إعلانات المنتدى


أحاديث منتقاة في أبواب تتعلق بالقرآن الكريم

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

المالكي المصري

عضو كالشعلة
5 أكتوبر 2009
432
4
0
الجنس
ذكر
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهدِه اللهُ فلا مضِلَّ له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد...
فهذه أحاديثُ تتعلق بجوانبَ لها علاقةٌ بالقرآن الكريم, انتقيتُها مِن كتاب "صحيح الترغيب والترهيب" وكتاب "ضعيف الترغيب والترهيب" لمُحَدِّثِ هذا العصر: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله وجزاه عنا خيرًا-, سأُورِد كل مرة بعضًا مِنها -إن شاء الله تعالى-, مع بيان حُكمِ الشيخِ عليها مِن حيث الصحة والحُسن والضعف, فهي تحتوي -أيضًا- على أحاديثَ ضعيفة -أورِدُها لبيان ضَعْفِها-.
 

الوهراني

مزمار داوُدي
26 أبريل 2008
3,836
27
48
الجنس
ذكر
رد: أحاديث منتقاة في أبواب تتعلق بالقرآن الكريم

عمل طيب جدا ... جعله الله في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال و لابنون

جزاكم الله عنا خيرا أستاذنا المالكي و نفع بك

وفقك الله لكل خير
 

المالكي المصري

عضو كالشعلة
5 أكتوبر 2009
432
4
0
الجنس
ذكر
رد: أحاديث منتقاة في أبواب تتعلق بالقرآن الكريم

رأيت وأنا أنتقي الأحاديث أنه لابد من أن أضع على بعضها ما ييسره الله من تعليقاتٍ أو شروحٍ أو فوائدَ أو ملاحظاتٍ أو بيانٍ لغريب الحديث؛ وذلك لكي تزداد الفائدة, فعمدت إلى الكتب التي فيها شروح مختصرة للأحاديث ونقلتُ لكم منها ما يسَّر الله -سبحانه وتعالى-؛ ابتغاءَ عدمِ الإطالة, ومن شاء التوسع والبسط فليرجع إلى المطولات.
وبالنسبة لِمُخَرِّجِي الأحاديث؛ فإن كان البخاريَ أو مسلمًا؛ اقتصرتُ على ذكره ولم أذكر معه غيره, ولم أذكر للحديث درجةً.
وكذلك الحال في الحديث الذي رواه البخاري [و]مسلم.
وإن كان غيرَ البخاريِّ ومسلمٍ؛ ذكرتُه وذكرت درجة الحديث ذكرَها الشيخ الألباني –رحمه الله تعالى-.

الحديث الأول:
عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: خيركم مَن تعلَّم القرآنَ وعلَّمَه.
رواه البخاري.
قال المحقق السندي في حاشيته على سنن ابن ماجة: (قال المظهري: "يعني إذا كان خير الكلام كلام الله؛ فكذلك خير الناس بعد النبيين من يتعلم القرآن ويعلمه", وقال القاري: "لكن لا بد من تقييد التعلم والتعليم بالإخلاص", وقال الطيبي: "أي خير الناس باعتبار التعلم والتعليم: من تعلم القرآن").

الحديث الثاني:
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنةٌ والحسنة بعشرِ أمثالِها, لا أقول (الم) حرف, ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ.
رواه الترمذي.
درجة الحديث: صحيح.
المراد بالحرف ليس نفسَ المِداد وشكل المداد, وإنما المراد: الحرف المنطوق.
س: كيف ذلك؟
الجواب: الحرفُ والكلمة في لغة العرب التي كان النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لهما معنى غير المعني الذي في اصطلاح النحاة, ففي لغة العرب التي كان النبي –عليه الصلاة والسلام- يتكلم بها: الكلمة هي: الجملة التامة, والحرف هو: الكلمة.
س: ما الدليل على ذلك؟
ج: الأدلة على ذلك كثيرة, من شاء الاطلاع عليها فعليه بكتاب "الحقيقة الشرعية في تفسير القرآن العظيم والسنة النبوية" للشيخ محمد بن عمر بن سالم بازْمول –حفظه الله تعالى- فإنه كتاب ممتع للغاية, وفيه فوائدُ عظيمة جدًا.
قال الشيخ محمد بازمول في كتابه الآنف الذكر:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الحرف يراد به الاسم والفعل وحروف المعاني واسم حروف الهجاء, ولهذا سأل الخليل بن أحمد أصحابه: "كيف تنطقون بالزاي مِن (زيد)؟", فقالوا: "زاي", فقال: "نطقتم بالاسم, وإنما الحرف: "زه", فبيَّن الخليل أن هذه التي تسمى حروف الهجاء هي أسماء.
وكثيرًا ما يوجد في كلام المتقدمين: "هذا حرف من الغريب", يعبرون بذلك عن الاسم التام, فقوله –صلى الله عليه وسلم-: "فله بكل حرف" مثَّلَه بقوله: "ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف....." وعلى نهج ذلك: "ذلك" حرف, و"الكتابُ" حرف, ونحو ذلك" اهـ.
وقد أفاد -رحمه الله- أن الحرف المراد في قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات..........": الحرف هو الكلمة, لا حرف الهجاء.
وهذا التفسير اعتمده الإمام ابن كثير –رحمه الله-, كما اعتمده وصححه الإمام ابن الجزري –رحمه الله-.
قال الإمام ابن الجزري: وقد سألت شيخَنا شيخَ الإسلام ابنَ كثير –رحمه الله تعالى-: "ما المراد بالحرف في الحديث؟", فقال: "الكلمة؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه: (من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات, لا أقول (الم) حرف, ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ)".
وهو الصحيح؛ إذ لو كان المراد بالحرفِ: "حرف الهجاء"؛ لكان "ألف" بثلاثة أحرف, و"لام" بثلاثة أحرف, و"ميم" بثلاثة أحرف. اهـ كلام الإمام ابن الجزري.
وهذا التفسير قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية: "وعليه محققو العلماء".
ويبنى على هذا التقرير: أنه لا تفضيلَ بين القراءات القرآنية مِن جهة زيادة حروف الهجاء في كلمة على قراءة دون قراءة, بل لا تفضيل بين القراءات القرآنية المثبتة على الإطلاق, إذ الكل كلام الله -جل وعلا- (انظر مقدمة القسم الثاني من كتابي: (القراءات وأثرها في التفسير والأحكام). اهـ بتصرف.

