط.
والنوع الثاني من الأنواع الأربعة يضم تسع أدوات, هي:
8. (مَن):
س: مَثِّل لها.
ج: "من يذاكِرْ ينجَحْ", (من) اسم شرط جازم يجزم فعلين مبني على السكون في محل رفع مبتدأ, (يذاكر) فعل مضارع مجزوم بـ(من) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو فعل الشرط, والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره (هو), (ينجح) فعل مضارع مجزوم بـ(من) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو جواب الشرط, وجملة فعل الشرط في محل رفع خبر للمبتدأ (لأن اسم الشرط إذا وقع مبتدأ يكون خبرُه فعلُ الشرط –على الأصح-).
9. (مَا):
س: مَثِّل لها.
ج: قال تعالى: "وما تفعلوا من خير يعلمه الله", الواو على حسب ما قبلَها, (ما) اسم شرط جازم يجزم فعلين مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم لـ"تفعلوا", (تفعلوا) فعل مضارع -وهو فعل الشرط- مجزوم بـ(ما) وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الافعال الخمسة, وواو الجماعة ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل, (مِن) حرف خفض مبني على السكون لا محل له من الإعراب, (خير) اسم مخفوض بـ(مِن) وعلامة خفضه الكسرة الظاهرة على آخره, والخافض والمخفوض متعلقان بمحذوف حال, (يعلمه): (يعلم) فعل مضارع مجزوم بـ(من) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدَّم, ولفظ الجلالة فاعل مؤخر مرفوع بالفعل وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
س: كيف تميز إعراب اسم الشرط؟ فتارة يعرب مبتدأ وتارة مفعول به وتارة ظرف...., فهل هناك ضابط لهذا؟
ج: إذا كان ظرفًا؛ فمحله النصب على الظرفية بفعل الشرط, إلا (إذا)؛ فإن العامل فيها: جوابُها –على قول الأكثر-, وعند المحققين: شرطُها.
وما أُريدَ به المصدرُ كـ(مهما تكرم زيدًا أكرمه) بمعنى (أي إكرام) فمحله نصب على المفعول المطلق بفعل الشرط.
وإن كان الفعل مسندًا إلى ضميره أو إلى فاسم الشرط مبتدأ.
وإن كان الفعل واقعًا على ضمير اسم الشرط فاسم الشرط مفعول به.
وإن كان واقعًا على ضمير مشتغلًا به عنه فمبتدأ –على الأرجح-, أو مفعول به على الاشتغال, ويقدر العامل فعلًا بعد اسم الشرط.
هذا الكلام ذكره محمد بن أحمد الأهدل في كتابه (الكواكب الدرية), وقد نقلتُه عنه بتصرف واختصار, وكلامه على سبيل التقريب لا الحصر.
10. (متى):
س: مَثِّل لها.
ج: "متى تجلسْ أجلسْ", (متى) اسم شرط جازم يجزم فعلين مبني على السكون في محل نصب على الظرفية, والعامل فيه (تجلس), (تجلس) فعل مضارع مجزوم بـ(متى) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو فعل الشرط, والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنتَ), (أجلس) فعل مضارع مجزوم بـ(متى) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو جواب الشرط, وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنا).
11. (أيّ):
س: مَثِّل لها.
ج: "أيَّ مكان تذهبْ أذهبْ", (أي) اسم شرط جازم يجزم فعلين في محل نصب مفعول به مقدم لـ"تذهب", وهي مضاف, و(مكان) مضاف إليه مخفوض بالمضاف وعلامة خفضه الكسرة الظاهرة تحت آخره, (تذهب) فعل مضارع -وهو فعل الشرط- مجزوم بـ(أي) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنتَ), (أذهب) فعل مضارع مجزوم بـ(أي) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنا).
12. (أيَّانَ):
س: مَثِّل لها.
ج: "أيان تجلسْ أجلسْ", (أيان) اسم شرط جازم يجزم فعلين وهو مفعول فيه مبني على الفتح في محل نصب على الظرفية الزمانية, (تجلس) فعل مضارع مجزوم بـ(أيان) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو فعل الشرط, وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنتَ), (أجلس) فعل مضارع مجزوم بـ(أيان) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو جواب الشرط, وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنا).
يجوز أن نقول: "أيان ما تجلس أجلس" (ما) يجوز إثباتها وحذفها.
13. (أين):
س: مَثِّل لها.
ج: قال تعالى: "أينما يوجهه لا يأت بخير", (أين) اسم شرط جازم يجزم فعلين مبني على الفتح في محل نصب على الظرفية المكانية, (ما) زائدة, ويقال فيها: صلة وتوكيد, (يوجهه): (يوجه) فعل مضارع مجزوم بـ(أينما) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو فعل الشرط, والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره (هو), (الهاء) –الثانية- ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به, (لا) نافية, (يأتِ) فعل مضارع مجزوم بـ(أينما) وعلامة جزمه حذف الياء والكسرة قبلها دليل عليها, وهو جواب الشرط, وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقديره (هو), (بخير): الباء حرف خفض, و(خير) اسم مخفوض بالباء وعلامة خفضه الكسرة الظاهرة تحت آخره, والخافض والمخفوض متعلقان بالفعل (يأت).
