- 18 مايو 2011
- 3,139
- 302
- 83
- الجنس
- ذكر
- علم البلد
-
رد: المواهب الربانية من الفوائد القرآنية...متجدد بعونه تعالى,,,,
17
----
من هو الراسخ في العلم؟
فصل:الراسخ في العلم الذي مدحه الله هو المتمكن في العلم النافع المزكي للقلوب،ولهذا وصف الله الراسخين في العلم بأنهم يؤمنون بمحكم الآيات ومتشابهها،ويردون المتشابه المحتمل للمُحكم الصريح فيؤمنون بهما جميعا،ويُنزلون النصوص الشرعية منازلها ويعلمون أنها كلها من عند الله وأنها كلها حق،وإذا ورد عليهم منها ماظاهره التعارض اتهموا أفهامهم وعلموا أنها حق لا يتناقض لأنه كله من عند الله ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
وهو دائما يتضرعون إلى ربهم في صلاح قلوبهم واستقامتهم وعدم زيغها ويعرفون نعمة الله عليهم بعظيم هدايته وتمام البصيرة التي منّ الله بها عليهم.
ومن صفاتهم التي وصفهم الله بها أنّهم يدورون مع الحق أينما كان ويطلبون الحقائق حيثما كانت ولهذا وصف الله الراسخين من أهل الكتاب بأنهم يؤمنون بما أنزل الله على جميع أنبيائه ولا يحملهم الهوى على تكذيب بعض الأنبياء وبعض الحق فقال تعالى : [162] {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا}..النساء
--------------
18
قوله تعالى: [93]{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} ..المائدة
تأملت في فائدة تكرار التقوى في هذه الآيات ثلاث مرات فوقع لي أحد وجهين:
أحدهما: أن الأول للماضي ،والثاني للحال ،والثالث في االمستقبل،بيان ذلك : ان قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا)
أنّ جُناح نكرة في سياق النفي فتعم الماضي والمستقبل والحال لأنه نفى الجناح عن المؤمنين مطلقاً،وهذا النفي العام لاينطبق إلا على الأحوال الثلاثة ويكون هذا التكرار من مُحترزات القرآن التي يحترز الباري فيها عن كل حالة تقدر وتمكن،
لأنهم لو اتقوا في الماضي أو في الحال أو فيهما دون المستقبل لم يَصدُق عليهم نفي الجناح ولابد في كل حالة من الأحوال التي تقام فيها التقوى من الإيمان والعمل الصالح،ومن الإيمان والإحسان ،ويؤيد هذا الإحتمال قوله:
( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ)..البقرة...203
فإن قوله: (فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) نظير قوله: (جُنَاحٌ)
ولمّا كانت هذه الآية لايتصور فيها الماضي كما هو بيّن لأنه شرط وجزاء للمستقبل،
ويصلح للحال قال (فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) يعني في الحال لمن اتقى فيها،ثم ذكر مايصلح للمستقبل فقال (واتقوا الله) فإذا قرنت هذه بتلك بانت لك فائدة التكرار وأنّ ذلك لأجل عموم الأزمنة.
الوجه الثاني: أنّ الأول في مقام الإسلام،والثاني في مقام الإيمان،والثالث في مقام الإحسان.والمؤمن لاتكمل تقواه حتى يترك ماحّم الله ولايتم إلا بهذه المقامات الثلا،لأنّ مقام الإسلام يقتضي وجود الأعمال الظاهرة مع الإيمان والتقوى فقال فيها: (إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)..
ومقام الإيمان لابد فيه من القيام بأركان الإيمان مع التقوى فقال فيه: (ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا )
ومقام الإحسان لابد فيه من القيام بالإحسان مع التقوى فقال فيه : ( ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا)
فنفي الجناح العام لايكون إلا لمن قام بمقامات الدين كلها.
وعلى هذين الوهين ففي الآية الكريمة من بيان جلالة القرآن وعظمته وإحكام معانيه ورصانتها وعدم اختلالها واختلافها مايشهد به العبد أنّه كلام الله حقاً وصدقاً وعدلاً،وأنه محتوٍ على أعلى رتب البلاغة التي لايقاربه فيها أي كلام كان.
وقد يقال أنّ كلا الوجهين مراد لأنّ اللفظ لايأباه والمعنى مفتقر إليه وطريقه القرآن ان يُحمل على أعمّ الوجوه المناسبة لأنّه تنزيل حكيم حميد عليم بكل شيء،والله أعلمُ بمراده وأسرار كتابه.
