- 26 أبريل 2008
- 3,836
- 27
- 48
- الجنس
- ذكر
السؤال :
قال الله عز وجل في تسليمه على يحيى:﴿ وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ﴾( مريم: 15 ). ثم قال سبحانه على لسان المسيح في تسليمه على نفسه:﴿ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾( مريم: 33 )، فأتى بلفظ السلام في الآية الأولى نكرة، وفي الآية الثانية معرفة، وقيَّد كلا السلامين بيوم الولادة، ويوم الموت، ويوم البعث.
فما السر في تسليم الله تعالى على يحيى- عليه السلام- بلفظ النكرة، وتسليم المسيح- عليه السلام- على نفسه بلفظ المعرفة، وأيهما أتم وأولى ؟ وما الحكمة في تقييد هذين السلامين بهذه الأيام الثلاثة: يوم الولادة، ويوم الموت، ويوم البعث ؟
أما الجواب عن السؤال الأول: ما السر في تسليم الله تعالى على يحيى- عليه السلام- بلفظ النكرة، وتسليم المسيح- عليه السلام- على نفسه بلفظ المعرفة، وأيهما أتم وأولى ؟ فيجاب عنه بأن يقال: إن الأصل في الأسماء التنكير، فجاء تسليم الله تعالى على يحيى- عليه السلام- على الأصل. والعرب في ألفاظ الدعاء والطلب من المصادر والأحداث إنما يأتون بالنكرة إما منصوبة على المصدر، أو مرفوعة على الابتداء، فمن الأول قولهم:« سَقْيًا لهم ورَعْيًا »، ومن الثاني قولهم:« وَيْلٌ لهم ووَيْحٌ ». ولما كان لفظ السلام متضمنًا معنى الدعاء والطلب، جيء به بلفظ النكرة منصوبًا تارة، ومرفوعًا تارة أخرى، كما جاء سائر ألفاظ الدعاء. وسر ذلك أن هذه الألفاظ جرت مجرى النطق بالفعل، ألا ترى أن « سَقْيًا لهم ورَعْيًا » جرى مجرى:« سَقاهم الله ورعاهم «، وأن « وَيْلٌ لهم ووَيْح ٌ» معدول عن قولهم:« وَيْلاً لهم ووَيْحًا ». أي:« ألزمهك الله ويلاً وويحًا » ؟ وكذلك قولك:« سلامًا عليك » جار مجرى: « سلَّمك الله، و« سلامٌ عليك » معدولٌ به عن الأول، والفعل نكرة، فأحبوا أن يجعلوا اللفظ الذي هو جار مجراه وكالبدل منه، نكرةً مثلَه. وإنما عُدِل به من التنكير إلى التعريف، لأن الألف واللام إذا دخلت على اسم السلام، تضمنت أربع فوائد:
الفائدة الأولى: الإشعار بذكر الله تعالى، لأن السلام المعرف هو اسم من أسماء الله الحسنى كما تقدم تقريره.
والفائدة الثانية: الإشعار بطلب السلامة والأمان من المسلِّم للمسلَّم عليه، لأنك متى ذكرت اسمًا من أسماء الله جل وعلا، فقد تعرَّضْتَ لطلب المعنى الذي اشتق منه ذلك الاسم، وتوسَّلْتَ به إلى تحصيل المعنى الذي اشتق منه ذلك الاسم، نحو قولك: الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام.
والفائدة الثالثة: أن السلام- بالألف واللام- يشعر بعموم التحية، وأنها غير مقصورة على المتكلم وحده. فأنت ترى أن قولك: سلامٌ عليك، ليس بمنزلة قولك: السلامُ عليك، في العموم.
والفائدة الرابعة: أن الألف واللام تقوم مقام الإشارة إلى المعين، كما تقول لما هو حاضر بين يديك: ناولني الكتاب، واسقني الماء، واعطني الثوب،. فإنك تستغني بها عن قولك: هذا، فهي مؤدية معنى الإشارة.
وقد اجتمعت هذه الفوائد الأربعة في تسليم المسيح- عليه السلام- على نفسه بقوله:﴿ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ ﴾، ولم تكن واحدة من هذه الفوائد في تسليم الله تعالى على يحيى- عليه السلام- في قوله جل وعلا:﴿ وَسَلَامٌ عَلَيْهِ ﴾، لاستغناء المواطن الثلاثة عنها، وهي يوم الولادة، ويوم الموت، ويوم البعث، لأن المتكلم- هنا- هو الله جل جلاله، فلم يقصد تبركًا بذكر الاسم الذي هو السلام، ولا طلبًا لمعنى السلامة، كما يطلبه العبد، ولا عمومًا في التحية منه، لأن سلامًا منه سبحانه كاف عن كل سلام، ومُغْنٍ عن كل تحية، ومُرْبٍ عن كل أمنية.. ولهذا لم يكن لذكر الألف واللام ههنا معنى كما كان لهما هنالك، لأن المسيح يحتاج كلامه إلى هذه الفوائد، وأوكدها كلها: العموم، فلذلك كان لابد في تحيته من تعريف السلام بأل الجنسية التي تفيد معنى الاستغراق والعموم.
ومن هنا كان سلام الله تعالى على يحيى- عليه السلام- أتم وأوْلَى من سلام المسيح- عليه السلام- على نفسه، ويؤيِّد ذلك أيضًا: أن لفظ السلام بالتعريف يدل على أصل الماهيَّة، وبالتنكير يدل على أصل الماهيَّة، مع وصف التمام والكمال، ولهذا كان أتم وأولى. وعن الحسن رضي الله عنه:« التقى يحيى وعيسى عليهما السلام، فقال يحيى: استغفر لي، أنت خير مني. فقال عيسى: استغفر لي، أنت خير مني، سلَّمت على نفسي، وسلَّم الله عليك ».