الحديث الثالث:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: مَن نَفَّس عن مؤمن كُربةً مِن كُرَب الدنيا نَفَّس اللهٌ عنه كُربةً من كُرَبِ يوم القيامة، ومَن يَسَّر على مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عليه في الدنيا والآخرة، ومَن سَتَرَ مسلماً ستره اللهُ في الدنيا والآخرة، واللهُ في عَون العبد ما كان العبدُ في عون أخيه، ومَن سَلَكَ طريقاً يَلتمس فيه علماً سَهَّلَ اللهُ له به طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتابَ الله ويتدارسونه بينهم إلاَّ نزلت عليهم السكينةُ، وغَشيتهم الرحمةُ، وحفَّتهم الملائكةُ، وذكَرَهم الله فيمَن عنده، ومَن بَطَّأَ به عملُه لَم يُسرع به نسبُه.
رواه مسلم.
قال العلّامة عبد المحسن بن حمد العبَّاد البدر –حفظ الله تعالى- في شرحه للأربعين النووية الذي سماه (فتح القوي المتين بشرح الأربعين وتتمة الخمسين):
قوله: "مَن نَفَّس عن مؤمن كُربةً مِن كُرَب الدنيا نَفَّس اللهٌ عنه كُربةً من كُرَبِ يوم القيامة"، الكُربةُ هي الشدَّة والضيق، وتنفيسها إزالتُها، والجزاء على تنفيس كربة في الدنيا أن ينفَّس عنه كُربة من كُرب يوم القيامة، والجزاءُ من جنس العمل، ولا شكَّ أنَّ الجزاءَ فيه أعظم؛ لشدَّة كُرَب يوم القيامة وعظم الفائدة للمكروب في تنفيسها.
قوله: "ومَن يَسَّر على مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عليه في الدنيا والآخرة"، وهذا أيضاً الجزاءُ فيه من جنس العمل، والعمل هو التيسير على المُعسر، وذلك بإعانته على إزالة عُسرته، فإن كان مَديناً ساعده بإعطائه ما يقضي به دينه، وإن كان الدَّين له أنظره إن لم يُبْرئه منه، والإبراء خيرٌ من الإنظار؛ لقول الله عزَّ وجلَّ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم أنَّ الجزاءَ على التيسير تيسيرٌ يحصل في الدنيا والآخرة.
قوله: "ومَن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة"، وهذا أيضاً العمل فيه ستر في الدنيا، والجزاء عليه سترٌ في الدنيا والآخرة، والسترُ هو إخفاء العيب وعدم إظهاره، فمَن كان معروفاً بالاستقامة وحصل منه الوقوع في المعصية نوصِحَ وسُتر عليه، ومَن كان معروفاً بالفساد والإجرام، فإنَّ السترَ عليه قد يهوِّن عليه إجرامه، فيستمر عليه ويتمادى فيه، فالمصلحةُ في مثل هذا عدم الستر عليه؛ ليحصل له العقوبة التي تزجره عن العَوْد إلى إجرامه وعدوانه.
قوله: "والله في عون العبد ما كان العبدُ في عون أخيه"، هذا فيه الحثُّ على إعانة المسلم أخاه المسلم، وأنَّه كلَّما حصل منه العون لإخوانه فإنَّه يحصِّل بذلك عون الله وتسديده، وهي كلمة جامعة من جوامع كلم الرسول صلى الله عليه وسلم.
قوله: "ومَن سلك طريقاً يلتمسُ فيه علماً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنَّة"، فيه الحثُّ على طلب العلم الشرعيِّ وسلوك الطرق الموصلة إلى تحصيله، سواء كان ذلك بالسفر لطلبه؛ أو بالأخذ بأسباب تحصيله، من اقتناء الكتب المفيدة وقراءتها والاستفادة منها، وملازمة العلماء والأخذ عنهم وغير ذلك، والجزاء على ذلك من الله تسهيل الطريق التي يصل بها طالب العلم إلى الجنَّة، وذلك يكون بإعانته على تحصيل ما قصد، فيكون بذلك محصِّلاً للعلم، ويكون أيضاً بإعانته على العمل بما علمه من أحكام الشريعة، وذلك يفضي به إلى دخول الجنَّة.
قوله: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلاَّ نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرَّحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمَن عنده"، بيوتُ الله هي المساجد، وإضافتها إلى الله إضافة تشريف، والمساجد هي أحبُّ البلاد إلى الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أحبُّ البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها" رواه مسلم (671)، وفيه الحثُّ على الاجتماع في المساجد لتلاوة القرآن وتدارسه، ويكون ذلك بقراءة أحد المجتمعين والباقون يسمعون، وبقراءتهم بالتناوب ليقوِّم بعضُهم بعضاً في القراءة، ويستفيد كلُّ واحد منهم من غيره ما يحصِّل به إجادة القراءة وتدارك الخطأ إن وُجد، وإذا كان فيهم عالم بتفسيره علَّمهم، وإن كانوا من أهل العلم فيه تدارسوا معانيه، ورجعوا في ذلك إلى كتب التفسير في الرواية والدراية المبنية على ما كان عليه سلف هذه الأمَّة، والجزاء على الاجتماع في المساجد لتلاوة القرآن وتدارسه أربعة أمور، هي: نزول السكينة عليهم والطمأنينة، وأنَّ الرحمةَ تغشاهم، أي تشملهم وتغطِّيهم، وأنَّ الملائكة تحفُّهم أي: تحيط بهم، وأنَّ الله تعالى يذكرهم عند الملائكة.
قوله: "ومَن بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه"، المعنى: مَن أخَّره عملُه عن دخول الجنَّة لم يسرع به نسبه إلى دخول الجنَّة؛ لأنَّ المعتبَر في ذلك الإيمان والتقوى، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (2/308): "معناه أنَّ العملَ هو الذي يبلغ بالعبد درجات الآخرة، كما قال تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}، فمَن أبطأ به عمله أن يبلغ به المنازل العالية عند الله تعالى لم يسرع به نسبه فيبلغه تلك الدرجات؛ فإنَّ الله رتَّب الجزاءَ على الأعمال لا على الأنساب، كما قال تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ}"، إلى أن قال: "وفي هذا المعنى يقول بعضهم:
لَعَمرك ما الإنسان إلاَّ بدينه ^^^ فلا تترك التقوى اتِّكالاً على النسب
لقد رفع الإسلامُ سلمانَ فارسٍ ^^^ وقد وضع الشرك النسيبَ أبا لهب".

الحديث الرابع:
عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مَثَلُ المؤمن الذي يقرأ القرآن مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ؛ ريحها طيب وطعمها طيب. ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة؛ لا ريح لها وطعمها حلو. ومثلُ المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة؛ ريحها طيب وطعمها مر. ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة؛ ليس لها ريح وطعمها مر.
وفي رواية: "مثل الفاجر" بدل: "المنافق".
رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه.
قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله تعالى-: مَثَلُ المؤمن الذي يقرأ القرآن مَثَل الأُتْرُجَّةِ؛ ريحها طيب (لأنه إذا قرأ القرآن وأقرأَه؛ انتفَعَ الناس به) وطعمها طيب (لأنه مؤمن). ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة؛ لا ريح لها (أي: ليس لها ريح ذكيٌّ ينتشرُ إلى الغير -وإلا فهي لها ريح-) وطعمها حلو. ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة؛ ريحها طيب, وطعمها مر (أي: أنه هو بنفسه خبيث) (وفي هذا أن المنافق قد يكون منه خير, وذلك بما معه من العلم والقرءان إذا نشره وانتفع به الناس, لكن هو نفسه لا ينتفِع به؛ لأنه كافرٌ, فلا ينتفع؛ قال تعالى: "وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله") . ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة؛ ليس لها ريح (أي: ليس لها الرائحة الذكية التي تجذب الناس وينتفعوا بها –وإلا فهي لها رائحة-) وطعمها مر.
وقال الشيخ عبد الله الغنيمان عند شرحه لهذا الحديث:
ضرب الأمثال يراد به تقريب المعنى إلي الفهم.
والمقصود بالمثل هنا: الوصف والحال, فالمؤمن طيب في نفسه, وما من عمل يكون طيبًا, فلهذا جعل -صلى الله عليه وسلم– مذاقَه طيبًا، ورائحته التي تتعدى إلى من حوله طيبة, وإن كان المقصود بهذا الحديث من يحمل القرآن ويقرؤه؛ فغير القراءة من الأعمال يلتحق بها.
فإذا كان حامل القرآن مؤمنًا, عاملاً به, صادف محلاً قابلاً فأثمر.
والأترجة, تجمع طيب المذاق, وطيب الرائحة, وحسن المنظر, وطيب نكهتها, وجودة الهضم, وفيها منافع أخرى, فناسب تمثيل المؤمن القارئ للقرآن بها.
قال الحافظ: (( وقع في رواية شعبة، عن قتادة: "المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به", وهي زيادة مفسرة للمراد، وأن التمثيل وقع بالذي يقرأ القرآن ولا يخالف ما اشتمل عليه من أمر ونهي، لا مطلق التلاوة )).
قوله: (( والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها )) يعني بالمؤمن الذي لا يقرأ القرآن: هو الذي لا يحفظه، ولا يتلوه، فالإيمان بالله ورسله وما جاءت به طيب، ومذاقه حلو، ولكن إذا آمن بالقرآن، وعمل به، وهو لا يقرؤه، فاتته الرائحة الطيبة، والله – تعالى – يجمع الطيبين فيسكنهم دار الطيبات، كما يجمع الخبيث بعضه إلى بعض فيركمه فيجعله في جهنم.
قال الحافظ: (( قيل: خص صفة الإيمان بالطعم، وصفة التلاوة بالريح؛ لأن الإيمان ألزم للمؤمن من القرآن، إذ يمكن حصول الإيمان بدون القراءة )).
قوله: (( ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب، وطعمها مر )).
الفاجر أصله ومذاقه مر خبيث، وإذا قرأ القرآن كان ما يصدر منه من القراءة طيب، ولكن مصدر القراءة خبيث، ومثل القراءة بالرائحة التي يدركها من حوله، فلما كان هذا العمل طيباً، صار مثل الرائحة الطيبة، الصادرة من محل خبيث، مؤذ، ضار، وإن كان ينتفع برائحته.
قوله: (( ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، طعمها مر، ولا ريح لها )) يعني: اجتمع فيه خبث الأصل، وخبث العمل، فلا نفع فيه لنفسه ولا لغيره، بل هو ردىء مؤذ في نفسه، ولا علم له ينتفع به.
قال النووي: (( فيه فضيلة حافظ القرآن، واستحباب ضرب الأمثال لإيضاح المقاصد )).
والمقصود بقارئ القرآن: من حفظه، وتعاهده بكثرة التلاوة؛ للوقوف على أسرار معانيه، والعمل بأوامره، والانتهاء عن مناهيه، والاتعاظ بمواعظه، والتأدب بآدابه، لا مجرد الحفظ والتلاوة.
وكلام الله –تعالى– له تأثير في باطن العبد، وظاهره -إذا كان مؤمناً به-، والعباد متفاوتون في ذلك، فمنهم من له النصيب الأوفر من ذلك -وهو المؤمن المتقي التالي له-، ومنهم من لا نصيب له البتة -وهو المنافق-، ومن تأثر ظاهره دون باطنه فذلك المرائي )).