اللهم ذكّرنا منه مانسينا وعلمنا منه ماجهلنا وإجعلنا ممن يتلوه حق تلاوته.
----
من هو الراسخ في العلم؟
فصل:الراسخ في العلم الذي مدحه الله هو المتمكن في العلم النافع المزكي للقلوب،ولهذا وصف الله الراسخين في العلم بأنهم يؤمنون بمحكم الآيات ومتشابهها،ويردون المتشابه المحتمل للمُحكم الصريح فيؤمنون بهما جميعا،ويُنزلون النصوص الشرعية منازلها ويعلمون أنها كلها من عند الله وأنها كلها حق،وإذا ورد عليهم منها ماظاهره التعارض اتهموا أفهامهم وعلموا أنها حق لا يتناقض لأنه كله من عند الله ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
وهو دائما يتضرعون إلى ربهم في صلاح قلوبهم واستقامتهم وعدم زيغها ويعرفون نعمة الله عليهم بعظيم هدايته وتمام البصيرة التي منّ الله بها عليهم.
ومن صفاتهم التي وصفهم الله بها أنّهم يدورون مع الحق أينما كان ويطلبون الحقائق حيثما كانت ولهذا وصف الله الراسخين من أهل الكتاب بأنهم يؤمنون بما أنزل الله على جميع أنبيائه ولا يحملهم الهوى على تكذيب بعض الأنبياء وبعض الحق فقال تعالى : [162] {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا}..النساء
--------------
18
قوله تعالى: [93]{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} ..المائدة
تأملت في فائدة تكرار التقوى في هذه الآيات ثلاث مرات فوقع لي أحد وجهين:
أحدهما: أن الأول للماضي ،والثاني للحال ،والثالث في االمستقبل،بيان ذلك : ان قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا)
أنّ جُناح نكرة في سياق النفي فتعم الماضي والمستقبل والحال لأنه نفى الجناح عن المؤمنين مطلقاً،وهذا النفي العام لاينطبق إلا على الأحوال الثلاثة ويكون هذا التكرار من مُحترزات القرآن التي يحترز الباري فيها عن كل حالة تقدر وتمكن،
لأنهم لو اتقوا في الماضي أو في الحال أو فيهما دون المستقبل لم يَصدُق عليهم نفي الجناح ولابد في كل حالة من الأحوال التي تقام فيها التقوى من الإيمان والعمل الصالح،ومن الإيمان والإحسان ،ويؤيد هذا الإحتمال قوله:
( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ)..البقرة...203
فإن قوله: (فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) نظير قوله: (جُنَاحٌ)
ولمّا كانت هذه الآية لايتصور فيها الماضي كما هو بيّن لأنه شرط وجزاء للمستقبل،
ويصلح للحال قال (فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) يعني في الحال لمن اتقى فيها،ثم ذكر مايصلح للمستقبل فقال (واتقوا الله) فإذا قرنت هذه بتلك بانت لك فائدة التكرار وأنّ ذلك لأجل عموم الأزمنة.
الوجه الثاني: أنّ الأول في مقام الإسلام،والثاني في مقام الإيمان،والثالث في مقام الإحسان.والمؤمن لاتكمل تقواه حتى يترك ماحّم الله ولايتم إلا بهذه المقامات الثلا،لأنّ مقام الإسلام يقتضي وجود الأعمال الظاهرة مع الإيمان والتقوى فقال فيها: (إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)..
ومقام الإيمان لابد فيه من القيام بأركان الإيمان مع التقوى فقال فيه: (ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا )
ومقام الإحسان لابد فيه من القيام بالإحسان مع التقوى فقال فيه : ( ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا)
فنفي الجناح العام لايكون إلا لمن قام بمقامات الدين كلها.
وعلى هذين الوهين ففي الآية الكريمة من بيان جلالة القرآن وعظمته وإحكام معانيه ورصانتها وعدم اختلالها واختلافها مايشهد به العبد أنّه كلام الله حقاً وصدقاً وعدلاً،وأنه محتوٍ على أعلى رتب البلاغة التي لايقاربه فيها أي كلام كان.
وقد يقال أنّ كلا الوجهين مراد لأنّ اللفظ لايأباه والمعنى مفتقر إليه وطريقه القرآن ان يُحمل على أعمّ الوجوه المناسبة لأنّه تنزيل حكيم حميد عليم بكل شيء،والله أعلمُ بمراده وأسرار كتابه.
اللهم ذكّرنا منه مانسينا وعلمنا منه ماجهلنا وإجعلنا ممن يتلوه حق تلاوته.