قال الله عز وجل في تسليمه على يحيى:﴿ وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ﴾( مريم: 15 ). ثم قال سبحانه على لسان المسيح في تسليمه على نفسه:﴿ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾( مريم: 33 )، فأتى بلفظ السلام في الآية الأولى نكرة، وفي الآية الثانية معرفة، وقيَّد كلا السلامين بيوم الولادة، ويوم الموت، ويوم البعث.
فما السر في تسليم الله تعالى على يحيى- عليه السلام- بلفظ النكرة، وتسليم المسيح- عليه السلام- على نفسه بلفظ المعرفة، وأيهما أتم وأولى ؟ وما الحكمة في تقييد هذين السلامين بهذه الأيام الثلاثة: يوم الولادة، ويوم الموت، ويوم البعث ؟
أما الجواب عن السؤال الأول: ما السر في تسليم الله تعالى على يحيى- عليه السلام- بلفظ النكرة، وتسليم المسيح- عليه السلام- على نفسه بلفظ المعرفة، وأيهما أتم وأولى ؟ فيجاب عنه بأن يقال: إن الأصل في الأسماء التنكير، فجاء تسليم الله تعالى على يحيى- عليه السلام- على الأصل. والعرب في ألفاظ الدعاء والطلب من المصادر والأحداث إنما يأتون بالنكرة إما منصوبة على المصدر، أو مرفوعة على الابتداء، فمن الأول قولهم:« سَقْيًا لهم ورَعْيًا »، ومن الثاني قولهم:« وَيْلٌ لهم ووَيْحٌ ». ولما كان لفظ السلام متضمنًا معنى الدعاء والطلب، جيء به بلفظ النكرة منصوبًا تارة، ومرفوعًا تارة أخرى، كما جاء سائر ألفاظ الدعاء. وسر ذلك أن هذه الألفاظ جرت مجرى النطق بالفعل، ألا ترى أن « سَقْيًا لهم ورَعْيًا » جرى مجرى:« سَقاهم الله ورعاهم «، وأن « وَيْلٌ لهم ووَيْح ٌ» معدول عن قولهم:« وَيْلاً لهم ووَيْحًا ». أي:« ألزمهك الله ويلاً وويحًا » ؟ وكذلك قولك:« سلامًا عليك » جار مجرى: « سلَّمك الله، و« سلامٌ عليك » معدولٌ به عن الأول، والفعل نكرة، فأحبوا أن يجعلوا اللفظ الذي هو جار مجراه وكالبدل منه، نكرةً مثلَه. وإنما عُدِل به من التنكير إلى التعريف، لأن الألف واللام إذا دخلت على اسم السلام، تضمنت أربع فوائد:
الفائدة الأولى: الإشعار بذكر الله تعالى، لأن السلام المعرف هو اسم من أسماء الله الحسنى كما تقدم تقريره.
والفائدة الثانية: الإشعار بطلب السلامة والأمان من المسلِّم للمسلَّم عليه، لأنك متى ذكرت اسمًا من أسماء الله جل وعلا، فقد تعرَّضْتَ لطلب المعنى الذي اشتق منه ذلك الاسم، وتوسَّلْتَ به إلى تحصيل المعنى الذي اشتق منه ذلك الاسم، نحو قولك: الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام.
والفائدة الثالثة: أن السلام- بالألف واللام- يشعر بعموم التحية، وأنها غير مقصورة على المتكلم وحده. فأنت ترى أن قولك: سلامٌ عليك، ليس بمنزلة قولك: السلامُ عليك، في العموم.
والفائدة الرابعة: أن الألف واللام تقوم مقام الإشارة إلى المعين، كما تقول لما هو حاضر بين يديك: ناولني الكتاب، واسقني الماء، واعطني الثوب،. فإنك تستغني بها عن قولك: هذا، فهي مؤدية معنى الإشارة.
وقد اجتمعت هذه الفوائد الأربعة في تسليم المسيح- عليه السلام- على نفسه بقوله:﴿ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ ﴾، ولم تكن واحدة من هذه الفوائد في تسليم الله تعالى على يحيى- عليه السلام- في قوله جل وعلا:﴿ وَسَلَامٌ عَلَيْهِ ﴾، لاستغناء المواطن الثلاثة عنها، وهي يوم الولادة، ويوم الموت، ويوم البعث، لأن المتكلم- هنا- هو الله جل جلاله، فلم يقصد تبركًا بذكر الاسم الذي هو السلام، ولا طلبًا لمعنى السلامة، كما يطلبه العبد، ولا عمومًا في التحية منه، لأن سلامًا منه سبحانه كاف عن كل سلام، ومُغْنٍ عن كل تحية، ومُرْبٍ عن كل أمنية.. ولهذا لم يكن لذكر الألف واللام ههنا معنى كما كان لهما هنالك، لأن المسيح يحتاج كلامه إلى هذه الفوائد، وأوكدها كلها: العموم، فلذلك كان لابد في تحيته من تعريف السلام بأل الجنسية التي تفيد معنى الاستغراق والعموم.
ومن هنا كان سلام الله تعالى على يحيى- عليه السلام- أتم وأوْلَى من سلام المسيح- عليه السلام- على نفسه، ويؤيِّد ذلك أيضًا: أن لفظ السلام بالتعريف يدل على أصل الماهيَّة، وبالتنكير يدل على أصل الماهيَّة، مع وصف التمام والكمال، ولهذا كان أتم وأولى. وعن الحسن رضي الله عنه:« التقى يحيى وعيسى عليهما السلام، فقال يحيى: استغفر لي، أنت خير مني. فقال عيسى: استغفر لي، أنت خير مني، سلَّمت على نفسي، وسلَّم الله عليك ».