س: في المثال سبقَت جوابَ الشرط (لا) النافيةُ, فهل تلغي تأثيرَ أداةِ الشرط على الفعل الذي سبقَتْهُ –سواء أكان فعلَ الشرط أم جوابَ الشرط-؟
ج: لا.
14. (أنَّى):
س: مَثِّل لها.
ج: "أنى تجلسْ أجلسْ", (أنى) اسم شرط جازم يجزم فعلين مبني على السكون في محل نصب على الظرفية, (تجلس) فعل مضارع مجزوم بـ(أنى) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو فعل الشرط, وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنت), (أجلس) فعل مضارع مجزوم بـ(أنى) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو جواب الشرط, وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنا).
15. (حيثما):
س: مَثِّل لها.
ج: "حيثما تستقمْ يقدِّرْ لك اللـ ـه نجاحًا في غابر الأزمان", (حيثما) اسم شرط جازم يجزم فعلين مبني على الضم في محل نصب على الظرفية, (ما) زائدة, (تستقم) فعل مضارع مجزوم بـ(حيثما) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو فعل الشرط, وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنتَ), (يقدِّر) فعل مضارع مجزوم بـ(حيثما) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو جواب الشرط, (لك) خافض ومخفوض متعلقان بـ(يقدر), لفظ الجلالة فاعل لـ(بقدر) مرفوع بالفعل وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره, (نجاحًا) مفعول به منصوب بالفعل وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره, (في) حرف خفض مبني على السكون, (غابر) اسم مخفوض وعلامة خفضه الكسرة الظاهرة على آخره, وهو مضاف, و(الأزمان) مضاف إليه مخفوض بالمضاف وعلامة خفضه الكسرة الظاهرة على آخره, و(في غابر) الخافض والمخفوض متعلقان بـ(يقدر).
9. (كيفما):
س: مَثِّل لها.
ج: "كيفما تلعب ألعب", (كيفما) اسم شرط جازم يجزم فعلين مبني على الفتح في محل نصب على الحال, (ما) زائدة, (تلعب) فعل مضارع مجزوم بـ(كيفما) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو فعل الشرط, وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنت), (أجلس) فعل مضارع مجزوم بـ(كيفما) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو جواب الشرط, وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنا).
10. (إذا) في الشعر خاصةً؛ وذلك ضرورة, أما في غير الشعر فلا.
س: مَثِّل لها.
ج: "استغن ما أغناك ربك بالغنى ~~~ وإذا تصبْك خصاصةٌ فتجمَّلِ", إعراب العجز: (الواو) حرف عطف, (إذا) اسم شرط جازم يجزم فعلين في الشعر مبني على السكون في محل نصب على الظرفية, (تصبك): (تصب) فعل مضارع مجزوم بـ(إذا) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو فعل الشرط, والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به, (خصاصة) فاعل (تصب) مرفوع به وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره, والجملة من الفعل والفاعل في محل خفض بإضافة (إذا) إليها, (فتجمل): الفاء واقعة في جواب الشرط, (تجمل) فعل أمر مبني على السكون الظاهر على آخره وحُرِّكَ بالكسر للقافية, وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره (أنت), والجملة الفعلية من الفعل والفاعل في محل جزم جواب الشرط.
فهنا جزمت أداة الشرط فعلًا وجملة –كما سبقت الإشارة إلى هذا-.
والنوع الثالث من الأنواع الأربعة يضم أداةً واحدةً, هي: (إِذْما).
س: مَثِّل لها.
ج: "إذما تجلس أجلس", (إذما) حرف شرط جازم –على الصحيح- يجزم فعلين, (تجلس) فعل مضارع مجزوم بـ(إذما) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو فعل الشرط, و(أجلس) فعل مضارع مجزوم بـ(إذما) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو جواب الشرط.
والنوع الرابع من الأنواع الأربعة يضم أداةً واحدةً, هي: (مهْما).
س: مَثِّل لها.
ج: "ومهما تكُنْ عند امرئ من خليقةٍ وإن ~~~ خالها تخفى على الناس تُعلَمِ", (مهما) اسم شرط جازم –على الصحيح- يجزم فعلين, (تكن) فعل مضارع مجزوم بـ(مهما) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره, وهو فعل الشرط, وأصل الفعل (تكون) ولكن حذفَت الواو قبل النون الساكنة لالتقاء ساكنين, (تعلَم) فعل مضارع وهو جواب الشرط مجزوم بـ(مهما) وعلامة جزمه السكون على الميم وحرك بالكسر مراعاةً للرويِّ –أي لآخر البيت-.
فائدة: قال الأشموني: هذه الأدوات في لحاق (ما) على ثلاثة أضرب:
1. ضرب لا يجزم إلا مقترنًا بها: وهو (حيث) و(إذ) -كما اقتضاه صنيع ابن مالك-, وأجاز الفراء الجزم بهما بدون (ما).