الحديث الخامس:
عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن مثَلَ ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضًا فكانت منها طائفةٌ طيِّبة قَبِلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أَجادبُ أمسكت الماءَ فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب طائفةً أخرى منها إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ, فذلك مثلُ مَن فَقِه في دين الله –تعالى- ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلَّم ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أُرسِلت به.
رواه البخاري ومسلم
قال العلَّامة ربيع بن هادي المدخلي –حفظه الله تعالى- في كتابه "مذكرة الحديث النبوي في العقيدة والاتِّباع":
المـفـردات :
المثـل: المراد به هنا: الصفة العجيبة, لا القول السائر.
الهدى: الدلالة الموصلة إلى المطلوب.
الغيث الكثير: المطر العام.
الكـلأ: يطلق على النبت الرطب واليابس معاً.
العشب: النبت الرطب.
أجادب: جمع جدَب -بفتح الدال المهملة-. وهي: الأرض الصلبة التي لا يَنضَب منها الماء.
قيعـان: جمع قاع -وهو الأرض المستوية الملساء التي لا تنبت-.
توضيـح هذا المثـل:
ضرب النبي –صلى الله عليه وسلم- لِما جاء به من الدين مثلاً بالغيث العام الذي يأتي الناس في حال حاجتهم إليه, وكذا كان حال الناس قبل مبعثه –صلى الله عليه وسلم-, فكما أن الغيث يحيي به اللهُ البلدَ الميت؛ فكذا الوحي من الله يحيي به القلوب الميتة.
قال تعالى : "أوَمَن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها".
فالنور هنا: نور الوحي, والظلمات: ظلمات الجهل والكفر والضلال.
ثم شبَّه النبيُ –صلى الله عليه وسلم- السامعين لما جاء به بالأرض المختلفة التي ينـزل بها الغيث.
1- فمنهم العالم والعامل المعلم، فهو بمنـزلة الأرض الطيبة, شربت, فانتفعت في نفسها، وأنبتت فنفعت غيرها.
2- ومنهم الجامع للعلم المجتهد في تحصيله، لكنه لم يعمل بنوافله أو لم يتفقه فيما جمع, غير أنه أداه لغيره، فهو بمنـزلة الأرض التي يستقر فيها الماء، فينتفع الناس به, وهو المشار إليه بقوله –صلى الله عليه وسلم-: "نضَّر الله امْرَأً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها".
3- ومنهم من يسمع العلم، فلا يحفظه ولا يعمل به ولا ينقله لغيره، فهو بمنـزلة الأرض السبخة الملساء التي لا تقبل الماء أو تفسده على غيرها.
وإنما جمع في المثل بين الطائفتين الأوليين المحمودتين؛ لاشتراكهما في الانتفاع بهما, وأفرد الطائفة الثالثة المذمومة؛ لعدم النفع بها.
فعليك أخي بالعلم النبوي والعمل به يرفعك الله به. قال تعالى : "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذي أوتوا العلم درجات"، وقال تعالى: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون".
وعليك بالعمل به والدعوة إليه قال تعالى: "ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين".
واحرص أن تكون من النوع الأول ممن تقبل هذا النور الذي جاء به النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- فيضيء الله به قلبَكَ ويحييه, فالحياة الصحيحة الطيبة لا تكون إلا به.
واحذر كل الحذر أن تكون من النوع الثالث الذي لم يقبل هدى الله ولم يرفع به رأساً.
ما يستفاد من الحديث :
1- عظمة ما جاء به الرسول من الهدى والعلم. ألا وهو القرآن والسنة وآثارهما في حياة الناس.
2- تفاوت الناس من حيث الاستعداد لقبول ما جاء به الرسول وعدمه فالناس معادن.
3- فضل العلم والتعليم ونشر الخير في الناس.
4- خطورة الإعراض عما جاء به رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من كتاب وسنة من جهة، ودلالة هذا الإعراض على رداءة معادن هؤلاء المعرضين وحقارتهم عند الله.

الحديث الخامس:
عن تميم الداري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدين النصيحة".
قلنا: لمن؟
قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم".
رواه مسلم.
درجة الحديث: صحيح.
قال العلَّامة ربيع بن هادي المدخلي –حفظه الله تعالى- في كتابه "مذكرة الحديث النبوي في العقيدة والاتِّباع":
المفــردات :
الـدين: الإسلام كله؛ إذ مدار الإسلام على هذا الحديث.
النصيحة: كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح له, مأخوذة من: "نصح الرجل ثوبه إذا خاطه"، فشبهوا فعل الناصح فيما يتحراه من صلاح المنصوح له بما يسده من خلل الثوب.
أئمة المسلمين: زعماؤهم كالخلفاء والأمراء والعلماء.
عـامتهـم: سائر المسلمين ممن عدا الأئمة.
المعنى الإجمالي:
هذا الحديث عظيم الشأن, ومن جوامع كلم الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم-, وعليه مدار الإسلام, لو عمل أفراد المسلمين وجماعتهم بما تضمنه من معاني النصيحة؛ لنالوا سعادة الدنيا والآخرة, ولعاشوا أخوة متحابين تجمعهم عقيدة واحدة وراية واحدة ومنهج واحد لحياتهم.
فالنصيحة لله معناها: الإيمان به سبحانه وتعالى وبكل ما ورد في الكتاب والسنة من أسمائه الحسنى وصفاته العليا إيماناً حقاً صادقاً من غير تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل, على أساس: "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ".
وإفراده وحده سبحانه بالعبادة, ونفي الشريك عنه, والقيام بطاعته, واجتناب معصيته, والحب فيه, والبغض فيه, وموالاة من أطاعه, ومنابذة من عصاه, وجهاد من كفر به, والاعتراف بنعمته, وشكره عليها, والإخلاص في جميع الأمور له.
وأما النصيحة لكتابه: فالإيمان بأنه كلام الله منـزل منه غير مخلوق, وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, لو اجتمعت الجن والإنس؛ لا يأتون بمثله -ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً- ولا بعشر سور من مثله بل ولا بسورة من مثله.
ثم تعظيمه, وتلاوته حق تلاوته وتحسينها والخشوع عندها وإقامة حروفه عند التلاوة, والذب عنه برد تأويل المحرفين وتحريف الغالين وانتحال المبطلين, والتصديق بما فيه, والوقوف مع أحكامه, وتفهم علومه وأحكامه وأمثاله وحدوده, والاعتبار بمواعظه, والتفكر في عجائبه, والعمل بمحكمه, والتسليم لمتشابهه, والبحث في ناسخه ومنسوخه, ونشر علومه, والدعاء إليه.
وأما النصيحة لرسول الله –صلى الله عليه وسلم-: فتصديقه على الرسالة, والإيمان بجميع ما جاء به, وطاعته في أمره ونهيه, ونصرته حياً وميتاً, ومعاداة من عاداه, وموالاة من والاه, وإعظام حقه, وتوقيره, وإحياء طريقه وسنته, وبث دعوته ونشرها, ونفي التهمة عنها, وخدمة علومها, والتفقه في معانيها, والدعاء إليها, وإعظامها, والتأدب عند قراءتها, والإمساك عن الكلام فيها بغير علم, والتخلق بأخلاق هذا الرسول الكريم, والتأدب بآدابه, ومحبة أهل بيته وأصحابه, ومجانبة من ابتدع في سننه أو تعرض لأحد من أصحابه.
وأما النصيحة لأئمة المسلمين: فمعاونتُهم على الحقِّ, وطاعتُهم فيه، وتنبيهُهم وتذكيرُهم برفق ولطف، وإعلامُهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين, ومجانبةُ الخروج عليهم, والصلاةُ خلفهم, والجهادُ معهم, وأداءُ الصدقات إليهم, وتركُ الخروج عليهم بالسيف إذا ظهر منهم حيفٌ أو سوء العشرة, والدعاءُ لهم بالصلاح, وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم، والدعاءُ لهم بالتوفيق، وحثُّ الأغيار على ذلك.
وأما النصيحة لعامة المسلمين –وهم من عدا ولاة الأمر–: فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم, وكف الأذى عنهم، فيعلمهم ما يجهلونه من دينهم ويعينهم عليه بالقول والفعل, وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص, وستر عوراتهم, وسد خلاتهم, ودفع المضار عنهم, وجلب المنافع لهم, والشفقة عليهم, وتوقير كبيرهم, ورحمة صغيرهم, وتخولهم بالموعظة الحسنة, وترك غشهم وحسدهم, وأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير ويكره لهم ما يكره لنفسه من الشر, والذب عن أموالهم وأعراضهم, وحثهم على التخلق بجميع ما ذكر من النصيحة, وتنشيط هِمَمِهم إلى الطاعة. ( انظر شرح النووي لصحيح مسلم 2/38-39 ).