2. ضرب لا يلحقه (ما): وهو (من)، و(ما) و(مهما) و(أنَّى)، وأجازه الكوفيون في (من) و(أنَّى).
3. وضرب يجوز فيه الأمران: وهو (إن) و(أيّ)، و(متى)، و(أين) و(أيان)، ومنع بعضهم في أيان، والصحيح الجواز.
س: نعلم أنَّ الجزم يكون إذا كان فعل الشرط أو جوابه فعلًا مضارعًا, لكن إذا كان فعل الشرط أو جوابه فعلًا ماضيًا؛ ماذا يكون حكمه؟
ج: يبقى على بنائه ويكون في محل جزم.
س: هل من مثال؟
ج: "إن اجتهدَ زيد نجحَ", (إن) حرف شرط جازم يجزم فعلين, (اجتهد) فعل ماضٍ مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط, (نجح) فعل ماضٍ مبني على الضم في محل جزم جواب الشرط.
فوائد:
الفائدة الأولى: إن كان فعل الشرط ماضيًا وكان جوابه مضارعًا؛ فإنه يجوز في الجواب وجهان: الجزم والرفع.
الأصل هو الجزم, لكن إن رفعناه؛ فلا بأس.
ولكن نقول إذا رفَعناه: الجملة في محل جزم جواب الشرط؛ لأن الأداة تسلطت على الجملة لا على الفعل, ولهذا بقي الفعل مرفوعًا.
س: هل من مثال؟
ج: "إن نجَحْتَ أفرَح", هنا فعل الشرط ماضٍ وجواب الشرط مضارع, فيجوز في جواب الشرط –وهو: أفرح- الجزم أو الرفع.
ولكن إذا رفعناه
س: وإن كان فعل الشرط مضارعًا وكان جوابه ماضيًا؛ فهل يجوز في فعل الشرط الوجهان؟
ج: لا, إنما يجوز فيه الجزم فقط.
الفائدة الثانية: إذا كان جواب الشرط جملةً لا تصلح لمباشرة أداةِ الشرط؛ وجبَ اقترانُها بالفاء.
س: هل من ضابط يعرف به أنواع الجمل التي من هذا النوع؟
ج: نعم, إذا كان جواب الشرط جملة اسمية أو كان جواب الشرط دل على الطلب أو كان جواب الشرط فعلًا جامدًا أو كان جواب الشرط مقرونًا بـ(ما) أو كان جواب الشرط مُصَدَّرًا بـ(قد) أو كان جواب الشرط مصدّرًا بـ(لن) أو كان جواب الشرط مصدّرًا بالسين أو بسوف.
فهذه سبع حالات, وقد جمعَت في هذا البيت:
اسميّةٌ طَلَبيَّةٌ وبجامدٍ ~~~ وبما وقد وبِلَن وبالتنفيس
س: قولك: "أو كان جواب الشرط دل على الطلب" نرجو بيان هذه الجملة.
ج: تشمل هذه الحالة كل ما دل على طلب, كالأمر والنهي والاستفهام والدعاء ..... .
س: ما هو الفعل الجامد؟
ج: الفعل الجامد هو الذي لا يتصرف, مثل: ليس ونِعْمَ وبِئْسَ وعسى.
س: ما معنى: (التنفيس)؟
ج: التنفيس: أن يكون الجواب مصدّرًا بالسين أو بـ(سوف).
س: ولكن إذا اقترن الجواب بالفاء فكيف يكون الجزم؟
ج: يكون الجزم حينئذ محليًّا, يعني نقول: (الجملة في محل جزم), وقد مرَّ معنا مثلُ هذا في إعراب بعض الأمثلة السابقة.
س: إذا اقترن الجواب بالفاء فما إعراب الفاء؟
ج: نقول: الفاء رابطة للجواب.
س: ما معنى (رابطة للجواب)؟
ج: أي: تربط ما بعدها بما قبْلها.
س: هلا مثلت بمثال لكل نوع من الأنواع السابقة؟
ج: مثال على كون الجواب جملة اسمية:
"إن تجتهد فـأنت ناجح", (أنت) ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ, (ناجح) خبر مرفوع بالمبتدأ وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره, والجملة من المبتدأ والخبر في محل جزم جواب الشرط.
مثال على كون الجواب دالًّا على الطلب:
"إن تصبْك مصيبة فـاصبرْ".
مثال على كون الجواب فعلًا جامدًا:
قال تعالى: " وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَـلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ".
مثال على كون الجواب مقرونًا بـ(ما):
قال تعالى: "وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَـمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ".
مثال على كون الجواب مصدرًا بـ(قد):
قال تعالى: "فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَـقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ".
مثال على كون الجواب مصدرًا بـ(لن):
قال تعالى: "وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَـلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا".
مثال على كون الجواب مصدرًا بـ(سوف):
قال تعالى: "وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَـسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا".
مثال على كون الجواب مصدرًا بـ(السين):
"إن تشهد الزورَ فـسأغضَبُ منك".