الحديث السادس:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
إذا مات ابنُ آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له
رواه مسلم.

الحديث السابع:
عن أبي أمامة –رضي الله عنه- قال: ذُكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلان أحدهما عابد والآخر عالم, فقال -عليه أفضل الصلاة والسلام-: "فضلُ العالمِ على العابدِ كفَضْلي على أدناكم", ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن اللهَ وملائكتَه وأهلَ السمواتِ والأرضِ -حتى النملةَ في جحرها, وحتى الحوت- ليُصَلُّون على معلمِ الناسِ الخيرَ.
رواه الترمذي.
درجة الحديث: حسن لغيره.
الصلاة من الله –جلّ وعزّ-: ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى. حكاه البخاري عن أبي العالية.
وقال العلَّامة المباركْفوري –صاحب تحفة الأحوذي-: ذُكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلان أحدهما عابد (أي كامل في العبادة) والآخر عالم (أي كامل بالعلم), فقال -عليه أفضل الصلاة والسلام-: "فضلُ العالمِ (بالعلوم الشرعية مع القيام بفرائض العبودية) على العابدِ (أي على المتجرد للعبادة بعد تحصيل قدر الفرض من العلوم) كفَضْلي على أدناكم (أي: نسبة شرف العالم إلى شرف العابد كنسبة شرف الرسول إلى شرف أدنى الصحابة. قال القاري: فيه مبالغة [أي: مبالغة في التفضيل] لا تخفى؛ فإنه لو قال: "كفضلي على أعلاكم"؛ لكفى فضلاً وشرفاً)", ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن اللهَ وملائكتَه (قال القاري: "أي: حملة العرش") وأهلَ السمواتِ (هذا تعميم بعد تخصيص) والأرضِ (أي: أهل الأرضين من الإنس والجن وجميع الحيوانات) -حتى النملةَ في جحرها, وحتى الحوتَ (وهما غايتان مستوعبتان لدواب البر والبحر)- ليُصَلُّون (فيه تغليب للعقلاء على غيرهم, أي: يدعون بالخير) على معلمِ الناسِ الخيرَ (قيل: "أراد بالخير هنا: علم الدين وما به نجاة الرجل, ولم يطلق المعلم ليعلم أن استحقاق الدعاء لأجل تعليم علم موصول إلى الخير).
وفيه إشارة إلى وجه الأفضلية بأن نفع العلم متعد ونفع العبادة قاصر.

الحديث الثامن:
عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه -رضي الله عنهم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من علَّم علمًا فله أجر مَن عملَ به لا يَنقُص من أجر العامل شيءٌ.
رواه ابن ماجه.
درجة الحديث: حسن لغيره.

الحديث التاسع:
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة, والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران.
وفي رواية: "والذي يقرؤه وهو يشتد عليه له أجران".
رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
قال الشيخ ابن عثيمين في "شرح صحيح مسلم" عند شرح هذا الحديث:
الماهر بالقرآن (هو الذي يجيد قراءته أجادة تامة ويسهل عليه النطق به) مع السفرة الكرام البررة (أي أنه معهم في درجاتهم ومنازلهم, ولا يلزم أن يكون مهم في أمكنتهم, المعيةُ لا تقتضي المصاحبةَ جنبًا إلى جنب, لكنها معية تقتضي مطلقَ المصاحبةِ, فيكون مثلهم في الأجر وإن كان هو في الأرض وهم في السماء أو في مكان آخر, لَكِنِ المعيةُ أوسع من المقارنة التامة التي تكون جنبًا إلى جنب؛ لأن المعية تختلف بحسب مواردها, ويختلف مقتضاها بحسب السياق والقرائن, وتفسَّر في كل موضع بما يناسبه), والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق (يعني يردد الكلمة مرة بعد أخرى حتى يقيمها, فهو ليس ماهرًا. ويشمل قوله: "يتتعتع فيه": الذي فيه علة ومرض لا يستطيع أن ينطق بالحرف بسهولةٍ, فإنه لا شك أنه يشق عليه القرآن)؛ له أجران (يعني: أجر المعاناة من التلاوة, وأجر التلاوة. لكن أجر التلاوة دون أجر الماهر بالقرآن؛ لأن هذا الذي يتتعتع في القرآن -ولا سيما إن كان عن نقصِ عِلْمٍ-؛ إنما يريد الوصول إلى الغاية التي هي الحفظ والمهارة في القرآن, ولا يمكن أن تكون الوسيلة فوق أجر الغاية).
وراجعوا الأسئلة التي سئلت للشيخ بعد شرحه لهذا الحديث؛ فإنها مفيدة.



 

المالكي المصري

عضو كالشعلة
5 أكتوبر 2009
432
4
0
الجنس
ذكر
رد: أحاديث منتقاة في أبواب تتعلق بالقرآن الكريم

عن معاوية -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: من يُرِد الله به خيراً؛ يُفَقِّهه في الدين.
متفق عليه.
قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي –رحمه الله تعالى- في كتابه "شرح جوامع الأخبار":
هذا الحديث من أعظم فضائل العلم، وفيه أن العلم النافع علامةٌ على سعادة العبد، وأن الله أراد به خيراً.
والفقهُ في الدين يشمل الفقه في أصول الإيمان، وشرائع الإسلام والأحكام، وحقائق الإحسان. فإنَّ الدين يشمل الثلاثة كلَّها، كما في حديث جبريل لما سأل النبي –صلى الله عليه وسلم- عن الإيمان والإسلام والإحسان، وأجابه –صلى الله عليه وسلم- بحدودها, ففسر الإيمان بأصوله الستة, وفسر الإسلام بقواعده الخمس, وفسر الإحسان بـ "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
فيدخل في ذلك: التفقه في العقائد، ومعرفة مذهب السلف فيها، والتحقق به ظاهراً وباطناً، ومعرفة مذاهب المخالفين، وبيان مخالفتها للكتاب والسنة.
ودخل في ذلك: علم الفقه، أصوله وفروعه، أحكام العبادات والمعاملات، والجنايات وغيرها.
ودخل في ذلك: التفقه بحقائق الإيمان، ومعرفة السير والسلوك إلى الله، الموافقة لما دل عليه الكتاب والسنة.
وكذلك يدخل في هذا: تعلُّم جميع الوسائل المعينة على الفقه في الدين -كعلوم العربية بأنواعها-.
فمن أراد الله به خيراً فقهه في هذه الأمور، ووفقه لها.
ودلّ مفهوم الحديث على أن من أعرض عن هذه العلوم بالكلية فإن الله لم يرد به خيراً؛ لحرمانه الأسبابَ التي تنال بها الخيرات وتكتسب بها السعادة.
ـــــــــــــ
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: من دعاء إلى هُدى؛ كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً, ومن دعا إلى ضلالة؛ كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً.
رواه مسلم.
قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي –رحمه الله تعالى- في كتابه "شرح جوامع الأخبار":
هذا الحديث وما أشبهه من الأحاديث فيه: الحث على الدعوة إلى الهدى والخير، وفضلُ الداعي، والتحذيرُ من الدعاء إلى الضلالة والغيّ، وعِظَمُ جرم الداعي وعقوبته.
والهدى: هو العلم النافع، والعمل الصالح.
فكل من علم علماً لو وَجَّه المتعلمين إلى سلوك طريقة يحصل لهم فيها علم؛ فهو داع إلى الهدى.
وكل من دعاء إلى عمل صالح يتعلق بحق الله أو بحقوق الخلق العامة والخاصة؛ فهو داع إلى الهدى.
وكل من أبدى نصيحة دينية أو دنيوية يتوسل بها إلى الدين؛ فهو داع إلى الهدى.
وكل من اهتدى في علمه أو عمله، فاقتدى به غيرُه؛ فهو داع إلى الهدى.
وكل من تقدم غيره بعمل خيري، أو مشروع عام النفع؛ فهو داخل في هذا النص.
وعكس ذلك كله: الداعي إلى الضلالة.
فالداعون إلى الهدى: هم أئمة المتقين، وخيار المؤمنين.
والداعون إلى الضلالة: هم الأئمة الذين يدعون إلى النار.
وكل من عاون غيره على البر والتقوى؛ فهو من الداعين إلى الهدى.
وكل من أعان غيره على الإثم والعدوان؛ فهو من الداعين إلى الضلالة.
 

المالكي المصري

عضو كالشعلة
5 أكتوبر 2009
432
4
0
الجنس
ذكر
رد: أحاديث منتقاة في أبواب تتعلق بالقرآن الكريم

عن الحارث بن عاصم الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الطُّهورُ شَطْرُ الإيمان، والحمدُ لله تَملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تَملآن -أو تَملأُ- ما بين السماء والأرض، والصلاةُ نور، والصدقةُ برهان، والصبرُ ضياء، والقرآنُ حجَّةٌ لك أو عليك، كلُّ الناس يغدو، فبائعٌ نفسه فمُعتقها أو موبقها.
رواه مسلم.
قال العلّامة عبد المحسن بن حمد العبَّاد –حفظه الله تعالى- في كتابه "فتح القوي المتين بشرح الأربعين وتتمة الخمسين":
"الطُّهور" فُسِّر بترك الشِّرك والذنوب والمعاصي والتخلِّي عنها، وفُسِّر بالوضوء للصلاة، وفسِّر الإيمانُ بالصلاة، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} أي: صلاتكم إلى بيت المقدس، ويرجِّحُ تفسيرَ "الطُّهور" بالوضوء روايةُ الترمذي للحديث (3517)، وفيه بدل"الطهور""الوضوء"، ورواية ابن ماجه (280) بلفظ: "إسباغ الوضوء".
و"الطُّهور" بالضمِّ: اسمٌ للفعل وهو التطهُّر، وبالفتح: اسمٌ للماء الذي يُتطَّهر به، ومثل ذلك لفظ الوضوء والسحور والوجور والسعوط.
"والشطر" فُسِّر بالنصف، وفسِّر بالجزء، وإن لم يكن نصفاً، وشرطُ الصلاة الوضوءُ كما جاء في الحديث: "لا تُقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول" رواه مسلم.
قوله: "والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تَملآن -أو تَملأ- ما بين السماء والأرض"، الميزان: هو ميزان الأعمال، وهو يدلُّ على فضل التحميد والتسبيح، والتسبيح: هو تنزيه الله عن كلِّ نقص، والتحميد: وصفُه بكلِّ كمال.
وقوله: "تملآن -أو تملأ-" يحتمل أن يكون مَلأُ ما بين السموات والأرض للتسبيح والتحميد معاً أو لأحدهما، ويُحتمل أنَّ مَلأَ ما بين السماء والأرض لهما معاً، والخبر جاء على الشكِّ من الراوي هل هو بالتثنية أو بدونها.
قوله: "والصلاة نور" يشمل النور في القلب، والنور في الوجه، ونور الهداية، والنور يوم القيامة.
قوله: "والصدقة برهان" أي: دليل على إيمان صاحبها وصِدقه؛ وذلك أنَّ النفوسَ تشحُّ بالمال، فمَن وُقي شحَّ نفسه وتصدَّق كان علامةً على إيمانه، ولأنَّ المنافق قد يُصلي رياءً، ولا تسمح نفسه بإخراج الصدقة؛ لبخله وحرصه على المال.
قوله: "والصبر ضياء" أي: الصبر على الطاعات ولو شقَّت على النفوس، وعن المعاصي ولو مالت إليها النفوس، وعلى أقدار الله المؤلمة فلا يجزع ولا يتسخَّط، وحصول ذلك من المسلم يدلُّ على قوة إيمانه ونور بصيرته، ولهذا وُصف الصبر بأنَّه ضياء.
قوله: "والقرآنُ حجَّةٌ لك أو عليك"، أي أنَّ القرآنَ إمَّا حُجَّة للإنسان -إذا قام بما يجب عليه وما هو مطلوب منه في القرآن، من تصديق الأخبار، وامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، وتلاوته حقَّ تلاوته-، وإمَّا حُجَّة عليه -إذا أعرض عنه ولم يقُم بما هو مطلوب منه-، ومثل هذا الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: "إنَّ الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضَع به آخرين".
قوله: "كلُّ الناس يغدو، فبائعٌ نفسه فمُعتقها أو موبقها"، معناه: أنَّ الناسَ يغدون ويسعون، فينقسمون إلى قسمين؛ قسم يبيع نفسَه على الله، بفعل الطاعات واجتناب المعاصي، فيُعتقُها بذلك من النار، ويُبعدها عن إضلال الشيطان وإغوائه، وقسمٌ يُوبقها بارتكاب الذنوب والمعاصي؛ وذلك بوقوعه في الشهوات المحرَّمة التي توصله إلى النار.
مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1. بيان فضل الطُّهور.
2. بيان فضل التحميد والتسبيح.
3. إثبات الميزان ووزن الأعمال.
4. فضل الصلاة، وأنَّها نورٌ في الدنيا والآخرة.
5. فضل الصدقة، وأنَّها علامةٌ على إيمان صاحبها.
6. فضل الصبر، وأنَّه ضياءٌ للصابرين.
7. الحثُّ على العناية بالقرآن تعلُّماً وتدبُّراً وعملاً؛ ليكون حُجَّة للإنسان.
8. التحذيرُ من الإخلال بما يجب نحو القرآن؛ لئلاَّ يكون حجَّة عليه.
9. الحثُّ على كلِّ عمل صالح يُعتق الإنسانُ نفسَه به من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
10. التحذير من كلِّ عمل سيِّء يجعل صاحبَه من أولياء الشيطان، ويُفضي بصاحبه إلى النار.
ــــــــــــــــــــــ
عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربِّه تبارك وتعالى قال: "إنَّ الله كتب الحسنات والسيِّئات، ثم بيَّن ذلك، فمَن هَمَّ بحسنة فلَم يعملها كتبها الله عنده حسنةً كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، وإن همَّ بسيِّئة فلَم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله سيِّئة واحدة".
رواه البخاري ومسلم.
قال العلّامة عبد المحسن بن حمد العبَّاد –حفظه الله تعالى- في كتابه "فتح القوي المتين بشرح الأربعين وتتمة الخمسين":
قوله: "عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربِّه –تبارك وتعالى-", هذا من الأحاديث القدسية، وهذه العبارة من العبارات التي يُعبَّر بها عن الحديث القدسي، ومِثلُها عبارةُ: "قال الله -عزَّ وجلَّ- فيما يرويه عنه رسولُه -صلى الله عليه وسلم-"، والحديثُ القدسي: هو ما يُسنِدُه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ربِّه –تعالى- ويضيفُه إليه، ويشتمل على ضمائر التكلُّم التي تعود إليه -سبحانه وتعالى-.
[ولِمَزِيدِ بيانٍ عن الحديث القدسي راجِع كلام العلّامة ابن عثيمين –رحمه الله تعالى- في شرحه لكتاب التوحيد (القول المفيد على كتاب التوحيد) (ج1/ ص80 – 84/ ط2 دار ابن الجوزي), فقد تكلم عن الفروق بين القرآن والحديث القدسي بكلام نفيس].
قوله: "إنَّ الله كتب الحسنات والسيِّئات، ثم بيَّن ذلك ..."إلخ، يُحتمل أن يكون المراد بالكتابة: تقدير الله عزَّ وجلَّ للأعمال والجزاء عليها على هذا التفصيل، ويُحتمل أن يُراد به: كتابة الملائكة للحسنات والسيِّئات بأمر الله عزَّ وجلَّ، كما قال: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، ويدلُّ لهذا ما جاء في حديث أبي هريرة في كتاب التوحيد من صحيح البخاري: "إذا أراد عبدي أن يعمل سيِّئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها له بمثلها، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة"، ولا تنافي بين الكتابَتين؛ فإنَّ كلاًّ منهما حاصل.
قوله: "فمَن هَمَّ بحسنة فلَم يعملها كتبها الله عنده حسنةً كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعافٍ كثيرة"، أكَّد كتابة الحسنة إذا همَّ بها ولم يعملها بأنَّها كاملة؛ لئلاَّ يُتوهَّم نقصانها؛ لأنَّها في الهمِّ لا في العمل، وبيَّن أنَّ المضاعفة في الفعل إلى عشرة أضعاف، وإلى ما هو أكثر من ذلك، وذلك من فضل الله عزَّ وجلَّ وإحسانه إلى عباده، وفيه مضاعفة الجزاء على العمل، دون الجزاء على الهمِّ، وهو واضح، وأمَّا حديث: "نيَّةُ المؤمن خيرٌ من عمله" فهو ضعيف، ذكر ذلك الحافظ في الفتح (4/219)، وانظر السلسلة الضعيفة للألباني (2789).
قوله: "وإن همَّ بسيِّئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله سيِّئة واحدة"، وُصفت الحسنةُ على ترك المعصية المهموم بها بأنَّها كاملة؛ لئلاَّ يُتوهَّم نقصانها، ووُصفت السيِّئة المعمولة بواحدة؛ لئلاَّ يُتوهَّم زيادتها، وهذا من فضل الله وعدله، والثوابُ على ترك السيِّئة التي همَّ بها يحصل إذا كان تركها من أجل الله، أمَّا إذا كان حريصاً على فعل السيِّئة وقلبه متعلِّق بها وهو مُصمِّم على فعلها لو قَدر على ذلك؛ فهو مؤاخَذٌ على ذلك، قال ابن كثير في تفسيره -عند تفسير قوله تعالى من سورة الأنعام: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}-: "واعلم أنَّ تاركَ السيِّئة الذي لا يعملها على ثلاثة أقسام:
تارة يتركها لله، فهذا تُكتب له حسنة على كفِّه عنها لله –تعالى-، وهذا عمل ونيَّة، ولهذا جاء أنَّه يُكتب له حسنة، كما جاء في بعض ألفاظ الصحيح: "فإنَّه تركها من جرائي"، أي: من أجلي.
وتارة يتركها نسياناً وذهولاً عنها، فهذا لا له ولا عليه؛ لأنَّه لم يَنْوِ خيراً ولا فَعَلَ شرًّا.
وتارة يتركها عَجزاً وكسلاً عنها بعد السعي في أسبابها والتلبُّس بما يقرب منها، فهذا بمنزلة فاعلها، كما جاء في الحديث الصحيح عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنَّه كان حريصاً على قتل صاحبه". اهـ
مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1. إثبات كتابة الحسنات والسيِّئات.
2. أنَّ من فضل الله -عزَّ وجلَّ- مضاعفةُ ثواب الحسنات.
3. مِن عدلِ الله -عزَّ وجلَّ- ألاَّ يُزاد في السيِّئات.
4. أنَّ الله يُثيب على الهمِّ بالحسنة إذا لم يعملها بكتابتها حسنة كاملة.
5. أنَّ مَن همَّ بسيِّئة وتركها من أجل الله يكتب له بتركها حسنة كاملة.
6. الترغيب في فعل الحسنات والترهيب من فعل السيِّئات.
ـــــــــــــــــــــ
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمنكبي، فقال: كن في الدنيا كأنَّك غريب أو عابر سبيل.
وكان ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- يقول: إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحتَ فلا تنتظر المساء، وخذ من صحَّتك لمرضك، ومن حياتك لموتك.
رواه البخاري.
قال العلّامة عبد المحسن بن حمد العبَّاد –حفظه الله تعالى- في كتابه "فتح القوي المتين بشرح الأربعين وتتمة الخمسين":
في أخْذِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- بمنكِب عبدِ الله بن عمر تنبيهٌ وحثٌّ له على وعيِ ما يُلقى عليه في هذه الحال، وإخبارُ عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- بذلك يدلُّ على ضبطه وإتقانه ما سمِعَه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنَّ فيه تذكُّر الحالة التي حصلت عند سماعه هذا الحديثَ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قوله: "كن في الدنيا كأنَّك غريب أو عابر سبيل"، الغريب: هو المقيم في غير بلده لقضاء حاجة، يستعدُّ لمغادرة ذلك البلد متى تَمكَّن من ذلك، وعابر السبيل: هو المسافر الذي يَمرُّ بالبلاد مروراً دون إقامة بها حتى ينتهي من سفره، ودار الغربة وعبور السبيل في هذا الحديث هي الدنيا، والسير فيها للآخرة، وذلك إنَّما يكون بتذكُّر الموت وقصر الأمل والاستعداد فيها للآخرة بالأعمال الصالحة، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}، وقد ذكر البخاري في صحيحه عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنَّه قال: "ارتحلَت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكلِّ واحدة منهما بَنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا؛ فإنَّ اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل"، وقد أوضح النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- مَثَل هذه الحياة الدنيا وانتهائها وأنَّها ليست بدار قرار بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما لي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلاَّ كراكبٍ استظلَّ تحت شجرة ثم راح وتركها" رواه الترمذي (2377) وغيره، وقال: "حديث حسن صحيح" [وقال الألباني: صحيح لغيره].
قوله: "وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يقول: إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء"، فيه مبادرة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى تنفيذ وصايا الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وفيه فضل عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ فإنَّه مع تنفيذه ما وصَّاه به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرشد غيرَه إلى تنفيذ ذلك، والمعنى أنَّ المسلمَ يكون مترقِّباً الموتَ، فهو يستعدُّ له بالعمل الصالح دون كسلٍ أو تأخير، ويعمل الصالحات في نهاره كأنَّه لا يُدرك المساءَ، وفي ليله كأنَّه لا يدرك الصباحَ، وفي ترجمة منصور بن زاذان في تهذيب الكمال: قال هُشيم بن بَشير الواسطي: {لو قيل لمنصور بن زاذان: "إنَّ ملَك الموت على الباب" ما كان عنده زيادةٌ في العمل}.
قوله: "وخذ من صحَّتك لمرضك، ومن حياتك لموتك"، المعنى أنَّ المسلمَ يُبادر إلى الأعمال الصالحة، حيث يكون متمكِّنا منها، وذلك في حال صحَّته قبل أن يأتيَه ما يعوقه من ذلك -كالمرض والكبر-، وأن يعمُر حياتَه بالأعمال الصالحة قبل أن يَفْجَأَهُ الموتُ فينتقل من دار العمل إلى دار الجزاء.
مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1. الحثُّ على استشعار الغربة في هذه الحياة؛ ليستعدَّ فيها بالأعمال الصالحة.
2. فعل المعلِّم ما يلفت نظر المتعلِّم إلى وعي ما يلقى عليه؛ لقول عبد الله بن عمر: "أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي".
3. مبادرة الصحابة إلى تنفيذ وصايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
4. فضل عبد الله بن عمر بأخذه بوصية النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وحث غيره عليها.
5. الحثُّ على المبادرة إلى الأعمال الصالحة دون كسل أو تأخير.
ـــــــــــــــــــــــــ
وعن عبد الله بن بُسْر -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: "يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت, فأخبرني بشيء أتشبث به", قال: "لا يزال لسانك رطبًا مِن ذكر الله".
رواه الترمذي -واللفظ له- وابنُ ماجه وابنُ حبان -في صحيحه- والحاكمُ.
درجة الحديث: صحيح.
أتشبث به: أي أتعلق.
قال العلّامة عبد المحسن بن حمد العبَّاد –حفظه الله تعالى- في كتابه "فتح القوي المتين بشرح الأربعين وتتمة الخمسين":
سؤالُ هذا الرجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثالٌ من الأمثلة الكثيرة في سؤال أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أمور الدِّين، وكلُّ ذلك دالٌّ على فضلهم ونبلهم وسبقهم إلى كلِّ خير وحرصهم على كلِّ خير، والمراد بالشرائع التي كثرت: النوافل، وقد أراد هذا الصحابيُّ معرفةَ طريق من طرق الخير يخصُّها بمزيدِ اعتناءٍ لتحصيل ثواب الله -عزَّ وجلَّ-، وأمَّا الفرائض فإنَّها مطلوبة كلُّها، ويجب على المسلم التمسُّكُ بها جميعاً، وقد أجابه النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بالمداومة على ذكر الله، وألاَّ يزال لسانُه رطباً من ذكره، والذِّكرُ يكون عامًّا وخاصًّا، والذِّكرُ العام يدخل فيه الصلوات وقراءة القرآن وتعلُّم العلم وتعليمه وحمد الله والثناء عليه وتنزيهه وتقديسه عن كلِّ ما لا يليق به، والذِّكرُ الخاص :حمد الله والثناء عليه وتسبيحه وتهليله وتكبيره وتحميده، وهو الذي يُقرن بالدعاء، فيُقال: "الذِّكر والدعاء"، أو "الأدعية والأذكار"، وهذا العمل سهلٌ على الإنسان، عظيمُ الأجرِ عند الله، وثبت في الصحيحين -وهو آخر حديث في صحيح البخاري- قولُه -صلى الله عليه وسلم-: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان وبحمده، سبحان الله العظيم".
مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1. حرص الصحابة رضي الله عنهم على الأسئلة عن أمور دينهم.
2. فضلُ ذكر الله عزَّ وجلَّ والمداومةِ عليه.
 

المالكي المصري

عضو كالشعلة
5 أكتوبر 2009
432
4
0
الجنس
ذكر
رد: أحاديث منتقاة في أبواب تتعلق بالقرآن الكريم

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: احشِدوا, فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن فحَشدَ من حَشدَ, ثم خرج النبي -صلى الله عليه وسلم-, فقرأ {قل هو الله أحد}, ثم دخل, فقال بعضنا لبعض: إنا نرى هذا خبرًا جاءه من السماء, فذلك الذي أدخله, ثم خرج نبيُّ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إني قلت لكم سأقرأ عليكم ثلث القرآن. ألا إنها تعدل ثلث القرآن".
رواه مسلم.
ــــــــــــــــ
عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيعجِز أحدُكم أن يقرأ في ليلةٍ ثلثَ القرآن؟", قالوا: "وكيف يقرأ ثلث القرآن؟", قال: "{قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن".
وفي رواية: قال: إن الله -عز وجل- جزَّأَ القرآنَ ثلاثة أجزاء, فجعل {قل هو الله أحد} جزءًا من أجزاء القرآن.
رواه مسلم.
ــــــــــــــــ
عن أبي أيوب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ من قرأ: .....الله الواحد الصمد؛ فقد قرأ ثلث القرآن.
رواه الترمذي.
درجة الحديث: صحيح لغيره.
ــــــــــــــــ
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ {قل هو الله أحد} يرددها, فلما أصبح؛ جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-, فذكر ذلك له -وكان الرجل يَتَقَالُّها-, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن".
رواه البخاري.

قال العلّامة ابن عثيمين –رحمه الله تعالى- في شرحه للعقيدة الواسطية التي ألفها شيخ الإسلام ابن تيمية:
هذه السورة تعدل ثلث القرآن في الجزاء لا في الإجزاء، وذلك كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن {من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، عشر مرات؛ فكأنما أعتق أربع أنفس من بني إسماعيل}، فهل يجزئ ذلك عن إعتاق أربع رقاب ممن وجب عليه ذلك وقال هذا الذكر عشر مرات؟ فنقول: لا يجزئ. أما في الجزاء؛ فتعدل هذا -كما قال النبي عليه الصلاة والسلام-، فلا يلزم من المعادلة في الجزاء المعادلة في الإجزاء. ولهذا، لو قرأ سورة الإخلاص في الصلاة ثلاث مرات؛ لم تجزئه عن قراءة الفاتحة.
قال العلماء:
ووجه كونها تعدل ثلث القرآن: أن مباحث القرآن: خبر عن الله, وخبر عن المخلوقات، وأحكام، فهذه ثلاثة:
1- خبرٌ عن الله, قالوا: إن سورةَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) تتضمنُه.
2- خبرٌ عن المخلوقات، كالإخبار عن الأمم السابقة، والإخبار عن الحوادث الحاضرة، وعن الحوادث المستقبلة.
3- أحكام، مثل: أقيموا، آتوا، لا تشركوا.. وما أشبه ذلك.
وهذا هو أ حسن ما قيل في كونها تعدل ثلث القرآن. اهـ
قال الإمام ابن القيم –رحمه الله تعالى-‏:‏ والأحاديث بكونها تعدل ثلث القرآن تكاد تبلغ مَبْلَغَ التواتر‏.‏
وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيميّة –رحمه الله تعالى- كتاباً سماه (جواب أهل العلم والإيمان أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن).
قال الشيخ ابن عثيمين: القرآن يتفاضل مِن حيث موضوعه, ومن حيث أسلوبه, ومن حيث تأثيره.
لكن لا يتفاضل من حيث المتكلِّمِ به؛ فإن المتكلِّمَ به واحدٌ –عز وجل-.

 

المالكي المصري

عضو كالشعلة
5 أكتوبر 2009
432
4
0
الجنس
ذكر
رد: أحاديث منتقاة في أبواب تتعلق بالقرآن الكريم

عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا أبا المنذر! أتدري أيُّ آيةٍ من كتاب الله معك أعظمُ؟", قال: "قلت: الله ورسوله أعلم", قال: "يا أبا المنذر! أتدري أيُّ آيةٍ من كتاب الله معك أعظمُ؟", قلت: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}, قال: (فضرب في صدري, وقال: "لِيَهْنِكَ العِلْمُ أبا المنذر").
رواه مسلم.
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان –حفظه الله تعالى- في شرحه للعقيدة الواسطية التي ألّفها شيخ الإسلام ابن تيمية:
الآية في اللغة‏:‏ العلامة‏.‏
والمراد بها هنا: طائفة من كلمات القرآن متميزة عن غيرها بفاصلة.
وتسمى (آية الكرسي) بهذا الاسم؛ لذكر الكرسي فيها‏.‏
وسبب كونها أعظم آية: لما اشتملت عليه من إثبات أسماء الله وصفاته, وتنزيهه عما لا يليق به‏.‏ اهـ بتصرف.
 

المالكي المصري

عضو كالشعلة
5 أكتوبر 2009
432
4
0
الجنس
ذكر
رد: أحاديث منتقاة في أبواب تتعلق بالقرآن الكريم

هذه أحاديث ضعيفة, وقد يكون بعضُها صحيحَ المعنى, ولكن الذي يهمنا هنا هو صحة نسبته للنبي –صلى الله عليه وسلم- مِن عَدَمِها, فإن الحديث الذي يكون ضعيفًا لا يجوز نسبته إلى النبي –صلى الله عليه وسلم, ولا تجوز روايته بدون بيان ضعفه.
الحديث الأول:
عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: عُرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد, وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أَرَ ذنبًا أعظم من سورةٍ من القرآن أو آيةٍ أوتيَها رجلٌ ثم نَسيها.
رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه, كلهم من رواية المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أنس.
درجة الحديث: ضعيف.
الحديث الثاني:
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من استمع إلى آية من كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة, ومن تلاها كانت له نورًا يوم القيامة.
رواه أحمد.
درجة الحديث: ضعيف.
الحديث الثالث:
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يقول الرب -تبارك وتعالى-: "من شغله القرآن عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين", وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه.
رواه الترمذي.
درجة الحديث: ضعيف جدًا.
الحديث الرابع:
861 (ضعيف) وعن سهل بن معاذ عن أبيه -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من قرأ القرآن وعمل به أُلبس والداه تاجًا يوم القيامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا, فما ظنكم بالذي عَمِلَ بهذا؟
رواه أبو داود والحاكم.
درجة الحديث: ضعيف.
الحديث الخامس:
عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ما أذن الله لعبد في شيء أفضل من ركعتين يصليهما, وإن البر ليُذَرُّ على رأس العبد ما دام في صلاته, وما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه.
قال أبو النضر: يعني القرآن.
رواه الترمذي.
درجة الحديث: ضعيف.
الحديث السادس:
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر ولا ينالهم الحساب, هم على كثيب من مسك حتى يفرغ من حساب الخلائق: رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله وأم به قومًا وهم به راضون, وداع يدعو إلى الصلوات ابتغاء وجه الله, وعبد أحسن فيما بينه وبين ربه وفيما بينه وبين مواليه.
رواه الطبراني في الأوسط والصغير.
ورواه في الكبير بنحوه وزاد في أوله: قال ابن عمر -رضي الله عنه-: لو لم أسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا مرة ومرة حتى عد سبع مرات لما حدثت به.
درجة الحديث: ضعيف.
الحديث السابع:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثًا وهم ذوو عدد فاستقرأهم فاستقرأ كل رجل منهم ما معه من القرآن, فأتى على رجل -مِنْ أحدثهم سنًّا- فقال: "ما معك يا فلان؟", قال: "معي كذا وكذا وسورة البقرة", فقال: "أمَعك سورة البقرة؟" قال: "نعم", قال: "اذهب فأنت أميرهم", فقال رجل من أشرافهم: "والله ما منعني أن أتعلم البقرة إلا خشية ألا أقوم بها", فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تعلموا القرآن واقرؤوه؛ فإن مَثَل القرآن لمن تعلمه فقرأه؛ كمثل جراب محشو مسكًا, يفوح ريحه في كل مكان, ومن تعلمه فيرقد وهو في جوفه؛ فمثله كمثل جراب أُوكئ على مسك".
رواه الترمذي -واللفظ له- وابن ماجه –مختصرًا- وابن حبان في صحيحه.
درجة الحديث: ضعيف.
الحديث الثامن:
عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير أنه لا يوحى إليه, لا ينبغي لصاحب القرآن أن يجد مع من وجد ولا يجهل مع من جهل وفي جوفه كلام الله.
رواه الحاكم.
درجة الحديث: ضعيف.
الحديث التاسع:
عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنكم لا ترجعون إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه. -يعني القرآن-.
رواه الحاكم, ورواه أبو داود في مراسيله عن جبير بن نفير
درجة الحديث: موضوع.
الحديث العاشر:
عن عبد الله يعني ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن هذا القرآن مأدُبة الله, فاقبلوا مأدبته ما استطعتم, إن هذا القرآن حبل الله, والنور المبين, والشفاء النافع, عصمة لمن تمسك به, ونجاة لمن اتبعه, لا يزيغ فيستعتب, ولا يعوج فيقوم, ولا تنقضي عجائبه, ولا يخلق من كثرة الرد, اتلوه؛ فإن الله يأجركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات, أما إني لا أقول (الم) حرف, ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف.
رواه الحاكم.
درجة الحديث: ضعيف.
الحديث الحادي عشر:
عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا أبا ذر! لَأن تغدو فتَعَلَّم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مائة ركعة, ولَأن تغدو فتَعَلَّم بابًا من العلم -عُمِل به أو لم يُعمَلْ به- خير من أن تصلي ألف ركعة.
رواه ابن ماجه.
درجة الحديث: ضعيف.
الحديث الثاني عشر:
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه رأى رؤيا أنه يكتب {ص} فلما بلغ إلى سجدتها قال رأى الدواة والقلم وكل شيء بحضرته انقلب ساجدًا.
قال: فقصصتها على النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يزل يسجد بها.
رواه أحمد.
درجة الحديث: ضعيف.
الحديث الثالث عشر:
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب.
رواه الترمذي والحاكم.
درجة الحديث: ضعيف.
الحديث الرابع عشر:
عن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما من امرئ يقرأ القرآن ثم ينساه إلا لقي الله أجذم.
رواه أبو داود.
درجة الحديث: ضعيف.
الحديث الخامس عشر:
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: بينما نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فقال: "بأبي أنت تفلت هذا القرآن من صدري فما أجدني أقدر عليه", فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {يا أبا الحسن أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع بهن من علمته ويثبت ما تعلمت في صدرك؟}, قال: "أجل يا رسول الله فعلمني", قال: {إذا كان ليلة الجمعة فإن استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر فإنها ساعة مشهودة والدعاء فيها مستجاب فقد قال أخي يعقوب لبنيه سوف أستغفر لكم ربي
يقول حتى تأتي ليلة الجمعة فإن لم تستطع فقم في وسطها فإن لم تستطع فقم في أولها فصل أربع ركعات تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة يس وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب والم تنزيل السجدة وفي الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله وأحسن الثناء على الله وصل علي وأحسن وعلى سائر النبيين واستغفر للمؤمنين والمؤمنات ولإخوانك الذين سبقوك بالإيمان ثم قل في آخر ذلك اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني
اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام أسألك يا ألله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام
أسألك يا ألله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري وأن تطلق به لساني وأن تفرج به عن قلبي وأن تشرح به صدري وأن تستعمل به بدني فإنه لا يعينني على الحق غيرك ولا تؤتينيه إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم يا أبا الحسن تفعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تجاب بإذن الله والذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمنا قط
قال ابن عباس رضي الله عنهما فوالله ما لبث علي إلا خمسا أو سبعا حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك المجلس فقال يا رسول الله إني كنت فيما خلا لا آخذ إلا أربع آيات ونحوها فإذا قرأتهن على نفسي تفلتن وأنا أتعلم اليوم أربعين آية ونحوهن فإذا قرأتهن على نفسي فكأنما كتاب الله بين عيني ولقد كنت أسمع الحديث فإذا رددته تفلت وأنا اليوم أسمع الأحاديث فإذا تحدثت بها لم أخرم منها حرفا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك مؤمن ورب الكعبة يا أبا الحسن
رواه الترمذي, والحاكم وقال: "صحيح على شرطهما" إلا أنه قال يقرأ في الثانية بالفاتحة والم السجدة وفي الثالثة بالفاتحة والدخان (عكس ما في الترمذي) وقال في الدعاء: {وأن تشغل به بدني} مكان: {وأن تستعمل} وهو كذلك في بعض نسخ الترمذي ومعناهما واحد وفي بعضها: {وأن تغسل}.
درجة الحديث: موضوع.
الحديث السادس عشر:
عن فضالة بن عبيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لَلَّهُ أشد أذنا للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته.
رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم والبيهقي.
درجة الحديث: ضعيف.
القينة -بفتح القاف وإسكان الياء المثناة تحتُ بعدهما نون- هي الأَمة المغنية.​
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد

المالكي المصري

عضو كالشعلة
5 أكتوبر 2009
432
4
0
الجنس
ذكر
رد: أحاديث منتقاة في أبواب تتعلق بالقرآن الكريم

وإياك أختي نور, بارك الله فيك على دعواتك الطيبة.
أسأل الله أن يوفقك لكل خير
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع